أحـــــلى مـــنـــتـــديـــات أمـــيـــن عـــبـــلــــة الــــحـــب
قصَصُ الأنبيَاء 613623
كلام عن الحب
إن الإنسان قبـل الحب شيء وعنـد الحب كل شيء وبعـد الحب لا شيء"
أكبر متعة في الحب تجد نفسك محبوبا عند الناس
"

قصَصُ الأنبيَاء 613623
عزيزي الزائر / عزيزتي الزائرة يرجي التكرم بتسجبل الدخول اذا كنت عضو معنا
او التسجيل ان لم تكن عضو وترغب في الانضمام الي اسرة المنتدي
سنتشرف بتسجيلك
شكرا قصَصُ الأنبيَاء 829894
المدير المنتدى
شكراً لتسجيلك في
أحلى منتديات أمين عبلة الحب
نحن سعداء جدا لاختيارك بأن تكون واحداً من أسرتنا و نتمنى لك الاستمتاع بالإقامة معنا، تفيد وتستفيد ونأمل منك التواصل بإستمرار.
مع أطيب الأمنيات,
إدارة المدير.
أحـــــلى مـــنـــتـــديـــات أمـــيـــن عـــبـــلــــة الــــحـــب
قصَصُ الأنبيَاء 613623
كلام عن الحب
إن الإنسان قبـل الحب شيء وعنـد الحب كل شيء وبعـد الحب لا شيء"
أكبر متعة في الحب تجد نفسك محبوبا عند الناس
"

قصَصُ الأنبيَاء 613623
عزيزي الزائر / عزيزتي الزائرة يرجي التكرم بتسجبل الدخول اذا كنت عضو معنا
او التسجيل ان لم تكن عضو وترغب في الانضمام الي اسرة المنتدي
سنتشرف بتسجيلك
شكرا قصَصُ الأنبيَاء 829894
المدير المنتدى
شكراً لتسجيلك في
أحلى منتديات أمين عبلة الحب
نحن سعداء جدا لاختيارك بأن تكون واحداً من أسرتنا و نتمنى لك الاستمتاع بالإقامة معنا، تفيد وتستفيد ونأمل منك التواصل بإستمرار.
مع أطيب الأمنيات,
إدارة المدير.
أحـــــلى مـــنـــتـــديـــات أمـــيـــن عـــبـــلــــة الــــحـــب
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


أكـــــبر مـــــــــــــتعة في الـــــــــــحب تجـــــــــد نفـــــــسك محبــــوبا عنــــــد النــــــاس
 
الرئيسيةالبوابة**أحدث الصورالتسجيلدخول
تمنادى الحب عندما يأتى الليل ، ويغلق الناس أبواب بيوتهم بإحكام يخرج من قلب الظلمة مناد يقول : - هل كل هذه البيوت تنام على الحب ؟ ! ويظل يردد السؤال ، الذى لا يجيب عليه أحد ، حتى تظهر أول خيوط الفجر !

 

 قصَصُ الأنبيَاء

اذهب الى الأسفل 
انتقل الى الصفحة : 1, 2, 3  الصفحة التالية
كاتب الموضوعرسالة
المدير
AMINE PàTCHIKà
AMINE PàTCHIKà
المدير


الجنس : ذكر
الابراج الدلو
تاريخ الميلاد تاريخ الميلاد : 25/01/1988
العمر : 36

المدير العام
منتديات أمين عبلة الحب :

قصَصُ الأنبيَاء Empty
مُساهمةموضوع: قصَصُ الأنبيَاء   قصَصُ الأنبيَاء Emptyالخميس يناير 10, 2013 11:34 pm

قصَصُ الأنبيَاء 500092465

قصَصُ الأنبيَاء 500092465

قصَصُ الأنبيَاء

اسماعيل بن عمر بن كثير القرشي


قصَصُ الأنبيَاء 500092465

قصَصُ الأنبيَاء 500092465

باب ما ورد في خلق آدم عليه السلام

قصَصُ الأنبيَاء 500092465

قصَصُ الأنبيَاء 500092465

قال الله تعالى : " وإذ قال ربك للملائكة إني جاعل في الأرض خليفة قالوا أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك قال إني أعلم ما لا تعلمون * وعلم آدم الأسماء كلها ثم عرضهم على الملائكة فقال أنبئوني بأسماء هؤلاء إن كنتم صادقين * قالوا سبحانك لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم * قال يا آدم أنبئهم بأسمائهم فلما أنبأهم بأسمائهم قال ألم أقل لكم إني أعلم غيب السماوات والأرض وأعلم ما تبدون وما كنتم تكتمون * وإذ قلنا للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا إلا إبليس أبى واستكبر وكان من الكافرين * وقلنا يا آدم اسكن أنت وزوجك الجنة وكلا منها رغدا حيث شئتما ولا تقربا هذه الشجرة فتكونا من الظالمين * فأزلهما الشيطان عنها فأخرجهما مما كانا فيه وقلنا اهبطوا بعضكم لبعض عدو ولكم في الأرض مستقر ومتاع إلى حين * فتلقى آدم من ربه كلمات فتاب عليه إنه هو التواب الرحيم * قلنا اهبطوا منها جميعا فإما يأتينكم مني هدى فمن تبع هداي فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون * والذين كفروا وكذبوا بآياتنا أولئك أصحاب النار هم فيها خالدون "

وقال تعالى : " إن مثل عيسى عند الله كمثل آدم خلقه من تراب ثم قال له كن فيكون " وقال تعالى : " يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالا كثيرا ونساء واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام إن الله كان عليكم رقيبا "

كما قال : " يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم إن الله عليم خبير "

وقال تعالى : " هو الذي خلقكم من نفس واحدة وجعل منها زوجها ليسكن إليها "

وقال تعالى : " ولقد خلقناكم ثم صورناكم ثم قلنا للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا إلا إبليس لم يكن من الساجدين * قال ما منعك أن لا تسجد إذ أمرتك قال أنا خير منه خلقتني من نار وخلقته من طين * قال فاهبط منها فما يكون لك أن تتكبر فيها فاخرج إنك من الصاغرين * قال أنظرني إلى يوم يبعثون * قال إنك من المنظرين * قال فبما أغويتني لأقعدن لهم صراطك المستقيم * ثم لآتينهم من بين أيديهم ومن خلفهم وعن أيمانهم وعن شمائلهم ولا تجد أكثرهم شاكرين * قال اخرج منها مذؤوما مدحورا لمن تبعك منهم لأملأن جهنم منكم أجمعين * ويا آدم اسكن أنت وزوجك الجنة فكلا من حيث شئتما ولا تقربا هذه الشجرة فتكونا من الظالمين * فوسوس لهما الشيطان ليبدي لهما ما وري عنهما من سوآتهما وقال ما نهاكما ربكما عن هذه الشجرة إلا أن تكونا ملكين أو تكونا من الخالدين * وقاسمهما إني لكما لمن الناصحين * فدلاهما بغرور فلما ذاقا الشجرة بدت لهما سوآتهما وطفقا يخصفان عليهما من ورق الجنة وناداهما ربهما ألم أنهكما عن تلكما الشجرة وأقل لكما إن الشيطان لكما عدو مبين * قالا ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين * قال اهبطوا بعضكم لبعض عدو ولكم في الأرض مستقر ومتاع إلى حين * قال فيها تحيون وفيها تموتون ومنها تخرجون "

كما قال في الآية الأخرى : " منها خلقناكم وفيها نعيدكم ومنها نخرجكم تارة أخرى " وقال تعالى : " ولقد خلقنا الإنسان من صلصال من حمإ مسنون * والجان خلقناه من قبل من نار السموم * وإذ قال ربك للملائكة إني خالق بشرا من صلصال من حمإ مسنون * فإذا سويته ونفخت فيه من روحي فقعوا له ساجدين * فسجد الملائكة كلهم أجمعون * إلا إبليس أبى أن يكون مع الساجدين * قال يا إبليس ما لك أن لا تكون مع الساجدين * قال لم أكن لأسجد لبشر خلقته من صلصال من حمإ مسنون * قال فاخرج منها فإنك رجيم * وإن عليك اللعنة إلى يوم الدين * قال رب فأنظرني إلى يوم يبعثون * قال فإنك من المنظرين * إلى يوم الوقت المعلوم * قال رب بما أغويتني لأزينن لهم في الأرض ولأغوينهم أجمعين * إلا عبادك منهم المخلصين * قال هذا صراط علي مستقيم * إن عبادي ليس لك عليهم سلطان إلا من اتبعك من الغاوين * وإن جهنم لموعدهم أجمعين * لها سبعة أبواب لكل باب منهم جزء مقسوم "

وقال تعالى : " وإذ قلنا للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا إلا إبليس قال أأسجد لمن خلقت طينا * قال أرأيتك هذا الذي كرمت علي لئن أخرتن إلى يوم القيامة لأحتنكن ذريته إلا قليلا * قال اذهب فمن تبعك منهم فإن جهنم جزاؤكم جزاء موفورا * واستفزز من استطعت منهم بصوتك وأجلب عليهم بخيلك ورجلك وشاركهم في الأموال والأولاد وعدهم وما يعدهم الشيطان إلا غرورا * إن عبادي ليس لك عليهم سلطان وكفى بربك وكيلا " وقال تعالى : " وإذ قلنا للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا إلا إبليس كان من الجن ففسق عن أمر ربه أفتتخذونه وذريته أولياء من دوني وهم لكم عدو بئس للظالمين بدلا " وقال تعالى : " ولقد عهدنا إلى آدم من قبل فنسي ولم نجد له عزما * وإذ قلنا للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا إلا إبليس أبى * فقلنا يا آدم إن هذا عدو لك ولزوجك فلا يخرجنكما من الجنة فتشقى * إن لك أن لا تجوع فيها ولا تعرى * وأنك لا تظمأ فيها ولا تضحى * فوسوس إليه الشيطان قال يا آدم هل أدلك على شجرة الخلد وملك لا يبلى * فأكلا منها فبدت لهما سوآتهما وطفقا يخصفان عليهما من ورق الجنة وعصى آدم ربه فغوى * ثم اجتباه ربه فتاب عليه وهدى * قال اهبطا منها جميعا بعضكم لبعض عدو فإما يأتينكم مني هدى فمن اتبع هداي فلا يضل ولا يشقى * ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكا ونحشره يوم القيامة أعمى * قال رب لم حشرتني أعمى وقد كنت بصيرا * قال كذلك أتتك آياتنا فنسيتها وكذلك اليوم تنسى " وقال تعالى : " قل هو نبأ عظيم * أنتم عنه معرضون * ما كان لي من علم بالملإ الأعلى إذ يختصمون * إن يوحى إلي إلا أنما أنا نذير مبين * إذ قال ربك للملائكة إني خالق بشرا من طين * فإذا سويته ونفخت فيه من روحي فقعوا له ساجدين * فسجد الملائكة كلهم أجمعون * إلا إبليس استكبر وكان من الكافرين * قال يا إبليس ما منعك أن تسجد لما خلقت بيدي أستكبرت أم كنت من العالين * قال أنا خير منه خلقتني من نار وخلقته من طين * قال فاخرج منها فإنك رجيم * وإن عليك لعنتي إلى يوم الدين * قال رب فأنظرني إلى يوم يبعثون * قال فإنك من المنظرين * إلى يوم الوقت المعلوم * قال فبعزتك لأغوينهم أجمعين * إلا عبادك منهم المخلصين * قال فالحق والحق أقول * لأملأن جهنم منك وممن تبعك منهم أجمعين * قل ما أسألكم عليه من أجر وما أنا من المتكلفين * إن هو إلا ذكر للعالمين * ولتعلمن نبأه بعد حين "

فهذا ذكر هذه القصة من مواضع متفرقة من القرآن ، وقد تكلمنا على ذلك كله في التفسير ، ولنذكر هاهنا مضمون ما دلت عليه هذه الآيات الكريمات ، وما يتعلق بها من الأحاديث الواردة في ذلك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم والله المستعان

فأخبر تعالى أنه خاطب الملائكة قائلاً لهم : " إني جاعل في الأرض خليفة " أعلم بما يريد أن يخلق من آدم وذريته الذين يخلف بعضهم بعضاً كما قال : " وهو الذي جعلكم خلائف الأرض " وقال تعالى : " ويجعلكم خلفاء الأرض " فأخبرهم بذلك على سبيل التنويه بخلق آدم وذريته ، كما يخبر بالأمر العظيم قبل كونه ، فقالت الملائكة سائلين على وجه الإستكشاف والإستعلام عن وجه الحكمة ، لا على وجه الإعتراض والتنقص لبني آدم والحسد لهم ، كما قد يتوهمه بعض جهلة المفسرين ، قالوا : " أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء "

وقيل علموا أن ذلك كائن بما رأوا ممن كان قبل آدم من الجن والبن ، قاله قتادة

وقال عبد الله بن عمر : كانت الجن قبل آدم بألفي عام فسفكوا الدماء ، فبعث الله إليهم جنداً من الملائكة فطردوهم إلى جزائر البحور

وعن ابن عباس نحوه وعن الحسن ألهموا ذلك

وقيل : لما أطلعوا عليه من اللوح المحفوظ ، فقيل أطلعهم عليه هاروت وماروت عن ملك فوقهما يقال له السجل رواه ابن أبي حاتم عن أبي جعفر الباقر

وقيل : لأنهم علموا أن الأرض لا يخلق منها إلا من يكون بهذه المثابة غالباً

" ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك " أي نعبدك دائماً لا يعصيك منا أحد ، فإن كان المراد بخلق هؤلاء أن يعبدوك فها نحن أولاء لا نفتر ليلاً ولا نهاراً

" قال إني أعلم ما لا تعلمون " أي أعلم من المصلحة الراجحة في خلق خلق هؤلاء ما لا تعلمون ، أي سيوجد منهم الأنبياء والمرسلون والصديقون والشهداء الصالحون

ثم بين لهم شرف آدم عليهم في العلم فقال : " وعلم آدم الأسماء كلها " قال ابن عباس : هي هذه الأسماء لا يتعارف بها الناس : إنسان ، ودابة ، وأرض ، وسهل ، وبحر ، وجبل ، وجمل ، وحمار ، وأشباه ذلك من الأمم وغيرها

وقال مجاهد : علمه اسم الصحفة ، والقدر ، حتي الفسوة والفسية

وقال مجاهد : علمه اسم كل دابة ، وكل طير وكل شيء وكذا قال سعيد بن جبير وقتادة وغير واحد

وقال الربيع : علمه أسماء الملائكة وقال عبد الرحمن بن زيد : علمه أسماء ذريته

والصحيح : أنه علمه أسماء الذوات وأفعالها مكبرها ومصغرها ، كما أشار إليه ابن عباس رضي الله عنهما

وذكر البخاري هنا ما رواه هو و مسلم من طريق سعيد وهشام ، عن قتادة ، عن أنس بن مالك ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " يجمع المؤمنون يوم القيامة فيقولون لو استشفعنا إلى ربنا ، فيأتون آدم فيقولون أنت أبو البشر ، خلقك الله بيده ، وأسجد لك ملائكته ، وعلمك أسماء كل شيء " وذكر تمام الحديث

" ثم عرضهم على الملائكة فقال أنبئوني بأسماء هؤلاء إن كنتم صادقين " قال الحسن البصري : لما أراد الله خلق آدم ، قالت الملائكة : لا يخلق ربنا خلقاً إلا كنا أعلم منه فابتلوا بهذا ، وذلك قوله : " إن كنتم صادقين "

وقيل غير ذلك كما بسطناه في التفسير

قالوا : " سبحانك لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم " أي سبحانك أن يحيط أحد بشيء من علمك من غير تعليمك ، كما قال : " ولا يحيطون بشيء من علمه إلا بما شاء "

" قال يا آدم أنبئهم بأسمائهم فلما أنبأهم بأسمائهم قال ألم أقل لكم إني أعلم غيب السماوات والأرض وأعلم ما تبدون وما كنتم تكتمون " أي أعلم السر كما أعلم العلانية

وقيل : إن المراد بقوله : " أعلم ما تبدون " ما قالوا : " أتجعل فيها من يفسد فيها " وبقوله : " وما كنتم تكتمون " المراد بهذا الكلام إبليس حين أسر الكبر والنفاسة على آدم عليه السلام ، قاله سعيد بن جبير ومجاهد والسدي والضحاك والثوري واختاره ابن جرير

وقال أبو العالية والربيع والحسن وقتادة : " وما كنتم تكتمون " قولهم : لن يخلق ربنا خلقاً إلا كنا أعلم منه وأكرم عليه منه

وقوله : " وإذ قلنا للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا إلا إبليس أبى واستكبر " هذا إكرام عظيم من الله تعالى لآدم حين خلقه بيده ، ونفخ فيه من روحه ، كما قال : " فإذا سويته ونفخت فيه من روحي فقعوا له ساجدين " فهذه أربع تشريفات : خلقه بيده الكريمة ، ونفخه من روحه ، وأمر الملائكة بالسجود له ، وتعلميه أسماء الأشياء

ولهذا قال له موسى حين اجتمع هو وإياه في الملأ الأعلى وتناظرا كما سيأتي : " أنت آدم أبو البشر الذي خلقك الله بيده ونفخ فيك من روحه ، وأسجد لك ملائكته ، وعلمك أسماء كل شيء " وهكذا يقول له أهل المحشر يوم القيامة كما تقدم ، وكما سيأتي إن شاء الله تعالى

وقال في الآية الأخرى : " لقد خلقناكم ثم صورناكم ثم قلنا للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا إلا إبليس لم يكن من الساجدين * قال ما منعك أن لا تسجد إذ أمرتك قال أنا خير منه خلقتني من نار وخلقته من طين "

قال الحسن البصري : قال إبليس ، وهو أول من قاس وقال محمد بن سيرين : أول من قاس إبليس ، وما عبدت الشمس ولا القمر إلا بالمقاييس ، رواهما ابن جرير

ومعنى هذا أنه نظر نفسه بطريق المقايسة بينه وبين آدم فرأى نفسه أشرف من آدم فامتنع من السجود له ، مع وجود الأمر له ولسائر الملائكة بالسجود والقياس إذا كان مقابلاً بالنص كان فاسد الإعتبار ، ثم هو فاسد في نفسه ، فإن الطين أنفع وخير من النار ، لأن الطين فيه الرزانة والحلم والأناة والنمو ، والنار فيها الطيش والخفة والسرعة والإحراق

ثم إن آدم شرفه الله بخلقه له بيده ونفخه فيه من روحه ، ولهذا أمر الملائكة بالسجود له ، كما قال : " وإذ قال ربك للملائكة إني خالق بشرا من صلصال من حمإ مسنون * فإذا سويته ونفخت فيه من روحي فقعوا له ساجدين * فسجد الملائكة كلهم أجمعون * إلا إبليس أبى أن يكون مع الساجدين * قال يا إبليس ما لك أن لا تكون مع الساجدين * قال لم أكن لأسجد لبشر خلقته من صلصال من حمإ مسنون * قال فاخرج منها فإنك رجيم * وإن عليك اللعنة إلى يوم الدين " استحق هذا من الله تعالى لأنه استلزم تنقصه لآدم وازدارءه به وترفعه عليه مخالفة الأمر الإلهي ومعاندة الحق في النص على آدم على التعيين

وشرع في الإعتذار بما لا يجدي عنه شيئاً ، وكان اعتذاره أشد من ذنبه كما قال تعالى في سورة سبحان : " وإذ قلنا للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا إلا إبليس قال أأسجد لمن خلقت طينا * قال أرأيتك هذا الذي كرمت علي لئن أخرتن إلى يوم القيامة لأحتنكن ذريته إلا قليلا * قال اذهب فمن تبعك منهم فإن جهنم جزاؤكم جزاء موفورا * واستفزز من استطعت منهم بصوتك وأجلب عليهم بخيلك ورجلك وشاركهم في الأموال والأولاد وعدهم وما يعدهم الشيطان إلا غرورا * إن عبادي ليس لك عليهم سلطان وكفى بربك وكيلا "

وقال في سورة الكهف : " وإذ قلنا للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا إلا إبليس كان من الجن ففسق عن أمر ربه أفتتخذونه وذريته أولياء من دوني " أي خرج عن طاعة الله عمداً وعناداً وإستكباراً عن امتثال أمره ، وما ذاك إلا لأنه خانه طبعه ومادته الخبيثة أحوج ما كان إليه ، فإن مخلوق من نار كما قال ، وكما جاء في صحيح مسلم عن عائشة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " خلقت الملائكة من نور ، وخلقت الجان من مارج من نار ، وخلق آدم مما وصف لكم "

قال الحسن البصري : لم يكن إبليس من الملائكة طرفة عين قط وقال شهر بن حوشب : كان من الجن ، فلما أفسدوا في الأرض بعث الله إليه جنداً من الملائكة فقتلوهم وأجلوهم إلى جزائر البحار ، وكان إبليس ممن أسر فأخذوه معهم إلى السماء فكان هناك ، فلما أمرت الملائكة بالسجود امتنع إبليس منه

قال ابن مسعود وابن عباس وجماعة من الصحابة وسعيد بن المسيب وآخرون : كان إبليس رئيس الملائكة بالسماء الدنيا قال ابن عباس : وكان اسمه عزازيل ، وفي رواية عنه : الحارث قال النقاش : وكنيته أبو كردوس قال ابن عباس : وكان من حي من الملائكة يقال لهم الجن ، وكانوا خزان الجنان ، وكان من أشرفهم ومن أكثرهم علماً وعبادة وكان من أولى الأجنحة الأربعة فمسخه الله شيطاناً رجيماً

وقال في سورة ص : " إذ قال ربك للملائكة إني خالق بشرا من طين * فإذا سويته ونفخت فيه من روحي فقعوا له ساجدين * فسجد الملائكة كلهم أجمعون * إلا إبليس استكبر وكان من الكافرين * قال يا إبليس ما منعك أن تسجد لما خلقت بيدي أستكبرت أم كنت من العالين * قال أنا خير منه خلقتني من نار وخلقته من طين * قال فاخرج منها فإنك رجيم * وإن عليك لعنتي إلى يوم الدين * قال رب فأنظرني إلى يوم يبعثون * قال فإنك من المنظرين * إلى يوم الوقت المعلوم * قال فبعزتك لأغوينهم أجمعين * إلا عبادك منهم المخلصين * قال فالحق والحق أقول * لأملأن جهنم منك وممن تبعك منهم أجمعين "

وقال في سورة الأعراف : " قال فبما أغويتني لأقعدن لهم صراطك المستقيم * ثم لآتينهم من بين أيديهم ومن خلفهم وعن أيمانهم وعن شمائلهم ولا تجد أكثرهم شاكرين " أي بسبب إغوائك إياي لأقعدن لهم كل مرصد ، ولآتينهم من كل جهة منهم ، فالسعيد من خالفه والشقي من اتبعه

وقال الإمام أحمد : حدثنا هاشم بن القاسم ، حدثنا أبو عقيل - هو عبد الله بن عقيل الثقفي - حدثنا موسى بن المسيب ، وعن سالم بن أبي الجعد ، عن سبرة بن أبي الفاكه قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " إن الشيطان قعد لابن آدم بأطرقه " وذكر الحديث

وقد اختلف المفسرون في الملائكة المأمورين بالسجود لآدم

أهم جميع الملائكة كما دل عليه عموم الآيات ؟ وهو قول الجمهور

أو المراد بهم ملائكة الأرض ، كما رواه ابن جرير من طريق الضحاك عن ابن عباس ؟ وفيه انقطاع وفي السياق نكارة ، وإن كان بعض المتأخرين قد رجحه

ولكن الأظهر من السياقات الأولى ، ويدل عليه الحديث : " وأسجد له ملائكته " وهذا عموم أيضاً والله أعلم

وقوله تعالى لإبليس : " اهبط منها " و " اخرج منها " دليل على أنه كان في السماء فأمر بالهبوط منها ، والخروج من المنزلة والمكانة التي كان قد نالها بعبادته ، وتشبهه بالملائكة في الطاعة والعبادة ، ثم سلب ذلك بكبره وحسده ومخالفته لربه ، فأهبط إلى الأرض مذءوماً مدحوراً

وأمر الله آدم عليه السلام أن يسكن هو وزوجته الجنة فقال : " وقلنا يا آدم اسكن أنت وزوجك الجنة وكلا منها رغدا حيث شئتما ولا تقربا هذه الشجرة فتكونا من الظالمين وقال في الأعراف : " قال اخرج منها مذؤوما مدحورا لمن تبعك منهم لأملأن جهنم منكم أجمعين * ويا آدم اسكن أنت وزوجك الجنة فكلا من حيث شئتما ولا تقربا هذه الشجرة فتكونا من الظالمين "

وقال تعالى : " وإذ قلنا للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا إلا إبليس أبى * فقلنا يا آدم إن هذا عدو لك ولزوجك فلا يخرجنكما من الجنة فتشقى * إن لك أن لا تجوع فيها ولا تعرى* وأنك لا تظمأ فيها ولا تضحى "

وسياق هذه الآيات يقتضي أن خلق حواء كان قبل دخول آدم إلى الجنة لقوله : " ويا آدم اسكن أنت وزوجك الجنة " وهذا قد صرح به إسحاق بن يسار ، وهو ظاهر هذه الآيات

ولكن حكى السدي عن أبي صالح وأبي مالك ، وعن ابن عباس وعن مرة عن ابن مسعود ، وعن ناس من الصحابة أنهم قالوا : أخرج إبليس من الجنة وأسكن آدم الجنة ، فكان يمشي فيها وحشي ليس له فيها زوج يسكن إليها ، فنام نومة فاستيقظ وعند رأسه امرأة قاعدة خلقها الله من ضلعه فسألها : ما أنت ؟ قالت : امرأة قال : ولم خلقت ؟ قالت : لتسكن إلي فقالت له الملائكة ينظرون ما بلغ من علمه : ما اسمها يا آدم ؟ قال : حواء ، قالوا : ولم كانت حواء ؟ قال : لأنها خلقت من شيء حي

وذكر محمد بن إسحاق ، عن ابن عباس : أنها خلقت من ضلعه الأقصر الأيسر وهو نائم ولأم مكانه لحماً

ومصداق هذا في قوله تعالى : " يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالا كثيرا ونساء " الآية وفي قوله تعالى : " هو الذي خلقكم من نفس واحدة وجعل منها زوجها ليسكن إليها فلما تغشاها حملت حملا خفيفا فمرت به " الآية ، وسنتكلم عليها فيما بعد إن شاء الله تعالى

وفي الصحيحين من حديث زائدة ، عن ميسرة الأشجعي عن أبي حازم ، عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : " استوصوا بالنساء خيراً ، فإن المرأة خلقت من ضلع ، وإن أعوج شيء في الضلع أعلاه ، فإن ذهب تقيمه كسرته ، وإن تركته لم يزل أعوج فاستوصوا بالنساء خيراً " هذا لفظ البخاري

وقد اختلف المفسرون في قوله تعالى : " ولا تقربا هذه الشجرة " فقيل : هي الكرم ، وروى عن ابن عباس ، وسعيد بن جبير ، والشعبي وجعدة بن هبيرة ، ومحمد بن قيس ، والسدي في رواية عن ابن عباس ، وابن مسعود ، وناس من الصحابة ، قال : وتزعم يهود أنها الحنطة ، وهذا مروى عن ابن عباس والحسن والبصري ، ووهب بن منبه ، وعيطة العوفي ، وأبي مالك ، ومحارب بن دثار ، وعبدالرحمن بن أبي ليلى

وقال وهب : والحبة منه ألين من الزبد وأحلى من العسل

وقال الثوري عن أبي حصين ، عن أبي مالك : " ولا تقربا هذه الشجرة " هي النخلة وقال ابن جريج عن مجاهد : هي التينة ، وبه قال قتادة ، وابن جريج ، وقال أبو العالية : كانت شجرة من أكل منها أحدث ولا ينبغي في الجنة حدث

وهذا الخلاف قريب ، وقد أبهم الله ذكرها وتعيينها ، ولو كان في ذكرها مصلحة تعود إلينا لعينها لنا ، كما في غيرها من المحال التي تبهم في القرآن

وإنما الخلاف الذي ذكروه في أن هذه الجنة التي أدخلها آدم : هل هي في السماء أو في الأرض ، هو الخلاف الذي ينبغي فصله والخروج منه

والجمهور على أنها هي التي في السماء ، وهي جنة المأوى ، لظاهر الآيات والأحاديث كقوله تعالى : " وقلنا يا آدم اسكن أنت وزوجك الجنة " والألف واللام ليست للعموم ولا لمعهود لفظي ، وإنما تعود على معهد ذهني ، وهو مستقر شرعاً من جنة المأوي وكقوله موسى عليه السلام لآدم عليه السلام : " علام أخرجتنا ونفسك من الجنة " ؟ الحديث كما سيأتي الكلام عليه

وروى مسلم في صحيحه من حديث أبي مالك الأشجعي - اسمه سعد بن طارق - عن أبي حازم سلمة بن دينار ، عن أبي هريرة ، وأبو مالك عن ربعي ، عن حذيفة قالا : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " يجمع الله الناس فيقوم المؤمنون حين تزلف لهم الجنة فيأتون آدم فيقولون : يا أبانا استفتح لنا الجنة ، فيقول : وهل أخرجكم من الجنة إلا خطيئة أبيكم " ؟ وذكر الحديث بطوله

هذا فيه قوة جيدة ظاهرة في الدلالة على أنها جنة المأوى ، وليس تخلو عن نظر

وقال آخرون : بل الجنة التي أسكنها آدم لم تكن جنة الخلد ، لأنه كلف فيها ألا يأكل من تلك الشجرة ، ولأنه نام فيها وأخرج منها ودخل عليه إبليس فيها ، وهذا مما ينافي أن تكون جنة المأوى

وهذا القول محكي عن أبي بن كعب ، وعبد الله بن عباس ، ووهب بن منبه ، وسفيان بن عيينة ، واختاره ابن قتيبة في ( المعارف ) والقاضي بن منذر بن سعيد البلوطي في تفسيره ، وأفرد له مصنفاً على حدة ، وحكاه عن أبي حنيفة الإمام وأصحابه رحمهم الله ، ونقله أبو عبد الله محمد ابن عمر الرازي بن خطيب الري في تفسيره عن أبي القاسم البلخي ، وأبي مسلم الأصبهاني ، ونقله القرطبي في تفسيره عن المعتزلة والقدرية

وهذا القول هو نص التوراة التي بأيدي أهل الكتاب وممن حكى الخلاف في هذه المسألة أبو محمد بن حزم في ( الملل والنحل ) وأبو محمد بن عطية في تفسيره وأبو عيسى في الرماني في تفسيره ، وحكى عن الجمهور الأول ، وأبو القاسم الراغب ، والقاضي الماوردي في تفسيره فقال : واختلف في الجنة التي أسكناها - يعني آدم وحواء - على قولين : أحدهما : أنها جنة الجلد والثاني : أنها جنة أعدها الله لهما وجعلها دار إبتلاء ، وليست جنة الخلد التي جعلها دار جزاء

ومن قال بهذا اختلفوا على قولين : أحدهما : أنها في السماء لأنه أهبطهما منها ، وهذا قول الحسن ، والثاني أنها في الأرض لأنه امتحنهما فيها بالنهي عن الشجرة التي نهيا عنها دون غيرها من الثمار ، وهذا قول ابن يحيى ، وكان ذلك بعد أن أمر إبليس بالسجود لآدم والله أعلم بالصواب من ذلك

هذا كلامه فقد تضمن كلامه حكاية أقوال ثلاثة ، وأشعر كلامه أنه متوقف في المسألة ولهذا حكى أبو عبد الله الرازي في تفسيره في هذه المسألة أربعة أقوال : هذه الثلاثة التي أوردها المارودي ، ورابعها : الوقف وحكى القول بأنها في السماء وليست جنة المأوي ، عن أبي علي الجبائي

وقد أورد أصحاب القول الثاني سؤالاً يحتاج مثله إلى جواب ، فقالوا : لا شك أن الله سبحانه وتعالى طرد إبليس حين امتنع من السجود عن الحضرة الإلهية ، وأمره بالخروج عنها والهبوط منها وهذا الأمر ليس من الأوامر الشرعية بحيث يمكن مخالفته ، وإنما هو أمر قدري لا يخالف ولا يمانع ، ولهذا قال : " اخرج منها مذؤوما مدحورا " وقال : " اهبط منها فما يكون لك أن تتكبر فيها " وقال " اخرج منها فإنك رجيم " والضمير عائد إلى الجنة أو السماء أو المنزلة ، وأياً ما كان فمعلوم أنه ليس له الكون قدراً في المكان الذي طرد منه وأبعد منه ، لا على سبيل الإستقرار ولا على سبيل المرور والإجتياز

قالوا : ومعلوم من ظاهر سياقات القرآن أنه وسوس لآدم وخاطبه بقوله له : " هل أدلك على شجرة الخلد وملك لا يبلى " وبقوله : " ما نهاكما ربكما عن هذه الشجرة إلا أن تكونا ملكين أو تكونا من الخالدين * وقاسمهما إني لكما لمن الناصحين * فدلاهما بغرور " الآية

وهذا ظاهر في اجتماعه معهما في جنتهما

وقد اجيبوا عن هذا بأنه لا يمتنع أن يجتمع بهما في الجنة على سبيل المرور فيها ، لا على سبيل الإستقرار بها ، وأنه وسوس لهما وهو على باب الجنة أو من تحت السماء وفي الثلاثة نظر والله أعلم

ومما احتج به أصحاب هذه المقالة : ما رواه عبد الله بن الإمام أحمد في الزيادات ، عن هدبة ابن خالد ، عن حماد بن سلمة ، عن حميد ، عن الحسن البصري ، عين يحيى بن ضمرة السعدي ، عن أبي بن كعب ، قال : إن آدم لما احتضر اشتهى قطفاً من عنب الجنة ، فانطلق بنوه ليطلبوه له ، فلقيتهم الملائكة فقالوا : أين تريدون يا بني آدم ؟ فقالوا : إن أبانا اشتهى قطفاً من عنب الجنة فقالوا لهم : ارجعوا فقد كفيتموه فانتهوا إليه فقبضت روحه وغسلوه وحنطوه وكفنوه وصلى عليه جبريل ومن خلفه الملائكة ودفنوه ، وقالوا : هذه سنتكم في موتاكم

وسيأتي الحديث بسنده ، وتمام لفظه عند ذكر وفاء آدم عليه السلام

قالوا : فلولا أنه كان الوصول إلى الجنة التي كان فيها آدم التي اشتهى منها القطف ممكناً ، لما ذهبوا يطلبون ذلك ، فدل على أنها في الأرض لا في السماء والله تعالى أعلم

قالوا : والإحتجاج بأن الألف واللام في قوله : " ويا آدم اسكن أنت وزوجك الجنة " لم يتقدم عهد يعود عليه فهو المعهود الذهني مسلم ، ولكن هو ما دل عليه سياق الكلام ، فإن آدم خلق من الأرض ولم ينقل أنه رفع إلى السماء ، وخلق ليكون في الأرض ، وبهذا أعلم الرب الملائكة حيث قال : " إني جاعل في الأرض خليفة "

قالوا : وهذا كقوله تعالى : " إنا بلوناهم كما بلونا أصحاب الجنة " فالألف واللام ليس للعموم ، ولم يتقدم معهود لفظي ، وإنما هو للمعهود الذهني الذي دل عليه السياق وهو البستان

قالوا : وذكر الهبوط لا يدل على النزول من السماء ، قال الله تعالى : " قيل يا نوح اهبط بسلام منا وبركات عليك وعلى أمم ممن معك " وإنما كان في السفينة حتى استقرت على الجودي ونضب الماء على وجه الأرض أمر أن يهبط إليه هو ومن معه مباركاً عليه وعليهم

وقال الله تعالى : " اهبطوا مصرا فإن لكم ما سألتم " الآية وقال تعالى : " وإن منها لما يهبط من خشية الله " الآية وفي الأحاديث واللغة من هذا كثير

قالوا : ولا مانع - بل هو الواقع - أن الجنة التي أسكنها آدم كانت مرتفعة عن سائر بقاع الأرض ، ذات أشجار وثمار وظلال ونعيم ونضرة وسرور ، كما قال تعالى : " إن لك أن لا تجوع فيها ولا تعرى " أي لا يذل باطنك بالجوع ولا ظاهرك بالعري " وأنك لا تظمأ فيها ولا تضحى " أي لا يمس باطنك حر الظمأ ولا ظاهرك حر الشمس ، ولهذا قرن هذا وهذا ، وبين هذا وهذا ، لما بينهما من الملاءمة

فلما كان منه ما كان من أكله من الشجر التي نهي عنها ، أهبط إلى أرض الشقاء والتعب ، والنصب والكدر ، والسعي والنكد ، والإبتلاء والإختبار والإمتحان ، واختلاف السكان ديناً وأخلاقاً وأعمالاً ، وقصوداً وإرادات وأقولاً وأفعالاً ، كما قال تعالى : " ولكم في الأرض مستقر ومتاع إلى حين "

ولا يلزم من هذا أنهم كانوا في السماء كما قال : " وقلنا من بعده لبني إسرائيل اسكنوا الأرض فإذا جاء وعد الآخرة جئنا بكم لفيفا " ، ومعلوم أنهم كانوا فيها ولم يكونوا في السماء

قالوا : وليس هذا القول مفرعاً على قول من ينكر وجود الجنة والنار اليوم ، ولا تلازم بينهما ، فكل من حكى عنه هذا القول من السلف وأكثر الخلف ، ممن يثبت وجود الجنة والنار اليوم ، كما دلت عليه الآيات والأحاديث الصحاح والله سبحانه وتعالى أعلم بالصواب


قصَصُ الأنبيَاء 500092465

قصَصُ الأنبيَاء 500092465

تحياتي لكم

قصَصُ الأنبيَاء 500092465

قصَصُ الأنبيَاء 500092465

قصَصُ الأنبيَاء 483098003
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
المدير
AMINE PàTCHIKà
AMINE PàTCHIKà
المدير


الجنس : ذكر
الابراج الدلو
تاريخ الميلاد تاريخ الميلاد : 25/01/1988
العمر : 36

المدير العام
منتديات أمين عبلة الحب :

قصَصُ الأنبيَاء Empty
مُساهمةموضوع: رد: قصَصُ الأنبيَاء   قصَصُ الأنبيَاء Emptyالخميس يناير 10, 2013 11:37 pm

قصَصُ الأنبيَاء 500092465

قصَصُ الأنبيَاء 500092465

ما ورد في نزول آدم عليه السلام إلى الأرض

قصَصُ الأنبيَاء 500092465

قصَصُ الأنبيَاء 500092465

وقوله تعالى : " فأزلهما الشيطان عنها " أي عن الجنة " فأخرجهما مما كانا فيه " أي من النعيم والنضرة والسرور ، إلى دار التعب والكد والنكد ، وذلك بما وسوس لهما وزينة في صدورهما ، كما قال تعالى : " فوسوس لهما الشيطان ليبدي لهما ما وري عنهما من سوآتهما وقال ما نهاكما ربكما عن هذه الشجرة إلا أن تكونا ملكين أو تكونا من الخالدين " يقول : ما نهاكما عن أكل هذه الشجرة إلا أن تكونا ملكين أو تكونا من الخالدين ، أي لو أكلتما منها لصرتما كذلك .

" وقاسمهما " أي حلف لهما على ذلك " إني لكما لمن الناصحين " كما قال في الآية الآخرى : " فوسوس إليه الشيطان قال يا آدم هل أدلك على شجرة الخلد وملك لا يبلى " أي هل أدلك على الشجرة التي إذا أكلت منها حصل لك الخلد فيما أنت فيه من النعيم واستمررت في ملك لا يبيد ولا ينقضي ؟ وهذا من التغرير والتزوير والإخبار بخلاف الواقع .

والمقصود أن قوله : شجرة الخلد التي إذا أكل منها خلدت ، وقد تكون هي الشجرة التي قال الإمام أحمد : حدثنا عبد الرحمن بن مهدي ، حدثنا شعبة ، عن أبي الضحاك ، سمعت أبا هريرة يقول : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن في الجنة شجرة يسير الراكب في ظلها مائة عام لا يقطعها : شجرة الخلد "

وكذا رواه أيضاً عن غندور وحجاج ، عن شعبة ورواه أبو داود الطيالسي في مسنده عن شعبة أيضاً به .

قال غندر : قلت لشعبة : هي شجرة الخلد ؟ قال : ليس فيها هي . تفرد به أحمد .

وقوله : " فدلاهما بغرور فلما ذاقا الشجرة بدت لهما سوآتهما وطفقا يخصفان عليهما من ورق الجنة " كما قال في طه : " فأكلا منها فبدت لهما سوآتهما وطفقا يخصفان عليهما من ورق الجنة " وكانت حواء أكلت من الشجرة قبل آدم ، وهي التي حثته على أكلها . . والله أعلم .

وعليه يحمل الحديث الذي رواه البخاري : حدثنا بشر بن محمد ، حدثنا عبد الله ، أنبأنا معمر ، عن همام بن منبه ، عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم نحوه : " لولا بنو إسرائيل لم يخنز اللحم ، ولولا حواء لم تخن أنثى زوجها " .

تفرد به من هذا الوجه ، وأخرجاه في الصحيحين من حديث عبد الرزاق ، عن معمر ، عن همام ، عن أبي هريرة به ، ورواه أحمد و مسلم عن هارون بن معروف ، عن أبي وهب ، عن عمرو بن الحارث عن أبي يونس ، عن أبي هريرة به .

وفي كتاب التوراة التي بأيدي أهل الكتاب : أن الذي دل حواء على الأكل من الشجرة هي الحية ، وكانت من أحسن الأشكال وأعظمها ، فأكلت حواء عن قولها ، وأطعمت آدم عليه السلام ، وليس فيها ذكر لإبليس . فعند ذلك انفتحت أعينها وعلما أنهما عريانان ، فوصلا من ورق التين وعملا مآزر ، وفيها أنهما كانا عريانين . كذا قال وهب ابن منبه : وكان لباسهما نوراً على فرجه وفرجها .

وهذا الذي في هذه التوراة التي بأيديهم غلط منهم ، وتحريف وخطأ في التعريب ، فإن نقل الكلام من لغة إلى لغة لا يتيسر لكل أحد ، ولا سيما ممن لا يكاد يعرف كلام العرب جيداً ، ولا يحيط علماً بفهم كتابه أيضاً ، فلهذا وقع في تعريبهم لها خطأ كثير لفظاً ومعنى . وقد دل القرآن العظيم على أنه كان عليهما لباس في قوله : " ينزع عنهما لباسهما ليريهما سوآتهما " فهذا لا يرد لغيره من الكلام . . والله تعالى أعلم .

وقال ابن أبي حاتم : حدثنا على بن الحسن بن أسكاب ، حدثنا علي بن عاصم ، عن سعيد ابن أبي عروبة ، عن قتادة ، عن الحسن ، عن أبي بن كعب قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن الله خلق آدم رجلاً طوالاً كثير شعر الرأس كأنه نخلة سحوق ، فلما ذاق الشجرة سقط عنه لباسه ، فأول ما بدا منه عورته ، فلما نظر إلى عورته جعل يشتد في الجنة . فأخذت شعره شجرة فنازعها . فناداه الرحمن عز وجل : يا آدم . . مني تفر ؟ فلما سمع كلام الرحمن قال : يارب . . لا ، ولكن استحياء " .

وقال الثوري عن ابن أبي ليلى ، عن المنهال بن عمرو ، عن سعيد بن جبير عن ابن عباس : " وطفقا يخصفان عليهما من ورق الجنة " ورق التين .

وهذا إسناد صحيح إليه ، وكأنه مأخوذ من أهل الكتاب ، وظاهر الآية يقتضي أعم من ذلك ، وبتقدير تسليمه فلا يضر . . والله تعالى أعلم .

وروى الحافظ ابن عساكر من طريق محمد بن إسحاق ، عن الحسن بن ذكوان ، عن الحسن البصري ، عن أبي بن كعب قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن أباكم آدم كان كالنخلة السحوق ، ستون ذراعاً كثير الشعر مواري العورة ، فلما أصاب الخطيئة في الجنة بدت له سوأته ، فخرج من الجنة ، فلقيته شجرة فأخذت بناصيته ، فناداه ربه : أفراراً مني يا آدم ؟ قال : بل حياء منك يا رب مما جئت به " .

ثم رواه من طريق سعيد بن أبي عروبة ، عن قتادة ، عن الحسن ، عن يحيى بن ضمرة ، عن أبي بن كعب عن النبي صلى الله عليه وسلم بنحوه .

وهذا أصح ، فإن الحسن لم يدرك أبياً .

ثم أورده أيضاً من طريق خيثمة بن سليمان الأطرابلسي ، عن محمد بن عبد الوهاب أبي مرصافة العسقلاني ، عن آدم بن أبي إياس ، عن سنان ، عن قتادة بن أنس مرفوعاً بنحوه .

" وناداهما ربهما ألم أنهكما عن تلكما الشجرة وأقل لكما إن الشيطان لكما عدو مبين * قالا ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين " .

وهذا اعتراف ورجوع إلى الإنابة ، وتذلل وخضوع وإستكانة ، وافتقار إليه تعالى في الساعة الراهنة ، وهذا السر ما سرى في أحد من ذريته إلا كانت عاقبته إلى خير في دنياه وأخراه .

" قال اهبطوا بعضكم لبعض عدو ولكم في الأرض مستقر ومتاع إلى حين " وهذا خطاب لآدم وحواء وإبليس ، قيل والحية معهم ، أمروا أن يهبطوا من الجنة في حال كونهم متعادين متحاربين .

وقد يستشهد لذكر الحية معهما بما ثبت في الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه أمر بقتل الحيات ، وقال : " ما سالمناهن منذ حاربناهن " .

وقوله في سورة طه : " قال اهبطا منها جميعا بعضكم لبعض عدو " هو أمر لآدم وإبليس ، واستتبع آدم حواء وإبليس الحية .

وقيل هو أمر لهم بصيغة التثنية كما في قوله تعالى : " وداود وسليمان إذ يحكمان في الحرث إذ نفشت فيه غنم القوم وكنا لحكمهم شاهدين " .

والصحيح أن هذا لما كان الحاكم لا يحكم إلا بين اثنين مدع ومدعى عليه ، قال : " وكنا لحكمهم شاهدين " .

وأما تكريره الإهباط في سورة البقرة في قوله : " وقلنا اهبطوا بعضكم لبعض عدو ولكم في الأرض مستقر ومتاع إلى حين * فتلقى آدم من ربه كلمات فتاب عليه إنه هو التواب الرحيم * قلنا اهبطوا منها جميعا فإما يأتينكم مني هدى فمن تبع هداي فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون * والذين كفروا وكذبوا بآياتنا أولئك أصحاب النار هم فيها خالدون " فقال بعض المفسرين : المراد بالإهباط الأول : الهبوط من الجنة إلى السماء الدنيا وبالثاني : من السماء الدنيا إلى الأرض .

وهذا ضعيف لقوله في الأول : " وقلنا اهبطوا بعضكم لبعض عدو ولكم في الأرض مستقر ومتاع إلى حين " فدل على أنهم أهبطوا إلى الأرض بالإهباط الأول . . والله أعلم .

والصحيح أنه كرره لفظاً وإن كان واحداً ، وناط مع كل مرة حكماً ، فناط بالأول عداوتهم فيما بينهم ، وبالثاني الإشتراط عليهم أن من تبع هداه الذي ينزله عليهم بعد ذلك فهو السعيد ، ومن خالفه فهو الشقي ، وهذا الأسلوب في الكلام له نظائر في القرآن الحكيم .

وروى الحافظ ابن عسكر عن مجاهد قال : أمر الله ملكين أن يخرجا آدم وحواء من جوازه . فنزع جبريل التاج عن رأسه ، وحل ميكائيل الإكليل عن جبينه ، وتعلق به غصن ، فظن آدم أنه قد عوجل بالعقوبة ، فنكس رأسه يقول : العفو العفو . فقال الله : أفراراً مني ؟ قال : بل حياء منك يا سيدي !

وقال الأوزاعي عن حسان - وهو ابن عطية - : مكث آدم في الجنة مائة عام ، وفي رواية : ستين عاماً ، وبكى على الجنة سبعين عاماً ، وعلى خطيئته سبعين عاماً ، وعلى ولده حين قتل أربعين عاماً . رواه ابن عساكر .

وقال ابن أبي حاتم : حدثنا أبو زرعة ، حدثنا عثمان بن أبي شيبة ، حدثنا جرير ، عن سعيد ، عن ابن عباس قال : أهبط آدم عليه السلام إلى أرض يقال لها ( دحنا ) بين مكة والطائف .

وعن الحسن قال : أهبط آدم بالهند ، وحواء بجدة ، وإبليس بدستميان من البصرة على أميال ، وأهبطت الحية بأصبهان . رواه ابن أبي حاتم أيضاً .

وقال السدي : نزل آدم بالهند ، ونزل معه بالحجر الأسود وبقبضة من ورق الجنة ، فبثه في الهند فنبتت شجرة الطيب هناك .

وعن ابن عمر : أهبط آدم بالصفا ، وحواء بالمروة ، رواه ابن أبي حاتم أيضاً .

وقال عبد الرزاق : قال معمر : أخبرني عوف ، عن قسامة بن زهير ، عن أبي موسى الأشعري ، قال : إن الله حين أهبط آدم من الجنة إلى الأرض علمه صنعة كل شيء وزوده من ثمار الجنة ، فثماركم هذه من ثمار الجنة ، غير أن هذه تتغير وتلك لا تتغير وقال الحاكم في مستدركه : أنبأنا أبو بكر بن بالويه ، عن محمد بن أحمد بن النضر ، عن معاوية بن عمرو ، عن زائدة ، عن عمار بن أبي معاوية البجلي عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس قال : ما أسكن آدم الجنة إلا ما بين صلاة العصر إلى غروب الشمس ، ثم قال : صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه .

وفي صحيح مسلم من حديث الزهري عن الأعرض ، عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " خير يوم طلعت فيه الشمس يوم الجمعة : فيه خلق آدم ، وفيه أدخل الجنة ، وفيه أخرج منها " وفي الصحيح من وجه أخر : " وفيه تقوم الساعة " .

وقال أحمد : حدثنا محمد بن مصعب ، حدثنا الأوزاعي ، عن أبي عمار ، عن عبد الله بن فروخ ، عن أبي هريرة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " خير يوم طلعت فيه الشمس يوم الجمعة ، فيه خلق آدم ، وفيه أدخل الجنة ، وفيه أخرج منها ، وفيه تقوم الساعة " على شرط مسلم .

فأما الحديث الذي رواه ابن عساكر من طريق أبي القاسم البغوي : حدثنا محمد بن جعفر الوركاني ، حدثنا سعيد بن ميسرة ، عن أنس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " هبط آدم وحواء عريانين جميعاً ، عليهما ورق الجنة ، فأصابه الحر حتى قعد يبكي ويقول لها : يا حواء . . قد آذاني الحر ، قال : فجاء جبريل بقطن ، وأمرها أن تغزل وعلمها ، وأمر آدم بالحياكة وعلمه أن ينسج " وقال : " كان آدم لم يجامع امرأته في الجنة ، حتى هبط منها للخطيئة التي أصابتها بأكلها من الشجرة " ، قال : " وكان كل واحد منهما ينام على حدة ، وينام أحدهما في البطحاء والآخر من ناحية آخرى ، حتى أتاه جبريل فأمره أن يأتي أهله " ، قال : "وعلمه كيف يأتيها فلما أتاها جاءه جبريل فقال : كيف وجدت امرأتك ؟ قال : صالحة " .

فإنه حديث غريب ورفعه منكر جداً ، وقد يكون من كلام بعض السلف ، وسعيد بن ميسرة هذا هو : أبو عمران البكري البصري قال فيه البخاري : منكر الحديث ، وقال ابن حبان : يروي الموضوعات ، وقال ابن عدي : مظلم الأمر .

وقوله : " فتلقى آدم من ربه كلمات فتاب عليه إنه هو التواب الرحيم " قيل هي قوله : " ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين " روى هذا عن مجاهد ، وسعيد بن جبير ، وأبي العالية ، والربيع بن أنس ، والحسن ، وقتادة ، ومحمد بن كعب ، وخالد بن معدان ، وعطاء الخرساني وعبد الرحمن بن زيد بن أسلم

وقال ابن أبي حاتم : حدثنا علي بن الحسن بن أسكاب ، حدثنا علي بن عاصم ، عن سعيد ابن أبي عروبة ، عن قتادة ، عن الحسن ، عن أبي كعب قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " قال آدم عليه السلام : أرأيت يا رب إن تبت ورجعت أعائدي إلى الجنة ؟ قال : نعم " فذلك قوله : " فتلقى آدم من ربه كلمات فتاب عليه " .

وهذا غريب من هذا الوجه وفيه انقطاع .

وقال ابن أبي نجيح ، عن مجاهد قال : الكلمات : " اللهم لا إله إلا أنت سبحانك وبحمدك ، رب إني ظلمت نفسي فاغفر لي إنك خير الراحمين . اللهم لا إله إلا أنت سبحانك وبحمدك ، رب إني ظلمت نفسي فتب علي إنك أنت التواب الرحيم " .

وروى الحاكم في مستدركه من طريق سعيد بن جبير ، عن ابن عباس : " فتلقى آدم من ربه كلمات فتاب عليه " قال : قال آدم : يا رب . . أمل تخلقني بيدك ؟ قيل له : بلى ونفخت في من روحك ؟ قيل له : بلى . وعطست فقلت يرحمك الله ، وسبقت رحمتك غضبك ؟ قيل له : بلى . وكتبت علي أن أعمل هذا ؟ قيل له : بلى ، قال : أفرأيت إن تبت هل أنت راجعي إلى الجنة ؟ قال : نعم .

ثم قال الحاكم : صحيح الإسناد ولم يخرجاه .

وروى الحاكم أيضاً و البيهقي وابن عساكر من طريق عبد الرحمن بن زيد بن أسلم ، عن أبيه عن جده عن عمر بن الخطاب قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لما اقترف آدم الخطيئة قال : يا رب . . أسألك بحق محمد إلا غفرت لي " .

فقال الله : فكيف عرفت محمد ولم أخلقه بعد ؟

فقال : يا رب . . لأنك لما خلقتني بيدك ، ونفخت في من روحك ، رفعت رأسي ، فرأيت على قوائم العرش مكتوباً : لا إله إلا الله محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فعلمت أنك لم تضف إلى اسمك إلا أحب الخلق إليك .

فقال الله : صدقت يا آدم ، إنه لأحب الخلق إلي ، وإذا سألتني بحقه فقد غفرت لك ، ولولا محمد ما خلقتك .

قال البيهقي : تفرد به عبد الرحمن بن زيد بن أسلم من هذا الوجه وهو ضعيف . . والله أعلم .

وهذه الآية كقوله تعالى : " وعصى آدم ربه فغوى * ثم اجتباه ربه فتاب عليه وهدى



قصَصُ الأنبيَاء 500092465

قصَصُ الأنبيَاء 500092465

تحياتي لكم

قصَصُ الأنبيَاء 500092465

قصَصُ الأنبيَاء 500092465

قصَصُ الأنبيَاء 483098003
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
المدير
AMINE PàTCHIKà
AMINE PàTCHIKà
المدير


الجنس : ذكر
الابراج الدلو
تاريخ الميلاد تاريخ الميلاد : 25/01/1988
العمر : 36

المدير العام
منتديات أمين عبلة الحب :

قصَصُ الأنبيَاء Empty
مُساهمةموضوع: رد: قصَصُ الأنبيَاء   قصَصُ الأنبيَاء Emptyالخميس يناير 10, 2013 11:40 pm

قصَصُ الأنبيَاء 500092465

قصَصُ الأنبيَاء 500092465

ذكر احتجاج آدم وموسى عليهما السلام

قصَصُ الأنبيَاء 500092465

قصَصُ الأنبيَاء 500092465

قال البخاري : حدثنا قتيبة ، حدثنا أيوب بن النجار ، عن يحيى بن أبي كثير ، عن أبي سلمة عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " حاج موسى آدم عليهما السلام فقال له : أنت الذي أخرجت الناس بذنبك من الجنة وأشقيتهم .

قال آدم : يا موسى . . أنت الذي اصطفاك الله برسالاته وبكلامه ، أتلومني على أمر قد كتبه الله علي قبل أن يخلقني " .

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " فحج آدم موسى " .

وقد رواه مسلم بن عمرو الناقد ، و النسائي عن محمد بن عبد الله بن يزيد ، عن أيوب بن النجار به قال أبو مسعود الدمشقي : ولم يخرجا عنه في الصحيحين سواه وقد رواه أحمد ، عن عبد الرزاق عن معمر ، عن همام ، عن أبي هريرة ، ورواه مسلم عن محمد بن رافع ، عن عبد الرزاق به .

وقال الإمام أحمد : حدثنا أبو كامل ، حدثنا إبراهيم ، حدثنا أبو شهاب عن حميد بن عبد الرحمن ، عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " احتج آدم وموسى ، فقال له موسى : أنت آدم أخرجتك خطيئتك من الجنة ؟

فقال له آدم : وأنت موسى الذي اصطفاك الله برسالاته وبكلامه ، تلومني على أمر قدر علي قبل أن أخلق ؟ " .

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " فحج آدم موسى " مرتين .

قلت : وقد روى هذا الحديث البخاري و مسلم من حديث الزهري ، عن حميد بن عبد الرحمن ، عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم بنحوه .

وقال الإمام أحمد : حدثنا معاوية بن عمرو ، حدثنا زائدة ، عن الأعمش ، عن أبي صالح ، عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " احتج آدم وموسى ، فقال موسى : يا آدم . . أنت الذي خلقك الله بيده ، ونفخ فيك من روحه ، أغويت الناس وأخرجتهم من الجنة " .

قال : " فقال : آدم : وأنت موسى الذي اصطفاك الله بكلامه تلومني على عمل أعمله ، كتبه الله علي قبل أن يخلق السموات والأرض ؟ قال : فحج آدم موسى " .

وقد رواه الترمذي و النسائي جميعاً عن يحيى بن حبيب بن عدي ، عن معمر بن سليمان ، عن أبيه ، عن الأعمش به .

قال الترمذي : وهو غريب من حديث سليمان التيمي عن الأعمش .

قال : وقد رواه بعضهم عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي سعيد .

قلت : هكذا رواه الحافظ أبو بكر البزار في مسنده ، عن محمد بن مثنى ، عن معاذ بن أسد ، عن الفضل بن موسى ، عن الأعمش ، عن أبي صالح ، عن أبي سعيد .

ورواه البزار أيضاً : حدثنا عمرو بن علي الفلاس ، حدثنا أبو معاوية ، عن الأعمش ، عن أبي صالح ، عن أبي هريرة ، أو أبي سعيد عن النبي صلى الله عليه وسلم فذكر نحوه .

وقال أحمد : حدثنا سفيان ، عن عمرو سمع طاووساً ، سمع أبا هريرة يقول : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " احتج آدم وموسى ، فقال موسى : يا آدم أنت أبونا خيبتنا وأخرجتنا من الجنة .

قال له آدم : يا موسى . . أنت الذي اصطفاك الله بكلامه - وقال مرة : برسالته - وخط لك بيده ، أتلومني على أمره قدره الله علي قبل أن يخلقني بأربعين سنة ؟ " .

قال : " حج آدم موسى ، حج آدم موسى ، حج آدم موسى " .

وهكذا رواه البخاري عن علي بن المديني ، عن سفيان ، قال : حفظناه من عمرو عن طاووس ، قال : سمعت أبا هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " احتج آدم وموسى ، فقال موسى يا آدم . . أنت أبونا خيبتنا وأخرجتنا من الجنة .

فقال له آدم : يا موسى . . اصطفاك الله بكلامه وخط لك بيده ، أتلومني على أمر قدره الله علي قبل أن يخلقني بأربعين سنة ؟

فحج آدم موسى ، فحج آدم موسى ، فحج آدم موسى " هكذا ثلاثاً .

قال سفيان : حدثنا أبو الزناد ، عن الأعرج ، عن أبي هريرة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله .

وقد رواه الجماعة إلا ابن ماجه عن عشر طرق ، عن سفيان بن عيينة ، عن عمرو بن دينار ، عن عبد الله بن طاووس . عن أبيه عن أبي هريرة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم بنحوه .

وقال أحمد : حدثنا عبد الرحمن ، حدثنا حماد ، عن عمار ، عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " لقي آدم موسى ، فقال : أنت آدم الذي خلقك الله بيده ، وأسجد لك ملائكته ، وأسكنك الجنة ، ثم فعلت ما فعلت ؟

فقال : أنت موسى الذي كلمك الله واصطفاك برسالته ، وأنزل عليك التوراة ، أنا أقدم أم الذكر ؟ قال : لا ، بل الذكر . فحج آدم موسى " .

قال أحمد : حدثنا عفان ، حدثنا حماد ، عن عمار بن أبي عمار ، عن أبي هريرة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم ، وحميد عن الحسن عن رجل - قال حماد : أظنه جندب بن عبد الله البجلي - عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " لقي آدم موسى " فذكر معناه ، وتفرد به أحمد من هذا الوجه .

وقال أحمد : حدثنا حسين ، حدثنا جرير - هو ابن حازم - عن محمد - هو ابن سيرين - عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لقي آدم موسى فقال : أنت آدم الذي خلقك الله بيده وأسكنك جنته ، وأسجد لك ملائكته ، ثم صنعت ما صنعت ؟

قال آدم لموسى : أنت الذي كلمه الله ، وأنزل عليه التوراة ؟ قال : نعم ، قال : فهل تجده مكتوباً علي قبل أن أخلق ؟ قال : نعم .

قال : فحج آدم موسى ، فحج آدم موسى " .

وكذا رواه حماد بن زيد ، عن أيوب ، وهشام عن محمد بن سيرين ، عن أبي هريرة رفعه . وكذا رواه علي بن عاصم ، عن خالد ، وهشام ، عن محمد بن سيرين ، وهذا علي شرطهما من هذه الوجوه .

وقال ابن أبي حاتم : حدثنا يونس بن عبد الأعلي ، أنبأنا ابن وهب ، أخبرني أنس بن عياض ، عن الحارث بن أبي دياب ، عن يزيد بن هرمز ، سمعت أبا هريرة يقول : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " احتج آدم وموسى عند ربهما فحج آدم موسى ، قال موسى : أنت الذي خلقك الله بيده ، ونفخ فيك من روحه وأسجد لك ملائكته ، وأسكنك جنته ، ثم أهبطت الناس إلى الأرض بخطيئتك ؟

قال آدم : أنت موسى الذي اصطفاك الله برسالته وكلامه ، وأعطاك الألواح فيها تبيان كل شيء ، وقربك نجياً ؟ فبكم وجدت الله كتب التوراة ؟ قال موسى : بأربعين عاماً ، قال آدم : فهل وجدت فيها " وعصى آدم ربه فغوى " ؟ قال : نعم قال : أفتلومني على أن عملت عملاً كتب الله علي أن أعمله قبل أن يخلقني بأربعين سنة ؟

قال : قال رسول لله صلى الله عليه وسلم : فحج آدم موسى " .

قال الحارث : وحدثني عبد الرحمن بن هرمز بذلك ، عن أبي هريرة ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم .

وقد رواه مسلم ، عن إسحاق بن موسى الأنصاري ، عن أنس بن عياض ، عن الحارث بن عبد الرحمن بن أبي رباب ، عن يزيد بن هرمز والأعرج ، عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم بنحوه .

وقال أحمد : حدثنا عبد الرزاق ، أنبأنا معمر ، عن الزهري ، عن أبي سلمة ، عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "احتج آدم وموسى ، فقال موسى لآدم : يا آدم . . أنت الذي أدخلت ذريتك النار .

فقال آدم : يا موسى . . اصطفاك الله برسالته وبكلامه ، وأنزل عليك التوراة فهل وجدت أن أهبط ؟ قال : نعم ، قال : فحجه آدم " .

وهذا على شرطهما ولم يخرجاه من هذا الوجه ، وفي قوله : ( أدخلت ذريتك النار ) نكارة .

فهذه طرق الحديث عن أبي هريرة ، رواه عنه حميد وعبد الرحمن ، وذكوان أبو صالح السمان ، وطاووس بن كيسان ، وعبد الرحمن بن هرمز الأعرج ، وعمار بن أبي عمار ، ومحمد بن سيرين ، وهمام بن منبه ، ويزيد بن هرمز ، وأبو سلمة بن عبد الرحمن .

