أحـــــلى مـــنـــتـــديـــات أمـــيـــن عـــبـــلــــة الــــحـــب
قصَصُ الأنبيَاء - صفحة 3 613623
كلام عن الحب
إن الإنسان قبـل الحب شيء وعنـد الحب كل شيء وبعـد الحب لا شيء"
أكبر متعة في الحب تجد نفسك محبوبا عند الناس
"

قصَصُ الأنبيَاء - صفحة 3 613623
عزيزي الزائر / عزيزتي الزائرة يرجي التكرم بتسجبل الدخول اذا كنت عضو معنا
او التسجيل ان لم تكن عضو وترغب في الانضمام الي اسرة المنتدي
سنتشرف بتسجيلك
شكرا قصَصُ الأنبيَاء - صفحة 3 829894
المدير المنتدى
شكراً لتسجيلك في
أحلى منتديات أمين عبلة الحب
نحن سعداء جدا لاختيارك بأن تكون واحداً من أسرتنا و نتمنى لك الاستمتاع بالإقامة معنا، تفيد وتستفيد ونأمل منك التواصل بإستمرار.
مع أطيب الأمنيات,
إدارة المدير.
أحـــــلى مـــنـــتـــديـــات أمـــيـــن عـــبـــلــــة الــــحـــب
قصَصُ الأنبيَاء - صفحة 3 613623
كلام عن الحب
إن الإنسان قبـل الحب شيء وعنـد الحب كل شيء وبعـد الحب لا شيء"
أكبر متعة في الحب تجد نفسك محبوبا عند الناس
"

قصَصُ الأنبيَاء - صفحة 3 613623
عزيزي الزائر / عزيزتي الزائرة يرجي التكرم بتسجبل الدخول اذا كنت عضو معنا
او التسجيل ان لم تكن عضو وترغب في الانضمام الي اسرة المنتدي
سنتشرف بتسجيلك
شكرا قصَصُ الأنبيَاء - صفحة 3 829894
المدير المنتدى
شكراً لتسجيلك في
أحلى منتديات أمين عبلة الحب
نحن سعداء جدا لاختيارك بأن تكون واحداً من أسرتنا و نتمنى لك الاستمتاع بالإقامة معنا، تفيد وتستفيد ونأمل منك التواصل بإستمرار.
مع أطيب الأمنيات,
إدارة المدير.
أحـــــلى مـــنـــتـــديـــات أمـــيـــن عـــبـــلــــة الــــحـــب
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


أكـــــبر مـــــــــــــتعة في الـــــــــــحب تجـــــــــد نفـــــــسك محبــــوبا عنــــــد النــــــاس
 
الرئيسيةالبوابة**أحدث الصورالتسجيلدخول
تمنادى الحب عندما يأتى الليل ، ويغلق الناس أبواب بيوتهم بإحكام يخرج من قلب الظلمة مناد يقول : - هل كل هذه البيوت تنام على الحب ؟ ! ويظل يردد السؤال ، الذى لا يجيب عليه أحد ، حتى تظهر أول خيوط الفجر !

 

 قصَصُ الأنبيَاء

اذهب الى الأسفل 
انتقل الى الصفحة : الصفحة السابقة  1, 2, 3
كاتب الموضوعرسالة
المدير
AMINE PàTCHIKà
AMINE PàTCHIKà
المدير


الجنس : ذكر
الابراج الدلو
تاريخ الميلاد تاريخ الميلاد : 25/01/1988
العمر : 36

المدير العام
منتديات أمين عبلة الحب :

قصَصُ الأنبيَاء - صفحة 3 Empty
مُساهمةموضوع: قصَصُ الأنبيَاء   قصَصُ الأنبيَاء - صفحة 3 Emptyالخميس يناير 10, 2013 11:34 pm

تذكير بمساهمة فاتح الموضوع :

قصَصُ الأنبيَاء - صفحة 3 500092465

قصَصُ الأنبيَاء - صفحة 3 500092465

قصَصُ الأنبيَاء

اسماعيل بن عمر بن كثير القرشي


قصَصُ الأنبيَاء - صفحة 3 500092465

قصَصُ الأنبيَاء - صفحة 3 500092465

باب ما ورد في خلق آدم عليه السلام

قصَصُ الأنبيَاء - صفحة 3 500092465

قصَصُ الأنبيَاء - صفحة 3 500092465

قال الله تعالى : " وإذ قال ربك للملائكة إني جاعل في الأرض خليفة قالوا أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك قال إني أعلم ما لا تعلمون * وعلم آدم الأسماء كلها ثم عرضهم على الملائكة فقال أنبئوني بأسماء هؤلاء إن كنتم صادقين * قالوا سبحانك لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم * قال يا آدم أنبئهم بأسمائهم فلما أنبأهم بأسمائهم قال ألم أقل لكم إني أعلم غيب السماوات والأرض وأعلم ما تبدون وما كنتم تكتمون * وإذ قلنا للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا إلا إبليس أبى واستكبر وكان من الكافرين * وقلنا يا آدم اسكن أنت وزوجك الجنة وكلا منها رغدا حيث شئتما ولا تقربا هذه الشجرة فتكونا من الظالمين * فأزلهما الشيطان عنها فأخرجهما مما كانا فيه وقلنا اهبطوا بعضكم لبعض عدو ولكم في الأرض مستقر ومتاع إلى حين * فتلقى آدم من ربه كلمات فتاب عليه إنه هو التواب الرحيم * قلنا اهبطوا منها جميعا فإما يأتينكم مني هدى فمن تبع هداي فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون * والذين كفروا وكذبوا بآياتنا أولئك أصحاب النار هم فيها خالدون "

وقال تعالى : " إن مثل عيسى عند الله كمثل آدم خلقه من تراب ثم قال له كن فيكون " وقال تعالى : " يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالا كثيرا ونساء واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام إن الله كان عليكم رقيبا "

كما قال : " يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم إن الله عليم خبير "

وقال تعالى : " هو الذي خلقكم من نفس واحدة وجعل منها زوجها ليسكن إليها "

وقال تعالى : " ولقد خلقناكم ثم صورناكم ثم قلنا للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا إلا إبليس لم يكن من الساجدين * قال ما منعك أن لا تسجد إذ أمرتك قال أنا خير منه خلقتني من نار وخلقته من طين * قال فاهبط منها فما يكون لك أن تتكبر فيها فاخرج إنك من الصاغرين * قال أنظرني إلى يوم يبعثون * قال إنك من المنظرين * قال فبما أغويتني لأقعدن لهم صراطك المستقيم * ثم لآتينهم من بين أيديهم ومن خلفهم وعن أيمانهم وعن شمائلهم ولا تجد أكثرهم شاكرين * قال اخرج منها مذؤوما مدحورا لمن تبعك منهم لأملأن جهنم منكم أجمعين * ويا آدم اسكن أنت وزوجك الجنة فكلا من حيث شئتما ولا تقربا هذه الشجرة فتكونا من الظالمين * فوسوس لهما الشيطان ليبدي لهما ما وري عنهما من سوآتهما وقال ما نهاكما ربكما عن هذه الشجرة إلا أن تكونا ملكين أو تكونا من الخالدين * وقاسمهما إني لكما لمن الناصحين * فدلاهما بغرور فلما ذاقا الشجرة بدت لهما سوآتهما وطفقا يخصفان عليهما من ورق الجنة وناداهما ربهما ألم أنهكما عن تلكما الشجرة وأقل لكما إن الشيطان لكما عدو مبين * قالا ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين * قال اهبطوا بعضكم لبعض عدو ولكم في الأرض مستقر ومتاع إلى حين * قال فيها تحيون وفيها تموتون ومنها تخرجون "

كما قال في الآية الأخرى : " منها خلقناكم وفيها نعيدكم ومنها نخرجكم تارة أخرى " وقال تعالى : " ولقد خلقنا الإنسان من صلصال من حمإ مسنون * والجان خلقناه من قبل من نار السموم * وإذ قال ربك للملائكة إني خالق بشرا من صلصال من حمإ مسنون * فإذا سويته ونفخت فيه من روحي فقعوا له ساجدين * فسجد الملائكة كلهم أجمعون * إلا إبليس أبى أن يكون مع الساجدين * قال يا إبليس ما لك أن لا تكون مع الساجدين * قال لم أكن لأسجد لبشر خلقته من صلصال من حمإ مسنون * قال فاخرج منها فإنك رجيم * وإن عليك اللعنة إلى يوم الدين * قال رب فأنظرني إلى يوم يبعثون * قال فإنك من المنظرين * إلى يوم الوقت المعلوم * قال رب بما أغويتني لأزينن لهم في الأرض ولأغوينهم أجمعين * إلا عبادك منهم المخلصين * قال هذا صراط علي مستقيم * إن عبادي ليس لك عليهم سلطان إلا من اتبعك من الغاوين * وإن جهنم لموعدهم أجمعين * لها سبعة أبواب لكل باب منهم جزء مقسوم "

وقال تعالى : " وإذ قلنا للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا إلا إبليس قال أأسجد لمن خلقت طينا * قال أرأيتك هذا الذي كرمت علي لئن أخرتن إلى يوم القيامة لأحتنكن ذريته إلا قليلا * قال اذهب فمن تبعك منهم فإن جهنم جزاؤكم جزاء موفورا * واستفزز من استطعت منهم بصوتك وأجلب عليهم بخيلك ورجلك وشاركهم في الأموال والأولاد وعدهم وما يعدهم الشيطان إلا غرورا * إن عبادي ليس لك عليهم سلطان وكفى بربك وكيلا " وقال تعالى : " وإذ قلنا للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا إلا إبليس كان من الجن ففسق عن أمر ربه أفتتخذونه وذريته أولياء من دوني وهم لكم عدو بئس للظالمين بدلا " وقال تعالى : " ولقد عهدنا إلى آدم من قبل فنسي ولم نجد له عزما * وإذ قلنا للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا إلا إبليس أبى * فقلنا يا آدم إن هذا عدو لك ولزوجك فلا يخرجنكما من الجنة فتشقى * إن لك أن لا تجوع فيها ولا تعرى * وأنك لا تظمأ فيها ولا تضحى * فوسوس إليه الشيطان قال يا آدم هل أدلك على شجرة الخلد وملك لا يبلى * فأكلا منها فبدت لهما سوآتهما وطفقا يخصفان عليهما من ورق الجنة وعصى آدم ربه فغوى * ثم اجتباه ربه فتاب عليه وهدى * قال اهبطا منها جميعا بعضكم لبعض عدو فإما يأتينكم مني هدى فمن اتبع هداي فلا يضل ولا يشقى * ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكا ونحشره يوم القيامة أعمى * قال رب لم حشرتني أعمى وقد كنت بصيرا * قال كذلك أتتك آياتنا فنسيتها وكذلك اليوم تنسى " وقال تعالى : " قل هو نبأ عظيم * أنتم عنه معرضون * ما كان لي من علم بالملإ الأعلى إذ يختصمون * إن يوحى إلي إلا أنما أنا نذير مبين * إذ قال ربك للملائكة إني خالق بشرا من طين * فإذا سويته ونفخت فيه من روحي فقعوا له ساجدين * فسجد الملائكة كلهم أجمعون * إلا إبليس استكبر وكان من الكافرين * قال يا إبليس ما منعك أن تسجد لما خلقت بيدي أستكبرت أم كنت من العالين * قال أنا خير منه خلقتني من نار وخلقته من طين * قال فاخرج منها فإنك رجيم * وإن عليك لعنتي إلى يوم الدين * قال رب فأنظرني إلى يوم يبعثون * قال فإنك من المنظرين * إلى يوم الوقت المعلوم * قال فبعزتك لأغوينهم أجمعين * إلا عبادك منهم المخلصين * قال فالحق والحق أقول * لأملأن جهنم منك وممن تبعك منهم أجمعين * قل ما أسألكم عليه من أجر وما أنا من المتكلفين * إن هو إلا ذكر للعالمين * ولتعلمن نبأه بعد حين "

فهذا ذكر هذه القصة من مواضع متفرقة من القرآن ، وقد تكلمنا على ذلك كله في التفسير ، ولنذكر هاهنا مضمون ما دلت عليه هذه الآيات الكريمات ، وما يتعلق بها من الأحاديث الواردة في ذلك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم والله المستعان

فأخبر تعالى أنه خاطب الملائكة قائلاً لهم : " إني جاعل في الأرض خليفة " أعلم بما يريد أن يخلق من آدم وذريته الذين يخلف بعضهم بعضاً كما قال : " وهو الذي جعلكم خلائف الأرض " وقال تعالى : " ويجعلكم خلفاء الأرض " فأخبرهم بذلك على سبيل التنويه بخلق آدم وذريته ، كما يخبر بالأمر العظيم قبل كونه ، فقالت الملائكة سائلين على وجه الإستكشاف والإستعلام عن وجه الحكمة ، لا على وجه الإعتراض والتنقص لبني آدم والحسد لهم ، كما قد يتوهمه بعض جهلة المفسرين ، قالوا : " أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء "

وقيل علموا أن ذلك كائن بما رأوا ممن كان قبل آدم من الجن والبن ، قاله قتادة

وقال عبد الله بن عمر : كانت الجن قبل آدم بألفي عام فسفكوا الدماء ، فبعث الله إليهم جنداً من الملائكة فطردوهم إلى جزائر البحور

وعن ابن عباس نحوه وعن الحسن ألهموا ذلك

وقيل : لما أطلعوا عليه من اللوح المحفوظ ، فقيل أطلعهم عليه هاروت وماروت عن ملك فوقهما يقال له السجل رواه ابن أبي حاتم عن أبي جعفر الباقر

وقيل : لأنهم علموا أن الأرض لا يخلق منها إلا من يكون بهذه المثابة غالباً

" ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك " أي نعبدك دائماً لا يعصيك منا أحد ، فإن كان المراد بخلق هؤلاء أن يعبدوك فها نحن أولاء لا نفتر ليلاً ولا نهاراً

" قال إني أعلم ما لا تعلمون " أي أعلم من المصلحة الراجحة في خلق خلق هؤلاء ما لا تعلمون ، أي سيوجد منهم الأنبياء والمرسلون والصديقون والشهداء الصالحون

ثم بين لهم شرف آدم عليهم في العلم فقال : " وعلم آدم الأسماء كلها " قال ابن عباس : هي هذه الأسماء لا يتعارف بها الناس : إنسان ، ودابة ، وأرض ، وسهل ، وبحر ، وجبل ، وجمل ، وحمار ، وأشباه ذلك من الأمم وغيرها

وقال مجاهد : علمه اسم الصحفة ، والقدر ، حتي الفسوة والفسية

وقال مجاهد : علمه اسم كل دابة ، وكل طير وكل شيء وكذا قال سعيد بن جبير وقتادة وغير واحد

وقال الربيع : علمه أسماء الملائكة وقال عبد الرحمن بن زيد : علمه أسماء ذريته

والصحيح : أنه علمه أسماء الذوات وأفعالها مكبرها ومصغرها ، كما أشار إليه ابن عباس رضي الله عنهما

وذكر البخاري هنا ما رواه هو و مسلم من طريق سعيد وهشام ، عن قتادة ، عن أنس بن مالك ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " يجمع المؤمنون يوم القيامة فيقولون لو استشفعنا إلى ربنا ، فيأتون آدم فيقولون أنت أبو البشر ، خلقك الله بيده ، وأسجد لك ملائكته ، وعلمك أسماء كل شيء " وذكر تمام الحديث

" ثم عرضهم على الملائكة فقال أنبئوني بأسماء هؤلاء إن كنتم صادقين " قال الحسن البصري : لما أراد الله خلق آدم ، قالت الملائكة : لا يخلق ربنا خلقاً إلا كنا أعلم منه فابتلوا بهذا ، وذلك قوله : " إن كنتم صادقين "

وقيل غير ذلك كما بسطناه في التفسير

قالوا : " سبحانك لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم " أي سبحانك أن يحيط أحد بشيء من علمك من غير تعليمك ، كما قال : " ولا يحيطون بشيء من علمه إلا بما شاء "

" قال يا آدم أنبئهم بأسمائهم فلما أنبأهم بأسمائهم قال ألم أقل لكم إني أعلم غيب السماوات والأرض وأعلم ما تبدون وما كنتم تكتمون " أي أعلم السر كما أعلم العلانية

وقيل : إن المراد بقوله : " أعلم ما تبدون " ما قالوا : " أتجعل فيها من يفسد فيها " وبقوله : " وما كنتم تكتمون " المراد بهذا الكلام إبليس حين أسر الكبر والنفاسة على آدم عليه السلام ، قاله سعيد بن جبير ومجاهد والسدي والضحاك والثوري واختاره ابن جرير

وقال أبو العالية والربيع والحسن وقتادة : " وما كنتم تكتمون " قولهم : لن يخلق ربنا خلقاً إلا كنا أعلم منه وأكرم عليه منه

وقوله : " وإذ قلنا للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا إلا إبليس أبى واستكبر " هذا إكرام عظيم من الله تعالى لآدم حين خلقه بيده ، ونفخ فيه من روحه ، كما قال : " فإذا سويته ونفخت فيه من روحي فقعوا له ساجدين " فهذه أربع تشريفات : خلقه بيده الكريمة ، ونفخه من روحه ، وأمر الملائكة بالسجود له ، وتعلميه أسماء الأشياء

ولهذا قال له موسى حين اجتمع هو وإياه في الملأ الأعلى وتناظرا كما سيأتي : " أنت آدم أبو البشر الذي خلقك الله بيده ونفخ فيك من روحه ، وأسجد لك ملائكته ، وعلمك أسماء كل شيء " وهكذا يقول له أهل المحشر يوم القيامة كما تقدم ، وكما سيأتي إن شاء الله تعالى

وقال في الآية الأخرى : " لقد خلقناكم ثم صورناكم ثم قلنا للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا إلا إبليس لم يكن من الساجدين * قال ما منعك أن لا تسجد إذ أمرتك قال أنا خير منه خلقتني من نار وخلقته من طين "

قال الحسن البصري : قال إبليس ، وهو أول من قاس وقال محمد بن سيرين : أول من قاس إبليس ، وما عبدت الشمس ولا القمر إلا بالمقاييس ، رواهما ابن جرير

ومعنى هذا أنه نظر نفسه بطريق المقايسة بينه وبين آدم فرأى نفسه أشرف من آدم فامتنع من السجود له ، مع وجود الأمر له ولسائر الملائكة بالسجود والقياس إذا كان مقابلاً بالنص كان فاسد الإعتبار ، ثم هو فاسد في نفسه ، فإن الطين أنفع وخير من النار ، لأن الطين فيه الرزانة والحلم والأناة والنمو ، والنار فيها الطيش والخفة والسرعة والإحراق

ثم إن آدم شرفه الله بخلقه له بيده ونفخه فيه من روحه ، ولهذا أمر الملائكة بالسجود له ، كما قال : " وإذ قال ربك للملائكة إني خالق بشرا من صلصال من حمإ مسنون * فإذا سويته ونفخت فيه من روحي فقعوا له ساجدين * فسجد الملائكة كلهم أجمعون * إلا إبليس أبى أن يكون مع الساجدين * قال يا إبليس ما لك أن لا تكون مع الساجدين * قال لم أكن لأسجد لبشر خلقته من صلصال من حمإ مسنون * قال فاخرج منها فإنك رجيم * وإن عليك اللعنة إلى يوم الدين " استحق هذا من الله تعالى لأنه استلزم تنقصه لآدم وازدارءه به وترفعه عليه مخالفة الأمر الإلهي ومعاندة الحق في النص على آدم على التعيين

وشرع في الإعتذار بما لا يجدي عنه شيئاً ، وكان اعتذاره أشد من ذنبه كما قال تعالى في سورة سبحان : " وإذ قلنا للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا إلا إبليس قال أأسجد لمن خلقت طينا * قال أرأيتك هذا الذي كرمت علي لئن أخرتن إلى يوم القيامة لأحتنكن ذريته إلا قليلا * قال اذهب فمن تبعك منهم فإن جهنم جزاؤكم جزاء موفورا * واستفزز من استطعت منهم بصوتك وأجلب عليهم بخيلك ورجلك وشاركهم في الأموال والأولاد وعدهم وما يعدهم الشيطان إلا غرورا * إن عبادي ليس لك عليهم سلطان وكفى بربك وكيلا "

وقال في سورة الكهف : " وإذ قلنا للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا إلا إبليس كان من الجن ففسق عن أمر ربه أفتتخذونه وذريته أولياء من دوني " أي خرج عن طاعة الله عمداً وعناداً وإستكباراً عن امتثال أمره ، وما ذاك إلا لأنه خانه طبعه ومادته الخبيثة أحوج ما كان إليه ، فإن مخلوق من نار كما قال ، وكما جاء في صحيح مسلم عن عائشة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " خلقت الملائكة من نور ، وخلقت الجان من مارج من نار ، وخلق آدم مما وصف لكم "

قال الحسن البصري : لم يكن إبليس من الملائكة طرفة عين قط وقال شهر بن حوشب : كان من الجن ، فلما أفسدوا في الأرض بعث الله إليه جنداً من الملائكة فقتلوهم وأجلوهم إلى جزائر البحار ، وكان إبليس ممن أسر فأخذوه معهم إلى السماء فكان هناك ، فلما أمرت الملائكة بالسجود امتنع إبليس منه

قال ابن مسعود وابن عباس وجماعة من الصحابة وسعيد بن المسيب وآخرون : كان إبليس رئيس الملائكة بالسماء الدنيا قال ابن عباس : وكان اسمه عزازيل ، وفي رواية عنه : الحارث قال النقاش : وكنيته أبو كردوس قال ابن عباس : وكان من حي من الملائكة يقال لهم الجن ، وكانوا خزان الجنان ، وكان من أشرفهم ومن أكثرهم علماً وعبادة وكان من أولى الأجنحة الأربعة فمسخه الله شيطاناً رجيماً

وقال في سورة ص : " إذ قال ربك للملائكة إني خالق بشرا من طين * فإذا سويته ونفخت فيه من روحي فقعوا له ساجدين * فسجد الملائكة كلهم أجمعون * إلا إبليس استكبر وكان من الكافرين * قال يا إبليس ما منعك أن تسجد لما خلقت بيدي أستكبرت أم كنت من العالين * قال أنا خير منه خلقتني من نار وخلقته من طين * قال فاخرج منها فإنك رجيم * وإن عليك لعنتي إلى يوم الدين * قال رب فأنظرني إلى يوم يبعثون * قال فإنك من المنظرين * إلى يوم الوقت المعلوم * قال فبعزتك لأغوينهم أجمعين * إلا عبادك منهم المخلصين * قال فالحق والحق أقول * لأملأن جهنم منك وممن تبعك منهم أجمعين "

وقال في سورة الأعراف : " قال فبما أغويتني لأقعدن لهم صراطك المستقيم * ثم لآتينهم من بين أيديهم ومن خلفهم وعن أيمانهم وعن شمائلهم ولا تجد أكثرهم شاكرين " أي بسبب إغوائك إياي لأقعدن لهم كل مرصد ، ولآتينهم من كل جهة منهم ، فالسعيد من خالفه والشقي من اتبعه

وقال الإمام أحمد : حدثنا هاشم بن القاسم ، حدثنا أبو عقيل - هو عبد الله بن عقيل الثقفي - حدثنا موسى بن المسيب ، وعن سالم بن أبي الجعد ، عن سبرة بن أبي الفاكه قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " إن الشيطان قعد لابن آدم بأطرقه " وذكر الحديث

وقد اختلف المفسرون في الملائكة المأمورين بالسجود لآدم

أهم جميع الملائكة كما دل عليه عموم الآيات ؟ وهو قول الجمهور

أو المراد بهم ملائكة الأرض ، كما رواه ابن جرير من طريق الضحاك عن ابن عباس ؟ وفيه انقطاع وفي السياق نكارة ، وإن كان بعض المتأخرين قد رجحه

ولكن الأظهر من السياقات الأولى ، ويدل عليه الحديث : " وأسجد له ملائكته " وهذا عموم أيضاً والله أعلم

وقوله تعالى لإبليس : " اهبط منها " و " اخرج منها " دليل على أنه كان في السماء فأمر بالهبوط منها ، والخروج من المنزلة والمكانة التي كان قد نالها بعبادته ، وتشبهه بالملائكة في الطاعة والعبادة ، ثم سلب ذلك بكبره وحسده ومخالفته لربه ، فأهبط إلى الأرض مذءوماً مدحوراً

وأمر الله آدم عليه السلام أن يسكن هو وزوجته الجنة فقال : " وقلنا يا آدم اسكن أنت وزوجك الجنة وكلا منها رغدا حيث شئتما ولا تقربا هذه الشجرة فتكونا من الظالمين وقال في الأعراف : " قال اخرج منها مذؤوما مدحورا لمن تبعك منهم لأملأن جهنم منكم أجمعين * ويا آدم اسكن أنت وزوجك الجنة فكلا من حيث شئتما ولا تقربا هذه الشجرة فتكونا من الظالمين "

وقال تعالى : " وإذ قلنا للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا إلا إبليس أبى * فقلنا يا آدم إن هذا عدو لك ولزوجك فلا يخرجنكما من الجنة فتشقى * إن لك أن لا تجوع فيها ولا تعرى* وأنك لا تظمأ فيها ولا تضحى "

وسياق هذه الآيات يقتضي أن خلق حواء كان قبل دخول آدم إلى الجنة لقوله : " ويا آدم اسكن أنت وزوجك الجنة " وهذا قد صرح به إسحاق بن يسار ، وهو ظاهر هذه الآيات

ولكن حكى السدي عن أبي صالح وأبي مالك ، وعن ابن عباس وعن مرة عن ابن مسعود ، وعن ناس من الصحابة أنهم قالوا : أخرج إبليس من الجنة وأسكن آدم الجنة ، فكان يمشي فيها وحشي ليس له فيها زوج يسكن إليها ، فنام نومة فاستيقظ وعند رأسه امرأة قاعدة خلقها الله من ضلعه فسألها : ما أنت ؟ قالت : امرأة قال : ولم خلقت ؟ قالت : لتسكن إلي فقالت له الملائكة ينظرون ما بلغ من علمه : ما اسمها يا آدم ؟ قال : حواء ، قالوا : ولم كانت حواء ؟ قال : لأنها خلقت من شيء حي

وذكر محمد بن إسحاق ، عن ابن عباس : أنها خلقت من ضلعه الأقصر الأيسر وهو نائم ولأم مكانه لحماً

ومصداق هذا في قوله تعالى : " يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالا كثيرا ونساء " الآية وفي قوله تعالى : " هو الذي خلقكم من نفس واحدة وجعل منها زوجها ليسكن إليها فلما تغشاها حملت حملا خفيفا فمرت به " الآية ، وسنتكلم عليها فيما بعد إن شاء الله تعالى

وفي الصحيحين من حديث زائدة ، عن ميسرة الأشجعي عن أبي حازم ، عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : " استوصوا بالنساء خيراً ، فإن المرأة خلقت من ضلع ، وإن أعوج شيء في الضلع أعلاه ، فإن ذهب تقيمه كسرته ، وإن تركته لم يزل أعوج فاستوصوا بالنساء خيراً " هذا لفظ البخاري

وقد اختلف المفسرون في قوله تعالى : " ولا تقربا هذه الشجرة " فقيل : هي الكرم ، وروى عن ابن عباس ، وسعيد بن جبير ، والشعبي وجعدة بن هبيرة ، ومحمد بن قيس ، والسدي في رواية عن ابن عباس ، وابن مسعود ، وناس من الصحابة ، قال : وتزعم يهود أنها الحنطة ، وهذا مروى عن ابن عباس والحسن والبصري ، ووهب بن منبه ، وعيطة العوفي ، وأبي مالك ، ومحارب بن دثار ، وعبدالرحمن بن أبي ليلى

وقال وهب : والحبة منه ألين من الزبد وأحلى من العسل

وقال الثوري عن أبي حصين ، عن أبي مالك : " ولا تقربا هذه الشجرة " هي النخلة وقال ابن جريج عن مجاهد : هي التينة ، وبه قال قتادة ، وابن جريج ، وقال أبو العالية : كانت شجرة من أكل منها أحدث ولا ينبغي في الجنة حدث

وهذا الخلاف قريب ، وقد أبهم الله ذكرها وتعيينها ، ولو كان في ذكرها مصلحة تعود إلينا لعينها لنا ، كما في غيرها من المحال التي تبهم في القرآن

وإنما الخلاف الذي ذكروه في أن هذه الجنة التي أدخلها آدم : هل هي في السماء أو في الأرض ، هو الخلاف الذي ينبغي فصله والخروج منه

والجمهور على أنها هي التي في السماء ، وهي جنة المأوى ، لظاهر الآيات والأحاديث كقوله تعالى : " وقلنا يا آدم اسكن أنت وزوجك الجنة " والألف واللام ليست للعموم ولا لمعهود لفظي ، وإنما تعود على معهد ذهني ، وهو مستقر شرعاً من جنة المأوي وكقوله موسى عليه السلام لآدم عليه السلام : " علام أخرجتنا ونفسك من الجنة " ؟ الحديث كما سيأتي الكلام عليه

وروى مسلم في صحيحه من حديث أبي مالك الأشجعي - اسمه سعد بن طارق - عن أبي حازم سلمة بن دينار ، عن أبي هريرة ، وأبو مالك عن ربعي ، عن حذيفة قالا : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " يجمع الله الناس فيقوم المؤمنون حين تزلف لهم الجنة فيأتون آدم فيقولون : يا أبانا استفتح لنا الجنة ، فيقول : وهل أخرجكم من الجنة إلا خطيئة أبيكم " ؟ وذكر الحديث بطوله

هذا فيه قوة جيدة ظاهرة في الدلالة على أنها جنة المأوى ، وليس تخلو عن نظر

وقال آخرون : بل الجنة التي أسكنها آدم لم تكن جنة الخلد ، لأنه كلف فيها ألا يأكل من تلك الشجرة ، ولأنه نام فيها وأخرج منها ودخل عليه إبليس فيها ، وهذا مما ينافي أن تكون جنة المأوى

وهذا القول محكي عن أبي بن كعب ، وعبد الله بن عباس ، ووهب بن منبه ، وسفيان بن عيينة ، واختاره ابن قتيبة في ( المعارف ) والقاضي بن منذر بن سعيد البلوطي في تفسيره ، وأفرد له مصنفاً على حدة ، وحكاه عن أبي حنيفة الإمام وأصحابه رحمهم الله ، ونقله أبو عبد الله محمد ابن عمر الرازي بن خطيب الري في تفسيره عن أبي القاسم البلخي ، وأبي مسلم الأصبهاني ، ونقله القرطبي في تفسيره عن المعتزلة والقدرية

وهذا القول هو نص التوراة التي بأيدي أهل الكتاب وممن حكى الخلاف في هذه المسألة أبو محمد بن حزم في ( الملل والنحل ) وأبو محمد بن عطية في تفسيره وأبو عيسى في الرماني في تفسيره ، وحكى عن الجمهور الأول ، وأبو القاسم الراغب ، والقاضي الماوردي في تفسيره فقال : واختلف في الجنة التي أسكناها - يعني آدم وحواء - على قولين : أحدهما : أنها جنة الجلد والثاني : أنها جنة أعدها الله لهما وجعلها دار إبتلاء ، وليست جنة الخلد التي جعلها دار جزاء

ومن قال بهذا اختلفوا على قولين : أحدهما : أنها في السماء لأنه أهبطهما منها ، وهذا قول الحسن ، والثاني أنها في الأرض لأنه امتحنهما فيها بالنهي عن الشجرة التي نهيا عنها دون غيرها من الثمار ، وهذا قول ابن يحيى ، وكان ذلك بعد أن أمر إبليس بالسجود لآدم والله أعلم بالصواب من ذلك

هذا كلامه فقد تضمن كلامه حكاية أقوال ثلاثة ، وأشعر كلامه أنه متوقف في المسألة ولهذا حكى أبو عبد الله الرازي في تفسيره في هذه المسألة أربعة أقوال : هذه الثلاثة التي أوردها المارودي ، ورابعها : الوقف وحكى القول بأنها في السماء وليست جنة المأوي ، عن أبي علي الجبائي

وقد أورد أصحاب القول الثاني سؤالاً يحتاج مثله إلى جواب ، فقالوا : لا شك أن الله سبحانه وتعالى طرد إبليس حين امتنع من السجود عن الحضرة الإلهية ، وأمره بالخروج عنها والهبوط منها وهذا الأمر ليس من الأوامر الشرعية بحيث يمكن مخالفته ، وإنما هو أمر قدري لا يخالف ولا يمانع ، ولهذا قال : " اخرج منها مذؤوما مدحورا " وقال : " اهبط منها فما يكون لك أن تتكبر فيها " وقال " اخرج منها فإنك رجيم " والضمير عائد إلى الجنة أو السماء أو المنزلة ، وأياً ما كان فمعلوم أنه ليس له الكون قدراً في المكان الذي طرد منه وأبعد منه ، لا على سبيل الإستقرار ولا على سبيل المرور والإجتياز

قالوا : ومعلوم من ظاهر سياقات القرآن أنه وسوس لآدم وخاطبه بقوله له : " هل أدلك على شجرة الخلد وملك لا يبلى " وبقوله : " ما نهاكما ربكما عن هذه الشجرة إلا أن تكونا ملكين أو تكونا من الخالدين * وقاسمهما إني لكما لمن الناصحين * فدلاهما بغرور " الآية

وهذا ظاهر في اجتماعه معهما في جنتهما

وقد اجيبوا عن هذا بأنه لا يمتنع أن يجتمع بهما في الجنة على سبيل المرور فيها ، لا على سبيل الإستقرار بها ، وأنه وسوس لهما وهو على باب الجنة أو من تحت السماء وفي الثلاثة نظر والله أعلم

ومما احتج به أصحاب هذه المقالة : ما رواه عبد الله بن الإمام أحمد في الزيادات ، عن هدبة ابن خالد ، عن حماد بن سلمة ، عن حميد ، عن الحسن البصري ، عين يحيى بن ضمرة السعدي ، عن أبي بن كعب ، قال : إن آدم لما احتضر اشتهى قطفاً من عنب الجنة ، فانطلق بنوه ليطلبوه له ، فلقيتهم الملائكة فقالوا : أين تريدون يا بني آدم ؟ فقالوا : إن أبانا اشتهى قطفاً من عنب الجنة فقالوا لهم : ارجعوا فقد كفيتموه فانتهوا إليه فقبضت روحه وغسلوه وحنطوه وكفنوه وصلى عليه جبريل ومن خلفه الملائكة ودفنوه ، وقالوا : هذه سنتكم في موتاكم

