المقدمــــــــة :
تمهيد وتقسيم:
تمثل الإجراءات عصب قانون المرافعات وأساسه الذي تدور حوله أصوله وقواعده, ولذا لم يكن غريباً أن يطلق عليه قانون الإجراءات أو قانون الإجراءات المدنية, ويهتم قانون المرافعات بالمنظومة الإجرائية كمنظومة الإعلان ومنظومة سير العقوبة ومنظومة الحكم فيها, ويمثل الإعلان أبرز الأمور المنظمة لسير الخصومة, لذا فإن له شئناً في قانون المرافعات باعتباره من الأدوات المنظمة لسير الخصومة سيرها الطبيعي حتى بلوغ غايتها , أي الحكم الصادر في موضوعها, ويثير الإعلان كثيرا من المشكلات التي تستأهل التصدي لها بعدما أثارت ردود فعل في نطاق الواقع أو في مجال التطبيق, على نحو يحث الباحث على التصدي لها, ويعالج هذا الموضوع الكثير من الجوانب الإجرائية التي ظهرت على مستوى الواقع وأفرزتها التطبيقات المعاصرة, ولقد واجهنا في هذا البحث مشكلة قلة المراجع الخاصة, التي تتحدث عن الإعلان في القانون الكويتي وندرة المراجع التي تتعرض للأساليب الحديثة في الإعلان،
ويقصد بإعلان ورقة من أوراق المرافعات ليس فقط علم المعلن إليه بمضمونها، ولكن إحاطته علما بها وتمكنيه من أن يطلع عليها وأن يعلم فحواها وذلك عن طريق تسليمه صورتها أو الأصل نفسه عن طريق إتباع الإجراءات التي نص عليها القانون , وللإعلان أهميته الواضحة إذ من خلاله يتحقق مبدأ المواجهة.( )
خطـة البحــث:
وفي ظل ما تقدم يكون لزاماً أن نتبع منهجاً علمياً يفرض نفسه علينا حتى نجمع بين الدراسة النظرية التي نستعين من خلالها بالأصول والقواعد الإجرائية على نحو ما صاغها الفقه الإجرائي, وبين الواقع والتطبيق.
وتأسيساً على ذلك تقسم خطة البحث على ثلاث مباحث, مبحث تمهيدي ومبحث أول ومبحث ثاني, قمنا في المبحث التمهيدي بدراسة إعلان الأوراق القضائية بوجه عام , وقسمنا هذا المبحث كالأتي : المطلب الأول تعريف الإعلان وهدفه ، والمطلب الثاني ضمانات الإعلان القضائي ، والمطلب الثالث كيفية تحرير ورقة الإعلان وبيناتها .
أما في المبحث الأول فقمنا بدراسة القواعد الخاصة بالإعلان وقسمنا هذا المبحث كالأتي :
المطلب الأول : القواعد الخاصة بالإعلان الشخص الطبيعي ، والمطلب الثاني : القواعد الخاصة بإعلان الشخص الاعتباري .
وأخيراً تناولنا في المبحث الثاني أساليب الإعلان وقسمناها كالتالي :
المطلب الأول : الأساليب التقليدية في الإعلان ، والمطلب الثاني : الأساليب الحديثة في الإعلان .
وقد أنهينا الدراسة بخاتمة ركزنا فيها على أهم النتائج التي أسفرت عنها هذه الدراسة, والتوصيات التي اقترحنا الأخذ بها.
والله ولي التوفيق,,,
المبحث التمهيدي
إعلان الأوراق القضائية بوجه عام
تمهيد وتقسيم:
عرف الفقه المقصود بالإعلان وما الهدف من الإعلان, فالإعلان هو الوسيلة التي وضعها قانون المرافعات حتى يتم علم طرف معين بمضمونه والهدف الأساسي منه هو تحقيق مبدأ المواجهة, كما أن للإعلان القضائي ضمانات, وهي الكتابة والرسمية, حيث أن ورقة الإعلان في الأصل يجب أن تكون مكتوبة ويجب أن تصدر من موظف عام. ونظم قانون المرافعات كيفية تحرير ورقة الإعلان وما هي البيانات التي يجب أن تذكر في ورقة الإعلان, فمن حيث كيفية تحريرها فقد حدد المشرع من هو الذي يحرر ورقة الإعلان وما عدد نسخ ورقة الإعلان, أما من حيث البيانات التي يجب أن تذكر في ورقة الإعلان فقد تطلب القانون في الأوراق القضائية بيانات معينة نص عليها القانون في المادة الثامنة من قانون المرافعات.