وقد رواه الحافظ أبو يعى الموصلي في مسنده من حديث أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه فقال : حدثنا الحارث بن مسكين المصري ، حدثنا عبد الله بن وهب ، أخبرني هشام بن سعد ، عن زيد بن أسلم ، عن أبيه عن عمر بن الخطاب ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : "قال موسى عليه السلام : يارب : . . أرنا آدم الذي أخرجنا ونفسه من الجنة . فأراه آدم عليه السلام ، فقال : أنت آدم ؟ فقال له آدم : نعم . فقال : أنت الذي نفخ الله فيك من روحه ، وأسجد لك ملائكته ، وعلمك الأسماء كلها ؟ قال : نعم . قال : فما حملك على أن أخرجتنا ونفسك من الجنة ؟

فقال له آدم : من أنت ؟ قال : أنا موسى . قال : أنت موسى نبي بني إسرائيل ؟ أنت الذي كلمك الله من وراء الحجاب ، فلم يجعل بينك وبينه رسولاً من خلقه ؟ قال : نعم . قال : تلومني على أمر قد سبق من الله عز وجل القضاء به قبل ؟ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : فحج آدم موسى " .

ورواه أبو داود عن أحمد بن صالح المصري ، عن ابن وهب به .

قال أبو يعلي : حدثنا محمد بن المثنى ، حدثنا عبد الملك بن الصباح المسمعي ، حدثنا عمران ، عن الرديني ، عن أبي مجلز عن يحيى بن يعمر ، عن ابن عمر عن عمر - قال أبو محمد أكبر ظني أنه رفعه - قال : " لقي آدم موسى فقال موسى لآدم : أنت أبو البشر ، أسكنك الله جنته ، وأسجد لك ملائكته . قال آدم : يا موسى : أما تجده علي مكتوباً ؟ قال : فحج آدم موسى ، فحج آدم موسى " .

وهذا الإسناد أيضاً لا بأس به . . والله أعلم .

وقد تقدم رواية الفضل بن موسى لهذا الحديث عن الأعمش ، عن أبي صالح عن أبي سعيد ، ورواية الإمام أحمد له عن عفان ، عن حماد بن سلمة عن حميد ، عن الحسن عن رجل . قال حماد . أظنه جندب بن عبد الله البجلي ، عن النبي صلى الله عليه وسلم : " لقي آدم موسى " فذكر معناه .

وقد اختلفت مسالك الناس في هذا الحديث :

فرده قوم من القدرية لما تضمن من إثبات القدر السابق .

واحتج به قوم من الجبرية ، وهو ظاهر لهم بادي الرأي حيث قال : " فحج آدم موسى " لما احتج عليه بتقديم كتابه ، وسيأتي الجواب عن هذا .

قال آخرون : إنما حجه لأنه لامه على ذنب قد تاب منه ، والتائب من الذنب كمن لا ذنب له .

وقيل : إنما حجه لأنه أكبر منه وأقدم . وقيل : لأنه أبوه . وقيل : لأنهما في شريعتين متغايرتين . وقيل : لأنهما في دار البرزخ وقد انقطع التكليف فيما يزعمون .

والتحقيق : أن هذا الحديث روى بألفاظ كثيرة بعضها مروى بالمعنى وفيه نظر .

ومدار معظمها في الصحيحين وغيرهما على أنه لامه على إخراجه نفسه وذريته من الجنة ، فقال له آدم : أنا لم أخرجكم ، وإنما أخرجكم الذي رتب الإخراج علي أكلي من الشجرة ، والذي رتب ذلك وقدره وكتبه قبل أن أخلق ، هو الله عز وجل ، فأنت تلومني على أمر ليس له نسبة إلى أكثر من أني نهيت عن الأكل من الشجرة فأكلت منها ، وكون الإخراج مترتباً على ذلك ليس من فعلي ، فأنا لم أخرجكم ولا نفسي من الجنة ، وإنما كان هذا من قدر الله وصنعه ، وله الحكمة في ذلك . فلهذا حج آدم موسى .

ومن كذب بهذا الحديث فمعاند ، لأنه متواتر عن أبي هريرة رضي الله عنه ، وناهيك به عدالة وحفظاً وإتقاناً .

ثم هو مروى عن غيره من الصحابة كما ذكرنا .

ومن تأويله بتلك التأويلات المذكورة آنفاً ، هو بعيد من اللفظ والمعنى ، وما فيها من هو أقوى مسلكاً من الجبرية .

وفيما قالوه نظر من وجوه :

أحدها : أن موسى عليه السلام لا يلوم على أمر قد تاب عنه فاعله .

الثاني : أنه قد قتل نفساً لم يؤمر بقتلها ، وقد سأل الله في ذلك بقوله : " رب إني ظلمت نفسي فاغفر لي فغفر له " .

الثالث : أنه لو كان الجواب عن اللوم على الذنب بالقدر المتقدم كتابته على العبد ، لا نفتح هذا لكل من ليم على أمر قد فعله ، فيحتج بالقدر السابق فينسد باب القصاص والحدود . ولو كان القدر حجة لاحتج به كل أحد على الأمر الذي ارتكبه في الأمور الكبار والصغار ، وهذا يفضي إلى لوزام فظيعة . فلهذا قال من قال من العلماء : بأن جواب آدم إنما كان إحتجاجاً بالقدر على المصيبة لا المعصية .

والله تعالى أعلم .

ذكر الأحاديث الواردة في خلق آدم عليه السلام

قال الإمام أحمد : حدثنا يحيى ومحمد بن جعفر ، حدثنا عوف ، حدثني قسامة بن زهير ، عن أبي موسى ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " إن الله خلق آدم من قبضة قبضها من جميع الأرض ، فجاء بنو آدم على قدر الأرض ، فجاء منهم الأبيض والأحمر والأسود وبين ذلك ، والخبيث والطيب ، والسهل والحزن وبين ذلك " .

ورواه أيضاً عن هوذة ، عن عوف ، عن قسامة بن زهير ، سمعت الأشعري قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن الله خلق آدم من قبضة قبضها من جميع الأرض ، فجاء بنو آدم على قدر الأرض ، فجاء منهم الأبيض والأحمر والأسود وبين ذلك ، والسهل والحزن وبين ذلك ، والخبيث والطيب وبين ذلك " .

وكذا وراه أبو داود و الترمذي و ابن حبان في صحيحه ، من حديث عوف بن أبي جميلة الأعرابي ، عن قسامة بن زهير المازني البصري ، عن أبي موسى عبد الله بن قيس الأشعري ، عن النبي صلى الله عليه وسلم بنحوه . قال الترمذي : حسن صحيح .

وقد ذكر السدي ، عن أبي مالك وأبي صالح ، عن ابن عباس ، وعن مرة ، عن ابن مسعود ، وعن ناس من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قالوا : فبعث الله عز وجل جبريل في الأرض ليأتيه بطين منها ، فقالت الأرض : أعوذ بالله منك أن تنقص مني أو تشينني ، فرجع ولم يأخذ ، وقال : رب . . إنها عاذت بك فأعذتها .

فبعث ميكائيل فعاذت منه فأعاذها ، فرجع فقال كما قال جبريل . فبعث ملك الموت فعاذت منه ، فقال : وأنا أعوذ بالله أن أرجع ولم أنفذ أمره ، فأخذ من وجه الأرض وخلط ، ولم يأخذ من مكان واحد ، وأخذ من تربة بيضاء وحمراء ، فلذلك خرج بنو آدم مختلفين .

فصعد به فبل التراب حتى عاد طيناً لازباً . واللازب : هو الذي يلزق بعضه ببعض ، ثم قال للملائكة : " إني خالق بشرا من طين * فإذا سويته ونفخت فيه من روحي فقعوا له ساجدين " .

فخلقه الله بيده لئلا يتكبر إبليس عنه ، فخلقه بشراً ، فكان جسداً من طين أربعين سنة من مقدار يوم الجمعة ، فمرت الملائكة ففزعوا منه لما روأه ، وكان أشدهم فزعاً إبليس ، فكان يرم به فيضربه فيصوت الجسد كما يصوت الفخار يكون له صلصة ، فلذلك حين يقول : " من صلصال كالفخار " ويقول : لأمر ما خلقت ، ودخل من فيه وخرج من دبره وقال للملائكة : لا ترهبوا من هذا فإن ربكم صمد وهذا أجوب ، لئن سلطت عليه لأهلكنه .

فلما بلغ الحين الذين يريد الله عز وجل أن ينفخ فيه الروح ، قال للملائكة : إذا نفخت فيه من روحي فاسجدوا له ، فلما نفخ فيه الروح فدخل الروح من رأس عطس ، فقالت الملائكة : قل الحمد لله ، فقال : الحمد لله ، فقال له الله : رحمك ربك ، فلما دخلت الروح في عينه نظر إلى ثمار الجنة ، فلما دخلت الروح في جوفه اشتهى الطعام ، فوثب قبل أن تبلغ الروح إلى رجليه عجلان إلى ثمار الجنة . وذلك حين يقول الله تعالى : " خلق الإنسان من عجل " " فسجد الملائكة كلهم أجمعون * إلا إبليس أبى أن يكون مع الساجدين " وذكر تمام القصة .

ولبعض هذا السباق شاهد من الأحاديث ، وإن كان كثير منه متلقى من الإسرائيليات .

فقال الإمام أحمد : حدثنا عبد الصمد ، حدثنا حماد ، عن ثابت ، عن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " لما خلق الله آدم تركه ما شاء أن يدعه ، فجعل إبليس يطيف به ، فلما رآه أجوف عرف أنه خلق لا يتمالك " .

وقال ابن حبان في صحيحه : حدثنا الحسن بن سفيان ، حدثنا هدبة بن خالد ، حدثنا حماد بن سلمة ، عن ثابت ، عن أنس بن مالك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " لما نفخ في آدم فبلغ الروح رأسه عطس ، فقال : الحمد لله رب العالمين ، فقال له تبارك وتعالى : يرحمك الله" .

وقال الحافظ أبو بكر البزار : حدثنا يحيى بن محمد بن السكن ، حدثنا حبان بن هلال ، حدثنا مبارك بن فضالة ، عن عبيد الله ، عن حبيب ، عن حفص - وهو ابن عاصم بن عبيد الله بن عمر بن الخطاب - عن أبي هريرة رفعه قال : " لما خلق الله آدم عطس ، فقال : الحمد لله ، فقال له ربه : رحمك بك يا آدم " .

وهذا الإسناد لا بأس به ولم يخرجوه .

وقال عمر بن عبد العزيز : لما أمرت الملائكة بالسجود كان أول من سجد منهم إسرافيل ، فآتاه الله أن كتب القرآن في جبهته . رواه ابن عساكر .

وقال الحافظ أبو يعلي : حدثنا عقبة بن مكرم ، حدثنا عمرو بن محمد ، عن إسماعيل بن رافع المقبري ، عن أبي هريرة ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " إن الله خلق آدم من تراب ، ثم جعله طيناً ثم تركه ، حتى إذا كان حمأً مسنوناً خلقه الله وصوره ، ثم تركه حتى إذا كان صلصالاً كالفخار قال : فكان إبليس يمر به فيقول : لقد خلقت لأمر عظيم .

ثم نفخ الله فيه من روحه فكان أول ما جرى فيه الروح بصره وخياشيمه ، فعطس فلقاه الله رحمة به ، فقال الله : يرحمك ربك ، ثم قال الله : يا آدم . . اذهب إلى هؤلاء النفر فقل لهم ، فانظر ماذا يقولون ؟ فجاء فسلم عليهم فقالوا : وعليك السلام ورحمة الله وبركاته . فقال : يا آدم . . هذه تحيتك وتحية ذريتك . قال : يا رب . . وما ذريتي ؟ قال : اختر يدي يا آدم ، قال : أختار يمين ربي وكلتا يدي ربي يمين ، فبسط كفه فإذا من هو كائن من ذريته في كف الرحمن ، فإذا رجال منهم أفواهم النور ، وإذا رجل يعجب آدم نوره ، قال : يا رب . . من هذا ؟ قال : ابنك داود ، قال : يا رب . . فكم جعلت له من العمر ؟ قال : جعلت له ستين ، قال : يا رب . . فأتم له من عمري حتى يكون عمره مائة سنة ، ففعل الله ذلك . وأشهد على ذلك .

فلما تقدم عمر آدم بعث الله ملك الموت ، فقال آدم : أولم يبق من عمري أربعون سنة ؟ قال له الملك : أو لم تعطها ابنك داود ؟ فجحد ذلك ، فجحدت ذريته ، ونسى فنسيت ذريته " .

وقد رواه الحافظ أبو بكر البزار و الترمذي و النسائي في ( اليوم والليلة ) من حديث صفوان ابن عيسى ، عن الحارث بن عبد الرحمن بن أبي ذياب ، عن سعيد المقبري ، عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم . قال الترمذي : حديث حسن غريب من هذا الوجه وقال النسائي : هذا حديث منكر . وقد رواه محمد بن عجلان ، عن أبيه عن أبي سعيد المقبري ، عن عبد الله بن سلام قوله .

وقوله الترمذي : حدثنا عبد بن حميد ، حدثنا أبو نعيم ، حدثنا هشام بن سعد ، عن زيد ابن أسلم ، عن أبي صالح عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لما خلق الله آدم مسح ظهره ، فسقط من ظهره كل نسمة هو خالقها من ذريته إلى يوم القيامة ، وجعل بين عيني كل إنسان منهم وبيصاً من نور ، ثم عرضهم على آدم فقال : أي رب . . من هؤلاء ؟ قال : هؤلاء ذريتك ، فرأى رجلاً فأعجبه وبيص ما بين عينيه ، فقال : أي رب . . من هذا : قال : هذا رجل من آخر الأمم من ذريتك يقال له داود ، قال : رب . . وكم جعلت عمره ؟ قال : ستين سنة ، قال : أي رب . . زده من عمري أربعين سنة .

فلا انقضى عمر آدم جاء ملك الموت ، قال : أو لم يبق من عمري أربعون سنة ؟ قال : أو لم تعطها ابنك داود ؟ قال : فجحد فجحدت ذريته ، ونسى آدم فنسيت ذريته ، وخطىء آدم فخطئت ذريته " .

ثم قال الترمذي : ححسن صحيح ، وقد روي من غير وجه عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم ورواه الحاكم في مستدركه من حديث أبي نعيم الفضل بن دكين ، وقال : صحيح على شرط مسلم . ولم يخرجاه .

وروي عن أبي حاتم من حديث عبد الرحمن بن زيد بن أسلم عن أبيه ، عن عطاء بن يسار ، عن أبي هريرة مرفوعاً فذكره وفيه : " ثم عرضهم على آدم فقال : يا آدم . . هؤلاء ذريتك ، وإذا فيهم الأجذم والأبرص والأعمى وأنواع الأسقام ، فقال آدم : يا رب . . لم فعلت هذا بذريتي ؟ قال : كي تشكر نعمتي " .

ثم ذكر قصة داود . وستأتي من رواية ابن عباس أيضاً .

وقال الإمام أحمد في مسنده : حدثنا الهيثم بن خارجه ، حدثنا أبو الربيع ، عن يونس بن ميسرة ، عن أبي إدريس ، عن أبي الدرداء ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " خلق الله آدم حين خلقه فضرب كتفه اليمنى ، فأخرج ذريته بيضاء كأنهم الدر ، وضرب كتفه اليسرى فأخرج ذريته سوداء كأنهم الحمم فقال للذي في يمينه : إلى الجنة ولا أبالي ، وقال للذي في كتفه اليسرى إلى النار ولا أبالي " .

وقال ابن أبي الدنيا : حدثنا خلف بن هشام : حدثنا الحكم بن سنان ، عن حوشب ، عن الحسن قال : خلق الله آدم حين خلقه فأخرج أهل الجنة من صحفته اليمني ، وأخرج أهل النار من صفحته اليسرى ، فألقوا على وجه الأرض ، منهم الأعمى والأصم والمبتلى . فقال آدم : يا رب .. ألا سويت بين ولدي ؟ قال : يا آدم . . إني أردت أن أشكر .

وهكذا روي عبدالرزاق عن معمر ، عن قتادة عن الحسن بنحوه .

وقد رواه أبو حاتم وابن حبان في صحيحه فقال : حدثنا محمد بن إسحاق بن خزيمة ، حدثنا محمد بن بشار ، حدثنا صفوان بن عيسى ، حدثنا الحارث بن عبدالرحمن بن أبي ذباب . عن سعبد المقبري ، عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لما خلق الله آدم ونفخ فيه الروح عطس ، فقال : الحمد لله ، فحمد الله بإذن الله ، فقال له ربه : يرحمك ربك يا آدم ، اذهب إلى أولئك الملائكة - إلى ملأ منهم جلوس - فسلم عليهم ، فقال : السلام عليكم ، فقالوا : وعليكم السلام ورحمة الله . ثم رجع إلى ربه فقال : هذه تحيتك وتحية بنيك بينهم .

وقال الله ويداه مقبوضتان : اختر أيهما شئت ، فقال : اخترت يمين ربي ، وكلتا يدي ربي يمين مباركة . ثم بسطهما فإذا فيهما آدم وذريته ، فقال : أي رب . . ما هؤلاء ؟ قال : هؤلاء ذريتك ، وإذا كل إنسان منهم مكتوب عمره بين عينيه ، وإذا فيهم رجل أضوؤهم - أو من أضوئهم - لم يكتب له إلا أربعون سنة ، قال : يا رب . . من هذا ؟ قال : هذا ابنك داود . وقد كتب الله عمره أربعين سنة . قال : أي رب . . زد في عمره ، فقال : ذاك الذي كتب له ، قال : فإني قد جعلت له من عمري ستين سنة ، قال : أنت وذاك . اسكن الجنة .

فسكن الجنة ما شاء الله ثم هبط منها ، وكان آدم يعد لنفسه ، فأتاه ملك الموت فقال له آدم : قد عجلت ، وقد كتب لي ألف سنة . قال : بلى ، ولكنك جعلت لابنك داود منها ستين سنة ، فجحد آدم فجحدت ذريته ، ونسى فنسيت ذريته ، فيومئذ أمر بالكتاب والشهود " هذا لفظه .

وقد قال البخاري : حدثنا عبدالله بن محمد ، حدثنا عبدالرزاق ، عن معمر ، عن همام بن منبه ، عن أبي هريرة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " خلق الله آدم وطوله ستون ذراعاً ، ثم قال : اذهب فسلم على أولئك النفر من الملائكة فاستمع ما يجيبونك ، فإنها تحيتك وتحية ذريتك ، فقال : السلام عليكم ، فقالوا : السلام عليك ورحمة الله فزاده ورحمة الله . فكل من يدخل الجنة على صورة آدم ، فلم يزل الخلق ينقص حتى الآن " .

وهكذا رواه البخاري في كتاب الاستئذان ، عن يحيى بن جعفر ، ومسلم ، عن محمد بن رافع ، كلاهما عن عبدالرزاق به .

وقال الإمام أحمد : حدثنا روح ، حدثنا حماد بن سلمة ، عن علي بن زيد ، عن سعيد بن المسيب ، عن أبي هريرة ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " كان طول آدم ستين ذراعاً في سبع أذرع عرضاً " انفرد به أحمد .

وقال الإمام أحمد ، حدثنا عفان ، حدثنا حماد بن سلمة ، عن علي بن زيد ، عن يوسف بن مهران ، عن ابن عباس قال : لما نزلت آية الدين قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن أول من جحد آدم ، إن أول من جحد آدم ، إن أول من جحد آدم . إن الله لما خلق آدم مسح ظهره ، فأخرج منه ما هو ذارىء إلى يوم القيامة ، فجعل يعرض ذريته عليه ، فرآى فيهم رجلاً يزهر ، قال : أي رب . . من هذا ؟ قال : هذا ابنك داود ، قال : أي رب . . كم عمره . قال ستون عاماً ، قال : أي رب . . زد في عمره . قال : لا ، إلا أن أزيده من عمرك ، وكان عمر آدم ألف عام فزاده أربعين عاماً . فكتب الله عليه بذلك كتاباً وأشهد عليه الملائكة .

فلما احتضر آدم أتته الملائكة لقبضه ، قال : إنه قد بقي من عمري أربعون عاماً ، فقيل له : إنه قد وهبتها لابنك داود ، قال : ما فعلت ، وأبرز الله عليه الكتاب وشهدت عليه الملائكة" .

وقال أحمد : حدثنا أسود بن عامر ، حدثنا حماد بن سلمة ، عن علي بن زيد ، عن يوسف ابن مهران ، عن ابن عباس ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن من جحد آدم - قالها ثلاث مرات - كإن الله عز وجل لما خلقه مسح ظهره فأخرج ذريته فعرضهم عليه ، فرأى فيهم رجلاً يزهر ، فقال : أي رب . . زد في عمره . قال : لا ، إلا أن تزيده أنت من عمرك ، فزاده أربعين سنة من عمره . فكتب الله عليه كتاباً وأشهد عليه الملائكة .

فلما أراد أن يقبض روحه قال : إنه بقي من أجلي أربعون سنة ، فقيل له : إنك قد جعلتها لابنك داود . قال : فجحد ، قال : فأخرج الله الكتاب ، وأقام عليه البينة ، فأتمها لداود مائة سنة ، وأتم لآدم عمره ألف سنة ". تفرد به أحمد وعلي بن زيد في حديثه نكارة .

وروى الطبراني عن علي بن عبد العزيز ، عن حجاج بن منهال ، عن حماد بن سلمة ، عن علي بن زيد ، عن يوسف بن مهران ، عن ابن عباس وغير واحد . عن الحسن قال : لما نزلت آية الدين قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن أول من جحد آدم - ثلاثاً - " وذكره .

وقال الإمام مالك بن أنس في موطئه عن زيد أبي أنيسة ، أن عبد الحميد بن عبد الرحمن بن زيد بن الخطاب ، أخبره عن مسلم بن يسار الجهني أن عمر بن الخطاب سئل عن هذه الآية : " وإذ أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذريتهم وأشهدهم على أنفسهم ألست بربكم قالوا بلى " الآية ، فقال ابن الخطاب : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يسأل عنها فقال : " إن الله خلق آدم عليه السلام ، ثم مسح ظهره بيمينه فاسخرج منه ذرتيه . قال : خلقت هؤلاء للجنة وبعمل أهل الجنة يعملون . ثم مسح ظهره فاستخرج منه ذرية قال : خلقت هؤلاء للنار ، وبعمل أهل النار يعملون " فقال رجل : يا رسول الله . . ففيم العمل ؟ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إذا خلق الله العبد للجنة استعمله بعمل أهل الجنة ، حتى يموت على عمل من أعمال أهل الجنة فيدخل به الجنة . وإذا خلق الله العبد للنار ، استعمله بعمل أهل النار حتى يموت على عمل أهل النار فيدخل به النار " .

وهكذا رواه الإمام أحمد ، و أبو داود ، و الترمذي ، و النسائي ، وابن جرير ، وابن أبي حاتم ، وأبو حاتم و ابن حبان في صحيحه من طرق ، عن الإمام مالك به .

وقال الترمذي : هذا حديث حسن ، ومسلم بن يسار لم يسمع عمر ، وكذا قال أبو حاتم وأبو زرعة ، زاد أبو حاتم : وبينهما نعيم بن ربيعة .

وقدر رواه أبو داود عن محمد بن مصفى ، عن بقية ، عن عمر بن جثعم ، عن زيد بن أبي أنيسة ، عن عبد الحميد بن عبد الرحمن بن زيد بن الخطاب ، عن مسلم بن يسار ، عن نعيم بن ربيعة ، قال : كنت عند عمر بن الخطاب وقد سئل عن هذه الآية فذكر الحديث .

قال الحافظ الدارقطني : وقد تابع عمر بن جعثم أبو فروة بن يزيد بن سنان الرهاوي ، عن زيد بن أبي أنيسة قال : وقولهما أولي بالصواب من قول مالك رحمه الله .

وهذه الأحاديث كلها دالة على استخراجه تعالى ذرية آدم من ظهره كالذر وقسمتهم قسمين : أهل اليمين وأهل الشمال ، وقال : " هؤلاء للجنة ولا أبالي ، وهؤلاء للنار ولا أبالي " .

فأما الإشهاد عليهم واستنطاقهم بالإقرار بالواحدانية ، فلم يجيء في الأحاديث الثابتة ، وتفسير الآية التي في سورة الأعراف وحملها على هذا فيه نظر كما بيناه هناك وذكرنا الأحاديث والآثار مستقصاة بأسانيدها وألفاظ متونها ، فمن أراد تحريره فليراجعه ثم . . والله أعلم .

فأما الحديث الذي رواه أحمد : حدثنا حسين بن محمد ، وحدثنا جرير - يعني ابن حازم - عن كلثوم بن جبر ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " إن الله أخذ الميثاق من ظهر آدم عليه السلام بنعمان يوم عرفة ، فأخرج من صلبه كل ذريته ذرأها فنثرها بين يديه ثم كلمهم قبلاً قال : " ألست بربكم قالوا بلى شهدنا أن تقولوا يوم القيامة إنا كنا عن هذا غافلين * أو تقولوا إنما أشرك آباؤنا من قبل وكنا ذرية من بعدهم أفتهلكنا بما فعل المبطلون " ".

فهو بإسناد جيد قوي على شرط مسلم ، رواه النسائي وابن جرير و الحاكم في مستدركه من حديث حسين بن محمد المروزي به . وقال الحاكم : صحيح الإسناد ولم يخرجاه ، إلا أنه اختلف فيه على كلثوم بن جبر ، فروي عنه مرفوعاً وموقوفاً ، وكذا روي عن سعيد بن جبير عن ابن عباس موقوفاً ، وهكذا رواه العوفي والوالبي والضحاك وأبو حمزة . عن ابن عباس قوله ، وهذا أكثر وأثبت . . والله أعلم .

وهكذا روي عن عبد الله بن عمر موقوفاً ومرفوعاً والموقوف أصح .

واستأنس القائلون بهذا القول - وهو أخذ الميثاق على الذرية وهم الجمهور - بما قال الإمام أحمد : حدثنا حجاج ، حدثني شعبة ، عن أبي عمران الجوني ، عن أنس بن مالك ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " يقال للرجل من أهل النار يوم القيامة : لو كان لك ما على الأرض من شيء أكنت مقتدياً به ؟ قال : فيقول : نعم . فيقول : قد أردت منك ما هو أهو من ذلك ، قد أخذت عليك في ظهر آدم ألا تشرك بي شيئاً ، فأبيت إلا أن تشرك بي " . أخرجاه من حديث شعبة به .

وقال أبو جعفر الرازي : عن الربيع بن أنس ، عن أبي العالية ، عن أبي بن كعب ، في قوله تعالى : " وإذ أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذريتهم " الآية والتي بعدها قال : فجمعهم له يؤمئذ جميعاً ما هو كائن منه إلى يوم القيامة ، فخلقهم ثم صورهم ثم استنطقهم فتكلموا وأخذ عليهم العهد والميثاق وأشهد عليهم أنفسهم : " ألست بربكم قالوا بلى " الآية .

قال : فإني أشهد عليكم السموات السبع والأرضين السبع ، وأشهد عليكم أباكم آدم ، ألا تقولوا يوم القيامة : لم نعلم بهذا ، اسمعوا أنه لا إله غيري ولا رب غيري ، ولا تشركوا بي شيئاً ، وإني سأرسل إليكم رسلاً ينذرونكم عهدي وميثاقي ، وأنزل عليكم كتابي .

قالوا : نشهد أنك ربنا وإلهنا ، لا رب لنا غيرك ، ولا إله لنا غيرك . فأقروا يومئذ بالطاعة .

ورفع أباهم آدم فنظر إليهم ، فرأى فيهم الغني والفقير ، وحسن الصورة ودون ذلك ، فقال : يا رب . . لو سويت بين عبادك ؟ فقال : إني أحببت أن أشكر .

ورأى فيهم الأنبياء مثل السرج عليهم النور ، وخصوا بميثاق آخر من الرسالة والنبوة ، فهو الذي يقول الله تعالى : " وإذ أخذنا من النبيين ميثاقهم ومنك ومن نوح وإبراهيم وموسى وعيسى ابن مريم وأخذنا منهم ميثاقا غليظا " وهو الذي يقول : " فأقم وجهك للدين حنيفا فطرة الله التي فطر الناس عليها لا تبديل لخلق الله " وفي ذلك قال : " هذا نذير من النذر الأولى " وفي ذلك قال : " وما وجدنا لأكثرهم من عهد وإن وجدنا أكثرهم لفاسقين " .

رواه الأئمة : عبد الله بن أحمد وابن أبي حاتم وابن جرير و ابن مردويه ، في تفاسيرهم من طريق أبي جعفر ، وروى عن مجاهد وعكرمة وسعيد بن جبير والحسن البصري وقتادة والسدي ، وغير واحد من علماء السلف بسياقات توافق هذه الأحاديث .

وتقدم أنه تعالى لما أمر الملائكة بالسجود لآدم ، امتثلوا كلهم الأمر الإلهي ، وامتنع إبليس من السجود له حسداً وعداوة له ، فطرده الله وأبعده وأخرجه من الحضرة الإلهية ونفاه عنها ، وأهبطه إلى الأرض طريداً ملعوناً شيطاناً رجيماً .

وقد قال الإمام أحمد : حدثنا وكيع ، ويعلي ومحمد ابنا عبيد ، قالوا : حدثنا الأعمش ، عن أبي صالح ، عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إذا قرأ ابن آدم السجدة فسجد ، اعتزل الشيطان يبكي يقول : يا ويله . . أمر ابن آدم بالسجود فسجد فله الجنة ، وأمرت بالسجود فعصيت فلي النار " . ورواه مسلم من حديث وكيع وأبي معاوية عن الأعمش به .

ثم لما أسكن آدم الجنة التي أسكنها - سواء أكانت في السماء أم في الأرض على ما تقدم من الخلاف فيه - أقام بها هو وزوجته حواء عليهما السلام ، يأكلان منها رغداً حيث شاءا ، فلما أكلا من الشجرة التي نهيا عنها سلبا ما كانا فهي من اللباس وأهبطا إلى الأرض . وقد ذكرنا الإختلاف في مواضع هبوطه منها .

واختلفوا في مقدار مقامه في الجنة : فقيل بعض يوم من أيام الدنيا ، وقد قدمنا ما رواه مسلم عن أبي هريرة مرفوعاً : " وخلق آدم في آخر ساعة من ساعات يوم الجمعة " وتقدم أيضاً حديثه عنه . وفيه - يعني يوم الجمعة - " خلق آدم ، وفيه أخرج منها " .

فإن كان اليوم الذي خلق فيه أخرج فيه - وقلنا إن الأيام الستة كهذه الأيام - فقد لبث بعض يوم من هذه ، وفي هذا نظر وإن كان إخراجه في غير اليوم الذي خلق فيه ، أو قلنا بأن تلك الأيام مقدارها ستة آلاف سنة كما تقدم عن ابن عباس ومجاهد والضحاك ، واختاره ابن جرير ، فقد لبث هناك مدة طويلة .

قال ابن جرير : ومعلوم أنه خلق في آخر ساعة من يوم الجمعة ، والساعة منه ثلاثة وثمانون سنة وأربعة أشهر ، فمكث مصوراً طيناً قبل أن ينفخ فيه الروح أربعين سنة ، وأقام في الجنة قبل أن يهبط ثلاثاً وأربعين سنة وأربعة أشهر . . والله تعالى أعلم .

وقد روي عبد الرزاق ، عن هشام بن حسان ، عن سوار خبر عطاء بن أبي رباح : أنه كان لما أهبط رجلاه في الأرض ورأسه في السماء ، فحطه الله إلى ستين ذراعاً . وقد روى عن ابن عباس نحوه .

وفي هذا نظر ، لما تقدم من الحديث المتفق على صحته عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال : " إن الله خلق آدم وطوله ستون ذراعاً ، فلم يزل الخلق ينقص حتى الآن " ، وهذا يقتضي أنه خلق كذلك لا أطول من ستين ذراعاً ، وأن ذريته لم يزالوا يتناقص خلقهم حتى الآن .

وذكر ابن جرير عن ابن عباس : أن الله قال : يا آدم . . إن لي حرماً بحيال عرشي . فانطلق فابن لي فيه بيتاً ، فطف به كما تطوف ملائكتي بعرشي ، وأرسل الله له ملكاً فعرفه مكانه وعلمه المناسك ، وذكر أن موضع كل خطوة خطاها آدم صارت قربة بعد ذلك .

وعنه : أن أول طعام أكله آدم في الأرض ، أن جاءه جبريل بسبع حبات من حنطة ، فقال : ما هذا ؟ قال : هذا من الشجرة التي نهيت عنها فأكلت منهاه . فقال : وما أصنع بهذا ؟ قال : ابذره في الأرض ، فبذره ، وكان كل حبة منها زنتها أزيد من مائة ألف فنبتت فحصده ثم درسه ثم ذراه ، ثم طحنة ثم عجنه ثم خبزه فأكله بعد جهد عظيم وتعب ونكد ، وذلك قوله تعالى : " فلا يخرجنكما من الجنة فتشقى " .

وكان أول كسوتهما من شعر الضأن : جزاه ثم غزلاه ، فنسج آدم له جبة ولحواء درعاً وخماراً .

واختلفوا : هل ولد لهما بالجنة شيء من الأولاد ؟ فقيل : لم يولد لهما إلا في الأرض وقيل : بل ولد لهما فيها ، فكان قابيل وأخته ممن ولد بها . . والله أعلم .

وذكروا أنه كان يولد له في كل بطن ذكر وأنثى ، وأمر أن يزوج كل ابن أخت أخيه التي ولدت معه ، والآخر بالأخرى ، وهلم جرا ، ولم يكن تحل أخت لأخيها الذي ولدت معه .

قصَصُ الأنبيَاء 500092465

قصَصُ الأنبيَاء 500092465

تحياتي لكم

قصَصُ الأنبيَاء 500092465

قصَصُ الأنبيَاء 500092465

قصَصُ الأنبيَاء 483098003
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
المدير
AMINE PàTCHIKà
AMINE PàTCHIKà
المدير


الجنس : ذكر
الابراج الدلو
تاريخ الميلاد تاريخ الميلاد : 25/01/1988
العمر : 36

المدير العام
منتديات أمين عبلة الحب :

قصَصُ الأنبيَاء Empty
مُساهمةموضوع: رد: قصَصُ الأنبيَاء   قصَصُ الأنبيَاء Emptyالخميس يناير 10, 2013 11:42 pm

قصَصُ الأنبيَاء 500092465

قصَصُ الأنبيَاء 500092465

ذكر قصة ابني آدم : قابيل وهابيل

قصَصُ الأنبيَاء 500092465

قصَصُ الأنبيَاء 500092465

قال الله تعالى : " واتل عليهم نبأ ابني آدم بالحق إذ قربا قربانا فتقبل من أحدهما ولم يتقبل من الآخر قال لأقتلنك قال إنما يتقبل الله من المتقين * لئن بسطت إلي يدك لتقتلني ما أنا بباسط يدي إليك لأقتلك إني أخاف الله رب العالمين * إني أريد أن تبوء بإثمي وإثمك فتكون من أصحاب النار وذلك جزاء الظالمين * فطوعت له نفسه قتل أخيه فقتله فأصبح من الخاسرين * فبعث الله غرابا يبحث في الأرض ليريه كيف يواري سوآة أخيه قال يا ويلتى أعجزت أن أكون مثل هذا الغراب فأواري سوآة أخي فأصبح من النادمين "

وقد تكلمنا على هذه القصة في سورة المائدة في التفسير بما فيه كفاية . . ولله الحمد .

ولنذكر هنا ملخص ما ذكره أئمة السلف في ذلك :

فذكر السدي عن أبي مالك وأبي صالح ، عن ابن عباس ، وعن مرة عن ابن مسعود وعن ناس من الصحابة ، أن آدم كان يزوج ذكر كل بطن بأثنى الآخر ، وأن هابيل أراد أن يتزوج بأخت قابيل ، وكان أكبر من هابيل وأخت هابيل أحسن ، فأراد قابيل أن يستأثر بها على أخيه ، وأمره آدم عليه السلام أن يزوجه إياها فأبى ، فأمرهما أن يقربا قرباناً ، وذهب آدم ليحج إلى مكة ، واستحفظ السموات على بنيه فأبين ، والأرضين والجبال فأبين ، فتقبل قابيل بحفظ ذلك .

فلما ذهب قرباً قربانهما ، فقرب هابيل جذعة سمينة ، وكان صاحب غنم ، وقرب قابيل حزمة من زرع من ردىء زرعه ، فنزلت نار فأكلت قربان هابيل وتركت قربان قابيل فغضب وقال : لأقتلنك حتى لا تنكح أختي ، فقال : إنما يتقبل الله من المتقين .

وروى عن ابن عباس من وجوه آخر ، وعن عبد الله بن عمرو ، وقال عبد الله بن عمرو ، وأيم الله إن كان المقتول لأشد الرجلين ، ولكن منعه التحرج أن يبسط إليه يده !

وذكر أبو جعفر الباقر أن آدم كان مباشراً لتقريبهما القربان والتقبل من هابيل دون قابيل ، فقال قابيل لآدم ، إنما تقبل منه لأنك دعوت له ولم تدع لي ، وتوعد أخاه فيما بينه وبينه .

فلما كان ذات ليلة أبطأ هابيل في الرعي ، فبعث آدم أخاه قابيل لينظر ما بطأ به ، فلما ذهب إذا هو به ، فقال له : تقبل منك ولم يتقبل مني ، فقال : إنما يتقبل الله من المتقين ، فغضب قابيل عندها وضربه بحديدة كانت معه فقتله . وقيل : إنه إنما قتله بصخرة رماها على رأسه وهو نائم فشدخته . وقيل : بل خنقه خنقاً شديداً وعضه كما تفعل السباع ، فمات . . والله أعلم .

وقوله لما توعده بالقتل : " لئن بسطت إلي يدك لتقتلني ما أنا بباسط يدي إليك لأقتلك إني أخاف الله رب العالمين " دل على خلق حسن ، وخوف من الله تعالى وخشية منه ، وتورع أن يقابل أخاه بالسوء الذي أراد منه أخوه مثله .

ولهذا ثبت في الصحيحين عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : " إذا تواجه المسلمان بسيفيهما فالقاتل والمقتول في النار : قالوا : يا رسول الله . . هذا القاتل ، فما بال المقتول ؟ قال : إنه كان حريصاً على قتل صاحبه " .

وقوله : " إني أريد أن تبوء بإثمي وإثمك فتكون من أصحاب النار وذلك جزاء الظالمين " أي إني أريد ترك مقاتلتك وإن كنت أشد منك وأقوى ، إذ قد عزمت علي ما عزمت عليه ، أن تبوء بإثمي وإثمك ، أي تتحمل إثم قتلي مع مالك من الآثام المتقدمة قبل ذلك ، قاله مجاهد والسدي وابن جرير وغير واحد .

وليس المراد أن آثام المقتول تتحول بمجرد قتله إلى القاتل كما قد توهمه بعض الناس ، فإن ابن جرير حكى الإجماع على خلاف ذلك .

وأما الحديث الذي يورده بعض من لا يعلم عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : " ترك القاتل على المقتول من ذنب " فلا أصل له ، ولا يعرف في شيء من كتب الحديث بسند صحيح ولا حسن ولا ضعيف أيضاً .

ولكن قد يتفق في بعض الأشخاص يوم القيامة ، أن يطالب المقتول القاتل فتكون حسنات القاتل لا تفي بهذه المظلمة فتحول من سيئات المقتول إلى القاتل ، كما ثبت بن الحديث الصحيح في سائر المظالم ، والقتل من أعظمها . . والله أعلم ، وقد حررنا هذا كله في التفسير ولله الحمد .

وقد روي الإمام أحمد و أبو داود و الترمذي ، عن سعد بن أبي وقاص ، أنه قال عند فتنة عثمان بن عفان : أشهد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " إنها ستكون فتنة ، القاعد فيها خير من القائم ، والقائم خير من الماشي ، والماشي خير من الساعي " .

قال : أفرأيت إن دخل علي بيتي فبسط إلي ليقتلني .

قال : " كن كابن آدم " .

ورواه ابن مردويه ، عن حذيفة بن اليمان مرفوعاً ، وقال : " كن كخير ابني آدم " . وروى مسلم وأهل السنن إلا النسائي عن أبي ذر نحو هذا .

وأما الآخر فقد قال الإمام أحمد : حدثنا أبو معاوية ووكيع ، قالا : قال : حدثنا الأعمش ، عن عبد الله بن مرة ، عن مسروق ، عن ابن مسعود ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لا تقتل نفس ظلماً إلا كان على ابن آدم الأول كفل من دمها ، لأنه كان أول من سن القتل " .

ورواه الجماعة سوى أبي داود من حديث الأعمش به . وهكذا روى عن عبد الله بن عمرو ابن العاص ، وإبراهيم النخعي أنهما قالا مثل هذا سواء .

وبجبل قاسيون شمالي دمشق مغارة يقال لها مغارة الدم ، مشهورة بأنها المكان الذي قتل قابيل أخاه هابيل عندها . وذلك مما تلقوه عن أهل الكتاب ، فالله أعلم بصحة ذلك .

وقد ذكر الحافظ ابن عساكر في ترجمة أحمد بن كثير - وقال : إنه كان من الصالحين - أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم وأبا بكر وعمر وهابيل ، وأنه استخلف هابيل أن هذا دمه فحلف له ، وذكر أنه سأل الله تعالى أن يجعل هذا المكان يستجاب عنده الدعاء ، فأجابه إلى ذلك ، وصدقه في ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال : إنه وأبا بكر وعمر يزورون هذا المكان في كل يوم خميس .

وهذا منام لوصح عن أحمد بن كثير هذا ، لم يترتب عليه حكم شرعي . . والله أعلم .

وقوله تعالى : " فبعث الله غرابا يبحث في الأرض ليريه كيف يواري سوآة أخيه قال يا ويلتى أعجزت أن أكون مثل هذا الغراب فأواري سوآة أخي فأصبح من النادمين " ذكر بعضهم أنه لما قتله حلمه على ظهره سنة ، وقال آخرون حمله مائة سنة ! ولم يزل كذلك حتى بعث الله غرابين . قال السدي بإسناده عن الصحابة : أخوين ، فتقاتلا فقتل أحدهما الآخر ، فلما قتله عمد إلى الأرض يحفر له فيها ثم ألقاه ودفنه ، وواراه ، فلما رآه يصنع ذلك " قال يا ويلتى أعجزت أن أكون مثل هذا الغراب فأواري سوآة أخي " ففعل مثل ما فعل الغراب فواراه ودفنه .

وذكر أهل التواريخ والسير أن آدم حزن على ابنه هابيل حزناً شديداً ، وأنه قال في ذلك شعراً ، وهو قوله فيما ذكره ابن جرير عن ابن حميد :

تغيرت البــلاد من عليهــــا فوجه الأرض مغبر قبيــح

تغــير كل ذي لــون وطعم وقل بشاشة الوجه المليح

فأجبيب آدم :

أبا قابيل قد قتلا جميـــعاً وصار الحي كالميت الذبيح

وجاء بشرة قد كان منهــا على خوف فجاء بها يصيح

وهذا الشعر فيه نظر . وقد يكون آدم عليه السلام قال كلاماً يتحزن به بلغته ، فألفه بعضهم إلى هذا ، وفيه أقوال . . والله أعلم .

وقد ذكر مجاهد أن هابيل عوجل بالعقوبة يوم قتل أخاه ، فتعلقت ساقه إلى فخذه وجعل وجهه إلى الشمس كيفما دارت ، تنكيلاً به وتعجيلاً لذنبه وبغيه وحسده لأخيه لأبويه .

وقد جاء في الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : " ما من ذنب أجدر أن يجعل الله عقوبته في الدنيا مع ما يدخر لصاحبه في الآخرة من البغي وقطيعة الرحم والذي رأيته في الكتاب الذي بأيدي أهل الكتاب الذين يزعمون أنه التوراة : أن الله عز وجل أجله وأنظره ، وأنه سكن في أرض نود في شرقي عدن وهم يسمونه قنين وأنه ولد له خنوخ ، ولخنوخ عندر ، ولعندر محاويل ، ولمحاويل متوشيل ، ولمتوشيل لامك ، وتزوج هذا امرأتين : عدا وصلا . فولدت عدا ولداً اسمه أبل ، وهو أول من سكن القباب واقتني المال ، وولد أيضاً نوبل وهو أول من أخذ في ضرب الونج والصنج .

وولدت صلا ولداً اسمه توبلقين وهو أول من صنع النحاس والحديد ، وبنتاً اسمها نعمى .

وفيها أيضاً أن آدم طاف على امرأته فولدت غلاماً ودعت اسمه شيث وقالت : من أجل أنه قد وهب لي خلفاً من هابيل الذي قتله قابيل ، وولد لشيث أنوش .

قالوا : وكان عمر آدم يولد ولد شيث مائة وثلاثون سنة ، وعاش بعد ذلك ثمانمائة سنة ، وكان عمر شيث يوم ولد له أنوش مائة وخمساً وستين ، وعاش بعد ذلك ثمانمائة سنة وسبع سنين . وولد له بنون وبنات غير أنوش .

فولد لأنوش قينان وله من العمر تسعون سنة ، وعاش بعد ذلك ثمانمائة سنة وخمس عشرة سنة ، وولد له بنون وبنات .

فلما كان عمر قينان سبعين سنة ولد له مهلاييل ، وعاش بعد ذلك ثمانمائة سنة وأربعين سنة ، وولد له بنون وبنات . فلما كان لمهلاييل من العمر خمس وستون سنة ولد له يرد وعاش بعد ذلك ثمانمائة سنة وولد له بنون وبنات .

فما كان ليرد مائة سنة واثنتان وستون سنة ولد له خنوخ وعاش بعد ذلك ثمانمائة سنة وولد له بنوت وبنات .

فمال كان لخنوخ خمس وستون سنة ولد له متوشلخ ، وعاش بعد ذلك ثمانمائة سنة ، وولد له بنون وبنات ، فلما كان لمتوشلخ مائة وسبع وثمانون سنة ولد له لامك وعاش بعد ذلك سبعمائة واثنين وثمانين سنة وولد له بنون وبنات .

فلما كان للامك من العمر مائة واثنتان وثمانون سنة ولد له نوح وعاش بعد ذلك خمسمائة وخمساً وتسعين سنة ، وولد له بنون وبنات ، فلما كان لنوح خمسمائة سنة ولد له بنون : سام وحام ويافث .

· وهذا مضمون ما في كتابهم صريحاً .

وفي كون هذه التواريخ محفوظة فيما نزل من السماء نظر ، كما ذكره غير واحد من العلماء طاعنين عليهم في ذلك . والظاهر أنها مقحمة فيها ، ذكرها بعضهم على سبيل الزيادة والتفسير ، وفيها غلط كثير كما سنذكره في مواضعه إن شاء الله تعالى .

وقد ذكر الإمام أبو جعفر بن جرير في تاريخه عن بعضهم : أن حواء ولدت لآدم أربعين ولداً في عشرين بطناً . قال ابن إسحاق وسماهم . . والله أعلم ، وقيل مائة وعشرين بطناً في كل واحد ذكر وأنثى ، أولهم قابيل وأخته قليما ، وآخرهم عبد المغيث وأخته أم المغيث .

ثم انتشر الناس بعد ذلك وكثروا ، وامتدوا في الأرض ونموا ، كما قال تعالى : " يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالا كثيرا ونساء " الآية .

وقد ذكر أهل التاريخ أن آدم عليه السلام لم يمت حتى رأى من ذريته من أولاده وأولاد أولاده أربعمائة ألف نسمة . . والله أعلم .

وقال تعالى : " هو الذي خلقكم من نفس واحدة وجعل منها زوجها ليسكن إليها فلما تغشاها حملت حملا خفيفا فمرت به فلما أثقلت دعوا الله ربهما لئن آتيتنا صالحا لنكونن من الشاكرين * فلما آتاهما صالحا جعلا له شركاء فيما آتاهما فتعالى الله عما يشركون " الآيات . . فهذا تنبيه أولاً بذكر آدم ، ثم استطرد إلى الجنس وليس المراد بهذا ذكر آدم وحوله بل لما جرى ذكر الشخص استطرد إلى الجنس كما في قوله تعالى : " ولقد خلقنا الإنسان من سلالة من طين * ثم جعلناه نطفة في قرار مكين " قال تعالى : " ولقد زينا السماء الدنيا بمصابيح وجعلناها رجوما للشياطين " ومعلوم أن رجوم الشياطين ليست هي أعيان مصابيح السماء ، وإنما استطرد من شخصها إلى جنسها .

فأما الحديث الذي رواه الإمام أحمد : حدثنا عبد الصمد ، حدثنا عمر بن إبراهيم ، حدثنا قتادة عن الحسن ، عن سمرة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " لما ولدت حواء طاف بها إبليس وكان لا يعيش لها ولد ، فقال : سميه عبد الحارث فإنه يعيش . فسمته عبد الحارث فعاش ، وكان ذلك من وحي الشيطان وأمره " .

وهكذا رواه الترمذي وابن جرير وابن أبي حاتم و ابن مرودويه في تفاسيرهم عند هذه الآية ، وأخرجه الحاكم في مستدركه ، كلهم من حديث عبد الصمد بن عبد الوارث به ، فقال الحاكم : صحيح الإسناد ولم يخرجاه ، وقال الترمذي : حسن غريب لا نعرفه إلا من حديث عمر ابن إبراهيم ، وراه بعضهم عن عبد الصمد ولم يرفعه .

فهذه علة قادحة في الحديث أنه روى موقوفاً على الصحابي وهذا أشبه والظافر أنه تلقاه من الإسرائيليات ، وهكذا روى موقوفاً عن ابن عباس . والظاهر أن هذا متلقى عن كعب الأحبار وذويه . . والله أعلم .

وقد فسر الحسن البصري هذه الآيات بخلاف هذا ، فلو كان عنده عن سمرة مرفوعاً لما عدل منه إلى غيره . . والله أعلم .

وأيضاً فالله تعالى إنما خلق آدم وحواء فيكونا أصل البشر ، وليبث منهما رجالاً كثيراً ونساء ، فكيف كان حواء لا يعيش لها ولد ذكر في هذا الحديث إن كان محفوظاً ؟

والمظنون بل المقطوع به أن رفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم خطأ ، والصواب وقفه . . والله أعلم ، وقد حررنا هذا في كتابنا التفسير ولله الحمد .

ثم قد كان آدم وحواء أتقى لله مما ذكر عنهما في هذا ، فإن آدم أبو البشر الذي خلقه الله بيده ، ونفخ فيه من روحه ، وأسجد له ملائكته ، وعلمه أسماء كل شيء وأسكنه جنته

وقد روى ابن حبان في صحيحه عن أبي ذر قال : قلت : يارسول الله . . كم الأنبياء ؟ قال : " مائة ألف وأربعة وعشرون ألفاً " . قلت : يا رسول الله . . كم الرسل منهم ؟ قال : " ثلاثمائة وثلاثة عشر : جم غفير " قلت : يا رسول الله من كان أولهم ؟ قال : آدم قلت : يا رسول الله . . نبي مرسل ؟ قال : " نعم خلقه الله بيده ثم نفخ فيه من روحه ثم سواه قبلاً " .

وقال الطبراني : حدثنا إبراهيم بن نائلة الأصبهاني ، حدثنا شيبان بن فروخ ، حدثنا نافع ابن هرمز ، عن عطاء بن رباح ، عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ألا أخبركم بأفضل الملائكة : جبريل ، وأفضل النبيين آدم ، وأفضل الأيام يوم الجمعة ، وأفضل الشهور شهر رمضان ، وأفضل الليالي ليلة القدر ، وأفضل النساء مريم بنت عمران " .

وهذا إسناد ضعيف ، فإن نافعاً أبا هرمز كذبه ابن معين ، وضعفه أحمد وأبو زرعة وأبو حاتم و ابن حبان وغيرهم . . والله أعلم .

وقال كعب الأحبار : ليس أحد في الجنة له لحية إلا آدم ، لحيته سوداء إلى سرته ، وليس أحد يكنى في الجنة إلا آدم ، كنيته في الدنيا أبو البشر وفي الجنة أبو محمد .

وقد روى ابن عدي من طريق شيخ ابن أبي خالد ، عم حماد بن سلمة ، عن عمرو بن دينار ، عن جابر بن عبد الله مرفوعاً : أهل الجنة يدعون بأسمائهم إلا آدم فإنه يكنى أبا محمد .

ورواه ابن عدي أيضاً من حديث علي بن أبي طالب ، وهو ضعيف من كل وجه والله أعلم .

وفي حديث الإسراء الذي في الصحيحين : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما مر بآدم وهو في السماء الدنيا ، قال له : مرحباً بالابن الصالح والنبي الصالح ، وقال : وإذا كان يمينه أسودة وعن يساره أسودة ، فإذا نظر عن يمينه ضحك ، وإذا نظر عن شماله بكى فقلت : يا جبريل . . ما هذا ؟ قال : هذا آدم وهؤلاء نسم بينه ، فإذا نظر قبل أهل اليمين - وهم أهل الجنة - ضحك ، وإذا نظر قبل أهل الشمال - وهم أهل النار - بكى .

وهذا معنى الحديث .

وقال أبو بكر البزار : حدثنا محمد بن المثنى ، حدثني يزيد بن هارون ، أنبأنا هشام بن حسان عن الحسن قال : كان عقل آدم مثل عقل جميع ولده .

وقال بعض العلماء في قوله صلى الله عليه وسلم : " فمررت بيوسف وغذا هو قد أعطى شطر الحسن " ، قالوا : معناه أنه كان على النصف من حسن آدم عليه السلام وهذا مناسب ، فإن الله خلق آدم وصوره بيده الكريمة ، ونفخ فيه من روحه ، فما كان ليخلق إلا أحسن الأشياء .

وقد روينا عن عبد الله ، عن عمر وابن عمر أيضاً موقوفاً ومرفوعاً : أن الله تعالى لما خلق الجنة ، قالت الملائكة : يا ربنا . . اجعل لنا هذه ، فإنك خلقت لبني آدم الدنيا يأكلون فيها ويشربون ، فقال الله تعالى : وعزتي وجلالي لا أجعل صالح ذرية من خلقت بيدي كمن قلت له كن فكان .

وقد ورد الحديث المروي في الصحيحين وغيرهما من طرق : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " إن الله خلق آدم على صورته " وقد تكلم العلماء على هذا الحديث فذكروا فيه مسالك كثيرة ليست هذا موضع بسطها . . والله أعلم .

ذكر وفاة آدم ووصيته إلى ابنه شيث عليه السلام

ومعنى شيث هبة الله ، وسماه بذلك لأنهما رزقاه بعد أن قتل هابيل .

قال أبو ذر في حديثه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن الله أنزل مائة صحيفة وأربع صحف ، على شيث خمسين صحيفة " .

قال محمد بن إسحاق : ولما حضرت آدم الوفاة عهد إلى ابنه شيث وعلمه ساعات الليل والنهار ، وعلمه عبادات تلك الساعات ، وأعلمه بوقوع الطوفان بعد ذلك

قال : ويقال : إن أنساب بني آدم اليوم كلها تنتهي إلى شيث وسائر أولاد آدم غيره انقرضوا وبادوا . . والله أعلم .

ولما توفي آدم عليه السلام - وكان ذلك يوم الجمعة - جاءته الملائكة بحنوط وكفن - من عند الله عز وجل - من الجنة ، وعزوا فيه ابنه ووصيه شيثاً عليه السلام . قال ابن إسحاق : وكسفت الشمس والقمر سبعة أيام بلياليهن .

وقد قال عبد الله ابن الإمام أحمد : حدثنا هدبة بن خالد ، حدثنا حماد بن سلمة ، عن حميد ، عن الحسن ، عن يحيى - هو ابن ضمرة السعدي - قال : رأيت شيخاً بالمدينة يتكلم فسألته عنه فقالوا : هذا أبي بن كعب ، فقال : إن آدم لما حضره الموت قال لبنيه : أي بني . . إني أشتهي من ثمار الجنة .

قال : فذهبوا يطلبون له ، فاستقبلتهم الملائكة ومعهم أكفانه وحنوطه ، ومعهم الفؤوس والمساحي والمكاتل ، فقالوا لهم : يا بني آدم ما تريدون وما تطلبون ؟ - أو ما تريدون ؟ وأين تطلبون ؟ - قالوا : أبونا مريض واشتهى من ثمار الجنة ، فقالوا لهم : ارجعوا فقد قضي أبوكم فجاءوا فلما رأتهم حواء عرفتهم فلاذت بآدم . فقال : إليك عني فإني إنما أتيت من قبلك ، فخلى بيني وبين ملائكة ربي عز وجل ، فقبضوه وغسلوه وكفنوه وحنطوه ، وحفروا له ولحدوه ، وصلوا عليه ثم أدخلوه قبره فوضوه في قبره ، ثم حثوا عليه ، ثم قالوا : يا بني آدم . . هذه سنتكم ( إسناد صحيح إليه ) .

وروى ابن عساكر من طريق شيبان بن فروخ ، عن محمد بن زياد ، عن ميمون بن مهران ، عن ابن عباس ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " كبرت الملائكة على آدم أربعاً ، وكبر أبو بكر على فاطمة أربعاً ، وكبر عمر على أبي بكر أربعاً ، وكبر صهيب على عمراً أربعاً " .

قال ابن عساكر : ورواه غيره عن ميمون فقال : عن ابن عمر .

واختلفوا في موضع دفنه ، فالمشهور أنه دفن عند الجبل الذي أهبط فيه في الهند ، وقيل بجبل أبي قبيس بمكة . ويقال إن نوحاً عليه السلام لما كان زمن الطوفان حمله هو وحواء في تابوت ، فدفنهما ببيت المقدس ، حكى ذلك ابن جرير .

وروى ابن عساكر عن بعضهم أنه قال : رأس عنه مسجد إبراهيم ورجلاه عند صخرة بيت المقدس . وقد ماتت بعده حواء بسنة واحدة .

واختلف في مقدار عمره عليه السلام : فقدمنا في الحديث عن ابن عباس وأبي سريرة مرفوعاً : أن عمره اكتتب في اللوح المحفوظ ألف سنة .

وهذا لا يعارضه ما في التوراة من أن عاش تسعمائة وثلاثين سنة . لأن قولهم هذا مطعون فيه مردود ، إذا خالف الحق الذي بأيدينا مما هو المحفوظ عن المعصوم .

وأيضاً فإن قولهم هذا يمكن الجمع بينه وبين ما في الحديث . فإن ما في التوراة - إن كان محفوظاً - محمول على مدة مقامه في الأرض بعد الإهباط ، وذلك تسعمائة سنة وثلاثون سنة شمسية ، وهي بالقمرية تسمائة وسبع وخمسون سنة . ويضاف إلى ذلك ثلاث وأربعون سنة مدة مقامه في الجنة قبل الإهباط على ما ذكره ابن جرير وغيره ، فيكون الجميع ألف سنة .

وقال عطاء الخرساني : لما مات آدم بكت الخلائق عليه سبعة أيام ، رواه ابن عساكر .

فلما مات آدم عليه السلام قام بأعباء الأمر بعده ولده شيث عليه السلام ، وكان نبياً بنص الحديث الذي رواه ابن حبان في صحيحه ، عن أبي ذر مرفوعاً : أنه أنزل عليه خمسون صحيفة .

فما حانت وفاته أوصى إلى ابنه أنوش فقام بالأمر بعده ، ثم بعده ولده قينن ثم من بعده ابنه مهلاييل ، وهو الذي يزعم الأعاجم من الفرس أنه ملك الأقاليم السبعة ، وأنه أول من قطع أشجار ، وبني المدائن والحصون الكبار ، وأنه هو الذي بنى مدينة بابل ومدينة السوس الأقصى . وأنه قهر إبليس وجنوده وشردهم عن الأرض إلى أطرافها وشعاب جبالها وأنه قتل خلقاً من مردة الجن والغيلان ، وكان له تاج عظيم ، وكان يخطب الناس ودامت دولته أربعين سنة .

فما مات قام بالأمر بعده ولده يرد فلما حضرته الوفاة أوصى إلى ولده خنوخ وهو إدريس عليه السلام على المشهور

قصَصُ الأنبيَاء 500092465

قصَصُ الأنبيَاء 500092465

تحياتي لكم

قصَصُ الأنبيَاء 500092465

قصَصُ الأنبيَاء 500092465

قصَصُ الأنبيَاء 483098003
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
المدير
AMINE PàTCHIKà
AMINE PàTCHIKà
المدير


الجنس : ذكر
الابراج الدلو
تاريخ الميلاد تاريخ الميلاد : 25/01/1988
العمر : 36

المدير العام
منتديات أمين عبلة الحب :

قصَصُ الأنبيَاء Empty
مُساهمةموضوع: رد: قصَصُ الأنبيَاء   قصَصُ الأنبيَاء Emptyالخميس يناير 10, 2013 11:44 pm

قصَصُ الأنبيَاء 500092465

قصَصُ الأنبيَاء 500092465

ذكر إدريس عليه السلام

قصَصُ الأنبيَاء 500092465

قصَصُ الأنبيَاء 500092465

قال الله تعالى : " واذكر في الكتاب إدريس إنه كان صديقا نبيا * ورفعناه مكانا عليا " فإدريس عليه السلام قد أثنى عليه ووصفه بالنبوة والصديقية ، وهو خنوخ هذا . وهو في عمود نسب رسول الله صلى الله عليه وسلم على ما ذكره غير واحد من علماء النسب .

وكان أول بني آدم أعطى النبوة بعد آدم وشيث عليهما السلام .

وذكر ابن إسحاق أنه أول من خط بالقلم ، وقد أدرك من حياة آدم ثلاثمائة سنة وثماني سنين . وقد قال طائفة من الناس : إنه المشار إليه في حديث معاوية بن الحكم السلمي لما سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الخط بالرمل فقال : " إنه كان نبي يخط به فمن وافق خطه فذاك " .

يزعم كثير من علماء التفسير والأحكام أنه أول من تكلم في ذلك ، ويسمونه هرمس الهرامسة ، ويكذبون عليه أشياء كثيرة كما كذبوا على غيرة الأنبياء والعلماء والحكماء والأولياء .

وقوله تعالى : " ورفعناه مكانا عليا " هو كما ثبت في الصحيحين في حديث الإسراء : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مر به وهو في السماء الرابعة . وقد روى ابن جرير عن يونس عن عبد الأعلى ، عن ابن وهب ، عن جرير بن حازم ، عن الأعمش ، عن شمر بن عطية ، عن هلال بن يساف قال : سأل ابن عباس كعباً وأنا حاضر فقال له : ما قول الله لإدريس : " ورفعناه مكانا عليا " ؟ فقال كعب : أما إدريس فإن الله أوحي إليه : إني أرفع لك كل يوم مثل جميع عمل بني آدم - لعله من أهل زمانه - فأحب أن يزداد عملاً ، فأتاه خليل له من الملائكة فقال : إن الله أوحي لي كذا وكذا ، فكلم ملك الموت حتى أزداد عملاً ، فحمله بين جنياحيه ثم صعد به إلى السماء ، فلما كان في السماء الرابعة تلقاه ملك الموت منحدراً ، فكلم ملك الموت في الذي كلمه فيه إدريس ، فقال : وأين إدريس ؟ قال هو ذا على ظهري ، فقال ملك الموت : يا للعجب . بعثت وقيل لي اقبض روح إدريس في السماء الرابعة ، فجعلت أقول : كيف أقبض روحه في السماء الرابعة وهو في الأرض ؟ فقبض روحه هناك . فذلك قول الله عز وجل : " ورفعناه مكانا عليا " .

ورواه ابن أبي حاتم عند تفسيرها ، وعند فقال لذلك الملك : سل لي ملك الموت كم بقي من عمري ؟ فسأله وهو معه : كم بقي من عمره ؟ فقال : لا أدري حتى أنظر ، فنظر فقال : إنك لتسألني عن رجل ما بقي من عمره إلا طرفة عين ، فنظر الملك إلى تحت جناحه إلى إدريس فإذا هو قد قبض وهو لا يشعر .

وهذا من الإسرائيليات ، وفي بعضه نكارة .

وقال ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله : " ورفعناه مكانا عليا " قال : إدريس رفع ولم يمت كما رفع عيسى ، إن أراد أنه لم يمت إلى الآن ، ففي هذا نظر ، وإن أراد أنه رفع حياً إلى السماء ثم قبض هناك . فلا ينافي ما تقدم عن كعب الأحبار . . والله أعلم وقال الوفي عن ابن عباس في قوله : " ورفعناه مكانا عليا " رفع إلى السماء السادسة فمات بها ، وهكذا قال الضحاك . والحديث المتفق عليه من أنه في السماء الرابعة أصح ، وهو قول مجاهد وغيره واحد ، وقال الحسن البصري : " ورفعناه مكانا عليا " قال : إلى الجنة ، وقال قائلون : رفع في حياة أبيه : يرد بن مهلاييل . . والله أعلم . وقد زعم بعضهم أن إدريس لم يكن قبل نوح ، بل في زمان بني إسرائيل .

قال البخاري : ويذكر عن ابن مسعود وابن عباس : أن إلياس هو إدريس ، واستأنسوا في ذلك بما جاء في حديث الزهري عن أنس في الإسراء : أنه لما مر به عليه السلام قال له : مرحباً بالأخ الصالح والنبي الصالح . ولم يقل كما قال آدم وإبراهيم : مرحباً بالنبي الصالح والابن الصالح . قالوا : فلو كان في عمود نسبه لقال كما قالا له .