وسيأتي الحديث بسنده ، وتمام لفظه عند ذكر وفاء آدم عليه السلام

قالوا : فلولا أنه كان الوصول إلى الجنة التي كان فيها آدم التي اشتهى منها القطف ممكناً ، لما ذهبوا يطلبون ذلك ، فدل على أنها في الأرض لا في السماء والله تعالى أعلم

قالوا : والإحتجاج بأن الألف واللام في قوله : " ويا آدم اسكن أنت وزوجك الجنة " لم يتقدم عهد يعود عليه فهو المعهود الذهني مسلم ، ولكن هو ما دل عليه سياق الكلام ، فإن آدم خلق من الأرض ولم ينقل أنه رفع إلى السماء ، وخلق ليكون في الأرض ، وبهذا أعلم الرب الملائكة حيث قال : " إني جاعل في الأرض خليفة "

قالوا : وهذا كقوله تعالى : " إنا بلوناهم كما بلونا أصحاب الجنة " فالألف واللام ليس للعموم ، ولم يتقدم معهود لفظي ، وإنما هو للمعهود الذهني الذي دل عليه السياق وهو البستان

قالوا : وذكر الهبوط لا يدل على النزول من السماء ، قال الله تعالى : " قيل يا نوح اهبط بسلام منا وبركات عليك وعلى أمم ممن معك " وإنما كان في السفينة حتى استقرت على الجودي ونضب الماء على وجه الأرض أمر أن يهبط إليه هو ومن معه مباركاً عليه وعليهم

وقال الله تعالى : " اهبطوا مصرا فإن لكم ما سألتم " الآية وقال تعالى : " وإن منها لما يهبط من خشية الله " الآية وفي الأحاديث واللغة من هذا كثير

قالوا : ولا مانع - بل هو الواقع - أن الجنة التي أسكنها آدم كانت مرتفعة عن سائر بقاع الأرض ، ذات أشجار وثمار وظلال ونعيم ونضرة وسرور ، كما قال تعالى : " إن لك أن لا تجوع فيها ولا تعرى " أي لا يذل باطنك بالجوع ولا ظاهرك بالعري " وأنك لا تظمأ فيها ولا تضحى " أي لا يمس باطنك حر الظمأ ولا ظاهرك حر الشمس ، ولهذا قرن هذا وهذا ، وبين هذا وهذا ، لما بينهما من الملاءمة

فلما كان منه ما كان من أكله من الشجر التي نهي عنها ، أهبط إلى أرض الشقاء والتعب ، والنصب والكدر ، والسعي والنكد ، والإبتلاء والإختبار والإمتحان ، واختلاف السكان ديناً وأخلاقاً وأعمالاً ، وقصوداً وإرادات وأقولاً وأفعالاً ، كما قال تعالى : " ولكم في الأرض مستقر ومتاع إلى حين "

ولا يلزم من هذا أنهم كانوا في السماء كما قال : " وقلنا من بعده لبني إسرائيل اسكنوا الأرض فإذا جاء وعد الآخرة جئنا بكم لفيفا " ، ومعلوم أنهم كانوا فيها ولم يكونوا في السماء

قالوا : وليس هذا القول مفرعاً على قول من ينكر وجود الجنة والنار اليوم ، ولا تلازم بينهما ، فكل من حكى عنه هذا القول من السلف وأكثر الخلف ، ممن يثبت وجود الجنة والنار اليوم ، كما دلت عليه الآيات والأحاديث الصحاح والله سبحانه وتعالى أعلم بالصواب


قصَصُ الأنبيَاء - صفحة 3 500092465

قصَصُ الأنبيَاء - صفحة 3 500092465

تحياتي لكم

قصَصُ الأنبيَاء - صفحة 3 500092465

قصَصُ الأنبيَاء - صفحة 3 500092465

قصَصُ الأنبيَاء - صفحة 3 483098003
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

كاتب الموضوعرسالة
المدير
AMINE PàTCHIKà
AMINE PàTCHIKà




المدير العام
منتديات أمين عبلة الحب :

قصَصُ الأنبيَاء - صفحة 3 Empty
مُساهمةموضوع: رد: قصَصُ الأنبيَاء   قصَصُ الأنبيَاء - صفحة 3 Emptyالأحد يناير 13, 2013 11:19 am

قصَصُ الأنبيَاء - صفحة 3 500092465

قصَصُ الأنبيَاء - صفحة 3 500092465

قصة موسى والخضر عليهما السلام

قصَصُ الأنبيَاء - صفحة 3 500092465



قصَصُ الأنبيَاء - صفحة 3 500092465

قال الله تعالى : " وإذ قال موسى لفتاه لا أبرح حتى أبلغ مجمع البحرين أو
أمضي حقبا * فلما بلغا مجمع بينهما نسيا حوتهما فاتخذ سبيله في البحر سربا *
فلما جاوزا قال لفتاه آتنا غداءنا لقد لقينا من سفرنا هذا نصبا * قال
أرأيت إذ أوينا إلى الصخرة فإني نسيت الحوت وما أنسانيه إلا الشيطان أن
أذكره واتخذ سبيله في البحر عجبا * قال ذلك ما كنا نبغ فارتدا على آثارهما
قصصا * فوجدا عبدا من عبادنا آتيناه رحمة من عندنا وعلمناه من لدنا علما *
قال له موسى هل أتبعك على أن تعلمن مما علمت رشدا * قال إنك لن تستطيع معي
صبرا * وكيف تصبر على ما لم تحط به خبرا * قال ستجدني إن شاء الله صابرا
ولا أعصي لك أمرا * قال فإن اتبعتني فلا تسألني عن شيء حتى أحدث لك منه
ذكرا * فانطلقا حتى إذا ركبا في السفينة خرقها قال أخرقتها لتغرق أهلها لقد
جئت شيئا إمرا * قال ألم أقل إنك لن تستطيع معي صبرا * قال لا تؤاخذني بما
نسيت ولا ترهقني من أمري عسرا * فانطلقا حتى إذا لقيا غلاما فقتله قال
أقتلت نفسا زكية بغير نفس لقد جئت شيئا نكرا * قال ألم أقل لك إنك لن
تستطيع معي صبرا * قال إن سألتك عن شيء بعدها فلا تصاحبني قد بلغت من لدني
عذرا * فانطلقا حتى إذا أتيا أهل قرية استطعما أهلها فأبوا أن يضيفوهما
فوجدا فيها جدارا يريد أن ينقض فأقامه قال لو شئت لاتخذت عليه أجرا * قال
هذا فراق بيني وبينك سأنبئك بتأويل ما لم تستطع عليه صبرا * أما السفينة
فكانت لمساكين يعملون في البحر فأردت أن أعيبها وكان وراءهم ملك يأخذ كل
سفينة غصبا * وأما الغلام فكان أبواه مؤمنين فخشينا أن يرهقهما طغيانا
وكفرا * فأردنا أن يبدلهما ربهما خيرا منه زكاة وأقرب رحما * وأما الجدار
فكان لغلامين يتيمين في المدينة وكان تحته كنز لهما وكان أبوهما صالحا
فأراد ربك أن يبلغا أشدهما ويستخرجا كنزهما رحمة من ربك وما فعلته عن أمري
ذلك تأويل ما لم تسطع عليه صبرا "

قال بعض أهل الكتاب : إن موسى هذا الذي رحل إلى الخضر هو موسى بن منسا بن
يوسف بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم الخليل ، وتابعهم على ذلك بعض من يأخذ
من صحفهم وينقل عن كتبهم ، منهم نوف بن فضالة الحميري الشامي البكالي
ويقال إنه دمشقي ، وكانت أمه زوجة كعب الأحبار

والصحيح الذي دل عليه سياق القرآن ونص الحديث الصحيح الصريح المتفق عليه : أنه موسى بن عمران صاحب بني إسرائيل

قال البخاري : حدثنا الحميدي ، حدثنا سفيان ، حدثنا عمرو بن دينار ، قال :
أخبرني سعيد بن جبير قال : قلت لابن عباس : إن نوفاً البكالي يزعم أن موسى
صاحب الخضر ليس هو صاحب بني إسرائيل ، فقال ابن عباس : كذب عدو الله
حدثنا أبي بن كعب أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " إن موسى
قام خطيباً في بني إسرائيل فسئل : أي الناس أعلم ؟ فقال :أنا فعتب الله
عليه إذ لم يرد العلم إليه ، فأوحى الله إليه ، إن لي عبداً بمجمع البحرين
هو أعلم منك قال موسى : يارب فكيف لي به ؟ قال : تأخذ معك حوتاً فتجعله
في مكتل فحيثما فقدت الحوت فهو ثم ، فأخذ حوتاً فجعله في مكتل ، ثم انطلق
وانطلق معه فتاه يوشع ابن نون ، حتى إذا أتيا الصخرة وضعا رءوسهما فناما
واضطرب الحوت في المكتب ، فخرج منه فسقط في البحر ، واتخذ سبيله في البحر
سرباً وأمسك الله عن الحوت جرية الماء ، فصار عليه مثل الطاق فلما استيقظ
نسي صاحبه أن يخبره بالحوت ، فانطلقا بقية يومهما وليلتهما

حتى إذا كان من الغد قال موسى لفتاه : " آتنا غداءنا لقد لقينا من سفرنا
هذا نصبا " قال ولم يجد موسى النصب حتى جاوز المكان الذي أمره الله به ،
فقال له فتاه : " أرأيت إذ أوينا إلى الصخرة فإني نسيت الحوت وما أنسانيه
إلا الشيطان أن أذكره واتخذ سبيله في البحر عجبا " قال : فكان للحوت سرباً ،
ولموسى ولفتاه عجباً فقال له موسى : " ذلك ما كنا نبغ فارتدا على آثارهما
قصصا "

قال : فرجعا يقصان آثارهما حتى انتهيا إلى الصخرة ، فإذا رجل مسجى بثوب
فسلم عليه موسى ، فقال الخضر ، وأنى بأرضك السلام ؟ قال : أنا موسى قال :
موسى بني إسرائيل ؟ قال : نعم ، أتيتك لتعلمني مما علمت رشداً : " قال إنك
لن تستطيع معي صبرا " يا موسى إني على علم من علم الله علمنيه الله لا
تعلمه أنت ، وأنت على علم من علم الله علمكه الله لا أعلمه

فقال موسى : " ستجدني إن شاء الله صابرا ولا أعصي لك أمرا "

فقال له الخضر : " فإن اتبعتني فلا تسألني عن شيء حتى أحدث لك منه ذكرا *
فانطلقا " يمشيان على ساحل البحر ، فمرت بهما سفينة فكلموهم أن يحملوهم ،
فعرفوا الخضر فحملوههم بغير نول فلما ركبا في السفينة لم يفجأ إلا والخضر
قد قلع لوحاً من ألواح السفينة بالقدوم ، فقال له موسى : قوم حملونا بغير
نول ، عمدت إلى سفينتهم فخرقتها " لتغرق أهلها لقد جئت شيئا إمرا * قال ألم
أقل إنك لن تستطيع معي صبرا * قال لا تؤاخذني بما نسيت ولا ترهقني من أمري
عسرا "

قال : وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : فكانت الأولى من موسى نسياناً
قال : وجاء عصفور فوقع على حرف السفينة فنقر في البحر نقرة ، فقال له الخضر
: ما علمي وعلمك من علم الله إلا مثل ما نقص هذا العصفور بمنقاره من هذا
البحر !

ثم خرجا من السفينة ، فبينما هما يمشيان على الساحل إذ أبصر الخضر غلاماً
يلعب مع الغلمان ، فأخذ الخضر رأسه بيده فاقتلعه بيده فقتله ، فقال له موسى
: " أقتلت نفسا زكية بغير نفس لقد جئت شيئا نكرا * قال ألم أقل لك إنك لن
تستطيع معي صبرا " قال : وهذه أشد من الأولى " قال إن سألتك عن شيء بعدها
فلا تصاحبني قد بلغت من لدني عذرا "

" فانطلقا حتى إذا أتيا أهل قرية استطعما أهلها فأبوا أن يضيفوهما فوجدا
فيها جدارا يريد أن ينقض " قال : مائل فقام الخضر " فأقامه " بيده ، فقال
موسى : قوم أتيناهم فلم يطعمونا ولم يضيفونا " لو شئت لاتخذت عليه أجرا *
قال هذا فراق بيني وبينك سأنبئك " إلى قوله : " ذلك تأويل ما لم تسطع عليه
صبرا " فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : وددنا أن موسى كان صبر حتى يقص
الله علينا من خبرهما "

قال سعيد بن جبير : فكان ابن عباس يقرأ : وكان أمامهم ملك يأخذ كل سفينة
غصباً وكان يقرأ : وأما الغلام فكان كافراً وكان أبواه مؤمنين

ثم رواه البخاري أيضاً عن قتيبة عن سفيان بن عيينة بإسناده نحوه ، وفيه
: فخرج موسى ومعه فتاه يوشع بن نون ومعهما الحوت حتى انتهيا إلى الصخرة
فنزلا عندها ، قال ؟ فوضع موسى رأسه فنام

قال سفيان : وفي حديث غير عمرو قال : وفي أصل الصخرة عين يقال لها الحياة ،
لا يصيب من مائها شيء إلا حيى ، فأصاب الحوت من ماء تلك العين ، قال :
فتحرك وانسل من المكتل فدخل البحر ، فلما استيقظ قال موسى لفتاه : " آتنا
غداءنا لقد لقينا " الآية وساق الحديث

وقال : ووقع عصفور على حرف السفينة فغمس منقاره في البحر ، فقال الخضر
لموسى : ما علمي وعلمك وعلم الخلائق في علم الله إلا مقدار ما غمس هذا
العصفور منقاره وذكر تمام الحديث

وقال البخاري : حدثنا إبراهيم بن موسى ، حدثنا هشام بن يوسف : أن ابن
جريج أخبرهم ، قال : أخبرني يعلى بن مسلم وعمرو بن دينار ، عن سعيد بن جبير
، يزيد أحدهما على صاحبه وغيرهما قد سمعته يحدثه عن سعيد بن جبير قال :
إنا لعند ابن عباس في بيته إذ قال : سلوني ، فقلت : أي أبا عباس - جعلني
الله فداك - بالكوفة رجل قاص يقال له نوف ، يزعم أنه ليس بموسى بني
إسرائيل أما عمرو فقال لي ، فقال : قد كذب عدو الله وأما يعلى فقال لي :
قال ابن عباس : حدثني أبي بن كعب قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
موسى رسول الله قال : ذكر الناس يوماً حتى إذا فاضت العيون ، ورقت القلوب
ولى ، فأدركه رجل فقال : أي رسول الله ! هل في الأرض أحد أعلم منك ؟ قال :
لا فعتب الله عليه إذ لم يرد العلم إلى الله ، وقيل : بلى قال : أي رب
فأين ؟ قال : بمجمع البحرين ، قال : أي رب اجعل لي علماً أعلم ذلك به قال
لي عمرو : قال : حيث يفارقك الحوت ، وقال لي يعلى : قال : خذ نوناً ميتاً
حيت ينفخ فيه الروح

فأخد حوتاً فجعله في مكتل ، فقال لفتاه : لا أكلفك إلا أن تخبني بحيث
يفارقك الحوت ، قال : ما كلفت كثيراً ، فذلك قوله جل ذكره : " وإذ قال موسى
لفتاه " يوشع بن نون ، ليست عن سعيد بن جبير ، قال بينما هو في ظل صخرة في
مكان ثريان إذ تضرب الحوت وموسى نائم ، فقال فتاه لا أوقظه ، حتى إذا
استيقظ نسى أن يخبره ، وتضرب الحوت حتى دخل البحر فأمسك الله عنه جرية
البحر حتى كان أثره في حجر ، قال لي عمرو : هكذا ، كان أثره في حجر وحلق
بين إبهاميه واللتين تليانهما

" لقد لقينا من سفرنا هذا نصبا " قال : قد قطع الله عنك النصب ليست هذه عن
سعيد أخبره فرجعا فوجدا خضراً - قال لي عثمان بن أبي سلمان - عن طنفسة
خضراء على كبد البحر ، قال سعيد بن جبير مسجى بثوبه ، قد جعل طرفه تحت
رجليه ، وطرفه تحت رأسه ، فسلم عليه موسى فكشف عن وجهه ، وقال : هل بأرضي
من سلام ؟ من أنت ؟ فقال : أنا موسى قال : موسى بني إسرائيل ؟ قال : نعم
قال : فما شأنك ؟ قال : جئتك لتعلمني مما علمت رشداً ، قال : أما يكفيك أن
التوراة بيديك ، وأن الوحي يأتيك ؟ يا موسى إن لي علماً لا ينبغي لك أن
تعلمه ، وإن لك علماً لا ينبغي لي أن أعلمه فأخذ طائر بمنقاره من البحر ،
فقال : والله ماعلمي وعلمك في جنب علم الله كما أخذ هذا الطائر بمنقاره من
البحر

" حتى إذا ركبا في السفينة " وجد معابر صغاراً تحمل أهل هذا الساحر إلي أهل
هذا الساحل الآخر ، عرفوه فقالوا : عبد الله الصالح قال : فقلنا لسعيد :
خضر ؟ قال : نعم لا نحمله بأجر ، فخرقها ووتد فيها وتداً " قال " موسى : "
أخرقتها لتغرق أهلها لقد جئت شيئا إمرا " قال مجاهد : منكراً ؟ " قال ألم
أقل إنك لن تستطيع معي صبرا " كانت الأولى نسياناً والوسطى شرطاً ،
والثالثة عمداً " قال لا تؤاخذني بما نسيت ولا ترهقني من أمري عسرا *
فانطلقا حتى إذا لقيا غلاما فقتله " قال يعلى قال سعيد : وجد غلماناً
يلعبون فأخذ غلاماً كافراً ظريفاً فأضجعه ثم ذبحه بالسكين " قال أقتلت
نفسا زكية بغير نفس " لم تعلم

بالخبيث وكان ابن عباس قرأها : زكية زاكية مسلمة كقولك : غلاماً زكياً

فانطلقا " فوجدا فيها جدارا يريد أن ينقض فأقامه " قال سعيد بيده هكذا ،
ورفع يده فاستقام قال يعلى : حسبت أن سعيداً قال : فمسح بيده فاستقام : "
قال لو شئت لاتخذت عليه أجرا " قال سعيد ، أجراً نأكله

" وكان وراءهم " كان أمامهم ، قرأها ابن عباس : أمامهم ملك يزعمون عن غير
سعيد أنه هدد بن بدد والغلام المقتول اسمه يزعمون جيسور " ملك يأخذ كل
سفينة غصبا " فأردت إذا هي مرت به أن يدعها لعيبها ، فإذا جاوزوا أصلحوها
فانتفعوا بها ، ومنهم من يقول : سدوها بقارورة ، ومنهم من يقول بالقار

" فكان أبواه مؤمنين " وكان كافراً " فخشينا أن يرهقهما طغيانا وكفرا " أي
يحملهما حبه على أن يتابعاه على دينه " فأردنا أن يبدلهما ربهما خيرا منه
زكاة " لقوله : " أقتلت نفسا زكية " " وأقرب رحما " هما به أرحم منهما
بالأول الذي قتل الخضر

وزعم غير سعيد بن جبير أنهم أبدلا جارية ، وأما داود ابن أبي عاصم فقال غير واحد :إنها جارية

وقد رواه عبد الرزاق ، عن معمر ، عن أبي إسحاق ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن
عباس قال : خطب موسى بني إسرائيل ، فقال : ما أحد أعلم بالله وبأمره مني ،
فأمر أن يلقى هذا الرجل ، فذكر نحو ما تقدم

وهكذا رواه محمد بن إسحاق عن الحسن بن عمارة ، عن الحكم ابن عيينة ، عن
سعيد بن جبير ، عن ابن عباس ، عن أبي بن كعب ، عن رسول الله صلى الله عليه
وسلم كنحو ما تقدم أيضاً

ورواه العوفي عنه موقوفاً وقال الزهري عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة
بن مسعود عن ابن عباس : أنه تمارى هو والحر بن قيس بن حصن الفزاري في صاحب
موسى ، فقال ابن عباس : هو خضر فمر بهم أبي بن كعب فدعاه ابن عباس ، فقال :
إني تماريت أنا وصاحبي هذا في صاحب موسى الذي سأل السبيل إلى لقياه ، فهل
سمعت من رسول الله فيه شيئاً ؟ قال : نعم ، وذكر الحديث

وقد تقصينا طرق هذا الحديث وألفاظه في تفسير سورة الكهف ولله الحمد

وقوله : " وأما الجدار فكان لغلامين يتيمين في المدينة " قال السهيلى :
وهما أصرم وصريم ابنا كاشح " وكان تحته كنز لهما " قيل كان ذهباً ، قاله
عكرمة وقيل علماً ، قاله ابن عباس ، والأشبه أنه كان لوحاً من ذهب مكتوباً
في علم قال البزار : حدثنا إبراهيم بن سعيد الجوهري ، حدثنا بشر بن
المنذر ، حدثنا الحارث بن عبد الله اليحصبي ، عن عياش بن عباس الغساني ، عن
ابن حجيرة ، عن أبي ذر رفعه قال : " إن الكنز الذي ذكره الله في كتابه لوح
من الذهب مصمت مكتوب فيه : عجبت لمن أيقن بالقدر كيف نصب ؟ وعجبت لمن ذكر
النار لم ضحك ؟ وعجبت لمن ذكر الموت كيف غفل ؟ لا إله إلا الله محمد رسول
الله "

وهكذا روى عن الحسن البصري وعمر مولى غفرة وجعفر الصادق نحو هذا

وقوله : " وكان أبوهما صالحا " قيل إنه كان الأب السابع وقيل العاشر ، وعلى
كل تقدير : فيه دلالة على أن الرجل الصالح يحفظ في ذريته والله المستعان


وقوله : " رحمة من ربك " دليل على أنه كان نبياً ، وأنه ما فعل شيئاً من
تلقاء نفسه بل بأمر ربه فهو نبي ، وقيل رسول ، وقيل ولي ، وأغرب من هذا من
قال إنه كان ملكاً قلت وقد أغرب جداً من قال هو ابن فرعون ، وقيل إنه ابن
ضحاك الذي ملك الدنيا ألف سنة

قال ابن جرير : والذي عليه جمهور أهل الكتاب أنه كان في زمن أفريدون
ويقال إنه كان على مقدمة ذي القرنين ، الذي قيل إنه كان أفريدون ، وذو
الفرس هو الذي كان في زمن الخليل ، وزعموا أنه شرب من ماء الحياة فخلد وهو
باق إلى الآن

وقيل إنه من ولد بعض من آمن بإبراهيم ، وهاجر معه من أرض بابل وقيل اسمه
ملكان وقيل أرميا بن حلقيا وقيل كان نبياً في زمن سباسب بن بهراسب

قال ابن جرير : وقد كان بين أفريدون وبين سباسب دهور طويلة لا يجهلها أحد
من أهل العلم بالأنساب ، قال ابن جرير والصحيح أنه كان في زمن أفريدون ،
واستمر حياً إلى أن أدركه موسى عليه السلام وكانت نبوة موسى في زمن منو
شهر الذي هو من ولد أبرج بن أفريدون أحد ملوك الفرس ، وكان إليه الملك بعد
جده أفريدون لعهده وكان عدلاً وهو أول من خندق الخنادق وأول من جعل في
كل قرية دهقاناً وكانت مدة ملكه قريباً من مائة وخمسين سنة ويقال إنه كان
من سلالة إسحاق بن إبراهيم

وقد ذكر عنه من الخطب الحسان والكلم البليغ النافع الفصيح ما يبهر العقل ،
ويحير السامع ، وهذا يدل على أنه من سلالة الخليل والله أعلم

وقد قال الله تعالى : " وإذ أخذ الله ميثاق النبيين لما آتيتكم من كتاب
وحكمة ثم جاءكم رسول مصدق لما معكم لتؤمنن به ولتنصرنه قال أأقررتم وأخذتم
على ذلكم إصري قالوا أقررنا قال فاشهدوا وأنا معكم من الشاهدين "

فأخذ الله ميثاق كل نبي على أن يؤمن بمن يجيء بعده من الأنبياء وينصره
واستلزم ذلك الإيمان وأخذ الميثاق لمحمد صلى الله عليه وسلم لأنه خاتم
الأنبياء فحق على كل نبي أدركه أن يؤمن به وينصره فلو كان الخضر حياً في
زمانه ، لما وسعه إلا اتباعه والإجتماع به والقيام بنصره ، ولكان من جملة
من تحت لوائه يوم بدر ، كما كان تحتها جبريل وسادات من الملائكة

وقصارى الخضر عليه السلام أن يكون نبياً ، وهو الحق أو رسولاً كما قيل ،
أو ملكاً فيها ذكر ، وأياً ما كان فجبريل رئيس الملائكة ، وموسى أشرف من
الخضر ، ولو كان حياً لوجب عليه الإيمان بمحمد ونصرته ، فكيف إن كان الخضر
ولياً كما يقوله طوائف كثيرون ؟ فأولى أن يدخل في عموم البعثة وأحرى ، ولم
ينقل في حديث حسن بل ولا ضعيف يعتمد أنه جاء يوماً واحداً إلى رسول الله
صلى الله عليه وسلم ، ولا اجتمع به وما ذكر من حديث التعزية فيه ، وإن كان
الحاكم قد رواه ، فإسناده ضعيف والله أعلم ، وسنفرد لخضر ترجمة على حدة
بعد هذا

ذكر الحديث الملقب بحديث الفتون

المتضمن قصة موسى من أولها إلى آخرها

قال الإمام أبو عبد الرحمن النسائي في كتاب التفسير من سننه ، عند قوله
تعالى في سورة طه : " وقتلت نفسا فنجيناك من الغم وفتناك فتونا " : حديث
الفتون

حدثنا عبد الله بن محمد ، حدثنا يزيد بن هارون ، حدثنا أصبغ بن زيد ، حدثنا
القاسم ابن أبي أيوب ، أخبرني سعيد بن جبير قال : سألت عبد الله بن عباس
عن قول الله تعالى لموسى : " وفتناك فتونا " فسألته عن الفتون ما هي ؟ فقال
: استأنف النهار يا ابن جبير فإن لها حديثاً طويلاً

فلما أصبحت غدوت إلى ابن عباس لأتنجز منه ما وعدني من حديث الفتون ، فقال :
تذكر فرعون وجلساؤه ما كان الله وعد إبراهيم عليه السلام أن يجعل في ذريته
أنبياء وملوكاً ، فقال بعضهم : إن بني إسرائيل ينتظرون ذلك ما يشكون فيه ،
وكانوا يظنون أنه يوسف بن يعقوب ، فلما هلك قالوا : ليس هكذا كان وعد
إبراهيم ، فقال فرعون : فكيف ترون ؟ فأتمروا وأجمعوا أمرهم على أن يبعث
رجالاً معهم الشفار ، يطوفون في بني إسرائيل ، فلا يجدون مولوداً ذكراً إلا
ذبحوه ففعلوا ذلك

فلما رأوا أن الكبار من بني إسرائيل يموتون بآجالهم ، والصغار يذبحون قالوا
: توشكون أن تفنوا بني إسرائيل فتصيروا إلى أن تباشروا من الأعمال والخدمة
التي كانوا يكفونهم ، فاقتلوا عاماً كل مولود ذكر واتركوا بناتهم ، ودعوا
عاماً فلا تقتلوا منهم أحداً ، فيشب الصغار مكان من يموت من الكبار ، فإنهم
لن يكثروا بمن تستحيون منهم ، فتخافوا مكاثركم إياكم ، ولن يفنوا بمن
تقتلون وتحتاجون إليهم

فأجمعوا أمرهم على ذلك ، فحملت أم موسى بهارون في العام الذي لا يقتل فيه الغلمان ، فولدته علانية آمنة

فلما كان من قابل حملت بموسى عليه السلام ، فوقع قي قلبها الهم والحزن ،
وذلك من الفتون ، يا ابن جبير ما دخل عليه في بطن أمه مما يراد به فأوحى
الله إليها : " لا تخافي ولا تحزني إنا رادوه إليك وجاعلوه من المرسلين "
فأمرها إذا ولدت أن تجعله في تابوت وتلقيه في اليم

فلما ولدت فعلت ذلك ، فلما توارى عنها ابنها أتاها الشيطان ، فقالت في
نفسها : ما فعلت بابني ؟ لو ذبح عندي فواريته وكفنته كان أحب إلي من أن
ألقيه إلى دواب البحر وحيتانه

فانتهى الماء به حتى أوفي عند فرضة تستقي منها جواري امرأة فرعون ، فلما
رأينه أخذنه ، فهممن أن يفتحن التابوت ، فقال بعضهن : إن في هذا مالاً ،
وإنا إن فتحناه لم تصدقنا امرأة الملك بما وجدنا فيه ، فحملنه كهيئته لم
يخرجن منه شيئاً حتى دفعنه إليها فلما فتحته رأت فيه غلاماً ، فألقي الله
عليه منها محبة لم يلق منها على أحد قط " وأصبح فؤاد أم موسى فارغا " من
ذكر كل شيء إلا من ذكر موسى فلما سمع الذباحون بأمره أقبلوا بشفارهم إلى
امرأة فرعون ليذبحوه وذلك من الفتون يا ابن جبير !

فقالت لهم : أقروه فإنه هذا الواحد لا يزيد في بني إسرائيل حتى آتى فرعون
فأستوهبه منه ، فإن وهبه منى كنتم قد أحسنتم وأجملتم ، وإن أمر بذبحه لم
ألمكم فأتت فرعون فقالت : " قرة عين لي ولك " فقال فرعون : يكون لك ، فأما
لي فلا حاجة لي فيه ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " والذي يحلف
به لو أقر فرعون لأن يكون قرة عين له ، كما أقرت امرأته لهداه الله كما
هداها ، ولكن حرمه ذلك "

فأرسلت إلى من حولها إلى كل امرأة لها لأن تختار له ظئراً ، فجعل كلما
أخذته امرأة منهن لترضعه لم يقبل على ثديها ، حتى أشفقت امرأة فرعون أن
يمتنع من اللبن فيموت ، فأحزنها ذلك فأمرت به فأخرج إلى السوق وجمع الناس
ترجو أن تجد له ظئراً تأخذه منها ، فلم يقبل وأصبحت أم موسى ولها ، فقالت
لأخته : قص أثره واطلبيه ، هل تسمعين له ذكراً ؟ أحي ابني أم قد أكلته
الدواب ؟ ونسيت ما كان الله وعدها فيه

" فبصرت به " أخته " عن جنب وهم لا يشعرون " والجنب : أن يسمو بصر الإنسان
إلى شيء بعيد وهو إلى جنبه لا يشعر به فقالت من الفرح حين أعياهم الظئرات :
أنا " أدلكم على أهل بيت يكفلونه لكم وهم له ناصحون " فأخذوها فقالوا : ما
يدريك ما نصحهم له ؟ هل تعرفينه ؟ حتى شكوا في ذلك ، وذلك من الفتون يا
ابن جبير ! فقالت : نصحهم له وشفقتهم عليه رغبتهم في صهر الملك ورجاء منفعة
الملك فأرسلوها فانطلقت إلى أمها فأخبرتها الخبر ، فجاءت أمه ، فلما
وضعته في حجرها نزا إلى ثديها فمصه حتى امتلأ جنباه ريا ، وانطلق البشير
إلى امرأة فرعون يبشرها أن قد وجدنا لابنك ظئراً ، فأرسلت إليها فأتت بها
وبه

فلما رأت ما يصنع بها قالت : امكثي ترضعي ابني هذا ، فإني لم أحب شيئاً حبه
قط ، قالت أم موسى : لا أستطيع أن أترك بيتى وولدي فيضيع ، فإن طابت نفسك
أن تعطينيه ، فأذهب به إلى بيتي ، فيكون معى لا آلوه خيراً ، فعلت ، فإني
غير تاركة بيتي وولدي ، وذكرت أم موسى ما كان الله وعدها ، فتعاسرت على
امرأة فرعون وأيقنت أن الله منجز موعوده ، فرجعت إلى بيتها من يومها ،
وأنبته الله نباتاً حسناً ، وحفظه لما قد قضي فيه فلم يزل بنو إسرائيل وهم
في ناحية القرية ، ممتنعين من السخرة والظلم ما كان فيهم

فلما ترعرع قالت امرأة فرعون لأم موسى : أزيريني ابني ، فوعدتها يوماً
تزيرها إياه فيه ، وقالت امرأة فرعون لخزانها وظئورها وقهارمتها : لا يبقين
أحد منكم إلا استقبل ابني اليوم بهدية وكرامة ، لأرى ذلك فيه وأنا باعثة
أميناً يحصى كل ما يصنع كل إنسان منكم ، فلم تزل الهدايا والكرامة والنحل
تستقبله من حين خرج من بيت أمه إلى أن دخل على امرأة فرعون فلما دخل عليها
نحلته وأكرمته وفرحت به ، وأنحلت أمه لحسن أثرها عليها ثم قالت : لآتين
به فرعون فلينحلنه وليكرمنه

فلما دخلت به عليه جعله في حجره ، فتناول موسى لحية فرعون فمدها إلى الأرض ،
فقال الغواة من أعداء الله لفرعون : ألا ترى ما وعد الله إبراهيم نبيه ؟
إنه زعم أنه يرثك ويعلوك ويصرعك ! فأرسل إلى الذباحين ليذبحوه ، وذلك من
الفتون يا ابن جبير بعد كل بلاء أبتلي به وأريد به

فجاءت امرأة فرعون تسعى إلى فرعون ، فقالت : ما بدا لك في هذا الغلام الذي
وهبته لي ؟ فقال : ألا ترينه يزعم أن يصرعني ويعلوني ؟ فقالت : اجعل بيني
وبينك أمراً تعرف فيه الحق ، ائت بجمرتين ولؤلؤتين فقربهن إليه ! فإن بطش
بالؤلؤتين واجتنب الجمرتين عرفت أنه يعقل ، وإن تناول الجمرتين ولم يرد
اللؤلؤتين ، علمت أن أحداً لا يؤثر الجمرتين على اللؤلؤتين وهو عاقل فقرب
إليه الجمرتين واللؤلؤتين فتناول الجمرتين ، فانتزعهما منه مخافة أن تحرقا
يده ، فقالت المرأة : ألا ترى ؟ فصرفه الله عنه بعد ما كان هم به ، وكان
الله بالغاً فيه أمره

فلما بلغ أشده وكان من الرجال ، لم يكن أحد من آل فرعون يخلص إلى أحد من
بني إسرائيل معه بظلم ولا سخرة ، حتى امتنعوا كل الإمتناع فبينما موسى
عليه السلام يمشي في ناحية المدينة ، إذا هو برجلين يقتتلان أحدهما فرعوني
والآخر إسرائيلي فاستغاثه الإسرائيلي على الفرعوني ، فغضب موسى غضباً
شديداً ، لأنه تناوله وهو يعلم منزلته من بني إسرائيل وحفظه لهم لا يعلم
الناس إلا أنه من الرضاع إلا أم موسى ، إلا أن يكون الله أطلع موسى من ذلك
على ما لم يطلع عليه غيره فوكز موسى الفرعوني فقتله ، وليس يراهما أحد إلا
الله عز وجل والإسرائيلي ، فقال موسى حين قتل الرجل : " هذا من عمل
الشيطان إنه عدو مضل مبين " ثم قال : " رب إني ظلمت نفسي فاغفر لي فغفر له
إنه هو الغفور الرحيم * قال رب بما أنعمت علي فلن أكون ظهيرا للمجرمين *
فأصبح في المدينة خائفا يترقب " الأخبار

فأيما فرعون فقيل له : إن بني إسرائيل قتلوا رجلاً من آل فرعون فخذ لنا
بحقنا ولا ترخص لهم ، فقال : ابغوني قاتله ومن يشهد عليه ، فإن الملك وإن
كان صفوة من قومه ، لا ينبغي له أن يقتل بغير بينة ولا ثبت ، فاطلبوا لي
علم ذلك آخذ لكم بحقكم

فبينما هم يطوفون لا يجدون بينة ، إذا بموسى من الغد قد رأى ذلك الإسرائيلي
يقاتل رجل من آل فرعون آخر ، فإستغاثه الإسرائيلي على الفرعوني ، فصادف
موسى وقد ندم على ما كان منه وكره الذي رأى ، فغضب الإسرائيلي وهو يريد أن
يبطش بالفرعوني ، فقال للإسرائيلي لما فعل بالأمس واليوم : " إنك لغوي مبين
" فنظر الإسرائيلي إلى موسى بعد ما قال له ما قال ، فإذا هو غضبان كغضبه
بالأمس الذي قتل فيه الفرعوني ، فخاف أن يكون بعد ما قاله له : " إنك لغوي
مبين " أن يكون إياه أراد ولم يكن أراده ، إنما أردا الفرعوني ، فخاف
الإسرائيلي وقال : " يا موسى أتريد أن تقتلني كما قتلت نفسا بالأمس " ؟
وإنما قال له مخافة أن يكون إياه أراد موسى ليقتله فتتاركا

وانطلق الفرعوني فأخبرهم بما سمع من الإسرائيلي من الخبر حين يقول : "
أتريد أن تقتلني كما قتلت نفسا بالأمس " فأرسل فرعون الذباحين ليقتلوا موسى
، فأخذ رسل فرعون في الطريق الأعظم يمشون على هينتهم ، يطلبون موسى وهم لا
يخافون أن يفوتهم ، فجاء رجل من شيعة موسى من أقصا المدينة ، فاختصر
طريقاً حتى سبقهم إلى موسى فأخبره وذلك من الفتون يا ابن جبير !