وفي ضوء ما تقدم سوف نتناول تعريف الإعلان وهدفه في المطلب الأول, وضمانات الإعلان في المطلب الثاني وكيفية تحرير ورقة الإعلان وبياناتها في المطلب الثالث.
المطلب الأول
تعريـــف الإعـــلان وهدفــــه
تقسيم:
سنتناول في هذا المطلب تعريف الإعلان في الفرع الأول وهدفه في الفرع الثاني وذلك على التفصيل التالي:-
الفرع الأول
تعريـــــف الإعـــــلان
تعريف الإعلان في اللغة : هو الإبداع والإيصال
تعريف الإعلان في الفقه: هو الطريقة التي يتم بها تمكين طرف معين من العلم بإجراء معين طبقاً للقانون, وذلك عن طريق تسليمه صورة من الورقة القضائية المتضمنة هذا الإجراء, وذلك سواء كان هذا العمل الإجرائي سابقاً أو معاصراً أو لاحقاً للخصومة.( )
ويتم هذا الإعلان عن طريق الأخذ بالوسائل التي يعتد بها القانون, وذلك بمعرفة الموظف المختص بذلك قانوناً( ), والإعلان القضائي يرجع أساس فكرته إلى مبدأ المواجهة بين الخصوم ومقتضى هذا المبدأ هو أن لا يجوز اتخاذ أي إجراء ضد شخص إلا بعد تمكينه من العلم به, حتى تتاح له الفرصة للدفاع عن نفسه.( )
الفرع الثاني
هـــــدف الإعــــلان
إن الهدف من الإعلان هو تحقيق مبدأ المواجهة وذلك بإعلام
من يوجه إليه الإعلان بمضمونه فعلاً, أو بتمكينه من العلم بما يتضمنه هذا الإعلان.( )
فلا يجوز اتخاذ إجراء ضد شخص دون تمكينه من الدفاع عن نفسه, وهذا لا يتحقق إلا بإعلان هذا الشخص بالإجراءات المراد اتخاذها ضده.( ) وتطبيقاً لذلك فإن أي ورقة إعلان لم يتم إعلانها فإنها تعتبر كأن لم تكن في مواجهة هذا الشخص الذي لم يتم إعلانه.
أي أن هذا الإعلان الصحيح هو الذي يرتب اثر الأوراق القضائية
ويتحقق به مبدأ المواجهة في الخصومة أي تنعقد به الخصومة في الدعوى( ), وإذا تم الإعلان وكان صحيحًا فلا يجوز للمعلن إليه الإدعاء بعدم العلم,
حيث أن القانون يفترض العلم القانوني, وهذا العلم يتحقق بالإعلان الصحيح وفقا لحكم القانون ولا يقتصر فقط على العلم الفعلي إذ يستوي فيه العلم الظني والحكمي.( )
المطلب الثاني
ضمانـــات الإعــــلان القضائـــي
أولاً الكتابة :
من مميزات قانون المرافعات الشكلية بالإجراءات من
حيث الكتابة والمواعيد, وإذا كان هناك بعض التشريعات تأخذ بمبدأ المرافعات المكتوبة, إلا أن هناك بعضاً آخر يأخذ بمبدأ المرافعات الشفوية, إلا أنه لا يوجد خلاف من أن هناك إجراءات لابد من أن تتم بالكتابة مهما كان المبدأ السائد في القانون, ومثال ذلك الأحكام التي يصدرها القضاء, وبناء على ذلك
فإن الإعلانات يجب أن تكون مكتوبة حيث أنها تعتبر أهم أوراق المرافعات,
ولا يجوز أن تكون هذه الكتابة إلا باللغة العربية وإلا اعتبرت ورقة الإعلان كأن لم تكن, مما يعني أنه لا يجوز أن تكون ورقة الإعلان بلغة أجنبية ما لم تكن مترجمة.( )