وهذا لا يدل ولا بد ، لأنه قد لا يكون الراوي حفظه جيداً ، أو لعله قاله على سبيل الهضم والتواضع ، ولم ينتصب له في مقام الأبوة كما انتصب لآدم أبي البشر ، وإبراهيم الذي هو خليل الرحمن وأكبر أولى العزم بعد محمد . . صلوات الله عليهم أجمعين .


قصَصُ الأنبيَاء 500092465

قصَصُ الأنبيَاء 500092465

تحياتي لكم

قصَصُ الأنبيَاء 500092465

قصَصُ الأنبيَاء 500092465

قصَصُ الأنبيَاء 483098003
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
المدير
AMINE PàTCHIKà
AMINE PàTCHIKà
المدير


الجنس : ذكر
الابراج الدلو
تاريخ الميلاد تاريخ الميلاد : 25/01/1988
العمر : 36

المدير العام
منتديات أمين عبلة الحب :

قصَصُ الأنبيَاء Empty
مُساهمةموضوع: رد: قصَصُ الأنبيَاء   قصَصُ الأنبيَاء Emptyالخميس يناير 10, 2013 11:46 pm

قصَصُ الأنبيَاء 500092465

قصَصُ الأنبيَاء 500092465

قصة نوح عليه السلام

قصَصُ الأنبيَاء 500092465

قصَصُ الأنبيَاء 500092465

هو نوح بن لامك بن متوشلخ بن خنوخ - وهو إدريس - بن يرد بن مهلاييل بن قينن ابن أنوش بن شيث بن آدم أبي البشر عليه السلام

وكان مولده بعد وفاة آدم بمائة سنة وست وعشرين سنة ، فيما ذكره ابن جرير وغيره

وعلى تاريخ أهل الكتاب المقدم يكون بين مولد نوح وموت آدم مائة وست وأربعون سنة ، وكان بينهما عشرة قرون كما قال الحافظ أبو الحاتم بن حبان في صحيحه : حدثنا محمد بن عمر بن يوسف ، حدثنا محمد بن عبد الملك بن زنجويه ، حدثنا أبو توبة ، حدثنا معاوية بن سلام ، عن أخيه زيد بن سلام سمعت أبا سلام سمعت أبا أمامة : أن رجلاً قال : يا رسول الله أنبي كان آدم ؟ قال : نعم مكلم قال : فكم كان بينه وبين نوح ؟ قال : عشرة قرون

قلت : وهذا على شرط مسلم ولم يخرجه

وفي صحيح البخاري عن ابن عباس قال : كان بين آدم ونوح عشرة قرون كلهم على الإسلام

فإن كان المراد بالقرون مائة سنة - كما هو المتبادر عند كثير من الناس - فبينهما ألف سنة لا محالة ، لكن لا ينفي أن يكون أكثر باعتبار ما قيد به ابن عباس بالإسلام ، إذاً قد يكون بينهما قرون آخر متأخرة لم يكونوا على الإسلام ، لكن حديث أبي أمامة يدل على الحصر في عشرة قرون ، وزادنا ابن عباس : أنهم كانوا على الإسلام

وهذا يرد قول من زعم من أهل التواريخ وغيرهم من أهل الكتاب : أن قابيل وبنيه عبدوا النار والله أعلم

وإن كان المراد بالقرن الجيل من الناس كما في قوله تعالى : وكم أهلكنا من القرون من بعد نوح وقوله : ثم أنشأنا من بعدهم قرنا آخرين وقال تعالى : وقرونا بين ذلك كثيرا وقال : وكم أهلكنا قبلهم من قرن وقوله عليه الصلاة والسلام : خير القرون قرني الحديث ، فقد كان الجيل قبل نوح يعمرون الدهور الطويلة ، فعلى هذا يكون بين آدم ونوح ألوف من السنين والله أعلم

وبالجملة فنوح عليه السلام إنما بعثه الله تعالى لما عبدت الأصنام والطواغيت ، وشرع الناس في الضلالة والكفر ، فبعثه الله رحمة للعباد ، فكان أول رسول بعث إلى أهل الأرض ، كما يقول أهل الموقف يوم القيامة

وكان قومه يقال لهم : بنو راسب فيما ذكره ابن جرير وغيره

واختلفوا في مقدار سنه يوم بعث : فقيل : كان ابن خمسين سنة ، وقيل : ابن ثلاثمائة وخمسين سنة ، وقيل : ابن أربعمائة وثمانين سنة حكاها ابن جرير ، وعزا الثالثة منها إلى ابن عباس

* * *

وقد ذكر الله قصته وما كان من قومه ، وما أنزل بمن كفر به من العذاب بالطوفان ، وكيف أنجاه وأصحاب السفينة ، في غير ما موضع من كتابه العزيز ، ففي الأعراف ويونس وهو والأبيناء والمؤمنون والشعراء والعنكبوت والصافات واقتربت ، وأنزل فيه سورة كاملة

فقال في سورة الأعراف : لقد أرسلنا نوحا إلى قومه فقال يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره إني أخاف عليكم عذاب يوم عظيم * قال الملأ من قومه إنا لنراك في ضلال مبين * قال يا قوم ليس بي ضلالة ولكني رسول من رب العالمين * أبلغكم رسالات ربي وأنصح لكم وأعلم من الله ما لا تعلمون * أوعجبتم أن جاءكم ذكر من ربكم على رجل منكم لينذركم ولتتقوا ولعلكم ترحمون * فكذبوه فأنجيناه والذين معه في الفلك وأغرقنا الذين كذبوا بآياتنا إنهم كانوا قوما عمين

وقال تعالى في سورة يونس : واتل عليهم نبأ نوح إذ قال لقومه يا قوم إن كان كبر عليكم مقامي وتذكيري بآيات الله فعلى الله توكلت فأجمعوا أمركم وشركاءكم ثم لا يكن أمركم عليكم غمة ثم اقضوا إلي ولا تنظرون * فإن توليتم فما سألتكم من أجر إن أجري إلا على الله وأمرت أن أكون من المسلمين * فكذبوه فنجيناه ومن معه في الفلك وجعلناهم خلائف وأغرقنا الذين كذبوا بآياتنا فانظر كيف كان عاقبة المنذرين

وقال تعالى في سورة هود : ولقد أرسلنا نوحا إلى قومه إني لكم نذير مبين * أن لا تعبدوا إلا الله إني أخاف عليكم عذاب يوم أليم * فقال الملأ الذين كفروا من قومه ما نراك إلا بشرا مثلنا وما نراك اتبعك إلا الذين هم أراذلنا بادي الرأي وما نرى لكم علينا من فضل بل نظنكم كاذبين * قال يا قوم أرأيتم إن كنت على بينة من ربي وآتاني رحمة من عنده فعميت عليكم أنلزمكموها وأنتم لها كارهون * ويا قوم لا أسألكم عليه مالا إن أجري إلا على الله وما أنا بطارد الذين آمنوا إنهم ملاقوا ربهم ولكني أراكم قوما تجهلون * ويا قوم من ينصرني من الله إن طردتهم أفلا تذكرون * ولا أقول لكم عندي خزائن الله ولا أعلم الغيب ولا أقول إني ملك ولا أقول للذين تزدري أعينكم لن يؤتيهم الله خيرا الله أعلم بما في أنفسهم إني إذا لمن الظالمين * قالوا يا نوح قد جادلتنا فأكثرت جدالنا فأتنا بما تعدنا إن كنت من الصادقين * قال إنما يأتيكم به الله إن شاء وما أنتم بمعجزين * ولا ينفعكم نصحي إن أردت أن أنصح لكم إن كان الله يريد أن يغويكم هو ربكم وإليه ترجعون * أم يقولون افتراه قل إن افتريته فعلي إجرامي وأنا بريء مما تجرمون * وأوحي إلى نوح أنه لن يؤمن من قومك إلا من قد آمن فلا تبتئس بما كانوا يفعلون * واصنع الفلك بأعيننا ووحينا ولا تخاطبني في الذين ظلموا إنهم مغرقون * ويصنع الفلك وكلما مر عليه ملأ من قومه سخروا منه قال إن تسخروا منا فإنا نسخر منكم كما تسخرون * فسوف تعلمون من يأتيه عذاب يخزيه ويحل عليه عذاب مقيم * حتى إذا جاء أمرنا وفار التنور قلنا احمل فيها من كل زوجين اثنين وأهلك إلا من سبق عليه القول ومن آمن وما آمن معه إلا قليل * وقال اركبوا فيها بسم الله مجريها ومرساها إن ربي لغفور رحيم * وهي تجري بهم في موج كالجبال ونادى نوح ابنه وكان في معزل يا بني اركب معنا ولا تكن مع الكافرين * قال سآوي إلى جبل يعصمني من الماء قال لا عاصم اليوم من أمر الله إلا من رحم وحال بينهما الموج فكان من المغرقين * وقيل يا أرض ابلعي ماءك ويا سماء أقلعي وغيض الماء وقضي الأمر واستوت على الجودي وقيل بعدا للقوم الظالمين * ونادى نوح ربه فقال رب إن ابني من أهلي وإن وعدك الحق وأنت أحكم الحاكمين * قال يا نوح إنه ليس من أهلك إنه عمل غير صالح فلا تسألن ما ليس لك به علم إني أعظك أن تكون من الجاهلين * قال رب إني أعوذ بك أن أسألك ما ليس لي به علم وإلا تغفر لي وترحمني أكن من الخاسرين * قيل يا نوح اهبط بسلام منا وبركات عليك وعلى أمم ممن معك وأمم سنمتعهم ثم يمسهم منا عذاب أليم * تلك من أنباء الغيب نوحيها إليك ما كنت تعلمها أنت ولا قومك من قبل هذا فاصبر إن العاقبة للمتقين

وقال تعالى في سورة الأنبياء : ونوحا إذ نادى من قبل فاستجبنا له فنجيناه وأهله من الكرب العظيم * ونصرناه من القوم الذين كذبوا بآياتنا إنهم كانوا قوم سوء فأغرقناهم أجمعين

وقال تعالى في سورة قد أفلح المؤمنون : ولقد أرسلنا نوحا إلى قومه فقال يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره أفلا تتقون * فقال الملأ الذين كفروا من قومه ما هذا إلا بشر مثلكم يريد أن يتفضل عليكم ولو شاء الله لأنزل ملائكة ما سمعنا بهذا في آبائنا الأولين * إن هو إلا رجل به جنة فتربصوا به حتى حين * قال رب انصرني بما كذبون * فأوحينا إليه أن اصنع الفلك بأعيننا ووحينا فإذا جاء أمرنا وفار التنور فاسلك فيها من كل زوجين اثنين وأهلك إلا من سبق عليه القول منهم ولا تخاطبني في الذين ظلموا إنهم مغرقون * فإذا استويت أنت ومن معك على الفلك فقل الحمد لله الذي نجانا من القوم الظالمين * وقل رب أنزلني منزلا مباركا وأنت خير المنزلين * إن في ذلك لآيات وإن كنا لمبتلين

وقال تعالى في سورة الشعراء : كذبت قوم نوح المرسلين * إذ قال لهم أخوهم نوح ألا تتقون * إني لكم رسول أمين * فاتقوا الله وأطيعون * وما أسألكم عليه من أجر إن أجري إلا على رب العالمين * فاتقوا الله وأطيعون * قالوا أنؤمن لك واتبعك الأرذلون * قال وما علمي بما كانوا يعملون * إن حسابهم إلا على ربي لو تشعرون * وما أنا بطارد المؤمنين * إن أنا إلا نذير مبين * قالوا لئن لم تنته يا نوح لتكونن من المرجومين * قال رب إن قومي كذبون * فافتح بيني وبينهم فتحا ونجني ومن معي من المؤمنين * فأنجيناه ومن معه في الفلك المشحون * ثم أغرقنا بعد الباقين * إن في ذلك لآية وما كان أكثرهم مؤمنين * وإن ربك لهو العزيز الرحيم

وقال تعالى في سورة العنكبوت : ولقد أرسلنا نوحا إلى قومه فلبث فيهم ألف سنة إلا خمسين عاما فأخذهم الطوفان وهم ظالمون * فأنجيناه وأصحاب السفينة وجعلناها آية للعالمين

وقال تعالى في سورة الصافات : ولقد نادانا نوح فلنعم المجيبون * ونجيناه وأهله من الكرب العظيم * وجعلنا ذريته هم الباقين * وتركنا عليه في الآخرين * سلام على نوح في العالمين * إنا كذلك نجزي المحسنين * إنه من عبادنا المؤمنين * ثم أغرقنا الآخرين

وقال تعالى في سورة القمر : كذبت قبلهم قوم نوح فكذبوا عبدنا وقالوا مجنون وازدجر * فدعا ربه أني مغلوب فانتصر * ففتحنا أبواب السماء بماء منهمر * وفجرنا الأرض عيونا فالتقى الماء على أمر قد قدر * وحملناه على ذات ألواح ودسر * تجري بأعيننا جزاء لمن كان كفر * ولقد تركناها آية فهل من مدكر * فكيف كان عذابي ونذر * ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدكر

وقال تعالى : إنا أرسلنا نوحا إلى قومه أن أنذر قومك من قبل أن يأتيهم عذاب أليم * قال يا قوم إني لكم نذير مبين * أن اعبدوا الله واتقوه وأطيعون * يغفر لكم من ذنوبكم ويؤخركم إلى أجل مسمى إن أجل الله إذا جاء لا يؤخر لو كنتم تعلمون * قال رب إني دعوت قومي ليلا ونهارا * فلم يزدهم دعائي إلا فرارا * وإني كلما دعوتهم لتغفر لهم جعلوا أصابعهم في آذانهم واستغشوا ثيابهم وأصروا واستكبروا استكبارا * ثم إني دعوتهم جهارا * ثم إني أعلنت لهم وأسررت لهم إسرارا * فقلت استغفروا ربكم إنه كان غفارا * يرسل السماء عليكم مدرارا * ويمددكم بأموال وبنين ويجعل لكم جنات ويجعل لكم أنهارا * ما لكم لا ترجون لله وقارا * وقد خلقكم أطوارا * ألم تروا كيف خلق الله سبع سماوات طباقا * وجعل القمر فيهن نورا وجعل الشمس سراجا * والله أنبتكم من الأرض نباتا * ثم يعيدكم فيها ويخرجكم إخراجا * والله جعل لكم الأرض بساطا * لتسلكوا منها سبلا فجاجا * قال نوح رب إنهم عصوني واتبعوا من لم يزده ماله وولده إلا خسارا * ومكروا مكرا كبارا * وقالوا لا تذرن آلهتكم ولا تذرن ودا ولا سواعا ولا يغوث ويعوق ونسرا * وقد أضلوا كثيرا ولا تزد الظالمين إلا ضلالا * مما خطيئاتهم أغرقوا فأدخلوا نارا فلم يجدوا لهم من دون الله أنصارا * وقال نوح رب لا تذر على الأرض من الكافرين ديارا * إنك إن تذرهم يضلوا عبادك ولا يلدوا إلا فاجرا كفارا * رب اغفر لي ولوالدي ولمن دخل بيتي مؤمنا وللمؤمنين والمؤمنات ولا تزد الظالمين إلا تبارا

وقد تكلمنا على كل موضع من هذه في التفسير وسنذكر مضمون القصة مجموعاً من هذه الأماكن المتفرقة ، ومما دلت عليه الأحاديث والآثار

وقد جرى ذكره أيضاً في مواضع متفرقة من القرآن فيها مدحه وذم من خالفه ، فقال تعالى في سورة النساء : إنا أوحينا إليك كما أوحينا إلى نوح والنبيين من بعده وأوحينا إلى إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب والأسباط وعيسى وأيوب ويونس وهارون وسليمان وآتينا داود زبورا * ورسلا قد قصصناهم عليك من قبل ورسلا لم نقصصهم عليك وكلم الله موسى تكليما * رسلا مبشرين ومنذرين لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل وكان الله عزيزا حكيما

وقال في سورة الأنعام : وتلك حجتنا آتيناها إبراهيم على قومه نرفع درجات من نشاء إن ربك حكيم عليم * ووهبنا له إسحاق ويعقوب كلا هدينا ونوحا هدينا من قبل ومن ذريته داود وسليمان وأيوب ويوسف وموسى وهارون وكذلك نجزي المحسنين * وزكريا ويحيى وعيسى وإلياس كل من الصالحين * وإسماعيل واليسع ويونس ولوطا وكلا فضلنا على العالمين * ومن آبائهم وذرياتهم وإخوانهم واجتبيناهم وهديناهم إلى صراط مستقيم الآيات

وتقدمت قصته في الأعراف

وقال في سورة براءة : ألم يأتهم نبأ الذين من قبلهم قوم نوح وعاد وثمود وقوم إبراهيم وأصحاب مدين والمؤتفكات أتتهم رسلهم بالبينات فما كان الله ليظلمهم ولكن كانوا أنفسهم يظلمون

وتقدمت قصته في يونس وهود

وقال في سورة إبراهيم : ألم يأتكم نبأ الذين من قبلكم قوم نوح وعاد وثمود والذين من بعدهم لا يعلمهم إلا الله جاءتهم رسلهم بالبينات فردوا أيديهم في أفواههم وقالوا إنا كفرنا بما أرسلتم به وإنا لفي شك مما تدعوننا إليه مريب

وقال في سورة الإسراء : ذرية من حملنا مع نوح إنه كان عبدا شكورا وقال فيها أيضاً : وكم أهلكنا من القرون من بعد نوح وكفى بربك بذنوب عباده خبيرا بصيرا

وتقدمت قصته في الأنبياء والمؤمنون والشعراء والعنكبوت

وقال في سورة الأحزاب : وإذ أخذنا من النبيين ميثاقهم ومنك ومن نوح وإبراهيم وموسى وعيسى ابن مريم وأخذنا منهم ميثاقا غليظا وقال في سورة ص : كذبت قبلهم قوم نوح وعاد وفرعون ذو الأوتاد * وثمود وقوم لوط وأصحاب الأيكة أولئك الأحزاب * إن كل إلا كذب الرسل فحق عقاب

وقال في سورة غافر : كذبت قبلهم قوم نوح والأحزاب من بعدهم وهمت كل أمة برسولهم ليأخذوه وجادلوا بالباطل ليدحضوا به الحق فأخذتهم فكيف كان عقاب * وكذلك حقت كلمة ربك على الذين كفروا أنهم أصحاب النار

وقال في سورة الشورى : شرع لكم من الدين ما وصى به نوحا والذي أوحينا إليك وما وصينا به إبراهيم وموسى وعيسى أن أقيموا الدين ولا تتفرقوا فيه كبر على المشركين ما تدعوهم إليه الله يجتبي إليه من يشاء ويهدي إليه من ينيب

وقال تعالى في سورة ق : كذبت قبلهم قوم نوح وأصحاب الرس وثمود * وعاد وفرعون وإخوان لوط * وأصحاب الأيكة وقوم تبع كل كذب الرسل فحق وعيد

وقال في الذاريات : وقوم نوح من قبل إنهم كانوا قوما فاسقين

وقال في سورة النجم : وقوم نوح من قبل إنهم كانوا هم أظلم وأطغى وتقدمت قصته في سورة اقتربت الساعة

وقال تعالى في سورة الحديد : ولقد أرسلنا نوحا وإبراهيم وجعلنا في ذريتهما النبوة والكتاب فمنهم مهتد وكثير منهم فاسقون

وقال تعالى في سورة التحريم ، ضرب الله مثلا للذين كفروا امرأة نوح وامرأة لوط كانتا تحت عبدين من عبادنا صالحين فخانتاهما فلم يغنيا عنهما من الله شيئا وقيل ادخلا النار مع الداخلين

قصَصُ الأنبيَاء 500092465

قصَصُ الأنبيَاء 500092465

تحياتي لكم

قصَصُ الأنبيَاء 500092465

قصَصُ الأنبيَاء 500092465

قصَصُ الأنبيَاء 483098003
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
المدير
AMINE PàTCHIKà
AMINE PàTCHIKà
المدير


الجنس : ذكر
الابراج الدلو
تاريخ الميلاد تاريخ الميلاد : 25/01/1988
العمر : 36

المدير العام
منتديات أمين عبلة الحب :

قصَصُ الأنبيَاء Empty
مُساهمةموضوع: رد: قصَصُ الأنبيَاء   قصَصُ الأنبيَاء Emptyالخميس يناير 10, 2013 11:49 pm

قصَصُ الأنبيَاء 500092465

قصَصُ الأنبيَاء 500092465

مضمون ما جرى لنوح مع قومه

قصَصُ الأنبيَاء 500092465

قصَصُ الأنبيَاء 500092465

وأما مضمون ما جرى له مع قومه مأخوذاً من الكتاب والسنة والآثار ، فقد قدمنا عن ابن عباس : أنه كان بين آدم ونوح عشرة قرون كلهم على الإسلام ، رواه البخاري وذكرنا أن المراد بالقرن الجيل أو المدة على ما سلف

ثم بعد ذلك القرون الصالحة حدثت أمور اقتضت أن آل الحال بأهل ذلك الزمان إلى عبادة الأصنام

وكان سبب ذلك ما رواه البخاري من حديث ابن جريح عن عطاء عن ابن عباس عند تفسير قولهم تعالى : " وقالوا لا تذرن آلهتكم ولا تذرن ودا ولا سواعا ولا يغوث ويعوق ونسرا " قال : هذه أسماء رجال صالحين من قوم نوح ، فلما هلكوا أوحى الشيطان إلى قومهم أن انصبوا إلى مجالسهم التي كانوا يجلسون فيها أنصاباً وسموها بأسمائهم ، ففعلوا فلم تعبد ، حتى إذا هلك أولئك وانتسخ العلم عبدت

قال ابن عباس : وصارت هذه الأوثان التي كانت في قوم نوح في العرب بعد وهكذا قال عكرمة والضحاك وقتادة ومحمد ابن إسحاق

قال ابن جرير في تفسيره : حدثنا ابن حميد ، حدثنا مهران عن سفيان ، عن موسى ، عن محمد بن قيس قال : كانوا قوماً صالحين بين آدم ونوح ، وكان لهم أتباع يقتدون بهم ، فلما ماتوا قال أصحابهم الذين كانوا يقتدون بهم : لو صورناهم كان أشوق لنا إلى العبادة إلى ذكرناهم ، فصورهم فلما ماتوا وجاء آخرون دب إليهم إبليس فقال : إنما كانوا يعبدونهم وبهم يسقون المطر فعبدوهم

وروى ابن أبي حاتم عن عروة ابن الزبير أنه قال : ود ويغوث ويعوق وسواع ونسر ، أولاد آدم وكان ود أكبرهم وأبرهم به

قال ابن أبي حاتم : حدثنا أحمد بن منصور ، حدثنا الحسن بن موسى ، حدثنا يعقوب عن أبي المطهر ، قال ذكروا عند أبي جعفر - هو الباقر - وهو قائم يصلي يزيد بن المهلب ، قال فلما انفتل من صلاته قال : ذكرتم يزيد بن المهلب ، أما أنه قتل في أول أرض عبد فيها غير الله تقعالى قال ذكر وداً قال : كان رجلاً صالحاً ، وكان محبباً في قومه ، فلما مات عكفوا حول قبره في أرض بابل وجزعوا عليه ، فلما رأى إبليس جزعهم عليهم تشبه في صورة إنسان ثم قال : إني أرى جزعكم على هذا الرجل ، فهل لكم أن أصور لكم مثله فيكون في ناديكم فتذكرونه به ؟ قالوا : نعم ، فصور لهم مثله ، قال : فوضعوه في ناديهم وجعلوا يذكرونه فلما رأى ما بهم من ذكره قال : هل لكم أن أجعل في منزل كل واحد منكم تمثالاً مثله ليكون له في بيته فتذكرونه ؟ قالوا : نعم ، قال : فمثل لكل أهل بيت تمثالاً مثله ، فأقبلوا فجعلوا يذكرونه به ، قال : وأدرك أنباؤهم فجعلوا يرون ما يصنعون به ، قال : وتناسلوا ودرس أمر ذكرهم إياه حتى اتخذوه إلهاً يعبدونه من دون الله أولاد أولادهم ، فكان أول ما عبد غير الله ود الصنع الذي سموه وداً

ومقتضى هذا السياق أن كل صنم من هذه عبده طائفة من الناس ، وقد ذكر أنه لما تطاولت العهود والأزمان ، جعلوا تلك الصور تماثيل مجسدة ليكون أثبت لها ، ثم عبدت بعد ذلك من دون الله عز وجل ولهم في عبادتها مسالك كثيرة جداً قد ذكرناها في مواضعها من كتابنا التفسير ولله الحمد والمنة

وقد ثبت في الصحيحين عن رسول الله صلى الله عليه وسلم : أنه لما ذكرت عنده أم سلمة وأم حبيبة ، تلك الكنيسة التي رأينها بأرض الحبشة ، ويقال لها مارية وذكرتا من حسنها وتصاوير فيها قال : " أولئك إذا مات فيهم الرجل الصالح بنوا على قبره مسجداً ، ثم صوروا فيه تلك الصورة ، أولئك شرار الخلق عند الله عز وجل "

* * *

والمقصود أن الفساد لما اتنشر في الأرض وعم البلاء بعبادة الأصنام فيها ، بعث الله عبده ورسوله نوحاً عليه السلام ، يدعو إلى عبادة الله وحده لا شريك له ، وينهي عن عبادة ما سواه

فكان أول رسول بعثه الله إلى أهل الأرض ، كما ثبت في الصحيحين من حديث أبي حيان ، عن أبي زرعة بن عمرو بن جرير ، عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم في حديث الشفاعة ، قال : " فيأتون آدم فيقولون : يا آدم أنت أبو البشر ، خلقك الله بيده ، ونفخ فيك من ورحه ، وأمر الملائكة فسجدوا لك وأسكنك الجنة ، ألا تشفع لنا إلى ربك ؟ ألا ترى ما نحن فيه وما بلغنا ؟ فيقول : ربي قد غضب غضباً شديداً لم يغضب قبله مثله ، ولا يغضب بعده مثله ، ونهاني عن شجرة فعصيت ، نفسي نفسي ، اذهبوا إلى غيري اذهبوا إلى نوح

فيأتون نوحاً فيقولون : يا نوح أنت أول الرسل إلى أهل الأرض ، وسماك الله عبداً شكوراً ، ألا ترى إلى ما نحن فيه ألا ترى إلا ما بلغنا ؟ ألا تشفع لنا إلى ربك عز وجل ؟ فيقول : ربي قد غضب اليوم غضباً لم يغضب قبله مثله ولا يغضب بعده مثله ، نفسي نفسي " وذكر تمام الحديث كا أورده البخاري في قصة نوح

فما بعث الله نوحاً عليه السلام ، دعاهم إلى إفراد عبادة الله وحده لا شريك له ، وألا يعبدوا معه صنماً ولا تمثالاً ولا طاغوتاً وأن يعترفوا بوحدانيته ، وأنه لا إله غيره ولا رب سواه ، كما أمر الله تعالى من بعده من الرسل الذي هم كلهم من ذريته ، كما قال تعالى : " وجعلنا ذريته هم الباقين " وقال فيه وفي إبراهيم : " وجعلنا في ذريتهما النبوة والكتاب " ، أي كل نبي من بعد نوح فمن ذريته ، وكذلك إبراهيم

قال الله تعالى : " ولقد بعثنا في كل أمة رسولا أن اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت " وقال تعالى : " واسأل من أرسلنا من قبلك من رسلنا أجعلنا من دون الرحمن آلهة يعبدون " وقال تعالى : " وما أرسلنا من قبلك من رسول إلا نوحي إليه أنه لا إله إلا أنا فاعبدون "

ولهذا قال نوح لقومه : " اعبدوا الله ما لكم من إله غيره إني أخاف عليكم عذاب يوم عظيم " وقال : " أن لا تعبدوا إلا الله إني أخاف عليكم عذاب يوم أليم " وقال : " يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره أفلا تتقون " وقال : " يا قوم إني لكم نذير مبين * أن اعبدوا الله واتقوه وأطيعون " : و" وقد خلقكم أطوارا " الآيات الكريمات

فذكر أنهم دعاهم إلى الله بأنواع الدعوة في الليل والنهار ، والسر والإجهار ، بالترغيب تارة والترهيب أخرى ، وكل هذا لم ينجح فيهم ، بل استمر أكثرهم على الضلالة والطغيان ، وعبادة الأصنام والأوثان ، ونصبوا له العداوة في كل وقت وأوان ، وتنقصوه وتنقصوا من آمن به ، وتوعدهم بالرجم والإخراج ، ونالوا منهم وبالغوا في أمرهم

" قال الملأ من قومه " أي السادة الكبراء منهم : " إنا لنراك في ضلال مبين "

" قال يا قوم ليس بي ضلالة ولكني رسول من رب العالمين " أي لست كما تزعمون من أني ضال ، بل على الهدى المستقيم رسول من رب العالمين ، أي الذي يقول للشيء كن فيكون : " أبلغكم رسالات ربي وأنصح لكم وأعلم من الله ما لا تعلمون " وهذا شأن الرسول أن يكون بليغاً ، أي فصيحاً ناصحاً ، أعلم الناس بالله عز وجل

وقالوا له فيما قالوا : " ما نراك إلا بشرا مثلنا وما نراك اتبعك إلا الذين هم أراذلنا بادي الرأي وما نرى لكم علينا من فضل بل نظنكم كاذبين "

تعجبوا أن يكون بشر رسولاً وتنقصوا من اتبعه ورأوهم أراذلهم ، وقد قيل إنهم كانوا من أفناد الناس وهم ضعفاؤهم ، كما قال هرقل : وهم أتباع الرسل ، وما ذاك إلا لأنه لا مانع لهم من اتباع الحق

وقولهم : " بادي الرأي " أي بمجرد ما دعوتهم استجابوا لك من غير نظر ولا روية وهذا الذي رموهم به هو عين ما يمدحونه بسببه رضي الله عنهم ، فإن الحق الظاهر لا يحتاج إلى روية ولا فكر ولا نظر ، بل يجب اتباعه واإنقياد له متى ظهر

ولهذا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم مادحاً للصديق : " ما دعوت أحداً إلى الإسلام إلا كانت له كبوة غير أبي بكر ، فإنه لم يتلعثم " ، ولهذا كانت بيعته يوم السقيفة أيضاً سريعة من غير نظر ولا روية ، لأن أفضليته على من عداه ظاهرة جلية عند الصحابة رضي الله عنهم ولهذا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لما أراد أن يكتب الكتاب الذي أراد أن ينص فيه على خلافته فتركه ، قال : " يأبى الله والمؤمنون إلا أبا بكر " رضي الله عنه

وقوله كفرة قوم نوح له ولمن آمن به : " وما نرى لكم علينا من فضل " أي لم يظهر لكم أمر بعد اتصافكم بالإيمان ولا مزية علينا " بل نظنكم كاذبين * قال يا قوم أرأيتم إن كنت على بينة من ربي وآتاني رحمة من عنده فعميت عليكم أنلزمكموها وأنتم لها كارهون

وهذا تلطف في الخطاب معهم : ترفق بهم في الدعوة إلى الحق ، كما قال تعالى : " فقولا له قولا لينا لعله يتذكر أو يخشى " وقال تعالى : " ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن " وهذا منه

يقول لهم : " أرأيتم إن كنت على بينة من ربي وآتاني رحمة من عنده " أي النبوة والرسالة ، " فعميت عليكم " أي فلم تفهموها ولم تهتدوا إليها ، " أنلزمكموها " أي أنغصبكم بها ونجبركم عليها ؟ " وأنتم لها كارهون " أي ليس لي فيكم حيلة والحالة هذه ، " ويا قوم لا أسألكم عليه مالا إن أجري إلا على الله " أي لست أريد منكم أجرة على إبلاغي إياكم ما ينفعكم في دنياكم وأخراكم ، أن أطلب ذلك إلا من الله الذي ثوابه خير لي ، وأبقى مما تعطوني أنتم

وقوله : " وما أنا بطارد الذين آمنوا إنهم ملاقوا ربهم ولكني أراكم قوما تجهلون " كأنهم طلبوا منه أن يبعد هؤلاء عنه ، ووعدوه أن يجتمعوا به إذا هو فعل ذلك ، فأبى عليهم ذلك ، وقال : " إنهم ملاقوا ربهم " أي فأخاف إن طردتهم أفلا تذكرون

ولهذا سأل كفار قريش رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يطرد عنه ضعفاء المؤمنين ، كعمار وصهيب وبلال وخباب وأشباههم ، نهاه الله عن ذلك ، كما بيناه في سورتي الأنعام والكهف

" ولا أقول لكم عندي خزائن الله ولا أعلم الغيب ولا أقول إني ملك " أي بل أنا عبد رسول ، لا أعلم من علم الله إلا ما أعلمني به ولا أقد إلا على ما أقدرني عليه ، ولا أملك لنفسي نفعاً ولا ضراً إلا ما شاء الله : " ولا أقول للذين تزدري أعينكم " يعني من أتباعه " لن يؤتيهم الله خيرا الله أعلم بما في أنفسهم إني إذا لمن الظالمين " أي لا أشهد عليهم بأنهم لا خير لهم عند الله يوم القيامة ، الله أعلم بهم وسيجازيهم على ما في نفوسهم إن خيراً فيخر وإن شراً فشر ، كما قالوا في المواضع الأخر : " أنؤمن لك واتبعك الأرذلون * قال وما علمي بما كانوا يعملون * إن حسابهم إلا على ربي لو تشعرون * وما أنا بطارد المؤمنين * إن أنا إلا نذير مبين "

* * *

وقد تطاول الزمان والمجادلة بينه وبينهم كما قال تعالى : " فلبث فيهم ألف سنة إلا خمسين عاما فأخذهم الطوفان وهم ظالمون " أي ومع هذه المدة الطويلة فما آمن به إلا القليل منهم

وكان كلما انقرض جيل وصوا من بعدهم بعدم الإيمان به ومحاربته ومخالفته وكان الوالد إذا بلغ ولد وعقل عنه كلامه ، وصاه فيما بينه وبينه ، ألا يؤمن بنوح أبداً ما عاش ودائماً ما بقي

وكانت سجاياهم تأبى الإيمان وإتباع الحق ، ولهذا قال : " ولا يلدوا إلا فاجرا كفارا "

ولهذا : " قالوا يا نوح قد جادلتنا فأكثرت جدالنا فأتنا بما تعدنا إن كنت من الصادقين * قال إنما يأتيكم به الله إن شاء وما أنتم بمعجزين " أي إنما يقدر على ذلك الله عز وجل ، فإنه الذي لا يعجزه شيء ولا يكترثه أمر ، بل هو الذي يقول للشيء كن فيكون

" ولا ينفعكم نصحي إن أردت أن أنصح لكم إن كان الله يريد أن يغويكم هو ربكم وإليه ترجعون " أي من يرد الله فتنته فلن يملك أحد هدايته ، هو الذي يهدي من يشاء ويضل من يشاء ، وهو الفعال لما يريد ، وهو العزيز الحكيم ، العليم بمن يستحق الهداية ومن يستحق الغواية ، وله الحكمة البالغة والحجة الدامغة

* * *

" وأوحي إلى نوح أنه لن يؤمن من قومك إلا من قد آمن " تسلية له عما كان منهم إليه ، " فلا تبتئس بما كانوا يفعلون " وهذه تعزية لنوح عليه السلام في قومه أنه لن يؤمن منهم إلا من قد آمن ، أي لا يسوءنك ما جرى فإن النصر قريب والنبأ عجب عجيب

" واصنع الفلك بأعيننا ووحينا ولا تخاطبني في الذين ظلموا إنهم مغرقون "

وذلك أن نوحاً عليه السلام يئس من صلاحهم وفلاحهم ، ورأي أنهم لا خير فيهم وتوصلوا إلى أذيته ومخالفته وتكذيبه بكل طريق ، من فعال ومقال ، دعا عليهم دعوة غضب الله عليهم فلبى الله دعوته وأجاب طلبته ، قال الله تعالى : " ولقد نادانا نوح فلنعم المجيبون * ونجيناه وأهله من الكرب العظيم " وقال تعالى : " ونوحا إذ نادى من قبل فاستجبنا له فنجيناه وأهله من الكرب العظيم " وقال تعالى : " قال رب إن قومي كذبون * فافتح بيني وبينهم فتحا ونجني ومن معي من المؤمنين " ، وقال تعالى : " فدعا ربه أني مغلوب فانتصر " وقال تعالى : " قال رب انصرني بما كذبون " وقال تعالى : " مما خطيئاتهم أغرقوا فأدخلوا نارا فلم يجدوا لهم من دون الله أنصارا * وقال نوح رب لا تذر على الأرض من الكافرين ديارا * إنك إن تذرهم يضلوا عبادك ولا يلدوا إلا فاجرا كفارا "

فاجتمع عليهم خطاياهم من كفرهم وفجورهم ودعوة نبيهم عليهم

فعند ذلك أمره الله تعالى أن يصنع الفلك ، وهي السفينة العظيمة التي لم يكن لها نظير قبلها ولا يكون بعدها مثلها

وقدم الله تعالى إليه أن إذا جاء أمره ، وحل بهم بأسه الذي لا يرد عن القوم المجرمين ، أنه يعاوده فيهم ولا يراجعه ، فإنه لعله قد يدركه رقة على قومه عند معاينة العذاب النازل بهم ، فإنه ليس الخبر كالمعاينة ولهذا قال : " ولا تخاطبني في الذين ظلموا إنهم مغرقون "

" ويصنع الفلك وكلما مر عليه ملأ من قومه سخروا منه " أي يستهزئون منه استبعاداً لوقوع ما توعدهم به ، " قال إن تسخروا منا فإنا نسخر منكم كما تسخرون " أي نحن الذين نسخر منكم وتتعجب منكم في إستمراركم على كفركم وعنادكم الذي يقتضي وقوع العذاب بكم وحلوله عليكم " فسوف تعلمون من يأتيه عذاب يخزيه ويحل عليه عذاب مقيم "

وقد كانت سجاياهم الكفر الغليظ والعناد البالغ في الدنيا ، وهكذا في الآخرة فإنهم يجحدون أيضاً أن يكون جاءهم رسول

كما قال البخاري : حدثنا موسى بن إسماعيل ، حدثنا عبد الواحد بن زياد ، حدثنا الأعمش ، عن أبي صالح ، عن أبي سعيد قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " يجيء نوح عليه السلام وأمته ، فيقول الله عز وجل : هل بلغت ؟ فيقول ، أي رب فيقول لأمته : هل بلغكم ؟ فيقولون : لا ، ما جاءنا من نبي ، فيقول لنوح : من يشهد لك ؟ ! فيقول : محمد وأمته فنشهد أنه قال بلغ " وهو قوله تعالى : " وكذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيدا "

والوسط العدل فهذه الأمة تشهد على شهادة نبيها الصادق والمصدوق ، بأن الله قد بعث نوحاً بالحق ، وأنزل عليه الحق وأمره به ، وأنه بلغه إلى أمته على أمل الوجوه وأتمها ، ولم يدع شيئاً مما ينفعهم في دينهم إلا وقد أمرهم به ، ولا شيئاً مما قد يضرهم إلا وقد نهاهم عنه وحذرهم منه

وهكذا شأن جميع الرسل ، حتى إنه حذر قومه المسيح الدجال ، وإن كان لا يتوقع خروجه في زمانهم ، حذراً عليهم وشفقة ورحمة بهم

كما قال البخاري : حدثنا عبدان ، حدثنا عبد الله ، عن يونس ، عن الزهري ، قال سالم : قال ابن عمر : قام رسول الله صلى الله عليه وسلم في الناس فأثنى على الله بما هو أهله ، ثم ذكر الدجال فقال : " إني لأنذركموه ، وما من نبي إلا وقد أنذره قومه لقد أنذره نوح قومه ، ولكني أقول لكم فيه قولاً لم يقله نبي لقومه : تعلمون أنه أعور ، وأنه الله ليس بأعور "

وهذا الحديث في الصحيحين أيضاً من حديث شيبان بن عبد الرحمن عن يحيى بن أبي كثير ، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن ، عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " ألا أحدثكم عن الدجال حديثاً ما حدث نبي قومه ؟ إنه أعور وإنه يجيء معه بمثال الجنة والنار والتي يقول عليها الجنة هي النار ، وإني أنذركم كما أنذر به نوح قومه " لفظ البخاري

وقد قال بعض علماء السلف : لما استجاب الله له ، أمره أن يغرس شجراً ليعمل منه السفينة ، فغرسه وانتظره مائة سنة ، ثم نجره في مائة أخرى ، وقيل في أربعين سنة والله أعلم

قال محمد بن إسحاق عن الثوري : وكان من خشب الساج ، وقيل من الصنوبر وهو نص التوراة

قال الثوري : وأمره أن يجعل طولها ثمانين ذراعاً ، وأن يطلي ظاهرها وباطنها بالقار ، وأن يجعل لها جؤجؤاً أزور يشق الماء

وقال قتادة : كان طولها ثلاثمائة ذراع في عرض خمسين ذراعاً وهذا الذي في التوراة على ما رأيته وقال الحسن البصري : ستمائة في عرض ثلاثمائة ، وعن ابن عباس ألف ومائتا ذراع في عرض ستمائة ذراع ، وقيل كان طولها ألفي ذراع ، وعرضها مائة ذراع

قالوا كلهم ، وكان ارتفاعها ثلاثين ذراعاً ، وكانت ثلاث طبقات كل واحدة عشرة أذرع ، فالسفلى للدواب والوحوش ، والوسطى للناس ، والعليا للطيور ، وكان بلبها في عرضها ، ولها غطاء من فوقها مطبق عليها

قال الله تعالى : " قال رب انصرني بما كذبون * فأوحينا إليه أن اصنع الفلك بأعيننا ووحينا " أي بأمرنا لك ، بمرأى منا لصنعتك لها ، ومشاهدتنا لذلك ، لنرشدك إلى الصواب في صنعتها

" فإذا جاء أمرنا وفار التنور فاسلك فيها من كل زوجين اثنين وأهلك إلا من سبق عليه القول منهم ولا تخاطبني في الذين ظلموا إنهم مغرقون "

فتقدم إليه بأمر العظيم العالي أنه إذا جاء أمره وحل بأسه ، أن يحمل في هذه السفينة من كل زوجين اثنين من الحيوانات ، وسائر ما فيه روح من المأكولات وغيرها لبقاء نسلها ، وإن يحمل معه أهله ، أي أهل بيته ، إلا من سبق عليه القول منهم ، أي إلا من كان كافراً فإنه قد نفذت فيه الدعوة التي لا ترد ، ووجب عليه حلول البأس الذي لا يرد ، وأمر أنه لا يراجعه فيهم إذا حل بهم ما يعاينه من العذاب العظيم ، الذي قد حتمه عليهم الفعال لما يريد كما قدمنا بيانه قبل

والمراد بالتنور عند الجمهور وجه الأرض ، أي نبعت الأرض من سائر أرجائها حتى نبعت التنانير التي هي محال النار ، وعن ابن عباس التنور عين في الهند ، وعن الشعبي ، بالكوفة وعن قتادة : بالجزيرة

وقال علي بن أبي طالب : المراد بالتنور فلق الصبح وتنوير الفجر ، أي إشراقة وضياؤه أي عند ذلك فاحمل فيها من كل زوجين اثنين ، وهذا قول غريب

وقوله تعالى : " حتى إذا جاء أمرنا وفار التنور قلنا احمل فيها من كل زوجين اثنين وأهلك إلا من سبق عليه القول ومن آمن وما آمن معه إلا قليل " هذا أمر بأنه عند حلول النقمة بهم أن يحمل فيها من كل زوجين اثنين

وفي كتاب أهل الكتاب : أنه أمر أن يحمل كل ما يؤكل سبعة أزواج ، ومالا يؤكل زوجين : ذكر وأنثى

وهذا مغاير لمفهوم قوله تعالى في كتابنا الحق : " اثنين " إن جعلنا ذلك مفعولاً به ، وأما إن جعلناه توكيداً لزوجين والمفعول به محذوف فلا ينافي والله أعلم

وذكر بعضهم - ويروى عن ابن عباس : أن أول ما دخل من الطيور الدرة وآخر ما دخل من الحيوانات الحمار ، ودخل إبليس متعلقاً بذنب الحمار

وقال ابن أبي حاتم : حدثنا أبي ، حدثنا عبدالله بن صالح ، حدثني الليث ، حدثني هشام ابن سعد ، عن زيد بن أسلم ، عن أبيه ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " لما حمل نوح السفينة من كل زوجين اثنين ، قال أصحابه ، وكيف نطمئن ؟ - أي كيف تطمئن المواشي ومعنا الأسد ؟ - فسلط الله عليه الحمى ، فكانت أول حمى نزلت في الأرض ثم شكوا الفأرة ، فقالوا : الفويسقة تفسد علينا طعامنا ومتاعنا فأوحى الله إلى الأسد فعطس ، فخرجت الهرة منه فتخبأت الفارة منها "

هذا مرسل

وقوله : " وأهلك إلا من سبق عليه القول " أي من استجيبت فيهم الدعوة النافذة ممن كفر ، فكان منهم ابنه يام الذي غرق كما سيأتي بيانه

" ومن آمن " أي واحمل فيها من آمن بك من أمتك قال الله تعالى : " وما آمن معه إلا قليل " هذا مع طول المدة والمقام بين أظهرهم ، ودعوتهم الأكيدة ليلاً ونهاراً بضروب المقال وفنون المتطلفات والتهديد والوعيد تارة والترغيب والوعد أخرى

وقد اختلف العلماء في عدة من كان معه في السفينة

فعن ابن عباس : كانوا ثمانين نفساً معهم نساؤهم ، وعن كعب الأحبار : كانوا اثنين وسبعين نفساً وقيل كانوا عشرة

وقيل إنما كانوا نوحاً وبينه الثلاثة وكنائنه الأربع بامرأة يام الذي انخزل وانعزل ، وسلك عن طريق النجاة فما عدل إذ عدل

وهذا القول فيه مخالف لظاهر الآية ، بل هي نص في أنه قد ركب معه من غير أهله طائفة ممن آمن به ، كما قال : " ونجني ومن معي من المؤمنين " وقيل كانوا سبعة

وأما امرأة نوح وهي أم أولاده كلهم : وهم حام ، وسام ، ويافث ، ويام ، ويسميه أهل الكتاب كنعان وهو الذي قد غرق ، و عابر فقد ماتت قبل الطوفان ، وقيل إنها غرقت مع من غرق ، وكانت ممن سبق عليه القول لكفرها

وعند أهل الكتاب أنها كانت في السفينة ، فيحتمل أنها كفرت بعد ذلك ، أو أنها أنظرت ليوم القيامة ، والظاهر الأول لقوله : " لا تذر على الأرض من الكافرين ديارا "

قال الله تعالى : " فإذا استويت أنت ومن معك على الفلك فقل الحمد لله الذي نجانا من القوم الظالمين * وقل رب أنزلني منزلا مباركا وأنت خير المنزلين "

أمره أن يحمد ربه على ما سخر له من هذه السفينة ، فنجاه بها وفتح بينه وبين قومه ، وأقر عينه ممن خالفه وكذبه ، كما قال تعالى : " والذي خلق الأزواج كلها وجعل لكم من الفلك والأنعام ما تركبون * لتستووا على ظهوره ثم تذكروا نعمة ربكم إذا استويتم عليه وتقولوا سبحان الذي سخر لنا هذا وما كنا له مقرنين * وإنا إلى ربنا لمنقلبون "

وهكذا يؤمر بالدعاء في ابتداء الأمر : أن يكون على الخير والبركة ، وأن تكون عاقبتها محمودة ، كما قال تعالى لرسوله صلى الله عليه وسلم حين هاجر : " وقل رب أدخلني مدخل صدق وأخرجني مخرج صدق واجعل لي من لدنك سلطانا نصيرا "

وقد امتثل نوح عليه السلام هذه الوصية وقال : " اركبوا فيها بسم الله مجريها ومرساها إن ربي لغفور رحيم " أي على أسم الله ابتداء سيرها ونتهاؤه " إن ربي لغفور رحيم " أي وذو عقاب أليم ، مع كونه غفوراً رحيماً ، لا يرد بأسه عن القوم المجرمين ، كما أحل بأهل الأرض الذين كفروا به وعبدوا غيره

قال الله تعالى : " وهي تجري بهم في موج كالجبال " وذلك أن الله تعالى أرسل من السماء مطراً لم تعهده الأرض قبله ولا تمطره بعده ، كان كأفواه القرب ، وأمر الأرض فنبعت من جميع فجاجها وسائر أرجائها كما قال تعالى : " فدعا ربه أني مغلوب فانتصر * ففتحنا أبواب السماء بماء منهمر * وفجرنا الأرض عيونا فالتقى الماء على أمر قد قدر * وحملناه على ذات ألواح ودسر " والدسر المسامير " تجري بأعيننا " أي بحفظنا وكلاءتنا وحراستنا ومشاهدتنا لها " جزاء لمن كان كفر "

وقد ذكر ابن جرير وغيره : أن الطوفان كان في ثالث عشر من شهر آب في حساب القبط

وقال تعالى : " إنا لما طغى الماء حملناكم في الجارية " أي السفينة " لنجعلها لكم تذكرة وتعيها أذن واعية "

قال جماعة من المفسرين : ارتفع الماء على أعلى جبل في الأرض خمسة عشر ذراعاً ، وهو الذي عند أهل الكتاب وقيل : ثمانين ذراعاً ، وعم جميع الأرض طولها والعرض ، سهلها وحزنها ، وجبالها وقفارها ورمالها ، ولم يبق على وجه الأرض ممن كان بها من الأحياء عين تطرف ، ولا صغير ولا كبير

قال الإمام مالك عن زيد بن أسلم : كان أهل ذلك الزمان قد ملئوا السهل والجبل ، وقال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم : لم تكن بقعة في الأرض إلا ولها مالك وحائز

رواهما ابن أبي حاتم

" ونادى نوح ابنه وكان في معزل يا بني اركب معنا ولا تكن مع الكافرين * قال سآوي إلى جبل يعصمني من الماء قال لا عاصم اليوم من أمر الله إلا من رحم وحال بينهما الموج فكان من المغرقين "

وهذا الابن هو يام أخو سام وحام ويافث ، وقيل اسمه كنعان وكان كافراً عمل عملاً غير صالح ، فخالف أباه في دينه ، فهلك مع من هلك هذا وقد نجال مع أبيه الأجانب في النسب ، لما كانوا موافقين في الدين والمذهب

" وقيل يا أرض ابلعي ماءك ويا سماء أقلعي وغيض الماء وقضي الأمر واستوت على الجودي وقيل بعدا للقوم الظالمين "

أي لما فرغ من أهل الأرض ، ولم يبق بها أحد ممن عبد غير الله عز وجل ، أمر الله الأرض أن تبتلع ماءها ، وأمر السماء أن تقلع أي تمسك عن المطر " وغيض الماء " أي نقص عما كان " وقضي الأمر " أي وقع بهم الذي كان قد سبق في علمه وقدره ، من إحلاله بهم ما حل بهم

" وقيل بعدا للقوم الظالمين " أي نودي عليهم بلسان القدرة : بعداً لهم من الرحمة والمغفرة

كما قال تعالى : " فكذبوه فأنجيناه والذين معه في الفلك وأغرقنا الذين كذبوا بآياتنا إنهم كانوا قوما عمين "

وقال تعالى : " فكذبوه فنجيناه ومن معه في الفلك وجعلناهم خلائف وأغرقنا الذين كذبوا بآياتنا فانظر كيف كان عاقبة المنذرين "

وقال تعالى : " فأنجيناه ومن معه في الفلك المشحون * ثم أغرقنا بعد الباقين * إن في ذلك لآية وما كان أكثرهم مؤمنين * وإن ربك لهو العزيز الرحيم "

وقال تعالى : " فأنجيناه وأصحاب السفينة وجعلناها آية للعالمين "

وقال تعالى : " ثم أغرقنا الآخرين "

وقال : " ولقد تركناها آية فهل من مدكر * فكيف كان عذابي ونذر * ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدكر "

وقال تعالى : " مما خطيئاتهم أغرقوا فأدخلوا نارا فلم يجدوا لهم من دون الله أنصارا * وقال نوح رب لا تذر على الأرض من الكافرين ديارا * إنك إن تذرهم يضلوا عبادك ولا يلدوا إلا فاجرا كفارا "

وقد استجاب الله تعالى - وله الحمد والمنة - دعوته ، فلم يبق منهم عين تطرف

وقد روى الإمامان أبو جعفر بن جرير ، وأبو محمد بن أبي حاتم في تفسيريهما من طريق يعقوب بن محمد الزهري ، عن قائد مولى عبد الله بن أبي رافع ، أن إبراهيم بن عبد الرحمن بن أبي ربيعة أخبره أن عائشة أم المؤمنين أخبرته أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " فلو رحم الله من قوم نوح أحداً لرحم أم الصبي " !

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " مكث نوح عليه السلام في قومه ألف سنة - يعني إلا خمسين عاماً - وغرس مائة سنة الشجر ، فعظمت وذهبت كل مذهب ، ثم قطعها ثم جعلها سفينة ، ويمرون عليه ويسخرون منه ، ويقولون : تعمل سفينة في البر ، كيف تجري ؟ قال : سوف تعلمون

فما فرغ ونبع الماء وصار في السكك خشيت أم الصبي عليه وكانت تحبه حباً شديداً ، فخرجت به إلى الجبل حتى بلغت ثلثه ، فلما بلغها الماء خرجت به حتى استوت على الجبل ، فلما بلغ الماء قبتها رفعته بيديها فغرقا ، فلو رحم الله منهم أحداً لرحم أم الصبي " !

وهذا حديث غريب وقد روى عن كعب الأحبار ومجاهد وغير واحد شبيه لهذه القصة وأخرى بهذا الحديث أن يكون موقوفاً متلقى عن مثل كعب الأحبار والله أعلم

والمقصود أن الله لم يبق من الكفارين دياراً

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
المدير
AMINE PàTCHIKà
AMINE PàTCHIKà
المدير


الجنس : ذكر
الابراج الدلو
تاريخ الميلاد تاريخ الميلاد : 25/01/1988
العمر : 36

المدير العام
منتديات أمين عبلة الحب :

قصَصُ الأنبيَاء Empty
مُساهمةموضوع: رد: قصَصُ الأنبيَاء   قصَصُ الأنبيَاء Emptyالخميس يناير 10, 2013 11:59 pm

كيف يزعم بعض المفسرين أن عوج بن عنق - ويقال ابن عناق - كان موجوداً من قبل نوح إلى زمان موسى ويقولون : كان كافراً متمرداً جباراً عنيداً ويقولون : كان لغير رشدة بل ولدته أمه بنت آدم من زنى ، وأنه كان يأخذ من طوله السمك من قرار البحار ويشويه في عين الشمس ، وأنه كان يقول لنوح وهو في السفينة : ما هذه القصة التي لك ؟ ويستهزئ به ويذكرونه أنه كان طوله ثلاثة آلاف ذراع وثلاثمائة وثلاثة وثلاثين ذراعاً وثلثاً ، إلى غير ذلك من الهذايانات التي لولا أنها مسطرة في كثير من كتب التفاسير وغيرها من التواريخ وأيام الناس لما تعرضنا لحكايتها ، لسقاطتها وركاكتها ، ثم إنها مخالفة للمعقول والمنقول

أما المعقول : فكيف يسوغ فيه أن يهلك الله ولد نوح لكفره ، وأبوه نبي الأمة وزعيم أهل الإيمان ، ولا يهلك عوج بن عنق ، ويقال عناق ، وهو أظلم وأطغى على ماذكروا

وكيف لا يرحم الله منهم أحداً ولا أم الصبي ، ويترك هذا الدعي الجبار العنيد الفاجر ، والشديد الكافر ، الشيطان المريد على ما ذكروا ؟

وأما المنقول فقد قال الله تعالى : " ثم أغرقنا الآخرين " وقال : " رب لا تذر على الأرض من الكافرين ديارا "

ثم هذا الطول الذي ذكروه مخالف لما في الصحيحين عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : " إن الله خلق آدم وطوله ستون ذراعاً ، ثم لم يزل الخلق ينقص حتى الآن "

فهذا نص الصادق المصدوق المعصوم الذي لا ينطق عن الهوى " إن هو إلا وحي يوحى " إنه لم يزل الخلق ينقص حتى الآن أي لم يزل الناس في نقصان في طولهم من آدم إلى يوم إخباره بذلك وهلم جرا إلى يوم القيامة 0 وهذا يقتضي أنه لم يوجد من ذرية آدم من كان أطول منه

فكيف يترك هذا ويذهل عنه ويصار إلى أقوال الكذبة الكفرة من أهل الكتاب ، الذين بدلوا كتب الله المنزلة وحرفوها وأولوها ووضعوها ووضعوها على غير مواضعها ؟ فما ظنك بما هم يستقلون بنقله أو يؤتمنون عليه وهم الخونة والكذبة عليهم لعائن الله المتتابعة إلى يوم القيامة ، وما أظن أن هذا الخبر عن عوج بن عناق إلا اختلاقاً من بعض زنادقتهم وفجارهم الذين كانوا أعداء الأنبياء والله أعلم

ثم ذكر الله تعالى مناشدة نوح ربه في ولده ، وسؤاله له عن غرقه على وجه الإستعلام والإستكشاف

ووجه السؤال : أنك وعدتني بنجاة أهلى معي وهو منهم وقد غرق ؟

فأجيب بأنه ليس من أهلك ، أي الذين وعدت بنجاتهم أي إنا قلنا لك : " وأهلك إلا من سبق عليه القول منهم " فكان هذا ممن سبق عليه القول منهم بأنه سيغرق بكفره ، ولهذا ساقته الأقدار إلى أن انحاز عن حوزة أهل الإيمان ، فغرق مع حزبه أهل الكفر والطغيان

ثم قال تعالى : " قيل يا نوح اهبط بسلام منا وبركات عليك وعلى أمم ممن معك وأمم سنمتعهم ثم يمسهم منا عذاب أليم "

هذا أمر لنوح عليه السلام لما نضب الماء عن وجه الأرض ، وأمكن السعي فيها والإستقرار عليها ، أن يهبط من السفينة التي كانت قد استقرت بعد سيرها العظيم على ظهر جبل الجودي وهو جبل بأرض الجزيرة مشهور : " بسلام منا وبركات " أي أهبط سالماً مباركاً عليك ، وعلى أمم من سيولد بعد ، أي من أولادك ، فإن الله لم يجعل لأحد ممن كان معه من المؤمنين نسلاً ولا عقباً سوى نوح عليه السلام قال تعالى : " وجعلنا ذريته هم الباقين " ، فكل من على وجه الأرض اليوم من سائر أجناس بني آدم ، ينسبون إلى أولاد نوح وهم : سام ، وحام ، ويافث

قال الإمام أحمد : حدثنا عبد الوهاب ، عن سعيد ، عن قتادة ، عن الحسن ، عن سمرة ، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " سام أبو العرب ، وحام أبو الحبش ، ويافث أبو الروم "

ورواه الترمذي عن بشر بن معاذ العقدي ، عن يزيد بن زريع ، عن سعيد بن أبي عروبة ، عن قتادة ، عن الحسن ، عن سمرة مرفوعاً نحوه

وقال الشيخ أبو عمر بن عبد البر : وقد روى عن عمران بن حصين عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله قال : والمراد بالروم هنا الروم الأول وهم اليونان المنتسبون إلى رومي بن لبطي بن يونان بن يافث ابن نوح عليه السلام

ثم روى من حديث إسماعيل بن عياش ، عن يحيى بن سعيد ، عن سعيد بن المسيب ، أنه قال : ولد نوح ثلاثة : سام ويافث وحام ، وولد كل واحد من هذه الثلاثة ثلاثة : فولد سام : العرب وفارس والروم ، وولد يافث : الترك والصقالبة ويأجوج ومأجوج ، وولد حام : القبط والسودان والبربر

قلت : وقد قال الحافظ أبو بكر البزار في مسنده : حدثنا إبراهيم بن هانىء وأحمد بن حسين ابن عباد أبو العباس قالا : حدثنا محمد بن يزيد بن سنان الرهاوي : حدثني أبي عن يحيى بن سعيد ، عن سعيد بن المسيب ، عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ولد لنوح : سام وحام ويافث ، فولد لسام العرب وفارس الروم والخير فيهم ، وولد ليافث : يأجوج ومأموج والترك والصقالبة ولا خير فيهم وولد لحام : القبط والبربر والسودان "

ثم قال : لا نعلم يروى مرفوعاً إلى من هذا الوجه ، تفرد به عن محمد بن يزيد بن سنان عن أبيه ، وقد حدث عنه جماعة من أهل العلم واحتملوا حديثه ورواه غيره عن يحيى بن عسيد مرسلاً ولم يسنده ، وإنما جعله من قول سعيد

قلت : وهذا الذي ذكره أبو عمر ، هو المحفوظ عن سعيد قوله : " وهكذا روى عن وهب ابن منبه مثله " والله أعلم ، ويزيد بن سنان أبو فروة الرهاوي ضعيف بمرة لا يعتمد عليه

وقد قيل : إن نوحاً عليه السلام لم يولد له هؤلاء الثلاثة الأولاد إلا بعد الطوفان ، وإنما ولد له قبل السفينة كنعان الذي غرق ، و عابر مات قبل الطوفان

والصحيح أن الأولاد الثلاثة كانوا معه في السفينة هم ونساؤهم وأمهم وهو نص التوراة وقد ذكر أن حاماً واقع امرأته في السفينة ، فدعا عليه نوح أن تشوه خلقه نطفته ، فولد له ولد أسود هو كنعان بن حام جد السودان ، وقيل بل رأى أباه نائماً وقد بدت عورته فلم يسترها وسترها أخوه ، فلهذا دعا عليه أن تغير نطفته ، وأن يكون أولاده عبيداً لإخوته

وذكر الإمام أبو جعفر بن جرير من طريق علي بن زيد بن جدعان عن يوسف بن مهران ، عن ابن عباس أنه قال : قال الحواريون لعيسى ابن مريم : لو بعثت لنا رجلاً شهد السفينة فحدثنا عنها قال : فانطلق بهم حتى أتي إلى كثيب من تراب ، فأخذ كفا من ذلك التراب بكفه وقال أتدرون ما هذا ؟ قالوا : الله ورسوله أعلم ، قال : هذا كعب حام بن نوح قال : وضرب الكثيب بعصاه وقال : قم بإذن الله فإذا هو قائم ينفض التراب عن رأسه قد شاب ، فقال له عيسى عليه السلام ، هكذا هلكت ؟ قال : لا ، ولكني مت وأنا شاب ، ولكني ظننت أنها الساعة فمن ثم شبت

قال : حدثنا عن سفينة نوح قال : كان طولها ألف ذراع ومائتي ذراع ، وعرضها ستمائة ذراع ، وكانت ثلاث طبقات : فطبقة فيها الدواب والوحش وطبقة فيها الإنس ، وطبقة فيها الطير فلما كثر أرواث الدواب أوحى الله عز وجل إلى نوح عليه السلام أن اغمز ذنب الفيل ، فغمزه فوقع منه خنزير وخنزيرة ، فأقبلا على الروث ، ولما وقع الفأر يخرز السفينة بقرضه ، أوحى الله عز وجل إلى نوح عليه السلام : أن أضرب بين عيني الأسد ، فخرج من منخرة سنور وسنورة فأقبلا على الفأر فقال له عيسى : كيف علم نوح عليه السلام أن البلاد قد غرقت ؟ قال : بعث الغراب يأتيه بالخبر فوجد جيفة فوقع عليها فدعا عليه بالخوف فلذلك لا يألف البيوت

قال : ثم بعث الحمامة فجاءت بورق زيتون بمنقارها وطين برجلها فعلم أن البلاد قد غرقت فطوقها الخضرة التي في عنقها ، ودعا لها أن تكون في أنس وأمان ، فمن ثم تألف البيوت قال : فقالوا : يا رسول الله ألا ننطلق به إلى أهلينا فيجلس معنا ويحدثنا ؟ قال : كيف يتبعكم من لا رزق له ؟ قال : فقال له : عد بإذن الله فعاد تراباً وهذا أثر غريب جداً

وروى علباء بن أحمر ، عن عكرمة ، عن ابن عباس قال : كان مع نوح في السفينة ثمانون رجلاً معهم أهلوهم ، وإنهم كانوا في السفينة مائة وخمسون يوماً ، وإن الله وجه السفينة إلى مكة فدارت بالبيت أربعين يوماً ، ثم وجهها إلى الجودي فاستقرت عليه ، فبعث نوح عليه السلام الغراب ليأتيه بخبر الأرض ، فذهب فوقع على الجيف فأبطأ عليه ، فبعث الحمامة فأتته بورق الزيتون ولطخت رجليها بالطين ، فعرف نوح أن الماء قد نضب ، فهبط إلى أسفل الجودى فابتني قرية وسماها ثمانين ، فأصبحوا ذات يوم وقد تبلبلت ألسنتهم على ثمانين لغة ، إحداها العربية ، وكان بعضهم لا يفقه كلام بعض فكان نوح عليه السلام يعبر عنهم