فخرج موسى متوجهاً نحو مدين لم يلق بلاء قبل ذلك وليس له بالطريق علم إلا
حسن ظنه بربه عز وجل ، فإنه قال : " عسى ربي أن يهديني سواء السبيل * ولما
ورد ماء مدين وجد عليه أمة من الناس يسقون ووجد من دونهم امرأتين تذودان "
يعني بذلك حابستين غنمهما ، فقال لهما : " ما خطبكما " معتزلين الناس
قالتا : ليس لنا قوة تزاحم القوم وإنما ننتظر فضول حياضهم فسقى لهما فجعل
يغترف من الدلو ماء كثيراً حتى كان أول الرعاء وانصرفتا بغنمهما إلى أبيهما
، وانصرف موسى فاستظل بشجرة ، وقال : " رب إني لما أنزلت إلي من خير فقير "


واستنكر أبوهما سرعة صدورهما بغنمهما حفلاً بطاناً فقال : إن لكما اليوم
لشأناً ، فأخبرتاه بما صنع موسى ، فأمر إحداهما أن تدعوه ، فأتت موسى
فدعته فلما كلمه : " قال لا تخف نجوت من القوم الظالمين " ليس لفرعون ولا
لقومه علينا من سلطان ولسنا في مملكته ، فقالت إحداهما : " يا أبت استأجره
إن خير من استأجرت القوي الأمين " فاحتملته الغيرة على أن قال لها : ما
يدريك ما قوته وما أمانته ؟ فقالت : أما قوته فما رأيت منه في الدلو حين
سقى لنا لم أر رجلاً قط أقوى في ذلك السقي منه ، وأما الأمانة فإنه نظر إلى
حين أقبلت إليه وشخصت له ، فلما علم أني امرأة صوب رأسه فلم يرفعه حتى
بلغته رسالته ثم قال لي : امشي خلفي وانعتى لي الطريق ، فلم يفعل هذا إلا
وهو أمين فسرى عن أبيها وصدقها ، وظن به الذي قالت

فقال له : هل لك " أن أنكحك إحدى ابنتي هاتين على أن تأجرني ثماني حجج فإن
أتممت عشرا فمن عندك وما أريد أن أشق عليك ستجدني إن شاء الله من الصالحين "
ففعل فكانت على نبي الله مسوى ثماني سنين واجبة ، وكانت السنتان عدة منه ،
فقضي الله عنه عدته فأتمها عشراً

قال سعيد - وهو ابن جبير - لقيني رجل من أهل النصرانية من علمائهم ، فقال :
هل تدرى أي الأجلين قضي موسى ؟ قلت : لا ، وأنا يومئذ لا أدري فلقيت ابن
عباس فذكرت ذلك له ، فقال : أما علمت أن ثمانية كانت على نبي الله واجبة ،
لم يكن نبي الله لينقص منها شيئاً ؟ وتعلم أن الله كان قاضياً عن موسى عدته
التي وعده ، فإنه قضى عشر سنين فلقيت النصراني فأخبرته ذلك ، فقال : الذي
سألته فأخبرك أعلم منك بذلك ، قلت : أجل وأولي

فلما سار موسى بأهله كان من أمر الناس والعصا ويده ، ما قص الله عليك في القرآن

فشكا إلى الله تعالى مايتخوف من آل فرعون في القتيل ، وعقدة لسانه ، فإنه
كان في لسانه عقدة تمنعه من كثير من الكلام ، وسأل ربه أن يعينه بأخيه
هارون ، يكون له ردءاً ، يتكلم عنه بكثير مما لا يفصح به لسانه ، فأتاه
الله عز وجل سؤله وحل عقدة من لسانه ، وأوحى الله إلى هارون فأمره أن يلقاه


فاندفع موسى بعصاه حتى لقى هارون ، فانطلقا جميعاً إلى فرعون ، فأقاما على
بابه حيناً لا يؤذن لهما ثم أذن لهما بعد حجاب شديد فقالا : " إنا رسولا
ربك " قال : " فمن ربكما " فأخبره بالذي قص الله عليك في القرآن قال : فما
تريدان ؟ وذكره القتيل فاعتذر بما قد سمعت ، قال أريد أن تؤمن بالله وترسل
معى بني إسرائيل ، فأبي عليه وقال : " جئت بآية فأت بها إن كنت من
الصادقين * فألقى عصاه فإذا هي " حية عظيمة فاغرة فاها مسرعة إلى فرعون ،
فلما رآها فرعون قاصدة إليه خافها فاقتحم عن سريره وإستغاث بموسى أن يكفها
عنه ففعل

ثم أحرج يده من جيبه فرآها بيضاء من غير سوء ، يعنى من غير برص ، ثم ردها فعادت إلى لونها الأول

فاستشار الملأ من حوله فيما رأى فقالوا له : " إن هذان لساحران يريدان أن
يخرجاكم من أرضكم بسحرهما ويذهبا بطريقتكم المثلى " يعني ملكهم الذي هم فيه
والعيش ، وأبوا على موسى أن يعطوه شيئاً مما طلب ، وقالوا له : اجمع
السحرة فإنهم بأرضك كثير ، حتى تغلب بسحرك سحرهما

فأرسل إلى المدائن فحشر له كل ساحر متعلم ، فلما أتوا فرعون قالوا : بم
يعمل هذا الساحر ؟ قالوا : يعمل بالحيات قالوا : فلا والله ما أحد في
الأرض يعمل السحر بالحيات والحبال والعصي الذي نعمل ، فما أجرنا إن نحن
غلبنا ؟ قال لم : أنتم أقاربي وخاصتي ، وأنا صانع إليكم كل شيء أحببتم ،
فتواعدوا : " يوم الزينة وأن يحشر الناس ضحى "

قال سعيد : فحدثني ابن عباس أن يوم الزينة ، اليوم الذي أظهر الله فيه موسى على فرعون والسحرة ، هو يوم عاشوراء

فلما اجتمعوا في صعيد قال الناس بعضهم لبعض : انطلقوا فلنحضر هذا الأمر "
لعلنا نتبع السحرة إن كانوا هم الغالبين " يعنون موسى وهارون استهزاء بهما ،
فقالوا يا موسى ، بعد تريثهم بسحرهم : " إما أن تلقي وإما أن نكون نحن
الملقين " قال بل ألقوا ، " فألقوا حبالهم وعصيهم وقالوا بعزة فرعون إنا
لنحن الغالبون " فرأى موسى من سحرهم ما أوجس في نفسه خيفة ، فأوحي الله
إليه : " أن ألق عصاك " فلما ألقاها صارت ثعباناً عظيمة فأغرة فاها ، فجعلت
العصا تلتبس بالحبال ، حتى صارت حرزاً للثعابين تدخل فيه حتى ما أبقت عصاً
ولا حباً إلا ابتلعته

فلما عرف السحرة ذلك ، قالوا لو كان هذا سحراً لم يبلغ من سحرنا كل هذا ،
ولكنه أمر من الله تعالى ، آمنا بالله وبما جاء به موسى ، ونتوب إلى الله
مما كنا عليه

فكسر الله ظهر فرعون في ذلك الموطن وأشياعه وظهر الحق " وبطل ما كانوا يعملون * فغلبوا هنالك وانقلبوا صاغرين "

وامرأة فرعون بارزة مبتذلة تدعو الله بالنصر لموسى على فرعون وأشياعه ، فمن
رآها من آل فرعون ظن أنها ابتذلت للشفقة على فرعون وأشياعه ، وإنما كان
حزنها وهمها لموسى

فلما طال مكث موسى بمواعيد فرعون الكاذبة ، كلما جاء بآية وعده عندها أن
يرسل معه بني إسرائيل ، فإذا مضت أخلف موعده وقال هل يستطيع ربك أن يصنع
غير هذا ؟ أرسل الله على قومه الطوفان والجراد والقمل والضفادع والدم آيات
مفصلات كل كذلك يشكو إلى موسى ويطلب إليه أن يكفها عنه ، ليوافقه علي أن
يرسل معه بني إسرائيل ، فإذا كف ذلك عنه أخلف بوعده ونكث عهده ، حتى أمر
الله موسى بالخروج بقومه ، فخرج بهم ليلاً

فلما أصبح فرعون ورأى أنهم قد مضوا أرسل في المدائن حاشرين فتتبعه بجنود
عظيمة كثيرة وأوحى الله إلى البحر : إذا ضربك موسى عبدي بعصاه فانفلق اثنتي
عشرة فرقة ، حتى يجوز موسى ومن معه ، ثم التق على من بقى بعد من فرعون
وأشياعه

فنسى موسى أن يضرب البحر بالعصا وانتهى إلى البحر وله قصيف مخافة أن يضربه موسى بعصاه وهو غافل فيصير عاصياً لله عز وجل !

فلما تراءى الجمعان وتقاربا " قال أصحاب موسى إنا لمدركون " افعل ما أمرك
به ربك ، فإنه لم يكذب ولم تكذب ، قال : وعدني ربي إذا أتيت البحر انفرق
اثنتي عشرة فرقة حتى أجاوزه ، ثم ذكر بعد ذلك العصا فضرب البحر بعصاه حين
دنا أوائل جند فرعون من أواخر جند موسى فانفرق البحر كما أمره ربه وكما
وعد موسى فلما أن جاوز موسى وأصحابه كهم البحر ، ودخل فرعون وأصحابه ،
التقي عليهم البحر كما أمر فلما جاوز موسى البحر قال أصحابه : إنا نخاف ألا
يكون فرعون غرق ولا نؤمن بهلاكه ، فدعا ربه فأخرجه له ببدنه حتى استيقنوا
بهلاكه

ثم مروا بعد ذلك على قوم يعكفون على أصنام لهم : " قالوا يا موسى اجعل لنا
إلها كما لهم آلهة قال إنكم قوم تجهلون * إن هؤلاء متبر ما هم فيه وباطل ما
كانوا يعملون " قد رأيتم من العبر وسمعتم ما يكفيكم

ومضى فأنزلهم موسى منزلاً وقال : أطيعوا هارون فإن الله قد استخلفه عليكم ،
فإني ذاهب إلى ربي وأجلهم ثلاثين يوماً أن يرجع إليهم فيها

فلما أتي ربه عز وجل وأراد أن يكلمه في ثلاثين يوماً ، وقد صامهن ليلهن
ونهارهن ، كره أن يكلم ربه وريح فيه ريح فم الصائم ، فتناول موسى شيئاً من
نبات الأرض فمضغه ، فقال له ربه حين أتاه لم أفطرت ؟ - وهو أعلم بالذي كان -
قال : يارب إني كرهت أن أكلمك إلا وفمي طيب الريح قال : أوما علمت يا
موسى أن ريح فم الصائم أطيب عندي من ريح المسك ! ارجع فصم عشراً ثم ائتني ،
ففعل موسى ما أمره به ربه

فلما رأى قوم موسى أنه لم يرجع إليهم في الأجل ساءهم ذلك ، وكان هارون قد
خطبهم فقال : إنكم خرجتم من مصر ولقوم فرعون عندكم عواري وودائع ، ولكم
فيها مثل ذلك وأنا أرى أن تحتسبوا ما لكم عندهم ، ولا أحل لكم وديعة
استودعتموها ولا عارية ، ولسنا برادين إليهم شيئاً من ذلك ولا ممسكيه
لأنفسنا فحفر حفيراً وأمر كل قوم عندهم من ذلك متاع أو حلية أن يقذفوه في
ذلك الحفير ، ثم أوعد عليه النار فأحرقه ، فقال : لا يكون لنا ولا لهم

وكان السامري من قوم يعبدون البقر ، جيران لبني إسرائيل ، ولم يكن من بني
إسرائيل ، فاحتمل مع موسى وبني إسرائيل حين احتملوا فقضي له أن رأى أثراً
فقبض منه قبضة فمر بهارون فقال له هارون : يا سامري ألا تلقي ما في يديك ؟
وهو قابض عليه لا يراه أحد طوال ذلك ، فقال : هذه قبضة من أثر الرسول الذي
جاوز بكم البحر ، ولا ألقيها لشيء ، إلا أن تدعو الله إذا ألقيتها أن يكون
ما أريد ، فألقاها ودعا له هارون فقال : أريد أن تكون عجلاً ، فاجتمع ما
كان في الحفرة من متاع أو حلية أو نحاس أو حديد ، فصار عجلاً أجوف ، ليس
فيه روح وله خوار

قال ابن عباس : لا والله ما كان فيه صوت قط ، إنما كانت الريح تدخل من دبره وتخرج من فيه ، فكان ذلك الصوت من ذلك

فتفرق بنو إسرائيل فرقاً ، فقالت فرقة : يا سامري ما هذا وأنت أعلم له ؟ قال : هذا ربكم ، ولكن موسى أضل الطريق !

وقالت فرقة : لا نكذب بهذا حتى يرجع إلينا موسى ، فإن كان ربنا لم نكن
ضيعناه وعكفنا عليه حين رأيناه ، وإن لم يكن ربنا فإنا نتبع قول موسى

وقالت فرقة : هذا من عمل الشيطان وليس بربنا ولا نؤمن به ولا نصدق ، وأشرب
فرقة في قلوبهم الصدق بما قال السامري في العجل وأعلنوا عدم التكذيب به

فقال لهم هارون عليه السلام : " يا قوم إنما فتنتم به وإن ربكم الرحمن " ليس هذا

قالوا : فما بال موسى وعدنا ثلاثين يوماً ثم أخلفنا ؟ هذه أربعون يوماً قد مضت وقال سفهاؤهم : أخطأ ربه فهو يطلبه ويبتغيه

فلما كلم الله موسى وقال له ما قال ، أخبره بما لقي قومه من بعده : " فرجع
موسى إلى قومه غضبان أسفا " فقال لهم ما سمعتم مما في القرآن " وأخذ برأس
أخيه يجره إليه " وألقى الألواح من الغضب ثم إنه عذر أخاه بعذره واستغفر
له ، وانصرف إلى السامري فقال له : ما حملك على ما صنعت ؟ قال : قبضت قبضة
من أثر الرسول وفطنت لها وعميت عليكم " فنبذتها وكذلك سولت لي نفسي * قال
فاذهب فإن لك في الحياة أن تقول لا مساس وإن لك موعدا لن تخلفه وانظر إلى
إلهك الذي ظلت عليه عاكفا لنحرقنه ثم لننسفنه في اليم نسفا " ولو كان إلهاً
لم يخلص إلى ذلك منه

فاستيقن بنو إسرائيل بالفتنة ، واغتبط الذين كان رأيهم فيه مثل رأى هارون ،
فقالوا لجماعتهم : يا موسى سل لنا ربك أن يفتح لنا باب توبة نصنعها
فتكفر عنا ما عملنا فاختار موسى من قومه سبعين رجلاً لذلك ، لا يألوا
الخير من خيار بني إسرائيل ومن لم يشرك في الحق ، فانطلق بهم يسأل لهم
التوبة فرجفت بهم الأرض

فاستحيا نبي الله عليه السلام من قومه ومن وفده حين فعل بهم ما فعل فقال : "
رب لو شئت أهلكتهم من قبل وإياي أتهلكنا بما فعل السفهاء منا " وفيهم من
كان الله اطلع منه على ما أشرب قلبه من حب العجل وإيمانه به ، لذلك رجفت
بهم الأرض فقال : " ورحمتي وسعت كل شيء فسأكتبها للذين يتقون ويؤتون الزكاة
والذين هم بآياتنا يؤمنون * الذين يتبعون الرسول النبي الأمي الذي يجدونه
مكتوبا عندهم في التوراة والإنجيل "

فقال : يارب سألتك التوبة لقومي ، فقلت : إن رحمتي كتبتها لقوم غير قومي ،
فليتك أخرتني حتى تخرجني في أمة ذلك الرجل المرحوم فقال له : إن توبتهم
أن يقتل كل رجل منهم من لقي من والد وولد ، فيقتله السيف ولا يبالي من قتل
في ذلك الموطن

وتاب أولئك الذين كان خفي على موسى وهارون أمرهم ، واطلع الله من ذنوبهم فاعترفوا بها ، وفعلوا ما أمروا وغفر الله للقاتل والمقتول

ثم سار بهم موسى عليه السلام متوجهاً نحو الأرض المقدسة ، وأخذ الألواح بعد
ما سكت عنه الغضب فأمرهم بالذي أمر به من الوظائف فثقل ذلك عليهم وأبوا أن
يقروا بها ، فنتق الله عليهم الجبل كأنه ظلة ، ودنا منهم حتى خافوا أن يقع
عليهم ، فأخذوا الكتاب بأيمانهم وهم مصغون ينظرون إلى الجبل ، والكتاب
بأيديهم وهم من وراء الجبل مخافة أن يقع عليهم ثم مضوا حتى أتوا الأرض
المقدسة ، فوجدوا مدينة فيها قوم جبارون ، خلقهم خلق منكر ، وذكروا من
ثمارهم أمراً عجباً من عظمها فقالوا : " يا موسى إن فيها قوما جبارين " لا
طاقة لنا بهم ، ولا ندخلها ما داموا فيها ، " فإن يخرجوا منها فإنا داخلون
"

" قال رجلان من الذين يخافون " قيل ليزيد : هكذا قرأه ؟ قال : نعم ، من
الجبارين ، آمنا بموسى وخرجا إليه ، فقالوا : نحن أعلم بقومنا إن كنتم إنما
تخافون ما رأيتم من أجسامهم وعددهم فإنهم لا قلوب لهم ولا منعة عندهم ،
فادخلوا عليهم الباب فإذا دخلتموه فإنكم غالبون ويقول أناس : إنهم من قوم
موسى

فقال الذين يخافون من بني إسرائيل : " يا موسى إنا لن ندخلها أبدا ما داموا
فيها فاذهب أنت وربك فقاتلا إنا هاهنا قاعدون " فأغضبوا موسى ، فدعا عليهم
وسماهم فاسقين ، ولم يدع عليهم قبل ذلك لما رأى منهم من المعصية وإساءتهم ،
حتى كان يومئذ فاستجاب الله له ، وسماهم كما سماهم موسى فاسقين ، فحرمها
عليهم أربعين سنة يتيهون في الأرض ، يصبحون كل يوم فيسيرون ليس لهم قرار ثم
ظلل عليهم الغمام في التيه ، وأنزل عليهم المن والسلوى ، وجعل لهم ثياباً
لا تبلى ولا تتسخ ، وجعل بين ظهرانيهم حجراً مربعاً ، وأمر موسى فضربه
بعصاه ، فانفجرت منه اثنتا عشرة عيناً ، في كل ناحية ثلاثة أعين ، وأعلم كل
سبط عينهم التي يشربون منها ، فلا يرتحلون من محلة إلا وجدوا ذلك الحجر
بينهم بالمكان الذي كان فيه بالمنزل الأول بالأمس

رفع ابن عباس هذا الحديث إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، وصدق ذلك عندي أن
معاوية سمع ابن عباس يحدث هذا الحديث فأنكر عليه أن يكون الفرعوني الذي
أفشى على موسى أمر القتيل الذي قتل فقال : كيف يفشي عليه ولم يكن علم به
ولا ظهر عليه إلا الإسرائيلي الذي حضر ذلك ؟ فغضب ابن عباس ، فأخذ بيت
معاوية وانطلق به إلى سعد بن مالك الزهري ، فقال له : يا أبا إسحاق هل
تذكر يوم حدثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن قتيل موسى الذي قتل من آل
فرعون ؟ الإسرائيلي الذي أفضي عليه أم الفرعوني ؟ قال : إنما أفشى عليه
الفرعوني بما سمع من الإسرائيلي الذي شهد ذلك وحضره

وهكذا ساق هذا الحديث الإمام النسائي ، وأخرجه ابن جرير وابن أبي حاتم في تفسيرهما من حديث يزيد بن هارون

والأشبه - والله أعلم - أنه موقوف ، وكونه مرفوعاً فيه نظر

وغالبة متلقى من الإسرائيليات ، وفيه شيء يسير مصرح برفعه في أثناء الكلام

وفي بعض ما فيه نظر ونكارة ، والأغلب أنه من كلام كعب الأحبار وقد سمعت شيخنا الحافظ أبا الحجاح المزي يقول ذلك والله أعلم

قصَصُ الأنبيَاء - صفحة 3 500092465

قصَصُ الأنبيَاء - صفحة 3 500092465

تحياتي لكم

قصَصُ الأنبيَاء - صفحة 3 500092465

قصَصُ الأنبيَاء - صفحة 3 500092465

قصَصُ الأنبيَاء - صفحة 3 483098003
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
المدير
AMINE PàTCHIKà
AMINE PàTCHIKà




المدير العام
منتديات أمين عبلة الحب :

قصَصُ الأنبيَاء - صفحة 3 Empty
مُساهمةموضوع: رد: قصَصُ الأنبيَاء   قصَصُ الأنبيَاء - صفحة 3 Emptyالأحد يناير 13, 2013 11:21 am

قصَصُ الأنبيَاء - صفحة 3 500092465





قصَصُ الأنبيَاء - صفحة 3 500092465



ذكر بناء قبة الزمان




قصَصُ الأنبيَاء - صفحة 3 500092465





قصَصُ الأنبيَاء - صفحة 3 500092465



قال أهل الكتاب : وقد أمر الله موسى عليه السلام بعمل قبة من خشب الشمشاز
وجلود الأنعام وشعر الأنعام ، وأمر بزينتها بالحرير المصبغ والذهب والفضة
على كيفيات مفصلة عند أهل الكتاب ، ولها عشر سرادقات ، طول كل واحد ثمانية
وعشرون ذراعاً ، وعرضه أربعة أذرع ولها أربعة أبواب وأطناب من حرير ودمقس
مصبغ ، وفيها رفوف وصفائح من ذهب وفضة ولكل زواية بابان وأبواب أخر كبيرة ،
وستور من حرير مصبغ وغير دلك مما يطول ذكره ، وبعمل تابوت من خشب الشمشاز
يكون بطوله ذراعين ونصفاً ، وعرضه ذراعين وارتفاعه ذراعاً ونصفاً ، ويكن
مضبباً بذهب خالص من داخله وخارجه ، وله أربع حلق في أربع زواياه ، ويكون
على حافتيه كروبيان من ذهب - يعنون صفة ملكين بأجنحة - وهما متقابلان صنعة
رجل اسمه : بصليال



وأمره أن يعمل مائدة من خشب الشمشاز طولها ذراعان وعرضها ذراعان ونصف ، لها
ضباب ذهب وإكليل ذهب بشفة مرتفعة بإكليل من ذهب ، وأربع حلق من نواحيها من
ذهب ، مغرزة في مثل الرمان من خشب ملبس ذهباً وأن يعمل صحافاً ومصافي
وقصاعاً على المائدة ، ويصنع منارة من الذهب دلي فيها ست قصبات من ذهب ، من
كل جانب ثلاثة ، على كل قصبة ثلاثة سرج ، وليكن في المنارة أربع قناديل ،
ولتكن هي وجميع هذه الآنية من ذهب صنع ذلك بصليال أيضاً ، وهو الذي عمل
المذبح أيضاً



ونصبت هذه القبة أول يوم من سنتهم ، وهو أول يوم من الربيع ونصب تابوت
الشهادة ، وهو - والله أعلم - المذكور في قوله تعالى : " إن آية ملكه أن
يأتيكم التابوت فيه سكينة من ربكم وبقية مما ترك آل موسى وآل هارون تحمله
الملائكة إن في ذلك لآية لكم إن كنتم مؤمنين "



وقد بسط هذا الفصل في كتابهم مطولاً جداً ، وفيه شرائع لهم وأحكام وصفة
قربانهم ، وكيفيته وفيه أن قبة الزمان كانت موجودة قبل عبادتهم العجل الذي
هو متقدم على مجيئهم بيت المقدس ، وأنها كانت لهم كالكعبة يصلون فيها
وإليها ، ويتقربون عندها ، وأن موسى عليه السلام كان إذا دخلها يقفون عندها
، وينزل عمود الغمام على بابها ، فيخرون عند ذلك سجداً لله عز وجل



ويكلم الله موسى عليه السلام من ذلك العمود الغمام الذي هو نور ويخاطبه
ويناجيه ، ويأمره وينهاه ، وهو واقف عند التابوت صامد إلى ما بين الكروبيين
فإذا فصل الخطاب يخبر بني إسرائيل بما أوحاه الله عز وجل إليه من الأوامر
والنواهي



وإذا تحاكموا إليه في شيء ليس عنده من الله فيه شيء ، يجيء إلى قبة الزمان ،
ويقف عند التابوت ويصمد لما بين ذينك الكروبيين ، فيأتيه الخطاب بما فيه
فصل تلك الحكومة



وقد كان هذا مشروعاً لهم في زمانهم ، أعنى استعمال الذهب والحرير المصبغ
واللآلئ ، في معبدهم وعند مصلاهم ، فأما في شريعتنا فلا ، بل قد نهينا عن
زخرفة المساجد وتزيينها ، لئلا تشغل المصلين كما قال عمر بن الخطاب رضي
الله عنه ، لما وسع مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، للذي وكله على
عمارته : ابن للناس ما يكنهم ، وإياك أن تحمر أو تصفر فتفتن الناس ، وقال
ابن عباس : لا تزخرفنها كما زخرفت اليهود والنصارى كنائسها



وهذا من باب التشريف والتكريم والتنزيه ، فهذه الأمة غير مشابهة من كل
قبلهم من الأمم ، إذ جمع الله هممهم في صلاتهم على التوجه إليه والإقبال
عليه ، وصان أبصارهم وخواطرهم عن الإشتغال والتفكير في غير ما هم بصدده من
العبادة العظيمة فلله الحمد والمنة



وقد كانت قبة الزمان هذه مع بني إسرائيل في التيه ، يصلون إليه وهي قبلتهم
وكعبتهم ، وإمامهم كليم الله موسى عليه السلام ، ومقدم القربان أخوه هارون
عليه السلام



فلما مات هارون ثم موسى عليهما السلام استمر بنو هارون في الذي كان يليه أبوهم ، من أمر القربان وهو فيهم إلى الآن



وقام بأعباء النبوة بعد موسى وتدبير الأمر بعده فتاه يوشع بن نون عليه السلام ، وهو الذي دخل بهم بيت المقدس كما سيأتي بيانه



والمقصود هنا أنه لما استقرت يده على البيت المقدس ، نصب هذه القبة على
صخرة بيت المقدس فكانوا يصلون إليها فلما بادت صلوا إلى محلتها وهي الصخرة
، فلهذا كانت قبلة الأنبياء بعده إلى زمان رسول الله صلى الله عليه وسلم ،
وقد صلى إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل الهجرة ، وكان يجعل الكعبة
بين يديه ، فلما هاجر أمر بالصلاة إلى بيت المقدس فصلي إليه ستة عشر -
وقيل سبعة عشر -شهراً



ثم حولت القبلة إلى الكعبة وهي قبلة إبراهبم الخليل في شعبان سنة ثنتين في
وقت صلاة العصر وقبل الظهر ، كما بسطنا ذلك في التفسير عند قوله تعالى : "
سيقول السفهاء من الناس ما ولاهم عن قبلتهم التي كانوا عليها " إلى قوله : "
قد نرى تقلب وجهك في السماء فلنولينك قبلة ترضاها فول وجهك شطر المسجد
الحرام " الآيات



قصَصُ الأنبيَاء - صفحة 3 500092465



قصَصُ الأنبيَاء - صفحة 3 500092465



تحياتي لكم



قصَصُ الأنبيَاء - صفحة 3 500092465



قصَصُ الأنبيَاء - صفحة 3 500092465



قصَصُ الأنبيَاء - صفحة 3 483098003
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
المدير
AMINE PàTCHIKà
AMINE PàTCHIKà




المدير العام
منتديات أمين عبلة الحب :

قصَصُ الأنبيَاء - صفحة 3 Empty
مُساهمةموضوع: رد: قصَصُ الأنبيَاء   قصَصُ الأنبيَاء - صفحة 3 Emptyالأحد يناير 13, 2013 11:23 am

قصَصُ الأنبيَاء - صفحة 3 500092465

قصَصُ الأنبيَاء - صفحة 3 500092465

قصة قارون مع موسى عليه السلام

قصَصُ الأنبيَاء - صفحة 3 500092465



قصَصُ الأنبيَاء - صفحة 3 500092465

قال الله تعالى : " إن قارون كان من قوم موسى فبغى عليهم وآتيناه من الكنوز
ما إن مفاتحه لتنوء بالعصبة أولي القوة إذ قال له قومه لا تفرح إن الله لا
يحب الفرحين * وابتغ فيما آتاك الله الدار الآخرة ولا تنس نصيبك من الدنيا
وأحسن كما أحسن الله إليك ولا تبغ الفساد في الأرض إن الله لا يحب
المفسدين * قال إنما أوتيته على علم عندي أولم يعلم أن الله قد أهلك من
قبله من القرون من هو أشد منه قوة وأكثر جمعا ولا يسأل عن ذنوبهم المجرمون *
فخرج على قومه في زينته قال الذين يريدون الحياة الدنيا يا ليت لنا مثل ما
أوتي قارون إنه لذو حظ عظيم * وقال الذين أوتوا العلم ويلكم ثواب الله خير
لمن آمن وعمل صالحا ولا يلقاها إلا الصابرون * فخسفنا به وبداره الأرض فما
كان له من فئة ينصرونه من دون الله وما كان من المنتصرين * وأصبح الذين
تمنوا مكانه بالأمس يقولون ويكأن الله يبسط الرزق لمن يشاء من عباده ويقدر
لولا أن من الله علينا لخسف بنا ويكأنه لا يفلح الكافرون * تلك الدار
الآخرة نجعلها للذين لا يريدون علوا في الأرض ولا فسادا والعاقبة للمتقين "


قال الأعمش عن المنهال بن عمرو ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس قال : كان
قارون ابن عم موسى ، وكذا قال إبراهيم النخعي وعبد الله بن الحارث بن نوفل ،
وسماك بن حرب وقتادة ومالك بن دينار وابن جريج وزاد فقال : هو قارون بن
يصهب بن قاهث ، وموسى ابن عمران بن قاهث قال ابن جرير : وهذا قول أكثر أهل
العلم ، أنه كان ابن عم موسى ، ورد قول ابن إسحاق أنه كان عم موسى قال
قتادة : وكان يسمى المنور لحسن صوته بالتوراة ، ولكن عدو الله نافق كما
نافق السامري ، فأهلكه البغي لكثرة ماله ، وقال شهر بن حوشب : زاد في ثيابه
شبراً طولاً ترفعاً على قومه

وقد ذكر الله تعالى كثر كنوزه ، حتى إن مفاتحه كان يثقل حملها على الفئام
من الرجال الشداد ، وقد قيل إنها كانت من الجلود وإنها كانت تحمل على ستين
بغلاً فالله أعلم