ثانياً: أوراق الإعلانات أوراق رسمية:
نصت المادة الخامسة من قانون المرافعات في فقرتها الأولى على أن (كل إعلان, ما لم ينص القانون على خلاف ذلك, يكون بواسطة مندوبي الإعلان أو مأموري التنفيذ وإلا كان باطلاً), ومن هذا النص نستنتج أن الأصل العام في إعلان الأوراق القضائية هو أن تتم عن طريق المختص أو كما أطلق عليه قانون المرافعات الكويتي مندوب الإعلان أو مأمور التنفيذ, والقائم بالإعلان سواء كان مندوب الإعلان أو مأمور التنفيذ، وهو موظف عام وظيفته تثبيت ما تم على يديه وفقا للأوضاع القانونية على ذلك محدود بسلطته واختصاصه, ولذلك تأخذ قوة إثبات المحررات الرسمية في حجية ما ورد بها من بيانات. وبناء على ذلك, فإن مندوب الإعلان أو مأمور التنفيذ يُعدُّ مرتكباً جريمة التزوير في محرر رسمي إذا غيَّر في بيانات الورقة أو أثبت بيانات غير صحيحة وكان ذلك عمدا, وأيضا يُعدُّ مرتكباً لنفس الجريمة كل من غير حقيقة ورقة صحيحة غير مندوب الإعلان أو مأمور التنفيذ, ولهذا السبب اعتبرت ورقة الإعلان ورقة رسمية لا يجوز الطعن بها إلا بالتزوير.( )
وقد قضت محكمة التمييز (.... أن الإعلان من المحررات الرسمية التي أسبغ القانون الحجية المطلقة على ما دون بها من أمور باشرها محررها في حدود مهمته ما لم يتبين تزويرها .....).( )
المطلب الثالث
كيفية تحرير ورقة الإعلان وبياناتها
سنتناول في هذا المطلب كيفية تحرير ورقة الإعلان في الفرع الأول , ومن ثم سنتناول بيانات ورقة الإعلان في الفرع الثاني.
الفرع الأول
كيفية تحرير ورقة الإعلان
أولاً : من يحرر ورقة الإعلان:
نصت المادة الخامسة من قانون المرافعات في فقرتها الثانية على أن (يكون تحرير الإعلان بمعرفة الطالب أو بناء على تعريفه بواسطة ضابط الدعوى) ومن نص هذه المادة يتضح أن تحرير ورقة الإعلان يقع على كاهل طالب الإعلان أو وكيله كالمحامي، ولكن المشرع من باب التسهيل على طالب الإعلان أجاز تحرير ورقة الإعلان عن طريق ضباط الدعاوي, ولكن في هذه الحالة , فإن ضابط الدعوى يقتصر دوره فقط على تحرير الورقة من دون مراجعة الإجراءات فيها، وورقة الإعلان إما أن تكون تبليغ أو إخطار أو تنبيه أو إنذار.( )
ثانياً: عدد النسخ:
إن ورقة الإعلان تحرر من أصل ومن عدة نسخ تحدد بعدد الأشخاص المراد إعلانهم, وهذه الصور تسلم إلى كل شخص من الأشخاص المراد إعلانهم حتى يتم الإعلان صحيحاً في مواجهته تحقيقاً لمبدأ المواجهة كما ذكرنا سالفاً, ويوقع الشخص الذي استلم صورة الإعلان على الأصل بما يفيد استلامه الصورة, أما في حالة رفضه, فإن على الشخص المكلف بالإعلان - مندوب الإعلان أو مأمور التنفيذ- أن يثبت ذلك ويتخذ الإجراءات التي نص عليها القانون لتمام الإعلان.( )