وقال قتادة وغيره : ركبوا في السفينة في اليوم العاشر من شهر رجب فساروا مائة وخمسين يوماً ، واستقرت بهم على الجودي شهراً وكان خروجهم من السفينة في يوم عاشوراء من المحرم ، وقد روى ابن جرير خبراً مرفوعاً يوافق هذا ، وأنهم صاموا يومهم ذلك

وقال الإمام أحمد : حدثنا أبو جعفر ، حدثنا عبد الصمد بن حبيب الأزدي عن أبيه حبيب ابن عبد الله ، عن شبل ، عن أبي هريرة قال : مر النبي صلى الله عليه وسلم بأناس من اليهود وقد صاموا يوم عاشوراء ، فقال : " ما هذا الصوم " ؟ فقال : هذا اليوم الذي نجى الله فيه موسى وبني إسرائيل من الغرق ، وغرق فيه فرعون ، وهذا اليوم استوت فيه السفينة على الجودى ، فصامه نوح وموسى عليهما السلام شكراً لله عز وجل : فقال النبي صلى الله عليه وسلم : " أنا أحق بموسى وأحق بصوم هذا اليوم " وقال لأصحابه : " ومن كان منكم أصبح صائماً فليتم صومه ، ومن كان منكم قد أصاب من غذ أهله فليتم بقية صومه "

وهذا الحديث له شاهد في الصحيح من وجه آخر ، والمستغرب ذكر نوح أيضاً والله أعلم

وأما ما يذكره كثير من الجهلة أنهم أكلوا من فضول أزوادهم ، ومن حبوب كانت معهم قد استصحبوها ، وطحنوا الحبوب يومئذ ، واكتحلوا بالإثمد لتقوية أبصارهم لما انهارت من الضياء بعد ما كانوا في ظلمة السفينة - فكل هذا لا يصح فيه شيء - وإنما يذكر فيه آثار منقطعة عن بني إسرائيل لا يعتمد عليها ولا يقتدى بها والله أعلم

وقال محمد بن إسحاق : لما أراد الله أن يكف ذلك الطوفان أرسل ريحاً على وجه الأرض ، فسكن الماء وانسدت ينابيع الأرض ، فجعل الماء ينقص ويغيض ويدبر ، وكان استواء الفلك على الجودي - فيما يزعم أهل التوراة - في الشهر السابع عشر ليلة مضت منه وفي أول يوم من الشهر العاشر رئيت رؤس الجبال فلما مضى بعد ذلك أربعون يوماً فتح نوح كوة الفلك التي صنع فيها ، ثم أرسل الغراب لينظر له ما فعل الماء فلم يرجع إليه ، فأرسل الحمامة فرجعت إليه ولم يجد لرجلها موضعاً ، فبسط يده للحمامة فأخذها فأدخلها ، ثم مضت سبعة أيام ثم أرسلها لتنظر له ما فعل الماء فلم ترجع ، فرجعت حين أمست وفي فيها ورق زيتونة ، فعلم نوح أن الماء قد قل عن وجه الأرض ثم مكث سبعة أيام ثم أرسلها فلم ترجع إليه ، فعلم نوح أن الأرض قد برزت ، فلما كملت السنة فيما بين أن أرسل الله الطوفان إلى أن أرسل نوح الحمامة ودخل يوم واحد من الشهر الأول من سنة اثنين ، برز وجه الأرض ، وظهر البر وكشف نوح غطاء الفلك

وهذا الذي ذكره ابن إسحاق هو بعينه مضمون سياق التوراة التي بأيدي أهل الكتاب

وقال ابن إسحاق : وفي الشهر الثاني من سنة اثنين في ست وعشرين ليلة منه " قيل يا نوح اهبط بسلام منا وبركات عليك وعلى أمم ممن معك وأمم سنمتعهم ثم يمسهم منا عذاب أليم "

وفيما ذكر أهل الكتاب أن الله كلم نوحاً قائلاً له : اخرج من الفلك أنت وامرأتك وبنوك ونساء بنيك معك ، وجميع الدواب التي معك ، ولينموا وليكثروا في الأرض فخرجوا وابنتي نوح مذبحاً لله عز وجل وأخذ من جميع الدواب الحلال والطير الحلال فذبحها قرباناً إلى الله عز وجل وعهد الله إليه ألا يعيد الطوفان على أهل الأرض وجعل تذكاراً لميثاقه إليه القوس الذي في الغمام ، وهو قوس قزح الذي روى عن ابن عباس أنه أمان من الغرق قال بعضهم : فيه إشارة إلى أنه قوس بلا وتر ، أي أن هذا الغمام لا يوجد طوفان كأول مرة

وقد أنكر طائفة من جهلة الفرس وأهل الهند وقوع الطوفان ، واعترف به آخرون منهم وقالوا : إنما كان بأرض بابل ولم يصل إلينا قالوا ولم نزل نتوارث الملك كابراً عن كابر ، من لدن كيومث - يعنون آدم - إلى زماننا هذا

وهذا قاله من قاله من زنادقة المجوس عباد النيران وأتباع الشيطان وهذه سفسطة منهم وكفر فظيع وجهل بليغ ، ومكابرة للمحسوسات ، وتكذيب لرب الأرض والسموات

وقد أجمع أهل الأديان الناقلون عن رسل الرحمن ، مع ما تواتر عند الناس في سائر الأزمان ، على وقوع الطوفان ، وأنه عم جميع البلاد ، ولم يبق الله أحداً من كفرة العباد ، استجابة لدعوة نبيه المؤيد المعصوم ، وتنفيذاً لما سبق في القدر المحتوم

ثم ذكر الله تعالى مناشدة نوح ربه في ولده ، وسؤاله له عن غرقه على وجه الإستعلام والإستكشاف

ووجه السؤال : أنك وعدتني بنجاة أهلى معي وهو منهم وقد غرق ؟

فأجيب بأنه ليس من أهلك ، أي الذين وعدت بنجاتهم أي إنا قلنا لك : " وأهلك إلا من سبق عليه القول منهم " فكان هذا ممن سبق عليه القول منهم بأنه سيغرق بكفره ، ولهذا ساقته الأقدار إلى أن انحاز عن حوزة أهل الإيمان ، فغرق مع حزبه أهل الكفر والطغيان

ثم قال تعالى : " قيل يا نوح اهبط بسلام منا وبركات عليك وعلى أمم ممن معك وأمم سنمتعهم ثم يمسهم منا عذاب أليم "

هذا أمر لنوح عليه السلام لما نضب الماء عن وجه الأرض ، وأمكن السعي فيها والإستقرار عليها ، أن يهبط من السفينة التي كانت قد استقرت بعد سيرها العظيم على ظهر جبل الجودي وهو جبل بأرض الجزيرة مشهور : " بسلام منا وبركات " أي أهبط سالماً مباركاً عليك ، وعلى أمم من سيولد بعد ، أي من أولادك ، فإن الله لم يجعل لأحد ممن كان معه من المؤمنين نسلاً ولا عقباً سوى نوح عليه السلام قال تعالى : " وجعلنا ذريته هم الباقين " ، فكل من على وجه الأرض اليوم من سائر أجناس بني آدم ، ينسبون إلى أولاد نوح وهم : سام ، وحام ، ويافث

قال الإمام أحمد : حدثنا عبد الوهاب ، عن سعيد ، عن قتادة ، عن الحسن ، عن سمرة ، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " سام أبو العرب ، وحام أبو الحبش ، ويافث أبو الروم "

ورواه الترمذي عن بشر بن معاذ العقدي ، عن يزيد بن زريع ، عن سعيد بن أبي عروبة ، عن قتادة ، عن الحسن ، عن سمرة مرفوعاً نحوه

وقال الشيخ أبو عمر بن عبد البر : وقد روى عن عمران بن حصين عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله قال : والمراد بالروم هنا الروم الأول وهم اليونان المنتسبون إلى رومي بن لبطي بن يونان بن يافث ابن نوح عليه السلام

ثم روى من حديث إسماعيل بن عياش ، عن يحيى بن سعيد ، عن سعيد بن المسيب ، أنه قال : ولد نوح ثلاثة : سام ويافث وحام ، وولد كل واحد من هذه الثلاثة ثلاثة : فولد سام : العرب وفارس والروم ، وولد يافث : الترك والصقالبة ويأجوج ومأجوج ، وولد حام : القبط والسودان والبربر

قلت : وقد قال الحافظ أبو بكر البزار في مسنده : حدثنا إبراهيم بن هانىء وأحمد بن حسين ابن عباد أبو العباس قالا : حدثنا محمد بن يزيد بن سنان الرهاوي : حدثني أبي عن يحيى بن سعيد ، عن سعيد بن المسيب ، عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ولد لنوح : سام وحام ويافث ، فولد لسام العرب وفارس الروم والخير فيهم ، وولد ليافث : يأجوج ومأموج والترك والصقالبة ولا خير فيهم وولد لحام : القبط والبربر والسودان "

ثم قال : لا نعلم يروى مرفوعاً إلى من هذا الوجه ، تفرد به عن محمد بن يزيد بن سنان عن أبيه ، وقد حدث عنه جماعة من أهل العلم واحتملوا حديثه ورواه غيره عن يحيى بن عسيد مرسلاً ولم يسنده ، وإنما جعله من قول سعيد

قلت : وهذا الذي ذكره أبو عمر ، هو المحفوظ عن سعيد قوله : " وهكذا روى عن وهب ابن منبه مثله " والله أعلم ، ويزيد بن سنان أبو فروة الرهاوي ضعيف بمرة لا يعتمد عليه

وقد قيل : إن نوحاً عليه السلام لم يولد له هؤلاء الثلاثة الأولاد إلا بعد الطوفان ، وإنما ولد له قبل السفينة كنعان الذي غرق ، و عابر مات قبل الطوفان

والصحيح أن الأولاد الثلاثة كانوا معه في السفينة هم ونساؤهم وأمهم وهو نص التوراة وقد ذكر أن حاماً واقع امرأته في السفينة ، فدعا عليه نوح أن تشوه خلقه نطفته ، فولد له ولد أسود هو كنعان بن حام جد السودان ، وقيل بل رأى أباه نائماً وقد بدت عورته فلم يسترها وسترها أخوه ، فلهذا دعا عليه أن تغير نطفته ، وأن يكون أولاده عبيداً لإخوته

وذكر الإمام أبو جعفر بن جرير من طريق علي بن زيد بن جدعان عن يوسف بن مهران ، عن ابن عباس أنه قال : قال الحواريون لعيسى ابن مريم : لو بعثت لنا رجلاً شهد السفينة فحدثنا عنها قال : فانطلق بهم حتى أتي إلى كثيب من تراب ، فأخذ كفا من ذلك التراب بكفه وقال أتدرون ما هذا ؟ قالوا : الله ورسوله أعلم ، قال : هذا كعب حام بن نوح قال : وضرب الكثيب بعصاه وقال : قم بإذن الله فإذا هو قائم ينفض التراب عن رأسه قد شاب ، فقال له عيسى عليه السلام ، هكذا هلكت ؟ قال : لا ، ولكني مت وأنا شاب ، ولكني ظننت أنها الساعة فمن ثم شبت

قال : حدثنا عن سفينة نوح قال : كان طولها ألف ذراع ومائتي ذراع ، وعرضها ستمائة ذراع ، وكانت ثلاث طبقات : فطبقة فيها الدواب والوحش وطبقة فيها الإنس ، وطبقة فيها الطير فلما كثر أرواث الدواب أوحى الله عز وجل إلى نوح عليه السلام أن اغمز ذنب الفيل ، فغمزه فوقع منه خنزير وخنزيرة ، فأقبلا على الروث ، ولما وقع الفأر يخرز السفينة بقرضه ، أوحى الله عز وجل إلى نوح عليه السلام : أن أضرب بين عيني الأسد ، فخرج من منخرة سنور وسنورة فأقبلا على الفأر فقال له عيسى : كيف علم نوح عليه السلام أن البلاد قد غرقت ؟ قال : بعث الغراب يأتيه بالخبر فوجد جيفة فوقع عليها فدعا عليه بالخوف فلذلك لا يألف البيوت

قال : ثم بعث الحمامة فجاءت بورق زيتون بمنقارها وطين برجلها فعلم أن البلاد قد غرقت فطوقها الخضرة التي في عنقها ، ودعا لها أن تكون في أنس وأمان ، فمن ثم تألف البيوت قال : فقالوا : يا رسول الله ألا ننطلق به إلى أهلينا فيجلس معنا ويحدثنا ؟ قال : كيف يتبعكم من لا رزق له ؟ قال : فقال له : عد بإذن الله فعاد تراباً وهذا أثر غريب جداً

وروى علباء بن أحمر ، عن عكرمة ، عن ابن عباس قال : كان مع نوح في السفينة ثمانون رجلاً معهم أهلوهم ، وإنهم كانوا في السفينة مائة وخمسون يوماً ، وإن الله وجه السفينة إلى مكة فدارت بالبيت أربعين يوماً ، ثم وجهها إلى الجودي فاستقرت عليه ، فبعث نوح عليه السلام الغراب ليأتيه بخبر الأرض ، فذهب فوقع على الجيف فأبطأ عليه ، فبعث الحمامة فأتته بورق الزيتون ولطخت رجليها بالطين ، فعرف نوح أن الماء قد نضب ، فهبط إلى أسفل الجودى فابتني قرية وسماها ثمانين ، فأصبحوا ذات يوم وقد تبلبلت ألسنتهم على ثمانين لغة ، إحداها العربية ، وكان بعضهم لا يفقه كلام بعض فكان نوح عليه السلام يعبر عنهم

وقال قتادة وغيره : ركبوا في السفينة في اليوم العاشر من شهر رجب فساروا مائة وخمسين يوماً ، واستقرت بهم على الجودي شهراً وكان خروجهم من السفينة في يوم عاشوراء من المحرم ، وقد روى ابن جرير خبراً مرفوعاً يوافق هذا ، وأنهم صاموا يومهم ذلك

وقال الإمام أحمد : حدثنا أبو جعفر ، حدثنا عبد الصمد بن حبيب الأزدي عن أبيه حبيب ابن عبد الله ، عن شبل ، عن أبي هريرة قال : مر النبي صلى الله عليه وسلم بأناس من اليهود وقد صاموا يوم عاشوراء ، فقال : " ما هذا الصوم " ؟ فقال : هذا اليوم الذي نجى الله فيه موسى وبني إسرائيل من الغرق ، وغرق فيه فرعون ، وهذا اليوم استوت فيه السفينة على الجودى ، فصامه نوح وموسى عليهما السلام شكراً لله عز وجل : فقال النبي صلى الله عليه وسلم : " أنا أحق بموسى وأحق بصوم هذا اليوم " وقال لأصحابه : " ومن كان منكم أصبح صائماً فليتم صومه ، ومن كان منكم قد أصاب من غذ أهله فليتم بقية صومه "

وهذا الحديث له شاهد في الصحيح من وجه آخر ، والمستغرب ذكر نوح أيضاً والله أعلم

وأما ما يذكره كثير من الجهلة أنهم أكلوا من فضول أزوادهم ، ومن حبوب كانت معهم قد استصحبوها ، وطحنوا الحبوب يومئذ ، واكتحلوا بالإثمد لتقوية أبصارهم لما انهارت من الضياء بعد ما كانوا في ظلمة السفينة - فكل هذا لا يصح فيه شيء - وإنما يذكر فيه آثار منقطعة عن بني إسرائيل لا يعتمد عليها ولا يقتدى بها والله أعلم

وقال محمد بن إسحاق : لما أراد الله أن يكف ذلك الطوفان أرسل ريحاً على وجه الأرض ، فسكن الماء وانسدت ينابيع الأرض ، فجعل الماء ينقص ويغيض ويدبر ، وكان استواء الفلك على الجودي - فيما يزعم أهل التوراة - في الشهر السابع عشر ليلة مضت منه وفي أول يوم من الشهر العاشر رئيت رؤس الجبال فلما مضى بعد ذلك أربعون يوماً فتح نوح كوة الفلك التي صنع فيها ، ثم أرسل الغراب لينظر له ما فعل الماء فلم يرجع إليه ، فأرسل الحمامة فرجعت إليه ولم يجد لرجلها موضعاً ، فبسط يده للحمامة فأخذها فأدخلها ، ثم مضت سبعة أيام ثم أرسلها لتنظر له ما فعل الماء فلم ترجع ، فرجعت حين أمست وفي فيها ورق زيتونة ، فعلم نوح أن الماء قد قل عن وجه الأرض ثم مكث سبعة أيام ثم أرسلها فلم ترجع إليه ، فعلم نوح أن الأرض قد برزت ، فلما كملت السنة فيما بين أن أرسل الله الطوفان إلى أن أرسل نوح الحمامة ودخل يوم واحد من الشهر الأول من سنة اثنين ، برز وجه الأرض ، وظهر البر وكشف نوح غطاء الفلك

وهذا الذي ذكره ابن إسحاق هو بعينه مضمون سياق التوراة التي بأيدي أهل الكتاب

وقال ابن إسحاق : وفي الشهر الثاني من سنة اثنين في ست وعشرين ليلة منه " قيل يا نوح اهبط بسلام منا وبركات عليك وعلى أمم ممن معك وأمم سنمتعهم ثم يمسهم منا عذاب أليم "

وفيما ذكر أهل الكتاب أن الله كلم نوحاً قائلاً له : اخرج من الفلك أنت وامرأتك وبنوك ونساء بنيك معك ، وجميع الدواب التي معك ، ولينموا وليكثروا في الأرض فخرجوا وابنتي نوح مذبحاً لله عز وجل وأخذ من جميع الدواب الحلال والطير الحلال فذبحها قرباناً إلى الله عز وجل وعهد الله إليه ألا يعيد الطوفان على أهل الأرض وجعل تذكاراً لميثاقه إليه القوس الذي في الغمام ، وهو قوس قزح الذي روى عن ابن عباس أنه أمان من الغرق قال بعضهم : فيه إشارة إلى أنه قوس بلا وتر ، أي أن هذا الغمام لا يوجد طوفان كأول مرة

وقد أنكر طائفة من جهلة الفرس وأهل الهند وقوع الطوفان ، واعترف به آخرون منهم وقالوا : إنما كان بأرض بابل ولم يصل إلينا قالوا ولم نزل نتوارث الملك كابراً عن كابر ، من لدن كيومث - يعنون آدم - إلى زماننا هذا

وهذا قاله من قاله من زنادقة المجوس عباد النيران وأتباع الشيطان وهذه سفسطة منهم وكفر فظيع وجهل بليغ ، ومكابرة للمحسوسات ، وتكذيب لرب الأرض والسموات

وقد أجمع أهل الأديان الناقلون عن رسل الرحمن ، مع ما تواتر عند الناس في سائر الأزمان ، على وقوع الطوفان ، وأنه عم جميع البلاد ، ولم يبق الله أحداً من كفرة العباد ، استجابة لدعوة نبيه المؤيد المعصوم ، وتنفيذاً لما سبق في القدر المحتوم


قصَصُ الأنبيَاء 500092465

قصَصُ الأنبيَاء 500092465

تحياتي لكم

قصَصُ الأنبيَاء 500092465

قصَصُ الأنبيَاء 500092465

قصَصُ الأنبيَاء 483098003
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
المدير
AMINE PàTCHIKà
AMINE PàTCHIKà
المدير


الجنس : ذكر
الابراج الدلو
تاريخ الميلاد تاريخ الميلاد : 25/01/1988
العمر : 36

المدير العام
منتديات أمين عبلة الحب :

قصَصُ الأنبيَاء Empty
مُساهمةموضوع: رد: قصَصُ الأنبيَاء   قصَصُ الأنبيَاء Emptyالجمعة يناير 11, 2013 12:05 am

قصَصُ الأنبيَاء 500092465

قصَصُ الأنبيَاء 500092465

ذكر شيء من أخبار نوح نفسه عليه السلام

قصَصُ الأنبيَاء 500092465

قصَصُ الأنبيَاء 500092465

ذكر شيء من أخبار نوح نفسه عليه السلام

قال الله تعالى : " إنه كان عبدا شكورا " قيل : إنه كان الله على طعامه وشرابه ولباسه وشأنه كله .

وقال الإمام أحمد : حدثنا زكريا بن أبي زائدة عن سعيد بن أبي بردة ، عن أنس بن مالك قال : قال رسول صلى الله عليه وسلم : " إن الله ليرضى عن العبد أن يأكل الأكلة فيحمده عليها أو يشرب الشربة فيحمده عليها " .

وكذا رواه مسلم و الترمذي و النسائي من حديث أبي أسامة .

والظاهر أن الشكور هو الذي يعمل بجميع الطاعات القلبية والقولية والعملية ، فإن الشكر يكون بهذا وبهذا كما قال الشاعر :

أفادتكم النعماء منى ثلاثة يدي ولساني والضمير الحجبا

ذكر صومه عليه السلام

وقال ابن ماجه باب صيام نوح عليه السلام : حدثنا سهل بن أبي سهل ، حدثنا سعيد ابن أبي مريم ، عن ابن لهيعة ، عن جعفر بن ربيعة ، عن أبي فراس ، أنه سمع عبد الله بن عمر يقول : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " صام نوح الدهر إلا يوم عيد الفطر ويوم عيد الأضحى " .

وهكذا رواه ابن ماجه عن طريق عبد الله بن لهيعة بإسناده ولفظه .

وقد قال الطبراني : حدثنا أبو الزنباع روح بن فرج ، حدثنا عمر بن خالد الحراني ، حدثنا ابن لهيعة ، عن أبي قتادة ، عن يزيد بن رباح أبي فراس ، أنه سمع عبد الله بن عمرو يقول : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " صام نوح الدهر إلا يوم الفطر والأضحى ، وصام داود نصف الدهر ، وصام إبراهيم ثلاثة أيام من كل شهر ، صام الدهر وأفطر الدهر " .

ذكر حجه عليه السلام

وقال الحافظ أبو يعلي : حدثنا سفيان بن وكيع ، حدثنا أبي ، عن زمعة - وهو ابن أبي صالح - عن سلمة بن دهران ، عن عكرمة ، عن ابن عباس قال : حج رسول الله صلى الله عليه سلم فلما أتى وادي عسفان قال : " يا أبا بكر . . أي واد هذا " ؟ قال : هذا وادي عسفان . قال : " لقد مر بهذا نوح وهود وإبراهيم علي بكران لهم حمر خطمهم الليف ، أزرهم العباء وأرديتهم النمار ، يحجون البيت العتيق " فيه غرابة .

* * *

ذكر وصيته لولده عليه السلام

قال الإمام أحمد : حدثنا سليمان بن حرب ، حدثنا حماد بن زيد ، عن الصقعب بن زهير عن زيد بن أسلم ، قال حماد : أظنه عن عطاء بن يسار عن عبد الله بن عمر قال : كنا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فجاء رجل من أهل البادية عليه جبة سيحان مزرورة بالديباج فقال : " ألا إن صاحبكم هذا قد وضع كل فارس ابن فارس - أو قال : يريد أن يضع كل فارس ابن فارس - ورفع كل راع ابن راع " .

قال : فأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم بمجامع جبته وقال : " ألا أرى عليك لباس من لا يعقل " ؟ ثم قال : " إن نبي الله نوحاً عليه السلام لما حضرته الوفاة قال لابنه : إن قاص عليك وصية : آمرك باثنتين وأنهاك عن اثنتين : آمرك بلا إله إلا الله ، فإن السموات السبع والأرضين السبع لو وضعت في كفة ، ووضعت لا إله إلا الله في كفة رجحت بهن لا إله إلا الله . ولو أن السموات السبع والأرضين السبع كن حلقة مبهمة ضمتين لا إله إلا الله ، وبسبحان الله وبحمده ، فإن بها صلات كل شيء ، وبها يرزق الخلق ، وأنهاك عن الشرك والكبر " .

قال : قلت - أو قيل - يا رسول الله ، هذا الشرك قد عرفناه ، فما الكبر ؟ أن يكون لأحدنا نعلان حسنتان لهما شراكان حسنان ؟ قال : لا قال : هو أن يكون لأحدنا حلة يلبسها ؟ قال : لا قال : هو أن يكون لأحدنا دابة يركبها ؟ قال : لا قال : هو أن يكون لأحدنا أصحاب يجلسون إليه ؟ قال : لا قلت - أو قيل - يا رسول الله . . فما الكبر ؟ قال : " سفه الحق وغمط الناس " . وهذا إسناد صحيح ولم يخرجوه .

ورواه أبو القاسم الطبراني من حديث عبد الرحيم بن سليمان ، عن محمد بن إسحاق ، عن عمرو بن دينار ، عن عبد الله بن عمرو ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " كان في وصية نوح لابنه : أوصيك بخصلتين وأنهاك عن خصلتين " ، فذكر نحوه .

وقد رواه أبو بكر البزار عن إبراهيم بن سعيد ، عن أبي معاوية الضرير عن محمد بن إسحاق ، عن عمرو بن دينار ، عن عبد الله بن عمر بن الخطاب ، عن النبي صلى الله عليه وسلم بنحوه . والظاهر أنه عن عبد الله بن عمرو بن العاص ، كما رواه أحمد و الطبراني . . والله أعلم .

ويزعم أهل الكتاب أن نوحاً عليه السلام لما ركب السفينة كان عمره ستمائة سنة وقدمنا عن ابن عباس مثله ، وزاد : وعاش بعد ذلك ثلاثمائة وخمسون سنة ، وفي هذا القول نظر ، فإن القرآن يقتضي أن نوحاً مكث في قومه بعد البعثة وقبل الطوفان ألف سنة إلا خمسين عاماً ، فأخذهم الطوفان وهم ظالمون . ثم الله أعلم كم عاش بعد ذلك .

فإن كان ما ذكر محفوظاً عن ابن عباس - من أنه بعث وله أربعمائة وثمانون سنة ، وأنه عاش بعد الطوفان ثلاثمائة وخمسين سنة - فيكون قد عاش على هذا ألف سنة وسبعمائة وثمانين سنة .

وأما قبره عليه السلام : فروى ابن جرير والأزرقي عن عبد الرحمن بن سابط أو غيره من التابعين مرسلاً أن قبر نوح عليه السلام بالمسجد الحرام .

وهذا أقوى وأثبت من الذي يذكر كثير من المتأخرين ، من أنه ببلدة بالبقاع تعرف اليوم بكرك نوح وهناك جامع قد بنى بسبب ذلك فيما ذكره . . والله أعلم
.

قصَصُ الأنبيَاء 500092465

قصَصُ الأنبيَاء 500092465

تحياتي لكم

قصَصُ الأنبيَاء 500092465

قصَصُ الأنبيَاء 500092465

قصَصُ الأنبيَاء 483098003
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
المدير
AMINE PàTCHIKà
AMINE PàTCHIKà
المدير


الجنس : ذكر
الابراج الدلو
تاريخ الميلاد تاريخ الميلاد : 25/01/1988
العمر : 36

المدير العام
منتديات أمين عبلة الحب :

قصَصُ الأنبيَاء Empty
مُساهمةموضوع: رد: قصَصُ الأنبيَاء   قصَصُ الأنبيَاء Emptyالجمعة يناير 11, 2013 12:15 am

قصَصُ الأنبيَاء 500092465

قصَصُ الأنبيَاء 500092465

قصة هود عليه السلام

قصَصُ الأنبيَاء 500092465

قصَصُ الأنبيَاء 500092465

وهو هود بن شالخ بن أرفخشذ بن سام بن نوح عليه السلام

ويقال إن هوداً هو عابر بن شالخ بن أرفخشذ بن سام بن نوح ، ويقال هود بن عبد الله ابن رباح الجارود بن عاد بن عوص بن إرم ابن سام ابن نوح عليه السلام ذكره ابن جرير

وكان من قبيلة يقال لهم عاد بن عوص بن سام بن نوح ، وكانوا عرباً يسكنون الأحقاف - وهي جبال الرمل - وكانت باليمن بين عمان وحضرموت ، بأرض مطلة على البحر يقال لها الشحر واسم واديهم مغيث

وكانوا كثيراً ما يسكنون الخيام ذوات الأعمدة الضخام ، كما قال تعالى : " ألم تر كيف فعل ربك بعاد * إرم ذات العماد * التي لم يخلق مثلها في البلاد " أي مثل القبيلة ، وقيل مثل العمد والصحيح الأول كما بيناه في التفسير

ومن زعم أن إرم مدينة تدور في الأرض ، فتارة في الشام ، وتارة في اليمن ، وتارة في الحجاز ، وتارة في غيرها ، فقد أبعد النعجة ، وقال ما لا دليل عليه ، ولا برهان يعول عليه ولا مسند يركن إليه

وفي صحيح ابن حبان عن أبي ذر في حديثه الطويل في ذكر الأنبياء والمرسلين قال فيه : منهم أربعة من العرب : هو ، وصالح ، وشعيب ، ونبيك يا أبا ذر

ويقال إن هوداً عليه السلام أول من تكلم بالعربية ، وزعم وهب ابن منبه أن أباه أول من تكلم بها ، وقال غيره ك أو من تكلم بها نوح ، وقيل آدم وهو الأشبه ، وقيل غير ذلك والله أعلم

ويقال للعرب الذين كانوا قبل إسماعيل عليه السلام ، العرب العاربة ، وهم قبائل كثيرة : منهم عاد ، وثمود وجرهم ، وطسم ، وجديس ، وأميم ، ومدين ، وعملاق ، وجاسم ، وقحطان ، وبنو يقطن ، وغيرهم

وأما العرب المستعربة فهم من ولد إسماعيل بن إبراهيم الخليل وكان إسماعيل بن إبراهيم عليهما السلام أول من تكلم العربية الفصيحة البلغية وكان قد أخذ كلام العرب من جرهم الذي نزلوا عند أمه هاجر بالحرم كما سيأتي بيانه في موضعه إن شاء الله تعالى ، ولكن أنطقه الله بها في غاية الفصاحة والبيان وكذلك كان يتلفظ بها رسول الله صلى الله عليه وسلم

* * *

والمقصود أن عاداً - وهم عاد الأولى - كانوا أول من عبد الأصنام بعد الطوفان ، وكانت أصنامهم ثلاثة صمداً ، وصموداً ، وهراً

فبعث الله فيهم أخاهم هوداً عليم السلام فدعاهم إلى الله ، كما قال تعالى بعد ذكر قوم نوح ، وما كان من أمرهم في سورة الأعراف : " وإلى عاد أخاهم هودا قال يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره أفلا تتقون * قال الملأ الذين كفروا من قومه إنا لنراك في سفاهة وإنا لنظنك من الكاذبين * قال يا قوم ليس بي سفاهة ولكني رسول من رب العالمين * أبلغكم رسالات ربي وأنا لكم ناصح أمين * أوعجبتم أن جاءكم ذكر من ربكم على رجل منكم لينذركم واذكروا إذ جعلكم خلفاء من بعد قوم نوح وزادكم في الخلق بسطة فاذكروا آلاء الله لعلكم تفلحون * قالوا أجئتنا لنعبد الله وحده ونذر ما كان يعبد آباؤنا فأتنا بما تعدنا إن كنت من الصادقين * قال قد وقع عليكم من ربكم رجس وغضب أتجادلونني في أسماء سميتموها أنتم وآباؤكم ما نزل الله بها من سلطان فانتظروا إني معكم من المنتظرين * فأنجيناه والذين معه برحمة منا وقطعنا دابر الذين كذبوا بآياتنا وما كانوا مؤمنين "

قال تعالى بعد ذكر قصة نوح في سورة هود : " وإلى عاد أخاهم هودا قال يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره إن أنتم إلا مفترون * يا قوم لا أسألكم عليه أجرا إن أجري إلا على الذي فطرني أفلا تعقلون * ويا قوم استغفروا ربكم ثم توبوا إليه يرسل السماء عليكم مدرارا ويزدكم قوة إلى قوتكم ولا تتولوا مجرمين * قالوا يا هود ما جئتنا ببينة وما نحن بتاركي آلهتنا عن قولك وما نحن لك بمؤمنين * إن نقول إلا اعتراك بعض آلهتنا بسوء قال إني أشهد الله واشهدوا أني بريء مما تشركون * من دونه فكيدوني جميعا ثم لا تنظرون * إني توكلت على الله ربي وربكم ما من دابة إلا هو آخذ بناصيتها إن ربي على صراط مستقيم * فإن تولوا فقد أبلغتكم ما أرسلت به إليكم ويستخلف ربي قوما غيركم ولا تضرونه شيئا إن ربي على كل شيء حفيظ * ولما جاء أمرنا نجينا هودا والذين آمنوا معه برحمة منا ونجيناهم من عذاب غليظ * وتلك عاد جحدوا بآيات ربهم وعصوا رسله واتبعوا أمر كل جبار عنيد * وأتبعوا في هذه الدنيا لعنة ويوم القيامة ألا إن عادا كفروا ربهم ألا بعدا لعاد قوم هود "

وقال تعالى في سورة قد أفلح المؤمنون بعد قصة قوم نوح : " ثم أنشأنا من بعدهم قرنا آخرين * فأرسلنا فيهم رسولا منهم أن اعبدوا الله ما لكم من إله غيره أفلا تتقون * وقال الملأ من قومه الذين كفروا وكذبوا بلقاء الآخرة وأترفناهم في الحياة الدنيا ما هذا إلا بشر مثلكم يأكل مما تأكلون منه ويشرب مما تشربون * ولئن أطعتم بشرا مثلكم إنكم إذا لخاسرون * أيعدكم أنكم إذا متم وكنتم ترابا وعظاما أنكم مخرجون * هيهات هيهات لما توعدون * إن هي إلا حياتنا الدنيا نموت ونحيا وما نحن بمبعوثين * إن هو إلا رجل افترى على الله كذبا وما نحن له بمؤمنين * قال رب انصرني بما كذبون * قال عما قليل ليصبحن نادمين * فأخذتهم الصيحة بالحق فجعلناهم غثاء فبعدا للقوم الظالمين "

وقال تعالى في سورة الشعراء بعد قصة قوم نوح أيضاً : " كذبت عاد المرسلين * إذ قال لهم أخوهم هود ألا تتقون * إني لكم رسول أمين * فاتقوا الله وأطيعون * وما أسألكم عليه من أجر إن أجري إلا على رب العالمين * أتبنون بكل ريع آية تعبثون * وتتخذون مصانع لعلكم تخلدون * وإذا بطشتم بطشتم جبارين * فاتقوا الله وأطيعون * واتقوا الذي أمدكم بما تعلمون * أمدكم بأنعام وبنين * وجنات وعيون * إني أخاف عليكم عذاب يوم عظيم * قالوا سواء علينا أوعظت أم لم تكن من الواعظين * إن هذا إلا خلق الأولين * وما نحن بمعذبين * فكذبوه فأهلكناهم إن في ذلك لآية وما كان أكثرهم مؤمنين * وإن ربك لهو العزيز الرحيم "

وقال تعالى في سورة حم السجدة : " فأما عاد فاستكبروا في الأرض بغير الحق وقالوا من أشد منا قوة أولم يروا أن الله الذي خلقهم هو أشد منهم قوة وكانوا بآياتنا يجحدون * فأرسلنا عليهم ريحا صرصرا في أيام نحسات لنذيقهم عذاب الخزي في الحياة الدنيا ولعذاب الآخرة أخزى وهم لا ينصرون "

وقال تعالى في سورة الأحقاف : " واذكر أخا عاد إذ أنذر قومه بالأحقاف وقد خلت النذر من بين يديه ومن خلفه أن لا تعبدوا إلا الله إني أخاف عليكم عذاب يوم عظيم * قالوا أجئتنا لتأفكنا عن آلهتنا فأتنا بما تعدنا إن كنت من الصادقين * قال إنما العلم عند الله وأبلغكم ما أرسلت به ولكني أراكم قوما تجهلون * فلما رأوه عارضا مستقبل أوديتهم قالوا هذا عارض ممطرنا بل هو ما استعجلتم به ريح فيها عذاب أليم * تدمر كل شيء بأمر ربها فأصبحوا لا يرى إلا مساكنهم كذلك نجزي القوم المجرمين " وقال تعالى في الذاريات : " وفي عاد إذ أرسلنا عليهم الريح العقيم * ما تذر من شيء أتت عليه إلا جعلته كالرميم "

وقال تعالى في النجم : " وأنه أهلك عادا الأولى * وثمود فما أبقى * وقوم نوح من قبل إنهم كانوا هم أظلم وأطغى * والمؤتفكة أهوى * فغشاها ما غشى * فبأي آلاء ربك تتمارى "

وقال تعالى في سورة اقتربت : " كذبت عاد فكيف كان عذابي ونذر * إنا أرسلنا عليهم ريحا صرصرا في يوم نحس مستمر * تنزع الناس كأنهم أعجاز نخل منقعر * فكيف كان عذابي ونذر * ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدكر "

وقال في الحاقة : " وأما عاد فأهلكوا بريح صرصر عاتية * سخرها عليهم سبع ليال وثمانية أيام حسوما فترى القوم فيها صرعى كأنهم أعجاز نخل خاوية * فهل ترى لهم من باقية "

وقال في سورة الفجر : " ألم تر كيف فعل ربك بعاد * إرم ذات العماد * التي لم يخلق مثلها في البلاد * وثمود الذين جابوا الصخر بالواد * وفرعون ذي الأوتاد * الذين طغوا في البلاد * فأكثروا فيها الفساد * فصب عليهم ربك سوط عذاب * إن ربك لبالمرصاد "

وقد تكلمنا على كل من هذه القصص في أمكانها من كتابنا التفسير ولله الحمد والمنة

وقد جرى ذكر عاد في سورة براءة ، وإبراهيم ، والفرقان ، والعنكبوت ، وفي سورة ص ، وفي سورة ق

* * *

ولنذكر مضمون القصة مجموعاً من هذه السياقات ، مع ما يضاف إلى ذلك من الأخبار

وقد قدمنا أنهم أول الأمم الذين عبدوا الأصنام بعد الطوفان وذلك بين قوله لهم : " واذكروا إذ جعلكم خلفاء من بعد قوم نوح وزادكم في الخلق بسطة " أي جعلهم أشد أهل زمانهم في الخلقة والشدة والبطش وقال في المؤمنون : " ثم أنشأنا من بعدهم قرنا آخرين " وهم قوم هود على الصحيح

وزعم آخرون أنهم ثمود لقوله : " فأخذتهم الصيحة بالحق فجعلناهم غثاء " قالوا : وقوم صالح هم الذين أهلكوا بالصيحة " وأما عاد فأهلكوا بريح صرصر عاتية " وهذا الذي قالوه لا يمنع من اجتماع الصيحة والريح العاتية عليهم كما سيأتي في قصة أهل مدين أصحاب الأيكة فإنه اجتمع عليهم أنواع من العقوبات ، ثم لا خلاف أن عاداً قبل ثمود

والمقصود أن عاداً كانوا جفاة كافرين ، عتاة متمردين في عبادة الأصنام ، فأرسل الله فيهم رجلاً منهم يدعوهم إلى الله وإلى إفراده بالعبادة والإخلاص له ، فكذبوه وخالفوه وتنقصوه ، فأهذهم الله أخذ عزيز مقتدر

فلما أمرهم بعبادة الله ورغبهم في طاعته وإستغفاره ، ووعدهم على ذلك خير الدنيا والآخرة ، وتوعدهم على مخالفة ذلك عقوبة الدنيا والآخرة : " قال الملأ الذين كفروا من قومه إنا لنراك في سفاهة " أي هذا الأمر الذي تدعونا إليه سفه بالنسبة إلى ما نحن عليه من عبادة هذه الأصنام التي يرتجى منها النصر والرزق ، ومع هذا نظن أنك تكذب في دعواك أن الله أرسلك

" قال يا قوم ليس بي سفاهة ولكني رسول من رب العالمين " أي ليس الأمر كما تظنون ولا تعتقدون : " أبلغكم رسالات ربي وأنا لكم ناصح أمين " والبلاغ يستلزم عدم الكذب في أصل المبلغ ، وعدم الزيادة فيه والنقص منه ، ويستلزم أداءه بعبارة فصيحة وجيزة جامعة مانعة لا لبس فيها ولا اختلاف ولا اضطراب

وهو مع هذا البلاغ على هذه الصفة في غاية النصح لقومه والشفقة عليهم والحرص على هدايتهم ، ولا يبتغي منهم أجراً ولا يطلب منهم جعلاً ، بل هو مخلص لله عز وجل في الدعوة إليه والنصح لخلقه ، لا يطلب أجره إلا من الذي أرسله ، فإن خير الدنيا والآخرة كله في يديه وأمره إليه ، ولهذا قال : " يا قوم لا أسألكم عليه أجرا إن أجري إلا على الذي فطرني أفلا تعقلون " أي أما لكم عقل تميزون به وتفهمون أني أدعوكم إلى الحق المبين الذي تشهد به فطركم التي خلقتم عليها ، وهو دين الحق الذي بعث الله به نوحاً وأهلك من خالفه من الخلق وها أنا أدعوكم إليه ولا أسألكم أجراً عليه ، بل أبتغي ذلك عند الله مالك الضر والنفع ، ولهذا قال مؤمن يس : " اتبعوا من لا يسألكم أجرا وهم مهتدون * وما لي لا أعبد الذي فطرني وإليه ترجعون وقال قوم هود له فيما قالوا : " يا هود ما جئتنا ببينة وما نحن بتاركي آلهتنا عن قولك وما نحن لك بمؤمنين * إن نقول إلا اعتراك بعض آلهتنا بسوء " يقولون ما جئتنا بخارق يشهد لك بصدق ما جئت به ، ، وما نحن بالذين نترك عبادة أصنامنا عن مجرد قولك بلا دليل أقمته ولا برهان نصبته ، وما نظن إلا أنك مجنون فيما تزعمه وعندنا أنه إنما أصابك هذا لأن بعض آلهتنا غضب عليك فأصابك في عقلك فاعتراك جنون بسبب ذلك ، وهو قولهم : " إن نقول إلا اعتراك بعض آلهتنا بسوء "

" قال إني أشهد الله واشهدوا أني بريء مما تشركون * من دونه فكيدوني جميعا ثم لا تنظرون "

وهذا تحد منه لهم ، وتبرأ من آلهتهم وتنقص منه لهم ، وبيان أنها لا تنفع شيئاً ولا تضر ، وأنها جماد حكمها حكمه وفعلها فعله ، فإن كانت كما تزعمون من أنها تنصر وتنفع وتضر فها أنا بريء منها ، لاعن لها ، فكيدوني ثم لا تنظرون أنتم جميعاً بجميع ما يمكنكم أن تصلوا إليه وتقدروا عليه ، ولا تؤخروني ساعة واحدة ، ولا طرفة عين فإني لا أبالي بكم ، ولا أفكر فيكم ، ولا أنظر إليكم " إني توكلت على الله ربي وربكم ما من دابة إلا هو آخذ بناصيتها إن ربي على صراط مستقيم " أي أنا متوكل على الله ومتأيد به ، وواثق بجنابه الذي لا يضيع من لاذ به واستند إليه ، فلست أبالي مخلوقاً سواه ، لست أتوكل إلا عليه ولا أعبد إلا إياه

وهذا وحده برهان قاطع على أن هوداً عبد الله ورسوله ، وأنهم على جهل وضلال في عبادتهم غير الله ، لأنهم لم يصلوا إليه بسوء ، ولا نالوا منه مكروهاً فدل على صدقه فيما جاءهم به ، وبطلان ما هم عليه وفساد ما ذهبوا إليه

وهذا الدليل بعينه قد استدل به نوح عليه السلام قبله في قوله : " يا قوم إن كان كبر عليكم مقامي وتذكيري بآيات الله فعلى الله توكلت فأجمعوا أمركم وشركاءكم ثم لا يكن أمركم عليكم غمة ثم اقضوا إلي ولا تنظرون "

وهكذا قال الخليل عليه السلام : " ولا أخاف ما تشركون به إلا أن يشاء ربي شيئا وسع ربي كل شيء علما أفلا تتذكرون * وكيف أخاف ما أشركتم ولا تخافون أنكم أشركتم بالله ما لم ينزل به عليكم سلطانا فأي الفريقين أحق بالأمن إن كنتم تعلمون * الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم أولئك لهم الأمن وهم مهتدون * وتلك حجتنا آتيناها إبراهيم على قومه نرفع درجات من نشاء إن ربك حكيم عليم "

" وقال الملأ من قومه الذين كفروا وكذبوا بلقاء الآخرة وأترفناهم في الحياة الدنيا ما هذا إلا بشر مثلكم يأكل مما تأكلون منه ويشرب مما تشربون * ولئن أطعتم بشرا مثلكم إنكم إذا لخاسرون * أيعدكم أنكم إذا متم وكنتم ترابا وعظاما أنكم مخرجون "

استبعدوا أن يبعث الله رسولاً بشرياً وهذه الشبهة أدلى بها كثير من جهلة الكفرة قديماً وحديثاً ، كما قال تعالى : " أكان للناس عجبا أن أوحينا إلى رجل منهم أن أنذر الناس " وقال تعالى : " وما منع الناس أن يؤمنوا إذ جاءهم الهدى إلا أن قالوا أبعث الله بشرا رسولا * قل لو كان في الأرض ملائكة يمشون مطمئنين لنزلنا عليهم من السماء ملكا رسولا "

ولهذا قال لهم هود عليه السلام : " أوعجبتم أن جاءكم ذكر من ربكم على رجل منكم لينذركم " أي ليس هذا بعجيب ، فإن الله أعلم حيث يجعل رسالته

وقوله : " أيعدكم أنكم إذا متم وكنتم ترابا وعظاما أنكم مخرجون * هيهات هيهات لما توعدون * إن هي إلا حياتنا الدنيا نموت ونحيا وما نحن بمبعوثين * إن هو إلا رجل افترى على الله كذبا وما نحن له بمؤمنين * قال رب انصرني بما كذبون " استعبدوا الميعاد وأنكروا قيام الأجساد بعد صيرورتها تراباً وعظاماً ، وقالوا : هيهات هيهات ، أي بعيد بعيد هذا الوعد ، " إن هي إلا حياتنا الدنيا نموت ونحيا وما نحن بمبعوثين " أي يموت قوم ويحيا آخرون وهذا هو اعتقاد الدهرية ، كما يقول بعض الجهلة من الزنادقة : أرحام تدفع وأرض تبلع

وأما الدورية فهم الذين يعتقدون أنهم يعودون إلى هذا الدار بعد كل ستة وثلاثين ألف سنة

وهذا كله كذب وكفر وجهل وضلال ، وأقوال باطلة وخيال فاسد بلا برهان ولا دليل ، يستميل عقل الفجرة من بني آدم الذي لا يعقلون ولا يهتدون ، كما قال تعالى : " ولتصغى إليه أفئدة الذين لا يؤمنون بالآخرة وليرضوه وليقترفوا ما هم مقترفون "

وقال لهم فيما وعظهم به : " أتبنون بكل ريع آية تعبثون * وتتخذون مصانع لعلكم تخلدون " يقول لهم : أتبنون بكل مكان مرتفع بناء عظيماً هائلاً كالقصور ونحوها ، تعبثون ببنائها لأنه لا حاجة لكم فيه ، وما ذاك إلا لأنهم كانوا يسكنون الخيام ، كما قال تعالى : " ألم تر كيف فعل ربك بعاد * إرم ذات العماد * التي لم يخلق مثلها في البلاد " فعاد إرم هم عاد الأولى الذين يسكنون الأعمدة التي تحمل الخيام

ومن زعم أن إرم مدينة من ذهب وفضة وهي تنتقل في البلاد ، فقد غلط وأخطأ وقال ما لا دليل عليه

وقوله : " وتتخذون مصانع " قيل هي القصور ، وقيل بروج الحمام ، وقيل مآخذ الماء " لعلكم تخلدون " أي رجاء منكم أن تعمروا في هذه الدار أعماراً طويلة " وإذا بطشتم بطشتم جبارين * فاتقوا الله وأطيعون * واتقوا الذي أمدكم بما تعلمون * أمدكم بأنعام وبنين * وجنات وعيون * إني أخاف عليكم عذاب يوم عظيم "

وقالوا له مما قالوا : " أجئتنا لنعبد الله وحده ونذر ما كان يعبد آباؤنا فأتنا بما تعدنا إن كنت من الصادقين " أي أجئتنا لنعبد الله وحده ، ونخالف آباءنا وأسلافنا وما كانوا عليه ؟ فإن كنت صادقين فيما جئت به فأتنا بما تعدنا من العذاب والنكال ، فإنا لا نؤمن بك ولا نتبعك ولا نصدقك

كما قالوا : " سواء علينا أوعظت أم لم تكن من الواعظين * إن هذا إلا خلق الأولين * وما نحن بمعذبين " أما على قراءة فتح ( الخاء ) فالمراد به اختلاق الأولين ، أي إن هذا الذي جئت به إلا اختلاق منك ، أخذته من كتب الأولين هكذا فسر غير واحد من الصحابة والتابعين وأما على قراءة ضم ( الخاء واللام ) فالمراد به الدين ، أي إن هذا الدين الذي نحن عليه إلا دين الأولين الآباء والأجداد من الأسلاف ، ولن نتحول عنه ولا نتغير ، ولا نزال متمسكين به

ويناسب كلا القراءتين الأولي والثانية قولهم : " وما نحن بمعذبين " قال : " قد وقع عليكم من ربكم رجس وغضب أتجادلونني في أسماء سميتموها أنتم وآباؤكم ما نزل الله بها من سلطان فانتظروا إني معكم من المنتظرين " أي قد استحققتم بهذا المقالة الرجس والغضب من الله ، أتعارضون عبادة الله وحده لا شريك له ، بعبادة أصنام نحتموها وسميتموها آلهة من تلقاء أنفسكم ؟ اصطلحتم عليها أنتم وآباؤكم ، ما نزل الله بها من سلطان أي لم ينزل علي ما ذهبتم إليه دليلاً ولا برهاناً وإذ أبيتم قبول الحق وتماديتم في الباطل ، وسواء عليكم أنهيتكم عما أنتم فيه أم لا ، فانتظروا الآن عذاب الله الواقع بكم ، وبأسه الذي لا يرد ونكاله الذي لا يصد

* * *

وقال تعالى : " قال رب انصرني بما كذبون * قال عما قليل ليصبحن نادمين * فأخذتهم الصيحة بالحق فجعلناهم غثاء فبعدا للقوم الظالمين " وقال تعالى : " قالوا أجئتنا لتأفكنا عن آلهتنا فأتنا بما تعدنا إن كنت من الصادقين * قال إنما العلم عند الله وأبلغكم ما أرسلت به ولكني أراكم قوما تجهلون * فلما رأوه عارضا مستقبل أوديتهم قالوا هذا عارض ممطرنا بل هو ما استعجلتم به ريح فيها عذاب أليم * تدمر كل شيء بأمر ربها فأصبحوا لا يرى إلا مساكنهم كذلك نجزي القوم المجرمين "

وقد ذكر الله تعالى خبر أهلاكهم في غير ما آية كما تقدم مجملاً ومفصلاً ، كقوله : " فأنجيناه والذين معه برحمة منا وقطعنا دابر الذين كذبوا بآياتنا وما كانوا مؤمنين " وكقوله : " ولما جاء أمرنا نجينا هودا والذين آمنوا معه برحمة منا ونجيناهم من عذاب غليظ * وتلك عاد جحدوا بآيات ربهم وعصوا رسله واتبعوا أمر كل جبار عنيد * وأتبعوا في هذه الدنيا لعنة ويوم القيامة ألا إن عادا كفروا ربهم ألا بعدا لعاد قوم هود " وكقوله : " فأخذتهم الصيحة بالحق فجعلناهم غثاء فبعدا للقوم الظالمين " وقوله تعالى : " فكذبوه فأهلكناهم إن في ذلك لآية وما كان أكثرهم مؤمنين * وإن ربك لهو العزيز الرحيم "

وأما تفصيل أهلاكهم فكما قال تعالى : " فلما رأوه عارضا مستقبل أوديتهم قالوا هذا عارض ممطرنا بل هو ما استعجلتم به ريح فيها عذاب أليم " كان هذا أول ما ابتدأهم العذاب ، أنهم كانوا ممحلين مسنتين فطلبوا السقيا فرأوا عارضاً في السماء وظنوه سقيا رحمة ، فإذا هو سقيا عذاب ، ولهذا قال تعالى : " بل هو ما استعجلتم به " أي من وقوع العذاب وهو قولهم : " فأتنا بما تعدنا إن كنت من الصادقين " ومثلها في الأعراف

وقد ذكر المفسرون وغيرهم ها هنا الخبر الذي ذكر الإمام محمد بن إسحاق بن يسار ، قال : فلما أبوا إلا الكفر بالله عز وجل ، أمسلك عنهم القطر ثلاث سنين ، حتى جهدهم ذلك ، قال : وكان الناس إذا جهدهم أمر في ذلك الزمان فطلبوا من الله الفرج منه إنما يطلبونه بحرمه ومكان بيته ، وكان معروفاً عند أهل ذلك الزمان ، وبه العماليق مقيمون ، وهم من سلالة معليق بن لاوذ بن سام بن نوح ، وكان سيدهم إذا ذاك رجلاً يقال له معاوية بن بكر ، وكانت أمه من قوم عاد واسمها جلهذة ابنة الخيبري قال : فبعث عاد وفراد قريباً من سبقين رجلاً ليستسقوا لهم عند الحرم ، فمروا بمعاوية بن بكر بظاهر مكة ، فنزلوا عليه فأقاموا عنده شهراً ، يشربون الخمر ، وتغنيهم الجرادتان ، قينتان لمعاوية ، وكانوا قد وصلوا إليه في شهر فلما طال مقامهم عنده ، وأخذته شفقة على قومه ، واستحيا منهم أن يأمرهم بالإنصراف ، عمل شعراً يعرض لهم فيه بالإنصراف ، وأمر القينتين أن تغنيهم به ، فقال :

ألا يقيــــل ويحــــــك قم فهبنم لعـل الله يصبحنـا غمـــامــا

فيسقي أرض عـــاد إن عـــاداً قد أمسوا لا يبينون الكلاما

من العطش الشديد فليس نرجو به الشيخ الكبير ولا الغـلاما

وقـــد كانت نســـــــاؤهم بخير فقـد أمست نساؤهم أيامى

وأن الــوحش يــأتيهم جهــاراً ولا يخشى لعــــاد سهــامــا

وأنتم هــــاهنـــا فيما اشتهيتم نهـــاركم وليلكــم تمـــامــــا

فقبـح وفــدكم من وفــد قــوم ولا لقــوا التحيـــة والســلامــا

قال : فعند ذلك تنبه القوم لما جاءوا له فنهضوا إلى الحرم ودعوا لقومهم ، فدعا داعيهم وهو قيل بن عنز ، فأنشأ الله سحابات ثلاثة : بيضاء وحمراء وسوداء ، ثم ناداه مناد من السماء : اختر لنفسك - أو لقومك - من هذا السحاب ، فقال : اخترت السحابة السوداء فإنها أكثر السحاب ماء ، فناداه مناد : اخترت رماد رمدداً ، لا تبقى من عاد أحداً ، لا والداً يترك ولا ولداً ، إلا جعلته همداً إلا بني اللوذية الهمدا قال : وهم بطن من عاد كانوا مقيمين بمكة ، فلم يصبهم ما أصاب قومهم قال : ومن بقي من أنسابهم وأعقابهم هم عاد الآخرة

قال : وساق الله السحابة السوداء التي اختارها قيل بن عنز بما فيها من النقمة إلى عاد ، حتى تخرج عليهم من واد يقال له المغيث ، فلما رأوها استبشروا وقالوا : هذا عارض ممطرنا فيقول تعالى : " بل هو ما استعجلتم به ريح فيها عذاب أليم * تدمر كل شيء بأمر ربها " أي تهلك كل شيء أمرت به

فكان أول من أبصر ما فيها وعرف أنها ريح فيما يذكرون امرأة من عاد يقال لها مهد فلما تبينت ما فيها صاحت ثم صعقت فلما أفاقت قالوا : ما رأيت يا مهد ؟ قالت : رأيت ريحاً فيها شبه النار أمامها رجال يقودونها فسخرها الله عليهم سبع ليال وثمانية أيام حسوماً ، والحسوم : الدائمة ، فلم تدع من عاد أحداً إلا هلك

قال : واعتزل هود - عليه السلام - فيما ذكر لي - في حظيرة هو ومن معه من المؤمنين ، ما يصيبهم إلا ماتلين عليه الجلود ، وتلذ الأنفس ، وإنها لتمر على عاد بالظعن فيما بين السماء والأرض ، وتدمغهم بالحجارة وذكر تمام القصة

وقد روى الإمام أحمد حديثاً في مسنده يشبه هذه القصة فقال : حدثنا زيد بن الخباب ، حدثنى أبو المنذر سلام بن سليمان النحوي ، حدثنا عاصم بن أبي النجود ، عن أبي وائل ، عن الحارث - وهو ابن حسان - ويقال ابن يزيد البكري ، قال : خرجت أشكو العلاء بن الحضرمي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فمررت بالزبذة ، فإذا عجوز من بني تميم منقطع بها ، فقال لي : يا عبد الله إن لي إلي رسول الله صلى الله عليه وسلم حاجة ، فهل أنت مبلغي إليه ؟

قال : فحملتها فأتيت المدينة فإذا المسجد غاص بأهله ، وإذا راية سوداء تخفق ، إذا بلال متقلد السيف بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقلت : ما شأن الناس ؟ قالوا : يريد أن يبعث عمرو بن العاص وجهاً

قال : فجلست ، قال : فدخل منزله - أو قال رحله - فاستأذنت عليه فأذن لي ، فدخلت فسلمت فقال : هل كان بينكم وبين بني تميم شيء ؟ فقلت : نعم وكانت لنا الدائرة عليهم ومررت بعجوز من بني تميم منقطع بها ، فسألتني أن أحملها إليك وها هي ذي بالباب ، فأذن لها فدخلت ، فقالت : يا رسول الله إن رأيت أن تجعل بيننا وبين بني تميم حاجزاً ، فاجعل الدهناء فإنها كانت لنا ، قال : فحميت العجوز واستوفزت وقالت : يا رسول الله فإلى أين يضطر مضطرك ؟ قال : قلت : إن مثلي ما قال الأول : معزى حملت حتفها ، حملت هذه الأمة ولا أشعر أنها كانت لي خصماً ، أعوذ بالله ورسوله أن أكون كوافد عاد ، قال : هيه وما وافد عاد ؟ وهو أعلم بالحديث مني ولكن يستطعمه

قلت : إن عاداً قحطوا فبعثوا وافداً لهم يقال له : قيل ، فمر بمعاوية بن بكر فأقام عنده شهراً يسقيه الخمر وتغنيه جاريتان يقال لهما : الجرادتان ، فلما مضى الشهر خرج إلى جبال تهامة ، فقال : اللهم إنك تعلم أني لم أجىء إلى مريض فأداويه ، ولا إلى أسير فأفاديه ، اللهم اسق عاداً ما كنت تسقيه فمرت به سحابات سود فنودى منها : اختر فأومأ إلى سحابة منها سوداً ، فنودي منها : خذها رماداً رمدداً ولا تبقى من عاد أحداً ، قال : فما بلغني أنه بعث عليهم من الريح إلا كقدر ما يجري في خاتمي هذا من الريح حتى هلكوا

قال أبو وائل : وصدق : وكانت المرأة والرجل إذا بعثوا وافداً لهم قالوا : لا تكن كوافد عاد

وهكذا رواه الترمذي ، عن عبد بن حميد ، عن زيد بن الحباب به ورواه النسائي من حديث سلام أبي المنذر ، عن عاصم بن بهدلة ، ومن طريقه رواه ابن ماجه وهكذا أورد هذا الحديث وهذه القصة عند تفسير هذه القصة غير واحد من المفسرين كابن جرير وغيره

وقد يكون هذا السياق لإهلاك عاد الآخرة ، فإن فيما ذكره ابن إسحاق وغيره ذكر لمكة ، ولم تبن إلا بعد إبراهيم الخليل ، حين أسكن فيها هاجر وابنه إسماعيل ، فنزلت جرهم عندهم كما سيأتي ، وعاد الأولى قبل الخليل ، وفيه ذكر معاوية بن بكر وشعره ، وهو من الشعر المتأخر عن زمان عاد الأولى ، ولا يشبه كلام المتقدمين وفيه أن في تلك السحابة شرر نار ، وعاد الأولى إنما أهلكوا بريح صرصر ، وقد قال ابن مسعود وابن عباس وغير واحد من أئمة التابعين : هي الباردة والعاتية الشديدة الهبوب

" سخرها عليهم سبع ليال وثمانية أيام حسوما " أي كوامل متتابعات قيل : كان أولها الجمعة ، وقيل الأربعاء

" فترى القوم فيها صرعى كأنهم أعجاز نخل خاوية " شبههم بأعجاز النخل التي لا رؤس لها ، وذلك لأن الريح كانت تجيء إلى أحدهم فتحمله فترفعه في الهواء ، ثم تنكسه على أم رأسه فتشدخه فيبقى جثة بلا رأس ، كما قال : " إنا أرسلنا عليهم ريحا صرصرا في يوم نحس مستمر " أي في يوم نحس عليهم ، مستمر عذابه عليهم

" تنزع الناس كأنهم أعجاز نخل منقعر " ومن قال إنه اليوم النحس المستمر يوم الأربعاء وتشاءم به لهذا الفهم ، فقد أخطأ وخالف القرآن ، فإنه قال في الآية الأخرى : " فأرسلنا عليهم ريحا صرصرا في أيام نحسات " ومعلوم أنها ثمانية أيام متتابعات ، فلو كانت نحسات في أنفسها لكانت جميع الأيام السبعة المندرجة فيها مشئومة ، وهذا لا يقوله أحد ، وإنما المراد في أيام نحسات ، أي عليهم

وقال تعالى : " وفي عاد إذ أرسلنا عليهم الريح العقيم " أي التي لا تنتج خيراً ، فإن الريح المنفردة لا تثير سحاباً ولا تلقح شجراً ، بل هي عقيم لا نتيجة خير لها ، ولهذا قال : " ما تذر من شيء أتت عليه إلا جعلته كالرميم " أي كالشيء البالي الفاني الذي لا ينتفع به بالكلية

وقد ثبت في الصحيحين من حديث شعبة عن الحكم عن مجاهد عن ابن عباس عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " نصرت بالصبا ، وأهلكت عاد بالدبور "

وأما قوله تعالى : " واذكر أخا عاد إذ أنذر قومه بالأحقاف وقد خلت النذر من بين يديه ومن خلفه أن لا تعبدوا إلا الله إني أخاف عليكم عذاب يوم عظيم " فالظاهر أن عاداً هذه هي عاد الأولى ، فإن سياقها شبيه بسياق قوم هود وثم الأولى ، ويحتمل أن يكون المذكورون في هذه القصة هم عاد الثانية ويدل عليه ما ذكرنا وما سيأتي من الحديث عن عائشة رضي الله عنها

وأما قوله : " فلما رأوه عارضا مستقبل أوديتهم قالوا هذا عارض ممطرنا " فإن عاداً لما رأوا هذا العارض وهي الناشيء في الجو كالسحاب ظنوه سحاباً ممطراً ، فإذا هو سحاب عذاب ، اعتقدوه رحمه فإذا هو نقمة ، رجوا فيه الخير فنالوا منه غاية الشر قال الله تعالى : " بل هو ما استعجلتم به " أي من العذاب ، ثم فسره بقوله : " ريح فيها عذاب أليم " يحتمل أن ذلك العذاب هو ما أصابهم من الريح الصرصر العاتية الباردة الشديدة الهبوب ، التي استمرت عليهم سبع ليال بأيامها الثمانية فلم تبق منهم أحداً ، بل تتبعهم حتى كانت تدخل عليهم كهوف الجبال والغيران فتلفهم وتخرجهم وتهلكهم ، وتدمر عليهم البيوت المحكمة والقصور المشيدة ، فكما منوا بشدتهم وبقوتهم وقالوا : من أشد منا قوة ؟ سلط الله عليهم ما هو أشد منهم قوة ، وأقدر عليهم ، وهو الريح العقيم

ويحتمل أن هذه الريح أثارت في آخر الأمر سحابة ، ظن من بقي منهم أنها سحابة فيها رحمة بهم ، وغياث لمن بقي منهم ، فأرسلها الله عليهم شرراً وناراً كما ذكره غير واحد ويكون هذا كما أصاب أصحاب الظلة من أهل مدين ، وجمع لهم بين الريح الباردة والمذاب النار ، وهو أشد ما يكون من العذاب بالأشياء المختلفة المتضادة ، مع الصيحة التي ذكرها في سورة قد أفلح المؤمنون والله أعلم