وقد وعظه النصحاء من قومه قائلين : " لا تفرح " أي لا تبطر بما أعطيت وتفخر
على غيرك " إن الله لا يحب الفرحين * وابتغ فيما آتاك الله الدار الآخرة "
يقولون : لتكن همتك مصروفة لتحصيل ثواب الله في الدار الآخرة ، فإنه خير
وأبقى ، ومع هذا : " لا تنس نصيبك من الدنيا " أي وتناول منها بمالك ما أحل
الله لك ، فتمتع لنفسك بالملاذ الطيبة الحلال ، " وأحسن كما أحسن الله
إليك " أي وأحسن إلى خلق الله كما أحسن الله خالقهم وبارئهم إليك ، " ولا
تبغ الفساد في الأرض " أي ولا تسئ إليهم ولا تفسهم فيهم ، فتقابلهم ضد ما
أمرت فيهم فيعاقبك ويسلبك ما وهبك : " إن الله لا يحب المفسدين "

فما كان جواب قومه لهذه النصيحة الصحيحة الفصيحة إلا أن " قال إنما أوتيته
على علم عندي " يعنى أنا لا أحتاج إلى استماع ما ذكرتم ، ولا إلى ما إليه
أشرتم ، فإن الله إنما أعطاني هذا لعلمه أني أستحقه ، وأني أهل له ، ولولا
أني حبيب إليه وحظي عنده لما أعطاني ما أعطاني

قال الله تعالى رداً عليه فيما ذهب إليه : " أولم يعلم أن الله قد أهلك من
قبله من القرون من هو أشد منه قوة وأكثر جمعا ولا يسأل عن ذنوبهم المجرمون "
أي قد أهلكنا من الأمم الماضين بذنوبهم وخطياهم من هو أشد من قارون قوة
وأكثر أموالاً وأولاداً فلو كان ما قال صحيحاً لم نعاقب أحداً ممن كان أكثر
مالاً منه ، ولم يكن ماله دليلاً على محبتنا له واعتنائنا به ، كما قال
تعالى : " وما أموالكم ولا أولادكم بالتي تقربكم عندنا زلفى إلا من آمن
وعمل صالحا " وقال تعالى : " أيحسبون أنما نمدهم به من مال وبنين * نسارع
لهم في الخيرات بل لا يشعرون " وهذا الرد عليه يدل على صحة ما ذهبنا إليه
من معنى قوله : " إنما أوتيته على علم عندي "

وأما من زعم أن المراد من ذلك أنه كان يعرف صنعة الكيمياء ، لو أنه كان
يحفظ الإسم الأعظم فاستعمله في جمع الأموال ، فليس بصحيح ، لأن الكيمياء
تخييل وصنعة ، ولا تحيل الحقائق ، ولا تشابه صنعة الخالق والإسم الأعظم لا
يصعد الدعاء به من كافر به ، وقارون كان كافراً في الباطن منافقاً في
الظاهر ثم لا يصح جوابه لهم بهذا على التقدير ، ولا يبقى بين الكلامين
تلازم وقد وضحنا هذا في كتابنا التفسير ، ولله الحمد

قال الله تعالى : " فخرج على قومه في زينته " ذكر كثير من المفسرين أنه خرج
في تجمل عظيم ، من ملابس ومراكب وخدم وحشم ، فلما رآه من يعظم زهرة الحياة
الدنيا تمنوا أن لو كانوا مثله ، وغبطوا بما عليه وله ، فلما سمع مقالتهم
العلماء ، ذوو الفهم الصحيح الزهاد الأنباء ، قالوا لهم : " ويلكم ثواب
الله خير لمن آمن وعمل صالحا " أي ثواب الله في الدار الآخرة خير وأبقى
وأجل وأعلى قال الله تعالى : " ولا يلقاها إلا الصابرون " أي وما يلقى هذه
النصيحة وهذه المقالة وهذه الهمة السامية إلى الدار الآخرة العلية ، عند
النظر إلى زهرة هذه الدنيا الدنية إلا من هدى الله قلبه وثبت فؤاده ، وأيد
لبه وحقق مراده

وما أحسن ما قال بعض السلف : إن الله يحب البصر النافذ عند ورود الشبهات ، والعقل الكامل عند حلول الشهوات

قال الله تعالى : " فخسفنا به وبداره الأرض فما كان له من فئة ينصرونه من دون الله وما كان من المنتصرين "

لما ذكر تعالى خروجه في زينته واختياله فيها ، وفخره على قومه بها قال : "
فخسفنا به وبداره الأرض " كما روى البخاري من حديث الزهري عن سالم عن
أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " بينا رجل يجر إزاره إذ خسف به
فهو يتجلجل في الأرض إلي يوم القيامة "

ثم رواه البخاري من حديث جرير بن زيد ، عن سالم ، عن أبي هريرة عن النبي
صلى الله عليه وسلم نحوه ، وقد ذكر عن ابن عباس والسدي : أن قارون أعطى
امرأة بغياً ما لا على أن تقول لموسى عليه السلام وهو في ملأ من الناس :
إنك فعلت بي كذا وكذا ، فيقال إنها قالت له ذلك ، فأرعد من الفرق وصلى
ركعتين ، ثم أقبل عليها فاستحلفها من ذلك على ذلك ، وما حملك عليه ، فذكرت
أن قارون هو الذي حملها على ذلك واستغفرت الله وتابت إليه فعند ذلك خر
موسى لله ساجداً ودعا الله على قارون فأوحى الله إليه : إني قد أمرت الأرض
أن تطيعك فيه ، فأمر موسى الأرض أن تبتلعه وداره ، فكان ذلك والله أعلم

وقد قيل إن قارون لما خرج على قومه في زينته مر بجحفله وبغاله وملابسه على
مجلس موسى عليه السلام ، وهو يذكر قومه بأيام الله فلما رآه الناس انصرفت
وجوه كثير منهم ينظرون إليه فدعاه موسى عليه السلام فقال له : ما حملك على
هذا ؟ ققال : يا موسى أما لئن كنت فضلت علي بالنبوة ، فقد فضلت عليك
بالمال ، ولئن شئت لتخرجن فلتدعون على ولأدعون عليك

فخرج موسى وخرج قارون في قومه ، فقال له موسى : تدعو أو أدعو أنا ؟ قال :
أدعو أنا ، فدعا قارون فلم يجب له في موسى ، فقال موسى : أدعو ؟ قال : نعم
فقال موسى : اللهم مر الأرض فلتطعني اليوم ، فأوحى الله إليه : إني قد
فعلت فقال موسى : يا أرض خذيهم فأخذتهم إلى أقدامهم ، ثم قال : خذيهم ،
فأخذتهم إلى ركبهم ، ثم إلى مناكبهم ثم قال : أقبلي بكنهوزهم وأموالهم ،
فأقبلت بها حتى نظروا إليها ، ثم أشار موسى بيده فقال : اذهبوا بني لاوي ،
فاستوت بهم الأرض

وقد روى عن قتادة أنه قال : يخسف بهم كل يوم قامة إلى يوم القيامة ، وعن
ابن عباس أنه قال : خسف بهم إلى الأرض السابعة وقد ذكر كثير من المفسرين
هاهنا إسرائيليات كثيرة ، أضربنا عنها صفحاً وتركناها قصداً

وقوله تعالى : " فما كان له من فئة ينصرونه من دون الله وما كان من
المنتصرين " لم يكن ناصر له من نفسه ولا من غيره كما قال : " فما له من قوة
ولا ناصر "

ولما حل به ما حل من الخسف وذهاب الأموال وخراب الدار ، وإهلاك النفس
والأهل والعقار ، ندم من كان يتمني مثل ما أوتي ، وشكروا الله تعالى ، الذي
يدبر عباده بما يشاء من حسن التدبير المخزون ، ولهذا قالوا : " لولا أن من
الله علينا لخسف بنا ويكأنه لا يفلح الكافرون " وقد تكلمنا على لفظ : "
ويكأن " في التفسير ، وقد قال قتادة ، ويكأن بمعنى ألم ترأن وهذا قول حسن
من حيث المعنى والله أعلم

ثم أخبر تعالى : أن " الدار الآخرة " وهي دار القرار ، وهي الدار التي يغبط
من أعطيها ويعزى من حرمها إنما هي معدة " للذين لا يريدون علوا في الأرض
ولا فسادا " فالعلو هو التكبر والفخر والأشر والبطر

والفساد هو عمل المعاصي اللازمة والمتعدية ، من أخذ أموال الناس وإفساد معايشهم ، والإساءة إليهم وعدم النصح لهم

ثم قال تعالى : " والعاقبة للمتقين "

وقصة قارون هذه قد تكون قبل خروجهم من مصر ، لقوله : " فخسفنا به وبداره
الأرض " فإن الدار ظاهرة في البنيان ، وقد تكون بعد ذلك في التيه ، وتكون
الدار عبارة على المحلة التي تضرب فيها الخيام ، كما قال عنترة :

يا دار عبلة بالجواء تكلمي وعمى صباحاً دار عبلة واسلمي

والله أعلم

وقد ذكر الله تعالى مذمة قارون في غير ما آية من القرآن ، قال الله : "
ولقد أرسلنا موسى بآياتنا وسلطان مبين * إلى فرعون وهامان وقارون فقالوا
ساحر كذاب "

وقال تعالى في سورة العنكبوت بعد ذكر عاد وثمود : " وقارون وفرعون وهامان
ولقد جاءهم موسى بالبينات فاستكبروا في الأرض وما كانوا سابقين * فكلا
أخذنا بذنبه فمنهم من أرسلنا عليه حاصبا ومنهم من أخذته الصيحة ومنهم من
خسفنا به الأرض ومنهم من أغرقنا وما كان الله ليظلمهم ولكن كانوا أنفسهم
يظلمون "

فالذي خسف به الأرض قارون كما تقدم ، والذي أغرق فرعون وهامان وجنودهما أنهم كانوا خاطئين

وقد قال الإمام أحمد : حدثنا أبو عبد الرحمن ، حدثنا سعيد ، حدثنا كعب بن
علقمة ، عن عيسى بن هلال الصدفي ، عن عبد الله بن عمرو ، عن النبي صلى
الله عليه وسلم أنه ذكر الصلاة يوماً فقال : " من حافظ عليها كانت له نوراً
وبرهاناً ونجاة يوم القيامة ، ومن لم يحافظ عليها لم يكن له نور ولا برهان
ولا نجاة ، وكان يوم القيامة مع قارون وفرعون وهامان وأبي بن خلف " انفرد
به أحمد رحمه الله

قصَصُ الأنبيَاء - صفحة 3 500092465

قصَصُ الأنبيَاء - صفحة 3 500092465

تحياتي لكم

قصَصُ الأنبيَاء - صفحة 3 500092465

قصَصُ الأنبيَاء - صفحة 3 500092465

قصَصُ الأنبيَاء - صفحة 3 483098003
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
المدير
AMINE PàTCHIKà
AMINE PàTCHIKà




المدير العام
منتديات أمين عبلة الحب :

قصَصُ الأنبيَاء - صفحة 3 Empty
مُساهمةموضوع: رد: قصَصُ الأنبيَاء   قصَصُ الأنبيَاء - صفحة 3 Emptyالأحد يناير 13, 2013 11:58 am

قصَصُ الأنبيَاء - صفحة 3 500092465

قصَصُ الأنبيَاء - صفحة 3 500092465

باب ذكر فضائل موسى عليه السلام

وشمائله وصفاته ووفاته


قصَصُ الأنبيَاء - صفحة 3 500092465



قصَصُ الأنبيَاء - صفحة 3 500092465

قال الله تعالى :" واذكر في الكتاب موسى إنه كان مخلصا وكان رسولا نبيا *
وناديناه من جانب الطور الأيمن وقربناه نجيا * ووهبنا له من رحمتنا أخاه
هارون نبيا "

وقال تعالى :" قال يا موسى إني اصطفيتك على الناس برسالاتي وبكلامي فخذ ما آتيتك وكن من الشاكرين "

وتقدم في الصحيحين عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال :" لا تفضلوني
على موسى ، فإن الناس يصعقون يوم القيامة فأكون أول من يفيق ، فأجد موسى
باطشاً بقائمة العرش ، فلا أدري أصعق فأفاق قبلي ؟ أم جوزي بصعقة الطور ؟ "

وقد قدمنا أنه من رسول الله (صلى الله عليه وسلم) من باب الهضم والتواضع ،
وإلا فهو - صلوات الله وسلامه عليه - خاتم الأنبياء وسيد ولد آدم في الدنيا
والآخرة ، قطعاً جزماً لا يحتمل النقيض

وقال تعالى :" إنا أوحينا إليك كما أوحينا إلى نوح والنبيين من بعده
وأوحينا إلى إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب والأسباط " إلى أن قال :"
ورسلا قد قصصناهم عليك من قبل ورسلا لم نقصصهم عليك وكلم الله موسى تكليما "

وقال تعالى :" يا أيها الذين آمنوا لا تكونوا كالذين آذوا موسى فبرأه الله مما قالوا وكان عند الله وجيها "

قال الإمام أبو عبد الله البخاري : حدثنا إسحاق بن إبراهيم ابن روح بن
عبادة ، عن عوف عن الحسن ومحمد وخلاس ، عن أبي هريرة قال : قال رسول الله
صلى الله عليه وسلم :" إن موسى كان رجلاً حيياً ستيراً لا يرى من جلده شيء
استحياء منه " فآذاه من آذاه من بني إسرائيل ، فقالوا : ما يستتر هذا
التستر إلا من عيب بجلده ، إما برص ، وإما أدرة ، وإما آفة وإن الله عز
وجل أراد أن يبرئه مما قالوا لموسى ، فخلا يوماً وحده ، فوضع ثيابه على
الحجر ثم اغتسل ، فلما فرغ أقبل على ثيابه ليأخذها ، وإن الحجر عدا بثوبه ،
فأخذ موسى عصاه وطلب ألحجر فجعل يقول : ثوبي حجر ، ثوبي حجر ، حتى انتهى
إلى ملأ من بني إسرأئيل فرأوه عرياناً أحسن ما خلق الله ، وبرأه الله مما
يقولون ، وقام الحجر فأخذ ثوبه فلبسه ، وطفق بالحجر ضرباً بعصاه ، فوالله
إن بالحجر لندباً من أثر ضربه ثلاثاً أو أربعاً أو خمساً فذلك قوله عز وجل
: " يا أيها الذين آمنوا لا تكونوا كالذين آذوا موسى فبرأه الله مما قالوا
وكان عند الله وجيها "

وقد رواه الإمام أحمد من حديث عبد الله بن شقيق وهمام بن منبه عن أبي هريرة
به وهو في الصحيحين من حديث عبد الرزاق عن معمر عن ثمام عنه به ورواه
مسلم من حديث عبد الله بن شقيق العقيلي عنه

قال بعض السلف : كان من وجاهته أنه شفع في أخيه عند الله ، وطلب منه أن
يكون معه وزيراً ، فأجابه الله إلى سؤاله وأعطاه طلبته وجعله نبياً ، ؟ قال
" ووهبنا له من رحمتنا أخاه هارون نبيا "

ثم قال البخاري : حدثنا أبو الوليد : حدثنا شعبة عن الأعمش قال : سمعت أبا
وائل ، قال : سمعت عبد الله ، قال : قسم رسول الله (صلى الله عليه وسلم)
قسماً ، فقال رجل : إن هذه القسكة ما أريد بها وجه الله ، فأتيت النبي (صلى
الله عليه وسلم) فأخبرته فغضب ، حتى رأيت الغضب في وجهه ، ثم قال : " يرحم
الله موسى قد أوذي بأكثر من هذا فصبر وكذا رواه مسلم من غير وجه عن سليمان
بن مهران الأعمش به

وقال الإمام أحمد : حدثنا أحمد بن حجاج ، سمعت إسرائيل بن يونس ، عن الوليد
بن أبي هاشم مولى لهمدان ، عن زيد بن أبي زائد ، عن عبد الله بن مسعود قال
: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأصحابه :" لا يبلغني أحد من أحد
شيئاً ، فإني أحب أن أخرج إليكم وأنا سليم الصدر " قال : وأتي رسول الله
مال فقسمه ، قال : فمررت برجلين وأحدهما يقول لصاحبه : والله ما أراد محمد
بقسمته وجه الله ولا الدار الآخرة فثبت حتى سمعت ما قالا ، ثم أتيت رسول
الله فقلت : يا رسول الله إنك قلت لنا لا يبلغني أحد عن أحد من أصحابي
شيئاً وإني مررت بفلان وفلان

وهما يقولان كذا وكذا فاحمر وجه رسول الله وشق عليه ، ثم قال : " دعنا منك فقد أوذي موسى أكثر من ذلك فصبر "

وهكذا رواه أبو داود والترمذي من حديث إسرائيل عن الوليد بن أبي هاشم به
وفي رواية للترمذي ولأبي داود من طريق ابن عبد عن إسرائيل عن السدي عن
الوليد به وقال الترمذي : غريب من هذا الوجه

وقد ثبت في الصحيحين في أحاديث الإسراء : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مر بموسى وهو قائم يصلى في قبره ، ورواه مسلم عن أنس

وفي الصحيحين من رواية قتادة عن أنس عن مالك بن صعصعة عن النبي صلى الله
عليه وسلم أنه مر ليلة أسرى به بموسى في السماء السادسة ، فقال له جبريل :
هذا موس ، فسلم عليه قال : " فسلمت عليه فقال : مرحباً بالنبي الصالح
والأخ الصالح ، فلما تجاوزت بكى قيل له ما يبكيك ؟ قال : أبكي لأن غلاماً
بعث بعدي يدخل الجنة من أمته أكثر مما يدخله من أمتي "

وذكر إبراهيم في السماء السابعة ، وهذا هو المحفوظ

وما وقع في حديث شريك بن أبي نمر ، عن أنس ، من أن إبراهيم في السادسة
وموسى في السابعة ، بتفضيل كلام الله - فقد ذكر غير واحد من الحفاظ : أن
الذي عليه الجادة : أن موسى في السادسة وإبراهيم في السابعة ، وأنه مسند
ظهره إلى البيت المعمور الذي يدخله كل يوم سبعون ألفا من الملائكة ثم لا
يعودون إليه أخر ما عليهم

واتفقت الروايات كلها على أن الله تعالى لما فرض على محمد صلى الله عليه
وسلم وأمته خمسين صلاة في اليوم والليلة - مر بموسى ، فقال : ارجع إلى ربك
فسله التخفيف لأمتك ، فإني قد عالجت بني إسرائيل قبلك أشد المعالجة ، وإن
أمتك أضعف أسماعاً وأبصاراً وأفئدة فلم يزل يتردد بين موسى وبين الله عز
وجل ، ويخفف عنه في كل مرة ، حتى صارت إلى خمس صلوات في اليوم والليلة
وقال الله تعالى : هي خمس وهي خمسون أي بالمضاعفة ، فجزي الله عنا محمداً
صلى الله عليه وسلم خيراً ، وجزي الله عنا موسى عليه السلام خيراً

وقال البخاري : حدثنا مسدد ، حدثنا حصين بن نمير عن حصين بن عبد الرحمن عن
سعيد بن جبيرعن ابن عباس قال : خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم
يوماً فقال :" عرضت علي الأمم ورأيت سواداً كثيراً سد الأفق ، فقيل هذا
مومى في قومه "

هكذا روى البخاري هذا الحديث هاهنا مختصراً

وقد رواه الإمام أحمد مطولاً فقال : حدثنا شريح ، حدثنا هشام ، حدثنا حصين
بن عبد الرحمن ، قال : كنت عند سعيد بن جبير فقال : أيكم رأى الكوكب الذي
انقض البارحة ؟ قلت ؟ إني ، ثم قلت : إني لم أكن في صلاة ولكن لدغت قال ،
وكيف فعلت ؟ قلت : استرقيت قال : وما حمللث على ذلك ؟ قال قلت : حديث
حدثناه الشعبي عن بريدة الأسلمي أنه قال : لا رقية إلا من عين أو حمة
فقال سعيد - يعني ابن جبير- قد أحسن من أنهي إلى ماسع

ثم قال : حدثنا ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : عرضت علي الأمم
فرأيت الني ومعه الرهط ، والنبي معه الرجل والرجلان والنبي وليس معه أحد ،
إذ رفع لي سواد عظيم فقلت : هذه أمتي ؟ فقيل : هذا موسى وقومه ، ولكن انظر
إلى الأفق ، فإذا سواد عظيم ، ثم قيل انظر إلى هذا الجانب ، فإذا سواد
عظيم ، فقيل : هذه أمتك ومعهم سبعون ألفأ يدخلون الجنة بغير حساب ولا عذاب

ثم نهض رسول الله صلى الله عليه وسلم فدخل ، فخاض القوم في ذلك ، فقالوا :
من هؤلاء الذين يدخلون الجنة بغير حساب ولا عذاب ؟ فقال بعضهم : لعلهم
الذين صحبوا النبي (صلى الله عليه وسلم) وقال بعضهم : لعلهم الذين ولدوا
في الإسلام ولم يشركوا بالله شيئاً قط ، وذكروا أشياء

فخرج إليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : ما هذا الذي كنتم تخوضون
فيه ؟ فأخبروه بمقالتهم فقال : هم الذين لا يكتوون ولا يسترقون ولا يتطيرون
وعلى ربهم يتوكلون فقام عكاشة بن محصن الأسدي فقال : أنا منهم يا رسول
الله ؟ قال : أنت منهم ثم قام آخر فقال : أنا منهم يا رسول الله ؟ فقال :
سبقك بها عكاشة !

وهذا الحديث له طرق كثيرة جداً وهو في الصحاح والحسان وغيرها وقد أوردناها في باب صفة الجنة عند ذكر أحوال القيامة وأهوالها

وقد ذكر الله تعالى موسى عليه السلام في القرآن كثيراً ، وأثني عليه وأورد
قصته في كتابه العزيز مراراً ، وكررها كثيراً ، مطولة ومبسوطة ومختصرة ،
وأثني عليه ثناء بليغاً

وكثيراً ما يقرنه الله ويذكره ، ويذكر كتابه مع محمد صلى الله عليه وسلم
وكتابه ، كما قال في سورة البقرة : " ولما جاءهم رسول من عند الله مصدق لما
معهم نبذ فريق من الذين أوتوا الكتاب كتاب الله وراء ظهورهم كأنهم لا
يعلمون "

وقال تعالى : " الم * الله لا إله إلا هو الحي القيوم * نزل عليك الكتاب
بالحق مصدقا لما بين يديه وأنزل التوراة والإنجيل * من قبل هدى للناس وأنزل
الفرقان إن الذين كفروا بآيات الله لهم عذاب شديد والله عزيز ذو انتقام "

وقال تعالى في سورة الأنعام : " وما قدروا الله حق قدره إذ قالوا ما أنزل
الله على بشر من شيء قل من أنزل الكتاب الذي جاء به موسى نورا وهدى للناس
تجعلونه قراطيس تبدونها وتخفون كثيرا وعلمتم ما لم تعلموا أنتم ولا آباؤكم
قل الله ثم ذرهم في خوضهم يلعبون * وهذا كتاب أنزلناه مبارك مصدق الذي بين
يديه ولتنذر أم القرى ومن حولها والذين يؤمنون بالآخرة يؤمنون به وهم على
صلاتهم يحافظون "

فأثني الله تعالى على التوراة ، ثم مدح القرآن العظيم مدحاً عظيماً

وقال تعالى في آخرها :" ثم آتينا موسى الكتاب تماما على الذي أحسن وتفصيلا
لكل شيء وهدى ورحمة لعلهم بلقاء ربهم يؤمنون * وهذا كتاب أنزلناه مبارك
فاتبعوه واتقوا لعلكم ترحمون "

وقال تعالى في سورة المائدة :" إنا أنزلنا التوراة فيها هدى ونور يحكم بها
النبيون الذين أسلموا للذين هادوا والربانيون والأحبار بما استحفظوا من
كتاب الله وكانوا عليه شهداء فلا تخشوا الناس واخشون ولا تشتروا بآياتي
ثمنا قليلا ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون " إلى أن قال :"
وليحكم أهل الإنجيل بما أنزل الله فيه ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم
الفاسقون * وأنزلنا إليك الكتاب بالحق مصدقا لما بين يديه من الكتاب
ومهيمنا عليه " الآية

فجعل القرآن حاكماً على سائر الكتب غيره ،وجعله مصدقاً لها ومبيناً ما وقع
فيها من التحريف والتبديل ، فإن أهل الكتاب استحفظوا على ما بأيديهم من
الكتب ، فلم يقدروا على حفظها ولا على ضبطها وصونها ، فلهذا دخلها ما دخلها
من تغييرهم وتبديلهم ، ولسوء فهمهم وقصورهم في علومهم ، ورداءة قصودهم
وخيانتهم لمعبودهم ، عليهم لعائن الله المتتابعة إلى يوم القيامة ، ولهذا
يوجد في كتبهم من الخطأ البين على الله وعلى رسوله - مالا يحد ولا يوصف
-ومالا يوجد مثلة ولا يعرف

وقال تعالى في سورة الأنبياء :" ولقد آتينا موسى وهارون الفرقان وضياء
وذكرا للمتقين * الذين يخشون ربهم بالغيب وهم من الساعة مشفقون * وهذا ذكر
مبارك أنزلناه أفأنتم له منكرون "

وقال الله تعالى في سورة القصص : " فلما جاءهم الحق من عندنا قالوا لولا
أوتي مثل ما أوتي موسى أولم يكفروا بما أوتي موسى من قبل قالوا سحران
تظاهرا وقالوا إنا بكل كافرون * قل فاتوا بكتاب من عند الله هو أهدى منهما
أتبعه إن كنتم صادقين "

فأثني الله على الكتابين وعلى الرسولين عليهما السلام

وقالت الجن لقومهم :" إنا سمعنا كتابا أنزل من بعد موسى "

وقال ورقة بن نوفل لما قص عليه رسول الله خبر ما رأى من أول الوحي وتلا
عليه :" اقرأ باسم ربك الذي خلق * خلق الإنسان من علق * اقرأ وربك الأكرم *
الذي علم بالقلم * علم الإنسان ما لم يعلم " قال : سبوح سبوح ، هذا
الناموس الذي أنزل على موسى ابن عمران

وبالجملة فشريعة موسى عليه السلام كانت شريعة عظيمة ، وأمته كانت أمة كثيرة
، ووجد فيها أنبياء وعلماء ، وعباد وزهاد وألباء وملوك وأمراء ، وسادات
وكبراء ، لكهنم كانوا فبادوا ، وتبدلوا كما بدلت شريعتهم ومسخوا قردة
وخنازير ، ثم نسخت بعد كل حساب ملتهم ، وجرت عليهم خطوب وأمور يطول ذكرها
ولكن سنورد ما فيه مقنع لمن أراد أن يبلغه خبرها إن شاء الله ، وبه الثقة
وعليه التكلان

ذكر حجه عليه السلام إلى البيت العتيق ، وصفته

قال الإمام أحمد : حدثنا هشام ، حدثنا داود بن أبي هند ، عن أبي العالية ،
عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مر بوادي الأزرق فقال :" أي
واد هذا ، قالوا : وادي الأزرق ، قال : كأني أنظر إلى موسى وهو هابط من
الثنية ، وله جؤار إلى الله عز وجل بالتلبية ، حتى أتي على ثنية هرشاء
فقال أي ثنية هذه ؟ قالوا : هذه ثنية هرشاء ، قال : كأني أنظر إلى يونس
بن متى على ناقة حمراء ، عليه جبة من صوف ، خطام ناقته خلبة - قال هشيم :
يعني ليفاً - وهو يلبي " أخرجه مسلم من حديث داود بن أبي هند به

وروى الطبراني عن ابن عباس مرفوعاً : أن موسى حج على ثور أحمر وهذا غريب جداً

وقال الإمام أحمد : حدثنا محمد بن أبي عدى ، عن ابن عون ، عن مجاهد قال :
كنا عند ابن عباس فذكروا الدجال ، فقال : إنه مكتوب بين عينيه ك ف ر
فقال : ما يقولون ؟ قال : يقولون مكتوب بين عينيه ك ف رضي الله عنه فقال
ابن عباس ، لم أسمعه قال ذلك ولكن قال أما إبراهيم فانظروا إلى صاحبكم ،
وأما موسى فرجل آدم جعد الشعر على جمل أحمر مخطوم بخلبة ، كأني أنظر إئجه
وقد انحدر من الوادي يلبي قال هشيم : الخلبة : الليف

ثم روه الإمام أحمد عن أسود ، عن إسرائيل ، عن عثمان بن المغيرة ، عن
مجاهد ، عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : رأيت عيسى
ابن مريم وموسى وإبراهيم : فأما عيسى فأحمر جعد عريض الصدر ، وأما موسى
فآدم جسيم سبط قالوا : فإبراهيم ؟ قال : انظروا إلى صاحبكم

وقال الإمام أحمد : حدثنا يونس ، حدثغا شيبان قال : حدث قتادة عن أبي
العالية ، حدثنا ابن عم نبيكم ابن عباس قال : قال نبي الله :" رأيت ليلة
أسرى بي موسى بن عمران رجلاً طوالاً جعداً ، كأنه من رجال شنوءة ، ورأيت
عيسى ابن مريم مربوع الخلق إلى الحمرة والبياض ، سبط الرأس "

وأخرجاه من حديث قتادة به وقال الإمام أحمد : حدثنا عبد الرزاق ، حدثنا
معمر قال الزهري : وأخبرني سعيد بن المسيب عن أبي هريرة قال : قال رسول
الله صلى الله عليه وسلم حين أسري به :" لقد لقيت موسى ، قال فنعته ، فإذأ
رجل - حسبته قال - مضطرب ، رجل الرأس كأنه من رجال الشنوءة ، ولقيمت عيسى
فنعته رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : ربعة أحمر كأنما خرج من ديماس -
يعني الحمام - قال : ورأيت إبراهيم وأنا أشبه ولده به " الحديث وقد تقدم
غالب هذه الأحاديث في ترجمة الخليل

ذكر وفاته عليه السلام

قال البخاري في صحيحه : وفاة موسى عليه السلام حدثنا يحيى بن موسى ،
حدثنا عبد الرزاق ، أنبأنا معمر عن ابن طاووس ، عن أبيه ، عن أبي هريرة قال
: أرسل ملك الموت إلى موسى عليه السلام ، فلما جاءه صكه فرجع إلى ربه عز
وجل ، فقال : أرسلتني إلى عبد لا يريد الموت ، قال : أرجع إليه فقل له يضع
يده على متن تور ، فله بما غطت يده بكل شعرة سنة قال : أي رب ثم ماذا ؟
قال : ثم الموت ، قال : فالآن

قال : فسأل الله عز وجل أن يدنيه من الأرض المقدسة رمية بحجر قال أبو هريرة
: فقال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) : فلو كنت ثم لأريتكم قبره إلى
جانب الطريق عند الكثيب الأحمر

قال : وأنبأنا معمر عن همام عن أبي هريرة عن النبي (صلى الله عليه وسلم) نحوه

وقد روى مسلم الطريق الأول من حديث عبد الرزاق به ورواه الإمام أحمد من
حديث حماد بن سلمة ، عن عمار بن أبي عمار ، عن أبي هريرة مرفوعاً وسيأتي

وقال الإمام أحمد : حدثنا الحسن ، حدثنا لهيعة ، حدثنا أبو يونس - يعنى
ساليم بن جبير -عن أبي هريرة ؟ قال : الإمام أحمد لم يرفعه ، قال : ((
جاء ملك الموت إلى موسى عليه السلام ، فقال : أجب ربك ، فلطم موس عين ملك
الموت ففقأها ، فرجع الملك إلى الله فقال : إنك بعثتني إلى عبد لك لا يريد
الموت ، قال : وقد فقأ عيني قال : فرد الله عينه ، وقال :ارجع إلى عبدي
فقل له : الحياة تريد ؟ فإن كنت تريد الحياة فضع يدك على متن ثور ، فما
وارت يدك من شعره فإنك تعيش بها سنة قال : ثم مه ؟ قال : ثم الموت قال :
فالآن يا رب من قريب

تفرد به أحمد ،وهو موقوف بهذا اللفظ

وقد رواه ابن حبان في صحيحه من طريق معمر ، عن ابن طاووس ، عن أبيه عن أبي
هريرة ، قال معمر : وأخبرني من سمع الحسن عن رسول الله (صلى الله عليه
وسلم) فذكره

ثم أستشكله ابن حبان ، وأجاب عنه بما حاصله : أن ملك الموت لما قال له هذا
لم يعرفه ، لمجيئه له على غير صورة يعرفها موسى عليه السلام كما جاء جبريل
في صورة أعرابي ، وكما وردت الملائكة على إبراهيم ولوط في صورة شباب ، فلم
يعرفهم إبراهيم ولا لوط أولا وكذلك موسى لعله لم يعرفه ، لذلك لطمه ففقأ
عينه لأنه دخل داره بغير إذن ، وهذا موافق لشريعتنا في جواز فقء عين من نظر
إليك في دارك بغير إذن

ثم أورد الحديث من طريق عبد الرزاق عن معمر ، عن همام ، عن أبي هريرة قال :
قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) :" جاء ملك الموت إلى موسى ليقبض روحه
، قال له : أجب ربك ، فلطهم موسى عين ملك الموت ففقأ عينه " وذكر تمام
الحديث كما أشار إليه البخاري

ثم تأوله على أنه لما رفع يده ليلطمه ، قالى له : أجب ربك ، وهذا التأويل
لا يتمشى على ما ورد به اللفظ ، من تعقيب قوله : أجب ربك بلطمه ولو استمر
على الجواب الأول لتمشي له ، وكأنه لم يعرفه في تلك الصورة ، ولم يحمل قوله
هذا على أنه مطابق ، إذ لم يتحقق في تلك الساعة الراهنة أنه ملك كريم ،
لأنه كان يرجو أموراً كثيرة كان يحب وقوعها في حياته ، من خروجهم من التيه ،
ودخولهم الأرض المقدسة ، وكان قد سبق في قدر الله أنه عليه السلام يموت في
التيه بعد هارون أخيه ، سنبينه إن شاء الله تعالى

وقد زعم بعضهم : أن موسى عليه السلام هو الذي خرج بهم من التيه ودخل بهم
الأرض المقدسة وهذا خلاف ما عليه أهل ألكتاب وجمهور المسلمين