وقد قال ابن أبي حاتم : حدثنا أبي ، حدثنا محمد بن يحيى بن الضريس ، حدثنا ابن فضيل عن مسلم ، عن مجاهد ، عن ابن عمر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ما فتح الله على عاد من الريح التي أهلكوا بها إلا مثل موضع الخاتم ، فمرت بأهل البادية فحملتهم ومواشيهم وأموالهم بين السماء والأرض ، فلما رأى ذلك أهل الحاضرة من عاد ، الريح وما فيها " قالوا هذا عارض ممطرنا " فألقت أهل البادية ومواشيهم على أهل الحاضرة "

وقد رواه الطبراني عن عبدان بن أحمد ، عن إسماعيل بن زكريا الكوفي ، عن أبي مالك ، عن مسلم الملائي ، عن مجاهد وسعيد بن جبير ، عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ما فتح الله على عاد من الريح إلا مثل موضع الخاتم ، ثم أرسلت عليهم البدو إلى الحضر ، فلما رآها أهل الحضر قالوا : هذا عارض ممطرنا مستقبل أوديتنا وكان أهل البوادي فيها ، فألقى أهل البادية على أهل الحاضرة حتى هلكوا "

قالت : عتت على خرانها حتى خرجت من خلال الأبواب : قلت : وقال غيره : خرجت بغير حساب

والمقصود أن هذا الحديث في رفعه نظر ، ثم اختلف فيه على مسلم الملائي ، وفيه نوع اضطراب والله أعلم

وظاهر الآية أنهم رأوا عارضاً والمفهوم منه لغة السحاب ، كما دل عليه حديث الحارث بن حسان البكري ، إن جعلناه مفسراً لهذه القصة

وأصرح منه في ذلك ما رواه مسلم في صحيحه حيث قال : حدثنا أبو بكر الظاهر ، حدثنا ابن وهب قال : سمعت ابن جريج ، حدثنا عن عطاء بن أبي رباح ، عن عائشة رضي الله عنها قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا عصفت الريح قال : " اللهم إني أسألك خيرها وخير ما فيها وخير ما أرسلت به ، وأعوذ بك من شرها وشر ما فيها وشر ما أرسلت به " قالت : وإذا غيبت السماء تغير لونه ، وخرج ودخل ، وأقبل وأدبر فإذا أمطرت سرى عنه ، فعرفت ذلك عائشة فسألته فقال : لعله يا عائشة كما قال قوم عاد : " فلما رأوه عارضا مستقبل أوديتهم قالوا هذا عارض ممطرنا "

رواه الترمذي و النسائي و ابن ماجه ، من حديث ابن جريج

طريق أخرى : قال الإمام أحمد : حدثنا هارون بن معروف ، أنبأنا عبد الله بن وهب ، أنبأنا عمرو - وهو ابن الحارث - أن أبا النضر حدثه عن سليمان بن يسار ، عن عائشة أنها قالت : ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم مستجمعاً ضاحكاً قط حتى أرى منه لهواته ، إنما كان يبتسم وقالت : كان إذا رأى غيماً أو ريحاً عرف ذلك في وجهه ، قالت : يا رسول الله إن الناس إذا رأوا الغيم فرحوا رجاء أن يكون فيه المطر ، وأراك إذا رأيته عرف في وجهك الكراهية ؟ فقال : " يا عائشة ما يؤمنني أن يكون فيه عذاب ! قد عذب قوم نوح بالريح "، وقد رأى إليه أولاً ، فعلى هذا تكون القصة المذكورة في سورة الأحقاف خبراً عن قوم عاد الثانية وتكون بقية السياقات في القرآن خبراً عن عاد الأولى والله أعلم بالصواب

وهكذا رواه مسلم عن هارون بن معروف ، وأخرجه البخاري و أبو داود من حديث ابن وهب

وقدمنا حج هود عليه السلام عند ذكر حج نوح عليه السلام وروى عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب أنه ذكر صفة قبر هود عليه السلام في بلاد اليمن وذكر آخرون أنه بدمشق وبجامعها مكان في حائطه القبلى يزعم بعض الناس أنه قبر هود عليه السلام والله أعلم


قصَصُ الأنبيَاء 500092465

قصَصُ الأنبيَاء 500092465

تحياتي لكم

قصَصُ الأنبيَاء 500092465

قصَصُ الأنبيَاء 500092465

قصَصُ الأنبيَاء 483098003
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
المدير
AMINE PàTCHIKà
AMINE PàTCHIKà
المدير


الجنس : ذكر
الابراج الدلو
تاريخ الميلاد تاريخ الميلاد : 25/01/1988
العمر : 36

المدير العام
منتديات أمين عبلة الحب :

قصَصُ الأنبيَاء Empty
مُساهمةموضوع: رد: قصَصُ الأنبيَاء   قصَصُ الأنبيَاء Emptyالجمعة يناير 11, 2013 12:18 am

قصَصُ الأنبيَاء 500092465

قصَصُ الأنبيَاء 500092465


قصة صالح عليه السلام

قصَصُ الأنبيَاء 500092465

قصَصُ الأنبيَاء 500092465

نبي ثمود

وهم قبيلة مشهورة ، يقال لهم ثمود باسم جدهم ثمود أخي جديس ، وهما ابنا عائر بن إرم بن سام بن نوح

وكانوا عرباً من العاربة يسكنون الحجر الذي بين الحجاز وتبوك وقد مر به رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو ذاهب إلى تبوك بمن معه من المسلمين

وكانوا بعد قوم عاد ، وكانوا يعبدون الأصنام كأولئك

فبعث الله فيهم رجلاً منهم وهو عبد الله ورسوله : صالح بن عبيد بن ماسح بن عبيد بن حادر بن ثمود بن عاثر بن إرم بن نوح فدعاهم إلى عبادة الله وحده لا شريك له ، وأن يخلعوا الأصنام والأنداد ولا يشركوا به شيئاً فآمنت به طائفة منهم ، وكفر جمهورهم ، ونالوا منه بالمقال والفعال ، وهموا بقتله ، وقتلوا الناقة التي جعلها الله حجة عليهم ، فأخذهم الله أخذ عزيز مقتدر

كما قال تعالى في سورة الأعراف : " وإلى ثمود أخاهم صالحا قال يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره قد جاءتكم بينة من ربكم هذه ناقة الله لكم آية فذروها تأكل في أرض الله ولا تمسوها بسوء فيأخذكم عذاب أليم * واذكروا إذ جعلكم خلفاء من بعد عاد وبوأكم في الأرض تتخذون من سهولها قصورا وتنحتون الجبال بيوتا فاذكروا آلاء الله ولا تعثوا في الأرض مفسدين * قال الملأ الذين استكبروا من قومه للذين استضعفوا لمن آمن منهم أتعلمون أن صالحا مرسل من ربه قالوا إنا بما أرسل به مؤمنون * قال الذين استكبروا إنا بالذي آمنتم به كافرون * فعقروا الناقة وعتوا عن أمر ربهم وقالوا يا صالح ائتنا بما تعدنا إن كنت من المرسلين * فأخذتهم الرجفة فأصبحوا في دارهم جاثمين * فتولى عنهم وقال يا قوم لقد أبلغتكم رسالة ربي ونصحت لكم ولكن لا تحبون الناصحين "

وقال تعالى في سورة هود : " وإلى ثمود أخاهم صالحا قال يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره هو أنشأكم من الأرض واستعمركم فيها فاستغفروه ثم توبوا إليه إن ربي قريب مجيب * قالوا يا صالح قد كنت فينا مرجوا قبل هذا أتنهانا أن نعبد ما يعبد آباؤنا وإننا لفي شك مما تدعونا إليه مريب * قال يا قوم أرأيتم إن كنت على بينة من ربي وآتاني منه رحمة فمن ينصرني من الله إن عصيته فما تزيدونني غير تخسير * ويا قوم هذه ناقة الله لكم آية فذروها تأكل في أرض الله ولا تمسوها بسوء فيأخذكم عذاب قريب * فعقروها فقال تمتعوا في داركم ثلاثة أيام ذلك وعد غير مكذوب * فلما جاء أمرنا نجينا صالحا والذين آمنوا معه برحمة منا ومن خزي يومئذ إن ربك هو القوي العزيز * وأخذ الذين ظلموا الصيحة فأصبحوا في ديارهم جاثمين * كأن لم يغنوا فيها ألا إن ثمود كفروا ربهم ألا بعدا لثمود "

وقال سبحانه في سورة الحجر : " ولقد كذب أصحاب الحجر المرسلين * وآتيناهم آياتنا فكانوا عنها معرضين * وكانوا ينحتون من الجبال بيوتا آمنين * فأخذتهم الصيحة مصبحين * فما أغنى عنهم ما كانوا يكسبون "

وقال سبحانه وتعالى في سورة سبحان : " وما منعنا أن نرسل بالآيات إلا أن كذب بها الأولون وآتينا ثمود الناقة مبصرة فظلموا بها وما نرسل بالآيات إلا تخويفا "

وقال تعالى في سورة الشعراء : " كذبت ثمود المرسلين * إذ قال لهم أخوهم صالح ألا تتقون * إني لكم رسول أمين * فاتقوا الله وأطيعون * وما أسألكم عليه من أجر إن أجري إلا على رب العالمين * أتتركون في ما هاهنا آمنين * في جنات وعيون * وزروع ونخل طلعها هضيم * وتنحتون من الجبال بيوتا فارهين * فاتقوا الله وأطيعون * ولا تطيعوا أمر المسرفين * الذين يفسدون في الأرض ولا يصلحون * قالوا إنما أنت من المسحرين * ما أنت إلا بشر مثلنا فأت بآية إن كنت من الصادقين * قال هذه ناقة لها شرب ولكم شرب يوم معلوم * ولا تمسوها بسوء فيأخذكم عذاب يوم عظيم * فعقروها فأصبحوا نادمين * فأخذهم العذاب إن في ذلك لآية وما كان أكثرهم مؤمنين * وإن ربك لهو العزيز الرحيم "

وقال تعالى في سورة النمل : " ولقد أرسلنا إلى ثمود أخاهم صالحا أن اعبدوا الله فإذا هم فريقان يختصمون * قال يا قوم لم تستعجلون بالسيئة قبل الحسنة لولا تستغفرون الله لعلكم ترحمون * قالوا اطيرنا بك وبمن معك قال طائركم عند الله بل أنتم قوم تفتنون * وكان في المدينة تسعة رهط يفسدون في الأرض ولا يصلحون * قالوا تقاسموا بالله لنبيتنه وأهله ثم لنقولن لوليه ما شهدنا مهلك أهله وإنا لصادقون * ومكروا مكرا ومكرنا مكرا وهم لا يشعرون * فانظر كيف كان عاقبة مكرهم أنا دمرناهم وقومهم أجمعين * فتلك بيوتهم خاوية بما ظلموا إن في ذلك لآية لقوم يعلمون * وأنجينا الذين آمنوا وكانوا يتقون "

وقال تعالى في سورة حم السجدة : " وأما ثمود فهديناهم فاستحبوا العمى على الهدى فأخذتهم صاعقة العذاب الهون بما كانوا يكسبون * ونجينا الذين آمنوا وكانوا يتقون

وقال تعالى في سورة اقتربت : " كذبت ثمود بالنذر * فقالوا أبشرا منا واحدا نتبعه إنا إذا لفي ضلال وسعر * أألقي الذكر عليه من بيننا بل هو كذاب أشر * سيعلمون غدا من الكذاب الأشر * إنا مرسلو الناقة فتنة لهم فارتقبهم واصطبر * ونبئهم أن الماء قسمة بينهم كل شرب محتضر * فنادوا صاحبهم فتعاطى فعقر * فكيف كان عذابي ونذر * إنا أرسلنا عليهم صيحة واحدة فكانوا كهشيم المحتظر * ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدكر "

وقال تعالى : " كذبت ثمود بطغواها * إذ انبعث أشقاها * فقال لهم رسول الله ناقة الله وسقياها * فكذبوه فعقروها فدمدم عليهم ربهم بذنبهم فسواها * ولا يخاف عقباها "

وكثيراً ما يقرن الله في كتابه بين ذكر عاد وثمود ، كما في سورة براءة ، وإبراهيم والفرقان ، سورة ص ، وسورة ق ، والنجم ، والفجر

ويقال إن هاتين الأمتين لا يعرف خبرهما أهل الكتاب ، وليس لهما ذكر في كتابهم التوراة ، ولكن في القرآن ما يدل على أن موسى أخبر عنهما ، كما قال تعالى في سورة إبراهيم : " وقال موسى إن تكفروا أنتم ومن في الأرض جميعا فإن الله لغني حميد * ألم يأتكم نبأ الذين من قبلكم قوم نوح وعاد وثمود والذين من بعدهم لا يعلمهم إلا الله جاءتهم رسلهم بالبينات " الآية الظاهر أن هذا من تمام كلام موسى مع قومه ، ولكن كان هاتان الأمتان من العرب لم يضبطوا خبرهما جيداً ، ولا اعتنوا بحفظه ، وإن كان خبرهما كان مشهوراً في زمان موسى عليه السلام وقد تكلمنا على هذا كله في التفسير مستقصى ولله الحمد والمنة

* * *

والمقصود الآن ذكر قصتهم وما كان من أمرهم ، وكيف نجى الله نبيه صالحاً عليه السلام ومن آمن به ، وكيف قطع دابر القوم الذين ظلموا بكفرهم وعتوهم ، ومخالفتهم رسولهم عليه السلام

وقد قدمنا أنهم كانوا عرباً ، وكانوا بعد عاد ولم يعتبروا بما كان من أمرهم ولهذا قال لهم نبيهم عليه السلام : " اعبدوا الله ما لكم من إله غيره قد جاءتكم بينة من ربكم هذه ناقة الله لكم آية فذروها تأكل في أرض الله ولا تمسوها بسوء فيأخذكم عذاب أليم * واذكروا إذ جعلكم خلفاء من بعد عاد وبوأكم في الأرض تتخذون من سهولها قصورا وتنحتون الجبال بيوتا فاذكروا آلاء الله ولا تعثوا في الأرض مفسدين " أي إنما جعلكم خلفاء من بعدهم لتعتبروا بما كان من أمرهم ، وتعلموا بخلاف عملهم وأباح لكم هذه الأرض تبنون في سهولها القصور ، " وتنحتون من الجبال بيوتا فارهين " ، والعبادة له وحده لا شريك له ، وإياكم ومخالفته والعدول عن طاعته ، فإن عاقبة ذلك وخيمة

ولهذا وعظهم بقوله : " أتتركون في ما هاهنا آمنين * في جنات وعيون * وزروع ونخل طلعها هضيم " أي متراكم كثير حسن بهي ناضج " وتنحتون من الجبال بيوتا فارهين * فاتقوا الله وأطيعون * ولا تطيعوا أمر المسرفين * الذين يفسدون في الأرض ولا يصلحون

وقال لهم أيضاً : " يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره هو أنشأكم من الأرض واستعمركم فيها " أي هو الذي خلقكم فأنشأكم من الأرض ، وجعلكم عمارها ، أي أعطاكموها بما فيها من الزروع والثمار ، فهو الخالق الرزاق ، وهو الذي يستحق العبادة وحده لا ما سواه ، " فاستغفروه ثم توبوا إليه " أي أقلعوا عما أنتم فيه وأقبلوا على عبادته ، فإنه يقبل ويتجاوز عنكم " إن ربي قريب مجيب "

" قالوا يا صالح قد كنت فينا مرجوا قبل هذا " أي قد كنا نرجو أن يكون عقلك كاملاً قبل هذه المقالة ، وهي دعاؤك إيانا إلى إفراد العبادة ، وترك ما كنا نعبده من الأنداد والعدول عن دين الآباء والأجداد ولهذا قالوا : " أتنهانا أن نعبد ما يعبد آباؤنا وإننا لفي شك مما تدعونا إليه مريب "

" قال يا قوم أرأيتم إن كنت على بينة من ربي وآتاني منه رحمة فمن ينصرني من الله إن عصيته فما تزيدونني غير تخسير "

وهذا تلطف منه لهم في العبارة ولين الجانب ، وحسن تأت في الدعوة لهم إلى الخير ، أي فما ظنكم إن كان الأمر كما أقول لكم وأدعوكم إليه ؟ ما عذركم عند الله ؟ وماذا يخلصكم من بين يديه وأنتم تطلبون مني أن أترك دعاءكم إلى طاعته ؟ وأنا لا يمكنني هذا لأنه واجب علي ، ولو تركته لما قدر أحسن منكم ولا من غير أن يجيرني منه ولا ينصرني فأنا لا أزال أدعوكم إلى الله وحده لا شريك له ، حتى يحكم الله بيني وبينكم

وقالوا له أيضاً : " إنما أنت من المسحرين " أي من المسحورين ، يعنون مسحوراً لا تدري ما تقوم في دعائك إيانا إلى إفراد العبادة لله وحده ، وخلع ما سواه من الأنداد وهذا القول عليه الجمهور ، وهو أن المراد بالمسحرين : المسحورين وقيل من المسحرين : أي ممن له سحر - وهو الرئي - كأنهم يقولون إنما أنت بشر له سحر والأول أظهر قولهم بعد هذا : " ما أنت إلا بشر مثلنا " وقولهم : " فأت بآية إن كنت من الصادقين " سألوا منه أن يأتيهم بخارق يدل على صدق ما جاءهم به " قال هذه ناقة لها شرب ولكم شرب يوم معلوم * ولا تمسوها بسوء فيأخذكم عذاب يوم عظيم " كما قال : " قد جاءتكم بينة من ربكم هذه ناقة الله لكم آية فذروها تأكل في أرض الله ولا تمسوها بسوء فيأخذكم عذاب أليم " وقال تعالى : " وآتينا ثمود الناقة مبصرة فظلموا بها "

وقد ذكر المفسرون أن ثموداً اجتمعوا يوماً في ناديهم ، فجاءهم رسول الله صالح فدعاهم إلى الله وذكرهم وحذرهم ووعظهم ، فقالوا له : إن أنت أخرجت لنا من هذه الصخرة وأشاروا إلى صخرة هناك - ناقة ، من صفتها كيت وكيت وذكروا أوصافاً سموها ونعتوها وتعنتوا فيها وأن تكون عشراء طويلة ، من صفتها كذا وكذا ، فقال لهم النبي صالح عليه السلام : أرأيتم إن أجبتكم إلى ما سألتم على الوجه الذي طلبتم ، أتؤمنون بما جئتكم به وتصدقوني فيما أرسلت به ؟ قالوا : نعم فأخذ عهدهم ومواثيقهم على ذلك

ثم قام إلى مصلاه فصلى لله عز وجل ما قدر له ، ثم دعا ربه عز وجل أن يجيبهم إلى ما طلبوا فأمر الله عز وجل تلك الصخرة أن تنفطر عن ناقة عظيمة عشراء ، على الوجه المطلوب الذي طلبوا ، أو على الصفة التي نعتوا

فلما عاينوها كذلك رأوا أمراً عظيماً ومنظراً هائلاً ، وقدرة باهرة ودليلاً قاطعاً وبرهاناً ساطعاً فآمن كثير منهم ، واستمر أكثرهم على كفرهم وضلالهم وعنادهم ولهذا قال : " فظلموا بها " أي جحدوا بها ولم يتبعوا الحق بسببها ، أي أكثرهم وكان رئيس الذين آمنوا : جندع ابن عمرو بن محلاة بن لبيد بن جواس وكان من رؤسائهم وهم بقية الأشراف بالإسلام فصدهم ذؤاب بن عمرو بن لبيد والحباب صاحب أوثانهم ، ورباب بن صعر بن جلمس ودعا جندع ابن عمه شهاب بن خليفة وكان من أشرافهم ، فهم بالإسلام فنهاه أولئك ، فمال إليهم فقال في ذلك رجل من المسلمين يقال له مهرش بن غنمة بن الذميل رحمه الله :

وكانت عصبــــة من آل عمرو إلى دين النبي دعـــوا شهـابــا

عــزيــز ثمــود كلهم جميعـــاً فهم بــأن يجيب ولــو أجـــابــا

لأصبـح صـالـح فينـا عـزيــزاً ومـا عـدلــوا بصــاحبهم ذؤابـــا

ولكن الغـــــــواة من آل حجر تــولــوا بعــد رشـــــدهم ذبابــا

ولهذا قال لهم صالح عليه السلام : " هذه ناقة الله " أضافها لله سبحانه وتعالى إضافة تشريف وتعظيم ، كقوله : بيت الله وعبد الله " لكم آية " أي دليلاً على صدق ما جئتكم به " فذروها تأكل في أرض الله ولا تمسوها بسوء فيأخذكم عذاب قريب "

فاتفق الحال على أن تبقى هذه الناقة بين أظهرهم ، ترغي حيث شاءت من أرضهم ، وترد الماء يوماً بعد يوم ، وكانت إذا وردت الماء تشرب ماء البئر يومها ذلك ، فكانوا يرفعون حاجتهم من الماء في يومهم لغدهم ويقال : إنهم كانوا يشربون من لبنها كفايتهم ، ولهذا قال : " لها شرب ولكم شرب يوم معلوم "

ولهذا قال تعالى : " إنا مرسلو الناقة فتنة لهم " أي اختباراً لهم ، أيؤمنون بها أم يكفرون ؟ والله أعلم بما يفعلون " فارتقبهم " أي انتظر ما يكون من أمرهم " واصطبر " على أذاهم فسيأتيك الخبر على جلية " ونبئهم أن الماء قسمة بينهم كل شرب محتضر "

فلما طال عليهم هذا الحال اجتمع علماؤهم ، واتفق رأيهم على أن يعقروا هذه الناقة ، ليستريحوا منها ويتوافر عليهم ماؤهم ، وزين لهم الشيطان أعمالهم قال الله تعالى : " فعقروا الناقة وعتوا عن أمر ربهم وقالوا يا صالح ائتنا بما تعدنا إن كنت من المرسلين "

وكان الذين تولى قتلها منهم رئيسهم : قدار بن سالف بن جندع ، وكان أحمر أزرق أصهب وكان يقال إنه ولد زانية ، ولد على فراش سالف ، وهو ابن رجل يقال له صيبان ، وكان فعله ذلك باتفاق جميعهم ، فلهذا نسب الفعل إليهم كلهم

وذكر ابن جرير وغيره من علماء المفسرين : أن امرأتين من ثمود اسم إحداهما صدوق ابنة المحيا بن زهير بن المختار ، وكانت ذات حسب ومال ، وكانت تحت رجل من أسلم ففارقته ، فدعت ابن عم لها يقال له مصرع بن مهرج بن المحيا ، وعرضت عليه نفسها إن هو عقر الناقة واسم الأخرى عنيزة بنت غنيم بن مجلز ، وتكنى أم غنمة وكانت عجوزاً كافرة ، لها بنات من زوجها ذؤاب بن عمرو أحد الروساء ، فعرضت بناتها الأربع على قدار بن سالف ، إن هو عقر الناقة فله أي بناتها شاء ، فانتدب هذا الشابان لعقرها وسعوا في قومهم بذلك ، فاستجاب لهم سبعة آخرون فصاروا تسعة وهم المذكورون في قوله تعالى : " وكان في المدينة تسعة رهط يفسدون في الأرض ولا يصلحون " وسعوا في بقية القبيلة وحسنوا لهم عقرها ، فأجابوهم إلى ذلك وطاوعوهم في ذلك فانطلقوا يرصدون الناقة ، فلما صدرت من وردها كمن لها مصرع فرماها بسهم فانتظم عظم ساقها ، وجاء النساء يذمرن القبيلة في قتلها ، وحسرن عن وجوههن ترغيباً لهم في ذلك ، فأسرعهم قدار بن سالف ، فشد عليها بالسيف فكشف عن عرقوبها فخرت ساقطة إلى الأرض ، ورغت رغاة واحدة عظيمة تحذر ولدها ، ثم طعن في لبتها فنحرها ، وانطلق سقبها - وهو فصيلها - فصعد جبلاً منيعاً ورغا ثلاثاً

وروى عبد الرزاق ، عن معمر ، عمن سمع الحسن أنه قال : يا رب أين أمي ؟ ثم دخل في صخرة فغاب فيها ويقال : بل اتبعوه فعقروه أيضاً

قال الله تعالى : " فنادوا صاحبهم فتعاطى فعقر * فكيف كان عذابي ونذر " وقال تعالى : " إذ انبعث أشقاها * فقال لهم رسول الله ناقة الله وسقياها " أي أحذروها : " فكذبوه فعقروها فدمدم عليهم ربهم بذنبهم فسواها * ولا يخاف عقباها "

قال الإمام أحمد : حدثنا عبد الله بن نمير ، حدثنا هشام - أبو عروة - عن أبيه ، عن عبد الله بن زمعة قال : خطب رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكر الناقة وذكر الذي عقرها فقال : " إذ انبعث أشقاها : انبعث لها رجل عارم عزيز منيع في رهطه ، مثل أبي زمعة "

أخرجاه من حديث هشام به عارم : أي شهم عزيز : أي رئيس منيع : أي مطاع في قومه

وقال محمد بن إسحاق : حدثني يزيد بن محمد بن خثيم ، عن محمد بن كعب ، عن محمد بن خثيم بن يزيد ، عن عمار بن ياسر ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعلي : " ألا أحدثك بأشقى الناس " ؟ قال : بلى قال : " رجلان أحدهما أحمير ثمود الذي عقر الناقة والذي يضربك ياعلى هذا - يعني قرنه - حتى تبتل منه هذه - يعني لحيته

رواه ابن أبي حاتم

وقال تعالى : " فعقروا الناقة وعتوا عن أمر ربهم وقالوا يا صالح ائتنا بما تعدنا إن كنت من المرسلين " فجمعوا في كلامهم هذا بين كفر بليغ من وجوه :

منها : أنهم خالفوا الله ورسوله في ارتكابهم النهي الأكيد في عقر الناقة التي جعلها الله لهم آية

ومنها : أنهم استعجلوا وقوع العذاب بهم فاستحقوه من وجهين : أحدهما الشرط عليهم في قوله : " ولا تمسوها بسوء فيأخذكم عذاب قريب " وفي آية " يوم عظيم " وفي الأخرى " أليم " والكل حق والثاني استعجالهم على ذلك

ومنها : أنهم كذبوا الرسول الذي قام الدليل القاطع على نبوته وصدقه ، وهم يعلمون ذلك علماً جازماً ، ولكن حملهم الكفر والضلال والعناد على استبعاد الحق ووقوع العذاب بهم ، قال الله تعالى : " فعقروها فقال تمتعوا في داركم ثلاثة أيام ذلك وعد غير مكذوب "

وذكروا أنهم لما عقروا الناقة كان أول من سطا قدار بن سالف ، لعنه الله ، فعرقبها فسقطت إلى الأرض ، ثم ابتدروها بأسيافهم يقطعونها فلما عاين ذلك سقبها - وهو ولدها - شرد عنهم فعلاً أعلى الجبل هناك ، ورغا ثلاث مرات

فلهذا قال لهم صالح : " تمتعوا في داركم ثلاثة أيام " أي غير يومهم ذلك ، فلم يصدقوه أيضاً في هذا الوعد الأكيد بل لما أمسوا هموا بقتله وأرادوا - فيما يزعمون - أن يلحقوه بالناقة : " قالوا تقاسموا بالله لنبيتنه وأهله " أي لنكبسنه في داره مع أهله فلنقتلنه ، ثم نجحدن قتله ولننكرن ذلك إن طلبنا أولياؤه بدمه ، ولهذا قالوا : " ثم لنقولن لوليه ما شهدنا مهلك أهله وإنا لصادقون "

* * *

قال الله تعالى : " ومكروا مكرا ومكرنا مكرا وهم لا يشعرون * فانظر كيف كان عاقبة مكرهم أنا دمرناهم وقومهم أجمعين * فتلك بيوتهم خاوية بما ظلموا إن في ذلك لآية لقوم يعلمون * وأنجينا الذين آمنوا وكانوا يتقون "

وذلك أن الله تعالى أرسل على أولئك النفر الذي قصدوا قتل صالح حجارة رضختهم فأهلكهم سلفاً وتعجيلاً قبل قومهم ، وأصبحت ثمود يوم الخميس - وهو اليوم الأول من أيام النظرة - ووجوهم مصفرة ، كما أنذرهم صالح عليه السلام فلما أمسوا نادوا بأجمعهم : ألا قد مضى يوم من الأجل ، ثم أصبحوا في اليوم الثاني من أيام التأجيل وهو يوم الجمعة ، ووجوهم محمرة ، فلما أمسوا نادوا : ألا قد مضى يومان من الأجل ثم أصبحوا في اليوم الثالث من أيام المتاع وهو يوم السبت - ووجوههم مسودة ، فلما أمسو نادوا : ألا قد مضى الأجل

فلكما كان صبيحة يوم الأحد تحنطوا وتأهبوا وقعدوا ينتظرون ماذا يحل بهم من العذاب والنكال والنقمة ، لا يدرون كيف يفعل بهم ، ولا من أي جهة يأتيهم العذاب

فلما أشرقت الشمس جاءتهم صيحة من السماء من فوقهم ورجفة من أسفل منهم ففاضت الأرواح وزهقت النفوس ، وسكنت الحركات ، وخشعت الأصوات ، وحقت الحقائق ، فأصبحوا في دارهم جاثمين ، جثثاً لا أرواح فيها ولا حراك بها ، قالوا ولم يبق منهم أحد إلى جارية كانت مقعدة واسمها كلبة بنت السلف - ويقال لها : الذريعة - وكانت شديدة الكفر والعداوة لصالح عليه السلام ، فلما رأت العذاب أطلقت رجلاها ، فقامت تسعى كأسرع شيء ، فأتت حيا من العرب فأخبرتهم بما رأت وما حل بقومها واستقتهم ماء ، فلما شربت ماتت

قال الله تعالى : " كأن لم يغنوا فيها " أي لم يقيموا فيها في سعة ورزق وغناء " ألا إن ثمود كفروا ربهم ألا بعدا لثمود " أي نادى عليهم لسان القدر بهذا

قال الإمام أحمد : حدثنا عبد الرزاق ، حدثنا معمر ، حدثنا عبد الله بن عثمان بن خثيم ، عن أبي الزبير ، عن جابر قال : لما مر رسول الله صلى الله عليه وسلم بالحجر قال : " لا تسألوا الآيات فقد سألهم قوم صالح فكانت - يعني الناقة - ترد من هذا الفج وتصدر من هذا الفج ، فعتوا عن أمر ربهم فعقروها ، وكانت تشر ماءهم يوماً ويشربون لبنها يوماً ، فعقروها فأخذتهم صيحة أهمد الله بها من تحت أديم السماء منهم إلا رجلاً واحداً كان في حرم الله " قالوا : من هو يا رسول الله ؟ قال : " هو أبو رغال ، فلما خرج من الحرم أصابه ما أصاب قومه "

وهذا الحديث على شرط مسلم وليس هو في شيء من الكتب الستة والله تعالى أعلم

وقد قال عبد الرزاق أيضاً : قال معمر : أخبرني إسماعيل بن أمية أن النبي صلى الله عليه وسلم مر بقبر أبي رغال ، فقال : " أتدرون من هذا " ؟ قالوا : الله ورسوله أعلم فقال : " هذا قبر أبي رغال ، رجل من ثمود ، كان في حرم الله فمنعه حرم الله عذاب الله ، فلما خرج أصابه ما أصاب قومه فدفن هاهنا ، ودفن معه غصن من ذهب فنزل القوم فابتدروه بأسيافهم فبحثوا عنه فاستخرجوا الغصن "

قال عبد الرزاق : قال معمر : قال الزهري : أبو رغال أبو ثقيف هذا مرسل من هذا الوجه

وقد جاء من وجه آخر متصلاً كما ذكره محمد بن إسحاق في السيرة عن إسماعيل بن أمية ، عن بجير بن أبي بجير ، قال : سمعت عبد الله بن عمر يقول : سمعت رسول الله صلى الله حين خرجنا معه إلى الطائف ، فمررنا بقبر ، فقال : " إن هذا قبر أبي رغال ، وهو أبو ثقيف ، وكان من ثمود ، وكان بهذا الحرم يدفع عنه ، فما خرج منه أصابته النقمة التي أصابت قومه بهذا المكان فدفن فيه ، وآية ذلك أنه دفن معه غصن من ذهب ، وإن أنتم نبشتم عنه أصبتموه معه " فابتدره الناس فاستخرجوا منه الغصن

وهكذا رواه أبو داود من طريق محمد بن إسحاق به

قال شيخنا الحافظ أبو الحجاج المزي رحمه الله : هذا حديث حسن عزيز

قلت : تفرد به بجير بن أبي بجير هذا ، ولا نعرف إلا بهذا الحديث ، ولم يرو عنه سوى إسماعيل بن أمية قال شيخنا : فيحتمل أنه وهم في رفعه ، وإنما يكون من كلام عبد الله بن عمرو من زاملتيه والله أعلم

قلت : لكن في المرسل الذي قبله وفي حديث جابر أيضاً شاهد له والله أعلم

وقوله تعالى : " فتولى عنهم وقال يا قوم لقد أبلغتكم رسالة ربي ونصحت لكم ولكن لا تحبون الناصحين " إخبار عن صالح عليه السلام ، أنه خاطب قومه بعد هلاكهم ، وقد أخذ في الذهاب عن محلتهم إلى غيرها قائلاً لهم : " يا قوم لقد أبلغتكم رسالة ربي ونصحت لكم " أي جهدت في هدايتكم بكل ما أمكنني ، وحرصت على ذلك بقولي وفعلي ونيتي

" ولكن لا تحبون الناصحين " أي لم تكن سجايكم تقبل الحق ولا تريده ، فلهذا صرتم إلى ما أنتم فيه من العذاب الأليم ، المستمر بكم المتصل إلى الأبد ، وليس لي فيكم حيلة ولا لى بالدفع عنكم يدان والذي وجب علي من أداء الرسالة والنصح لكم قد فعلته وبذلته لكم ولكن الله يفعل ما يريد

وهكذا خاطب النبي صلى الله عليه وسلم أهل قليب بدر بعد ثلاث ليال : وقف عليهم وقد ركب راحلته وأمر بالرحيل من آخر الليل فقال : " يا أهل القليب هل وجدتم ما وعدكم ربكم حقاً ؟ فإني قد وجدت ما وعدني ربي حقاً " وقال لهم فيما قال : " بئس عشيرة النبي كنتم لنبيكم ، كذبتموني وصدقني الناس ، وأخرجتموني وآواني الناس ، قاتلتموني ونصرني الناس ، فبئس الناس ، فبئس عشيرة النبي كنتم لنبيكم "

فقال له عمر : يا رسول الله تخاطب أقواماً قد جيفوا ؟ فقال : " والذي نفسي بيده ما أنتم بأسمع لما أقول منهم ، ولكنهم لا يجيبون "

ويقال : إن صالحاً عليه السلام انتقل إلى حرم الله فأقام به حتى مات

قال الإمام أحمد : حدثنا وكيع ، حدثنا زمعة بن صالح ، عن سلمة بن وهرام ، عن عكرمة ، عن ابن عباس قال : لما مر النبي صلى الله عليه وسلم بوادي عسفان حين حج قال : " يا أبا بكر أي واد هذا " ؟ قال : وادي عسفان قال : " لقد مر به هود وصالح عليهما السلام على بكرات خطمها الليف ، أزراهم العباء ، وأرديتهم النمار يلبون يحجون البيت العتيق "

إسناد حسن وقد تقدم في قصة نوح عليه السلام من وراية الطبراني ، وفيه نوح وهود وإبراهيم


قصَصُ الأنبيَاء 500092465

قصَصُ الأنبيَاء 500092465

تحياتي لكم

قصَصُ الأنبيَاء 500092465

قصَصُ الأنبيَاء 500092465

قصَصُ الأنبيَاء 483098003
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
المدير
AMINE PàTCHIKà
AMINE PàTCHIKà
المدير


الجنس : ذكر
الابراج الدلو
تاريخ الميلاد تاريخ الميلاد : 25/01/1988
العمر : 36

المدير العام
منتديات أمين عبلة الحب :

قصَصُ الأنبيَاء Empty
مُساهمةموضوع: رد: قصَصُ الأنبيَاء   قصَصُ الأنبيَاء Emptyالجمعة يناير 11, 2013 12:22 am

قصَصُ الأنبيَاء 500092465

قصَصُ الأنبيَاء 500092465

ذكر مرور النبي صلى الله عليه وسلم بوادي الحجر من أرض ثمود عام تبوك

قصَصُ الأنبيَاء 500092465

قصَصُ الأنبيَاء 500092465

قال الإمام أحمد : حدثنا عبد الصمد ، حدثنا صخر بن جويرية ، عن نافع ، عن ابن عمر قال : لما نزل رسول الله صلى الله عليه وسلم بالناس على تبوك ، نزل بهم الحجر عند بيوت ثمود ، فاستقى الناس من الآبار التي كانت تشرب منها ثمود ، فعجنوا منها ونصبوا القدور ، فأمرهم رسول الله فأهرقوا القدور ، وعلفوا العجين الإبل ، ثم ارتحل بهم حتى نزل بهم على البئر التي كانت تشرب منها الناقة ، ونهاهم أن يدخلوا على القوم الذين عذبوا فقال : " إني أخشى أن يصيبكم مثل ما أصابهم فلا تدخلوا عليهم "

وقال أحمد أيضاً : حدثنا عفان ، حدثنا عبد العزيز بن مسلم ، حدثنا عبد الله بن دينا ، عن عبد الله بن عمر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو بالحجر : " لا تدخلوا على هؤلاء المعذبين إلا أن تكونوا باكين ، فإن لم تكونوا باكين فلا تدخلوا عليهم ، أن يصيبكم مثل ما أصابهم " أخرجاه في الصحيحين من غير وجه

وفي بعض الروايات : أنه عليه السلام لما مر بمنازلهم قنع رأسه وأسرع راحلته ، ونهي عن دخول منازلهم إلا أن يكونوا باكين وفي رواية : " فإن لم تبكوا فتباكوا خشية أن يصيبكم مثل ما أصابهم " صلوات الله وسلامه عليه

وقال الإمام أحمد : حدثنا يزيد بن هارون ، حدثنا المسعودي ، عن إسماعيل بن أوسط ، عن محمد بن أبي كبشة الأنباري ، عن أبيه - واسمه عمرو بن سعد ويقال عامر بن سعد - رضي الله عنه قال : لما كان في غزوة تبوك تسارع الناس إلى أهل الحجز يدخلون عليهم ، فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فنادى في الناس : " الصلاة جامعة "

قال : فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم وهو ممسك بعيره وهو يقول : " ماتدخلون على قوم غضب الله عليهم " فناداه رجل : نعجب منهم يا رسول الله ‍‍! قال : " أفلا أنبئكم بأعجب من ذلك ؟ رجل من أنفسكم ينبئكم بما كان قبلكم فاستقيمو وسدودا ، فإن الله لا يعبأ بعذابكم شيئاً وسيأتي قوم لا يدفعون عن أنفسهم شيئاً " إسناد حسن ولم يخرجوه

* * *

وقد ذكر أن قوم صالح كانت أعمارهم طويلة ، فكانوا يبنون البيوت من المدار فتخرب قبل موت الواحد منهم ، فنحتوا لهم بيوتاً في الجبال

وذكروا أن صالحاً عليه السلام لما سألوه آية ، فأخرج الله لهم الناقة من الصخرة ، أمرهم بها وبالولد الذي كان في جوفها ، وحذرهم بأس الله إن هم نالوها بسوء وأخبرهم أنهم سيعقرونها ويكون سبب هلاكهم ذلك وذكر لهم صفة عاقرها وأنه أحمر أزرق أصهب فبعثوا القوابل في البلد متى وجدوا مولوداً بهذه الصفة يقتلنه ، فكانوا على ذلك دهراً طويلاً

وانقرض جيل وأتى جيل آخر فلما كان في بعض الأعصار خطب رئيس من رؤسائهم على ابنه بنت آخر مثله في الرياسة ، فزوجه ، فولد بينهما عاقر الناقة ، وهو قدار بن سالف ، فلم تتمكن القوابل من قتله لشرف أبويه وجديه فيهم ، فنشأ نشأة سريعة ، فكان يشب في الجمعة كما يشب غيره في شهر ، حتى كان من أمره أن خرج مطاعاً فيهم رئيساً بينهم ، فسولت له نفسه عقر الناقة وأتبعه على ذلك ثمانية من أشرافهم ، وهم التسعة الذين أرادوا قتل صالح عليه السلام

فلما وقع من أمرهم ما وقع من عقر الناقة ، وبلغ ذلك صالحاً عليه السلام ، جاءهم باكياً عليهم ، فتلقوه يعتذرون إليه ، ويقلون : إن هذا لم يقع عن ملأ منها ، وإنما فعل هذا هؤلاء الأحداث فينا فيقال : إن أمرهم باستدراك سقيها حتى يحسنوا إليه عوضاً عنها ، فذهبوا وراءه فصعد جبلاً هناك ، فلما تصاعدوا فيه وراءه تعالى الجبل حتى ارتفع فلا يناله الطير ، وبكى الفصيل حتى سالت دموعه

ثم استقبل صالحاً عليه السلام ورغا ثلاثاً ، فعندها قال صالح : " تمتعوا في داركم ثلاثة أيام ذلك وعد غير مكذوب " وأخبرهم أنهم يصبحون من غدهم صفراً ، ثم تحمر وجوههم في الثاني ، وفي اليوم الثالث تسود وجوههم ، فلما كان في اليوم الرابع أتتهم صيحة فيها صوت كل صاعقة ، فأخذتهم فأصبحوا في دارهم جاثمين

وفي بعض هذا السياق نظر ومخالفة لظاهر ما يفهم من القرآن في شأنهم وقصتهم كما قدمنا والله سبحانه وتعالى أعلم بالصواب

قصَصُ الأنبيَاء 500092465

قصَصُ الأنبيَاء 500092465

تحياتي لكم

قصَصُ الأنبيَاء 500092465

قصَصُ الأنبيَاء 500092465

قصَصُ الأنبيَاء 483098003
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
المدير
AMINE PàTCHIKà
AMINE PàTCHIKà
المدير


الجنس : ذكر
الابراج الدلو
تاريخ الميلاد تاريخ الميلاد : 25/01/1988
العمر : 36

المدير العام
منتديات أمين عبلة الحب :

قصَصُ الأنبيَاء Empty
مُساهمةموضوع: رد: قصَصُ الأنبيَاء   قصَصُ الأنبيَاء Emptyالجمعة يناير 11, 2013 2:04 pm

قصَصُ الأنبيَاء 500092465

قصَصُ الأنبيَاء 500092465

قصة إبراهيم الخليل عليه السلام

قصَصُ الأنبيَاء 500092465

قصَصُ الأنبيَاء 500092465

هو إبراهيم بن تارخ (250 ) بن ناحور ( 148 ) بن ساروغ ( 230 ) بن راغو ( 239 ) ابن فالغ ( 439 ) بن عابر ( 464 ) بن شالح ( 433 ) ابن أرفخشذ ( 438 ) ابن سام ( 600 ) بن نوح عليه السلام

هذا نص أهل الكتاب في كتابهم ، وقد أعلمت على أعمارهم تحت أسمائهم بالهندي كما ذكروه من المدد وقدمنا الكلام على عمر نوح عليه السلام فأغنى عن إعادته

وحكى الحافظ ابن عساكر في ترجمة إبراهيم الخليل من تاريخه ، عن إسحاق بن بشر الكاهلي صاحب كتاب المبتدأ أن اسم أم إبراهيم أميلة ثم أورد عنه في خبر ولادتها له حكاية طويلة وقال الكلبي : اسمها بونا بنت كربتا بن كرثي ، من بني أرفخشذ بن سام بن نوح

وروى ابن عساكر من غير وجه عن عكرمة أنه قال : كان إبراهيم عليه السلام يكنى أبا الضيفان

قالوا : ولما كان عمر تارخ خمساً وسبعين سنة ولد له إبراهيم عليه السلام يكنى ، وناحور وهاران ، وولد لهاران لوط

وعندهم أن إبراهيم عليه السلام هو الأوسط ، وأن هاران مات في حياة أبيه في أرضه التي ولد فيها ، وهي أرض الكلدانيين ، يعنون أرض بابل

وهذا هو الصحيح المشهور عند أهل السير والتواريخ والأخبار ، وصحح ذلك الحافظ ابن عساكر ، بعد ما روى من طريق هشام بن عمار ، عن الوليد ، عن سعيد بن عبد العزيز ، عن مكحول ، عن ابن عباس قال : ولد إبراهيم بغوطة دمشق ، في قرية يقال لها برزة ، في جبل يقال له قاسيون ثم قال : والصحيح أنه ولد ببابل ، وإنما نسب إليه هذا المقام لأنه صلى فيه إذ جاء معيناً للوط عليه السلام

قالوا : فتزوج إبراهيم سارة وناحور ملكا ابنة هاران يعنون ابنة أخيه

قالوا : وكانت سارة عاقراً لا تلد

قالوا : وانطلق تارخ بابنه إبراهيم وامرأته سارة وابن أخيه لوط بن هاران ، فخرج بهم من أرض الكلدانيين إلى أرض الكنعانيين ، فنزلوا حران فمات فيها تارخ وله مائتان وخمسون سنة

وهذا يدل على أنه لم يولد بحران ، وإنما مولده بأرض الكلدانيين وهي أرض بابل وما والاها

ثم ارتحلوا قاصدين أرض الكنعانعيين ، وهي بلاد بيت المقدس ، فأقاموا بحران وهي أرض الكلدانيين في ذلك الزمان ، وكذلك أرض الجزيرة والشام أيضاً ، وكانوا على الكواكب السبعة ، والذين عمروا مدينة دمشق كانوا على هذا الدين ، يستقبلون القطب الشمالي ويعبدون الكواكب السبعة بأنواع من الفعال والمقال ولهذا كان على كل باب من أبواب دمشق السبعة القديمة هيكل لكوكب منها ، ويعملون لها أعياداً وقرابين

وهكذا كان أهل حران يعبدون الكواكب والأصنام وكل من كان على وجه الأرض كانوا كفاراً ، سوى إبراهيم الخليل وامرأته وابن أخيه لوط عليه السلام

وكان الخليل عليه السلام هو الذي أزال الله به تلك الشرور ، وأبطل به ذاك الضلال ، فإن الله سبحانه وتعالى آتاه رشده في صغره ، وابتعثه رسولاً واتخذه خليلاً في كبره ، قال الله تعالى : " ولقد آتينا إبراهيم رشده من قبل وكنا به عالمين " أي أهلاً لذلك

وقال تعالى : " وإبراهيم إذ قال لقومه اعبدوا الله واتقوه ذلكم خير لكم إن كنتم تعلمون * إنما تعبدون من دون الله أوثانا وتخلقون إفكا إن الذين تعبدون من دون الله لا يملكون لكم رزقا فابتغوا عند الله الرزق واعبدوه واشكروا له إليه ترجعون * وإن تكذبوا فقد كذب أمم من قبلكم وما على الرسول إلا البلاغ المبين * أولم يروا كيف يبدئ الله الخلق ثم يعيده إن ذلك على الله يسير * قل سيروا في الأرض فانظروا كيف بدأ الخلق ثم الله ينشئ النشأة الآخرة إن الله على كل شيء قدير * يعذب من يشاء ويرحم من يشاء وإليه تقلبون * وما أنتم بمعجزين في الأرض ولا في السماء وما لكم من دون الله من ولي ولا نصير * والذين كفروا بآيات الله ولقائه أولئك يئسوا من رحمتي وأولئك لهم عذاب أليم * فما كان جواب قومه إلا أن قالوا اقتلوه أو حرقوه فأنجاه الله من النار إن في ذلك لآيات لقوم يؤمنون * وقال إنما اتخذتم من دون الله أوثانا مودة بينكم في الحياة الدنيا ثم يوم القيامة يكفر بعضكم ببعض ويلعن بعضكم بعضا ومأواكم النار وما لكم من ناصرين * فآمن له لوط وقال إني مهاجر إلى ربي إنه هو العزيز الحكيم * ووهبنا له إسحاق ويعقوب وجعلنا في ذريته النبوة والكتاب وآتيناه أجره في الدنيا وإنه في الآخرة لمن الصالحين "

ثم ذكر تعالى مناظرته لأبيه وقومه كما سنذكره إن شاء الله تعالى

وكان أول دعوته لأبيه ، وكان أبوه ممن يعبد الأصنام ، لأنه أحق الناس بإخلاص النصيحة له كما قال تعالى : " واذكر في الكتاب إبراهيم إنه كان صديقا نبيا * إذ قال لأبيه يا أبت لم تعبد ما لا يسمع ولا يبصر ولا يغني عنك شيئا * يا أبت إني قد جاءني من العلم ما لم يأتك فاتبعني أهدك صراطا سويا * يا أبت لا تعبد الشيطان إن الشيطان كان للرحمن عصيا * يا أبت إني أخاف أن يمسك عذاب من الرحمن فتكون للشيطان وليا * قال أراغب أنت عن آلهتي يا إبراهيم لئن لم تنته لأرجمنك واهجرني مليا * قال سلام عليك سأستغفر لك ربي إنه كان بي حفيا * وأعتزلكم وما تدعون من دون الله وأدعو ربي عسى أن لا أكون بدعاء ربي شقيا "

فذكر تعالى ما كان بينه وبين أبيه من المحاورة والمجادلة ، وكيف دعا أباه إلى الحق بألطف عبارة وأحسن إشارة ، بين له بطلان ما هو عليه من عبادة الأوثان التي لا تسمع دعاء عابدها ، ولا تبصر مكانه ، فكيف تغني عنه شيئاً أو تفعل به خيراً من رزق أو نصر ؟ ثم قال له منبهاً على ما الله من الهدى والعلم النافع ، وإن كان أصغر سناً من أبيه : " يا أبت إني قد جاءني من العلم ما لم يأتك فاتبعني أهدك صراطا سويا " أي مستقيماً واضحاً سهلاً حنيفاً يفضي بك إلى الخير في دنياك وأخراك

فلما عرض هذا الرشد عليه ، وأهدى هذه النصيحة إليه لم يقبلها منه ولا أخذها عنه ، بل تهدده وتوعده قال : " أراغب أنت عن آلهتي يا إبراهيم لئن لم تنته لأرجمنك " قيل : بالمقال ، وقيل : بالفعال " واهجرني مليا " أي واقطعني وأطل هجراني فعندها قال له إبراهيم : " سلام عليك " أي لا يصلك منى مكروه ولا ينالك منى أذى ، بل أنت سالم من ناحيتي ، وزاده خيراً فقال : " سأستغفر لك ربي إنه كان بي حفيا " قال ابن عباس وغيره أي لطيفاً ، يعني في أن هداني لعبادته والإخلاص له ولهذا قال : " وأعتزلكم وما تدعون من دون الله وأدعو ربي عسى أن لا أكون بدعاء ربي شقيا "

وقد استغفر له إبراهيم عليه السلام كما وعده في أدعيته ، فلما تبين له أنه عدو لله تبرأ منه كما قال تعالى : " وما كان استغفار إبراهيم لأبيه إلا عن موعدة وعدها إياه فلما تبين له أنه عدو لله تبرأ منه إن إبراهيم لأواه حليم "

وقال البخاري : حدثنا إسماعيل بن عبد الله : حدثني أخى عبد الحميد ، عن ابن أبي ذئب ، عن سعيد المقبري ، عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " يلقى إبراهيم أباه آزر يوم القيامة وعلى وجه آزر قترة وغبرة ، فيقول له إبراهيم : ألم أقل لك لا تعصني ؟ فيقول له أبوه : فاليوم لا أعصيك ، فيقول إبراهيم : يارب إنك وعدتني ألا تخزيني يوم يبعثون ، فأي خزي أخزي من أبي الأبعد ؟ فيقول الله : إني حرمت الجنة على الكافرين ثم يقال : يا إبراهيم ما تحت رجليك ؟ فينظل فإذا هو بذبح متلطخ فيؤخذ بقوائمه فيلقى في النار " هكذا رواه في قصة إبراهيم منفرداً

وقال في التفسير : وقال إبراهيم بن طهمان ، عن ابن أبي ذئب ، عن سعيد المقبري ، عن أبيه عن أبي هريرة

وهكذا رواه النسائي عن أحمد بن حفص بن عبد الله ، عن أبيه ، عن إبراهيم بن طهمان به وقد رواه البزار عن حديث حماد بن سلمة عن أيوب ، عن محمد بن سيرين ، عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم ، وفي سياقه غرابة ، ورواه أيضاً من حديث قتادة عن عقبة بن عبد الغافر ، عن أبي سعيد عن النبي صلى الله عليه وسلم بنحوه

وقال تعالى : " وإذ قال إبراهيم لأبيه آزر أتتخذ أصناما آلهة إني أراك وقومك في ضلال مبين " هذا يدل على أن اسم أبي إبراهيم آزر ، وجمهور أهل النسب ، منهم ابن عباس ، على أن اسم أبيه تارح وأهل الكتاب يقولون تارخ بالخاء المعجمة ، فقيل : إنه لقب بصنم كان يعبده اسمه آزر

وقال ابن جرير : والصواب أن اسمه آزر ولعل له اسمان علمان ، أو أحدهما لقب والآخر علم وهذا الذي قاله محتمل والله أعلم

ثم قال تعالى : " وكذلك نري إبراهيم ملكوت السماوات والأرض وليكون من الموقنين * فلما جن عليه الليل رأى كوكبا قال هذا ربي فلما أفل قال لا أحب الأفلين * فلما رأى القمر بازغا قال هذا ربي فلما أفل قال لئن لم يهدني ربي لأكونن من القوم الضالين * فلما رأى الشمس بازغة قال هذا ربي هذا أكبر فلما أفلت قال يا قوم إني بريء مما تشركون * إني وجهت وجهي للذي فطر السماوات والأرض حنيفا وما أنا من المشركين * وحاجه قومه قال أتحاجوني في الله وقد هدان ولا أخاف ما تشركون به إلا أن يشاء ربي شيئا وسع ربي كل شيء علما أفلا تتذكرون * وكيف أخاف ما أشركتم ولا تخافون أنكم أشركتم بالله ما لم ينزل به عليكم سلطانا فأي الفريقين أحق بالأمن إن كنتم تعلمون * الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم أولئك لهم الأمن وهم مهتدون * وتلك حجتنا آتيناها إبراهيم على قومه نرفع درجات من نشاء إن ربك حكيم عليم "

وهذا المقام مقام مناظرة لقومه ، وبيان لهم أن هذه الأجرام المشاهدة من الكواكب النيرة ، لا تصلح للألوهية ، ولا أن تعبد مع الله عز وجل ، لأنها مخلوقة مربوبة مصنوعة مدبرة مسخرة ، تطلع تارة وتأفل أخرى ، فتغيب عن هذا العالم ، والرب تعالى لا يغيب عنه شيء ولا تخفى عليه خافية ، بل هو الدائم الباقي بلا زوال ، لا إله إلا هو ولا رب سواه

فبين لهم أولاً عدم صلاحية الكوكب لذلك ، قيل هو الزهرة ، ثم ترقى منها إلى القمر الذي هو أضوأ منها وأبهى من حسنها ، ثم ترقى إلى الشمس التي هي أشد الأجرام المشاهدة ضياء وسناء وبهاء ، فبين أنها مسخرة مسيرة مقدرة مربوبة ، كما قال تعالى : " ومن آياته الليل والنهار والشمس والقمر لا تسجدوا للشمس ولا للقمر واسجدوا لله الذي خلقهن إن كنتم إياه تعبدون "

ولهذا قال : " فلما رأى الشمس بازغة " أي طالعة " قال هذا ربي هذا أكبر فلما أفلت قال يا قوم إني بريء مما تشركون * إني وجهت وجهي للذي فطر السماوات والأرض حنيفا وما أنا من المشركين * وحاجه قومه قال أتحاجوني في الله وقد هدان ولا أخاف ما تشركون به إلا أن يشاء ربي شيئا " أي لست أبالي هذه الآلهة التي تعبدونها من دون الله ، فإنها لا تنفع شيئاً ولا تسمع ولا تعقل ، بل هي مربوبة مسخرة كالكواكب ونحوها ، أو مصنوعة منحوتة منجورة

والظاهر أن موعظته هذه في الكواكب لأهل حران ، فإنهم كانوا يعبدونها وهذا يرد قول من زعم أنه قال هذا حين خرج من السرب لما كان صغيراً ، كما ذكره ابن إسحاق وغيره ، وهو مستند إلى أخبار إسرائيلية لا يوثق بها ، ولا سيما إذا خالفت الحق

وأما أهل بابل فكانوا يعبدون الأصنام ، وهم الذين ناظرهم في عبادتهم وكسرها عليهم ، وأهانها وبين بطلانها ، كما قال تعالى : " وقال إنما اتخذتم من دون الله أوثانا مودة بينكم في الحياة الدنيا ثم يوم القيامة يكفر بعضكم ببعض ويلعن بعضكم بعضا ومأواكم النار وما لكم من ناصرين "

وقال في سورة الأنبياء : " ولقد آتينا إبراهيم رشده من قبل وكنا به عالمين * إذ قال لأبيه وقومه ما هذه التماثيل التي أنتم لها عاكفون * قالوا وجدنا آباءنا لها عابدين * قال لقد كنتم أنتم وآباؤكم في ضلال مبين * قالوا أجئتنا بالحق أم أنت من اللاعبين * قال بل ربكم رب السماوات والأرض الذي فطرهن وأنا على ذلكم من الشاهدين * وتالله لأكيدن أصنامكم بعد أن تولوا مدبرين * فجعلهم جذاذا إلا كبيرا لهم لعلهم إليه يرجعون * قالوا من فعل هذا بآلهتنا إنه لمن الظالمين * قالوا سمعنا فتى يذكرهم يقال له إبراهيم * قالوا فاتوا به على أعين الناس لعلهم يشهدون * قالوا أأنت فعلت هذا بآلهتنا يا إبراهيم * قال بل فعله كبيرهم هذا فاسألوهم إن كانوا ينطقون * فرجعوا إلى أنفسهم فقالوا إنكم أنتم الظالمون * ثم نكسوا على رؤوسهم لقد علمت ما هؤلاء ينطقون * قال أفتعبدون من دون الله ما لا ينفعكم شيئا ولا يضركم * أف لكم ولما تعبدون من دون الله أفلا تعقلون * قالوا حرقوه وانصروا آلهتكم إن كنتم فاعلين * قلنا يا نار كوني بردا وسلاما على إبراهيم * وأرادوا به كيدا فجعلناهم الأخسرين "

وقال في سورة الشعراء : " واتل عليهم نبأ إبراهيم * إذ قال لأبيه وقومه ما تعبدون * قالوا نعبد أصناما فنظل لها عاكفين * قال هل يسمعونكم إذ تدعون * أو ينفعونكم أو يضرون * قالوا بل وجدنا آباءنا كذلك يفعلون * قال أفرأيتم ما كنتم تعبدون * أنتم وآباؤكم الأقدمون * فإنهم عدو لي إلا رب العالمين * الذي خلقني فهو يهدين * والذي هو يطعمني ويسقين * وإذا مرضت فهو يشفين * والذي يميتني ثم يحيين * والذي أطمع أن يغفر لي خطيئتي يوم الدين * رب هب لي حكما وألحقني بالصالحين "

وقال في سورة الصافات : " وإن من شيعته لإبراهيم * إذ جاء ربه بقلب سليم * إذ قال لأبيه وقومه ماذا تعبدون * أئفكا آلهة دون الله تريدون * فما ظنكم برب العالمين * فنظر نظرة في النجوم * فقال إني سقيم * فتولوا عنه مدبرين * فراغ إلى آلهتهم فقال ألا تأكلون * ما لكم لا تنطقون * فراغ عليهم ضربا باليمين * فأقبلوا إليه يزفون * قال أتعبدون ما تنحتون * والله خلقكم وما تعملون * قالوا ابنوا له بنيانا فألقوه في الجحيم * فأرادوا به كيدا فجعلناهم الأسفلين "

يخبر الله تعالى عن إبراهيم خليله عليه السلام ، أنه أنكر على قومه عبادة الأوثان وحقرها عندهم وصغرها وتنقصها ، فقال : " ما هذه التماثيل التي أنتم لها عاكفون " ؟ أي معتكفون عندها وخاضعون لها ، قالوا : " وجدنا آباءنا لها عابدين " أي ما كان حجتهم إلا صنيع الآباء والأجداد ، وما كانوا عليه من عبادة الأنداد

" قال لقد كنتم أنتم وآباؤكم في ضلال مبين " كما قال تعالى : " إذ قال لأبيه وقومه ماذا تعبدون * أئفكا آلهة دون الله تريدون * فما ظنكم برب العالمين " قال قتادة : فما ظنكم به أنه فاعل بكم إذا لقيتموه وقد عبدتم غيره ؟

وقال لهم : " هل يسمعونكم إذ تدعون * أو ينفعونكم أو يضرون * قالوا بل وجدنا آباءنا كذلك يفعلون " سلموا له أنها لا تسمع داعياً ولا تنفع ولا تضر شيئاً ، وإنما الحامل لهم على عبادتها الإقتداء بأسلافهم ومن هو مثلهم في الضلال من الآباء الجهال ولهذا قال لهم : " أفرأيتم ما كنتم تعبدون * أنتم وآباؤكم الأقدمون * فإنهم عدو لي إلا رب العالمين "

وهذا برهان قاطع على بطلان إلهية ما ادعوه من الأصنام ، لأنه تبرأ منها وتنقص بها فلو كانت تضر لضرته ، أو تؤثر لأثرت فيه " قالوا أجئتنا بالحق أم أنت من اللاعبين " ؟ ويقولون : هذا الكلام الذي تقوله لنا وتتنقص به آلهتنا ، وتطعن بسببه في آبائنا أتقوله محقاً جاداً فيه أم لاعباً ؟

" قال بل ربكم رب السماوات والأرض الذي فطرهن وأنا على ذلكم من الشاهدين " يعني بل أقول لكم ذلك جاداً محقاً ، إنما إلهكم الله الذي لا إله إلا هو ، ربكم ورب كل شيء ، فاطر السموات والأرض ، الخالق لهما على غير مثال سبق ، فهو المستحق للعبادة وحده لا شريك له ، وأنا على ذلكم من الشاهدين

وقوله : " وتالله لأكيدن أصنامكم بعد أن تولوا مدبرين " أقسم ليكيدن هذه الأصنام التي يعبدونها بعد أن تولوا مدبرين إلى عيدهم

قيل : إنه قال : هذا خفية في نفسه وقال ابن مسعود : سمعه بعضهم

وكان لهم عيد يذهبون إليه في كل عام مرة إلى ظاهر البلد ، فدعاه أبوه ليحضره فقال : إني سقيم كما قال تعالى : " فنظر نظرة في النجوم * فقال إني سقيم " عرض لهم في الكلام حتى توصل إلى مقصوده من إهانة أصنامهم ونصرة دين الله الحق ، وبطلان ما هم عليه من عبادة الأصنام التي تستحق أن تكسر وأن تهان غاية الإهانة

فلما خرجوا إلى عيدهم ، واستقر هو في بلدهم " راغ إلى آلهتهم " أي ذهب إليها مسرعاً مستخفياً ، فوجدها في بهو عظيم ، وقد وضعوا بين أيديها أنواعاً من الأطعمة قرباناً إليها فقال لها على سبيل التهكم والإزدراء : " ألا تأكلون * ما لكم لا تنطقون * فراغ عليهم ضربا باليمين " لأنها أقوى وأبطش وأسرع وأقهر ، فكسرها بقدوم في يده كما قال تعالى : " فجعلهم جذاذا " أي حطاماً ، كسرها كلها " إلا كبيرا لهم لعلهم إليه يرجعون " قيل إنه وضع القدوم في يد الكبير ، إشارة إلى أنه غار أن تعبد معه هذه الصغار !