ومما يدلى على ذلك قوله لما اختار الموت : رب أدنني إلى ، الأرض المقدسة
رمية حجر ، ولو كان قد دخلها لم يسأل ذلك ولكن لما كان مع قومه بالتيه
وفاته عليه السلام أحب أن يتقرب إلى الأرض التي هاجر إليها ، وحث قومه
عليها ولكن حال بينهم وبينها القدر ، رمية بحجر

ولهذا قال سيد البشر ، ورسول الله إلى أهل الوبر والمدر : فلو كنت ثم لأريتكم قبره عند الكثيب الأحمر

وقال الإمام أحمد : حدثنا عفان : حدثنا حماد ، حدثنا ثابت وسليمان التيمي
عن أنس بن مالك أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قال :" لما أسري بي
مررت بموسى وهو قائم يصلي في قبره عند الكثيب الأحمر " ورواه مسلم من
حديث حماد بن سلمة به

وقال السدي عن أبي مالك وأبي صالح ، عن ابن عباس ، وعن مرة ، وعن ابن مسعود
، وعن ناس من الصحابة قالوا : ثم إن الله تعالى أوحى إلى موسى إني متوف
هارون فائت به جبل كذا وكذا

فانطلق موسى وهارون نحو ذلك الجبل ، فإذا هم بشجرة لم تر شجرة مثلها ، وإذا
هم ببيت مبني ، وإذا هم بسرير عليه فرش ، وإذا فيه ريح طيبة فلما نظر
هارون إلى ذلك الجبل والبيت وما فيه أعجبه ، قال : يا موسى إني أحب أن
أنام على هذا السرير ، قال له موسى : فنم عليه ، قال : إني أخاف أن يأتي
ربي هذا البيت فيغضب علي ، قال له : لا ترهب أنا أكفيك رب هذا البيت فنم
قال : يا موسى بل نم معي فإن جاء رب هذا البيت غضب علي وعليك جميعاً
فلما ناما أخذ هارون الموت فلما وجد حسه قال : يا موسى خدعتني فلما قبض
رفع ذلك البيت ، وذهبت تلك الشجرة ، ورفع السرير به إلى السماء

فلما رجع موسى إلى قومه وليس معه هارون قالوا : إن موسى قتل هارون وحسده
على حب بني إسرائيل له ، وكان هارون أكف عنهم وألين لهم من موسى ، وكان في
موسى بعض الغلظة عليهم فلما بلغه ذلك قال لهم ، ويحكم ! كان أخي أتروني
أقتله ؟ فلما أكثروا عليه قام فصلى ركعتين ، ثم دعا الله فنزل السرير حتى
نظروا إليه بين السماء والأرض

ثم إن موسى عليه السلام بينما هو يمشي ويوشع فتاه إذا أقبلت ريح سوداء ،
فلما نظر إليها يوشع ظن أنها الساعة ، فالتزم موسى وقال : تقوم الساعة وأنا
ملتزم موسى نبي الله ، فاستل موسى عليه السلام من تحت القميص وترك القميص
في يدي يوشع فلما جاء يوشع بالقميص أخذته بنو إسرائيل وقالوا : قتلت نبي
الله فقال : لا والله ما قتلته ، ولكنه استل منى ، فلم يصدقوه وأرادوا
قتله قال : فإذا لم تصدقوني فأخروني ثلاثة أيام ، فدعا الله فأتي كل رجل
ممن كان يحرسه في المنام فأخبر أن يوشع لم يقتل موسى ، وإنا قد رفعناه
إلينا ، فتركوه

ولم يبق أحد ممن أبى أن يدخل قرية الجبارين مع موسى إلا مات ولم يشهد الفتح وفي بعض هذا السياق نكارة وغرابة والله أعلم

وقد قدمنا أنه لم يخرج أحد من التيه ممن كان مع موسى ، سوى يوشع بن نون ،
وكالب ابن يوفنا ، وهو زوج مريم أخت موسى وهارون وهما الرجلان المذكوران
فيما تقدم ، اللذان أشارا على ملأ بني إسرائيل بالدخول عليهم

وذكر وهب بن منبه : أن موسى عليه السلام مر بملأ من الملائكة يحفرون قبرأ ،
فلم ير أحسن منه ولا أنضر ولا أبهج ، فقال : يا ملائكة الله لمن تحفرون
هذا القبر ؟ فقالوا : لعبد من عباد الله كريم ، فإن كنت تحب أن تكون هذا
العبد فادخل هذا القبر ، وتمدد فيه وتوجه إلى ربك ،وتنفس أسهل تنفس ، ففعل
ذلك ، فمات صلوات الله وسلامه عليه ، فصلت عليه الملائكة ودفنوه

وذكر أهل الكتاب ، وغيرهم أنه مات وعمره مائة وعشرون سنة

وقد قال الإمام أحمد : حدثنا أمية بن خالد ويونس ، قالا : حدثنا حماد بن
سلمة ، عن عمار بن أبي عمار ، عن أبي هريرة عن النبي (صلى الله عليه وسلم) ،
قال يونس : رفع هذا الحديث إلى النبي (صلى الله عليه وسلم) قال :" كان ملك
الموت يأتي الناس عياناً ، قال : فأتي موسى عليه السلام فلطمه ففقأ عينه ،
فأتى ربه فقال : يا رب عبدك موسى فقأ عيني ، ولولا كرامته عليك لعتبت
عليه وقال يونس : أشفقت عليه قال له : اذهب إلى عبدي ، وقل له فليضع يده
على جلد - أو مسك ثور - فله بكل شعرة وارت يده سنة ، فأتاه فقال له ، فقال :
ما بعد هذا ؟ قال : الموت قال : فالآن قال : فشمه شمة فقبط روحه "

قال يونس : فرد الله عليه عينه وكان يأتي الناس خفية وكذا رواه ابن جرير
عن أبي كريب ، عن مصعب بن المقدام عن حماد بن سلمة به ، فرفعه أيضاً

قصَصُ الأنبيَاء - صفحة 3 500092465

قصَصُ الأنبيَاء - صفحة 3 500092465

تحياتي لكم

قصَصُ الأنبيَاء - صفحة 3 500092465

قصَصُ الأنبيَاء - صفحة 3 500092465

قصَصُ الأنبيَاء - صفحة 3 483098003
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
المدير
AMINE PàTCHIKà
AMINE PàTCHIKà




المدير العام
منتديات أمين عبلة الحب :

قصَصُ الأنبيَاء - صفحة 3 Empty
مُساهمةموضوع: رد: قصَصُ الأنبيَاء   قصَصُ الأنبيَاء - صفحة 3 Emptyالأحد يناير 13, 2013 12:01 pm

قصَصُ الأنبيَاء - صفحة 3 500092465

قصَصُ الأنبيَاء - صفحة 3 500092465

ذكر نبوة يوشع وقيامه بأعباء بني إسرائيل بعد موسى وهارون عليهما السلام

قصَصُ الأنبيَاء - صفحة 3 500092465



قصَصُ الأنبيَاء - صفحة 3 500092465

هو الخليل يوشع بن نون بن إفرائيم بن يونس بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم عليهم السلام ، وأهل الكتاب يقولون : يوشع ابن عم هود

وقد ذكره الله في القرآن غير مصرح باسمه في قصة الخضر كما تقدم من قوله : "
وإذ قال موسى لفتاه " (الكهف) " فلما جاوزا قال لفتاه " وقدمنا ما ثبت في
الصحيح من رواية أبي كعب رضي الله عنه عن النبي (صلى الله عليه وسلم) من
أنه يوشع بن نون

وهو متفق على نبوته عند أهل الكتاب ، فإن طائفة منهم وهم السامرة ، لا
يقمرون بنبوة أحمد بعد موسى إلا يوشع بن نون ، لأنه مصرح به في التوراة
ويكفرون بما وراءه وهو الحق مصدقاً لما معهم من ربهم فعليهم لعائن الله
المتابعة إلى يوم القيامة !

وأما ما حكاه ابن جرير وغيره من المفسرين عن محمد بن إسحاق : من أن النبوة
حولت من موسى إلى يوشع ، في آخر عمر موسى ، فكان موسى يلقي يوشع فيسأله ما
أحدث الله إليه من الأوامر والنواهي ، حتى قال له : يا كليم الله إني كنت
لا أسألك عما يوحي الله إليك حتى تخبرني أنت ابتداء من تلقاء نفسك فعند
ذلك كره موسى الحياة وأحب الموت ففي هذا نظر ، لأن موسى عليه السلام لم
يزل الأمر والوحي والتشريع والكلام من الله إليه من جميع أحواله ، حتى
توفاه الله عز وجل ، ولم يزل معززاً مكرماً مدللاً وجيهاً عند الله ، كما
قدمنا في الصحيح من قصة فقئه عين مالك الموت ، ثم بعثه الله إليه إن كان
يريد الحياة فليضع يده على جلد ثور فله بكل شعرة وارت يده سنة يعيشها ، قال
، ثم ماذا ؟ قال : الموت ، قال : فالآن يا رب ، وسأل الله أن يدنيه إلى
البيت المقدس رمية بحجر ، وقد أجيب إلى ذلك صلوات الله وسلامه عليه

فهذا الذي ذكر محمد بن إسحاق إن كان إنما يقوله من كتب أهل الكتاب ، ففي
كتابهم الذي يسمونه التوراة : أن الوحي لم ينزل على موسى في كل حين يحتاجون
إليه إلى آخر مدة موسى ، كما هو المعلوم من سياق كتابهم عند تابوت الشهادة
في قبة الزمان

ولقد ذكروا في السفر الثالث : أن الله أمر موسى وهارون أن يعدا بني إسرائيل
على أسباطهم ، وأن يجعلا على كل سبط من الاثني عشر أميراً وهو النقيب ،
وماذاك إلا ليتأهبوا للقتال ، قتال الجبارين عند الخروج من التيه ، وكان
هذا عند اقتراب انقضاء الأربعين سنة ولهذا قال بعضهم : إنما فقأ موسى عليه
السلام عين ملك الموت ، لأنه لم يعرفه في صورته تلك ، ولأنه كان قد أمر
بأمر كان يرتجى وقوعه في زمانه ، ولم يكن في قدر الله أن يقع ذلك في زمان
فتاه يوشع بن نون عليه السلام

ولما جهز رسوا الله جيش أسامة ، توفي عليه الصلاة والسلام وأسامة مخيم
بالجرف ، فنفذه صديقه وخليفته أبو بكر الصديق رضي الله عنه ، ثم لما لم شعث
جزيرة العرب ، وما كان دهي من أمر أهلها ، وعاد الحق إلى نصابه ، جهز
الجيوش يمنة ويسرة إلى العراق أصحاب كسرى ملك الفيرس ، وإلى الشام أصحاب
قيصر ملك الروم ، ففتح الله لهم ومكن لهم وبهم ، وملكهم نواصي أعدائهم

وهذكا موسى عليه السلام : كان الله دق أمره أن يجند بني إسرائيل وأن يجعل
عليهم نقباء كما قال تعالى :" ولقد أخذ الله ميثاق بني إسرائيل وبعثنا منهم
اثني عشر نقيبا وقال الله إني معكم لئن أقمتم الصلاة وآتيتم الزكاة وآمنتم
برسلي وعزرتموهم وأقرضتم الله قرضا حسنا لأكفرن عنكم سيئاتكم ولأدخلنكم
جنات تجري من تحتها الأنهار فمن كفر بعد ذلك منكم فقد ضل سواء السبيل "
يقول لهم : لئن قمتم بما أوجبت عليكم ، ولم تنكلوا عن القتال كما نكلتم أول
مرة ، لأجعلن ثواب هذه مكفراً لما وقع عليكم من عقاب عليكم ، ولم تنكلوا
عن القتال كما نكلتم أول مرة ، لأجعلن ثواب هذه مكفراً لما وقع بما أوجبت
عليكم ، ولم تنكلوا عن القتال كما نكلتم أول مرة ، لأجعلن ثواب هذه مكفراً
لما وقع عليكم من عقاب تلك ، كما قال تعالى لمن تخلف من الأعراب عن رسول
الله (صلى الله عليه وسلم) عن غزوة الحديبية :" قل للمخلفين من الأعراب
ستدعون إلى قوم أولي بأس شديد تقاتلونهم أو يسلمون فإن تطيعوا يؤتكم الله
أجرا حسنا وإن تتولوا كما توليتم من قبل يعذبكم عذابا أليما "

وهكذا قال تعالى لبني إسرائيل : " فمن كفر بعد ذلك منكم فقد ضل سواء السبيل
" ثم ذمهم تعالى على سوء صنيعهم ونقضهم مواثيقهم كما ذم من بعدهم من
النصارى على اختلافهم في دينهم وأديانها ، وقد ذكرنا ذلك في التفسير مستقصى
ولله الحمد

والمقصود أن الله تعالى أمر موسى عليه السلام أن يكتب أسماء المقاتلة من
بني إسرائيل ممن يحمل السلاح ، ويقاتل ممن بلغ عشرين سنة فصاعداً ، وأن
يجعل على كل سبط نقيباً منهم السبط الأول : سبط روبيل لأنه بكر يعقوب ،
وكان عدة المقاتلة منهم ستة وأربعين ألفاً وخمسمائة ، ونقيبهم منهم وهو
اليصور بن شديئور السبط الثاني : سبط شمعون : وكانوا تسعة وخمسين ألفاً
وثلاثمائة ، ونقيبهم شلوميئيل ابن هوريشداي ، السبط الثالث : سبط يهوذا
وكانوا أربعة وسبعين ألفاً وستمائة ، ونقيبهم نحشون بن عمينا ذاب السبط
الرابع : سبط أيساخر وكانوا أربعة وخمسين ألفاً وأربعمائة ونقيبهم نشائيل
بن صوعر السبط الخامس : سبط يوسف عليه السلام وكانوا أربعين ألفاً
وخمسمائة ، ونقيبهم يوشع بن نون السبط السادس : سبط ميشا ، وكانوا أحداً
وثلاثين ألفاً ومائتين ونقيبهم جمليئيل بني فدهصور السبط السابع :سبط
بنيامين ، وكانوا خمسة وثلاثين ألفاً وأربعمائة ، ونقيبهم أبيدن بن جدعون
السبط الثامن : سبط حاد ، وكانوا خمسة وأربعين ألفاً وستمائة وخمسين رجلاً ،
ونقيبهم الياساف بن رعوئيل والسبط التاسع : سبط أشير ، وكانوا أحدا
وأربعين ألفا وخمسمائة ، ونقيبهم فجعيئيل بن عكران السبط العاشر : سبط دان
، وكانوا اثنين وستين ألفا وسبعمائة ، ونقيبهم أخيعزر ابن عمشداي السبط
الحادي عشر : سبط نفتالي ، وكانوا ثلاثة وخمسين ألفا وأربعمائة ، ونقيبهم
الباب بن حيلون هذا نص كتابهم الذي بأيديهم والله أعلم

وليس منهم بنو لاوي فقد أمر الله موسى ألا يعدهم معهم ، لأنهم موكلون
بحمل قبة الشهادة وضربها وخزنها ونصبها وحملها إذا ارتحلوا ، وهم سبط موس
وهارون عليهما السلام ، وكانوا اثنين وعشرين ألفا ، من ابن شهر فما فوق ذلك
، وهم في أنفسهم قبائل من كل قبيلة طائفة من قبة الزمان يحرسونها
ويحفظونها ويقومون بمصالحها ونصبها وحملها ، وهم كلهم حولها ، ينزلون
ويرتحلون أمامها ويمنتها وشمالها ووراءها

وجملة ما ذكر من المقاتلة غير بني لاوي خمسمائة ألف واحد وسبعون ألفاً
وستمائة وستة وخمسون لكن قالوا : فكان عدد بني إسرائيل ممن عمره عشرون فما
فوق ذلك ، ممن حمل السلاح ، ستمائة ألف وثلاثة آلاف وخمسمائة وخمسة وخمسين
رجلاً ، سوى بني لاوي

وفي هذا نظر ، فإن جميع الجمل المتقدمة إن كانت كما وجدنا في كتابهم ، لا تطابق الجملة التي ذكروها والله أعلم

فكان بنو لاوي الموكلون بحفظ قبة الزمان يسيرون في وسط بني إسرائيل ، وهم
القلب ، ورأس الميمنة بنو روبيل ، ورأس الميسرة بنو دان وبنو نفتالي يكونون
ساقة وقرر موسى عليه السلام - بأمر الله تعالى له - الكهانة في بني هارون
، كما كانت لأبيهم من قبلهم ، وهم : ذناداب وهو بكره ، وأبيهو ، وألعازر ،
ويثمر ، والمقصود أن بني إسرائيل لم يبق منهم أحد ممن كان نكل عن دخول
مدينة الجبارين الذين قالوا :" فاذهب أنت وربك فقاتلا إنا هاهنا قاعدون "
قاله الثوري عن أبي سعيد عن عكرمة عن ابن عباس ، وقاله قتادة وعكرمة ،
ورواه السدي عن ابن عباس وابن مسعود وناس من الصحابة ، حتى قال ابن عباس
وغيره من علماء السلف والخلف : ومات موسى وهارون قبله كلاهما في التيه
جميعاً

وقد زعم ابن إسحاق أن الذي فتح بيت المقدس هو موسى ، وإنما كان يوشع على
مقدمته وذكر في مروره إليها قصة بلعام بن باعورا الذي قال تعالى فيه :"
واتل عليهم نبأ الذي آتيناه آياتنا فانسلخ منها فأتبعه الشيطان فكان من
الغاوين * ولو شئنا لرفعناه بها ولكنه أخلد إلى الأرض واتبع هواه فمثله
كمثل الكلب إن تحمل عليه يلهث أو تتركه يلهث ذلك مثل القوم الذين كذبوا
بآياتنا فاقصص القصص لعلهم يتفكرون * ساء مثلا القوم الذين كذبوا بآياتنا
وأنفسهم كانوا يظلمون "

وقد ذكرنا قصته في التفسير ، وأنه كان - فيما قاله ابن عباس وغيره - يعلم
الاسم الأعظم ، وأن قومه سألوه أن يدعو على موسى وقومه - فامتنع عليهم ،
ولما ألحوا عليه ركب حمارة له ، ثم سار نحو معسكر بني إسرائيل ، فلما أشرف
عليهم رضت به حمارته فضربها حتى قامت ، فسارت غير بعيد وربضت فضربها ضرباً
أشد من الأول فقامت ثم ربضت ، فضربها فقالت له : يا بلعام أين تذهب ؟ أما
ترى الملائكة أمامي تردني عن وجهي هذا ؟ أتذهب إلى نبي الله والمؤمنين
تدعو عليهم ؟ فلم ينزل عنها فضربها حتى سارت به حتى أشرف عليهم من رأس جبل
حسبان ونظر إلى معسكر موسى وبني إسرائيل فأخذ يدعو عليهم فجعل لسانه لا
يطيعه إلا أن يدعو لموسى وقومه ، ويدعو على قوم نفسه ، فلاموه على ذلك
فاعتذر إليهم بأنه لا يجري على لسانه إلا هذا ، واندلع لسانه حق وقع على
صدره ، فقال لقومه : قد ذهبت الآن مني الدنيا والآخرة ، ولم يبق إلا المكر
والحيلة

ثم أمر قومه أن يزينوا النساء ويبعثوهن بالأمتعة يبعن عليهم ويتعرضن لهم
لعلهم يقعون في الزنى ، فإنه متى زنى رجل منهم كفيتوهم ، ففعلوا وزينوا
نسائهم وبعثوهم إلى المعسكر ، فمرت امرأة منهم اسمها كسبتى برجل من عظماء
بني إسرائيل : وهو زمرى بن شلوم يقال إنه كان رأس سبط بني شمعون بن
يعقوب فدخل بها قبته ، فلما خلا بها أرسل الله الطاعون على بني إسرائيل ،
فجعل يجوس فيهم ، فلما بلغ الخبر إلى فنحاص بن العيزار بن هارون ، أخذ
حربته وكانت من حديد ، فدخل عليهما القبة فانتظمهما جميعاً فيها ، ثم خرج
بهما على الناس والحربة في يده ، وقد اعتمد على خاصرته وأسندها إلى لحيته ،
ورفعهما نحو السماء وجعل يقول : اللهم هكذا نفعل بمن يعصيك ورفع
الطاعون فكان جملة من مات في تلك الساعة سبعين ألفاً ، والمقلل يقول عشرين
ألفاً ، وكان فنحاص بكر أبيه العيزار بن هارون ، فلهذا يجعل بنو إسرائيل
لولد فنحاص من الذبيحة اللبة والذراع واللحى ، ولهم البكر من كل أموالهم
وأنفسهم

وهذا الذي ذكره ابن إسحاق من قصة بلعام صحيح ، وقد ذكره غير واحد من علماء
السلف ، لكن لعله لما أراد موسى دخول بيت المقدس أول مقدمه من الديار
المصرية ، ولعله مراد ابن إسحاق ، ولكنه غير ما فهمه بعض الناقلين عنه ،
وقد قدمنا عن نص التوراة ما يشهد لبعض هذا والله أعلم

ولعل هذه قصة أخرى كانت في خلال سيرهم في التيه ، فإن في هذا السياق ذكر
حسبان وهي بعيدة عن أرض بيت المقدس ، أو لعله كان قاصداً بين المقدس ، كما
صرح به السدى والله أعلم

وعلى كل تقدير فالذي عليه الجمهور : أن هارون توفى بالتيه قبل موسى أخيه
بنحو من سنتين ، وبعده موسى في التيه أيضاً ، كما قدمنا وأنه سأل ربه أن
يقربه إلى بيت المقدس فأجيب إلى ذلك

فكأن الذي خرج بهم في التيه ، وقصد بهم بيت المقدس ، هو يوشع بن نون عليه
السلام ، فذكر أهل الكتاب وغيرهم من أهل التاريخ ، أنه قطع ببني إسرائيل
نهر الأردن وانتهى إلى أريحا ، وكانت من أحصن المدائن أسواراً وأعلاها
قصوراً ، وأكثرها أهلا ، فحاصرها ستة أشهر ثم إنهم أحاطوا بها يوماً وضربوا
بالقرون - يعني الأبواق - وكبروا تكبيرة رجل واحد ، فتفسخ سورها وسقط وجبة
واحدة ، فدخلوا وأخذوا ما وجدوا فيها من الغنائم وقتلوا اثنى عشر ألفاً
من الرجال والنساء ، وحاربوا ملوكاً كثيرة ويقال إن يوشع ظهر على أحد
وثلاثين ملكاً من ملوك الشام

وذكروا أنه انتهى محاصرته إلى يوم الجمعة بعد العصر ، فلما غربت الشمس أو
كادت تغرب ، ويدخل عليهم السبت الذي جعل عليهم وشرع لهم ذلك الزمان ، قال
ها : إنك مأمورة وأنا مأمور ، اللهم احبسها علي ، فحبسها الله عليه حتى
تمكن من فتح البلد ، وأمر القمر فوقف عند الطلوع ، وهذا يقتضي أن هذه
الليلة كان الرابعة عشرة من الشهر الأول وهو قصة الشمس المذكورة في الحديث
الذي سأذكره وأما قصة القمر فمن عند أهل الكتاب ، ولا ينافي الحديث بل فيه
زيادة تستفاد فلا تصدق ولا تكذب ولكن ذكرهم أن هذا في فتح أريحا فيه نظر ،
والأشبه - والله أعلم - أن هذا كان في فتح بيت المقدس الذي هو المقصود
الأعظم ، وفتح أريحا كان وسيلة إليه والله أعلم

قال الإمام أحمد : حدثنا أسود بن عامر ، حدثنا أبو بكر ، عن هشام ، وعن ابن
سيرين عن أبي هريرة قال : قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) : " إن
الشمس لم تحبس لبشر إلا ليوشع ليالي سار إلى بيت المقدس " انفرد به أحمد
من هذا الوجه وهو على شرط البخاري

وفيه دلالة على أن الذي فيه بيت المقدس هو يوشع بن نون عليه السلام ، لا
موسى ، وأن حبس الشمس كان في فتح بيت المقدس لا أريحا كما قلنا وفيه أن
هذا كان من خصائص يوشع عليه السلام فيدل على ضعف الحديث الذي رويناه : أن
الشمس رجعت حتى صلى على بن أبي طالب صلاة العصر ، بعد ما فاتته بسبب نوم
النبي (صلى الله عليه وسلم) على ركبته ، فسأله رسول الله أن يردها الله
عليه حتى يصلي العصر فرجعت وقد صححه أحمد بن أبي صالح المصري ولكنه ليس في
شيء من الصحاح ولا الحسان وهو مما تتوافر الدواعي على نقله وتفردت بنقله
امرأة من أهل البيت مجهولة لا يعرف حالها والله أعلم

وقال الإمام أحمد : حدثنا بعد الرزاق ، حدثنا عمر ، عن همام عن أبي هريرة
قال : قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) : " غزا نبي من الأنبياء فقال
لقومه : لا يتبعني رجل قد ملك بضع امرأة ، وهو يريد أن يبني بها ولما يبن ،
ولا آخر قد بنى بنياناً ولم يرفع سقفها ، ولا آخر قد اشترى غنماً أو خلفات
وهو ينتظر أولادها

قال : فغزا فدنا من القرية حين صلى العصر أو قريباً من ذلك فقال للشمس :
أنت مأمورة وأنا مأمور ، اللهم احبسها علي شيئاً ، فحبست عليه حتى فتح الله
عليه ، قال : فجمعوا ما غنموا ، فأتت النار لتأكله فأبت أن تطعمه ، فقال :
فيكم غلول ، فليبايعني من كل قبيلة رجل ، فبايعوه فلصقت يد رجل بيده ،
فقال : فيكم الغلول فليبايعني قبيلتك ، فبايعته قبيلته قال : فلصقت بيد
رجلين - أو ثلاثة - فقال : فيكم الغلول أنتم غللتم

قال : فأخرجوا له مثل رأس بقرة من ذهب ، قال : فوضعوه بالمال وهو بالصعيد ،
فأقبلت النار فأكلته ، فلم تحل الغنائم لأحد من قبلنا ، ذلك بأن الله رأى
ضعفنا وعجزنا فطيبها لنا "

انفرد به مسلم من هذا الوجه وقد روى البزار من طريق مبارك بن فضالة بن
عبيد الله ابن سعيد المقبري ، عن أبي هريرة ، عن النبي (صلى الله عليه
وسلم) نحوه قال : ورواه محمد بن عجلان عن سعيد ابن المسيب عن أبي هريرة عن
النبي (صلى الله عليه وسلم)

والمقصود أنه لما دخل بهم باب المدينة أمروا أن يدخلوها سجداً أي ركعاً
متواضعين شاكرين الله عز وجل على ما من به عليهم من الفتح العظيم الذي كان
الله وعدهم إياه ، وأن يقولوا حال دخولهم : ( حطة ) أي حط عنا خطايانا التي
سلفت ، من نكولنا الذي تقدم منا

ولهذا دخل رسول الله (صلى الله عليه وسلم) مكة يوم فتحها ، دخلها وهو راكب
ناقته ، وهو متواضع حامد شاكر ، حتى إن عثنونه - طرف لحيته - ليمس مورك
رحله ، مما يطأطئ رأسه خضعاناً لله عز وجل ومعه الجنود والجيوش ممن لا يرى
منه إلا الحدق ، ولا سيما الكتيبة الخضراء التي فيها رسول الله (صلى الله
عليه وسلم) ثم لما دخلها اغتسل وصلى ثماني ركعات وهي صلاة الشكر على النصر
، على المشهور من قول العلماء وقيل إنها صلاة الضحى ، وما حمل هذا القائل
على قوله هذا إلا لأنها وقعت وقت الضحى

وأما بنو إسرائيل فإنهم خالفوا ما أمروا به قولاً وفعلاً ، فدخلوا الباب
يزحفون على أستاهم وهم يقولون : حبة في شعرة ، وفي رواية : حنطة في شعرة

وحاصله أنهم بدلوا ما أمروا به واستهزءوا به ، كما قال تعالى حاكياً عنهم
في سورة الأعراف وهي مكية :" وإذ قيل لهم اسكنوا هذه القرية وكلوا منها حيث
شئتم وقولوا حطة وادخلوا الباب سجدا نغفر لكم خطيئاتكم سنزيد المحسنين *
فبدل الذين ظلموا منهم قولا غير الذي قيل لهم فأرسلنا عليهم رجزا من السماء
بما كانوا يظلمون "

وقال في سورة البقرة وهي مدنية : " وإذ قلنا ادخلوا هذه القرية فكلوا منها
حيث شئتم رغدا وادخلوا الباب سجدا وقولوا حطة نغفر لكم خطاياكم وسنزيد
المحسنين * فبدل الذين ظلموا قولا غير الذي قيل لهم فأنزلنا على الذين
ظلموا رجزا من السماء بما كانوا يفسقون "

وقال الثوري عن الأعمش ، عن المنهال بن عمرو ، عن سعيد بن جبير عن ابن عباس
:" وادخلوا الباب سجدا " قال : ركعاً من باب صغير رواه الحاكم و ابن
جرير و وابن أبي حاتم ، وكذا روى العوفي عن ابن عباس ، وكذا روى الثوري
عن ابن إسحاق عن البراء

قال مجاهد والسدي والضحاك : والباب هو باب حطة من بيت إيلياء بيت المقدس

قال ابن مسعود : فدخلوا مقنعى رءوسهم ضد ما أمروا به ، وهذا لا ينافي قول
ابن عباس أنهم دخلوا يزحفون على أستاهم ، وهكذا في الحديث الذي سنورده بعد ،
فإنهم دخلوا يزحفون وهم مقنعوا رءوسهم

وقوله : " وقولوا حطة " الواو هنا حالية لا عاطفة ، أي ادخلوا سجداً في
حال قولكم حطة قال ابن عباس وعطاء والحسن وقتادة والربيع : أمروا أن
يستغفروا

قال البخاري : حدثنا محمد : حدثنا عبد الرحمن بن مهدي ، عن ابن المبارك ،
عن عمر ، عن همام بن منبه ، عن أبي هريرة عن النبي (صلى الله عليه وسلم)
قال : " قيل لبني إسرائيل :" ادخلوا الباب سجدا وقولوا حطة نغفر لكم
خطاياكم " فبدلوا ، فدلخوا يزحفون على أستاهم وقالوا حبة في شعرة " وكذا
رواه النسائي من حديث ابن المبارك ببعضه ، ورواه عن محمد بن إسماعيل بن
إبراهيم عن ابن مهدي به موقوفاً

وقد قال عبد الرزاق : أنبأنا معمر ، عن همام بن منبه ، أنه سمع أبا هريرة
يقول : قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) : " قال الله لبني إسرائيل :"
ادخلوا الباب سجدا وقولوا حطة نغفر لكم خطاياكم " فبدلوا فدخلوا الباب
يزحفون على أستاههم فقالوا : حبة في شعرة "

ورواه البخاري و مسلم و الترمذي من حديث عبد الرزاق ، وقال الترمذي : حسن صحيح

وقال محمد بن إسحاق : كان تبديلهم كما حدثني صالح بن كيسان ، عن صالح مولى
التوأمة عن أبي هريرة وعمن لا أتهم ، عن ابن عباس أن رسول الله (صلى الله
عليه وسلم) قال : " دخلوا الباب الذي أمروا أن يدخلوا فيه سجداً يزحفون على
أستاههم ، وهم يقولون : حنطة في شعيرة "

وقال أسباط عن السدى عن مرة عن ابن مسعود قال في قوله :" فبدل الذين ظلموا
قولا غير الذي قيل لهم " قالوا : هطى سقانا أزمة مزيا فهي في العربية :
حبة حنطة مثقوبة فيها شعرة سوداء

وقد ذكر الله تعالى أنه عاقبهم على هذه المخالفة ، بإرسال الرجز الذي أنزله
عليهم ، وهو الطاعون ، كما ثبت في الصحيحين من حديث الزهري ، عن عامر بن
سعد ، ومن حديث مالك ، عن محمد بن المنكدر ، وسالم أبي النضر ، عن عامر بن
سعد ، عن أسامة بن زيد ، عن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) : أنه قال : "
إن هذا الوجع - أو السقم - رجز عذب به بعض الأمم قبلكم "

وروى النسائي وابن أبي حاتم وهذا لفظه من حديث الثوري عن حبيب بن أبي ثابت
، عن إبراهيم بن سعيد بن أبي وقاص ، عن أبيه ، وأسامة بن زيد وخزيمة بن
ثابت قالوا : قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) : " الطاعون رجز عذب به
من كان قبلكم " ، وقال الضحاك عن ابن عباس : الرجز العذاب ، وكذا قال مجاهد
وأبو مالك والسدي والحسن وقتادة وقال أبو العالية : هو الغضب ، وقال
الشعبي : الرجز إما الطاعون وإما البرد ، وقال سعيد بن جبير : هو الطاعون

ولما استقرت يد بني إسرائيل على بيت المقدس استمروا فيه ، وبين أظهرهم نبي
الله يوشع يحكم بينهم بكتاب الله التوراة حتى قبضه الله إليه ، وهو ابن
مائة وسبع وعشرين سنة ، فكانت مدة حياته بعد موسى سبعاً وعشرين سنة

قصَصُ الأنبيَاء - صفحة 3 500092465

قصَصُ الأنبيَاء - صفحة 3 500092465

تحياتي لكم

قصَصُ الأنبيَاء - صفحة 3 500092465

قصَصُ الأنبيَاء - صفحة 3 500092465

قصَصُ الأنبيَاء - صفحة 3 483098003
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
المدير
AMINE PàTCHIKà
AMINE PàTCHIKà
المدير


الجنس : ذكر
الابراج الدلو
تاريخ الميلاد تاريخ الميلاد : 25/01/1988
العمر : 36

المدير العام
منتديات أمين عبلة الحب :

قصَصُ الأنبيَاء - صفحة 3 Empty
مُساهمةموضوع: رد: قصَصُ الأنبيَاء   قصَصُ الأنبيَاء - صفحة 3 Emptyالأحد يناير 13, 2013 12:17 pm

قصَصُ الأنبيَاء - صفحة 3 500092465

قصَصُ الأنبيَاء - صفحة 3 500092465

ذكر قصتي الخضر وإلياس عليهما السلام

قصَصُ الأنبيَاء - صفحة 3 500092465



قصَصُ الأنبيَاء - صفحة 3 500092465

أما الخضر : فقد تقدم أن موسى عليه السلام رحل إليه في طلب ما عنده من
العلم اللدني ، وقص الله من خبرهما في كتابه العزيز في سورة الكهف ، وذكرنا
في تفسير ذلك هنالك ، وأوردنا هنا ذكر الحديث المصرح بذكر الخضر عليه
السلام ، وأن الذي رحل إليه هو موسى بن عمران نبي بني إسرائيل عليه السلام ،
الذي أنزلت عليه التوراة