فلما رجعوا من عيدهم ووجدوا ما حل بمعبودهم : " قالوا من فعل هذا بآلهتنا إنه لمن الظالمين "

وهذا فيه دليل ظاهر لهم لو كانوا يعقلون ، وهو ما حل بآلهتهم التي كانوا يعبدونها ، فلو كانت آلهة لدفعت عن أنفسها من أرادها بسوء لكنهم قالوا من جهلهم وقلة عقلهم وكثرة ضلالهم وخيالهم : " من فعل هذا بآلهتنا إنه لمن الظالمين "

" قالوا سمعنا فتى يذكرهم يقال له إبراهيم " أي يذكرها بالعيب والتنقص لها والإزدراء بها ، فهو المقيم عليها والكاسر لها وعلى قول ابن مسعود ، أي يذكرها بقوله : " وتالله لأكيدن أصنامكم بعد أن تولوا مدبرين "

" قالوا فاتوا به على أعين الناس لعلهم يشهدون " أي في الملأ الأكبر على رءوس الأشهاد ، لعلهم يشهدون مقالته ويسمعون كلامه ، ويعاينون ما يحل به من الإقتصاص منه

وكان هذا أكبر مقاصد الخليل عليه السلام أن يجتمع الناس كلهم ، فيقيم على جميع عباد الأصنام الحجة على بطلان ما هم عليه ، كما قال موسى عليه السلام لفرعون : " موعدكم يوم الزينة وأن يحشر الناس ضحى "

فلما اجتمعوا وجاءوا به كما ذكروا : " قالوا أأنت فعلت هذا بآلهتنا يا إبراهيم * قال بل فعله كبيرهم هذا " قيل معناه : هو الحامل لي على تكسيرهم ، وإنما عرض لهم في القول " فاسألوهم إن كانوا ينطقون "

وإنما أراد بقوله هذا أن يبادروا إلى القول بأن هذه لا تنطق ، فيعترفوا بأنها جماد كسائر الجمادات

" فرجعوا إلى أنفسهم فقالوا إنكم أنتم الظالمون " أي فعادوا على أنفسهم بالملامة ، فقالوا : إنكم أنتم الظالمون أي في تركها لها ولا حارس عندها

" ثم نكسوا على رؤوسهم " قال السدي : أي ثم رجعوا إلى الفتنة ، فعلى هذا يكون قوله : " إنكم أنتم الظالمون " أي في عبادتها

وقال قتادة : أدركت القوم حيرة سوء ، أي فأطرقوا ثم قالوا : " لقد علمت ما هؤلاء ينطقون " أي لقد علمت يا إبراهيم أن هذه لا تنطق ، فكيف تأمرنا بسؤالها ؟ !

فعند ذلك قال لهم الخليل عليه السلام : " أفتعبدون من دون الله ما لا ينفعكم شيئا ولا يضركم * أف لكم ولما تعبدون من دون الله أفلا تعقلون "

كما قال : " فأقبلوا إليه يزفون " قال مجاهد : يسرعون قال " أتعبدون ما تنحتون " أي كيف تعبدون أصناماً أنتم تنحتونها من الخشب والحجارة ، وتصورونها وتشكلونها كما تريدون " والله خلقكم وما تعملون "

وسواء أكانت : ما مصدرية أو بمعنى الذي فمقتضي الكلام أنكم مخلوقون ، وهذه الأصنام مخلوقة ، فكيف يتعبد مخلوق لمخلوق مثله ؟ فإنه ليس عبادتكم لها بأولى من عبادتها لكم ، وهذا باطل ، فالآخر باطل للتحكم ، إذ ليست العبادة تصلح ولا تجب إلا للخالق وحده لا شريك له

" قالوا ابنوا له بنيانا فألقوه في الجحيم * فأرادوا به كيدا فجعلناهم الأسفلين "

عدلوا عن الجدال والمناظرة لما انقطعوا ةغلبوا ، ولم تبق لهم الحجة ولا شبهة إلى استعمالقوتهم وسلطانهم ، لينصروا ما هم عليه من سفههم وطغيانهم ، فكادهم الرب جل جلاله ، وأعلى كلمته ودينه وبرهانه كما قال تعالى : " قالوا حرقوه وانصروا آلهتكم إن كنتم فاعلين * قلنا يا نار كوني بردا وسلاما على إبراهيم * وأرادوا به كيدا فجعلناهم الأخسرين "

وذلك أنهم شرعوا يجمعوه خطباً من جميع ما يمكنهم من الأماكن ، فمكثوا مدة يجمعون له ، حتى إن المرأة منهم كانت إذا مرضت تنذر لئن عوفيت لتحملن حطباً لحريق إبراهيم ، ثم عمدوا إلى حوية عظيمة فوضعوا فيها ذلك الحطب وأطلقوا فيه النار ، فاضطرمت وتأججت والتهبت وعلا لها شرر لم ير مثله قط

ثم وضعوا إبراهيم عليه السلام في كفة منجنيق صنعه لهم رجل من الأكراد يقالله هيزن وكان أول من صنع المجانيق ، فخسف الله به الأرض فهو يتجلجل فيها إلى يوم القيامة

ثم أخذوا يقيدونه ويكتفونه وهو يقول : لا إله إلا أنت سبحانك رب العالمين ، لك الحمد ولك الملك ، لا شريك لك

فلما وضع الخليل عليه السلام في كفة المنجنيق مقيداً مكتوفاً ثم ألقوه منه إلى النار قال : حسبنا الله ونعم الوكيل ، كما روى البخاري عن ابن عباس أنه قال : حسبنا الله ونعم الوكيل ، قالها إبراهيم حين ألقي في النار ، وقالها محمد حين قيل له : " إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم فزادهم إيمانا وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل * فانقلبوا بنعمة من الله وفضل لم يمسسهم سوء " الآية

وقال أبو يعلى : حدثنا أبو هشام الرفاعي حدثنا إسحاق ابن سلمان ، عن أبي جعفر الرازي ، عن عاصم بن أبي النجود ، عن أبي صالح ، عن أبي هريرة قال : قال صلى الله عليه وسلم : " لما ألقى إبراهيم في النار قال : اللهم إنك في السماء واحد ، وأنا في الأرض أعبدك " !

وذكر بعض السلف أن جبريل عرض له في الهواء فقال : يا إبراهيم ألك حاجة ؟ فقال : أما إليك فلا !

ويروي عن ابن عباس وسعيد بن جبير أنه قال : جعل ملك المطر يقول : متى أومر فأرسل المطر ؟ فكان أمر الله أسرع

" قلنا يا نار كوني بردا وسلاما على إبراهيم " قال علي بن أبي طالب : أي لا تضر به وقال ابن عباس وأبو العالية : لولا أن الله قال : " وسلاما على إبراهيم " لآذى إبراهيم بردها

وقال كعب الأحبار : لم ينتفع أهل الأرض يومئذ بنار ، ولم تحرق منه سوى وثاقه

وقال الضحاك : يروى أن جبريل عليه السلام كان معه يمسح العرق عن وجهه لم يصبه منها شيء غيره

وقال السدي : كان معه أيضاً ملك الظل ، وصار إبراهيم عليه السلام في ميل الحوية حوله نار وهو في روضة خضراء ، والناس ينظرون إليه لايقدرون على الوصول ، ولا هو يخرج إليهم

فعن أبي هريرة أنه قال : أحسن كلمة قالها أبو إبراهيم : إذ قال لما رأى ولده على تلك الحال : نعم الرب يا إبراهيم !

وروى ابن عساكر عن عكرمة أن أم إبراهيم نظرت إلى ابنها عليه السلام فنادته : يا بني إني أريد أن أجيء إليك فادع الله أن ينجيني من حر النار حولك ، فقال نعم فأقبلت إليه لا يمسها شيء من حر النار ، فلما وصلت إليه اعتنقته وقبلته ثم عادت

وعن المنهال بن عمرو أنه قال : أخبرت أن إبراهيم مكث هناك إما أربعين وإما خمسين يوماً ، وأنه قال : ما كنت أياماً وليالي أطيب عيشاً إذ كنت فيها ، وودت أن عيشي وحياتي كلها مثل إذ كنت فيها صلوات الله وسلامه عليه

فأرادوا أن ينتصروا فخذلوا ، وأرادوا أن يرتفعوا فاتضعوا ، وأرادوا أن يغلبوا فغلبوا قال الله تعالى : " وأرادوا به كيدا فجعلناهم الأخسرين " وفي الآية أخرى : " الأسفلين " ففازوا بالخسارة والسفال هذا في الدنيا ، وأما في الآخرة فإن نارهم لا تكون عليهم برداً ولا سلاماً ، ولا يلقون فيها تحية ولا سلاماً ، بل هي كما قال تعالى : " إنها ساءت مستقرا ومقاما "

قال البخاري : حدثنا عبيد الله بن موسى ، أو ابن سلام عنه ، أنبأنا ابن جريج ، عن عبد الحميد بن جبير ، عن سعيد بن المسيب ، عن أم شريك ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر بقتل الوزغ ، وقال : " كان ينفخ على إبراهيم "

ورواه مسلم من حديث ابن جريج ، وأخرجه النسائي و ابن ماجه من حديث سفيان بن عيينة ، كلاهما عن عبد الحميد بن جبير بن شيبة عنه

وقال أحمد : حدثنا محمد بن بكر ، حدثنا ابن جريج ، أخبرني عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي أمية ، أن نافعاً مولى ابن عمر أخبره أن عائشة أخبرته أن رسول الله صلى الله عليه السلام قال :" اقتلوا الوزغ فإنه كان ينفخ النار على إبراهيم " قال : فكانت عائشة تقتلهن

وقال أحمد : حدثنا إسماعيل : حدثنا أيوب عن نافع ، أن امرأة دخلت على عائشة فإذا رمح منصوب فقالت : ما هذا الرمح ؟ فقالت : نقتل به الأوزاغ : ثم حدثت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أن إبراهيم لما ألقى في النار جعلت الدواب كلها تطفئ عنه إلا الوزغ ، فإنه جعل ينفخها عليه "

تفرد به أحمد من هذين الوجهين

وقال أحمد : حدثنا عفان ، حدثنا جرير ، حدثنا نافع ، حدثتني سمامة مولاة الفاكه بن المغيرة ، قالت : دخلت على عائشة فرأيت في بيتها رمحاً موضوعاً ، فقلت : يا أم المؤمنين ما تصنعين بهذا الرمح ؟ قالت : هذا لهذه الأوزاغ نقتلهن به ، فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم حدثنا : " أن إبراهيم حين ألقي في النار لم يكن في الأرض دابة ألا تطفى عنه النار ، غير الوزغ كان ينفخ عليه ، فأمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بقتله "

ورواه ابن ماجه عن أبي بكر بن شيبة عن يونس بن محمد عن جرير بن حازم به


قصَصُ الأنبيَاء 500092465

قصَصُ الأنبيَاء 500092465

تحياتي لكم

قصَصُ الأنبيَاء 500092465

قصَصُ الأنبيَاء 500092465

قصَصُ الأنبيَاء 483098003
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
المدير
AMINE PàTCHIKà
AMINE PàTCHIKà
المدير


الجنس : ذكر
الابراج الدلو
تاريخ الميلاد تاريخ الميلاد : 25/01/1988
العمر : 36

المدير العام
منتديات أمين عبلة الحب :

قصَصُ الأنبيَاء Empty
مُساهمةموضوع: رد: قصَصُ الأنبيَاء   قصَصُ الأنبيَاء Emptyالجمعة يناير 11, 2013 2:07 pm

قصَصُ الأنبيَاء 500092465

قصَصُ الأنبيَاء 500092465

ذكر مناظرة إبراهيم الخليل مع من أراد أن ينازع في إزار العظمة

ورداء الكبرياء فادعى الربوبية وهو أحد العبيد الضعفاء


قصَصُ الأنبيَاء 500092465

قصَصُ الأنبيَاء 500092465

ذكر مناظرة إبراهيم الخليل مع من أراد أن ينازع الجليل في إزار العظمة ورداء الكبرياء فادعى الربوبية وهو أحد العبيد الضعفاء

قال الله تعالى : " ألم تر إلى الذي حاج إبراهيم في ربه أن آتاه الله الملك إذ قال إبراهيم ربي الذي يحيي ويميت قال أنا أحيي وأميت قال إبراهيم فإن الله يأتي بالشمس من المشرق فأت بها من المغرب فبهت الذي كفر والله لا يهدي القوم الظالمين "

يذكر تعالى مناظرة خليله مع هذا الملك الجبار المتمرد الذي ادعى لنفسه الربوبية ، فأبطل الخليل عليه دليله ، وبين كثرة جهله وقلة عقله ، وألجمه الحجة ، وأوضح له طريق المحجة

قال المفسرون وغيرهم من علماء النسب والأخبار : وهذا الملك هو ملك بابل ، واسمه النمرود ابن كنعان بن كوش بن سام بن نوح قاله مجاهد وقال غيره : نمرود بن فالح بن عابر بن صالح بن أرفخشذ بن سام بن نوح

قال مجاهد وغيره : وكان أحد ملوك الدنيا ، فإنه قد ملك الدنيا فيما ذكروا أربعة : مؤمنان وكافران ، فالمؤمنان : ذو القرنين ، وسليمان والكافران : النمرود ، وبختنصر

وذكروا أن نمرود هذا استمر في ملكه أربعمائة سنة وكان طغى وبغي ، وتجبر وعتا ، وآثر الحياة الدنيا

ولما دعاه إبراهيم الخليل إلى عبادة الله وحده لا شريك له ، حمله الجهل والضلال وطول الآمال على إنكار الصانع ، فحاج إبراهيم الخليل في ذلك ، وادعى لنفسه الربوبية ، فلما قال الخليل : " ربي الذي يحيي ويميت قال أنا أحيي وأميت "

قال قتادة والسدي ومحمد بن إسحاق : يعنى أنه إذا أوتى بالرجلين قد تحتم قتلهما ، فإذا أمر بقتل أحدهما وعفا عن الآخر فكأنه قد أحيا وأمات الآخر

وهذا ليس بمعارضة للخليل ، بل هو كلام خارج عن مقام المناظرة ، ليس بمنع ولا بمعارضة ، بل هو تشغيب محض ، وهو انقطاع في الحقيقة ، فإن الخليل استدل على وجود الصانع بحدوث هذه المشاهدات من إحياء الحيوانات وموتها ،على وجود فاعل ذلك الذي لا بد من استنادها إلى وجوده : ضرورة عدم قيامها بنفسها ولا بد من فاعل لهذه الحوادث المشاهدة ، من خلقها وتسخيرها ، وتسيير هذه الكواكب والرياح والسحاب والمطر ، وخلق هذه الحيوانات التي توجد مشاهدة ، ثم إماتتها ولهذا قال إبراهيم : " ربي الذي يحيي ويميت " فقول هذا الملك الجاهل : " أنا أحيي وأميت " إن عنى أنه الفاعل لهذه المشاهدات فقد كابر وعاند ، وإن عنى ما ذكره قتادة والسدي ومحمد بن إسحاق ، فلم يقل شيئاً يتعلق بكلام الخليل ، إذ لم يمنع مقدمة ، ولا عارض الدليل

ولما كان انقطاع مناظرة هذا الملك قد تخفي على كثير من الناس ممن حضره وغيرهم ، ذكر دليلاً آخر بين وجود الصانع ، وبطلان ما ادعاه النمرود وانقطاعه جهره : " قال إبراهيم فإن الله يأتي بالشمس من المشرق فأت بها من المغرب " أي هذه الشمس مسخرة كل يوم ، تطلع من المشرق كما سخرها خالقها ومسيرها وقاهرها ، وهو الذي لا إله إلا هو خالق كل شئ ، فإن كنت كما زعمت من أنك الذي تحي وتميت فأت بهذه الشمس من المغرب ، فإن الذي يحي ويميت هو الذي يفعل ما يشاء ولا يمانع ولا يغالب ، بل قد قهر كل شئ ودان له كل شئ ، فإن كنت كما تزعم فافعل هذا ، فإن لم تفعله فلست كما زعمت ، وأنت تعلم وكل أحد أنك لا تقدر على شئ من هذا ، بل أنت أعجز وأقل من أن تخلق بعوضة أو تنتصر منها

فبين ضلاله وجهله وكذبه فيما ادعاه ، وبطلان ما سلكه وتبجح به عند جهله قومه ، ولم يبق له كلام يجيب الخليل به ، بل انقطع وسكت ولهذا قال : " فبهت الذي كفر والله لا يهدي القوم الظالمين "

وقد ذكر السدي أن هذه المناظرة كانت بين إبراهيم وبين النمرود يوم خرج من النار ، ولم يكن اجتمع به يومئذ ، فكانت بينهما هذه المناظرة

وقد روى عبد الرزاق ، عن زيد بن أسلم ، أن النمرود كان عنده طعام ، وكان الناس يفدون إليه للميرة ، فوفد إبراهيم في جملة من وفد للميرة ، ولم يكن اجتمع به إلا يومئذ فكانت بينهما هذه المناظرة ، ولم يعط إبراهيم من الطعام كما أعطي الناس ، بل خرج وليس معه شئ من الطعام

فلما قرب من أهله عمد إلى كثيب من التراب ، فملأمنه عدليه وقال : أشغل أهلي إذا قدمت عليهم ، فلما قدم وضع رحاله وجاء فاتكأ فنام ، فقامت امرأته سارة إلى العدلين فوجدتهما ملآنين طعاماً طيباً ، فعملت منه طعاماً ، فلما استيقظ إبراهيم وجد الذي قد أصلحوه ، فقال : أني لكم هذا ؟ قالت : من الذي جئت به ، فعرف أنه رزق رزقهموه الله عز وجل

قال زيد بن أسلم : وبعث الله إلى ذلك الملك الجبار ، ملكاً يأمره بالإيمان بالله فأبي عليه ، ثم دعاه الثانية فأبى عليه ثم دعاه الثالثة فأبي عليه وقال : اجمع جموعك وأجمع جموعي

فجمع النمرود جيشه وجنوده وقت طلوع الشمس ، فأرسل الله عليه ذباباً من البعوض بحيث لم يروا عين الشمس ، وسلطها الله عليهم فأكلت لحومهم ودماءهم ، وتركتهم عظاماً بادية ، ودخلت واحدة منها في منخر الملك فمكثت في منخره أربعمائة سنة ! عذبه الله تعالى بها فكان يضرب رأسه بالمرازب في هذه المدة كلها ، حتى أهلكه الله عز وجل


قصَصُ الأنبيَاء 500092465

قصَصُ الأنبيَاء 500092465

تحياتي لكم

قصَصُ الأنبيَاء 500092465

قصَصُ الأنبيَاء 500092465

قصَصُ الأنبيَاء 483098003
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
المدير
AMINE PàTCHIKà
AMINE PàTCHIKà
المدير


الجنس : ذكر
الابراج الدلو
تاريخ الميلاد تاريخ الميلاد : 25/01/1988
العمر : 36

المدير العام
منتديات أمين عبلة الحب :

قصَصُ الأنبيَاء Empty
مُساهمةموضوع: رد: قصَصُ الأنبيَاء   قصَصُ الأنبيَاء Emptyالجمعة يناير 11, 2013 2:11 pm

قصَصُ الأنبيَاء 500092465



قصَصُ الأنبيَاء 500092465



ذكر هجرة الخليل عليه السلام إلى بلاد الشام



ودخوله الديار المصرية



واستقراره في الأرض المقدسة




قصَصُ الأنبيَاء 500092465





قصَصُ الأنبيَاء 500092465



ذكر هجرة الخليل عليه السلام إلى بلاد الشام ودخوله الديار المصرية واستقراره في الأرض المقدسة



قال الله : " فآمن له لوط وقال إني مهاجر إلى ربي إنه هو العزيز الحكيم *
ووهبنا له إسحاق ويعقوب وجعلنا في ذريته النبوة والكتاب وآتيناه أجره في
الدنيا وإنه في الآخرة لمن الصالحين "



وقال تعالى : " ونجيناه ولوطا إلى الأرض التي باركنا فيها للعالمين *
ووهبنا له إسحاق ويعقوب نافلة وكلا جعلنا صالحين * وجعلناهم أئمة يهدون
بأمرنا وأوحينا إليهم فعل الخيرات وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة وكانوا لنا
عابدين "



لما هجر قومه في الله ، وهاجر من بين أظهرهم ، وكانت امرأته عاقراً لا يولد
لها ، ولم يكن له من الولد أحد ، بل معه ابن أخيه لوط ابن هران بن آزر ،
وهبه الله تعالى بعد ذلك الأولاد الصالحين ، وجعل في ذريته النبوة والكتاب ،
فكل نبي بعث بعده فهو من ذريته ، وكل كتاب نزل من السماء على نبي من
الأنبياء من بعده ، فعلى أحد نسله وعقبه ، خلعة من الله وكرامة له ، حيث
ترك بلاده وأهله وأقرباءه ، وهاجر إلى بلد يتمكن فيها من عبادة ربه عز وجل
ودعوة الخلق إليه



والأرض التي قصدها بالهجرة أرض الشام ، وهي التي قال الله عز وجل : " إلى الأرض التي باركنا فيها للعالمين "



قاله أبي بن كعب وأبو العالية وقتادة وغيرهم



وروى العوفي عن ابن عباس قوله : " إلى الأرض التي باركنا فيها للعالمين "
مكة ، ألم تسمع إلى قوله : " إن أول بيت وضع للناس للذي ببكة مباركا وهدى
للعالمين " وزعم كعب الأحبار أنها حران



وقد قدمنا عن نقل أهل الكتاب : أنه خرج من أرض بابل هو وابن أخيه لوط ،
وأخوه ناجور ، وامرأة إبراهيم سارة ، وامرأة أخيه ملكاً فنزلوا حران ،
فمات تارخ أبو إبراهيم بها



وقال السدي : انطلق إبراهيم ولوط قبل الشام ، فلقى إبراهيم سارة - وهي ابنة
ملك حران - وقد طعنت على قومها في دينهم ، فتزوجها على ألا يغيرها - رواه
ابن جرير وهو غريب



والمشهور أنها ابنة عمه هران الذي تنسب إليه حران



ومن زعم أنها ابنة أخيه هارات أخت لوط ، كما حكاه السهيلي عن القتيبي والنقاش ، فقد أبعد النجعة وقال بلا علم



ومن ادعى أن تزويج بنت الأخ كان إذا ذاك مشروعاً فليس له على ذلك دليل ،
ولو فرض أن هذا كان مشروعاً في وقت - كما هو منقول عن الربانيين من اليهود -
فإن الأنبياء لا تتعاطها والله أعلم



ثم المشهور أن إبراهيم عليه السلام لما هاجر من بابل خرج بسارة مهاجراً من بلاده كما تقدم والله أعلم



وذكر أهل الكتاب أنه لما قدم الشام أوحى الله إلي : إني جاعل هذه الأرض
لخلفك من بعدك فابتنى إبراهيم مذبحاً لله شكراً على هذه النعمة ، وضرب
قبته شرقى بيت المقدس ثم انطلق مرتجلاً ، إلى التيمن ، وإنه كان جوع ، أي
قحط وشدة وغلاء ، فارتحلوا إلى مصر



وذكروا قصة سارة مع ملكها ، وإن إبراهيم قال لها : قولي أنا أخته وذكروا
إخدام الملك إياها هاجر ثم أخرجهم منها فرجعوا إلى بلاد التيمن ، يعني أرض
بيت المقدس وما والاها ، ومعه دواب وعبيد وأموال



وقال البخاري : حدثنا محمد بن محبوب ، حدثنا حماد بن زيد ، عن أيوب عن
محمد ، عن أبي هريرة قال : لم يكذب إبراهيم إلا ثلاث كذبات : اثنتان منهم
في ذات الله ، قوله : " إني سقيم " وقوله : " بل فعله كبيرهم هذا " وقال
بينا هو ذات يوم وسارة ، إذ أتى على جبار من الجبابرة ، فقيل له : إن هاهنا
رجلاً معه امرأة من أحسن الناس ، فأرسل إليه وسأله عنها ، فقال : من هذه ؟
قال : أختي فأتى سارة فقال : يا سارة ليس على وجه الأرض مؤمن غيري
وغيرك ، وإن هذا سألني فأخبرته أنك أختي فلا تكذبيني



فأرسل إليها ، فلما دخلت عليه ذهب يتناولها بيده فأخذ ، فقال : ادعي الله
لي ولا أضرك ، فدعت الله فأطلق ، ثم تناولها الثانية فأخذ مثلها أو أشد ،
فقال : ادعى الله لي ولا أضرك ، فدعت فأطلق فدعا بعض حجبته فقال : إنكم لم
تأتوني بإنسان وإنما أتيتموني بشيطان فأخدمها هاجر



فأتته وهو قائم يصلي فأومأ بيده مهيم ؟ فقالت : رد الله كيد الكافر - أو الفاجر - في نحره ، وأخدم هاجر



قال أبو هريرة : فتلك أمكم يا بني ماء السماء تفرد به من هذا الوجه موقوفاً



وقد رواه الحافظ أبو بكر البزار ، عن عمرو بن علي الفلاس ، عن عبد الوهاب
الثقفي عن هشام بن حسان ، عن محمد بن سيرين ، عن أبي هريرة ، عن النبي صلى
الله عليه وسلم قال : " إن إبراهيم لم يكذب قط إلا ثلاث كذبات ، كل ذلك في
ذات الله ، قوله : " إني سقيم " وقوله : " بل فعله كبيرهم هذا " وقال بينا
هو ذات يوم وسارة ، إذ أتى على جبار من الجبابرة ، فقيل له : إن هاهنا
رجلاً معه امرأة من أحسن الناس ، فأرسل إليه وسأله عنها ، فقال : من هذه ؟
قال : أختي فأتى سارة فقال : يا سارة ليس على وجه الأرض مؤمن غيري وغيرك
، وإن هذا سألني فأخبرته أنك أختي فلا تكذبني



فأرسل إليها ، فلما دخلت عليه ذهب يتناولها بيده فأخذ ، فقال : ادعي الله
لي ولا أضرك ، فدعت الله فأطلق ، ثم تناولها الثانية فأخذ مثلها أو أشد ،
فقال : ادعي الله لي ولا أضرك ، فدعت فأطلق فدعا بعض حجبته فقال : إنكم لم
تأتوني بإنسان وإنما أتيتموني بشيطان فأخدمها هاجر



فأتته وهو قائم يصلي فأومأ بيده مهيم ؟ فقالت : رد الله كيد الكافر -أو الفاجر -في نحره ، وأخدم هاجر"



قال أبو هريرة : فتلك أمكم يا بني ماء السماء تفرد به من هذا الوجه موقوفاً



وقد رواه الحافظ أبو بكر البزار ، عن عمرو بن علي الفلاس ، عن عبد الوهاب
الثقفي ، عن هشام بن حسان ، عن محمد بن سيرين ، عن أبي هريرة ، عن النبي
صلى الله عليه وسلم قال : " إن إبراهيم لم يكذب قط إلا ثلاث كذبات ، كل ذلك
في ذات الله ، قوله : " إني سقيم " وقوله : " بل فعله كبيرهم هذا " وبينما
هو يسير في أرض جبار من الجبابرة إذ نزل منزلاً ، فأتى جبار فقيل له : إنه
قد نزل هاهنا رجل معه امرأة من أحسن الناس ، فأرسل إليه فسأله عنها فقال :
إنها أختي فلما رجع إليها قال : إن هذا سألني عنك فقلت : إنك أختي وإنها
ليس اليوم مسلم غيري وغيرك ، وإنك أختي ، فلا تكذبيني عنده



فانطلق بها ، فلما ذهب يتناولها أخذ ، فقال : ادعى الله لي ولا أضرك ، فدعت
له فأرسل ، فذهب يتناولها فأخذ مثلها أو أشد منها ، فقال : ادعى الله لي
ولا أضرك ، فدعت فأرسل ، ثلاث مرات ، فدعا أدنى حشمة فقال : إنك لم تأتني
بإنسان ولكن أتيتني بشيطان أخرجها وأعطها هاجر



فجاءت وإبراهيم قائم يصلي فلما أحس بها انصرف ، فقال : مهيم ؟ فقالت : كفى الله كيد الظالم وأخدمني هاجر



وأخرجاه من حديث هشام ثم قال البزار : لا يعلم إسناده عن محمد عن أبي هريرة إلا هشام ، ورواه غيره موقوفاً



وقال الإمام أحمد : حدثنا عل بن حفص ، عن ورقاء - وهو أبو عمر اليشكري -
عن أبي الزناد ، عن الأعرج ، عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله
عليه وسلم : " لم يكذب إبراهيم إلا ثلاث كذبات : قوله حين دعى إلى آلهتهم
فقال : " إني سقيم " وقوله : " بل فعله كبيرهم هذا " وقوله لسارة : " إنها
أختي "



قال : ودخل إبراهيم قرية فيها ملك من الملوك أو جبار من الجبابرة ، فقيل :
دخل إبراهيم الليلة بامرأة من أحسن الناس ، قال : فأرسل إليه الملك أو
الجبار : من هذه معك ؟ قال : أختي ، قال : فأرسل بها ، قال : فأرسل بها
إليه ، وقال : لا تكذبي قولي ، فإني قد أخبرته أنك أختي إنه ما على الأرض
مؤمن غيري وغيرك



فلما دخلت عليه قام إليه ، فأقبلت تتوضأ وتصلي وتقول : اللهم إن كنت تعلم
أني آمنت بك وبرسولك وأحصنت فرجي إلا على زوجي ، فلا تسلط علي الكافر قال :
فغط حتى ركض برجله



قال أبو الزناد : قال أبو سلمة بن عبد الرحمن عن أبي هريرة أنها قالت : اللهم إن يمت يقال هي قتلته : قال : فأرسل



قال : ثم قال إليها ، قال : فقامت تتوضأ وتصلي وتقول : اللهم إني كنت تعلم
آني آمنت بك وبرسولك وأحصنت فرجي إلا على زوجي فلا تسلط علي الكافر قال :
فغط حتى ركض برجله قال أبو الزناد وقال أبو سلمة عن أبي هريرة أنها قالت :
اللهم إني يمت يقل هي قتلته ، قال : فأرسل



قال : فقال في الثالثة أو الرابعة : ما أرسلتم إلى إلا شيطاناً ، أرجعوها إلى إبراهيم وأعطوها هاجر



قال : فرجعت ، فقال لإبراهيم : أشعرت أن الله رد كيد الكافرين وأخدم وليدة ! تفرد به أحمد من هذا الوجه وهو على شرط الصحيح



وقد رواه البخاري عن أبي اليمان ، عن شعيب بن أبي حمزة ، عن أبي الزناد ، عن أبي هريرة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم به مختصراً



وقال ابن أبي حاتم : حدثنا أبي ، حدثنا سفيان ، عن علي بن زيد بن جدعان ،
عن أبي نضرة ، عن أبي سعيد قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في
كلمات إبراهيم الثلاث التي قال : " ما منها كلمة إلا ما حل بها عن دين الله
، فقال : " إني سقيم " وقال : " بل فعله كبيرهم هذا " وقال للملك حين أراد
امرأته : هي أختي "



فقوله في الحديث : هي أختي أي في دين الله ، وقوله لها " إنه ليس على وجه
الأرض مؤمن غيري وغيرك " يعني زوجين مؤمنين غيري وغيرك ، ويتعين حمله على
هذا لأن لوطاً كان معهم وهو نبي عليه السلام



وقوله لها لما رجعت إليه : ميهم ؟ معناه ما الخبر فقالت : إن الله رد كيد الكافرين ، وفي رواية : الفاجر وهو الملك ، وأخدم جارية



وكان إبراهيم عليه السلام من وقت ذهب بها إلى الملك ، قام يصلي لله عز وجل ،
ويسأله أن يدفع عن أهله ، وأن يرد بأس هذا الذي أراد أهله بسوء وهكذا
فعلت هي أيضاً فلما أراد عدو الله أن ينال منها أمراً قامت إلى وضوئها
وصلاتها ، ودعت الله عز وجل بما تقدم من الدعاء العظيم ولهذا قال تعالى : "
واستعينوا بالصبر والصلاة " فعصمها الله وصانها لعصمة عبده ورسوله وحبيبه
وخليله إبراهيم عليه السلام



وقد ذهب بعض العلماء إلى نبوة ثلاث نسوة : سارة ، وأم موسى ، ومريم عليهن السلام



والذي عليه الجمهور أنهن صديقات رضي الله عنهن وأرضاهن



ورأيت في بعض الآثار أن الله عز وجل كشف الحجاب فيما بين إبراهيم عليه
السلام وبينها ، فلم يرها منذ خرجت من عنده إلى أن رجعت إليه ، وكان
مشاهداً لها وهي عند الملك ، وكيف عصمها الله منه ، ليكون ذلك أطيب لقلبه
وأقر لعينه وأشد لطمأنينته ، فإنه كان يحبها حباً شديداً ، لدينها وقرابتها
منه وحسنها الباهر ، فإنه قد قيل إنه لم تكن امرأة بعد حواء إلى زمانها ،
أحسن منها ، رضي الله عنها ولله الحمد والمنة



وذكر بعض أهل التواريخ أن فرعون مصر هذا كان أخاً للضحاك الملك المشهور
بالظلم ، وكان عاملاً لأخيه على مصر ، ويقال كان اسمه سنان بن علوان بن
عويج بن عملاق بن لاود ابن سام بن نوح وذكر ابن هشام في التيجان : إن الذي
أرادها عمرو بن امرىء القيس بن مايلون بن سبأ ، وكان على مصر نقله
السهيلي والله أعلم



ثم إن الخليل عليه السلام رجع من بلاد مصر إلى أرض التيمن ، وهي الأرض
المقدسة التي كان فيها ، ومعه أنعام وعبيد ومال جزيل وصحبتهم هاجر القبطية
المصرية



ثم إن لوطاً عليه السلام نزح بما له من الأموال الجزيلة بأمر الخليل له في
ذلك ، إلى أرض الغور ، المعروف بغور زغر ، فنزل بمدينة سدوم وهي أم تلك
البلاد في ذلك الزمان ، وكان أهلها أشراراً كفاراً فجاراً



وأوحى الله تعالى إلى إبراهيم الخليل ، فأمر أن يمد بصره وينظر شمالاً
وجنوباً وشرقاً وغرباً وبشره بأن هذه الأرض كلها سأجعلها لك ولخلفك إلى آخر
الدهر ، وسأكثر ذريتك حتى يصيروا بعدد تراب الأرض



وهذا البشارة اتصلت بهذه الأمة ، بل ما كملت ولا كانت أعظم منها في هذه الأمة المحمدية



ويؤيد ذلك قول رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن الله زوى لي الأرض فرأيت مشارقها ومغاربها ، وسيبلغ ملك أمتي ما زوى لي منها "



قالوا : ثم إن طائفة من الجبارين تسلطوا على لوط عليه السلام فأسروه ،
وأخذوا أمواله واستاقوا أنعامه فلما بلغ الخبر إبراهيم الخليل سار إليهم في
ثلاثمائة وثمانية عشرة رجلاً ، فاستنقذ لوطاً عليه السلام واسترجع أمواله ،
وقتل من أعداء الله ورسوله خلقاً كثيراً وهزمهم وساق في آثارهم حتى وصل
إلى شمالي دمشق وعسكر بظاهرها عند برزة ، وأظن مقام إبراهيم إنما سمي لأنه
كان موقف جيش الخليل والله أعلم



ثم رجع مؤيداً منصوراً إلى بلاده وتلقاه ملوك بلاد بيت المقدس معظمين له مكرهين خاضعين ، واستقر ببلاده صلوات الله وسلامه عليه



قصَصُ الأنبيَاء 500092465



قصَصُ الأنبيَاء 500092465



تحياتي لكم



قصَصُ الأنبيَاء 500092465



قصَصُ الأنبيَاء 500092465



قصَصُ الأنبيَاء 483098003
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
المدير
AMINE PàTCHIKà
AMINE PàTCHIKà
المدير


الجنس : ذكر
الابراج الدلو
تاريخ الميلاد تاريخ الميلاد : 25/01/1988
العمر : 36

المدير العام
منتديات أمين عبلة الحب :

قصَصُ الأنبيَاء Empty
مُساهمةموضوع: رد: قصَصُ الأنبيَاء   قصَصُ الأنبيَاء Emptyالجمعة يناير 11, 2013 2:13 pm

قصَصُ الأنبيَاء 500092465

قصَصُ الأنبيَاء 500092465

ذكر مولد إسماعيل عليه السلام من هاجر

قصَصُ الأنبيَاء 500092465



قصَصُ الأنبيَاء 500092465

قال أهل الكتاب : إن إبراهيم عليه السلام سأل الله ذرية طيبة وأن الله
بشره بذلك ، وأنه لما كان لإبراهيم ببلاد بيت المقدس عشرون سنة قالت سارة
لإبراهيم عليه السلام : إن الرب قد أحرمني الولد ، فادخل على أمتي هذه لعل
اله يرزقك منها ولداً فلما وهبتها له دخل بها إبراهيم عليه السلام ، فحين
دخل بها حملت منه قالوا : فلما حملت ارتفعت نفسها وتعاظمت على سيدتها ،
فغارت منها سارة فشكت ذلك إلى إبراهيم ، فقال لها : افعلي بها ما شئت ،
فخافت هاجر فهربت فنزلت عند عين هناك فقال لها ملك من الملائكة : لا تخافي
فإن الله جاعل من هذا الغلام الذي حملت خيراً وأمرها بالرجوع وبشرها أنها
ستلد ابناً وتسميه إسماعيل ، ويكون وحش الناس ، يده على الكل ، ويد الكل به
، ويملك جميع بلاد إخوته فشكرت الله عز وجل على ذلك

وهذه البشارة إنما انطبقت على ولده محمد صلوات الله وسلامه عليه ، فإن الذي
به سادت العرب ، وملكت جميع البلاد غرباً وشرقاً ، وآتاها الله من العلم
النافع ، والعمل الصالح ما لم يؤت أمة من الأمم قبلهم ، وما ذاك إلا بشرف
رسولها على سائر الرسل وبركة رسالته ويمن سفارته وكماله فيما جاء به ،
وعموم بعثته لجميع أهل الأرض

ولما رجعت هاجر وضعت إسماعيل عليه السلام

قالوا : وولدته وإبراهيم من العمر ست وثمانون سنة ، قبل مولد إسحاق بثلاث عشرة سنة

ولما ولد إسماعيل أوحى الله إلى إبراهيم يبشره بإسحاق من سارة ، فخر لله
ساجداً ، وقال له : قد استجبت لك في إسماعيل وباركت عليه وكثرته ونميته
جداً كثيراً ، ويولد له اثنا عشر عظيماً ، وأجعله رئيساً لشعب عظيم

وهذه أيضاً بشارة بهذه الأمة العظيمة ، وهؤلاء الإثنا عشر عظيماً هم
الخلفاء الراشدون الإثنا عشر ، المبشر بهم في حديث عبد الملك بن عمير ، عن
جابر بن سمرة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " يكون اثنا عشرة أميراً
" ثم قال كلمة لم أفهمها ، فسألت أبي : ما قال ؟ قال : " كلهم من قريش "
أخرجاه في الصحيحين

وفي رواية : " لا يزال هذا الأمر قائماً - وفي رواية : عزيزاً - حتى يكون اثنا عشر خليفة كلهم من قريش "

فهؤلاء منهم الأئمة الأربعة : أبو بكر وعثمان وعلي : ومنهم عمر بن عبد
العزيز أيضاً ومنهم بعض بني العباس وليس المراد أنهم يكونوا اثنى عشر
نسقاً بل لا بد من وجودهم

وليس المراد الأئمة الإثنى عشر الذين يعتقد فيهم الرافضة الذي أولهم علي
بن أبي طالب وآخرهم المنتظر بسرداب سامرا - وهو محمد الحسن العسكري فيما
يزعمون - فإن أولئك لم يكن فيهم أنفع من علي وابنه الحسن بن علي ، حين ترك
القتال وسلم الأمر لمعاوية ، وأخمد نار الفتنة وسكن رحى الحرب بين المسلمين
، والباقون من جملة الرعايا لم يكن لهم حكم على الأمة في أمر من الأمور
وأما ما يعتقدونه بسرداب سامرا فذاك هوس في الرؤس ، وهذيان في النفوس ، لا
حقيقة له ولا عين ولا أثر

والمقصود أن هاجر عليها السلام لما ولد لها إسماعيل ، اشتدت غيرة سارة منها
، وطلبت من الخليل أن يغيب عن وجهها عنها ، فذهب بها وبولدها ، فساد بهما
حتى وضعهما حيث مكة اليوم ويقال إن ولدها كان إذ ذاك رضيعاً

فلما تركهما هناك وولى ظهره قامت إليه هاجر وتعلقت بثيابه ، وقالت : يا
إبراهيم أين تذهب وتدعنا هاهنا وليس معنا ما يكفينا ؟ فلم يجبها ، فلما
ألحت عليه وهو لا يجيبها قالت له : آلله أمرك بهذا ؟ قالت : نعم قالت :
فإذن لا يضيعنا !

وقد ذكر الشيخ أبو محمد بن أبي زيد رحمه الله في كتاب النوادر : أن سارة
غضبت على هاجر فحلفت لتقطعن ثلاثة أعضاء منها فأمرها الخليل أن تثقب أذنيها
، وأن تخفضها فتبر قسمها

قال السهيلي : فكانت أول من اختتن من النساء ، وأول من ثقبت أذنها منهن ، وأولت من طولت ذيلها

قصَصُ الأنبيَاء 500092465

قصَصُ الأنبيَاء 500092465

تحياتي لكم

قصَصُ الأنبيَاء 500092465

قصَصُ الأنبيَاء 500092465

قصَصُ الأنبيَاء 483098003
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
المدير
AMINE PàTCHIKà
AMINE PàTCHIKà
المدير


الجنس : ذكر
الابراج الدلو
تاريخ الميلاد تاريخ الميلاد : 25/01/1988
العمر : 36

المدير العام
منتديات أمين عبلة الحب :

قصَصُ الأنبيَاء Empty
مُساهمةموضوع: رد: قصَصُ الأنبيَاء   قصَصُ الأنبيَاء Emptyالجمعة يناير 11, 2013 2:16 pm

قصَصُ الأنبيَاء 500092465

قصَصُ الأنبيَاء 500092465

ذكر مهاجرة إبراهيم بابنه إسماعيل وأمه هاجر

إلى جبال فاران وهي أرض مكة

وبنائه البيت العتيق


قصَصُ الأنبيَاء 500092465



قصَصُ الأنبيَاء 500092465

ذكر مهاجرة إبراهيم بابنه إسماعيل وأمه هاجر إلى جبال فاران وهي أرض مكة ، وبنائه البيت العتيق

قال البخاري : قال عبد الله بن محمد - هو أبو بكر بن أبي شيبة - حدثنا
عبد الرزاق ، حدثنا معمر ، عن أيوب السختياني وكثير بن كثير بن المطلب بن
أبي وداعة ، يزيد أحدهما على الآخر ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس قال :
أو ما اتخذ النساء المنطق من قبل أم إسماعيل ، اتخذت منطقاً لتعفى أثرها
على سارة ، ثم جاء بها إبراهيم وبابنها إسماعيل وهي ترضعه ، حتى وضعهما عند
البيت عند دوحة فوق زمزم في أعلى المسجد وليس بمكة يومئذ أحد وليس بها
ماء فوضعها هنالك ووضع عندهما جراباً فيه تمر ، وسقاء فيه ماء

ثم قفى إبراهيم منطلقاً فتبعته أم إسماعيل ، فقالت : يا إبراهيم أين تذهب
وتتركنا بهذا الوادي الذي ليس به أنيس ولا شيء ؟ فقالت له ذلك مراراً وجعل
لا يلتفت إليها ، فقالت له : الله أمرك بهذا ؟ قال : نعم قالت : إذن لا
يضيعنا ثم رجعت

فانطلق إبراهيم حتى إذا كان عند الثنية حيث لا يرونه استقبل بوجهه البيت ،
ثم دعا بهؤلاء الدعوات ورفع يديه فقال : " ربنا إني أسكنت من ذريتي بواد
غير ذي زرع عند بيتك المحرم ربنا ليقيموا الصلاة فاجعل أفئدة من الناس تهوي
إليهم وارزقهم من الثمرات لعلهم يشكرون "

وجعلت أم إسماعيل ترضع إسماعيل وتشرب من ذلك الماء ، حتى إذا نفد ما في
السقاء عطشت وعطش ابنها ، وجعلت تنظر إليه يتلوى - أو قال يتلبط - فانطلقت
كراهية إن تنظر إليه ، فوجدت الصفا أقرب جبل في الأرض يليها ، فقامت عليه
ثم استقبلت الوادي تنظر هل ترى أحداً ، فلم تر أحداً فهبطت من الصفا حتى
إذا بلغت بطن الوادي رفعت طرف درعها ، ثم سعت سعى الإنسان المجهود حتى
جاوزت الوادي ثم أتت المروة فقامت عليها ، ونظرت هل ترى أحداً ، فلم ترى
أحداً ، فعلت ذلك سبع مرات

قال ابن عباس : قال النبي صلى الله عليه وسلم : " ذلك سعى الناس بينهما "

فلما أشرفت على المروة سمعت صوتاً فقالت : صه ، تريد نفسها ، ثم تسمعت
فسمعت أيضاً ، فقالت : قد أسمعت إن كان عندك غواث ، فإذا هي بالملك عند
موضع زمزم ، فبحث بعقبه - أو قال بجناحه - حتى ظهر الماء ، فجعلت تحوضه
وتقول بيدها هكذا وجعلت تغرف من الماء في سقائها وهو يفور بعد ما تغرف

قال ابن عباس : قال النبي صلى الله عليه وسلم : " يرحم الله أم إسماعيل !
لو تركت زمزم - أو قال : لو لم تغرف من الماء - لكانت زمزم عيناً معيناً "
قال : فشربت وأرضعت ولدها فقال لها الملك : لا تخافي الضيعة فإن هاهنا
بيتاً لله يبنيه هذا الغلام وأبوه ، وإن الله لا يضيع أهله

وكان البيت مرتفعاً من الأرض كالرابية ، تأتيه السيول فتأخذ يمينه وعن
شماله ، فكانت كذلك حتى مرت بهم رفقة من جرهم ، أو أهل بيت من جرهم ،
مقبلين من طريق كداء ، فنزلوا في أسفل مكة فرأوا طائراً عائفاً ، فقالوا :
إن هذا الطائر ليدور على ماء ، لعهدنا بهذا الوادي وما فيه من ماء فأرسلوا
جرياً أو جريين فإذا هم بالماء ، فرجعوا فأخبرهم بالماء فأقبلوا

قال : وأم إسماعيل عند الماء ، فقالوا : أتأذنين لنا أن ننزل عندك ؟ قالت : نعم ولكن لاحق لكم في الماء عندنا قالوا : نعم

قال عبد الله بن عباس : قال النبي صلى الله عليه وسلم : فألفى ذلك أم
إسماعيل وهي تحب الأنس ، فنزلوا وأرسلوا إلى أهليهم فنزلوا معهم حتى إذا
كان بها أهل أبيات منهم

وشب الغلام وتعلم العربية منهم ، وأنفسهم وأعجبهم حين شب فلما أدرك زوجوه امرأة منهم

وماتت أم إسماعيل ، فجاء إبراهيم بعد ما تزوج إسماعيل يطالع تركته فلم يجد
إسماعيل ، فسأل امرأته عنه فقالت : خرج يبتغي لنا ، ثم سألها عن عيشهم
وهيئتهم ، فقالت : نحن بشر ، نحن في ضيق وشدة ، وشكت إليه ، قال : فإذا جاء
زوجك فاقرئي عليه السلام وقولي له يغير عتبة بابه

فلماء جاء إسماعيل كأنه آنس شيئاً فقال : هل جاءكم من أحد ؟ فقالت : نعم
جاءنا شيخ كذا وكذا فسألنا عنك فأخبرته ، وسألني كيف عيشنا ؟ فأخبرته أنا
في جهد وشدة قال : هل أوصاك بشيء ؟ قالت : نعم ، أمرني أن أقرأ عليك
السلام ، ويقول لك غير عتبة بابك

قال : ذاك أبي ، وقد أمرني أن أفارقك فالحقي بأهلك ، وطلقها وتزوج منهم
أخرى ، ولبث عنهم إبراهيم ما شاء الله ، ثم أتاهم بعد فلم يجده فدخل على
امرأته فسألها عنه ، فقالت : خرج يبتغي لنا قال : كيف أنتم ؟ وسألها عن
عيشهم وهيئتهم ، فقالت : نحن بخير وسعة ، وأثنت علي الله عز وجل فقال :
وما طعامكم ؟ قالت : اللحم ، قال : فما شرابكم ؟ قالت : الماء قال : "
اللهم بارك لهم في اللحم والماء "

قال النبي صلى الله عليه وسلم : " ولم يكن لهم يومئذ حب ، ولو كان لهم حب
لدعا لهم فيه " قال : فهما لا يخلو عليهما أحد بغير مكة إلا لم يوافقاه

قال : فإذا جاء زوجك فاقرئي عليه السلام ، ومريه يثبت عتبت بابه ، فلما جاء
إسماعيل قال : هل أتاكم من أحد ؟ قالت : نعم ، أتانا شيخ حسن الهيئة ،
وأثنت عليه ، فسألني عنك فأخبرته ، فسألني كيف عيشنا ؟ فأخبرته أنا بخير ،
قال : فأوصاك بشيء ؟ قالت : نعم هو يقرأ عليك السلام ويأمرك أن تثبت عتبة
بابك قال : ذاك أبي وأنت العتبة ، أمرني أن أمسكك

ثم لبث عندهم ما شاء الله ، ثم جاء بعد ذلك وإسماعيل يبرى نبلاً له تحت
دوحة قريباً من زمزم ، فلما رآه قام إليه فصنعا كما يصنع الوالد بالولد
والولد بالوالد ثم قال : يا إسماعيل إن الله أمرني بأمر قال : فاصنع ما
أمرك به ربك ، قال : وتعينني ؟ قال : وأعينك قال : فإن الله أمرني أن أبني
هاهنا بيتاً وأشار إلى أكمة مرتفعة على ما حولها

قال : فعند ذلك رفعاً القواعد من البيت ، وجعل إسماعيل يأتي بالحجارة
وإبراهيم يبني ، حتى إذا ارتفع البناء جاء بهذا الحجر فوضعه له ، فقام عليه
وهو يبني وإسماعيل يناوله الحجارة وهما يقولان : " ربنا تقبل منا إنك أنت
السميع العليم "

قال : فجعلا يبنيان حتى يدورا حول البيت وهما يقولان : " ربنا تقبل منا إنك أنت السميع العليم "

ثم قال : حدثنا عبد الله بن محمد ، حدثنا أبو عامر عبد الملك بن عمرو ،
حدثنا إبراهيم بن نافع ، عن كثير بن كثير ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس
قال : لما كان بين إبراهيم وبين أهله ما كان ، خرج بإسماعيل وأم إسماعيل ،
ومعهم شنة فيها ماء ، وذكر تمامه بنحو ما تقدم

وهذا الحديث من كلام ابن عباس وموضح برفع بعضه وفي بعضه غرابة ، وكأنه مما
تلقاه ابن عباس عن الإسرائيليات ، وفيه أن إسماعيل كان رضيعاً إذ ذاك

وعند أهل التوراة أن إبراهيم أمره الله بأن يختن ولده إسماعيل وكل من عنده
من العبيد وغيرهم فخنتهم ، وذلك بعد مضي تسع وتسعين سنة من عمره ، فيكون
عمر إسماعيل يومئذ ثلاث عشرة سنة ، وهذا امتثال لأمر الله عز وجل في أهله ،
فيدل على أنه فعله على وجه الوجوب ولهذا كان الصحيح من أقوال العلماء أنه
واجب على الرجال ، كما هو مقرر في موضعه

وقد ثبت في الحديث الذي رواه البخاري : حدثنا قتيبة بن سعيد ، حدثنا
مغيرة بن عبد الرحمن القرشي ، عن أبي الزناد ، عن الأعرج ، عن أبي هريرة
قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم : " اختتن إبراهيم النبي عليه السلام
وهو ابن ثمانين سنة بالقدوم "

تابعه عبد الرحمن بن إسحاق عن أبي الزناد ، وتابعه عجلان ، عن أبي هريرة ،
ورواه محمد ابن عمرو ، عن أبي سلمة ، عن أبي هريرة ، وهكذا رواه مسلم عن
قتيبة

وفي بعض الألفاظ : " اختتن إبراهيم بعد ما أتت عليه ثمانون سنة واختتن بالقدوم " والقدوم هو الآلة ، وقيل موضع

وهذا اللفظ لا ينافي الزيادة على الثمانين والله أعلم ، لما سيأتي من
الحديث عند ذكر وفاته ، عن أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه
قال : " اختتن إبراهيم وهو ابن مائة وعشرين سنة ، وعاش بعد ذلك ثمانين سنة "
رواه ابن حبان في صحيحه

وليس في هذا السياق ذكر قصة الذبيح وأنه إسماعيل ، ولم يذكر في قدمات
إبراهيم عليه السلام إلا ثلاث مرات : أولاهن بعد أن تزوج إسماعيل بعد موت
هاجر ، وكيف تركهم من حين صغر الولد - على ما ذكر - إلى حين تزويجه لا ينظر
في حالهم ، وقد ذكر أن الأرض كانت تطوى له ، وقيل : إنه كان يركب البراق
إذا سار إليهم ، فكيف يتخلف عن مطالعة حالهم وهم في غاية الضرورة الشديدة
والحاجة الأكيدة ؟ !

وكأن بعض هذا السياق متلقى من الإسرائيليات ومطرز بشيء من المرفوعات ، ولم
يذكر فيه قصة الذبيح ، وقد دللنا على أن الذبيح هو إسماعيل على الصحيح في
سورة الصافات


قصَصُ الأنبيَاء 500092465

قصَصُ الأنبيَاء 500092465

تحياتي لكم

قصَصُ الأنبيَاء 500092465

قصَصُ الأنبيَاء 500092465

قصَصُ الأنبيَاء 483098003
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
المدير
AMINE PàTCHIKà
AMINE PàTCHIKà
المدير


الجنس : ذكر
الابراج الدلو
تاريخ الميلاد تاريخ الميلاد : 25/01/1988
العمر : 36

المدير العام
منتديات أمين عبلة الحب :

قصَصُ الأنبيَاء Empty
مُساهمةموضوع: رد: قصَصُ الأنبيَاء   قصَصُ الأنبيَاء Emptyالجمعة يناير 11, 2013 2:17 pm

قصَصُ الأنبيَاء 500092465

قصَصُ الأنبيَاء 500092465

قصة الذبيح

قصَصُ الأنبيَاء 500092465



قصَصُ الأنبيَاء 500092465

قال الله تعالى : " وقال إني ذاهب إلى ربي سيهدين * رب هب لي من الصالحين *
فبشرناه بغلام حليم * فلما بلغ معه السعي قال يا بني إني أرى في المنام
أني أذبحك فانظر ماذا ترى قال يا أبت افعل ما تؤمر ستجدني إن شاء الله من
الصابرين * فلما أسلما وتله للجبين * وناديناه أن يا إبراهيم * قد صدقت
الرؤيا إنا كذلك نجزي المحسنين * إن هذا لهو البلاء المبين * وفديناه بذبح
عظيم * وتركنا عليه في الآخرين * سلام على إبراهيم * كذلك نجزي المحسنين *
إنه من عبادنا المؤمنين * وبشرناه بإسحاق نبيا من الصالحين * وباركنا عليه
وعلى إسحاق ومن ذريتهما محسن وظالم لنفسه مبين "

يذكر تعالى عن خليله إبراهيم أنه لما هاجر من بلاد قومه ، سأل ربه أن يهب
له ولداً صالحاً ، فبشره الله بغلام حليم ، وهو إسماعيل عليه السلام ، لأنه
أول من ولد له على رأس ست وثمانين سنة من عمر الخليل وهذا ما لا خلاف فيه
بين أهل الملل ، لأنه أول ولده وبكره

وقوله : " فلما بلغ معه السعي " أي شب وصار يسعى في مصالحه كأبيه قال
مجاهد : " فلما بلغ معه السعي " أي شب وارتحل وأطاق ما يفعله أبوه من السعي
والعمل

فلما كان هذا ، رأى إبراهيم عليه السلام في المنام أنه يؤمر بذبح ولده هذا ،
وفي الحديث عن ابن عباس مرفوعاً : " رؤيا الأنبياء وحي " قاله عبيد بن
عمير أيضاً

وهذا اختبار من الله عز وجل لخليله في أن يذبح هذا الولد العزيز الذي جاءه
على كبر ، وقد طعن في السن ، بعد ما أمر بأن يسكنه هو وأمه في بلاد فقر ،
وواد ليس به حسيس ولا أنيس ، ولا زرع ولا ضرع فامتثل أمر الله في ذلك ،
وتركهما هناك ثقة بالله وتوكلاً عليه ، فجعل الله لهما فرجاً ومخرجاً ،
ورزقهما من حيث لا يحتسبان

ثم لما أمر بعد هذا كله بذبح ولده هذا الذي قد أفرده عن أمر ربه ، وهو بكره
ووحيده الذي ليس له غيره ، أجاب ربه وامتثل أمره ، وسارع إلى طاعته

ثم عرض ذلك على ولده ليكون أطيب لقلبه وأهون عليه من أن يأخذه قسراً ويذبحه
قهراً : " قال يا بني إني أرى في المنام أني أذبحك فانظر ماذا ترى "

فبادر الغلام الحليم ، سر والده الخليل إبراهيم ، فقال : " يا أبت افعل ما
تؤمر ستجدني إن شاء الله من الصابرين " وهذا الجواب في غاية السداد والطاعة
للوالد ولرب العباد

قال الله تعالى : " فلما أسلما وتله للجبين " قيل : أسلما أي استسلما
لأمر الله وعزم على ذلك وقيل : وهذا من المقدم والمؤخر ، والمعنى : تله
للجبين أي ألقاه على وجهه قيل أراد أن يذبحه من قفاه لئلا يشاهده في حال
ذبحه ، قال ابن عباس ومجاهد وسعيد بن جبير وقتادة والضحاك وقيل : بل أضجعه
كما تضجع الذبائح وبقي طرف جبينه لاصقاً بالأرض وأسلما أي سمى إبراهيم
وكبر ، وتشهد الولد للموت قال السدي وغيره : أمر السكين على حلقه فلم تقطع
شيئاً ، ويقال : جعل بينها وبين حلقه صفيحة من نحاس والله أعلم

فعند ذلك نودي من الله عز وجل : " أن يا إبراهيم * قد صدقت الرؤيا " أي قد
حصل المقصود من اختبارك وطاعتك ، ومبادرتك إلى أمر بك ، وبذلت ولدك للقربان
، كما سمحت ببدنك للنيران ، وكما مالك مبذول للضيفان ! ولهذا قال تعالى : "
إن هذا لهو البلاء المبين " أي الإختبار الظاهر البين

وقوله : " وفديناه بذبح عظيم " أي جعلناه فداء ذبح ولده ما يسره الله تعالى له من العوض عنه

والمشهور عن الجمهور أنه كبش أبيض أعين أقرن ، رآه مربوطاً بسمرة في ثبير
قال الثوري ، عن عبد الله بن عثمان بن خثيم ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن
عباس ، قال : كبش قد رعى في الجنة أربعين خريفاً ، وقال سعيد بن جبير : كان
يرتع في الجنة حتى تشقق عنه ثبير ، وكان عليه عهن أحمر ، وعن ابن عباس هبط
عليه من ثبير كبش أعين أقرن له ثغاء فذبحه ، وهو الكبش الذي قربه ابن آدم
فتقبل منه رواه ابن أبي حاتم

قال مجاهد : فذبحه بمني ، وقال عبيد بن عمير : ذبحه بالمقام

فأما ما روى عن ابن عباس أنه كان وعلاً وعن الحسن أنه كان تيساً من الأروى واسمه جرير ، فلا يكاد يصح عنهما

ثم غالب ما هاهنا من الآثار مأخوذ من الإسرائيليات وفي القرآن كفاية عما
جرى من الأمر العظيم ، والإختبار الباهر ، وأن فدى بذبح عظيم ، وقد ورد في
الحديث أنه كان كبشاً

قال الإمام أحمد : حدثنا سفيان ، حدثنا منصور ، عن خاله نافع ، عن صفية
بنت شيبة قالت : أخبرتني امرأة من بني سليم ولدت عامة أهل دارنا قالت :
أرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى عثمان بن طلحة ، وقالت مرة : إنها
سألت عثمان : لم دعاك رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ قال : قال لي رسول
الله : " إني كنت رأيت قرني الكبش حين دخلت البيت ، فنسيت أن آمرك أن
تخمرهما فخمرهما فإنه لا ينبغي أن يكون في البيت شيء يشغل المصلي "

قال سفيان : لم يزل قرنا الكبش معلقين في البيت حتى احترق البيت فاحترقا

وكذا روى عن ابن عباس أن رأس الكبش لم يزل معلقاً عند ميزاب الكعبة قد يبس

وهذا وحده دليل على أن الذبيح إسماعيل ، لأنه كان هو المقيم بمكة وإسحاق لا نعلم أن قدمها في حال صغره والله أعلم

وهذا هو الظاهر من القرآن ، بل كأنه نص على أن الذبيح هو إسماعيل ، لأنه
ذكر قصة الذبيح ثم قال بعده : " وبشرناه بإسحاق نبيا من الصالحين " ومن
جعله حالاً فقد تكلف ، ومستنده أنه إسحاق إنما هو إسرائيليات ، وكتابهم فيه
تحريف ، ولا سيما هاهنا قطعاً لا محيد عنه ، فإنه عندهم أن الله أمر
إبراهيم أن يذبح ابنه ووحيده وفي نسخة من المعربة : بكره إسحاق ، بلفظة
إسحاق هاهنا مقحمة مكذوبة مفتراة ، لأنه ليس هو الوحيد ولا البكر إنما ذاك
إسماعيل

وإنما حملهم على هذا حسد العرب ، فإن إسماعيل أبو العرب الذي يسكنون الحجاز
الذين منهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وإسحاق والد يعقوب - وهو
إسرائيل - الذي ينتسبون إليه ، فأرادوا أن يجروا هذا الشرف إليهم ، فحرفوا
كلام الله وزادوا فيه وهم قوم بهت ولم يقروا بأن الفضل بيد الله يؤتيه من
يشاء

وقد قال بأنه إسحاق طائفة كثيرة من السلف وغيرهم ، وإنما أخذوه - والله أعلم - من كعب الأحبار ، أو من صحف أهل الكتاب

وليس في ذلك حديث صحيح عن المعصوم حتى نترك لأجله ظاهر الكتاب العزيز ولا
يفهم هذا من القرآن ، بل المفهوم بل المنطوق بل النص عند التأمل على أنه
إسماعيل

وما أحسن ما استدل به ابن كعب القرظي على أنه إسماعيل وليس بإسحاق من قوله :
" فبشرناها بإسحاق ومن وراء إسحاق يعقوب " قال : فكيف تقع البشارة بإسحاق
وأنه سيولد له يعقوب ، ثم يؤمر بذبح إسحاق وهو صغير قبل أن يولد له

هذا لا يكون ، لأنه يناقض البشارة المتقدمة والله أعلم

وقد اعترض السهيلي على هذا الإستدلال بما حاصله أن قوله : " فبشرناها
بإسحاق " جملة تامة ، وقوله : " ومن وراء إسحاق يعقوب " جملة أخرى ليست في
حيز البشارة قال : لأنه لا يجوز من حيث العربية أن يكون مخفوضاً إلى أن
يعاد معه حرف الجر ، فلا يجوز أن يقال مررت بزيد ومن بعده عمرو ، حتى يقال
ومن بعده بعمرو وقال : فقوله : " ومن وراء إسحاق يعقوب " منصوب بفعل مضمر
تقديره : ووهبنا لإسحاق يعقوب ، وفي هذا الذي قاله نظر

ورجح أنه إسحاق ، واحتج بقوله : " فلما بلغ معه السعي " قال : وإسماعيل لم
يكن عنده إنما كان في حال صغره وهو وأمه بجبال مكة فكيف يبلغ معه السعي ؟

وهذا أيضاً فيه نظر ، لأنه قد روى أن الخليل كان يذهب في كثير من الأوقات
راكباً البراق إلى مكة ، يطلع على ولده وابنه ثم يرجع والله تعالى أعلم

فمن حكى القول عنه بأنه إسحاق : كعب الأحبار ، وروى عن عمر والعباس وعلى
وابن مسعود ، ومسعود وعكرمة وسعيد بن جبير ومجاهد وعطاء والشعبي ومقاتل
وعبيد بن عمير ، وأبي ميسرة وزيد بن أسلم وعبد الله بن شقيق ، والزهري
والقاسم وابن أبي بردة ومكحول ، وعثمان بن حاضر والسدي والحسن وقتادة ،
وأبي الهذيل وابن سابط ، وهو اختيار ابن جرير ، وهذا عجب منه وهو أحدث
الروايتين عن ابن عباس

ولكن الصحيح عنه - وعن أكثر هؤلاء - أنه إسماعيل عليه السلام قال مجاهد
وسعيد والشعبي ويوسف بن مهران وعطاء وغير واحد عن ابن عباس : هو إسماعيل
عليه السلام

وقال ابن جرير : حدثني يونس ، أنبأنا ابن وهب ، أخبرني عمرو بن قيس ، عن
عطاء بن أبي رباح ، عن ابن عباس أنه قال : المفدى إسماعيل وزعمت اليهود أنه
إسحاق وكذبت اليهود

وقال عبد الله بن الإمام أحمد عن أبيه : هو إسماعيل وقال ابن أبي حاتم
، سألت أبي حاتم : وروى عن علي وابن عمر وأبي هريرة ، وأبي الطفيل ، وسعيد
بن المسيب ، وسعيد بن جبير ، والحسن ومجاهد ، والشعبي ، ومحمد بن كعب ،
وأبي جعفر محمد بن علي ، وأبي صالح أنهم قالوا : الذبيح هو إسماعيل عليه
السلام وحكاه البغوي أيضاً عن الربيع عن أنس والكلبي وأبي عمرو بن العلاء

قلت : وروى عن معاوية ، وجاء عنه أن رجلاً قال لرسول الله صلى الله عليه
وسلم : يا ابن الذبيحين فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم

وإليه ذهب عمر بن عبد العزيز ومحمد بن إسحاق بن يسار ، وكان الحسن البصري يقول : لا شك في هذا

وقال محمد بن إسحاق عن بريدة عن سفيان بن فزوة الأسلمي ، عن محمد بن كعب :
أنه حدثهم أنه ذكر ذلك لعمر بن عبد العزيز وهو خليفة إذ كان معه بالشام -
يعني استدلالة بقوله بعد العصمة : " فبشرناها بإسحاق ومن وراء إسحاق يعقوب
" - فقال له عمر : إن هذا الشيء ما كنت أنظر فيه وأني لأراه كما قلت

ثم أرسل إلى رجل كان عنده بالشام ، كان يهودياً فأسلم وحسن إسلامه ، وكان
يرى أنه من علمائهم ، قال : فسأله عمر بن عبد العزيز : أي ابني إبراهيم أمر
بذبحه ؟ فقال : إسماعيل والله يا أمير المؤمنين ، وإن اليهود لتعلم بذلك ،
ولكنهم يحسدونكم معشر العرب على أن يكون أباكم الذي كان من أمر الله فيه
والفضل الذي ذكره الله منه لصبره لما أمر به ، فهم يجحدون ذلك ويزعمون أنه
إسحاق ، لأن إسحاق أبوهم

وقد ذكرنا هذه المسألة مستقصاة بأدلتها وآثارها في كتابنا التفسير ولله الحمد والمنة

قصَصُ الأنبيَاء 500092465

قصَصُ الأنبيَاء 500092465

تحياتي لكم

قصَصُ الأنبيَاء 500092465

قصَصُ الأنبيَاء 500092465

قصَصُ الأنبيَاء 483098003
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
المدير
AMINE PàTCHIKà
AMINE PàTCHIKà
المدير


الجنس : ذكر
الابراج الدلو
تاريخ الميلاد تاريخ الميلاد : 25/01/1988
العمر : 36

المدير العام
منتديات أمين عبلة الحب :

قصَصُ الأنبيَاء Empty
مُساهمةموضوع: رد: قصَصُ الأنبيَاء   قصَصُ الأنبيَاء Emptyالجمعة يناير 11, 2013 2:20 pm

قصَصُ الأنبيَاء 500092465

قصَصُ الأنبيَاء 500092465

ذكر مولد إسحاق عليه السلام

قصَصُ الأنبيَاء 500092465



قصَصُ الأنبيَاء 500092465

قال الله تعالى : " وبشرناه بإسحاق نبيا من الصالحين * وباركنا عليه وعلى إسحاق ومن ذريتهما محسن وظالم لنفسه مبين "

وقد كانت البشارة به من الملائكة لإبراهيم وسارة لما مروا بها مجتازين
ذاهبين إلى مدائن قوم لوط ، ليدمروا عليهم لكفرهم وفجورهم ، كما سيأتي
بيانه في موضعه إن شاء الله تعالى

قال الله تعالى : " ولقد جاءت رسلنا إبراهيم بالبشرى قالوا سلاما قال سلام
فما لبث أن جاء بعجل حنيذ * فلما رأى أيديهم لا تصل إليه نكرهم وأوجس منهم
خيفة قالوا لا تخف إنا أرسلنا إلى قوم لوط * وامرأته قائمة فضحكت فبشرناها
بإسحاق ومن وراء إسحاق يعقوب * قالت يا ويلتى أألد وأنا عجوز وهذا بعلي
شيخا إن هذا لشيء عجيب * قالوا أتعجبين من أمر الله رحمة الله وبركاته
عليكم أهل البيت إنه حميد مجيد "

وقال تعالى : " ونبئهم عن ضيف إبراهيم * إذ دخلوا عليه فقالوا سلاما قال
إنا منكم وجلون * قالوا لا توجل إنا نبشرك بغلام عليم * قال أبشرتموني على
أن مسني الكبر فبم تبشرون * قالوا بشرناك بالحق فلا تكن من القانطين * قال
ومن يقنط من رحمة ربه إلا الضالون "

وقال تعالى : " هل أتاك حديث ضيف إبراهيم المكرمين * إذ دخلوا عليه فقالوا
سلاما قال سلام قوم منكرون * فراغ إلى أهله فجاء بعجل سمين * فقربه إليهم
قال ألا تأكلون * فأوجس منهم خيفة قالوا لا تخف وبشروه بغلام عليم * فأقبلت
امرأته في صرة فصكت وجهها وقالت عجوز عقيم * قالوا كذلك قال ربك إنه هو
الحكيم العليم "

يذكر تعالى : أن الملائكة - قالوا : وكانوا ثلاثة : جبريل وميكائيل
وإسرافيل - لما وردوا على الخليل حسبهم أولا أضيافاً ، فعاملهم معاملة
الضيوف ، وشوى لهم عجلاً سميناً من خيار بقره ، فلما قربه إليهم وعرض عليهم
لم ير لهم همة إلى الأكل بالكلية ، وذلك لأن الملائكة ليس فيهم قوة الحاجة
إلى الطعام فنكرهم إبراهيم : " وأوجس منهم خيفة قالوا لا تخف إنا أرسلنا
إلى قوم لوط " أي لندمر عليهم فاستبشرت عند ذلك سارة غضباً لله عليهم ،
وكانت قائمة على رءوس الأضياف كما جرت به عادة الناس من العرب وغيرهم ،
فلما ضحكت استبشاراً بذلك ، قال الله تعالى : " فبشرناها بإسحاق ومن وراء
إسحاق يعقوب " أي بشرتها الملائكة بذلك : " فأقبلت امرأته في صرة " أي في
صرحة : " فصكت وجهها " أي كما يفعل النساء عند التعجب وقالت : " يا ويلتى
أألد وأنا عجوز وهذا بعلي شيخا " أي كيف يلد مثلي وأنا كبيرة وعقيم أيضاً ،
وهذا بعلي ، أي زوجي ، شيخاً ؟ تعجبت من وجود ولد والحالة هذه ولهذا قالت
: " إن هذا لشيء عجيب * قالوا أتعجبين من أمر الله رحمة الله وبركاته
عليكم أهل البيت إنه حميد مجيد "

وكذلك تعجب إبراهيم عليه السلام استبشاراً بهذه البشارة وتثبيتاً لها
وفرحاً بها : " قال أبشرتموني على أن مسني الكبر فبم تبشرون * قالوا بشرناك
بالحق فلا تكن من القانطين " أكدوا الخبر بهذه البشارة وقرروه معه ،
فبشروهما " بغلام عليم " وهو إسحاق أخو إسماعيل ، غلام عليم مناسب لمقامه
وصبره ، وهكذا وصفه ربه بصدق الوعد والصبر ، وقال في الآية الأخرى : "
فبشرناها بإسحاق ومن وراء إسحاق يعقوب "

وهذا مما استدل به محمد بن كعب القرظي وغيره على أن الذبيح هو إسماعيل ،
وأن إسحاق لا يجوز أن يؤمر بذبحه بعد أن وقعت البشارة بوجوده ووجود ولده
يعقوب المشتق من العقب من بعده

وعند أهل الكتاب أنه أحضر مع العجل الحنيذ ، وهو المشوي رغيفاً من مكة فيه
ثلاثة أكيال وسمن ولبن ، وعندهم أنهم أكلوا ، وهذا غلط محض ، وقيل : كانوا
يرون أنهم يأكلون والطعام يتلاشى في الهواء

وعندهم أن الله تعالى قال لإبراهيم : أما سارا امرأتك فلا يدعى اسمها سارا
ولكن اسمها سارة ، وأبارك عليها وأعطيك منها ابناً ، وأباركه ويكون الشعوب
وملوك الشعوب منه ، فخر إبراهيم على وجهه - يعني ساجداً - وضحك قائلاً في
نفسه ، أبعد مائة سنة يولد لي غلام ، أو سارة تلد وقد أتت عليه تسعون سنة ؟
!