وقد اختلف في الخضر ، في اسمه ، ونسبه ، ونبوته ، وحياته إلى الآن - على أقوال - سأذكرها لك هنالك إن شاء الله وبحوله وقوته

قال الحافظ ابن عساكر : يقال إنه الخضر بن آدم عليه السلام لصلبه ، تم روى
من طريق الدارقطني : حدثنا محمد بن الفتح القلانسي ، حدثنا العباس بن عبد
الله الرومي ، حدثنا رواد ابن الجراح ، حدثنا مقاتل بن سليمان ، عن الضحاك
، عن ابن عباس ، قال : الخضر ابن آدم لصلبه ، ونسئ له في أجله حتى يكذب
الدجال وهذا منقطع وغريب

وقال أبو حاتم سهل بن محمد بن عثمان السجستاني : سمعت مشيختنا منهم أبو
عبيدة وغيره قالوا : إن أطول بني آدم عمراً الخضر ، واسمه خضرون بن قابيل
بن آدم

قال : وذكر ابن إسحاق أن آدم عليهه السلام لما حضرته الوفاة أخبر بنيه أن
الطوفان سيقع بالناس ، وأوصاهم إذا كان ذلك أن يحملوا جسده معهم في السفينة
، وأن يدفنوه معهم في مكان عينه لهم فلما كان الطوفان حملوه معهم ، فلما
هبطوا إلى الأرض أمر نوح بنيه أن يذهبوا ببدنه فيدفنوه حيث أوصى فقالوا ك
إن الأرض ليس بها أنيس وعليها وحشة فحرضهم وحثهم على ذلك وقال : إن آدم
دعا لمن يلي دفنه بطول العمر ، فهابوا المسير إلى ذلك الموضع في ذلك الوقت ،
فلم يزل جسده عندهم حتى كان الخضر هو الذي تولى دفنه ، وأنجز الله ما وعده
، فهو يحيا إلى ما شاء الله له أن يحيا

وذكر ابن قتيبة في المعارف عن وهب بن منبه : أن اسم الخضر بليا ويقال
بليا بن ملكان بن فالغ بن عابر بن شالخ بن أرفخشد بن سام بن نوح عليه
السلام

وقال اسماعيل بن أبي أويس : اسم الخضر - فيما بلغنا والله أعلم - المعمر بن
مالك بن عبد الله ابن نصر بن الأزد وقال غيره : هو خضرون بن عماييل بن
اليفز بن العيص بن إسحاق بن إبراهيم الخليل ويقال هو : أرميا بن حلقيا
فالله أعلم

وقيل إنه كان ابن فرعون صاحب موسى ملك مصر وهذا غريب جداً قال ابن الجوزي : رواه محمد بن أيوب عن ابن لهيعة ، وهما ضعيفان

وقيل : إنه ابن مالك وهو أخو إلياس ، قال السدي كما سيأتي وقيل إنه كان
على مقدمة ذي القرنين وقيل كان ابن بعض من آمن بإبراهيم الخليل وهاجر معه
وقيل كان نبياً في زمن نشتاسب ابن بهراسب

قال ابن جرير : والصحيح أنه كان متقدماً في زمن أفريدون ابن إثفيان حتى أدركه موسى عليه السلام

وروى الحافظ ابن عساكر عن سعيد بن المسيب أنه قال : الخضر أمه رومية وأبوه فارسي

وقد ورد على أنه من بني إسرائيل في زمان فرعون أيضاً

قال أبو زرعة في دلائل النبوة حدثنا صفوان بن صالح الدمشقي ، حدثنا
الوليد ، حدثنا سعيد بن بشير ، عن قتادة ، عن مجاهد ، عن ابن عباس ، عن أبي
بن كعب ، عن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) : أنه ليلة أسرى به وجد رائحة
طيبة ، فقال : يا جبريل ما هذه الرائحة الطيبة ؟ قال : هذه ريح قبر
الماشطة وابنيها وزوجها

وقال : وكان بدء ذلك أن الخضر كان من أشرف بني إسرائيل ، وكان ممره براهب
في صومعته ، فتطلع عليه الراهب فعلمه الإسلام فلما بلغ الخضر زوجه أبوه
امرأة فعلمها الإسلام ، وأخذ عليها ألا تعلم أحداً ، وكان لا يقرب النساء
ثم طلقها ثم زوجه أبوه بأخرى فعلمها الإسلام وأخذ عليها ألا تعلم أحداً ثم
طلقها ، فكتمت إحداهما وأفشت عليه الأخرى

فانطلق هارباً حتى أتى جزيرة في البحر ، فأقبل رجلان يحتطبان فرأياه فكتم
أحدهما وأفشى عليه الآخر قال : قد رأيت الخضر ، قيل : ومن رآه معك ؟ قال
فلان ، فسئل فكتم وكان من دينهم أنه من كذب قتل ، فقتل ، وكان قد تزوج
الكاتم المرأة الكاتمة قال : فبينما هي تمشط بنت فرعون إذ سقط المشط من
يدها ، فقالت : تعس فرعون ، فأخبرت أباها ، وكان للمرأة ابنان وزوج ، فأرسل
إليهم فراود المرأة وزوجها أن يرجعا عن دينهما ، فأبيا ، فقال : إني
قاتلكما ، فجعلهما في قبر واحد ، فقال : وما وجدت ريحا أطيب منهما ، وقد
دخلت الجنة

وقد تقدمت قصة مائلة بنت فرعون ، وهذا المشط في أمر الخضر قد يكون مدرجاً
من كلام أبي بن كعب ، أو عبد الله بن عباس والله أعلم وقال بعضهم :
كنيته أبو العباس ، والأشبه ، والله أعلم أن الخضر لقب غلب عليه

قال البخاري رحمه الله : حدثنا محمد بن سعيد االأصبهاني ، حدثنا ابن المبارك ، عن معمر ،

عن همام ، عن أبي هريرة عن النبي (صلى الله عليه وسلم) قال : " إنما سمى الخضر لأنه جلس على فروة بيضاء فإذا هي تهتزمن خلفه خضراء "

تفرد به البخاري ، وكدلك رواه عبد الرزاق عن معمر به

ثم قال عبد الرزاق : الفروة : الحثسيش الأبيض وما أشبه ، يعني الهشيم
اليابس وقال الخطابي : وقال أبو عمر : الفروة : الأرض التي لا نبات
فيها وقال غيره : هو الهشيم اليابس شبهه بالفروة ، ومنه قيل : فروة الرأس
وهي جلدته بما عليها من الشعر ، كما قال الراعي :

ولقد ترى الحبشي حول بيوتنا جذلا إذا ما نا يوماً مأكلا

صعلا أصك كان فروة رأسه بذرت فأنبيت جانباه فلفلا

قال الخطابي : ويقال : إنما سمى الخضر خضراً لحسنه وإشراق وجهه ، قلت :
وهذا لا ينافي ما ثبت في الصحيح ، فإن كان ولا بد من التعليل بأحدهما ، فما
ثبت في الصحيح أولى وأقوى ، بل لا يلتفت إلى ما عداه

وقد روى الحافظ ابن عساكر هذا الحديث أيضاً من طريق إسماعيل بن حفص بن عمر
الأبلى : حدثنا عثمان وأبو جزى وهمام بن يحيى ، عن قتادة ، عن عبد الله بن
الحارث بن نوفل ، عن ابن عباس عن النبي (صلى الله عليه وسلم) قال : " إنما
سمى الخضر خضراً لأنه صلى على فروة بيضاء فاهتزت خضراء " وهذا غريب من هذا
الوجه

وقال قبيصة عن الثوري عن منصور عن مجاهد قال : إنما سمى الخضر لأنه كان إذا صلى اخضر ما حوله

وتقدم أن موسى ويوشع عليهما السلام لما رجعا يقصان الأثر ، وجداه على طنفسة
خضراء على كبد البحر ، وهو مسجى بثوب قد جعل طرفاه من تحت رأسه وقدميه ،
فسلم موسى عليه السلام فكشف عن وجهه فرد ، وقال : إني بأرضك السلام ؟ من
أنت ؟ قال : أنا موسى قال : نبي بني إسرائيل ؟ قال : نعم فكان من أمرهما
ما قصه الله في كتابه عنهما

وقد دل سياق القصة على نبوته من وجوه : أحدها : قوله تعالى : " فوجدا عبدا من عبادنا آتيناه رحمة من عندنا وعلمناه من لدنا علما "

الثاني : قول موسى له :" هل أتبعك على أن تعلمن مما علمت رشدا * قال إنك لن
تستطيع معي صبرا * وكيف تصبر على ما لم تحط به خبرا * قال ستجدني إن شاء
الله صابرا ولا أعصي لك أمرا * قال فإن اتبعتني فلا تسألني عن شيء حتى أحدث
لك منه ذكرا "

فلو كان ولياً وليس ببني لم يخاطبه بهذه المخاطبة ، ولم يرد على موسى هذا
الرد ، بل موسى إنما سأل صحبته لينال ما عنده من العلم الذي اختصه الله به
دونه فلو كان غير نبي ، لم يكن معصوماً ، ولم تكن لموسى - وهو نبي عظيم
ورسول كريم واجب العصمة - كبير رغبة ولا عظيم طلبة في علم ولي غير واجب
العصمة ، ولما عزم على الذهاب إليه والتفتيش عنه ، ولو أنه يمضي حقباً من
الزمان ، قيل ثمانين سنة ثم لما اجتمع به تواضع له وعظمه ، واتبعه في صورة
مستفيد منه فدل على أنه نبي مثله يوحى إليه كما يوحى إليه ، وقد خص من
العلوم اللدنية والأسرار النبوية بما لم يطلع الله عليه موسى الكليم ، نبي
بني إسرائيل الكريم وقد احتج بهذا المسلك بعينه الرماني على نبوة الخضر
عليه السلام

الثالث : أن الخضر أقدم على قتل الغلام ، وما ذلك إلا للوحي إليه من الملك
العلام وهذا دليل مستقل على نبوته ، وبرهان ظاهر على عصمته ، لأن الولي لا
يجوز له الإقدام على قتل النفوس بمجرد ما يلقى في خلده ، لأن خاطره ليس
بواجب العصمة ، إذ يجوز عليه الخطأ بالاتفاق ولما أقدم الخضر على قتل ذلك
الغلام الذي لم يبلغ الحلم ، علما منه بأنه إذا بللغ يكفر ، ويحمل أبويه
على الكفر لشدة محبتهما له فيتابعانه عليه ، ففي قتله مصلحة عظيمة تربو على
بقاء مهجته ، صيانة لأبويه عن الوقوع في الكفر وعقوبته ، دل ذلك على نبوته
، وأنه مؤيد من الله بعصمته

وقد رأيت الشيخ أبا الفرج ابن الجوزي طرق هذا المسلك بعينه في الاحتجاج على نبوة الخضر وصححه ، وحكى الاحتجاج عليه الرماني أيضاً

الرابع : أنه لما فسر الخضر تأويل الأفاعيل لموسى ووضح له عن حقيقة أمره
وجلى ، قال بعد ذلك كله : " رحمة من ربك وما فعلته عن أمري " يعني ما فعلته
من تلقاء نفسي ، بل أمر أمرت به وأوحى إلي فيه

فدلت هذه الوجوه على نبوته ولا ينافي ذلك حصول ولايته ، بل ولا رسالته ،
كما قاله آخرون وأما كونه ملكاً من الملائكة فقول غريب جداً ، وإذا ثبتت
نبوته - كما ذكرناه ، لم يبق لمن قال بولايته وأن الولي قد يطلع على حقيقة
الأمور دون أرباب الشرع الظاهر ، مستند يستندون إليه ، ولا معتمد يعتمدون
عليه

وأما الخلاف في وجوه إلى زماننا هذا ، فالجمهور على أنه باق إلى اليوم ،
قيل لأنه دفن آدم بعد خروجهم من الطوفان فنالته دعوة أبيه آدم بطول الحياة ،
وقيل لأنه شرب من عين الحياة فحيى وذكروا أخباراً استشهدوا بها على
بقائه إلى الآن وسنوردها مع غيرها إن شاء الله تعالى وبه الثقة

وهذه وصيته لموسى حين : " قال هذا فراق بيني وبينك سأنبئك بتأويل ما لم
تستطع عليه صبرا " روى في ذلك آثار منقطعة كثيرة : قال البيهقي : أنبأنا
أبو سعيد بن أبي عمرو ، حدثنا أبو عبد الله الصفار ، حدثنا أبو بكر بن أبي
الدنيا ، حدثنا إسحاق بن إسماعيل ، حدثنا جرير ، حدثني أبو عبد الله الملطي
قال : لما أرد موسى أن يفارق الخضر قال له موسى : أوصني قال : كن نفاعاً
ولا تكن ضراراً ، كن بشاشاً ولا تكن غضبان ، ارجع عن اللجاجة ولا تمشي في
غير حاجة وفي رواية من طريق أخرى زيادة : ولا تضحك إلا من عجب

وقال وهب بن منبه : قال الخضر : يا موسى إن الناس معذبون في الدنيا على قدر همومهم بها

وقال بشر بن الحارث الحافي : قال موسى للخضر : أوصني فقال : يسر الله عليك طاعته

وقد ورد في ذلك حديث مرفوع رواه ابن عساكر من طريق زكريا بن يحيى الوقاد -
إلا أنه من الكذابين الكبار - قال : قرئ على عبد الله بن وهب وأنا أسمع ،
قال الثوري ، قال مجالد ، قال أبو الوداك قال أبو سعيد الخدري ، قال عمر بن
الخطاب ، قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) : " قال أخي موسى : يا رب
وذكر كلمته - فأتاه الخضر وهو فتى طيب الريح حسن بياض الثياب مشمرها ، فقال
: السلام عليك ورحمة الله يا موسى بن عمران ، إن ربك يقرأ عليك السلام
قال موسى : هو السلام وإليه السلام ، والحمد لله رب العالمين ، الذي لا
أحصي نعمه ، ولا أقدر على أداء شكره إلا بمعونته

ثم قال موسى : أريد أن توصينى بوصية ينفعني الله بها بعدك ، فقال الخضر :
يا طالب العلم إن القائل أقل ملالة من المستمع ، فلا تمل جلساءك إذا حدثتهم
، واعلم أن قلبك وعاء فانظر ماذا تحشو به وعاءك واعزف عن الدنيا وانبذها
وراءك فإنها ليست لك بدار ولا لك فيها محل قرار ، وإنما جعلت بلغة للعباد
والتزود منها ليوم المعاد ورض نفسك على الصبر تخلص من الإثم

يا موسى تفرغ للعلم إن كنت تريده ، فإنما العلم لمن تفرغ له ، ولا تكن
مكثاراً للعلم مهذاراً فإن كثرة المنطق تشين العلماء وتبدي مساوئ السخفاء
ولكن عليك بالاقتصاد ، فإن ذلك من التوفيق والسداد وأعرض عن الجهال
وماطلهم ، واحلم عن السفهاء ، فإن ذلك فعل الحكماء وزين العلماء وإذا شتمك
الجاهل فاسكت عنه حلماً ، وجانبه حزماً ، فإن ما بقى من جهلة عليك وسبه
إياك أكثر وأعظم

يا ابن عمران ولا ترى أنك أوتيت من العلم إلا قليلاً ، فإن الاندلاث
والتعسف من الاقتحام والتكلف يا ابن عمران لا تفتحن باباً لا تدري ما غلقه
، ولا تغلقن باباً لا تدري ما فتحه يا ابن عمران من لا ينتهي من الدنيا
نهمته ، ولا تنقضي منها رغبته ومن يحقر حاله ، ويتهم الله فيما قضي له كيف
يكون زاهداً ؟ هل يكف عن الشهوات من غلب عليه هواه ؟ أو نفعه طلب العلم
والجهل قد حواه ؟ لأن سعيه إلى آخرته وهو مقبل على ديناه

يا موسى تعلم ما تعلمت لتعمل به ، ولا تعلمه لتحدث به ، فيكون عليك بوارد ،
ولغيرك نوره ، ياموسى بن عمران اجعل الزهد والتقوى لباسك والعلم والذكر
كلامك ، واستكثر من الحسنات فإنك مصيب السيئات ، وزعزع بالخوف قلبك فإن
ذلك يرضي ربك ، واعمل خيراً فإنك لا بد عامل سوءاً ، قد وعظت إن حفظت

قال : فتولي الخضر وبقى موسى محزونا مكروباً يبكي "

لا يصح هذا الحديث ، وأظنه من صنعة زكريا بن يحيى الوقاد المصرى وقد كذبه غير واحد من الأئمة والعجب أن الحافظ ابن عساكر سكت عنه

وقال الحافظ أبو نعيم الأصبهاني : حدثنا سليمان بن أحمد بن أيوب
الطبراني ، حدثنا عمرو بن إسحاق بن إبراهيم بن العلاء الحمصي ، حدثنا محمد
بن الفضل بن عمران الكندي ، حدثنا بقية ابن الوليد ، عن محمد بن زياد ، عن
أبي أمامة أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قال لأصحابه : " ألا أحدثكم
عن الخضر ، قالوا : بلى يا رسول الله ، قال : بينما هو ذات يوم يمشي في
سوق بني إسرائيل أبصره رجل مكاتب فقال : تصدق علي بارك الله فيك ، فقال
الخضر آمنت بالله ، ما شاء الله من أمر يكون ، ما عندي من شيء أعطيكه فقال
المسكين : أسألك بوجه الله لما تصدقت علي ، فإني نظرت إلى السماء في وجهك ،
ورجوت البركة عندك فقال الخضر : أمنت بالله ما عندي شيء أعطيكه ، إلا أن
تأخذني فتبيعني ، فقال المسكين : وهل يستقيم هذا ؟ قال : نعم ، الحق أقول
لك لقد سألتني بأمر عظيم أما إني لا أخيبك بوجه ربي ، بعني

قال : فقدمه إلى السوق فباعه بأربعمائة درهم ، فمكث عند المشتري زماناً لا
يستعمله في شيء ، فقال له : إنك إنما ابتعتني التماس خير فأوصني بعمل ، قال
: أكره أن أشق عليك ، إنك شيخ كبير ضعيف قال : ليس تشق علي ، قال : فانقل
هذه الحجارة وكان لا ينقلها دون ستة نفر في يوم فخرج الرجل لبعض حاجاته
ثم انصرف وقد نقل الحجارة في ساعة ، فقال : أحسنت وأجملت وألطفت ما لم أرك
تطيقه ، ثم عرض للرجل سفر ، فقال : إني أحسبك أمينا فاخلفني في أهلي خلافة
حسنة قال : فأوصني بعمل ، قال : إني أكره أن أشق عليك قال : ليس تشق علي ،
قال : فاضرب من اللبن لبيتي حتى أقدم عليك فمضى الرجل لسفره ، فرجع وقد
شيد بناؤه

فقال : أسألك بوجه الله ما سبيلك وما أمرك ؟ فقال : سألتني بوجه الله ،
والسؤال بوجه الله أوقعني في العبودية ، سأخبرك من أنا ، أنا الخضر الذي
سمعت به ، سألني مسكين صدقة فلم يكن عندي من شيء أعطيه ، فسألني بوجه الله
فأمكنته من رقبتي فباعني وأخبرك أنه من سئل بوجه الله فرد سائل وهو يقدر
وقف يوم القيامة جلده لا لحم له ولا عظم يتقعقع

فقال الرجل : آمنت بالله ، شققت عليك يا نبي الله ولم أعلم ! فقال : لا بأس
أحسنت وأبقيت فقال الرجل : بأبي وأمي يا نبي الله ، احكم في أهلي ومالك
بما أراك الله أو أخيرك فأخلي سبيلك ، فقال : أحب أن تخلي سبيلي ، فأعبد
ربي ، فخلى سبيله فقال الخضر : الحمد لله الذي أوقعني في العبودية ثم
نجاني منها "

وهذا الحديث رفعه خطأ والأشبه أن يكون موقوفاً ، وفي رجاله من لا يعرف فالله أعلم

وقد رواه ابن الجوزي في كتابه عجالة المنتظر في شرح حال الخضر من طريق عبد الوهاب بن الضحاك ، وهو متروك عن بقية

وقد روى الحافظ ابن عساكر بإسناد إلى السدي : أن الخضر وإلياس كانا أخوين ،
كان أبوهما ملكاً ، فقال إلياس لأبيه : إن أخي الخضر لا رغبة له في الملك ،
فو أنك زوجته لعله يجىء منه ولد يكون الملك له ، فزوجه أبوه بامرأة حسناء
بكر ، فقال لها الخضر : إنه لا حاجة لي في النساء ، فإن شئت أطلقت سراحك ،
وإن شئت أقمت معي تعبدين الله عز وجل وتكتمين على سري فقالت : نعم ،
وأقامت معه سنة

فلما مضت السنة دعاها الملك ، فقال : إنك شابة وابني شاب فأين الولد ؟
فقالت : إنما الولد من عند الله ، إن شاء كان وإن لم يشأ لم يكن ، فأمره
أبوه فطلقها وزوجه بأخرى ثيباً قد ولد لها ، فلما زفت إليه قال لها كما قال
للتي قبلها ، فأجابت إلى الإقامة عنده فلما مضت السنة سألها الملك عن
الولد ، فقالت : إن ابنك لا حاجة له بالنساء ، فتطلبه أبوه فهرب ، فأرسل
وراءه فلم يقدروا عليه ، فيقال إنه قتل المرأة الثانية لكونها أفشت سره ،
فهرب من أجل ذلك ، وأطلق سراح الأخرى

فأقامت تعبد الله في بعض نواحي تلك المدينة ، فمر بها رجل يوماً فسمعته
يقول : باسم الله فقالت له : أني لك هذا الاسم ؟ فقال : إني من أصحاب
الخضر ، فتزوجته فولدت له أولاداً ثم صار من أمرها أن صارت ماشطة بنت
فرعون ، فبينما هي يوماً تمشطها إذ وقع المشط من يدها فقالت : باسم الله ،
فقال ابنة فرعون : أبي ؟ فقالت : لا ، ربي وربك ورب أبيك الله فأعلمت
أباها فأمر بنقرة من نحاس فأحميت ، ثم أمر بها فألقيت فيها فلما عاينت ذلك
تقاعست أن تقع فيها ، فقالت لها ابن معها صغير : يا أمه اصبري فإنك على
الحق فألقت نفسها في النار فماتت ، رحمها الله

وقد روى ابن عساكر عن أبي داود الأعمى نفيع - وهو كذاب وضاع - عن أنس بن
مالك ، ومن طريق كثير بن عبد الله بن عمرو بن عوف - وهو كذاب أيضاً - عن
أبيه عن جده : أن الخضر جاء ليلة فسمع النبي (صلى الله عليه وسلم) وهو
يدعو ويقول : " اللهم أعني على ما ينجيني مما خوفتني ، وارزقني شوق
الصالحين إلى ما شوقتهم إليه " فبعث إلى رسول (الله صلى الله عليه وسلم)
أنس بن مالك فسلم عليه فرد عليه السلام وقال له :" إن الله فضلك على
الأنبياء كما فضل شهر رمضان على سائر الشهور ، وفضل أمتك على أمم كما فضل
يوم الجمعة على غيره " الحديث

وهو مكذوب لا يصح سنداً ولا ممتناً ، فكيف لا يتمثل بين يدي رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ويجيء بنفسه مسلماً ومتعلماً ؟!

وهم يذكرون في حيياتهم وما يسندونه عن بعض مشايخهم أن الخضر يأتي إليهم
ويسلم عليهم ، ويتعرف أسماءهم ومنازلهم ومحالهم ، وهو مع هذا لا يعرف موسى
بن عمران كليم الله ، الذي اصطفاه الله في ذلك الزمان على من سواه ، حتى
يتعرف إليه بأنه موسى بني إسرائيل

وقد قال الحافظ أبو الحسن بن البيهقي قائلاً : أنبأنا أبو عبد الله
الحافظ ، أنبأنا أبو بكر بن بالويه ، حدثنا محمد بن بشر بن مطر ، حدثنا
كامل بن طلحة ، حدثنا عباد بن عبد الصمد ، عن أنس بن مالك قال : لما قبض
رسول الله (صلى الله عليه وسلم) أحدق به أصحابه ، فبكوا حوله واجتمعوا ،
فدخل رجل أشهب اللحية جسيم صبيح فتخطى رقابهم فبكي ، ثم التفت إلى أصحاب
رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فقال : إن في الله عزاء من كل مصيبة ،
وعوضاً من كل فائت ، وخلفاً من كل هالك ، فإلى الله فأنيبوا وإليه فارغبوا ،
وقد نظر إليكم في البلاء فانظروا ، فإن المصاب من لم يجبر وانصرف

فقال بعضهم لبعض : أتعرفون الرجل ؟ فقال أبو بكر وعلي : نعم ، هو أخو رسول الله الخضر عليه السلام

وقد رواه أبو بكر بن أبى الدنيا عن كامل بن طلحة به وفي متنه مخالفة لسياق البيهقي

ثم قال البيهقي : عباد بن عبد الصمد ضعيف ، فهذا منكر بمرة قلت : عباد
بن عبد الصمد هذا هو ابن معمر البصر ، روى عن أنس نسخة ، قال ابن حبان و
العقيلي : أكثرها موضوع ، وقال البخاري : منكر الحديث ، وقال أبو حاتم :
ضعيف الحديث جدا منكره ، وقال ابن عدي : عامة ما يرويه في فضائل علي ، وهو
ضعيف غال في التشيع

وقال الشافعي في مسنده : أنبأنا القاسم بن عبد الله بن عمر ، عن جعفر بن
محمد ، عن أبيه ، عن جده عن علي بن الحسين قال : لما توفي رسول الله (صلى
الله عليه وسلم) وجاءت التعزية سمعوا قائلاً يقول : إن في الله عزاء من كل
مصيبة ،و خلفاً من كل هالك ، ودركا من كل فائت ، فبالله فثقوا ،وإياه
فارجعوا ، فإان المصاب من حرم الثواب قال علي بن الحسين أتدرون من هذا ؟
هذا الخضر

شيخ الشافعي القاسم العمري متروك قال أحمد بن حنبل و يحيى بن معين :
يكذب زاد أحمد : ويضع الحديث ، ثم هو مرسل ومثله لا يعتد عليه هاهنا
والله أعلم

وقد روى من وجه آخر ضعيف ، عن جعفر بن محمد ، عن أبيه ، عن جده ، عن أبيه عن علي ولا يصح

وقد روى عبد الله بن وهب عمن حدثه ، عن محمد بن عجلان ، عن محمد بن
المنكدر: أن عمر بن الخطاب بينما هو يصلي على جنازة إذ سمع هاتفاً وهو يقول
: لا تسبقنا يرحمك الله فانتظره حتي لحق بالصف فذكر دعاءه للميت : إن
تعذبه فكثيراً عصاك ، وإن تغفر له ففقير إلى رحمتك ولما دفن قال : طوبى
لك يا صاحب القبر إن لم تكن عريفاً أو جابياً أو خازناً أو كاتباً أو
شرطياً فقال عمر : خذوا الرجل نسأله عن صلاته وكلامه عمن هو ؟ قال :
فتوارى عنهم ، فنظروا فإذا أثر قدمه ذراع فقال عمر : هذا والله الخضر الذي
حدثنا عنه رسول الله (صلى الله عليه وسلم)

وهذا الأثر فيه مبهم ، وفيه انقطاع ولا يصح مثله

وروى الحافظ ابن عساكر عن الثوري عن عبد الله بن المحرز ، عن يزيد بن
الأصم ، عن علي بن أبي طالب قال : دخلت الطواف في بعض الليل ، فإذا أنا
برجل متعلق بأستار الكعبة وهو يقول : يا من لا يمنعه سمع عن سمع ، ويا من
تغلطه المسائل ، ويا من لا يبرمه إلحاح الملحين ولا مسألة السائلين ارزقني
برد عفوك وحلاوة رحمتك قال : فقتل أعد علي ما قلت ، فقال لي : أو سمعته ؟
قلت : نعم فقال لي : والذي نفس الخضر بيده - قال : وكان هو الخضر- لا
يقولها عبد خلف صلاة مكتوبة إلا غفر الله له ذنوبه ، ولو كانت مثل زبد
البحر وورق الشجر وعدد النجوم ، لغفرها الله له

وهذا ضعيف من جهة عبد الله بن المحرز ، فإنه متروك الحديث ، ويزيد بن الأصم لم يدرك علياً ، ومثل هذا لا يصح والله أعلم

وقد رواه أبو إسماعيل الترمذي : حدثنا مالك بن إسماعيل ، حدثنا صالح بن
أبي الأسود ، عن محفوظ بن عبد الله الحضرمي ، عن محمد بن يحيى قال : بينما
علي بن أبي طالب يطوف بالكعبة ، إذا هو برجل متعلق بأستار الكعبة وهو يقول :
يا من لا يشغله سمع عن سمع ، ويامن لا يغلطه السائلون ، ويامن لا يتبرم
بإلحاح الملحين ارزقني برد عفوك وحلاة رحمتك قال : فقال له علي : عبد
الله أعد دعاءك هذا ، قال : أوقد سمعته ؟ قال : نعم قال : فادع به في
دبر كل صلاة ، فوالذي نفس الخضر بيده لو كان عليك من الذنوب عدد نجوم
السماء ومطرها ، وحصباء الأرض وترابها ، لغفر لك أسرع من طرفة عين

وهذا أيضاً منقطع ، وفي إسناده من لا يعرف والله أعلم

وقد رواه ابن الجوزي من طريق أبي بكر بن أبي الدنيا : حدثنا يعقوب بن
يوسف ، حدثنا مالك بن إسماعيل فذكره نحوه ثم قال : وهذا إسناد مجهول منقطع
، وليس فيه ما يدل على أن الرجل الخضر

وقال الحافظ أبو القاسم بن عساكر : أنبأنا أبو القاسم بن الحصين أنبأنا
أبو طالب محمد بن محمد ، أنبأنا أبو إسحاق المزكي ، حدثنا محمد بن إسحاق بن
خزيمة ، حدثنا محمد بن أحمد بن يزيد أملاه علينا بعبادان ، أنبأنا عمرو بن
عاصم ، حدثنا الحسن بن رزين عن ابن جريج ، عن عطاء عن ابن عباس قال : -
ولا أعلمه إلا مرفوعاً إلى النبي (صلى الله عليه وسلم) - قال : يلتقي
الخضر وإلياس كل الموسم فيحلق كل واحد منهما رأس صاحبه ، ويتفرقان عن هؤلاء
الكلمات : باسم الله ما شاء الله ، لا يسوق الخير إلا الله ، ما شاء الله
لا يصرف السوء إلا الله ، ما شاء الله ما كان من نعمة فمن الله ، ما شاء
الله لا حول ولا قوة إلا الله

قال وقال ابن عباس : من قالهن حين يصبح وحين يمسي ثلاث مرات ، آمنه الله من
الغرق والحرق والسرق قال : وأحسبه قال ومن الشيطان والسلطان والحية
والعقرب

قال الدارقطني في الأفراد : هذا حديث غريب من حديث ابن جريج لم يحدث به
غير هذا الشيخ عنه يعني الحسن بن رزين هذا وقد روى عن محمد بن كثير
العبدي أيضاً ، ومع هذا قال فيه الحافظ أبو أحمد بن عدي ، ليس بالمعروف

وقال الحافظ أبو جعفر العقيلي : مجهول وحديثه غير محفوظ وقال أبو الحسن
بن المنادي : هو حديث واه بالحسن بن رزين وقد روى ابن عساكر نحوه من
طريق علي بن الحسن الجهضمي - وهو كذاب - عن ضمرة بن حبيب المقدسي ، عن أبيه
، عن العلاء بن زياد القشيري ، عن عبد الله بن الحسن ، عن أبيه عن جده عن
علي بن أبي طالب مرفوعاً قال : يجتمع كل يوم عرفة بعرفات - جبريل وميكائيل
وإسرافيل والخضر وذكر حديثاً طويلاً موضوعاً تركنا إيراده قصداً والله
الحمد

وروى ابن عساكر من طريق هشام بن خالد عن الحسن بن يحيى الخشني ، عن ابن
رواد قال : إلياس والخضر يصومان شهر رمضان ببيت المقدس ، ويحجان في كل سنة ،
ويشربان من ماء زمزم شربة واحدة تكفيهما إلى مثلها من قابل

وروى ابن عساكر : أو الوليد بن عبد الملك بن مروان - باني جامع دمشق - أحب
أن يتعبد ليلة في المسجد ، فأمر القومة أن يخلوه له ففعلوا ، فلما كان من
الليل جاء في باب الساعات فدخل الجامع ، فإذا رجل قائم يصلي فيما بينه وبين
باب الخضراء ، فقال للقوم : ألم آمركم أن تخلوه ؟ فقالوا : يا أمير
المؤمنين هذا الخضر يجيء كل ليلة يصلي هاهنا

قال ابن عساكر أيضاً : أنبأنا أبو القاسم بن إسماعيل بن أحمد ، أنبأنا
أبو بكر بن الطبري ، أنبأنا أبو الحسين بن الفضل ، أنبأنا عبد الله بن جعفر
، حدثنا يعقوب - هو ابن سفيان الفسوي - حدثني محمد بن عبد العزيز ، حدثنا
ضمرة عن السرى بن يحيى ، عن رباح بن عبيدة ، قال : رأيت رجلاً يماشي عمر بن
عبد العزيز معتمداً على يديه ، فقلت في نفسي : إن هذا الرجل حاف ، قال :
فلما انصرف من الصلاة قلت : من الرجل الذي كان معتمداً على يدك آنفاً ؟ قال
: وهل رأيته يا رباح ؟ قلت : نعم قال : ما أحسبك إلا رجلاً صالحاً ، ذا
أخي الخضر بشرني أني سألى وأعدل

قال الشيخ أبو الفرج بن الجوزي : الرملي مجروح عند العلماء وقد قدح أبو
الحسن بن المنادي في ضمرة والسرى ورباح ثم أورد من طرق أخرى عن عمر بن عبد
العزيز ، أنه اجتمع بالخضر ، وضعفهما كلها

وروى ابن عساكر أيضاً أنه اجتمع بإبراهيم التيمي وبسفيان بن عيينة وجماعة يطول ذكرهم

وهذه الروايات والحكايات هي عمدة من ذهب إلى حياته إلى اليوم وكل من
الأحاديث المرفوعة ضعيفة جدا لا يقوم بمثلها حجة في الدين ، والحكايات لا
يخلو أكثرها عن ضعف الإسناد ، وقصارها أنها صحيحة إلا من ليس بمعصوم من
صاحبي أو غيره ، لأنه يجوز عليه الخطأ والله أعلم

وقال عبد الرزاق : أنبأنا معمر ، عن الزهري ، أخبرني عبيد الله بن عبد الله
بن عتبة ، أن أبا سعيد قال : حدثنا رسول الله (صلى الله عليه وسلم) حديثا
طويلاً كان الدجال وقال فيما يحدثنا : " يأتي الدجال - وهو محرم عليه أن
يدخل نقاب المدينة - فيخرج إليه يومئذ رجل هو خير الناس - أو من خيرهم -
فيقول : أشهد أنك أنت الدجال الذي حدثنا عنك رسول الله (صلى الله عليه
وسلم) بحديثه فيقول الدجال : أرأيتم إن قتلت هذا ثم أحييته أتثسكون في
الأمر ؟ فيقولون : لا ، فيقتله ثم يحييه ، فيقول حين يحيا : والله ما كنت
أشد بصيرة فيك مني الآن قال : فيريد قتله الثانية فلا يسلط عليه "

قال معمر : بلغني أنه يحمل على تحقه صحيفة من نحاس ، وبلغني أنه الخضر الذي
يقتله الدجال ثم يحييه وهذا الحديث مخرج في الصحيحين من حديث الزهري به

وقال أبو إسحاق إبراهيم بن محمد بن سفيان الفقيه الراوي عن مسلم : الصحيح
أن يقال إن هذا الرجل الخضر ، وقول معمر وغيره : بلغني ليس فيه حجة وقد
ورد في بعض ألفاظ الحديث : فيأتي بشاب ممتلئ شباباً فيقتله ، وقوله الذي
حدثنا عنه رسول الله (صلى الله عليه وسلم) لا يقتضي المشافهة ، بل يكفي
التواتر

وقد تصدي الشيخ أبو الفرج بن الجوزي رحمه الله في كتابه : عجالة المنتظر في
شرح حالة الخضر للأحاديث الواردة في ذلك من المرفوعات فبين أنها موضوعة ،
ومن الآثار عن الصحابة والتابعين فمن بعدهم فبين ضعف أسانيدهم ببيان
أحوالهم وجهالة رجالها ، وقد أجاد في ذلك أحسن الانتقاد

وأما الذين ذهبوا إلى أنه قد مات ، ومنه البخاري وإبراهيم الحربي وأبو
الحسن بن المنادي والشيخ أبو الفرج بن الجوزي ، وقد انتصر لذلك وألف فيه
كتاباً أسماه عجالة المنتظر في شرح حالة الخضر فيحتج لهم بأشياء كثيرة :
منها قوله : " وما جعلنا لبشر من قبلك الخلد " فالخضر إن كان بشراً فقد دخل
في هذا العموم لا محالة ، ولا يجوز تخصيصه منه إلا بدليل صحيح ، والأصل
عدمه حتى يثبت ، ولم يذكر فيه دليل على التخصيص عن معصوم يجب قبوله

ومنها أن الله تعالى قال : " وإذ أخذ الله ميثاق النبيين لما آتيتكم من
كتاب وحكمة ثم جاءكم رسول مصدق لما معكم لتؤمنن به ولتنصرنه قال أأقررتم
وأخذتم على ذلكم إصري قالوا أقررنا قال فاشهدوا وأنا معكم من الشاهدين "

قال ابن عباس : ما بعث الله نبياً إلا أخذ عليه الميثاق لئن بعث محمد وهو
حي ليؤمنن به ولينصرنه وأمره أن يأخذ على أمته الميثاق ، لئن بعث محمد
وهم أحياء ليؤمنن به ولينصرنه ذكره البخاري عنه

فالخضر إن كان نبياً أو ولياً ، فقد دخل في هذا الميثاق ، فلو كان حياً في
زمن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) لكان أشرف أحواله أن يكون بين يديه ،
يؤمن بما أنزل الله عليه ، وينصره أن يصل أحد من الأعداء إليه ، لأنه إن
كان ولياً فالصديق أفضل منه ، وإن كان نبياً فموسى أفضل منه

وقد روى الإمام أحمد في مسنده : حدثنا شريح بن النعمان ، حدثنا هشيم ،
أنبأنا مجالد ، عن الشعبي ، عن جابر بن عبد الله ، أن رسول الله (صلى الله
عليه وسلم) قال : والذي نفسي بيده لو أن موسى كان حياً ما وسعه إلا أن
يتبعني ، وهذا الذي يقطع به ويعلم من الدين علم الضرورة ، وقد دلت عليه
هذه الأية الكريمة : أن الأنبياء كلهم لو فرض أنهم أحياء مكلفون في زمن
رسول الله (صلى الله عليه وسلم) لكانوا كلهم أباعاً له ، وتحت أوامره وفي
عموم شرعه كما أنه صلوات الله وسلامه عليه لما اجتمع بهم ليلة الإسراء رفع
فوقهم كلهم ولما هبطوا معه إلى بيت المقدس وحانت الصلاة أمره جبريل عن أمر
الله أن يؤمهم ، فصلى بهم في محل ولا يتهم ودار إقامتهم فدل على أنه
الإمام الأعظم ، والرسول الخاتم المبجل المقدم ، صلوات الله وسلامه عليه
وعليهم أجمعين

فإذا علم هذا - وهو معلوم عند كل مؤمن - علم أنه لو كان الخضر حياً لكان من
جملة أمة محمد (صلى الله عليه وسلم) ، وممن يقتدي بشرعه لا يسمعه إلا ذلك

هذا عيسى ابن مريم عليه السلام إذا نزل في آخر الزمان يحكم بهذه الشريعة
المطهرة ، لا يخرج منها ولا يحيد عنها ، وهو أحد أولي العزم الخمسة
المرسلين وخاتم أنبياء بني إسرائيل ، والمعلوم أن الخضر لم ينقل بسند صحيح
ولا حسن تسكن النفس إليه ، أنه اجتمع برسول الله (صلى الله عليه وسلم) في
يوم واحد ، ولم يشهد معه قتالا في مشهد من المشاهد

وهذا يوم بدر يقول الصادق المصدوق فيما دعا به لربه عز وجل ، واستنصره
واستفتحه على من كفره : " اللهم إن تهلك هذه العصابة لا تعبد بعدها في
الأرض " وتلك العصابة كان تحتها سادة المسلمين يومئذ ، وسادة الملائكة حتى
جبريل عليه السلام ، كما قال حسان بن ثابت في قصيدة له ، في بيت يقال إنه
أفخر بيت قالته العرب

وببئر بدر إذ برد وجوههم جبريل تحت لوائنا ومحمد

فلو كان الخضر حياً ، لكان وقوفه تحت هذه الراية أشرف مقاماته وأعظم غزواته

قال القاضي أبو يعلى محمد بن الحسين بن الفراد الحنبلي : سئل بعض أصحابنا
عن الخضر : هل مات ؟ فقال : نعم قال : وبلغني مثل هذا عن أبي طاهر بن
الغباري قال : وكان يحتج بأنه لو كان حياً لجاء إلى رسول الله (صلى الله
عليه وسلم)

نقله ابن الجوزي في العجالة

فإن قيل : فهل يقال إنه كان حاضراً في هذه المواطن كلها ولكن لم يكن أحد
يراه ؟ فالجواب : أن الأصل عدم هذا الاحتمال البعيد الذي يلزم منه تخصيص
العموميات بمجرد التوهمات ثم ما الحامل له على هذا الاختفاء ؟ وظهوره أعظم
لأجره وأعلى في مرتبته وأظهر لمعجزته ؟ ثم لو كان باقياً بعده ، لكان
تبليغه عن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) الأحاديث النبوية والآيات
القرآنية ، وإنكاره لما وقع من الأحاديث المكذوبة ، والروايات المقلوبة
والآراء البدعية والأهواء العصبية ، وقتاله مع المسلمين في غزواتهم وشهود
جمعهم وجماعاتهم ، ونفعه إياهم ودفعه الضرر عنهم ممن سواهم ، وتسديده
العلماء والحكام ، وتقريره الأدلة والأحكام ، أفضل مما يقال عنه من كنونه
في الأمصار ، وجوبه الفيافي والأقطار واجتماعه بعباد لا يعرف أحوال كثير
منهم ، وجعله لهم كالنقيب المترجم عنهم وهذا الذي ذكرناه لا يتوقف فيه أحد
بعد التفهيم ، والله يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم

ومن ذلك ما ثبت في الصحيحين وغيرهما عن عبد الله بن عمر : أن رسول الله
(صلى الله عليه وسلم) صلى ليلة العشاء ثم قال : " أرأيتم ليلتكم هذه ؟ فإنه
إلى مائة سنة لا يبقى ممن هو على وجه الأرض اليوم أحد " وفي رواية " عين
تطرف " قال ابن عمر : فوهل الناس من مقالة رسول الله (صلى الله عليه وسلم)
هذه ، أراد نخرام قرنه

قال الإمام أحمد : حدثنا عبد الرزاق ، أنبأنا معمر ، عن الزهري قال :
أخبرني سالم بن عبد الله وأبو بكر بن سلمان بن أبي خيثمة ، أن عبد الله بن
عمر قال : صلى رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ذات ليلة صلاة العشاء في آخر
حياته ، فلما سلم قام فقال :" أرأيتم ليلتكم هذه ؟ فإن على رأس مائة سنة
لا يبقى ممن على ظهر الأرض أحد " ؟ وأخرجه البخاري و مسلم من حديث
الزهري

وقال الإمام أحمد : حدثنا محمد بن أبي عدي ، عن سليمان التيمي ، عن أبي
نضرة ، عن جابر ابن عبد الله قال : قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قبل
موته بقليل أو بشهر :" ما من نفس منفوسة - أو ما منكم من نفس اليوم منفوسة
- يأتي عليها مائة سنة وهي يومئذ حية "

وقال أحمد: حدثنا موسى بن داود ، حدثنا ابن لهيعة ، عن أبي الزبير ، عن
جابر ، عن النبي (صلى الله عليه وسلم) أنه قال قبل أن يموت بشهر : "
يسألونني عن الساعة وإنما علمها عند الله ، أقسم بالله ما على الأرض نفس
منفوسة اليوم يأتي عليها مائة سنة "

وهكذا رواه مسلم من طريق أبي نضرة وأبي الزبير : كل منهما عن جابر بن عبد الله به نحوه

وقال الترمذي : حدثنا عباد ، حدثنا أبو معاوية ، عن الأعمش عن أبي سفيان ،
عن جابر قال : قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) : " ما على الأرض من
نفس منفوسة يأتي عليها مائة سنة "

وهذا أيضاً على شرط مسلم

قال ابن الجوزي: فهذه الأحاديث الصحاح تقطع دابر دعوى حياة الخضر

قالوا : فالخضر إن لم يكن قد أدرك زمان رسول الله (صلى الله عليه وسلم) كما
هو المظنون الذي يترقى في القوة إلى القطع ، فلا إشكال ، وإن كان قد أدرك
زمانه ، فهذا الحديث يقتضي أنه لم يعش بعد مائة سنة ، فيكون الآن مفقوداً
لا موجوداً ، لأنه داخل في هذا العموم والأصل عدم المخصص له حتى يثبت بدليل
صحيح يجب قبوله والله أعلم

وقد حكى الحافظ أبو القاسم السهيلي في كتابه التعريف والأعلام عن
البخاري وشيخه أبي بكر العربي : أنه أدرك حياة النبي (صلى الله عليه وسلم)
ولكن مات بعده لهذا الحديث

وفي كون البخاري رحمه الله يقول بهذا وأنه بقي إلى زمان النبي (صلى الله عليه وسلم) نظر

ورجح السهيلي بقاءه ، وحكاه عن الأكثرين

قال : وأما اجتماعه مع النبي (صلى الله عليه وسلم) وتعزيته لأهل البيت بعده
فمروي من طرق صحاح ، ثم ذكر ما تقدم مما ضعفناه ، ولم يورد أسانيدها
والله أعلم


قصَصُ الأنبيَاء - صفحة 3 500092465

قصَصُ الأنبيَاء - صفحة 3 500092465

تحياتي لكم

قصَصُ الأنبيَاء - صفحة 3 500092465

قصَصُ الأنبيَاء - صفحة 3 500092465

قصَصُ الأنبيَاء - صفحة 3 483098003
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
المدير
AMINE PàTCHIKà
AMINE PàTCHIKà
المدير


الجنس : ذكر
الابراج الدلو
تاريخ الميلاد تاريخ الميلاد : 25/01/1988
العمر : 36

المدير العام
منتديات أمين عبلة الحب :

قصَصُ الأنبيَاء - صفحة 3 Empty
مُساهمةموضوع: رد: قصَصُ الأنبيَاء   قصَصُ الأنبيَاء - صفحة 3 Emptyالأحد يناير 13, 2013 12:20 pm

قصَصُ الأنبيَاء - صفحة 3 500092465

قصَصُ الأنبيَاء - صفحة 3 500092465

قصة إلياس عليه السلام

قصَصُ الأنبيَاء - صفحة 3 500092465



قصَصُ الأنبيَاء - صفحة 3 500092465

قال الله تعالى بعد قصة موسى وهارون من سورة الصافات :" وإن إلياس لمن
المرسلين * إذ قال لقومه ألا تتقون * أتدعون بعلا وتذرون أحسن الخالقين *
الله ربكم ورب آبائكم الأولين * فكذبوه فإنهم لمحضرون * إلا عباد الله
المخلصين * وتركنا عليه في الآخرين * سلام على إل ياسين * إنا كذلك نجزي
المحسنين * إنه من عبادنا المؤمنين "

قال علماء النسب هو : إلياس النشبي ، ويقال : ابن ياسين ابن فنحاص بن
العيزار بن هارون وقيل : إلياس بن العازر بن العيزار ابن هارون بن عمران

قالوا وكان إرساله إلى أهل بعلبك غربي دمشق ، فدعاهم إلى الله عز وجل وأن
يتركوا عبادة صنم لهم كانوا يسمونه بعلا وقيل كانت امرأة اسمها بعل
والله أعلم

والأول أصح ولهذا قال لهم :" ألا تتقون * أتدعون بعلا وتذرون أحسن الخالقين * الله ربكم ورب آبائكم الأولين "

فكذبوا وخالفوه وأرادوا قتله فيقال : إنه هرب منهم واختفي عنهم ، قال أبو
يعقوب الأذرعي ، عن يزيد بن عبد الصمد ، عن هشام بن عمار قال : وسمعت من
يذكر عن كعب الأحبار أنه قال : إن إلياس اختفى من ملك قومه في الغار الذي
تحت الدم عمثر سنين ، حتى أهلك الله الملك وولى غيره ، فأتاه إلياس فعرض
عليه الإسلام ، وأسلم من قومه خلق عظيم غير عشرة آلاف منهم ، فأمر بهم
فقتلوا عن آخرهم

وقال ابن أبي الدنيا : حدثني أبو محمد القاسم بن هشام ، حدثنا عمر بن سعيد
الدمشقي ، حدثنا سعيد بن عبد العزيز عن بعض مشيخة دمشق قال : أقام إلياس
عليه السلام هارباً من قومه في كهف جبل عشرين ليلة - أو قال أربعين ليلة -
تأتيه الغربان برزقه

وقال محمد بن سعد كاتب الواقدي : أنبأنا هشام بن محمد بن السائب الكلبي ،
عن أبيه قال : أول نبي بعث إدريس ، ثم نوح ثم إبراهيم ، ثم إسماعيل وإسحاق ،
ثم يعقوب ثم يوسف ثم لوط ثم هود ثم صالح ثم شعيب ، ثم موسى وهارون ابنا
عمران ، ثم إلياس النشبي بن العازر بن هارون ابن عمران بن قاهث بن لاوي بن
يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم عليهم السلام

هكذا قال : وفي هذا الترتيب نظر

وقال مكحول عن كعب : أربعة أنبياء أحياء : اثنان في الأرض إلياس والخضر ، واثنان في السماء : إدريس وعيسى عليهم السلام

وقد قدمنا قوك من ذكر أن إلياس والخضر يجتمعان في كل عام في شهر رمضان ببيت
المقدس ، وأنهما يحجان كل سنة ويشربان من زمزم شربة تكفيهما إلى مثلها من
العام المقبل وأوردنا الحديث الذي فيه أنهما يجتمعان بعرفات كل سنة

وبينا أنه لم يصح شيء من ذلك ، وأن الذي يقوم عليه الدليل : أن الخضر مات ، وكذلك إلياس عليهما السلام

وما ذكره وهب بن منبه وغيره : أنه لما دعا ربه عز وجل أن يقبضه إليه لما
كذبوه وآذوه ، فجاءته دابة لونها لون النار فركبها ، وجعل الله له ريشاً
وألبسه النور ، وقطع عنه لذة المطعم والمشرب وصار ملكياً بشرياً سماوياً
أرضياً ، وأوصى إلى اليسع بن أخطوب ، ففي هذا نظر وهو من الإسرائيليات
التي لا تصدق ولا تكذب ، بل الظاهر أن صحتها بعيدة والله أعلم

فأما الحديث الذي رواه الحافظ أبو بكر البيهقي : أخبرنا أبو عبد الله
الحافظ ، حدثني أبو العباس أحمد بن سعيد المعداني البخاري ، حدثنا عبد الله
بن محمود : حدثنا عبدان بن سنان ، حدثني أحمد بن عبد الله البرقي ، حدثنا
يزيد بن يزيد البلوي ، حدثنا أبو إسحاق الفزاري ، عن الأوزاعي ، عن مكحول ،
عن أنس بن مالك قال : كنا مع رسول الله (صلى الله عليه وسلم) في سفر ،
فنزلنا منزلاً فإذا رجل في الوادي يقول : اللهم اجعلني من أمة محمد (صلى
الله عليه وسلم) المرحومة المغفورة المتاب لها قال : فأشرفت على الوادي
فإذا رجل طوله أكثر من ثلاثمائة ذراع ، فقال لي : من أنت ؟ فقلت : أنس بن
مالك خادم رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ، قال : فأين هو ؟ قلت : هو ذا
يسمع كلامك ، قال : فأته فأقرئه مني السلام ، وقل له : أخوك إلياس يقرئك
السلام قال : فأتيت النبي (صلى الله عليه وسلم) فأخبرته ، فجاء حتى لقيه
فعانقه وسلم ، ثم قعدا يتحادثان فقال له : يا رسول الله إني ما آكل في
السنة إلا يوماً ، وهذا يوم فطري فآكل أنا وأنت قال : فنزلت عليهما مائدة
من السماء ، عليها خبز وحوت وكرفس ، فأكلا وأطعماني وصلينا العصر ، ثم وعده
ورأيه مرة في السحاب نحو السماء

فقد كفانا البيهقي أمره ، وقال : هذا حديث ضعيف بمرة

والعجب أن الحاكم أبا عبد الله النيسابوري أخرجه في مستدركه على الصحيحين ،
وهذا مما يستدرك به على المستدرك : فإنه حديث موضوع مخالف للأحاديث الصحاح
من وجوه ومعناه لا يصح أيضاً فقد تقدم في الصحيحن أن رسول الله (صلى الله
عليه وسلم) قال :" إن الله خلق آدم طوله ستون ذراعاً في السماء - إلى أن
قال - : ثم لم يزل الخلق ينقص حتى الآن "

وفيه أنه لم يأت رسول الله (صلى الله عليه وسلم) حتى كان هو الذي ذهب إليه ،
وهذا لا يصح ، لأنه كان أحق بالسعي إلى بين يدي خاتم الأنبياء وفيه أنه
يأكل في السنة مرة ، وقد تقدم عن وهب أنه سلبه الله لذة المطعم والمشرب ،
وفيما تقدم عن بعضهم : أنه يشرب من زمزم كل سنة شربة تكفيه إلى مثلها من
الحول الآخر

وهذه أشياء متعارضة وكلها باطلة لا يصح شيء منها

وقد ساق ابن عساكر هذا الحديث من طريق أخرى واعترف بضعفها وهذا عجب منه ،
كيف تكلم عليه ؟ فإنه أورده من طريق حسين بن عرفة ، عن هانئ بن الحسن ، عن
بقية ، عن الأوزاعي ، عن مكحول ، عن واثلة ، عن ابن الأسقع ، فذكر نحو هذا
مطولاً وفيه أن ذلك كان في غزوة تبوك ، وأنه بعث إليه رسول الله (صلى الله
عليه وسلم) أنس بن مالك وحذيفة بن اليمان ، قالا : فإذا هو أعلى جسماً منا
بذراعين أو ثلاثة ، واعتذر بعدم قدرته لئلا تنفر الإبل ، وفيه أنه لما
اجتمع به رسول الهل (صلى الله عليه وسلم) أكلا من طعام الجنة ، وقال : إن
لي في كل أربعين يوماً أكلة ، وفي المائدة خبز من عنب وموز ورطب وبقل ، ما
عدا الكراث وفيه أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) سأله عن الخضر فقال :
عهدي به عام أول ، وقال لي : إنك ستلقاه قلي فأقرئه مني السلام

وهذا يدل على أن الخضر وإلياس ، بتقدير وجودهما وصحة هذا الحديث لم يجتمعا
به إلى سنة تسع من الهجرة ، وهذا لا يسوغ شرعاً وهذا موضوع أيضاً

وقد أورد ابن عساكر طرقاً فيمن اجتمع بإلياس من العباد ، وكلها لا يفرح بها
، لضعف إسنادها أو لجهالة المسند إليه فيها ، ومن أحسنها ما قاله أبو بكر
بن أبي الدنيا : حدثني بشر ابن معاذ : حدثنا حماد بن واقد ، عن ثابت قال :
كنا مع مصعب بن الزبير بسواد الكوفة ، فدخلت حائطاً أصلي فيه ركعتين
فافتتحت :" حم * تنزيل الكتاب من الله العزيز العليم * غافر الذنب وقابل
التوب شديد العقاب ذي الطول " فإذا رجل من خلفي على بغلة شهباء ، عليه
مقطعات يمنية فقال لي : إذا قلت :" غافر الذنب " فقل : يا غافر الذنب اغفر
لي ذنبي ، وإذا قلت :" قابل التوب " فقل : يا قابل التوب تقبل توبتي ، وإذا
قلت : " شديد العقاب " فقل : يا شديد العقاب لا تعاقبني ، وإذا قلت :" ذي
الطول " فقل : يا ذا الطول تطول على برحمة ، فالتفت فإذا لا أحد وخرجت
فسألت : مر بكم رجل على بغلة شهباء عليه مقطعات يمنية ؟ فقالوا : ما مر بنا
أحد فكانوا لا يرون إلا أنه إلياس

وقوله تعالى :" فكذبوه فإنهم لمحضرون " أي للعذاب ، أما في الدنيا والآخرة ،
أو في الآخرة والأول أظهر على ما ذكره المفسرون والمؤرخون وقوله :" إلا
عباد الله المخلصين " أي إلى من آمن منهم وقوله :" وتركنا عليه في الآخرين
" أي أبقينا بعده ذكراً حسناً له في العالمين فلا يذكر إلا بخير ، ولهذا
قال :" سلام على إل ياسين " أي سلام على إلياس والعرب تحلق النون في أسماء
كثيرة وتبدلها من غيرها كما قالوا : إسماعيل وإسماعين ، وإسرائيل وإسرائين ،
وإلياس وإلياسين ، وقد قرئ : سلام على آل ياسين ، أي على آل محمد ، وقرأ
ابن مسعود وغيره : سلام على إدراسين ، ونقل عنه من طريق إسحاق عن عبيدة بن
ربيعة عن ابن مسعود أنه قال : إلياس هو إدريس وإليه ذهب الضحاك بن مزاحم ،
وحكاه قتادة ومحمد بن إسحاق والصحيح أنه غيره كما تقدم والله أعلم

قصَصُ الأنبيَاء - صفحة 3 500092465

قصَصُ الأنبيَاء - صفحة 3 500092465

تحياتي لكم

قصَصُ الأنبيَاء - صفحة 3 500092465

قصَصُ الأنبيَاء - صفحة 3 500092465

قصَصُ الأنبيَاء - صفحة 3 483098003
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
المدير
AMINE PàTCHIKà
AMINE PàTCHIKà
المدير


الجنس : ذكر
الابراج الدلو
تاريخ الميلاد تاريخ الميلاد : 25/01/1988
العمر : 36

المدير العام
منتديات أمين عبلة الحب :

قصَصُ الأنبيَاء - صفحة 3 Empty
مُساهمةموضوع: رد: قصَصُ الأنبيَاء   قصَصُ الأنبيَاء - صفحة 3 Emptyالأحد يناير 13, 2013 12:22 pm

قصَصُ الأنبيَاء - صفحة 3 500092465

قصَصُ الأنبيَاء - صفحة 3 500092465

باب ذكر جماعة من أنبياء بني إسرائيل

بعد موسى عليه السلام


قصَصُ الأنبيَاء - صفحة 3 500092465



قصَصُ الأنبيَاء - صفحة 3 500092465

ثم نتبعهم بذكر داود وسليمان عليهما السلام

قال ابن جرير في تاريخه : لا خلاف بين أهل العلم بأخبار الماضين وأمور
السالفين من أمتنا وغيرهم أن القائم بأمور بني إسرائيل بعد يوشع : كالب بو
يوفنا ، يعني أحد أصحاب موسى عليه السلام وهو زوج اخته مريم ، وهو أحد
الرجلين اللذين ممن يخافون الله ، وهما يوشع وكالب ، وهما القائلان لبني
إسرائيل حين نكلوا عن الجهاد :" ادخلوا عليهم الباب فإذا دخلتموه فإنكم
غالبون وعلى الله فتوكلوا إن كنتم مؤمنين "

قال ابن جرير : ثم من بعده كان القائم بأمور بني إسرائيل حزقيل ابن بوذي
وهو الذي دعا الله فأحيا الذين أخرجوا من ديارهم وهم ألوف حذر الموت


قصَصُ الأنبيَاء - صفحة 3 500092465

قصَصُ الأنبيَاء - صفحة 3 500092465

تحياتي لكم

قصَصُ الأنبيَاء - صفحة 3 500092465

قصَصُ الأنبيَاء - صفحة 3 500092465

قصَصُ الأنبيَاء - صفحة 3 483098003
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
المدير
AMINE PàTCHIKà
AMINE PàTCHIKà
المدير


الجنس : ذكر
الابراج الدلو
تاريخ الميلاد تاريخ الميلاد : 25/01/1988
العمر : 36

المدير العام
منتديات أمين عبلة الحب :

قصَصُ الأنبيَاء - صفحة 3 Empty
مُساهمةموضوع: رد: قصَصُ الأنبيَاء   قصَصُ الأنبيَاء - صفحة 3 Emptyالأحد يناير 13, 2013 12:31 pm

قصَصُ الأنبيَاء - صفحة 3 500092465

قصَصُ الأنبيَاء - صفحة 3 500092465

قصة حزقيل

قصَصُ الأنبيَاء - صفحة 3 500092465

قصَصُ الأنبيَاء - صفحة 3 500092465

قال الله تعالى :" ألم تر إلى الذين خرجوا من ديارهم وهم ألوف حذر الموت فقال لهم الله موتوا ثم أحياهم إن الله لذو فضل على الناس ولكن أكثر الناس لا يشكرون "

قال محمد بن إسحاق عن وهب بن منبه : إن كالب بن يوفنا لما قبضه الله إليه بعد يوشع خلف في بني إسرائيل حزقيل بن بوذي ، وهو ابن العجوز ، وهو الذي دعا للقوم الذين ذكرهم الله في كتابه فيما بلغنا

" ألم تر إلى الذين خرجوا من ديارهم وهم ألوف حذر الموت " قال ابن إسحاق : فروا من الوباء فنزلوا بصعيد من الأرض فقال لهم الله : موتوا ، فماتوا جميعاً فحظروا عليهم حظيرة دون السباع ، فمضت عليهم دهور طويلة فمر بهم حزقيل عليه السلام فوقف عليهم متفكراً فقيل له : أتحب أن يبعثهم الله وأنت تنظر ؟ فقال : نعم فأمر أن يدعوا تلك العظام أن تكتسي لحماً وأن يتصل العصب بعضه ببعض فناداهم عن أمر الله له وبذلك ، فقال القوم أجمعون وكبروا تكبيرة رجل واحد

وقال أسباط عن السدي عن أبي مالك ، وعن أبي صالح ، عن ابن عباس وعن مرة عن ابن مسعود وعن أناس من الصحابة في قوله :" ألم تر إلى الذين خرجوا من ديارهم وهم ألوف حذر الموت فقال لهم الله موتوا ثم أحياهم " قالوا : كانت قرية يقال لها داوردان قبل واسط وقع بها الطاعون ، فهرب عامة أهلها فنزلوا ناحية منها فهلك من بقي في القرية وسلم الآخرون فلم يمت منهم كثير ، فلما ارتفع الطاعون رجعوا سالمين فقال الذين بقوا : أصحابنا هؤلاء كانوا أحزم منا لو صنعنا كما صنعوا بقينا ولئن وقع الطاعون ثانية لنخرجن معهم ، فوقع في قابل ، فهربوا وهم بضعة وثلاثون ألفاً حتى نزلوا ذلك المكان وهو واد أفيح ، فناداهم ملك من أسفل الوادي وآخر من أعلاه : أن موتوا فماتوا حتى إذا هلكوا وبقيت أجسادهم مر بهم نبي يقال له حزقيل ، فلما رآهم وقف عليهم فجعل يتفكر فيهم ويلوي شدقيه وأصابعه ، فأوحى الله إليه ، تريد أن أريك كيف أحييهم ؟ قال : نعم ، وإنما كان تفكيره أنه تعجب من قدرة الله عليهم ، فقيل له : ناد ، فنادي : يا أيتها العظام إن الله يأمرك أن تجتمعي فجعلت العظام يطير بعضها إلى بعض ، حتى كانت أجساداً من عظام ، ثم أوحى الله إليه أن ناد : يا أيتها العظام عن الله يأمرك أن تكتسي لحماً ، فاكتست لحماً ودماً وثيابها التي ماتت فيها ثم قيل له : ناد فنادى : يا أيتها الأجساد إن الله يأمرك أن تقومي فقاموا

قال أسباط : فزعم منصور عن مجاهد أنهم قالوا حين أحيوا : سبحانك الله وبحمدك لا إله إلا أنت فرجعوا إلى قومهم أحياء يعرفون أنهم كانوا موتى ، سحنة الموت على وجوههم لا يلبسون ثوباً إلا عدا رسماً ، حتى ماتوا لآجالهم التي كتبت لهم

وعن ابن عباس أنهم كانوا أربعة آلاف ، وعنه ثمانية آلاف ، وعن أبي صالح تسعة آلاف ، وعن ابن عباس أيضاً كانوا أربعين ألفاً ، وعن سعيد بن عبد العزيز كانوا من أهل أذرعات

وقال ابن جريج عن عطاء : هذا مثل يعني أنه سيق مثلاً مبيناً أنه لن يغني حذر من قدر وقول الجمهور أقوى من هذا وقع

وقد روى الإمام أحمد وصاحبا الصحيح من طريق الزهري عن عبد الحميد بن عبد الرحمن ابن زيد بن الخطاب ، عن عبد الله بن الحارث بن نوفل ، عن عبد الله بن عباس ، أن عمر بن الخطاب خرج إلى الشام حتى إذا كان بسرغ لقيه أمراء الأجناد أبو عبيدة بن الجراح وأصحابه فأخبروه أن الوباء وقع بالشام فذكر الحديث يعني في مشاورته المهاجرين والأنصار فاختلفوا عليه ، فجاء عبد الرحمن بن عوف وكان متغيباً ببعض حاجته فقال : إن عندي من هذا علماً سمعت رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يقول " إذا كان بأرض وأنتم بها فلا تخرجوا فراراً منه وإذا سمعتم به بأرض فلا تقدموا عليه " فحمد الله عمر ثم انصرف

وقال الإمام : حدثنا حجاك ويزيد المفتي قالا : حدثنا ابن أبي ذؤيب عن الزهري ، عن سالم ، عن عبد الله بن عامر بن ربيعة ، أن عبد الرحمن بن عوف أخبر عمر وهو في الشام عن النبي (صلى الله عليه وسلم) أن هذا السقم عذب به الأمم قبلكم ، فإذا سمعتم به في أرض فلا تدخلوها وإذا وقع بأرض وأنتم بها فلا تخرجوا فراراً منه قال : فرجع عمر من الشام

وأخرجاه من حديث مالك عن الزهري بنحوه

قال محمد بن إسحاق : ولم يذكر لنا مدة لبث حزقيل في بني إسرائيل ثم إن الله قبضه إليه ، فلما قبض نسي بنو إسرائيل عهد الله إليهم وعظمت فيهم الأحداث وعدوا الأوثان وكان في جملة ما يعبدونه من الأصنام صنم يقال له بعل فبعث الله إلياس بن ياسين بن فنحاص بن العيزار بن هارون بن عمران

قلت : وقد قدمنا قصة إلياس تبعاً لقصة الخضر لأنهما يقرنان في الذكر غالباً ، ولأجل أنها بعد قصة موسى في سورة الصافات فتعجلنا قصته لذلك والله أعلم

قال محمد بن إسحاق فيما ذكر له عن وهب بن منبه قال : ثم تنبأ فيهم بعد إلياس وصيه اليسع بن أخطوب عليه السلام

قصة اليسع عليه السلام

وقد ذكره الله تعالى مع الأنبياء في سووة الأنعام في قوله :" وإسماعيل واليسع ويونس ولوطا وكلا فضلنا على العالمين " وقال تعالى في سورة صلى الله عليه وسلم :" واذكر إسماعيل واليسع وذا الكفل وكل من الأخيار " قال ابن إسحاق : حدثنا بشر أبو حذيفة ، أنبأنا سعيد ، عن قتادة عن الحسن ، قال : كان بعد إلياس اليسع عليهما السلام ، فمكث ما شاء الله أن يمكث يدعوهم إلى الله مستمسكاً بمنهاج الياس وشريعته حتى قبضه الله عز وجل إليه ، ثم خلف فيهم الخلوف وعظمت فيهم الأحداث والخطايا وكثرت الجبابرة وقتلوا الأنبياء ، وكان فيهم ملك عنيد طاغ ، ويقال إنه الذي تكفل له ذو الكفل إن هو تاب ورجع دخل الجنة فسمي ذا الكفل