وقال إبراهيم لله تعالى : ليت إسماعيل يعيش قدامك ، فقال الله لإبراهيم :
بحق أن امرأتك سارة تلد لك غلاماً وتدعو اسمه إسحاق إلى مثل هذا لحين من
قابل ، وأوثقه ميثاقى إلى الدهر ولخلفه من بعده ، وقد استجبت لك في إسماعيل
وباركت عليه وكثرته ونميته جداً كثيراً ، ويولد له اثنا عشر عظيماً وأجعله
رئيساً لشعب عظيم

وقد تكلمنا على هذا بما تقدم والله أعلم

فقوله تعالى : " فبشرناها بإسحاق ومن وراء إسحاق يعقوب " دليل على أنها
تستمع بوجود ولدها إسحاق ، ثم من بعده بولد ولده يعقوب أي يولد في حياتهما
لتقرأ أعينهما به كما قرت بولده ، ولو لم يرد هذا لم يكن لذكر يعقوب
وتخصيص التنصيص عليه من دون سائر نسل إسحاق فائدة ، ولما عين بالذكر دل على
أنهما يتمتعان به ويسران بولده كما سرا بمولد أبيه من قبله ، وقال تعالى :
" ووهبنا له إسحاق ويعقوب كلا هدينا " وقال تعالى : " فلما اعتزلهم وما
يعبدون من دون الله وهبنا له إسحاق ويعقوب "

وهذا إن شاء الله ظاهر قوي ، ويؤيده ما ثبت في الصحيحين من حديث سليمان
بن مهران الأعمش ، عن إبراهيم بن يزيد التيمي ، عن أبيه ، عن أبي ذر ، قال :
قلت : يا رسول الله أي مسجد وضع أول ؟ قال : " المسجد الحرام " قلت : ثم
أي ؟ قال : " المسجد الأقصى " قلت : كم بينهما ؟ قال : " أربعون سنة " قلت
: ثم أي ؟ قال : " ثم حيث أدركت الصلاة فصل فكلها مسجد "

وعند أهل الكتاب ، أن يعقوب عليه السلام هو الذي أسس المسجد الأقصى ، وهو مسجد إيليا ببيت المقدس شرفه الله

وهذا متجه ويشهد له ما ذكرناه من الحديث ، فعلى هذا يكون بناء يعقوب عليه
السلام وهو - إسرائيل - بعد بناء الخليل وابنه إسماعيل المسجد الحرام
بأربعين سنة سواء وقد كان بناؤهما ذلك بعد وجود إسحاق ، لأن إبراهيم عليه
السلام لما دعا ، قال في دعائه كما قال تعالى : " وإذ قال إبراهيم رب اجعل
هذا البلد آمنا واجنبني وبني أن نعبد الأصنام * رب إنهن أضللن كثيرا من
الناس فمن تبعني فإنه مني ومن عصاني فإنك غفور رحيم * ربنا إني أسكنت من
ذريتي بواد غير ذي زرع عند بيتك المحرم ربنا ليقيموا الصلاة فاجعل أفئدة من
الناس تهوي إليهم وارزقهم من الثمرات لعلهم يشكرون * ربنا إنك تعلم ما
نخفي وما نعلن وما يخفى على الله من شيء في الأرض ولا في السماء * الحمد
لله الذي وهب لي على الكبر إسماعيل وإسحاق إن ربي لسميع الدعاء * رب اجعلني
مقيم الصلاة ومن ذريتي ربنا وتقبل دعاء * ربنا اغفر لي ولوالدي وللمؤمنين
يوم يقوم الحساب "

وما جاء في الحديث من أن سليمان بن داود عليهما السلام ، لما بنى بيت
المقدس سأل الله خلالاً ثلاثاً كما ذكرناه عند قوله : " رب اغفر لي وهب لي
ملكا لا ينبغي لأحد من بعدي " ، - وكما سنورده في قصته - فالمراد من ذلك
والله أعلم ، أنه جدد بناءه كما تقدم من أن بينهما أربعين سنة ، ولم يقل
أحد إن بين سليمان وإبراهيم أربعين سنة سوى ابن حبان في تقاسيمه وأنواعه
وهذا القول لم يوافق عليه ولا سبق إليه


قصَصُ الأنبيَاء 500092465

قصَصُ الأنبيَاء 500092465

تحياتي لكم

قصَصُ الأنبيَاء 500092465

قصَصُ الأنبيَاء 500092465

قصَصُ الأنبيَاء 483098003
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
المدير
AMINE PàTCHIKà
AMINE PàTCHIKà
المدير


الجنس : ذكر
الابراج الدلو
تاريخ الميلاد تاريخ الميلاد : 25/01/1988
العمر : 36

المدير العام
منتديات أمين عبلة الحب :

قصَصُ الأنبيَاء Empty
مُساهمةموضوع: رد: قصَصُ الأنبيَاء   قصَصُ الأنبيَاء Emptyالجمعة يناير 11, 2013 2:22 pm

قصَصُ الأنبيَاء 500092465

قصَصُ الأنبيَاء 500092465

ذكر بناية البيت العتيق

قصَصُ الأنبيَاء 500092465



قصَصُ الأنبيَاء 500092465

قال الله تعالى : " وإذ بوأنا لإبراهيم مكان البيت أن لا تشرك بي شيئا وطهر
بيتي للطائفين والقائمين والركع السجود * وأذن في الناس بالحج يأتوك رجالا
وعلى كل ضامر يأتين من كل فج عميق "

وقال تعالى : " إن أول بيت وضع للناس للذي ببكة مباركا وهدى للعالمين * فيه
آيات بينات مقام إبراهيم ومن دخله كان آمنا ولله على الناس حج البيت من
استطاع إليه سبيلا ومن كفر فإن الله غني عن العالمين "

وقال تعالى : " وإذ ابتلى إبراهيم ربه بكلمات فأتمهن قال إني جاعلك للناس
إماما قال ومن ذريتي قال لا ينال عهدي الظالمين * وإذ جعلنا البيت مثابة
للناس وأمنا واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى وعهدنا إلى إبراهيم وإسماعيل أن
طهرا بيتي للطائفين والعاكفين والركع السجود * وإذ قال إبراهيم رب اجعل هذا
بلدا آمنا وارزق أهله من الثمرات من آمن منهم بالله واليوم الآخر قال ومن
كفر فأمتعه قليلا ثم أضطره إلى عذاب النار وبئس المصير * وإذ يرفع إبراهيم
القواعد من البيت وإسماعيل ربنا تقبل منا إنك أنت السميع العليم * ربنا
واجعلنا مسلمين لك ومن ذريتنا أمة مسلمة لك وأرنا مناسكنا وتب علينا إنك
أنت التواب الرحيم * ربنا وابعث فيهم رسولا منهم يتلو عليهم آياتك ويعلمهم
الكتاب والحكمة ويزكيهم إنك أنت العزيز الحكيم "

يذكر تعالى عن عبده ورسوله وصفيه وخليله ، إمام الحنفاء ووالد الأنبياء
إبراهيم عليه السلام أنه بنى البيت الذي هو أول مسجد وضع لعموم الناس ،
يعبدون الله فيه ، بوأه الله مكانه ، أي أرشده إليه ودله عليه

وقد روينا عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب وغيره : أنه أرشد إليه بوحي من
الله عز وجل وقد ذكرنا في صفة خلق السموات : أن الكعبة بحيال البيت
المعمور ، بحيث إنه لو سقط لسقط عليها ، وكذلك معابد السموات السبع ، كما
قال بعض السلف : إن في كل سماء بيتاً يعبد الله فيه أهل كل سماء ، وهو فيها
كالكعبة لأهل الأرض

فأمر الله تعالى إبراهيم عليه السلام أن يبني له بيتاً يكون لأهل الأرض
كتلك المعابد لملائكة السموات ، وأرشده الله إلى مكان البيت المهيأ له ،
المعين لذلك منذ خلق السموات والأرض ، كما ثبت في الصحيحين : " أن هذا
البلد حرمه الله يوم خلق الله السموات والأرض ، فهو حرام بحرمة الله إلي
يوم القيامة "

ولم يجىء في خبر صحيح عن المعصوم أن البيت كان مبنياً قبل الخليل عليه
السلام ، ومن تمسك في هذا القول بقوله : " مكان البيت " فليس بناهض ولا
ظاهر ، لأن المراد مكانه المقدر في علم الله ، المقرر في قدره ، المعظم عند
الأنبياء موضعه ، من لدن آدم إلى زمان إبراهيم

وقد ذكرنا أن آدم نصب عليه قبة ، وأن الملائكة قالوا له : قد طفنا قبلك
بهذا البيت ، وأن السفينة طافت به أربعين يوماً أو نحو ذلك ، ولكن كل هذه
الأخبار عن بني إسرائيل ، وقد قررنا أنها لا تصدق ولا تكذب فلا يحتج بها ،
فأما إن ردها الحق فهي مردودة

وقد قال الله : " إن أول بيت وضع للناس للذي ببكة مباركا وهدى للعالمين "
أي أول بيت وضع لعموم الناس للبركة والهدى البيت الذي ببكة وقيل محل
الكعبة " فيه آيات بينات " أي على أنه بناء الخليل ، والد الأنبياء من بعده
وإمام الحنفاء من ولده ، الذين يقتدون به ويتمسكون بسنته ، ولهذا قال : "
مقام إبراهيم " أي الحجر الذي كان يقف عليه قائماً لما ارتفع عن قامته ،
فوضع له ولده هذا الحجر المشهور ، ليرتفع عليه لما تعالى البناء وعظم
الفناء كما ذكر في حديث ابن عباس الطويل

وقد كان هذا الحجر ملصقاً بحائط الكعبة على ما كان عليه من قديم الزمان إلى
أيام عمر بن الخطاب رضي الله عنه ، فأخره عن البيت قليلاً ، لئلا يشغل
المصلين عنده الطائفين بالبيت ، واتبع عمر بن الخطاب رضي الله عنه في هذا ،
فإنه قد وافقه ربه في أشياء ، منها قوله لرسوله صلى الله عليه وسلم : لو
اتخذنا من مقام إبراهيم مصلى ، فأنزل الله : " واتخذوا من مقام إبراهيم
مصلى " وقد كانت آثار قدمي الخليل باقية في الصخرة إلى أول الإسلام وقد
قال أبو طالب في قصيدته اللامية المشهورة :

وثور ومن أرسـى ثبيراً مكانــــــه وارق ليرقى في حراء ونازل

وبالبيت حــق البيت من بطن مكــة وبـــالله إن الله ليس بغـافــل

وبـالحجر المســود إذ يمسحـونـــه إذ اكتنفوه بالضحى والأصائل

ومواطئ إبراهيم في الصخر رطبة على قدميه حافياً غير ناعــل

يعني أن رجله الكريمة غاصت في الصخرة فصارت على قدر قدمه حافية لا منتعلة
ولهذا قال تعالى : " وإذ يرفع إبراهيم القواعد من البيت وإسماعيل " أي في
حال قولهما : " ربنا تقبل منا إنك أنت السميع العليم " فهما في غاية
الإخلاص والطاعة لله عز وجل ، وهما يسألان من الله عز وجل السميع العليم أن
يتقبل منهما ما هما فيه من الطاعة العظيمة والسعي المشكور : " ربنا
واجعلنا مسلمين لك ومن ذريتنا أمة مسلمة لك وأرنا مناسكنا وتب علينا إنك
أنت التواب الرحيم "

والمقصود أن الخليل بني أشرف المساجد في أشرف البقاع ، في واد غير ذي زرع ،
ودعا لأهلها بالبركة ، وأن يرزقوا من الثمرات ، مع قلة المياه وعدم
الأشجار والزروع والثمار ، وأن يجعله حرماً محرماً وآمناً محتماً

فاستجاب الله - وله الحمد - له مسألته ، ولبى دعوته ، وآتاه طلبته ، فقال
تعالى : " أولم يروا أنا جعلنا حرما آمنا ويتخطف الناس من حولهم " وقال
تعالى : " أولم نمكن لهم حرما آمنا يجبى إليه ثمرات كل شيء رزقا من لدنا "

وسأل الله أن يبعث فيهم رسولاً منهم ، أي من جنسهم ، وعلى لغتهم الفصيحة
البليغة النصيحة ، لتتم عليهم النعمتان الدنيوية والدينية ، سعادة الأولى
والآخرة

وقد استجاب الله له فبعث فيهم رسولاً وأي رسول ! ختم به أنبياءه ورسله ،
وأكمل له من الدين مالم يؤت أحداً قبله ، وعم بدعوته أهل الأرض على إختلاف
أجناسهم ولغاتهم وصفاتهم ، في سائر الأقصار والأمصار والأعصار إلى يوم
القيامة ، وكان هذا من خصائصه من بين سائر الأنبياء ، لشرفه في نفسه وكمال
شفقته على أمته ، ولطفه ورحمته ، وكريم محتده وعظيم مولده ، وطيب مصدره
ومورده

ولهذا استحق إبراهيم الخليل عليه السلام إذا كان باني الكعبة لأهل الأرض ،
أن يكون منصبه ومحله وموضعه ، في منازل السموات ورفيع الدرجات ، عند البيت
المعمور ، الذي هو كعبة أهل السماء السابعة المبارك المبرور ، الذي يدخله
كل يوم سبعون ألفاً من الملائكة يتعبدون فيه ، ثم لا يعودون إلى يوم البعث
والنشور

وقد ذكرنا في التفسير من سورة البقرة صفة بنائه للبيت ، وما ورد في ذلك من
الأخبار والآثار بما فيه كفاية ، فمن أراد فليراجعه ثم ولله الحمد

فمن ذلك ما قال السدى : لما أمر الله إبراهيم وإسماعيل أن يبنيا البيت لم
يدريا أين مكانه ، حتى بعث الله ريحاً يقال له ( الخجوج ) لها جناحان ورأس
في صورة حية ، فكنست لهما ما حول الكعبة عن أساس البيت الأول ، وأتبعاها
بالمعاول يحفران حتى وضعا الأساس وذلك حتى يقول تعالى : " وإذ بوأنا
لإبراهيم مكان البيت "

فلما بلغا القواعد وبنيا الركن ، قال إبراهيم لإسماعيل : يا بني اطلب لي
حجراً حسناً أضعه هاهنا قال : يا أبت إني كسلان تعب قال : على ذلك
فانطلق ، وجاءه جبريل بالحجر الأسود من الهند ، وكان أبيض ياقوتة بيضاء مثل
الثغامة ، وكان آدم هبط به من الجنة فاسود من خطايا الناس ، فجاء إسماعيل
بحجر فوجده عند الركن قال : يا أبت من جاءك بهذا ؟ قال : جاء به من هو
أنشط منك فبنيا وهما يدعوان الله : " ربنا تقبل منا إنك أنت السميع العليم
"

وذكر ابن أبي حاتم أنه بناه من خمسة أجبل ، وأن ذا القرنين - وكان ملك
الأرض إذ ذاك - مر بهما وهما يبنيانه فقال : من أمركما بهذا ؟ فقال إبراهيم
: الله أمرنا به فقال : وما يدريني بما تقول ؟ فشهد خمسة أكبش أنه أمره
بذلك فآمن وصدق وذكر الأزرقي : أنه طاف مع الخليل بالبيت

وقد كانت الكعبة على بناء الخليل مدة طويلة ، ثم بعد ذلك بنتها قريش ،
فقصرت بها عن قواعد إبراهيم من جهة الشمال مما يلي الشام على ما هي عليه
اليوم

وفي الصحيحين من حديث مالك ، عن ابن شهاب ، عن سالم : أن عبدالله بن محمد
بن أبي بكر أخبر عن ابن عمر ، عن عائشة : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم
قال : " ألم ترى أن قومك حين بنوا الكعبة اقتصروا عن قواعد إبراهيم " ؟
فقلت : يا رسول الله ألا تردها على قواعد إبراهيم ؟ فقال : " لولا حدثان
قومك بالكفر لفعلت " وفي رواية : " لولا أن قومك حديثو عهد بجاهلية - أو
قال بكفر - لأنفقت كنز الكعبة في سبيل الله ، ولجعلت بابها بالأرض ،
ولأدخلت فيها الحجر "

وقد بناها ابن الزبير رحمه الله في أيامه على ما أشار إليه رسول الله صلى
الله عليه وسلم حسبما أخبرته به خالته عائشة ، أم المؤمنين عنه ، فلما قتله
الحجاج في سنة ثلاثة وسبعين كتب إلى عبد الملك بن مروان الخليفة إذا ذاك ،
فاعتقدوا أن ابن الزبير إنما صنع ذلك من تلقاء نفسه فأمر بردها إلى ما
كانت عليه ، فنقضوا الحائط الشامي وأخرجوا منها الجر ، ثم سدوا الحائط
وردموا الأحجار في جوف الكعبة ، فارتفع بابها الشرقي وسدوا الغربي بالكلية ،
كما هو مشاهد إلى اليوم

ثم لما بلغهم أن ابن الزبير إنما فعل هذا لما أخبرته عائشة أم المؤمنين
ندموا على ما فعلوا ، وتأسفوا أن لو كانوا تركوه وما تولى من ذلك

ثم لما كان في زمن المهدي بن المنصور استشار الإمام مالك بن أنس في ردها
على الصفة التي بناهاه ابن الزبير فقال له : إني أخشى أن يتخذها الملوك
لعبة يعني كلما جاء مثلك بناءها على الصفة التي يريد فاستقر الأمر على ما
هي عليه اليوم

ذكر ثناء الله ورسوله الكريم على عبده وخليله إبراهيم

قال الله تعالى : " وإذ ابتلى إبراهيم ربه بكلمات فأتمهن قال إني جاعلك
للناس إماما قال ومن ذريتي قال لا ينال عهدي الظالمين " لما وفي ما أمره به
ربه من التكاليف العظيمة ، جعله للناس إماماً يتقدون به ويأتمون بهديه
وسأل الله أن تكون هذه الإمامة متصلة بسببه ، وباقية في نسبه ، وخالدة في
عقبه فأجيبب إلى ما سأل ورام وسلمت إليه الإمام بزمام ، واستثنى من نيلها
الظالمون ، واختص بها من ذريته العلماء العاملون ، كما قال تعالى : "
ووهبنا له إسحاق ويعقوب وجعلنا في ذريته النبوة والكتاب وآتيناه أجره في
الدنيا وإنه في الآخرة لمن الصالحين " وقال تعالى : " ووهبنا له إسحاق
ويعقوب كلا هدينا ونوحا هدينا من قبل ومن ذريته داود وسليمان وأيوب ويوسف
وموسى وهارون وكذلك نجزي المحسنين * وزكريا ويحيى وعيسى وإلياس كل من
الصالحين * وإسماعيل واليسع ويونس ولوطا وكلا فضلنا على العالمين * ومن
آبائهم وذرياتهم وإخوانهم واجتبيناهم وهديناهم إلى صراط مستقيم "

فالضمير في قوله : " ومن ذريته " عائد إلى إبراهيم على المشهور ، ولوط وإن
كن ابن أخيه إلا أنه دخل في الذرية تغليباً ، وهذا هو الحامل للقائد الآخر
أن الضمير على نوح كما قدمنا في قصته والله أعلم

وقال تعالى : " ولقد أرسلنا نوحا وإبراهيم وجعلنا في ذريتهما النبوة
والكتاب " الآية فكل كتاب أنزل من السماء على نبي من الأنبياء بعد إبراهيم
الخليل ، فمن ذريته وشعيته ، وهذه خلعة سنية لا تضاهى ، ومرتبه عليه لا
تباهي وذلك أنه ولد له لصلبه ولدان ذكران عظيمان : إسماعيل من هاجر ، ثم
إسحاق من سارة ، وولد له يعقوب - وهو إسرائيل - الذي ينتسب إلى سائر
أسباطهم ، فكانت فيهم النبوة ، وكثروا جداً بحيث لا يعلم عددهم إلا الذي
بعثهم واختصهم بالرسالة والنبوة ، وحتى ختموا بعيسى ابن مريم من نبي
إسرائيل

وأما إسماعيل عليه السلام ، فكانت منه العرب على إختلاف قبائلها ، كما
سنبينه فيما بعد إن شاء الله تعالى ، ولم يوجد من سلالته من الأنبياء سوى
خاتمهم على الإطلاق وسيدهم ، وفخر بني آدم في الدنيا والآخرة : محمد بن عبد
الله بن عبد المطلب بن هاشم القرشي ، المكي ثم المدني صوات الله وسلامه
عليه

فلم يوجد من هذا الفرع الشريف والغصن المنيف سوى هذه الجوهرة الباهرة ،
والدرة الزاهرة ، وواسطة العقد الفاخرة ، وهو السيد الذي يفتخر به أهل
الجمع ، ويغبطه الأولون والآخرون يوم القيامة

وقد ثبت عنه في صحيح مسلم أنه قال : " سأقوم مقاماً يرغب إلى الخلق كلهم حتى إبراهيم "

فمدح إبراهيم أباه مدحة عظيمة في هذا السياق ، ودل كلامه على أنه أفضل
الخلائق بعده عند الخلاق ، في هذه الحياة الدنيا ويوم يكشف عن ساق

وقال البخاري : حدثنا عثمان بن أبي شيبة ، حدثنا جرير ، عن منصور عن
المنهال ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس قال : كان رسول الله صلى الله
عليه وسلم يعوذ الحسن والحسين ويقول : " إن أباكما كان يعوذ بها إسماعيل
وإسحاق : أعوذ بكلمات الله التامة ، من كل شيطان وهامة ، ومن كل عين لامة "


ورواه أهل السنن من حديث منصور به

وقال تعالى : " وإذ قال إبراهيم رب أرني كيف تحيي الموتى قال أولم تؤمن قال
بلى ولكن ليطمئن قلبي قال فخذ أربعة من الطير فصرهن إليك ثم اجعل على كل
جبل منهن جزءا ثم ادعهن يأتينك سعيا واعلم أن الله عزيز حكيم " ذكر
المفسرون لهذا السؤال أسباباً بسطناها في التفسير وقررناها بأتم تقرير

والحاصل : أن الله عز وجل أجابه إلى ما سأل ، فأمره أن يعمد إلى أربعة من
الطيور ، اختلفوا في تعيينها على أقوال ، والمقصود حاصل على كل تقدير ،
فأمره أن يمزق لحومهن وريشهن ، ويخلط ذلك بعضه في بعض ، ثم يقسمه قسماً
ويجعل على كل جبل منهم جزءاً ففعل ما أمر به ، ثم أمر أن يدعوهن بإذن ربهن ،
فلما دعاهن جعل كل عضو يطير إلى صاحبه ، وكل ريشة تأتي إلى أختها ، حتى
اجتمع بدن كل طائر على ما كان عليه ، وهو ينظر إلى قدرة الذي يقول للشيء كن
فيكون ، فأتين إليه سعياً ، ليكون أبين له وأوضح لمشاهدته من أن يأتين
طيراناً

ويقال إنه أمر أن يأخذ رءوسهن في يده ، فجعل كل طائر يأتي فيلقى رأسه فتركب على جثته كما كان فلا إله إلا الله

وقد كان إبراهيم عليه السلام يعلم قدرة الله تعالى على إحياء الموتى علماً
يقيناً لا يحتمل النقيض ، ولكن أحب أن يشاهد ذلك عياناً ، ويترقى من علم
اليقين إلى عين اليقين ! فأجابه الله إلى سؤاله وأعطاه غاية مأموله

وقال تعالى : " يا أهل الكتاب لم تحاجون في إبراهيم وما أنزلت التوراة
والإنجيل إلا من بعده أفلا تعقلون * ها أنتم هؤلاء حاججتم فيما لكم به علم
فلم تحاجون فيما ليس لكم به علم والله يعلم وأنتم لا تعلمون * ما كان
إبراهيم يهوديا ولا نصرانيا ولكن كان حنيفا مسلما وما كان من المشركين * إن
أولى الناس بإبراهيم للذين اتبعوه وهذا النبي والذين آمنوا والله ولي
المؤمنين "

ينكر تعالى على أهل الكتاب من اليهود والنصارى في دعوى كل من الفريقين ،
كون الخليل على ملتهم وطريقتهم ، فبرأه الله منهم ، وبين كثرة جهلهم وقلة
عقلهم في قوله : " وما أنزلت التوراة والإنجيل إلا من بعده " أي فكيف يكون
على دينكم وأنتم إنما شرع لكم ما شرع بعده بمدد متطاولة ؟ ولهذا قال : "
أفلا تعقلون " إلى أن قال : " ما كان إبراهيم يهوديا ولا نصرانيا ولكن كان
حنيفا مسلما وما كان من المشركين "

فبين أنه كان على دين الله الحنيف ، وهو القصد إلى الإخلاص ، والإنحراف
عمداً عن الباطل إلى الحق الذي هو مخالف لليهودية والنصرانية والمشركية

كما قال تعالى : " ومن يرغب عن ملة إبراهيم إلا من سفه نفسه ولقد اصطفيناه
في الدنيا وإنه في الآخرة لمن الصالحين * إذ قال له ربه أسلم قال أسلمت لرب
العالمين * ووصى بها إبراهيم بنيه ويعقوب يا بني إن الله اصطفى لكم الدين
فلا تموتن إلا وأنتم مسلمون * أم كنتم شهداء إذ حضر يعقوب الموت إذ قال
لبنيه ما تعبدون من بعدي قالوا نعبد إلهك وإله آبائك إبراهيم وإسماعيل
وإسحاق إلها واحدا ونحن له مسلمون * تلك أمة قد خلت لها ما كسبت ولكم ما
كسبتم ولا تسألون عما كانوا يعملون * وقالوا كونوا هودا أو نصارى تهتدوا قل
بل ملة إبراهيم حنيفا وما كان من المشركين * قولوا آمنا بالله وما أنزل
إلينا وما أنزل إلى إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب والأسباط وما أوتي موسى
وعيسى وما أوتي النبيون من ربهم لا نفرق بين أحد منهم ونحن له مسلمون *
فإن آمنوا بمثل ما آمنتم به فقد اهتدوا وإن تولوا فإنما هم في شقاق
فسيكفيكهم الله وهو السميع العليم * صبغة الله ومن أحسن من الله صبغة ونحن
له عابدون * قل أتحاجوننا في الله وهو ربنا وربكم ولنا أعمالنا ولكم
أعمالكم ونحن له مخلصون * أم تقولون إن إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب
والأسباط كانوا هودا أو نصارى قل أأنتم أعلم أم الله ومن أظلم ممن كتم
شهادة عنده من الله وما الله بغافل عما تعملون * تلك أمة قد خلت لها ما
كسبت ولكم ما كسبتم ولا تسألون عما كانوا يعملون "

فنره الله عز وجل خليله عليه السلام عن أن يكون يهودياً أو نصرانياً ، وبين
أنه إنما كان حنيفاً مسلماً ولم يكن من المشركين ، ولهذا قال تعالى : " إن
أولى الناس بإبراهيم للذين اتبعوه " يعني الذين كانوا على ملته من أتباعه
في زمانه ، ومن تمسك بدينه من بعدهم : " وهذا النبي " يعني محمداً صلى الله
عليه وسلم ، فإن الله شرع له الدين الحنيف الذي شرعه للخليل ، وكمله الله
تعالى له ، وأعطاه ما لم يعط نبياً ولا رسولاً من قبله ، كما قال تعالى : "
قل إنني هداني ربي إلى صراط مستقيم دينا قيما ملة إبراهيم حنيفا وما كان
من المشركين * قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين * لا شريك
له وبذلك أمرت وأنا أول المسلمين " وقال تعالى : " إن إبراهيم كان أمة
قانتا لله حنيفا ولم يك من المشركين * شاكرا لأنعمه اجتباه وهداه إلى صراط
مستقيم * وآتيناه في الدنيا حسنة وإنه في الآخرة لمن الصالحين * ثم أوحينا
إليك أن اتبع ملة إبراهيم حنيفا وما كان من المشركين "

وقال البخاري : حدثنا إبراهيم بن موسى ، حدثنا هشام ، عن معمر ، عن أيوب ،
عن عكرمة ، عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم لما رآى الصور في
البيت لم يدخل حتى أمر بها فمحيت ورأى إبراهيم وإسماعيل بأيدهما الأزلام
فقال : " قاتلهم الله والله ما استقسما بالأزلام قط "

لم يخرجه مسلم

وفي بعض ألفاظ البخاري : " قاتلهم الله لقد علموا أن شيخنا لم يستقم
بها قط وقوله : " أمة " أي قدوة إماماً مهتدياً داعياً إلى الخير ، يقتدى
به فيه " قانتا لله " أي خاشعاً له في جميع حالاته وحركاته وسكناته " حنيفا
" أي مخلصاً على بصيرة " ولم يك من المشركين * شاكرا لأنعمه " أي قائماً
بشكر ربه بجميع جوارحه من قلبه ولسانه وأعماله " اجتباه " أي اختاره الله
لنفسه واصطفاه لرسالته ، واتخذه خليلاً ، وجمع له بين خيري الدنيا والآخرة

وقال تعالى : " ومن أحسن دينا ممن أسلم وجهه لله وهو محسن واتبع ملة
إبراهيم حنيفا واتخذ الله إبراهيم خليلا " يرغب تعالى في اتباع إبراهيم
عليه السلام ، لأنه كان على الدين القويم والصراط المستقيم ، وقد قام بجميع
ما أمره به ربه ، ومدحه تعالى بذلك فقال : " وإبراهيم الذي وفى " ولهذا
اتخذه الله خليلاً ، والخلة هي غاية المحبة كما قال بعضهم :

قـــد تخللت مسلــك الروح مني وبــذا سمى الخليــل خليــلاً

وهكذا نال هذه المرتبة خاتم الأنبياء وسيد المرسلين محمد صلوات الله وسلامه
عليه ، كما ثبت في الصحيحين وغيرهم من حديث جندب البجلي وعبد الله بن
عمرو وابن مسعود عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : " أيها الناس
إن الله اتخذني خليلاً "

وقال أيضاً في آخر خطبة خطبها : " أيها الناس لو كنت متخذاً من أهل الأرض
خليلاً لاتخذت أبا بكر خليلاً ، ولكن صاحبكم خليل الله " أخرجاه من حديث
أبي سعيد

وثبت أيضاً من حديث عبد الله بن الزبير وابن عباس وابن مسعود وروي
البخاري في صحيحه : حدثنا سليمان بن حرب ، حدثنا شعبة ، عن حبيب بن أبي
ثابت ، عن سعيد بن جبير ، عن عمرو بن ميمون ، قال : إن معاذاً لما قدم
اليمن صلى بهم الصبح فقرأ : " واتخذ الله إبراهيم خليلا " فقال رجل من
القوم : لقد قررت عين أم إبراهيم !

وقال ابن مردويه : حدثنا عبد الرحيم بن محمد بن مسلم ، حدثنا إسماعيل بن
أحمد بن أسيد ، حدثنا إبراهيم بن يعقوب الجوزجاني بمكة ، حدثنا عبد الله
الحنفي ، حدثنا زمعة بن صالح ، عن سلمة بن وهرام ، عن عكرمة ، عن ابن عباس
قال : جلس ناس من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ينتظرونه ، فخرج حتى
إذا دنا منهم سمعهم يتذاكرون ، فسمع حديثهم وإذا بعضهم يقول : عجباً إن
الله اتخذ من خلقه خليلاً ؟ فإبراهيم خليله ، وقال آخر : ماذا بأعجب من أن
الله كلم موسى تكليماً وقال آخر : فعيسى روح الله وكلمته ، وقال آخر : آدم
اصطفاه الله ، فخرج عليهم فسلم وقال : " قد سمعت كلامكم وعجبكم إن
إبراهيم خليل الله وهو كذلك ، وموسى كليمه وهو كذلك ، وعيسى روحه وكلمته
وهو كذلك ، وآدم اصطفاه الله وهو كذلك ، ألا أني حبيب الله ولا فخر ، ألا
وإني أول شافع وأول مشفع ولا فخر ، وأنا أول من يحرك حلقة باب الجنة فيفتحه
الله فيدخلنيها ومعي نقراء المؤمنين ، وأنا أكرم الأولين والآخرين يوم
القيامة ولا فخر "

هذا حديث غريب من هذا الوجه ، وله شواهد من وجوه أخر والله أعلم

وروى الحاكم في مستدركه من حديث قتادة ، عن عكرمة ، عن ابن عباس ، قال :
أتنكرون أن تكون الخلة لإبراهيم ؟ والكلام لموسى ؟ والرؤية لمحمد ؟ صوات
الله وسلام عليهم أجمعين

وقال ابن أبي حاتم : حدثنا أبي ، حدثنا محمود بن خالد السلمي ، حدثنا
الوليد ، عن إسحاق بن يسار قال : لما اتخذ الله إبراهيم خليلاً ألقى في
قلبه الوجل حتى إن كان خفقان قلبه ليسمع من بعد كما يسمع خفقان الطير في
الهواء

وقال عبيد بن عمير : كان إبراهيم عليه السلام يضيف الناس ، فخرج يوماً
يلتمس إنساناً يضيفه فلم يجد أحداً يضيفه ، فرجع إلى داره فوجد فيها رجلاً
قائماً ، فقال : يا عبد الله ما أدخلك داري بغير إذني ؟ قال : دخلتها
بإذن ربها قال ومن أنت ؟ قال : أنا ملك الموت ، أرسلني ربي إلى عبد من
عباده ، أبشره بأن الله قد اتخذه خليلاً قال : من هو ؟ فوالله إن أخبرتني
به ثم كان بأقصى البلاد لآتينه ، ثم لا أبرح له جاراً ، حتى يفرق بيننا
الموت قال : ذلك العبد أنت قال : أنا ؟ قال : نعم قال : فبم اتخذني ربي
خليلاً ؟ قال : بأنك تعطي الناس ولا تسألهم رواه ابن أبي حاتم

وقد ذكره الله تعالى في القرآن كثيراً في غير ما موضع بالثناء عليه والمدح
له ، فقيل : إنه مذكور في خمسة وثلاثين موضعاً ، منها خمسة عشر في البقرة
وحدها

وهو أحد أولى العزم الخمسة المنصوص على أسمائهم تخصيصاً من بين سائر
الأنبياء في آيتي الأحزاب والشورى ، وهما قوله تعالى : " وإذ أخذنا من
النبيين ميثاقهم ومنك ومن نوح وإبراهيم وموسى وعيسى ابن مريم وأخذنا منهم
ميثاقا غليظا " وقوله : " شرع لكم من الدين ما وصى به نوحا والذي أوحينا
إليك وما وصينا به إبراهيم وموسى وعيسى أن أقيموا الدين ولا تتفرقوا فيه "
الآية

ثم هو أشرف أولى العزم بعد محمد صلى الله عليه وسلم

وهو الذي وجده عليه السلام في السماء السابعة مسنداً ظهره بالبيت المعمور
الذي يدخله كل يوم سبعون ألفاً من الملائكة ثم لا يعودون إليه آخر ما
عليهم وما وقع في حديث شريك ابن أبي نمير عن أنس في حديث الإسراء ، من أن
إبراهيم في السادسة وموسى في السابعة فما انتقد على شريك في هذا الحديث ،
والصحيح الأول

وقال أحمد : حدثنا محمد بن بشر : حدثنا محمد بن عمرو ، حدثنا أبو سلمة ،
عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن الكريم ابن
الكريم ابن الكريم ابن الكريم ، يوسف بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم خليل
الرحمن "

تفرد به أحمد

ثم مما يدل على أن إبراهيم أفضل من موسى الحديث الذي قال فيه : " وأخرت الثالثة ليوم يرغب إلى الخلق كلهم حتى إبراهيم "

رواه مسلم من حديث أبي بن كعب رضي الله عنه

وهذا هو المقام المحمود الذي أخبر عنه صلوات الله وسلامه عليه بقوله : "
أنا سيد ولد آدم يوم القيامة ولا فخر " ثم ذكر استشفاع الناس بآدم ، ثم
بنوح ، ثم إبراهيم ، ثم موسى ، ثم عيسى ، فكلهم يحيد عنها حتى يأتوا محمداً
صلى الله عليه وسلم فيقول : " أنا لها ، أنا لها " الحديث بتمامه

وقال البخاري : حدثنا علي بن عبد الله ، حدثنا يحيى بن سعيد ، حدثنا عبيد
الله : حدثني سعيد ، عن أبي هريرة قال : قيل : يا رسول الله من أكرم
الناس قال : " أكرمهم أتقاهم " فقالوا : ليس عن هذا نسألك قال : " فأكرم
الناس يوسف بني الله ، ابن نبي الله ابن نبي الله ابن خليل الله " قالوا :
ليس عن هذا نسألك قال : " فعن معادن العرب تسألونني ؟ قالوا : نعم قال :
فخيارهم في الجاهلية خيارهم في الإسلام إذا فقهوا "

وهكذا رواه البخاري في مواضع آخر و مسلم و النسائي من طرق ، عن يحيى بن سعيد القطان ، عن عبيد الله - وهو ابن عمر العرى به

ثم قال البخاري : قال أبو أسام ومعتمر عن عبيد الله ، عن سعيد ، عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم

قلت : وقد أسنده في موضع آخر من حديثهما ، وحديث عبيدة بن سليمان و
النسائي من حديث محمد بن بشر ، أربعهم عن عبيد الله بن عمر ، عن سعيد ، عن
أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم ولم يذكروا أباه

وقال أحمد : حدثنا محمد بن بشر ، حدثنا محمد بن عمر ، حدثنا أبو سلمة ،
عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن الكريم ابن
الكريم ابن الكريم ابن الكريم يوسف بن يعقوب ابن إسحاق بن إبراهيم خليل
الله " تفرد به أحمد

وقال البخاري : إسحاق بن منصور ، أخبرنا عبد الصمد ، حدثنا عبد الرحمن بن
عبيد الله ، عن أبيه عن ابن عمر ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : "
الكريم بن الكريم ابن الكريم ابن الكريم يوسف ابن يعقوب بن إسحاق بن
إبراهيم "

تفرد به من طريق عبد الرحمن بن عبد الله بن دينار ، عن أبيه ، عن ابن عمر به

فأما الحديث الذي رواه الإمام أحمد : حدثنا يحيى ، عن سفيان : حدثني
مغيرة بن النعمان ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس ، عن النبي صلى الله
عليه وسلم : " يحشر الناس عراة غرلا ، فأول من يكسى إبراهيم عليه السلام "
ثم قرأ : " كما بدأنا أول خلق نعيده " فأخرجاه في الصحيحين من حديث سفيان
الثوري وشعبة بن الحجاج ، كلاهما عن مغيرة بن النعمان النخعي الكوفي ، عن
سعيد بن جبير ، بن ابن عباس به

وهذه الفضيلة المعينة لا تقتضي الأفضلية بالنسبة إلى ما قابلها مما ثبت لصاحب المقام الحمود ، الذي يغبطه به الأولون والآخرون

وأما الحديث الآخر الذي قال الإمام أحمد : حدثنا وكيع وأبو نعيم ، حدثنا
سفيان - وهو الثوري - عن مختار بن مختار بن فلفل ، عن أنس بن مالك ، قال :
قال رجل للنبي صلى الله عليه وسلم : يا خير البرية قال : " ذاك إبراهيم "
فقد رواه مسلم من حديث الثوري وعبد الله بن إدريس وعلى بن مشهر ومحمد بن
فضيل ، أربعتهم عن المختار بن فلفل

وهذا باب الهضم والتواضع مع والده الخليل عليه السلام كما قال : " لا
تفضلوني على الأنبياء " وقال : " لا تفضلوني على موسى ، فإن الناس يصعقون
يوم القيامة فأكون أول من يفيق ، فأوجد موسى باطشاً بقائمة العرش ، فلا
أدرى أفاق قبلي أم جوزي بصعقة الطور " ؟

وهكذا كله لا ينافي ما ثبت بالتواتر عنه صلوات الله وسلامه عليه من أنه سيد
ولد آدم يوم القيامة وكذلك حديث أبي بن كعب في صحيح مسلم : " وأخرت
الثالثة ليوم يرغب إلى الخلق كلهم حتى إبراهيم "

ولما كان إبراهيم عليه السلام أفضل الرسل وأولي العزم بعد محمد صلوات الله
وسلامه عليهم أجمعين ، أمر المصلى أن يقول في تشهده ، ما ثبت في الصحيحين
من حديث كعب بن عجرة وغيره ، قال : قلنا : يا رسول الله هذا السلام عليك
قد عرفناه ، فكيف الصلاة عليك ؟ قال : " قولوا اللهم صل على محمد وعلى آل
محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم ، وبارك على محمد وعلى آل محمد
كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم ، إنك حميد مجيد "
وقال الله تعالى : " وإبراهيم الذي وفى " قالوا : وفي جميع ما أمر به وقام
بجميع خصال الإيمان وشعبه ، وكان لا يشغله مرعاة الأمر الجليل عن القيام
بمصلحة الأمر القليل ، ولا ينسيه القيام بأعباء المصالح الكبار عن الصغار

قال عبد الرزاق : أنبأنا معمر ، عن ابن طاووس عن أبيه ، عن ابن عباس في
قوله تعالى : " وإذ ابتلى إبراهيم ربه بكلمات فأتمهن " قال : ابتلاه الله
بالطهارة : خمس في الرأس ، وخمس في الجسد في الرأس : قص الشارب ، والمضمضة
، والسواك ، والإستنشاق ، وفرق الرأس وفي الجسد : تقليم الأظافر ، وحلق
العانة ، والختان ، ونتف الإبط ، وغسل أثر الغائظ والبول بالماء رواه ابن
أبي حاتم

وقال : وروي عن سعيد بن المسيب ومجاهد والشعبي والنخعي وأبي صالح وأبي الجلد نحو ذلك

قلت : وفي الصحيحين عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : "
القطرة خمس : الختان ، والإستحداد ، وقص الشارب ، وتقليم الأظفار ، ونتف
الإبط "

وفي صحيح مسلم وأهل السنن من حديث وكيع ، عن زكريا ابن أبي زائدة ، عن
مصعب ابن شيبة العبدري المكي الحجي ، عن طلق بن حبيب العنزي ، عن عبد الله
بن الزربي ، عن عائشة قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " عشر من
الفطرة : قص الشارب ، وإعفاء اللحية ، والسواك ، واستنشاق الماء ، وقص
الأظفار ، وغسل البراجم ، ونتف الإبط وحلق العانة ، وانتقاص الماء - يعني
الإستنجاء "

وسأتي في ذكر مقدار عمره والكلام على الختان

والمقصود أنه عليه الصلاة والسلام كان لا يشغله القيام بالإخلاص لله عز وجل
وخضوع العبادة العظيمة ، عن مراعاة مصلحة بدنه ، وإعطاء كل عضو ما يستحقه
من الإصلاح والتحسين ، وإزالة ما يشين ، من زيادة شعر أو ظفر أو وجود قلح
أو وسخ

فهذا من جملة قوله تعالى في حقه من المدح العظيم : " وإبراهيم الذي وفى

قصَصُ الأنبيَاء 500092465

قصَصُ الأنبيَاء 500092465

تحياتي لكم

قصَصُ الأنبيَاء 500092465

قصَصُ الأنبيَاء 500092465

قصَصُ الأنبيَاء 483098003
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
المدير
AMINE PàTCHIKà
AMINE PàTCHIKà
المدير


الجنس : ذكر
الابراج الدلو
تاريخ الميلاد تاريخ الميلاد : 25/01/1988
العمر : 36

المدير العام
منتديات أمين عبلة الحب :

قصَصُ الأنبيَاء Empty
مُساهمةموضوع: رد: قصَصُ الأنبيَاء   قصَصُ الأنبيَاء Emptyالجمعة يناير 11, 2013 2:24 pm

قصَصُ الأنبيَاء 500092465

قصَصُ الأنبيَاء 500092465

ذكر قصره في الجنة

قصَصُ الأنبيَاء 500092465



قصَصُ الأنبيَاء 500092465

قال الحافظ أبو بكر البزار : حدثنا أحمد بن سنان القطان الواسطي ومحمد بن
موسى القطان قالا : حدثنا يزيد بن هارون حدثنا حماد بن سلمة ، عن سماك عن
عكرمة ، عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن في
الجنة قصراً - أحسبه قال من لؤلؤة - ليس في فصم ولا وهي أعده الله لخليله
إبراهيم عليه السلام نزلاً " قال البزار : وحدثنا أحمد بن جميل المروزي ،
حدثنا النضر بن شميل : حدثنا حماد بن سلمة ، عن سماك عن عكرمة ، عن أبي
هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم بنحوه

ثم قال : وهذا الحديث لا نعلم من رواه عن حماد بن سلمة فأسنده إلا يزيد بن هارون والنضير بن شميل ، وغيرهما يرويه موقوفاً

قلت : لولا هذه العلة لكان على شرط الصحيح ، ولم يخرجوه

ذكر صفة إبراهيم عليه السلام

قال الإمام أحمد : حدثنا يونس وحجين قالا : حدثنا الليث ، عن أبي الزبير ،
عن جابر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : " عرض على الأنبياء ،
فإذا موسى ضرب من الرجال كأنه من رجال شنوءة ، ورأيت عيسى بن مريم فإذا
أقرب من رأيت شبهاً عروة ابن مسعود ، ورأيت إبراهيم فإذا أقرب من رأيت به
شبهاً دحية "

تفرد به الإمام أحمد من هذا الوجه وبهذا اللفظ

وقال أحمد : حدثنا أسود بن عامر ، حدثنا إسرائيل ، عن عثمان - يعني ابن
المغيرة - عن مجاهد عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "
رأيت عيسى ابن مريم وموسى وإبراهيم ، فأما عيسى فأحمر جعد عريض الصدر ،
وأما موسى فآدم جسيم " قالوا له : فإبراهيم ؟ قال : انظروا إلى صاحبكم
يعني نفسه

وقال البخاري : حدثنا بيان بن عمرو ، حدثنا النضر ، أخبرنا ابن عون ، عن
مجاهد ، أنه سمع ابن عباس ، وذكروا له الدجال وأنه مكتوب بين عينيه كافر
أو ك ف ر فقال : لم أسمعه ، ولكنه قال : قال صلى الله عليه وسلم : " أما
إبراهيم فانظروا إلى صاحبكم ، وأما موسى فجعد آدم على جمل أحمر مخطوم بخلبة
كأني انظر إليه انحد في الوادي "

ورواه البخاري أيضاً و مسلم ، عن محمد بن المثنى ، عن ابن أبي عدي ، عن
عبد الله بن عون به وهكذا رواه البخاري أيضاً في كتاب الحج وفي
اللباس و مسلم ، جميعاً عن محمد بن المثنى عن ابن أبي عدي ، عن عبد الله
بن عون به


قصَصُ الأنبيَاء 500092465

قصَصُ الأنبيَاء 500092465

تحياتي لكم

قصَصُ الأنبيَاء 500092465

قصَصُ الأنبيَاء 500092465

قصَصُ الأنبيَاء 483098003
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
المدير
AMINE PàTCHIKà
AMINE PàTCHIKà
المدير


الجنس : ذكر
الابراج الدلو
تاريخ الميلاد تاريخ الميلاد : 25/01/1988
العمر : 36

المدير العام
منتديات أمين عبلة الحب :

قصَصُ الأنبيَاء Empty
مُساهمةموضوع: رد: قصَصُ الأنبيَاء   قصَصُ الأنبيَاء Emptyالجمعة يناير 11, 2013 2:26 pm

قصَصُ الأنبيَاء 500092465

قصَصُ الأنبيَاء 500092465

ذكر وفاة إبراهيم الخليل وما قيل في عمره

قصَصُ الأنبيَاء 500092465



قصَصُ الأنبيَاء 500092465

ذكر ابن جرير في تاريخه : أن مولده كان في زمن النمرود بن كنعان ، وهو -
فيما قيل - الضحاك الملك المشهور ، الذي يقال إنه ملك ألف سنة ، وكان في
غاية الغشم والظلم

وذكر بعضهم أنه من بني راسب الذي بعث إليهم نوح عليه السلام ، وأنه كان إذ
ذاك ملك الدنيا ، وذكروا أنه طلع نجم أخفى ضوء الشمس والقمر ، فهلك ذلك أهل
ذلك الزمان ، وفزع النمرود فجمع الكهنة والمنجمين وسألهم عن ذلك ، فقالوا :
يولد مولود في رعيتك يكون زوال ملكك على يديه ، فأمر عند ذلك بمنع الرجال
عن النساء ، وأن يقتل المولودون من ذلك الحين ، فكان مولد إبراهيم الخليل
في ذلك الحين ، فحماه الله عز وجل وصانه من كيد الفجار ، وشب شباباً باهراً
، وأنبته الله نباتاً حسناً ، حتى كان من أمره ما تقدم

وكام مولده بالسوس وقيل ببابل وقيل بالسواد من ناحية كوثي وتقدم عن
ابن عباس أنه ولد ببرزة شرقي دمشق فلما أهلك الله نمرود على يديه هاجر إلى
حران ، ثم إلى أرض الشام ، وأقام ببلاد إيليا كما ذكرنا ، وولد له
إسماعيل وإسحاق وماتت سارة قبله بقرية حبرون التي في أرض كنعان ، ولها
من العمر مائة وسبع وعشرون سنة فيما ذكر أهل الكتاب فحزن عليها إبراهيم
عليه السلام ، ورثاها رحمها الله ، واشترى من رجل من بني حيث يقال له
عفرون بن صخر مغارة بأربعمائة مثقال ، ودفن فيها سارة هنالك

قالوا : ثم خطب إبراهيم على ابنه إسحاق فزوجه رفقا بنت بتوئيل بن ناحور
بن تارح ، وبعث مولاه فحملها من بلادها ومعها مرضعتها وجواريها على الإبل

قالوا : ثم تزوج إبراهيم عليه السلام قنطوراً فولدت له زمران ، وبقشان ،
ومادان ، ومدين ، وشياق ، وشوح وذكروا ما ولد كل واحد من هؤلاء أولاد
قنطوراً

وقد روى ابن عساكر من غير واحد من السلف ، عن أخبار أهل الكتاب في صفة مجيء
ملك الموت إلى إبراهيم عليه السلام أخباراً كثيراً الله أعلم بصحتها وقد
قيل إنه مات فجأة ، وكذا داود وسليمان والذي ذكره أهل الكتاب وغيرهم خلاف
ذلك

قالوا : ثم مرض إبراهيم عليه السلام ، ومات عن مائة وخمس وسبعين ، وقيل
وتسعين سنة ، ودفن في المغارة المذكورة التي كان بحبرون الحيثي عند امرأته
سارة التي في مزرعة عفرون الحيثي ، وتولى دفنه إسماعيل وإسحاق صوات الله
وسلامه عليهم أجمعين ، وقد ورد ما يدل على أنه عاش مائتي سنة كما قاله ابن
الكلبي

فقال أبو حاتم بن حبان في صحيحه : أنبأنا المفضل بن محمد الجندي بمكة ،
حدثنا علي بن زياد اللخمي : حدثنا أبو قرة ، عن ابن جريج ، عن يحيى بن
سعيد عن سعيد بن المسيب ، عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : "
اختتن إبراهيم بالقدوم وهو ابن عشرون ومائة سنة ، وعاش بعد ذلك ثمانين سنة
"

وقد رواه الحافظ ابن عساكر من طريق عكرمة بن إبراهيم وجعفر بن عون العمري ، عن يحيى بن سعيد ، عن سعيد عن أبي هريرة موقوفاً

ثم قال ابن حبان : ذكر الخبر المدحض قول من زعم أن رفع هذا الخبر وهم :
أخبرنا محمد بن عبد الله بن الجنيد ، حدثنا قتيبة بن سعيد ، حدثنا الليث ،
عن ابن عجلان ، عن أبيه عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : "
اختتن إبراهيم حين بلغ عشرين ومائة سنة ، وعاش بعد ذلك ثمانين سنة ، واختتن
بقدوم "

وقد رواه الحافظ ابن عساكر من طريق يحيى بن سعيد ، عن ابن عجلان ، عن أبيه عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم

ثم روى ابن حبان عن عبد الرزاق أنه قال : القدوم اسم القرية

قلت : الذي في الصحيح أنه اختتن وقد أتت عليه ثمانون سنة ، وفي رواية : وهو
ابن ثمانين سنة ، وليس فيهما تعرض لما عاش بعد ذلك والله أعلم

وقال محمد بن إسماعيل الحساني الواسطي : زاد في تفسير وكيع عنه فيما ذكره
من الزيادات ، حدثنا أبو معاوية ، عن يحيى بن سعيد ، عن سعيد بن المسيب ،
عن أبي هريرة قال : كان إبراهيم أول من تسرول ، وأول من فرق ، وأول من
استحد ، وأول من اختتن بالقدوم ، وهو ابن عشرين ومائة سنة ، وعاش بعد ذلك
ثمانين سنة ، وأول من قرى الضيف وأول من شاب

فكذا رواه موقوفاً وهو أشبه بالمرفوع ، خلافاً لابن حبان والله أعلم

وقال مالك عن يحيى بن سعيد بن المسيب قال : كان إبراهيم أول من أضاف الضيف ،
وأول الناس اختتن ، وأول الناس قص شاربه ، وأول الناس رأى الشيب فقال :
يارب ما هذا ؟ فقال الله : وقار فقال : يا رب زدني وقاراً

وزاد غيرهما : وأول من قص شاربه ، وأول من استحد ، وأول من لبس السراويل

فقبره وقبر ولده إسحاق وقبر ولد ولده يعقوب في المربعة التي بناها سليمان
بن داود عليه السلام ببلد حبرون ، وهو البلد المعروف بالخليل اليوم وهذا
متلقى بالتواتر أمة بعد أمة وجيلاً بعد جيل من زمن بني إسرائيل وإلى زماننا
هذا ، أن قبره بالمربعة تحقيقاً فأما تعيينه منها فليس فيه خبر صحيح عن
المعصوم فينبغي أن تراعى تلك المحلة وأن تحترم إحترام مثلها ، وأن تبجل
وأن تجل وأن يداس في أرجائها ، خشية أن يكون قبر الخليل أو أحد أولاده
الأنبياء عليهم السلام تحتها

وروى ابن عساكر بسنده إلى وهب بن منبه قال : وجد عند قبر إبراهيم الخليل على حجر كتابة خلقه :

ألهى جهولاً أمله يموت من جاء أجله

ومن دنا من حتفه لم تغن عنــه حيلــه

وكيف يبقى آخراً من مـات عنـه أولـه

والمرء لا يصحبـه في القبر إلا عملـــه


ذكر أولاد إبراهيم الخليل

أول من ولد له : إسماعيل من هاجر القبطية المصرية ، ثم ولد له إسحاق من
سارة بنت عم الخليل ، ثم تزوج بعدها قنطوراً بنت يقطن الكنعاية فولدت له
ستة : مدين ، وزمران ، وسرج ، ويقشان ، ونشق ، ولم يسم السادس ، ثم تزوج
بعدها حجون بنت أمين ، فولدت له خمسة : كيسان وسورج ، وأميم ، ولوطان ،
ونافس

هكذا ذكره أبو القاسم السهيلي في كتابه التعريف والأعلام

قصَصُ الأنبيَاء 500092465

قصَصُ الأنبيَاء 500092465

تحياتي لكم

قصَصُ الأنبيَاء 500092465

قصَصُ الأنبيَاء 500092465

قصَصُ الأنبيَاء 483098003
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
المدير
AMINE PàTCHIKà
AMINE PàTCHIKà
المدير


الجنس : ذكر
الابراج الدلو
تاريخ الميلاد تاريخ الميلاد : 25/01/1988
العمر : 36

المدير العام
منتديات أمين عبلة الحب :

قصَصُ الأنبيَاء Empty
مُساهمةموضوع: رد: قصَصُ الأنبيَاء   قصَصُ الأنبيَاء Emptyالجمعة يناير 11, 2013 2:28 pm

قصَصُ الأنبيَاء 500092465



قصَصُ الأنبيَاء 500092465

قصة لوط عليه السلام

قصَصُ الأنبيَاء 500092465



قصَصُ الأنبيَاء 500092465

ومما وقع في حياة إبراهيم الخليل من الأمور العظيمة : قصة قوم لوط عليه السلام ، وما حل بهم من النقمة العميمة

وذلك أن لوطاً بن هاران بن تارح - وهو آزر كما تقدم - ولوط ابن أخي إبراهيم
الخليل ، فإبراهيم وهاران وناحور أخوة كما قدمنا ، ويقال إن هاران هذا هو
الذي بنى حران وهذا ضعيف لمخالفته ما بأيدى أهل الكتاب والله تعالى أعلم


وكان لوط قد نزح عن محلة عمه الخليل عليهما السلام بأمره له وإذنه ، فنزل
بمدينة سدوم من أرض غور زغر ، وكان أم تلك المحلة ولها أرض ومعتملات وقرى
مضافة إليها ، ولها أهل من أفجر الناس وأكفرهم وأسوأهم طوية ، وأردأهم
سريرة وسيرة ، يقطعون السبيل ويأتون في ناديهم المنكر ، ولا يتناهون عن
منكر فعله لبئس ما كانوا يفعلون

ابتدعوا فاحشة لم يسبقهم إليها أحد من بن آدم ، وهي إتيان الذكران من العالمين ، وترك ما خلق الله عن النسوان لعباده الصالحين

فدعاهم لوط إلى عبادة الله تعالى وحده لا شريك له ، ونهاهم عن تعاطي هذه
المحرمات والفواحش المنكرات ، والأفاعيل المستقبحات فتمادوا على ضلالهم
وطغيانهم ، واستمروا على فجورهم وكفرانهم ، فأحل الله بهم من البأس الذي لا
يرد ما لم يكن في خلدهم وحسابهم ، وجعلهم مثلة في العالمين ، وعبرة يتعظ
بها الألباء من العالمين

ولهذا ذكر الله تعالى قصتهم في غير ما موضع في كتابه المبين فقال تعالى في
سورة الأعراف : " ولوطا إذ قال لقومه أتأتون الفاحشة ما سبقكم بها من أحد
من العالمين * إنكم لتأتون الرجال شهوة من دون النساء بل أنتم قوم مسرفون *
وما كان جواب قومه إلا أن قالوا أخرجوهم من قريتكم إنهم أناس يتطهرون *
فأنجيناه وأهله إلا امرأته كانت من الغابرين * وأمطرنا عليهم مطرا فانظر
كيف كان عاقبة المجرمين "

وقال تعالى في سورة هود : " ولقد جاءت رسلنا إبراهيم بالبشرى قالوا سلاما
قال سلام فما لبث أن جاء بعجل حنيذ * فلما رأى أيديهم لا تصل إليه نكرهم
وأوجس منهم خيفة قالوا لا تخف إنا أرسلنا إلى قوم لوط * وامرأته قائمة
فضحكت فبشرناها بإسحاق ومن وراء إسحاق يعقوب * قالت يا ويلتى أألد وأنا
عجوز وهذا بعلي شيخا إن هذا لشيء عجيب * قالوا أتعجبين من أمر الله رحمة
الله وبركاته عليكم أهل البيت إنه حميد مجيد * فلما ذهب عن إبراهيم الروع
وجاءته البشرى يجادلنا في قوم لوط * إن إبراهيم لحليم أواه منيب * يا
إبراهيم أعرض عن هذا إنه قد جاء أمر ربك وإنهم آتيهم عذاب غير مردود * ولما
جاءت رسلنا لوطا سيء بهم وضاق بهم ذرعا وقال هذا يوم عصيب * وجاءه قومه
يهرعون إليه ومن قبل كانوا يعملون السيئات قال يا قوم هؤلاء بناتي هن أطهر
لكم فاتقوا الله ولا تخزون في ضيفي أليس منكم رجل رشيد * قالوا لقد علمت ما
لنا في بناتك من حق وإنك لتعلم ما نريد * قال لو أن لي بكم قوة أو آوي إلى
ركن شديد * قالوا يا لوط إنا رسل ربك لن يصلوا إليك فأسر بأهلك بقطع من
الليل ولا يلتفت منكم أحد إلا امرأتك إنه مصيبها ما أصابهم إن موعدهم الصبح
أليس الصبح بقريب * فلما جاء أمرنا جعلنا عاليها سافلها وأمطرنا عليها
حجارة من سجيل منضود * مسومة عند ربك وما هي من الظالمين ببعيد "

وقال تعالى في سورة الحجر : " ونبئهم عن ضيف إبراهيم * إذ دخلوا عليه
فقالوا سلاما قال إنا منكم وجلون * قالوا لا توجل إنا نبشرك بغلام عليم *
قال أبشرتموني على أن مسني الكبر فبم تبشرون * قالوا بشرناك بالحق فلا تكن
من القانطين * قال ومن يقنط من رحمة ربه إلا الضالون * قال فما خطبكم أيها
المرسلون * قالوا إنا أرسلنا إلى قوم مجرمين * إلا آل لوط إنا لمنجوهم
أجمعين * إلا امرأته قدرنا إنها لمن الغابرين * فلما جاء آل لوط المرسلون *
قال إنكم قوم منكرون * قالوا بل جئناك بما كانوا فيه يمترون * وأتيناك
بالحق وإنا لصادقون * فأسر بأهلك بقطع من الليل واتبع أدبارهم ولا يلتفت
منكم أحد وامضوا حيث تؤمرون * وقضينا إليه ذلك الأمر أن دابر هؤلاء مقطوع
مصبحين * وجاء أهل المدينة يستبشرون * قال إن هؤلاء ضيفي فلا تفضحون *
واتقوا الله ولا تخزون * قالوا أولم ننهك عن العالمين * قال هؤلاء بناتي إن
كنتم فاعلين * لعمرك إنهم لفي سكرتهم يعمهون * فأخذتهم الصيحة مشرقين *
فجعلنا عاليها سافلها وأمطرنا عليهم حجارة من سجيل * إن في ذلك لآيات
للمتوسمين * وإنها لبسبيل مقيم * إن في ذلك لآية للمؤمنين "

وقال تعالى في سورة الشعراء : " كذبت قوم لوط المرسلين * إذ قال لهم أخوهم
لوط ألا تتقون * إني لكم رسول أمين * فاتقوا الله وأطيعون * وما أسألكم
عليه من أجر إن أجري إلا على رب العالمين * أتأتون الذكران من العالمين *
وتذرون ما خلق لكم ربكم من أزواجكم بل أنتم قوم عادون * قالوا لئن لم تنته
يا لوط لتكونن من المخرجين * قال إني لعملكم من القالين * رب نجني وأهلي
مما يعملون * فنجيناه وأهله أجمعين * إلا عجوزا في الغابرين * ثم دمرنا
الآخرين * وأمطرنا عليهم مطرا فساء مطر المنذرين * إن في ذلك لآية وما كان
أكثرهم مؤمنين * وإن ربك لهو العزيز الرحيم "

وقال تعالى في سورة النمل : " ولوطا إذ قال لقومه أتأتون الفاحشة وأنتم
تبصرون * أإنكم لتأتون الرجال شهوة من دون النساء بل أنتم قوم تجهلون * فما
كان جواب قومه إلا أن قالوا أخرجوا آل لوط من قريتكم إنهم أناس يتطهرون *
فأنجيناه وأهله إلا امرأته قدرناها من الغابرين * وأمطرنا عليهم مطرا فساء
مطر المنذرين "

وقال تعالى في سورة العنكبوت : " ولوطا إذ قال لقومه إنكم لتأتون الفاحشة
ما سبقكم بها من أحد من العالمين * أإنكم لتأتون الرجال وتقطعون السبيل
وتأتون في ناديكم المنكر فما كان جواب قومه إلا أن قالوا ائتنا بعذاب الله
إن كنت من الصادقين * قال رب انصرني على القوم المفسدين * ولما جاءت رسلنا
إبراهيم بالبشرى قالوا إنا مهلكوا أهل هذه القرية إن أهلها كانوا ظالمين *
قال إن فيها لوطا قالوا نحن أعلم بمن فيها لننجينه وأهله إلا امرأته كانت
من الغابرين * ولما أن جاءت رسلنا لوطا سيء بهم وضاق بهم ذرعا وقالوا لا
تخف ولا تحزن إنا منجوك وأهلك إلا امرأتك كانت من الغابرين * إنا منزلون
على أهل هذه القرية رجزا من السماء بما كانوا يفسقون * ولقد تركنا منها آية
بينة لقوم يعقلون "

وقال تعالى في سورة الصافات : " وإن لوطا لمن المرسلين * إذ نجيناه وأهله
أجمعين * إلا عجوزا في الغابرين * ثم دمرنا الآخرين * وإنكم لتمرون عليهم
مصبحين * وبالليل أفلا تعقلون "

وقال تعالى في سورة الذاريات بعد قصة ضيف إبراهيم وبشارتهم إياه بغلام عليم
: " قال فما خطبكم أيها المرسلون * قالوا إنا أرسلنا إلى قوم مجرمين *
لنرسل عليهم حجارة من طين * مسومة عند ربك للمسرفين * فأخرجنا من كان فيها
من المؤمنين * فما وجدنا فيها غير بيت من المسلمين * وتركنا فيها آية للذين
يخافون العذاب الأليم "

وقال في سورة القمر : " كذبت قوم لوط بالنذر * إنا أرسلنا عليهم حاصبا إلا
آل لوط نجيناهم بسحر * نعمة من عندنا كذلك نجزي من شكر * ولقد أنذرهم
بطشتنا فتماروا بالنذر * ولقد راودوه عن ضيفه فطمسنا أعينهم فذوقوا عذابي
ونذر * ولقد صبحهم بكرة عذاب مستقر * فذوقوا عذابي ونذر * ولقد يسرنا
القرآن للذكر فهل من مدكر "

وقد تكلمنا على هذه القصص في أماكنها من هذه السور في التفسير

وقد ذكر الله لوطاً وقومه في مواضع أخر من القرآن ، تقدم ذكها مع نوح وعاد وثمود

والمقصود الآن إيراد ما كان من أمرهم ، وما أحل الله لهم ، مجموعاً من الآيات والآثار وبالله المستعان

وذلك أن لوطاً عليه السلام لما دعاهم إلى عبادة الله وحده لا شريك له
ونهاهم عن تعاطي ما ذكر الله عنهم من الفواحش ، لم يستجيبوا له ولم يؤمنوا
به حتى ولا رجل واحد منهم ، ولم يتركوا ما عنه نهوا بل استمروا على حالهم ،
ولم يرعووا عن غيهم وضلالهم ، وهموا بإخراج رسولهم من بين ظهرانيهم وما
كان حاصل جوابهم عن خطابهم إذ كانوا لا يعقلون إلا أن قالوا : " أخرجوا آل
لوط من قريتكم إنهم أناس يتطهرون " فجعلوا غاية المدح ذماً يقتضي الإخراج !
وما حملهم على مقالتهم هذه إلا العناد واللجاج

فطهره الله وأهله إلا امرأته ، وأخرجهم منها أحسن إخراج وتركهم في محلتهم
خالدين ، لكن بعد ما صيرها عليهم بحيرةً منتنة ذات أمواج ، لكنها عليهم في
الحقيقة نار تأجج ، وحر يتوهج ، ماؤها ملح أجاج

وما كان هذا جوابهم إلا لما نهاهم عن ارتكاب الطامة العظمى ، والفاحشة
الكبرى ، التي لم يسبقهم إليها أحد من العالمين أهل الدنيا ولهذا صاروا
مثلة فيها وعبرة لمن عليها

وكانوا مع ذلك يقطعون الطريق ، ويخونون الرفيق ، ويأتون في ناديهم - وهو
مجتمعهم ومحل حديثهم وسمرهم - المنكر من الأقوال والأفعال على اختلاف
أصنافه حتى قيل إنهم كانوا يتضارطون في مجالسهم ، ولا يستحون من مجالسيهم ،
وربما وقع منهم الفعلة العظيمة في المحافل ولا يستنكفون ، ولا يرعوون لوعظ
واعظ ولا نصيحة من عاقل وكانوا في ذلك وغيره كالأنعام بل أضل سبيلاً ،
ولم يقلعوا عما كانوا عليه في الحاضر ، ولا ندموا على ما سلف من الماضي ،
ولا راموا في المستقبل تحويلاً ، فأخذهم الله أخذاً وبيلاً

وقالوا له فيما قالوا : " ائتنا بعذاب الله إن كنت من الصادقين " فطلبوا
منه وقوع ما حذرهم عنه من العذاب الأليم ، وحلول البأس العظيم

فعند ذلك دعا عليهم نبيهم الكريم ، فسأل من رب العالمين وإله المرسلين أن ينصره على القوم المفسدين

فغار الله لغيرته ، وغضب لغضبته ، واستجاب لدعوته ، وأجابه إلى طلبته وبعث
رسله الكرام ، وملائكته العظام ، فمروا على الخليل إبراهيم وبشروه بالغلام
العليم ، وأخبروه بما جاءوا له من الأمر الجسيم والخطب العميم : " قال فما
خطبكم أيها المرسلون * قالوا إنا أرسلنا إلى قوم مجرمين * لنرسل عليهم
حجارة من طين * مسومة عند ربك للمسرفين " وقال : " ولما جاءت رسلنا إبراهيم
بالبشرى قالوا إنا مهلكوا أهل هذه القرية إن أهلها كانوا ظالمين * قال إن
فيها لوطا قالوا نحن أعلم بمن فيها لننجينه وأهله إلا امرأته كانت من
الغابرين " وقال الله تعالى : " فلما ذهب عن إبراهيم الروع وجاءته البشرى
يجادلنا في قوم لوط " وذلك أنه كان يرجو أن يجيبوا أن ينيبوا ويسلموا
ويقلعوا ويرجعوا ، ولهذا قال تعالى : " إن إبراهيم لحليم أواه منيب * يا
إبراهيم أعرض عن هذا إنه قد جاء أمر ربك وإنهم آتيهم عذاب غير مردود " أي
أعرض عن هذا وتكلم غيره ، فإنه قد حتم أمرهم ، ووجب عذابهم وتدميرهم
وهلاكهم ، " إنه قد جاء أمر ربك " أي قد أمر به من لا يرد أمره ، ولا يرد
بأسه ، ولا معقب لحكمه " وإنهم آتيهم عذاب غير مردود "

وذكر سعيد بن جبير والسدي وقتادة ومحمد بن إسحاق : أن إبراهيم عليه السلام
جعل يقول : أتهلكون قريةً فيها ثلاثمائة مؤمن قالوا : لا قال : فمائتا
مؤمن ؟ قالوا : لا قال : فأربعون مؤمناً ؟ قالوا : لا قال : فأربعة عشر
مؤمناً ؟ قالوا : لا قال ابن إسحاق : إلى أن قال : أفرأيتم إن كان فيها
مؤمن واحد ؟ قالوا : لا " قال إن فيها لوطا قالوا نحن أعلم بمن فيها "
الآية

وعند أهل الكتاب أنه قال : يارب أتهلكهم وفيهم خمسون رجلاً صالحاً ؟ فقال
الله : لا أهلكهم وفيهم خمسون صالحاً ثم تنازل إلى عشرة فقال الله : لا
أهلكهم وفيهم عشرة صالحون

قال الله تعالى : " ولما جاءت رسلنا لوطا سيء بهم وضاق بهم ذرعا وقال هذا
يوم عصيب " قال المفسرون : لما فصلت الملائكة من عند إبراهيم - وهم جبريل
وميكائيل وإسرافيل - أقبلوا حتى أتوا أرض سدوم ، في صور شبان حسان ،
اختباراً من الله تعالى لقوم لوط وإقامة للحجة عليهم فاستضافوا لوطاً عليه
السلام وذلك عند غروب الشمس ، فخشي إن لم يضفهم أن يضيفهم غيره ، وحسبهم
بشراً من الناس ، و " سيء بهم وضاق بهم ذرعا وقال هذا يوم عصيب " قال ابن
عباس ومجاهد وقتادة ومحمد بن إسحاق : شديد بلاؤه وذلك لما يعلم من مدافعته
الليلة عنهم ، كما كان يصنع بهم في غيرهم ، وكانوا قد اشترطوا عليه أن لا
يضيف أحداً ولكن رأى من لا يمكن المحيد عنه

وذكر قتادة : أنهم وردوا عليه وهو في أرض له يعمل فيها ، فتضيفوا فاستحيا
منهم وانطلق أمامهم ، وجعل يعرض لهم في الكلام لعلهم ينصرفون عن هذه القرية
وينزلون في غيرها ، فقال لهم فيما قال : والله يا هؤلاء ما أعلم على وجه
الأرض أهل بلد أخبث من هؤلاء ثم مشى قليلاً ، ثم أعاد ذلك عليهم حتى كرره
أربع مرات ، قال : وكانوا قد أمروا أن لا يهلكوهم حتى يشهد عليهم نبيهم
بذلك

وقال السدي : خرجت الملائكة من عند إبراهيم نحو قرية لوط ، فأتوها نصف
النهار ، فلما بلغوا نهر سدوم لقوا ابنة لوط تستقي من الماء لأهلها ، وكانت
له ابنتان ؟ اسم الكبرى ريثا والصغرى زغرتا فقالوا لها : يا جارية
هل من منزل ؟ فقالت لهم : نعم ، مكانكم لا تدخلوا حتى آتيكم شفقة عليهم من
قومها ، فأتت أباها فقالت : يا أبتاه أرادك فتيان على باب المدينة ، ما
رأيت وجوه قط هي أحسن منهم ، لا يأخذهم قومك فيفضحوهم وقد كان قومه نهوه
أن يضيف رجلاً فقالوا : خل عنا فلنضيف الرجال

فجاء بهم فلم يعلم أحد إلا أهل البيت ، فخرجت امرأته فأخبرت قومها ، فقالت :
إن في بيت لوط رجالاً ما رأيت مثل وجوههم قط فجاءه قومه يهرعون إليه

وقوله : " ومن قبل كانوا يعملون السيئات " أي هذا مع ما سلف لهم من الذنوب
العظيمة الكبيرة الكثيرة ، " قال يا قوم هؤلاء بناتي هن أطهر لكم " يرشدهم
إلى غشيان نسائهم وهن بناته شرعاً ، لأن النبي للأمة بمنزلة الوالد ، كما
ورد في الحديث ، وكما قال تعالى : " النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم
وأزواجه أمهاتهم " وفي قول بعض الصحابة والسلف : وهو أب لهم وهذا كقوله : "
أتأتون الذكران من العالمين * وتذرون ما خلق لكم ربكم من أزواجكم بل أنتم
قوم عادون "

وهذا هو الذي نص عليه مجاهد وسعيد بن جبير والربيع بن أنس وقتادة والسدي ومحمد بن إسحاق ، وهو الصواب

والقول الآخر خطأ مأخوذ من أهل الكتاب ، وقد تصحف عليهم كما أخطئوا في
قولهم : إن الملائكة كانوا اثنين ، وإنهم تعشوا عنده ، وقد خبط أهل الكتاب
في هذه القصة تخبيطاً عظيماً

وقوله : " فاتقوا الله ولا تخزون في ضيفي أليس منكم رجل رشيد " نهى لهم عن
تعاطي ما لا يليق من الفاحشة ، وشهادة عليهم بأنه ليس فيهم رجل له مسكة ولا
فيه خير ، بل الجميع سفهاء ، فجرة أقوياء ، كفرة أغبياء

وكان هذا من جملة ما أراد الملائكة أن يسمعوه منه من قبل أن يسألوه عنه

فقال قومه ، عليهم لعنة الله الحميد المجيد ، مجيبين لنبيهم فيما أمرهم به
من الأمر السديد : " لقد علمت ما لنا في بناتك من حق وإنك لتعلم ما نريد "
يقولون - عليهم لعائن الله - لقد علمت يا لوط أنه لا أرب لنا في نسائنا ،
وإنك لتعلم مرادنا وغرضنا

واجهوا بهذا الكلام القبيح رسولهم الكريم ، ولم يخافوا سطوة العظيم ، ذي
العذاب الأليم ولهذا قال عليه السلام : " لو أن لي بكم قوة أو آوي إلى ركن
شديد " ود أن لو كان له بهم قوة أو له منعة وعشيرة ينصرونه عليهم ، ليحل
بهم ما يستحقونه من العذاب على هذا الخطاب

وقد قال الزهري عن سعيد بن المسيب وأبي سلمة عن أبي هريرة مرفوعاً : " نحن
أحق بالشك من إبراهيم ، ويرحم الله لوطاً ، لقد كان يأوي إلى ركن شديد ،
ولو لبثت في السجن ما لبث يوسف لأجبت الداعى "

ورواه أبو الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة

وقال محمد بن عمرو بن علقمة عن أبي سلمة عن أبي هريرة : أن رسول الله صلى
الله عليه وسلم قال : " رحمة الله على لوط ، إن كان يأوي إلى ركن شديد -
يعني الله عز وجل - فما بعث الله بعده من نبي إلا في ثروة من قومه "

وقال تعالى : " وجاء أهل المدينة يستبشرون * قال إن هؤلاء ضيفي فلا تفضحون *
واتقوا الله ولا تخزون * قالوا أولم ننهك عن العالمين * قال هؤلاء بناتي
إن كنتم فاعلين " فأمرهم بقربان نسائهم ، وحذرهم الإستمرار على طريقتهم
وسيآتهم

وهذا وهم فذي ذلك لا ينتهون ولا يرعوون ، بل كلما نهاهم يبالغون في تحصيل هؤلاء

الضيفان ويحرصون ، ولم يعلموا ما حم به القدر مما هم إليه صائرون ، وصبيحة ليلتهم إليه منقلبون

ولهذا قال تعالى مقسماً بحياة نبيه محمد صلوات الله وسلامه عليه : " لعمرك
إنهم لفي سكرتهم يعمهون " وقال تعالى : " ولقد أنذرهم بطشتنا فتماروا
بالنذر * ولقد راودوه عن ضيفه فطمسنا أعينهم فذوقوا عذابي ونذر * ولقد
صبحهم بكرة عذاب مستقر "

ذكر المفسرون وغيرهم : أن نبي الله لوطاً عليه السلام جعل يمانع قومه
الدخول ويدافعهم الباب مغلق ، وهم يرومون فتحه وولوجه ، وهو يعظهم وينهاهم
من وراء الباب ، وكل ما لهم في إلحاح وإنحاح ، فلما ضاق الأمر وعسر الحال
قال ما قال : " لو أن لي بكم قوة أو آوي إلى ركن شديد " لأحللت بكم النكال

قالت الملائكة : " يا لوط إنا رسل ربك لن يصلوا إليك " وذكروا أن جبريل
عليه السلام خرج عليهم ، فضرب وجوههم خفقة بطرف جناحه فطمست أعينهم ، حتى
قيل إنها غارت بالكلية ولم يبق لها محل ولا عين ولا أثر ، فرجعوا يتحسسون
مع الحيطان ، ويتوعدون رسول الرحمن ، ويقولون : إذا كان الغد كان لنا وله
شأن !

قال الله تعالى : " ولقد راودوه عن ضيفه فطمسنا أعينهم فذوقوا عذابي ونذر * ولقد صبحهم بكرة عذاب مستقر "

فذلك أن الملائكة تقدمت إلى لوط عليه السلام آمرين له بأن يسري هو وأهله من
آخر الليل " ولا يلتفت منكم أحد " ، يعني عند سماع صوت العذاب إذا حل
بقومه وأمروه أن يكون سيره في آخرهم كالساقة لهم

وقوله : " إلا امرأتك " على قراءة النصب : يحتمل أن يكون مستثنى من قوله : "
فأسر بأهلك " كأنه يقول إلا امرأتك فلا تسر بها ، ويحتمل أن يكون من قوله :
" ولا يلتفت منكم أحد إلا امرأتك " أي فإنها ستلتفت فيصيبها ما أصابهم ،
ويقوي هذا الإحتمال قراءة الرفع ، ولكن الأول أظهر في المعنى والله أعلم

قال السهيلي ، واسم امرأة لوط والهة واسم امرأة نوح والغة

وقالوا له مبشرين بهلاك هؤلاء البغاة العتاة ، الملعونين النظراء والأشباه
الذين جعلهم الله سلفاً لكل خائن مريب : " إن موعدهم الصبح أليس الصبح
بقريب "

فلما خرج لوط عليه السلام بأهله ، وهم ابنتاه ، لم يتبعه منهم رجل واحد ، ويقال إن امرأته خرجت معه والله أعلم

فلما خلصوا من بلادهم وطلعت الشمس فكانت عند شروقها ، جاءهم من أمر الله ما لا يرد ، ومن البأس الشديد ما لا يمكن أن يصد

وعند أهل الكتاب : أن الملائكة أمروه أن يصعد إلى رأس الجبل الذي هناك
فاستبعده ، وسأل منهم أن يذهب إلى قرية قريبة منهم ، فقالوا : اذهب فإنا
ننتظرك حتى تصير إليها وتستقر فيها ، ثم نحل بهم العذاب ، فذكروا أنه ذاهب
إلى قرية صوعر التي يقول الناس : غور زغر ، فلما أشرقت الشمس نزل بهم
العذاب

قال الله تعالى : " فلما جاء أمرنا جعلنا عاليها سافلها وأمطرنا عليها
حجارة من سجيل منضود * مسومة عند ربك وما هي من الظالمين ببعيد "

قالوا : اقتلعهن جبريل بطرف جناحه من قرارهن - وكن سبع مدن - بمن فيهن من
الأمم ، فقالوا : إنهم كانوا أربعمائة نسمة ، وقيل أربعة آلاف نسمة ، وما
معهم من الحيوانات ، وما يتبع تلك المدن من الأراضي والأماكن والمعتملات ،
فرفع الجميع حتى بلغ بهن عنان السماء ، حتى سمعت الملائكة أصوات ديكتهم
ونباح كلابهم ، ثم قلبها عليهم ، فجعل عاليها سافلها قال مجاهد : فكان أول
ما سقط منها شرفاتها

" وأمطرنا عليها حجارة من سجيل " والسجيل فارسي معرب : وهو الشديد الصلب
القوي ، " منضود " أي يتبع بعضها بعضاً في نزولها عليهم من السماء " مسومة "
أي معلمة مكتوب على كل حجر اسم صاحبه الذي يهبط عليه فيدمغه ، كما قال : "
مسومة عند ربك للمسرفين " وكما قال تعالى : " وأمطرنا عليهم مطرا فساء مطر
المنذرين "

وقال تعالى : " والمؤتفكة أهوى * فغشاها ما غشى * فبأي آلاء ربك تتمارى "
يعني قلبها فأهوى بها منكسة عاليها سافلها ، وغشاها بمطر من حجارة من سجيل :
متتابعة ، مسومة مرقومة على كل حجر اسم صاحبه الذي سقط عليه ، من الحاضرين
منهم في بلدهم ، والغائبين عنها من المسافرين والنازحين والشاذين منها

ويقال إن امرأة لوط مكثت مع قومها ، ويقال إنها خرجت مع زوجها وبنتيها ،
ولكنها لما سمعت الصيحة وسقوط البلدة ، التفتت إلى قومها وخالفت أمر ربها
قديماً وحديثاً ، وقالت : واقوماه ! فسقط عليها حجر فدمغها وألحقها بقومها ،
إذا كانت على دينهم ، وكانت عيناً لهم على من يكون عند لوط من الضيفان

كما قال تعالى : " ضرب الله مثلا للذين كفروا امرأة نوح وامرأة لوط كانتا
تحت عبدين من عبادنا صالحين فخانتاهما فلم يغنيا عنهما من الله شيئا وقيل
ادخلا النار مع الداخلين " أي خانتاهما في الدين فلم يتبعاهما فيه ، وليس
المراد أنهما كانتا على فاحشة - حاشا وكلا ولما - فإن الله لا يقدر على نبي
قط أن تبغي امرأته ، كما قال ابن عباس وغيره من أئمة السلف والخلف : ما
بغت امرأة نبي قط ، ومن قال خلاف هذا فقد أخطأ خطأً كبيراً

قال الله تعالى قصة الإفك ، لما أنزل براءة أم المؤمنين عائشة بنت الصديق ،
زوج رسول الله صلى الله عليه وسلم ، حين قال لها أهل الإفك ما قالوا ،
فعاتب الله المؤمنين وأنب وزجر ، ووعظ وحذر قال فيما قال : " إذ تلقونه
بألسنتكم وتقولون بأفواهكم ما ليس لكم به علم وتحسبونه هينا وهو عند الله
عظيم * ولولا إذ سمعتموه قلتم ما يكون لنا أن نتكلم بهذا سبحانك هذا بهتان
عظيم " أي سبحانك أن تكون زوجة نبيك بهذه المثابة

وقوله هنا : " وما هي من الظالمين ببعيد " أي وما هذه العقوبة ببعيدة ممن أشبههم في فعلهم

ولهذا ذهب من ذهب من العلماء إلى أن اللائط يرجم ، سواء أكان محصناً أو لا
ونص عليه الشافعي و أحمد بن حنبل وطائفة كثيرة من الأئمة

واحتجوا أيضاً بما رواه الإمام أحمد وأهل السنن من حديث عمرو بن أبي عمرو ، عن

عكرمة ، عن ابن عباس ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " من وجدتموه يعمل عمل قوم لوط فاقتلوا الفاعل والمفعول به "

وذهب أبو حنيفة إلى أن اللائط يلقى من شاهق جبل ويتبع بالحجارة كما فعل بقوم لوط ، لقوله تعالى : " وما هي من الظالمين ببعيد "

وجعل الله مكان تلك البلاد بحيرة منتنة لا ينتفع بمائها ، ولا بما حولها من
الأرض المتاخمة لفنائها ، لرداءتها ودناءتها ، فصارت عبرةً ومثلةً وعظةً
وآيةً على قدرة الله تعالى وعظمته ، وعزته في انتقامه ممن خالف أمره ، وكذب
رسله ، واتبع هواه وعصى مولاه ، ودليلاً على رحمته بعباده المؤمنين في
إنجائه إياهم من المهلكات ، وإخراجه إياهم من الظلمات إلى النور ، كما قال
تعالى : " إن في ذلك لآية وما كان أكثرهم مؤمنين * وإن ربك لهو العزيز
الرحيم "

وقال الله تعالى : " فأخذتهم الصيحة مشرقين * فجعلنا عاليها سافلها وأمطرنا
عليهم حجارة من سجيل * إن في ذلك لآيات للمتوسمين * وإنها لبسبيل مقيم *
إن في ذلك لآية للمؤمنين " أي من نظر بعين الفراسة والتوسم فيهم ، كيف غير
الله تلك البلاد وأهلها وكيف جعلها بعد ما كانت آهلة عامرة هالكة غامرة ؟

كما روى الترمذي وغيره مرفوعاً : " اتقوا فراسة المؤمن فإنه ينظر بنور الله " ثم قرأ : " إن في ذلك لآيات للمتوسمين "

وقوله : " وإنها لبسبيل مقيم " أي لبطريق مهيع مسلوك إلى الآن كما قال : "
وإنكم لتمرون عليهم مصبحين * وبالليل أفلا تعقلون " وقال تعالى : " ولقد
تركنا منها آية بينة لقوم يعقلون " وقال تعالى : " فأخرجنا من كان فيها من
المؤمنين * فما وجدنا فيها غير بيت من المسلمين * وتركنا فيها آية للذين
يخافون العذاب الأليم "

أي تركناها عبرةً وعظةً لمن خاف عذاب الآخرة ، وخشي الرحمن بالغيب ، وخاف
مقام ربه ونهى النفس عن الهوى ، فانزجر من محارم الله وترك معاصيه ، وخاف
أن يشابه قوم لوط ومن تشبه بقوم فهو منهم ، وإن لم يكن من كل وجه ، فمن
بعض الوجوه ، كما قال بعضهم :

فإن لم تكونوا قوم لوط بعينهم فمـــا قــوم لــوط منكم ببعيـــد

فالعاقل اللبيب الفاهم الخائف من ربه ، يمتثل ما أمره الله به عز وجل ،
ويقبل ما أرشده إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم من إتيان ما خلق له من
الزوجات الحلال ، والجواري من السراري ذوات الجمال ، وإياه أن يتبع كل
شيطان مريد ، فيحق عليه الوعيد ، ويدخل في قوله تعالى : " وما هي من
الظالمين ببعيد "

قصَصُ الأنبيَاء 500092465

قصَصُ الأنبيَاء 500092465

تحياتي لكم

قصَصُ الأنبيَاء 500092465

قصَصُ الأنبيَاء 500092465

قصَصُ الأنبيَاء 483098003
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
المدير
AMINE PàTCHIKà
AMINE PàTCHIKà
المدير


الجنس : ذكر
الابراج الدلو
تاريخ الميلاد تاريخ الميلاد : 25/01/1988
العمر : 36

المدير العام
منتديات أمين عبلة الحب :

قصَصُ الأنبيَاء Empty
مُساهمةموضوع: رد: قصَصُ الأنبيَاء   قصَصُ الأنبيَاء Emptyالجمعة يناير 11, 2013 2:31 pm

قصَصُ الأنبيَاء 500092465

قصَصُ الأنبيَاء 500092465

قصة مدين قوم شعيب عليه السلام

قصَصُ الأنبيَاء 500092465



قصَصُ الأنبيَاء 500092465

قال الله تعالى في سورة الأعراف بعد قصة قوم لوط : " وإلى مدين أخاهم شعيبا
قال يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره قد جاءتكم بينة من ربكم فأوفوا
الكيل والميزان ولا تبخسوا الناس أشياءهم ولا تفسدوا في الأرض بعد إصلاحها
ذلكم خير لكم إن كنتم مؤمنين * ولا تقعدوا بكل صراط توعدون وتصدون عن سبيل
الله من آمن به وتبغونها عوجا واذكروا إذ كنتم قليلا فكثركم وانظروا كيف
كان عاقبة المفسدين * وإن كان طائفة منكم آمنوا بالذي أرسلت به وطائفة لم
يؤمنوا فاصبروا حتى يحكم الله بيننا وهو خير الحاكمين * قال الملأ الذين
استكبروا من قومه لنخرجنك يا شعيب والذين آمنوا معك من قريتنا أو لتعودن في
ملتنا قال أو لو كنا كارهين * قد افترينا على الله كذبا إن عدنا في ملتكم
بعد إذ نجانا الله منها وما يكون لنا أن نعود فيها إلا أن يشاء الله ربنا
وسع ربنا كل شيء علما على الله توكلنا ربنا افتح بيننا وبين قومنا بالحق
وأنت خير الفاتحين * وقال الملأ الذين كفروا من قومه لئن اتبعتم شعيبا إنكم
إذا لخاسرون * فأخذتهم الرجفة فأصبحوا في دارهم جاثمين * الذين كذبوا
شعيبا كأن لم يغنوا فيها الذين كذبوا شعيبا كانوا هم الخاسرين * فتولى عنهم
وقال يا قوم لقد أبلغتكم رسالات ربي ونصحت لكم فكيف آسى على قوم كافرين "

وقال في سورة هود بعد قصة قوم لوط أيضاً : " وإلى مدين أخاهم شعيبا قال يا
قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره ولا تنقصوا المكيال والميزان إني أراكم
بخير وإني أخاف عليكم عذاب يوم محيط * ويا قوم أوفوا المكيال والميزان
بالقسط ولا تبخسوا الناس أشياءهم ولا تعثوا في الأرض مفسدين * بقية الله
خير لكم إن كنتم مؤمنين وما أنا عليكم بحفيظ * قالوا يا شعيب أصلاتك تأمرك
أن نترك ما يعبد آباؤنا أو أن نفعل في أموالنا ما نشاء إنك لأنت الحليم
الرشيد * قال يا قوم أرأيتم إن كنت على بينة من ربي ورزقني منه رزقا حسنا
وما أريد أن أخالفكم إلى ما أنهاكم عنه إن أريد إلا الإصلاح ما استطعت وما
توفيقي إلا بالله عليه توكلت وإليه أنيب * ويا قوم لا يجرمنكم شقاقي أن
يصيبكم مثل ما أصاب قوم نوح أو قوم هود أو قوم صالح وما قوم لوط منكم ببعيد
* واستغفروا ربكم ثم توبوا إليه إن ربي رحيم ودود * قالوا يا شعيب ما نفقه
كثيرا مما تقول وإنا لنراك فينا ضعيفا ولولا رهطك لرجمناك وما أنت علينا
بعزيز * قال يا قوم أرهطي أعز عليكم من الله واتخذتموه وراءكم ظهريا إن ربي
بما تعملون محيط * ويا قوم اعملوا على مكانتكم إني عامل سوف تعلمون من
يأتيه عذاب يخزيه ومن هو كاذب وارتقبوا إني معكم رقيب * ولما جاء أمرنا
نجينا شعيبا والذين آمنوا معه برحمة منا وأخذت الذين ظلموا الصيحة فأصبحوا
في ديارهم جاثمين * كأن لم يغنوا فيها ألا بعدا لمدين كما بعدت ثمود "

وقال في الحجر بعد قصة قوم لوط أيضاً : " وإن كان أصحاب الأيكة لظالمين * فانتقمنا منهم وإنهما لبإمام مبين "

وقال تعالى في الشعراء بعد قصتهم : " كذب أصحاب الأيكة المرسلين * إذ قال
لهم شعيب ألا تتقون * إني لكم رسول أمين * فاتقوا الله وأطيعون * وما
أسألكم عليه من أجر إن أجري إلا على رب العالمين * أوفوا الكيل ولا تكونوا
من المخسرين * وزنوا بالقسطاس المستقيم * ولا تبخسوا الناس أشياءهم ولا
تعثوا في الأرض مفسدين * واتقوا الذي خلقكم والجبلة الأولين * قالوا إنما
أنت من المسحرين * وما أنت إلا بشر مثلنا وإن نظنك لمن الكاذبين * فأسقط
علينا كسفا من السماء إن كنت من الصادقين * قال ربي أعلم بما تعملون *
فكذبوه فأخذهم عذاب يوم الظلة إنه كان عذاب يوم عظيم * إن في ذلك لآية وما
كان أكثرهم مؤمنين * وإن ربك لهو العزيز الرحيم "

كان أهل مدين قوماً عرباً يسكنون مدينتهم مدين التي هي قريبة من أرض
معان من أطراف الشام ، مما يلي ناحية الحجاز قريباً من بحيرة قوم لوط ،
وكانوا بعدهم بمدة قريبة ، ومدين قبيلة عزفت بهم ، وهم من بني مدين بن
مديان بن إبراهيم الخليل

وشعيب ، نبيهم هو ابن ميكيل بن يشجن وذكره ابن إسحاق

قال : ويقال له بالسريانية يترون وفي هذا نظر ويقال شعيب بن يشخر بن
لاوى ابن يعقوب ، ويقال شعيب بن نويب بن عيفا بن مدين بن إبراهيم ، ويقال
شعيب بن صيفر ابن عيفا بن ثابت بن مدين بن إبراهيم ، وقيل غير ذلك في نسبه

قال ابن عساكر : ويقال جدته ، ويقال أمه ، بنت لوط

وكان ممن آمن بإبراهيم وهاجر معه ودخل معه دمشق

وعن وهب بن منبه أنه قال : شعيب وملغم ممن آمن بإبراهيم يوم أحرق بالنار ،
وهاجر معه إلى الشام ، فزوجهما بنتي لوط عليه السلام ذكره ابن قتيبة

وفي هذا كله نظر والله تعالى وأعلم

وذكر أبو عمر بن عبد البر في الإستيعاب في ترجمة سلمة بن سعد العنزي : أنه
قدم على رسول صلى الله عليه وسلم فأسلم وانتسب إلى عنزة ، فقال : " نعم
الحي عنزة ، مبغي عليهم منصورون رهط شعيب وأختان موسى "

فلو صح هذا لدل على أن شعيباً صهر موسى وأنه من قبيلة من العرب العاربة
يقال لهم عنزة ، لا أنهم من عنزة بن أسد بن ربيعة بن نزار بن معد بن عدنان ،
فإن هؤلاء بعده بدهر طويل والله أعلم

وفي حديث أبي ذر الذي في صحيح ابن حبان في ذكر الأنبياء والرسل قال : " أربعة من العرب : هود وصالح وشعيب ونبيك يا أبا ذر "

وكان بعض السلف يسمى شعيباً خطيب الأنبياء ويعنى لفصاحته وعلو عبارته وبلاغته في دعاية قومه إلى الإيمان برسالته

وقد روى ابن إسحاق بن بشر عن جويبر ومقاتل ، عن الضحاك ،عن ابن عباس قال :
كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا ذكر شعيباً قال : " ذاك خطيب
الأنبياء "

وكان أهل مدين كفاراً يقطعون السبيل ويخيفون المارة ، ويعبدون الأيكة ، وهي شجرة

من الأيك حولها غيضة ملتفة بها

وكانوا من أسوأ الناس معاملة ، يبخسون المكيال والميزان ، ويطففون فيها ،
ويأخذون بالزائد و يدفعون بالناقص فبعث الله فيهم رجلاً منهم وهو رسول الله
شعيب عليه السلام فدعاهم إلى عبادة الله وحده لا شريك له ، ونهاهم عن
تعاطي هذه الأفاعيل القبيحة من بخس الناس أشياءهم وإخافتهم لهم في سبلهم
وطرقاتهم ، فآمن به بعضهم وكفر أكثرهم ، حتى أحل الله بهم البأس الشديد ،
وهو الولي الحميد

كما قال تعالى : " وإلى مدين أخاهم شعيبا قال يا قوم اعبدوا الله ما لكم من
إله غيره قد جاءتكم بينة من ربكم " أي دلالة وحجة واضحة ، وبرهان قاطع على
صدق ما جئتكم به وأنه أرسلني ، وهو ما أجرى الله على يديه من المعجزات
التي لم ينقل إلينا تفصيلها ، وإن كان هذا اللفظ قد دخل عليها إجمالاً

" فأوفوا الكيل والميزان ولا تبخسوا الناس أشياءهم ولا تفسدوا في الأرض بعد إصلاحها "

أمرهم بالعدل ونهاهم عن الظلم ، وتوعدهم على خلاف ذلك فقال : " ذلكم خير
لكم إن كنتم مؤمنين * ولا تقعدوا بكل صراط " أي طريق " توعدون " أي تتوعدون
الناس بأخذ أموالهم من مكوس وغير ذلك وتخيفون السبل

قال السدي في تفسيره عن الصحابة : " ولا تقعدوا بكل صراط توعدون " أنهم كانوا يأخذون العشور من أموال المارة

وقال إسحاق بن بشر عن جويبر عن الضحاك ، عن ابن عباس قال : كانوا قوماً
طغاة يجلسون على الطريق ، يبخسون الناس ، يعني يعشرونهم ، وكانوا أول من سن
ذلك

" وتصدون عن سبيل الله من آمن به وتبغونها عوجا " نهاهم عن قطع الطريق الحسية الدنيوية ، والمعنوية الدينية

" واذكروا إذ كنتم قليلا فكثركم وانظروا كيف كان عاقبة المفسدين " ذكرهم
بنعمة الله تعالى عليهم في تكثيرهم بعد القلة وحذرهم نقمة الله بهم أن
خالفوا ما أرشدهم إليه ودلهم عليه كما قال لهم في القصة الأخرى : " ولا
تنقصوا المكيال والميزان إني أراكم بخير وإني أخاف عليكم عذاب يوم محيط "
لا تركبوا ما أنتم عليه وتستمروا فيه فيمحق الله بركة ما في أيديكم ،
ويفقركم ويذهب ما به يغنيكم

وهذا مضاف إلى عذاب الآخرة ، ومن جمع له هذا وهذا ، فقد باء بالصفقة الخاسرة !

فنهاهم أولاً عن تعاطي ما لا يليق من التطفيف ، وحذرهم سلب نعمة الله عليهم في دنياهم ، وعذابه الأليم في آخراهم ، وعنقهم أشد تعنيف

ثم قال لهم آمراً بعد ما كان عن ضده زاجراً : " ويا قوم أوفوا المكيال
والميزان بالقسط ولا تبخسوا الناس أشياءهم ولا تعثوا في الأرض مفسدين *
بقية الله خير لكم إن كنتم مؤمنين وما أنا عليكم بحفيظ "

قال ابن عباس والحسن البصري : " بقية الله خير لكم " أي رزق الله خير لكم
من أخذ أموال الناس وقال ابن جرير : ما يفضل لكم من الربح بعد وفاء الكيل
والميزان : خير لكم من أخذ أموال الناس بالتطفيف قال : وقد روى هذا عن ابن
عباس

وهذا الذي قاله وحكاه حسن ، وهو شبيه بقوله تعالى : " قل لا يستوي الخبيث
والطيب ولو أعجبك كثرة الخبيث " يعنى أن القليل من الحلال خير لكم من
الكثير من الحرام ، فإن الحلال مبارك وإن قل ، والحرام ممحوق وإن كثر ، كما
قال تعالى : " يمحق الله الربا ويربي الصدقات "

وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن الربا وإن كثر فإن مصيره إلى قل " رواه أحمد أي إلى قلة

وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " البيعان بالخيار ما لم يتفرقا فإن
صدقا وبينا بورك لهما في بيعهما ، وإن كتما وكذبا محقمت بركة بيعهما "

والمقصود أن الربح الحلال مبارك فيه وإن قل ، والحرام لا يجدى وإن كثر
ولهذا قال نبي الله شعيب : " بقية الله خير لكم إن كنتم مؤمنين "

وقوله : " وما أنا عليكم بحفيظ " أي افعلوا ما أمركم به ابتغاء وجه الله ورجاء ثوابه ، لا لأراكم أنا وغيرى

" قالوا يا شعيب أصلاتك تأمرك أن نترك ما يعبد آباؤنا أو أن نفعل في
أموالنا ما نشاء إنك لأنت الحليم الرشيد " يقولون هذا على سبيل الإستهزاء
والتنقص والتهكم : أصلاتك هذه التي تصليها ، هي الآمرة لك بأن تحجر علينا
فلا نعبد إلا إلهك ؟ و نترك ما يعبد آباؤنا الأقدمون وأسلافنا الأولون ؟ أو
ألا نتعامل إلا على الوجه الذي ترتضيه أنت ، ونترك المعاملات التي تأباها
وإن كنا نحن نرضاها ؟

" إنك لأنت الحليم الرشيد " قال ابن عباس وميمون بن مهران وابن رجيج وزيد
بن أسلم وابن جرير : يقولون ذلك أعداء الله على سبيل الإستهزاء

" قال يا قوم أرأيتم إن كنت على بينة من ربي ورزقني منه رزقا حسنا وما أريد
أن أخالفكم إلى ما أنهاكم عنه إن أريد إلا الإصلاح ما استطعت وما توفيقي
إلا بالله عليه توكلت وإليه أنيب "

هذا تلطف معهم في العبارة ، ودعوة لهم إلى الحق بأبين إشارة

يقول لهم : أرأيتم أيها المكذبون " إن كنت على بينة من ربي " أي على أمر
بين من الله تعالى أنه أرسلني إليكم ، " ورزقني منه رزقا حسنا " يعنى
النبوة والرسالة ، يعنى وعمى عليكم معرفتها ، فأي حلية فيكم ؟

وهذا كما تقدم عن نوح عليه السلام أنه قال لقومه سواء

وقوله : " وما أريد أن أخالفكم إلى ما أنهاكم عنه " أي لست آمركم بالأمر
إلا وأنا أول فاعل له ، وإذا نهيتكم عن الشيء فأنا أول من يتركه

وهذه هي الصفة المحمودة العظيمة ، وضدها هي المردودة الذميمة ، كما تلبس
بها علماء بني إسرائيل في آخر زمانهم ، وخطباؤهم الجاهلون قال تعالى : "
أتأمرون الناس بالبر وتنسون أنفسكم وأنتم تتلون الكتاب أفلا تعقلون "
وذكرنا عندها في الصحيح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : " يؤتى
بالرجل فيلقى في النار فتندلق أقتاب بطنه - أي تخرج أمعاؤه من بطنه - فيدور
بها كما يدور الحمار برحاه ، فيجمع أهل النار فيقولون : يا فلان مالك ؟
ألم تكن تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر ؟ فيقول : بلى ، كنت آمر بالمعروف
ولا آتيه وأنهى عن المنكر وآتيه "

وهذه صفة مخالفي الأنبياء من الفجار والأشقياء ، فأما السادة من النجباء ،
والألباء من العلماء ، الذين يخشون ربهم بالغيب ، فحالهم كما قال نبي الله
شعيب : " وما أريد أن أخالفكم إلى ما أنهاكم عنه إن أريد إلا الإصلاح ما
استطعت " أي ما أريد في جميع أمرى إلا الإصلاح في الفعال والمقال بجهدي
وطاقتي

" وما توفيقي " أي في جميع أحوال " إلا بالله عليه توكلت وإليه أنيب " أي
عليه أتوكل في سائر الأمور ، وإليه مرجعي ومصيري في كل أمري وهذا مقام
ترغيب

ثم انتقل إلى نوع من الترهيب فقال : " ويا قوم لا يجرمنكم شقاقي أن يصيبكم
مثل ما أصاب قوم نوح أو قوم هود أو قوم صالح وما قوم لوط منكم ببعيد "

أي لا يحملنكم مخالفتي وبغضكم ما جئتكم به على الإستمرار على ضلالكم وجهلكم
ومخالفتكم ، فيحل الله بكم من العذاب والنكال ، نظير ما أحله بنظرائكم
وأشباهكم ، من قوم نوح وقوم هود وقوم صالح من المكذبين المخالفين

وقوله : " وما قوم لوط منكم ببعيد " قيل معناه : في الزمان ، أي ما بالعهد
من قدم ، مما قد بلغكم ما أحل بهم على كفرهم وعتوهم وقيل معناه : وما هم
منكم ببعيد في المحلة والمكان ، وقيل في الصفات والأفعال المستقبحات ، من
قطع الطريق ، وأحذ أموال الناس جهرة وخفية بأنواع الحيل والشبهات

والجمع بين هذه الأقوال ممكن : فإنهم لم يكونوا بعيدين منهم لا زماناً ولا مكاناً ولا صفات

ثم مزج الترهيب بالترغيب فقال : " واستغفروا ربكم ثم توبوا إليه إن ربي
رحيم ودود " أي أقلعوا عما أنتم فيه ، وتوبوا إلى ربكم الرحيم الودود ،
فإنه من تاب إليه تاب عليه ، فإنه رحيم بعباده ، أرحم بهم من الوالدة
بولدها : " ودود " وهو الحبيب ولو بعد التوبة على عبده ، ولو من الموبقات
العظام

" قالوا يا شعيب ما نفقه كثيرا مما تقول وإنا لنراك فينا ضعيفا "

روى عن ابن عباس وسعيد بن جبير والثوري أنهم قالوا : كان ضرير البصر وقد
روى في حديث مرفوع : أنه بكى من حب الله حتى عمى ، فرد الله عليه بصره ،
وقال : يا شعيب أتبكى خوفاً من النار ؟ أو من شوقك إلى الجنة ؟ فقال :
بل من محبتك ، فإذا نظرت إليك فلا أبالي ماذا يصنع بي فأوحى الله إليه :
هنيئاً لك يا شعيب لقائي ، فلذلك أخدمتك موسى ابن عمران كليمى

رواه الواحدي عن أبي الفتح محمد بن علي الكوفي ، عن علي بن الحسن بن بندار ،
عن عبد الله محمد بن إسحاق الرملي ، عن هشام بن عمار ، عن إسماعيل بن عباس
، عن يحيى بن سعيد ، عن شداد بن بن أوس ، عن النبي صلى الله عليه وسلم
بنحوه

وهو غريب جداً ، وقد ضعفه الخطيب البغدادي

وقولهم : " ولولا رهطك لرجمناك وما أنت علينا بعزيز " هذا من كفرهم البليغ ،
وعنادهم الشنيع ، حيث قالوا : " ما نفقه كثيرا مما تقول " أي ما نفهمه ولا
نعقله ، لأنه لا نحبه ولا نريده ، وليس لنا همة إليه ، ولا إقبال عليه

وهو كما قال كفار قريش لرسول الله صلى الله عليه وسلم : " وقالوا قلوبنا في
أكنة مما تدعونا إليه وفي آذاننا وقر ومن بيننا وبينك حجاب فاعمل إننا
عاملون "

وقولهم : " وإنا لنراك فينا ضعيفا " أي مضطهراً مهجوراً " ولولا رهطك " أي قبيلتك وعشيرتك فينا " لرجمناك وما أنت علينا بعزيز "

" قال يا قوم أرهطي أعز عليكم من الله " أي تخافون قبيلتي وعشيرتي وترعوني
بسببهم ، ولا تخافون عذاب الله ؟ ولا تراعوني لأني رسول الله ؟ فصار رهطي
أعز عليكم من الله : " واتخذتموه وراءكم ظهريا " أي جانب الله وراء ظهوركم "
إن ربي بما تعملون محيط " أي هو عليم بما تعملونه وما تصنعونه ، محيط بذلك
كله ، وسيجزيكم عليه يوم ترجعون إليه

" ويا قوم اعملوا على مكانتكم إني عامل سوف تعلمون من يأتيه عذاب يخزيه ومن هو كاذب وارتقبوا إني معكم رقيب "

هذا أمر تهديد شديد ووعيد أكيد ، بأن يستمروا على طريقتهم ومنهجهم وشاكلتهم
، فسوف تعلمون من تكون له عاقبة الدار ومن يحل عليه الهلاك والبوار : " من
يأتيه عذاب يخزيه " أي في هذه الحياة الدنيا " ويحل عليه عذاب مقيم " أي
في الأخرى " ومن هو كاذب " أي منى ومنكم فيما أخبر وبشر وحذر

" وارتقبوا إني معكم رقيب " هذا كقوله : " وإن كان طائفة منكم آمنوا بالذي
أرسلت به وطائفة لم يؤمنوا فاصبروا حتى يحكم الله بيننا وهو خير الحاكمين "


" قال الملأ الذين استكبروا من قومه لنخرجنك يا شعيب والذين آمنوا معك من
قريتنا أو لتعودن في ملتنا قال أو لو كنا كارهين * قد افترينا على الله
كذبا إن عدنا في ملتكم بعد إذ نجانا الله منها وما يكون لنا أن نعود فيها
إلا أن يشاء الله ربنا وسع ربنا كل شيء علما على الله توكلنا ربنا افتح
بيننا وبين قومنا بالحق وأنت خير الفاتحين "

طلبوا بزعمهم أن يردوا من آمن منهم إلى ملتهم ، فانتصب شعيب للمحاجة عن
قومه ققال : " أو لو كنا كارهين " أي هؤلاء لا يعودون إليك اختياراً ،
وإنما يعودون إليكم إن عادوا ، اضطراراً مكرهين ، وذلك لأن الإيمان إذا
خالطت بشاشته القلوب لا يسخطه أحد ، ولا يرتد أحد عنه ، ولا محيد لأحد منه

ولهذا قال : " قد افترينا على الله كذبا إن عدنا في ملتكم بعد إذ نجانا
الله منها وما يكون لنا أن نعود فيها إلا أن يشاء الله ربنا وسع ربنا كل
شيء علما على الله توكلنا " أي فهو كافينا ، هو العاصم لنا وإليه ملجأنا في
جميع آمرنا

ثم استفتح على قومه ، واستنصر ربه عليهم في تعجيل ما يستحقونه إليهم فقال :
" ربنا افتح بيننا وبين قومنا بالحق وأنت خير الفاتحين " أي الحاكمين
فدعا عليهم ، والله لا يرد دعاء رسله إذا استنصروه على الذين جحدوه وكفروه ،
ورسوله خالفوه

ومع هذا صمموا على ما هم عليه مشتملون ، وبه متلبسون : " وقال الملأ الذين كفروا من قومه لئن اتبعتم شعيبا إنكم إذا لخاسرون "

قال الله تعالى : " فأخذتهم الرجفة فأصبحوا في دارهم جاثمين " ذكر في سورة
الأعراف أنهم أخذتهم رجفة ، أي رجفت بهم أرضهم ، وزلزلت زلزالاً شديداً
أزهقت أرواحهم من أجسادهم ، وصيرت حيوان أرضهم كجمادها ، وأصبحت جثثهم
جاثية ، لا أرواح فيها ولا حركات بها ، ولا حواس لا

وقد جمع الله عليهم أنواعاً من العقوبات ، وصنوفاً من المثلات ، وأشكالاً
من البليات ، وذلك لما اتصفوا به من قبح الصفات ، سلط الله عليهم رجفة
شديدة أسكتت الحركات ، صيحة عظيمة أخمدت الأصوات ، وظلة أرسل عليهم منها
شرر النار من سائر أرجائهم والجهات

ولكنه تعالى أخبر عنهم في كل سورة بما يناسب سياقها ويوافق طباقها ، في
سياق قصة الأعراف أرجفوا نبي الله وأصحابه ، وتوعدوهم بالإخراج من قريتهم ،
أو ليعودون في ملتهم راجعين فقال تعالى : " فأخذتهم الرجفة فأصبحوا في
دارهم جاثمين " فقابل الإرجاف بالرجفة ، والإخافة بالخيفة ، وهذا مناسب
لهذا السياق ومتعلق بما تقدمه من السياق

وأما في سورة هود : فذكر أنهم أخذتهم الصيحة فأصبحوا في ديارهم جاثمين وذلك
لأنهم قالوا لنبي الله على سبيل التهكم والإستهزاء والتنقص : " أصلاتك
تأمرك أن نترك ما يعبد آباؤنا أو أن نفعل في أموالنا ما نشاء إنك لأنت
الحليم الرشيد " فناسب أن يذكر الصيحة التي هي كالزجر عن تعاطي هذا الكلام
القبيح ، الذي واجهوا به هذا الرسول الكريم الأمين الفصيح ، فجاءتهم صيحة
أسكتتهم مع رجفة أسكنتهم

وأما في سورة الشعراء : فذكر أنه أخذهم عذاب يوم الظلة ، وكان ذلك إجابة
لما طلبوا ، وتقريباً إلى ما إليه رغبوا ، فإنهم قالوا : " إنما أنت من
المسحرين * وما أنت إلا بشر مثلنا وإن نظنك لمن الكاذبين * فأسقط علينا
كسفا من السماء إن كنت من الصادقين * قال ربي أعلم بما تعملون "

قال الله تعالى وهو السميع العليم : " فكذبوه فأخذهم عذاب يوم الظلة إنه كان عذاب يوم عظيم "

ومن زعم من المفسرين كقتادة وغيره : أن أصحاب الأيكة أمة أخرى غير أهل مدين ، فقوله ضعيف

وإنما عمدتهم شيئان : أحدهما أنه قال : " كذب أصحاب الأيكة المرسلين * إذ
قال لهم شعيب " ولم يقل أخوهم كما قال : " وإلى مدين أخاهم شعيبا "

والثاني : أنه ذكر عذابهم بيوم الظلة ، وذكر في أولئك الرجفة أو الصيحة

والجواب عن الأول : أنه لم يذكر الأخوة بعد قوله : " كذب أصحاب الأيكة
المرسلين " لأنه وصفهم بعبادة الأيكة ، فلا يناسب ذكر الأخوة هاهنا ولما
نسبهم إلى القبيلة ساغ ذكر شعيب بأنه أخوهم

وهذا الفرق من النفائس اللطيفة العزيزة الشريفة

وأما احتجاجهم بيوم الظلة ، فإن كان دليلاً بمجرده على أن هؤلاء أمة أخرى ،
فليكن تعداد الإنتقام بالرجفة والصيحة دليلاً على أنهم أمتان أخريان ،
وهذا لا يقوله أحد يفهم شيئاً من هذا الشأن

فأما الحديث الذي أورده الحافظ ابن عساكر في ترجمة النبي شعيب عليه السلام ،
من طريق محمد بن عثمان بن أبي شيبة ، عن أبيه ، عن معاوية بن هشام ، عن
هشام بن سعد ، عن شقيق بن أبي هلال ، عن ربيعة بن سيف ، عن عبد الله بن
عمرو مرفوعاً : " إن قوم مدين وأصحاب الأيكة أمتان بعث الله إليهم شعيباً
النبي عليه السلام "

فإنه حديث غريب وفي رجاله من تكلم فيه والأشبه أنه من كلام عبد الله بن
عمرو مما أصابه يوم اليرموك من تلك الزاملتين من أخبار بني إسرائيل
والله أعلم

ثم قد ذكر الله عن أهل الأيكة من المذمة ما ذكره عن أهل مدين من التطفيف في
المكيال والميزان ، فدل على أنهم أمة واحدة ، أهلكوا بأنواع من العذاب
وذكر في كل موضع ما يناسب من الخطاب

وقوله : " فأخذهم عذاب يوم الظلة إنه كان عذاب يوم عظيم " ذكروا أنهم
أصابهم حر شديد ، وأسكن الله هبوب الهواء عنهم سبعة أيام ، فكان لا ينفعهم
مع ذلك ماء ولا ظل ، ولا دخولهم في الأسراب ، فهربوا من محلتهم إلى البرية ،
فأظلتهم سحابة ، فاجتمعوا تحتها ليستظلوا بظلها ، فلما تكاملوا فيها
أرسلها الله ترميهم بشرر وشهب ، ورجفت بهم الأرض ، وجاءتهم صيحة من السماء ،
فأزهقت الأرواح ، وخربت الأشباح

" فأصبحوا في دارهم جاثمين * الذين كذبوا شعيبا كأن لم يغنوا فيها الذين
كذبوا شعيبا كانوا هم الخاسرين " ونجى الله شعيباً ومن معه من المؤمنين ،
كما قال تعالى وهو أصدق القائلين : " ولما جاء أمرنا نجينا شعيبا والذين
آمنوا معه برحمة منا وأخذت الذين ظلموا الصيحة فأصبحوا في ديارهم جاثمين *
كأن لم يغنوا فيها ألا بعدا لمدين كما بعدت ثمود "

وقال تعالى : " وقال الملأ الذين كفروا من قومه لئن اتبعتم شعيبا إنكم إذا
لخاسرون * فأخذتهم الرجفة فأصبحوا في دارهم جاثمين * الذين كذبوا شعيبا كأن
لم يغنوا فيها الذين كذبوا شعيبا كانوا هم الخاسرين " وهذا في مقابلة
قولهم : " لئن اتبعتم شعيبا إنكم إذا لخاسرون "

ثم ذكر تعالى عن نبيهم : أنه نعاهم إلى أنفسهم موبخاً ومؤنباً ومقرعاً ،
فقال تعالى : " فتولى عنهم وقال يا قوم لقد أبلغتكم رسالات ربي ونصحت لكم
فكيف آسى على قوم كافرين "

أي أعرض عنهم مولياً عن محلتهم بعد هلكتهم قائلاً : " يا قوم لقد أبلغتكم
رسالات ربي ونصحت لكم " أي قد أديت ما كان واجباً على من البلاغ التام
والنصح الكامل ، وحرصت على هدايتكم بكل ما أقدر عليه وأتوصل إليه ، فلم
ينفعكم ذلك ، لأن الله لا يهدى من يضل وما لهم من ناصرين فلست أتأسف بعد
هذا عليكم ، لأنكم لم تكونوا تقبلون النصيحة ، ولا تخافون يوم الفضيحة

ولهذا قال : " فكيف آسى " أي أحزن " على قوم كافرين " أي لا يقبلون الحق
ولا يرجعون إليه ولا يلتفتون إليه فحل بهم من بأس الله الذي لا يرد ما لا
يدفع ولا يمانع ، ولا محيد لأحد أريد به عنه ، ولا مناص عنه

وقد ذكر الحافظ ابن عساكر في تاريخه عن ابن عباس : أن شعيباً عليه السلام
كان بعد يوسف عليه السلام وعن وهب بن منبه : أن شعيباً عليه السلام مات
بمكة ومن معه من المؤمنين ، وقبورهم غربي الكعبة بين دار الندوة ودار بني
سهم

قصَصُ الأنبيَاء 500092465

قصَصُ الأنبيَاء 500092465

تحياتي لكم

قصَصُ الأنبيَاء 500092465

قصَصُ الأنبيَاء 500092465

قصَصُ الأنبيَاء 483098003
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
المدير
AMINE PàTCHIKà
AMINE PàTCHIKà
المدير


الجنس : ذكر
الابراج الدلو
تاريخ الميلاد تاريخ الميلاد : 25/01/1988
العمر : 36

المدير العام
منتديات أمين عبلة الحب :

قصَصُ الأنبيَاء Empty
مُساهمةموضوع: رد: قصَصُ الأنبيَاء   قصَصُ الأنبيَاء Emptyالجمعة يناير 11, 2013 2:32 pm

قصَصُ الأنبيَاء 500092465

قصَصُ الأنبيَاء 500092465

باب ذكر ذرية إبراهيم عليه الصلاة والسلام

قصَصُ الأنبيَاء 500092465



قصَصُ الأنبيَاء 500092465

قد قدمنا قصته مع قومه وما كان من أمرهم ، وما آل إليه أمره عليه الصلاة والسلام والتحية والإكرام

وذكرنا ما وقع في زمانه من قصة قوم لوط وأتبعنا ذلك بقصة مدين قوم شعيب
عليه السلام ، لأنها قرينتها في كتاب الله عز وجل في مواضع متعددة ، فذكر
تعالى بعد قصة قوم لوط ، قصة مدين ، وهم أصحاب الأيكة على الصحيح كما قدمنا
، فذكرناها تبعاً لها اقتداء بالقرآن العظيم

ثم نشرع الآن في الكلام على تفضيل ذرية إبراهيم عليه السلام ، لأن الله جعل
في ذريته النبوة والكتاب ، فكل نبي أرسل بعده فمن ولده


قصَصُ الأنبيَاء 500092465

قصَصُ الأنبيَاء 500092465

تحياتي لكم

قصَصُ الأنبيَاء 500092465

قصَصُ الأنبيَاء 500092465

قصَصُ الأنبيَاء 483098003
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
قصَصُ الأنبيَاء
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 3انتقل الى الصفحة : 1, 2, 3  الصفحة التالية

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
أحـــــلى مـــنـــتـــديـــات أمـــيـــن عـــبـــلــــة الــــحـــب  :: المنتديات الإسلامية :: مواضيع دينية-
انتقل الى:  
الفيس بوك