قال محمد بن إسحاق : هو اليسع بن أخطوب

وقال الحافظ أبو القاسم بن عساكر في حرف الياء من تاريخه : اليسع وهو الأسباط بن عدي بن شوتلم بن أفراثيم بن يوسف بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم الخليل ويقال هو ابن عم إلياس النبي عليهما السلام ، ويقال كان مستخفياً معه بجبل قاسيون من ملك بعلبك ثم ذهب معه إليها فلما رفع إلياس خلفه اليسع في قومه ونبأه الله بعده

ذكر ذلك عبد المنعم بن إدريس بن سنان عن أبيه ، عن وهب ابن منبه ، قال وقال غيره : وكان الأسباط ببانياش

ثم ذكر ابن عساكر قراءة من قرأ اليسع بالتخفيف والتشديد ومن قرأ والليسع وهو اسم واحد لنبي من الأنبياء

قلت : قد قدمنا قصة ذا الكفل بعد قصة أيوب عليه السلام لأنه قد قيل إنه ابن أيوب فالله تعالى أعلم

فصل :

قال ابن جرير وغيره : ثم مرج أمر نبي إسرائيل وعظمت منهم الخطوب والخطايا وقتلوا من قتلوا من الأنبياء ، وسلط الله عليهم بدل الأنبياء ملوكاً جبارين يظلمونهم ويسفكون دماءهم ، وسلط الله عليهم الأعداء من غيرهم أيضاً ، وكانوا إذا قاتلوا أحداً من الأعداء يكون معهم تابوت الميثاق الذي كان فيه قبة الزمان ، كما تقدم ذكره ، فكانوا ينصرون ببركته وبما جعل الله فيه من السكينة والبقية مما ترك آل موسى وآل هارون

فلما كان في بعض حروبهم من أهل غزة وعسقلان غلبوهم وقهوروهم على أخذه فانتزعوه من أيديهم ، فلما علم بذلك ملك بني إسرائيل في ذلك الزمان مالت عنقه فمات كمداً

وبقي بنو إسرائيل كالغنم بلا راع حتى بعث الله فيهم نبياً من الأنبياء يقال له شمويل ، فطلبوا منه أن يقيم لهم ملكاً ليقاتلوا معه الأعداء ، فكان من أمرهم ما سنذكره مما قص الله في كتابه

قال ابن جرير : فكان من وفاة يوشع بن نون إلى أن بعث الله عز وجل شمويل بن بالي أربعمائة سنة وستون سنة ، ثم ذكر تفصيلها بمدد الملوك الذي ملكوا عليهم وسماهم واحداً واحداً تركنا ذكرهم قصداً

قصة شمويل عليه السلام وفيها بدء أمر داود عليه السلام

هو ثمويل - ويقال أشمويل - بن بالي بن علقمة بن يرخام بن اليهو ابن تهو بن صوف بن علقمة بن ماحث بن عموصاً بن عزريا

قال مقاتل : وهو من ورثة هارون وقال مجاهد : هو أشمويل ابن هلفاقا ، ولم يرفع في نسبة أكثر من هذا والله أعام

حكى السدي بإسناده عن ابن عباس وابن مسعود وأناس ، من الصحابة والثعلبي وغيرهم : أنه لما غلبت العمالقة من أرض غزة وعسقلان على بني إسرائيل ، وقتلوا منهم خلقاً كثيراً وسبوا من أبنائم جمعاً كثيراً وانقطعت النبوة من بسط لاوى ولم يبق فيم إلا امرأة حبلى ، فجعلت تدعو الله عز وجل أن يرزقها ولداً ذكراً ، فولدت غلاماً فسمته أشمويل ، ومعناه بالعبرانية إسماعيل ، أي سمع الله دعائي

فلما ترعرع بعثته إلى المسجد وأسلمته عند رجل صالح يكون عنده ليتعلم من خيره وعبادته فكان عنده فلما بلغ أشده بينها هو ذات ليلة نائم إذأ صوت يأتيه من ناحية المسجد فانتبه مذعوراً ، فظنه الشيخ يدعوه فسأله : أدعوتني ؟ فكره أن يفزعه فقال : نعم نم فنام

ثم ناداه الثانية فكذلك ثم الثالثة فإذا جبريل يدعوه ، فجاءه فقال : إن ربك قد بعثك إلى قومك فكان من أمره معهم ما قص الله في كتابه

قال الله تعالى في كتابه العزيز :" ألم تر إلى الملإ من بني إسرائيل من بعد موسى إذ قالوا لنبي لهم ابعث لنا ملكا نقاتل في سبيل الله قال هل عسيتم إن كتب عليكم القتال أن لا تقاتلوا قالوا وما لنا أن لا نقاتل في سبيل الله وقد أخرجنا من ديارنا وأبنائنا فلما كتب عليهم القتال تولوا إلا قليلا منهم والله عليم بالظالمين * وقال لهم نبيهم إن الله قد بعث لكم طالوت ملكا قالوا أنى يكون له الملك علينا ونحن أحق بالملك منه ولم يؤت سعة من المال قال إن الله اصطفاه عليكم وزاده بسطة في العلم والجسم والله يؤتي ملكه من يشاء والله واسع عليم * وقال لهم نبيهم إن آية ملكه أن يأتيكم التابوت فيه سكينة من ربكم وبقية مما ترك آل موسى وآل هارون تحمله الملائكة إن في ذلك لآية لكم إن كنتم مؤمنين * فلما فصل طالوت بالجنود قال إن الله مبتليكم بنهر فمن شرب منه فليس مني ومن لم يطعمه فإنه مني إلا من اغترف غرفة بيده فشربوا منه إلا قليلا منهم فلما جاوزه هو والذين آمنوا معه قالوا لا طاقة لنا اليوم بجالوت وجنوده قال الذين يظنون أنهم ملاقوا الله كم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة بإذن الله والله مع الصابرين * ولما برزوا لجالوت وجنوده قالوا ربنا أفرغ علينا صبرا وثبت أقدامنا وانصرنا على القوم الكافرين * فهزموهم بإذن الله وقتل داود جالوت وآتاه الله الملك والحكمة وعلمه مما يشاء ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لفسدت الأرض ولكن الله ذو فضل على العالمين "

قال أكثر المفسدين : كان نبي هؤلاء القوم المذكورين في هذه القصة هو شمويل وقيل شمعون وقيل هما واحد وقيل يوشع ، وهذا بعيد لما ذكره الإمام أبو جعفر بن جرير في تاريخه : أن بين موت يوشع وبعثه شمويل أربعمائة سنة وستين سنة فالله أعلم

والمقصود أن هؤلاء القوم لما أنهكتهم الحروب وقهرهم الأعداء سألوا نبي الله في ذلك الزمان وطلبوا منه أن ينصب لهم ملكاً يكونون تحت طاعته ليقاتلوا من ورائه ومعه وبين يديه الأعداء فقال لهم :" هل عسيتم إن كتب عليكم القتال أن لا تقاتلوا قالوا وما لنا أن لا نقاتل في سبيل الله " أي وأي شيء يمنعنا من القتال " وقد أخرجنا من ديارنا وأبنائنا " ويقولون نحن محروبون موتورون ، فحقيق لنا أن نقاتل عن أبنائنا المنهورين المستضعفين فيهم المأسورين في قبضتهم

قال تعالى :" فلما كتب عليهم القتال تولوا إلا قليلا منهم والله عليم بالظالمين " كما ذكر في آخر القصة أنه لم يجاوز النهر مع الملك إلا القليل الباقون رجعوا ونكلوا عن القتال

" وقال لهم نبيهم إن الله قد بعث لكم طالوت ملكا " قال الثعلبي : وهو طالوت بن قيش ابن أفيل بن صارو بن تحورت بن أفيح بن أنيس بن بنيامين بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم الخليل

قال عكرمة والسدي : كان سقاء ! وقال وهب بن منبه : كان دباغاً وقيل غير ذلك والله أعلم

ولهذا " قالوا أنى يكون له الملك علينا ونحن أحق بالملك منه ولم يؤت سعة من المال " ولقد ذكروا أن النبوة كانت في سبط لاوى وأن الملك كان في سبط يهوذا ، فلما كان هذا من سبط بنيامين نفروا منه وطعنوا في إمارته عليهم وقالوا نحن أحق بالملك منه وقد ذكروا أنه فقير لا سعة من المال معه فكيف يكون مثل هذا ملكاً

" قال إن الله اصطفاه عليكم وزاده بسطة في العلم والجسم " قيل : كان الله قد أوحى إلى شمويل أن بني إسرائيل كان طوله على طول هذه العصا إذا حضر عندك يفوز هذا القرن الذي فيه من دهن القدس فهو ملكهم فجعلوا يدخلون ويقيسون أنفسهم بتلك العصا فلم يكن أحد منهم على طولها سوى طالوت ولما حضر عند شمويل فاز ذلك القرن فدهنه منه وعينه للملك عليهم وقال لهم :" إن الله اصطفاه عليكم وزاده بسطة في العلم " قيل في أمر الحروب وقيل بل مطلقاً " والجسم " قيل الطول وقيل الجمال ، والظاهر من السياق أنه كان أجملهم وأعلمهم بعد نبيهم عليه السلام " والله يؤتي ملكه من يشاء " فله الحكم وله الخلق والأمر " والله واسع عليم "

" وقال لهم نبيهم إن آية ملكه أن يأتيكم التابوت فيه سكينة من ربكم وبقية مما ترك آل موسى وآل هارون تحمله الملائكة إن في ذلك لآية لكم إن كنتم مؤمنين " وهذا أيضاً من بركة ولاية هذا الرجل الصالح عليهم ويمنه عليهم أن يرد الله عليهم التابوت الذي كان سلب منهم ، وفهرهم الأعداء عليه ، وقد كانوا ينصرون على أعدائهم بسببه " فيه سكينة من ربكم " قيل طست من ذهب كان يغسل فيه صدور الأنبياء ، وقيل السكينة مثل الريح الخجوج وقيل صورتها مثل الهرة إذا صرخت في حال الحرب أيقن بنو إسرائيل بالنصر " وبقية مما ترك آل موسى وآل هارون " قيل كان فيه رضاض الألوح وشيء من المن الذي كان نزل عليهم بالتيه " تحمله الملائكة " أي تأتيكم به الملائكة يحملونه وأنتم ترون ذلك عياناً ليكون آية لله عليكم وحجة باهرة على صدق ما أقوله لكم وعلى صحة ولاية هذا الملك الصالح عليكم ولهذا قال :" إن في ذلك لآية لكم إن كنتم مؤمنين وقيل : إنه لما غلب العمالقة على هذا التابوت وكان فيه ما ذكر من السكينة والبقية المباركة وقيل كان فيه التوراة أيضاً فلما استقر في أيديهم وضعوه تحت صنم لهم بأرضهم فلما أصبحوا إذا التابوت على رأس الصنم فوضعوه تحته فلما كان البوم الثاني إذا التابوت فوق الصنم ، فلما تكرر هذا علموا أن هذا أمر من الله تعالى فأخرجوه من بلدهم وجعلوه في قرية من قراهم ، فأخذهم داء في رقابهم فلما طال عليهم هذا جعلوه في عجلة وربطوها في بقرتين وأرسلوهما ، فيقال إن الملائكة ساقتها حتى جاءوا بهما ملأ بني إسرائيل وهم ينظرون كما أخبرهم النبي بذلك ، فالله أعلم على أي صفة جاءت به الملائكة ، والظاهر أن الملائكة كانت تحمله بأنفسهم كما هو المفهوم من الآية والله أعلم ، وإن كان الأول قد ذكره كثير من المفسرين أو أكثرهم

" فلما فصل طالوت بالجنود قال إن الله مبتليكم بنهر فمن شرب منه فليس مني ومن لم يطعمه فإنه مني إلا من اغترف غرفة بيده "

قال ابن عباس وكثير من المفسرين : هذا النهر هو نهر الأردن ، وهو المسمى بالشريعة فكان من أمر طالوت بجنوده عند هذا النهر عن أمر نبي الله له ، عن أمر الله له اختباراً وامتحاناً : أن من شرب من هذا النهر فلا يصحبني في هذه الغزوة ، ولا يصحبني إلا من لم يطعمه إلا غرفة بيده

قال الله تعالى :" فشربوا منه إلا قليلا منهم "

قال السدي : كان الجيش ثمانين ألفاً فشرب منه ستة وسبعون ألفاً ، فبقي معه أربعة آلاف كذا قال

وقد روى البخاري في صحيحه من حديث إسرائيل وزهير والثوري ، عن أبي إسحاق عن البراء بن عازب قال : كنا أصحاب محمد (صلى الله عليه وسلم) نتحدث أن عدة أصحاب بدر عدة أصحاب طالت الذين جاوزوا معه النهر ولم يجاوز معه إلا بضعة عشر وثلاثمائة مؤمن وقول السدي إن عدة الجيش كانوا ثمانين ألفاً فيه نظر ، لأن أرض بيت المقدس لا تحتمل أن يجتمع فيها جيش مقاتله يبلغون ثمانين ألفاً والله أعلم

قال الله تعالى :" فلما جاوزه هو والذين آمنوا معه قالوا لا طاقة لنا اليوم بجالوت وجنوده " أي استقلوا أنفسهم واستضعفوها عن مقاومة أعدائهم بالنسبة إلى قلتهم وكثرة عدد عدوهم " قال الذين يظنون أنهم ملاقوا الله كم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة بإذن الله والله مع الصابرين " يعني ثبتهم الشجعان منهم والفرسان أهل الإيمان والإيقان الصابرون على الجلاد والجدال والطعان

" ولما برزوا لجالوت وجنوده قالوا ربنا أفرغ علينا صبرا وثبت أقدامنا وانصرنا على القوم الكافرين " طلبوا من الله أن يفرغ عليهم الصبر أي يغمرهم به من فوقهم فتستقر قلوبهم ولا تقلق ، وأن يثبت أقدامهم في مجال الحرب ومعترك الأبطال وحومة الوغي والدعاء إلى النزال فسألوا التثبيت الظاهر والباطن وأن ينزل عليهم النصر على أعدائهم وأعدائه من الكافرين الجاحدين بآياته وآلائه ، فأجابهم العظيم القدير السميع البصير الحكيم الخبير إلى ما سألوا وأنالهم ما إليهم فيه رغبوا

ولهذا قال :" فهزموهم بإذن الله " أي بحول الله وقوته لا بحولهم ، وبقوة الله ونصره لا بقوتهم وعددهم ، مع كثرة أعدائهم وكمال عددهم ، كما قال الله تعالى :" ولقد نصركم الله ببدر وأنتم أذلة فاتقوا الله لعلكم تشكرون "

وقوله تعالى :" وقتل داود جالوت وآتاه الله الملك والحكمة وعلمه مما يشاء " فيه دلالة على شجاعة داود عليه السلام وأنه قتله قتلاً أذل به جنده وكسر جيشه ، ولا أعظم من غزوة يقتل فيها ملك عدوه فيغنم بسبب ذلك الأموال الجزيلة ويأسر الأبطال والشجعان والأقران ، وتعلو كلمة الإيمان على الأوثان ويدال لأولياء الله على أعدائه ، ويظهر الدين الحق على الباطل وأوليائه

وقد ذكر السدي فيما يرويه أن داود عليه السلام كان أصغر أولاد أبيه وكانوا ثلاثة عشر ذكراً ، كان سمع طالوت مالك بني إسرائيل وهو يحرض بني إسرائيل على قتل جالوت وجنوده وهو يقول : من قتل جالوت زوجته بابنتي وأشركته في ملكي ، وكان داود عليه السلام يرمي بالقذافة وهو المقلاع رمياً عظيماً ، فبينما هو سائر مع بني إسرائيل إذ ناداه حجر أن خذني فإن بي تقتل جالوت فأخذه ثم حجر آخر كذلك ثم آخر كذلك ، فأخذ الثلاثة في خلاته فلما تواجه الصفان برز جالوت ودعا إلى نفسه فتقدم إليه داود فقال له : ارجع فإني أكره قتلك فقال : لكني أحب قتلك وأخذ تلك الأحجار الثلاثة فوضعهما في القذافة ثم أدارها فصارت الثلاثة حجراً واحداً ثم رمى بها جالوت ففلق رأسه وفر جيشه مهزوماً ، فوفى له طالوت بما وعده فزوجه ابنته وأجرى حكمه في ملكه وعظم داود عليه السلام عند بني إسرائيل وأحبوه ومالوا إليه أكثر من طالوت ، فذكروا أن طالوت حسده وأراد قتله واحتال على ذلك بنو إسرائيل وأحبوه ومالوا إليه أكثر من طالوت ، فذكروا أن طالوت حسده وأراد قتله واحتال على ذلك ولم يصل إليه ، وجعل العلماء ينهون طالوت عن قتل داود فتسلط عليهم فقتلهم حتى لم يبق منهم إلا القليل ، ثم حصل له تابوت وندم وإقلاع عما سلف منه ، وجعل يكثر من البكاء ويخرج إلى الجبانة فيبكي حتى يبل الثرى بدموعه فنودي ذات يوم من الجبانة : أن يا طالوت قتلتنا ونحن أحياء وآذيتنا ونحن أموات فازداد لذلك بكاؤه وخوفه واشتد وجله ثم جعل يسأل عن عالم يسأل عن أمره وهل له من توبة ، فقيل له : وهل أبقيت عالماً ؟! حتى دل على امرأة من العابدات فأخذته فذهبت به إلى قبر يوشع عليه السلام قالوا : فدعت الله فقام يوشع من قبره فقال : أقامت القيامة ؟ فقالت : لا ، ولكن هذا طالوت يسألك : هل له من توبة ؟ فقال : نعم ينخلع من الملك ويذهب فيقاتل في سبيل الله حتى يقتل ثم عاد ميتاً

فترك الملك لداود عليه السلام وذهب ومعه ثلاثة عشر من أولاده فقاتلوا في سبيل الله حتى قتلوا قالوا : فذلك قوله :" وآتاه الله الملك والحكمة وعلمه مما يشاء "
هكذا ذكره ابن جرير في تاريخه من طريق السدي بإسناده وفي بعض هذا نظر ونكارة والله أعلم

وقال محمد بن إسحاق : النبي الذي بعث فأخبر طالوت بتوبته هو اليسع بن أخطوب حكاه ابن جرير أيضاً

وذكر الثعلبي أنها أتت به إلى قبر شمويل فعاتبه على ما صنع بعده من الأمور ، وهذا أنسب ولعله إنما في النوم لا أنه قام من القبر حياً ، فإن هذا إنما يكون معجزة لنبي ، وتلك المرأة لم تكن نبية والله أعلم قال ابن جرير : وزعم أهل التوراة أن مدة ملك طالوت إلى أن قتل مع أولاده أربعون سنة فالله أعلم

قصَصُ الأنبيَاء - صفحة 3 500092465

قصَصُ الأنبيَاء - صفحة 3 500092465

تحياتي لكم

قصَصُ الأنبيَاء - صفحة 3 500092465

قصَصُ الأنبيَاء - صفحة 3 500092465

قصَصُ الأنبيَاء - صفحة 3 483098003
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
المدير
AMINE PàTCHIKà
AMINE PàTCHIKà
المدير


الجنس : ذكر
الابراج الدلو
تاريخ الميلاد تاريخ الميلاد : 25/01/1988
العمر : 36

المدير العام
منتديات أمين عبلة الحب :

قصَصُ الأنبيَاء - صفحة 3 Empty
مُساهمةموضوع: رد: قصَصُ الأنبيَاء   قصَصُ الأنبيَاء - صفحة 3 Emptyالأحد يناير 13, 2013 12:33 pm

قصَصُ الأنبيَاء - صفحة 3 500092465

قصَصُ الأنبيَاء - صفحة 3 500092465

قصة داود عليه السلام

قصَصُ الأنبيَاء - صفحة 3 500092465



قصَصُ الأنبيَاء - صفحة 3 500092465

وما كان في أيامه وذكر فضائله وشمائله ودلائل نبوته وأعلامه

هو داود بن إيشا بن عويد بن عابر بن مسلمون بات نحشون بن عوينادب بن إرم بن
حصرون بن فرص بن يهوذا بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم الخليل عبد الله
ونبيه وخليفته في أرض بيت المقدس

قال محمد بن إسحاق عن بعض أهل العلم عن وهب بن منبه : كان داود عليه السلام قصيراً أزرق العينين قليل الشعر طاهر القلب ونقيه

تقدم أنه لما قتل جالوت وكان قتله له فيما ذكر ابن عساكر عند قصر أم حكيم
بقرب مرج الصفر ، فأحبته بنو إسرائيل ومالوا إليه وإلى ملكه عليهم ، فكان
من أمر طالوت ما كان وصار الملك إلى داود عليه السلام ، وجمع الله له بين
الملك والنبوة ، بين خير الدنيا والآخرة ، وكان الملك يكون في سبط والنبوة
في آخر فاجتعا في داود هذا

وهذا ؟ قال تعالى :" وقتل داود جالوت وآتاه الله الملك والحكمة وعلمه مما
يشاء ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لفسدت الأرض ولكن الله ذو فضل على
العالمين " أي لولا إقامة الملوك حكاماً على الناس ، لأكل قوي الناس
ضعيفهم ولهذا جاء في بعض الأمثلة السلطان ظل الله في أرضه وقال أمير
المؤمنين عثمان بن عفان : إن الله ليزع بالسلطان مالا يزع بالقرآن

وقد ذكر ابن جرير في تاريخه أن جالوت لما بارز طالوت فقال له : اخرج إلي وأخرج إليك ، فندب طالوت الناس فانتدب داود فقتل جالوت

قال وهب بن منبه : فمال الناس إلى داود حتى لم يكن لطالوت ذكر ، وخلعوا
طالوت وولوا عليم داود وقيل إن ذلك عن أمر شمويل حتى قال بعضم إنه ولاه
قبل الوقعة

قال ابن جرير : والذي عليه الجمهور أنه إنما ولى ذلك بعد قتل جالوت
والله أعلم ، وروى ابن عساكر عن سعيد بن عبد العزيز : أن قتله جالوت كان
عند قصر أم حكيم وأن النهر الذي هناك هو المذكور في الآية فالله أعلم

وقال تعالى :" ولقد آتينا داود منا فضلا يا جبال أوبي معه والطير وألنا له
الحديد * أن اعمل سابغات وقدر في السرد واعملوا صالحا إني بما تعملون بصير "
وقال تعالى :" وسخرنا مع داود الجبال يسبحن والطير وكنا فاعلين * وعلمناه
صنعة لبوس لكم لتحصنكم من بأسكم فهل أنتم شاكرون "

أعانه الله على عمل الدروع من الحديد ليحصن المقاتلة من الأعداء وأرشده إلى
صنعتها وكيفيتها فقال :" وقدر في السرد " أي لا تدق المسماء فيفلق ولا
تغلظه فيفصم قاله مجالهد وقتادة والحكم وعكرمة

قال الحسن البصري وقتادة و والأعمش : كان الله قد ألان له الحديث حتى كان
يتفله بيده لا يحتاج إلى نار ولا مطرقة قال قتادة : فكان أول من عمر
الدروع من زرد وإنما كان قبل ذلك من صفائح قال ابن شوذب : كان يعمل كل يوم
درعاً يبيعها بستة آلاف درهم

وقد ثبت في الحديد أن أطيب ما أكل الرجل من كسبه وأن نبي الله داود كان يأكل من كسب يده

وقال تعالى :" واذكر عبدنا داود ذا الأيد إنه أواب * إنا سخرنا الجبال معه
يسبحن بالعشي والإشراق * والطير محشورة كل له أواب * وشددنا ملكه وآتيناه
الحكمة وفصل الخطاب "

قال ابن عباس ومجاهد : الأيد القوة في الطاعة يعني ذا قوة في العبادة والعمل الصالح

قال قتادة : أعطي قوة في العبادة وفقها في إسلام قال : وقد ذكر لنا أنه كان يقوم الليل ويصوم نصف الدهر

وقد ثبت في الصحيحين أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قال :" أحب الصلاة
إلي صلاة داود ، وأحب الصيام إلى الله صيام داود كان ينام نصف الليل ويقوم
ثلثه وينام سدسه ، وكان يصوم يوماً ويفطر يوماً ولا يفر إذا لاقى "

وقوله :" إنا سخرنا الجبال معه يسبحن بالعشي والإشراق * والطير محشورة كل
له أواب " كما قال :" يا جبال أوبي معه والطير " أي سبحي معه قاله ابن
عباس ومجاهد وغير واحد في تفسير هذه الآية " إنا سخرنا الجبال معه يسبحن
بالعشي والإشراق " أي عند آخر النهار وأوله ، وذلك أنه كان الله تعالى قد
وهبه من الصوت العظيم ما لم يعطه أحد بحيث إنه كان إذا ترنم بقراءة كتابه
يقف الطير في الهواء يرجع بترجيعه ويسبح بتسبيحه وكذلك الجبال تجيبه وتسبح
معه كلما سبح بكرة وعشياً ، صلوات الله وسلامه عليه

وقال الأوزاعي : حدثني عبد الله بن عامر قال : أعطي داود من حسن الصوت ما
لم يعط أحد قط ، حتى إن كان الطير والوحش ينعكف حوله حتى يموت عطشاً
وجوعاً وحتى إن الأنهار لتقف ! وقال وهب ابن منبه : كان لا يسمعه أحد إلا
حجل كهيئة الرقص ، وكان يقرأ الزبور بصوت لم تسمع الآذان بمثله ، فيعكف
الجن والإنس والطير والدواب على صوته حتى يهلك بعضها جوعاً وقال أبو
عوانة الأسفراييني : حدثنا أبو بكر بن أبي الدنيا ، حدثنا محمد ابن منصور
الطوسي سمعت صبيحاً أبا تراب رحمه الله قال أبو عوانة : حدثني أبو العباس
المدني ، حدثنا بن محمد بن صالح العدوي ، حدثنا سيار هو ابن حاتم عن جعفر ،
عن مالك ، قال : كان داود عليه السلام إذا أخذ في قراءة الزبور تفتقت
العذارى وهذا غريب

وقال عبد الرزاق عن ابن جريج ، سألت عطاء عن القراءة على الغناء فقال : وما
بأس بذلك ؟ سمعت عبيد بن عمر يقول : كان داود عليه السلام يأخذ المعزفة
فيضرب بها فيقرأ عليها فترد عليه صوته يريد بذلك أن يبكي وتبكي

وقال الإمام أحمد : حدثنا عبد الرزاق ، حدثنا معمر ، عن الزهري ، عن عروة ،
عن عائشة قالت : سمع رسول الله (صلى الله عليه وسلم) صوت أبي موسى الأشعري
وهو يقرأ فقال :" لقد أوتي أبي موسى من مزامير آل داود "

وهذا على شرط الشيخين ولم يخرجاه من هذا الوجه

وقال أحمد : حدثنا حسن ، حدثنا حمادة بن سلمة ، عن محمد بن عمر ، عن أبي
سلمة ، عن أبي هريرة أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قال :" لقد أعطي
أبو موسى من مزامير داود " على شرط مسلم

وقد روينا عن أب عثمان النهدي أنه قال : لقد سمعت البربط والمزمار ، فما سمعت صوتاً أحسن من صوت أبي موسى الأشعري

وقد كان مع هذا الصوت الرخيم سريع القراءة لكتابة الزبور ، قال الإمام
أحمد : حدثنا عبد الرزاق ، حدثنا عمر ، عن همام عن أبي هريرة قال : قال
رسول الله (صلى الله عليه وسلم) :" خفف على داود القراءة ، فكان يأمر
بدابته فتسرج فكان يقرأ القرآن من قبل أن تسرج دابته ، وكان لا يأكل إلا من
عمل يديه "

وكذلك رواه البخاري منفرداً به عن عبد الله بن محمد ، عن عبد الرزاق به
ولفظه :" خفف على داود القرآن فكان يأمر بدوابه فتسرج فيقرأ القرآن قبل أن
تسرج دوابه ، ولا يأكل إلا من عمل يديه "

ثم قال البخاري : ورواه موسى بن عقبة ، عن صفوان ، هو ابن سدليم ، عن عطاء بن يسار ، عن أبي هريرة عن النبي (صلى الله عليه وسلم)

وقد أسنده ابن عساكر في ترجمة داود عليه السلام في تاريخه من طرق عن
إبراهيم بن طهمان ، عن موسى بن عقبة ، ومن طرق أبي عاصم عن أبي بكر السبري ،
عن صفوان بن سليم به

والمراد بالقرآن ها هنا الزبور ألذي أنزله الله عليه وأوحاه إليه ، وذكر
رواية أشبه أن يكون محفوظاً فإنه كان ملكاً له أتباع ، فكان يقرأ ألزبور
بمقدار ما تسرج الدواب ، وهذا أمر سريع مع التدبر والترنم والتغني به على
وجه التخشع ، صلوات الله وسلامه عليه

وقد قال الله تعالى :" وآتينا داود زبورا " والزبور كتاب مشهور وذكرنا في
التفسير الحديث الذي رواه أحمد وغيره أنه أنزل في شهر رمضان ، وفيه من
المواعظ والحكم ما هو معروف لمن نظر فيه

وقوله :" وشددنا ملكه وآتيناه الحكمة وفصل الخطاب " أي أعطيناه ملكأ عظيماً وحكماً نافذاً

روى ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس أن رجلين تداعيا إلى داود عليه
السلام في بقر ادعى أحدهما على الآخر أنه اغتصبها منه فأنكر المدعى عليه
فأرجأ أمرهما إلى الليل ، فلما كان الليل أوحى الله إليه أن يقتل المدعى ،
فلما أصبح قال له داود : إن الله قد أوحى إلي أن أقتلك فأنا قاتلك لا محالة
، فما خبرك فيما ادعيته على هذا ؟ قال : والله يا نبي الله إني لمحق فيما
ادعيت عليه ، ولكني كنت اغتلت أباه قبل هذا فأمر به داود فقتل فعظم أمر
داود في بني إسرائيل جداً وخضعوا له خضوعاً عظيماً قال ابن عباس : وهو
قوله تعالى :" وشددنا ملكه " وقوله تعالى :" وآتيناه الحكمة " أي النبوة "
وفصل الخطاب " قال شريح والعشبي وقتادة وأبو عبد الرحمن السلمي وغيرهم :
فصل الخطاب الشهود والأيمان يعنون بذلك : البينة على المدعي واليمين على من
أنكر وقال مجاهد : والسدي : هو إصابة القضاء وفهمه وقال مجاهد : وهو
الفصل في الكلام وفي الحكم واختاره ابن جرير

وهذا لا ينافي ما روي عن أبي موسى أنه قول : أما بعد

وقال وهب بن منبه : لم كثر الشر وشهادات الزور في بني إسرائيل أعطى داود
سلسلة لفصل القضاء فكانت ممدودة من السماء إلى صخرة بيت المقدس ، وكانت من
ذهب ، فإذا تشاجر الرجلان في حق فأيهما كان محقاً نالها والآخر لا يصل
إليها فلم تزل كذلك حتى أودع رجلاً لؤلؤة فجحدها منه وأخذ عكازاً وأودعها
فيه ، فلما حضرا عند الصخرة تناولها المدعى فلما قيل للآخر خذها بيدك عمد
إلى العكاز فأعطاه المدعي وفيه تلك اللؤلؤة ، وقال : اللهم إنك تعلم أني
دفعتها إليه ثم تناول السلسلة فنالها فأشكل أمرها على بني إسرائيل ثم
رفعت سريعاً من بينهم

ذكره بمعناه غير واحد من المفسرين وقد رواه إسحاق بن بشر عن إدريس بن سنان عن وهب به بمعناه

" وهل أتاك نبأ الخصم إذ تسوروا المحراب * إذ دخلوا على داود ففزع منهم
قالوا لا تخف خصمان بغى بعضنا على بعض فاحكم بيننا بالحق ولا تشطط واهدنا
إلى سواء الصراط * إن هذا أخي له تسع وتسعون نعجة ولي نعجة واحدة فقال
أكفلنيها وعزني في الخطاب * قال لقد ظلمك بسؤال نعجتك إلى نعاجه وإن كثيرا
من الخلطاء ليبغي بعضهم على بعض إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وقليل ما
هم وظن داود أنما فتناه فاستغفر ربه وخر راكعا وأناب * فغفرنا له ذلك وإن
له عندنا لزلفى وحسن مآب "

وقد ذكر كثير من المفسرين من السلف والخلف هاهنا قصصاً وأخباراً أكثرها
إسرائيليات ومنها ما هو مكذوب لا محالة تركنا إيرادها في كتابنا قصداً
اكتفاء واقتصاراً على مجرد تلاوة القصة من القرآن العظيم ، والله يهدي من
يشاء إلى صراط مستقيم

وقد اختلف الأئمة في سجدة ً : هل هي من عزائم السجود أو إنما هي سجدة شكر ليست من عزائم السجود ؟ على قولين :

قال البخاري : حدثنا محمد بن عبد الله ، حدثنا محمد بن عبيد الطنافسي عن
العوام ، قال سألت مجاهداً في سجدة صلى الله عليه وسلم فقال : سألت ابن
عباس من أين سجدت ؟ قال : أو ما تقرأ :" ومن ذريته داود وسليمان " " أولئك
الذين هدى الله فبهداهم اقتده " فكان داود ممن أمر نبيكم (صلى الله عليه
وسلم) أن يقتدي به فسجدها داود عليه السلام فسجدها رسول الله (صلى الله
عليه وسلم)

وقد قال الإمام أحمد : حدثنا إسماعيل - هو ابن علية - عن أيوب ، عن عكرمة ،
عن ابن عباس أنه قال : في السجود في ص ليست من عزائم السجود وقد رأيت
رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يسجد فيها

وكذا رواه البخاري وأبو داود و الترمذي و النسائي من حديث أيوب وقال
الترمذي : حسن صحيح وقال النسائي أخبرني إبراهيم ابن الحسن المقسمي ،
حدثنا حجاج بن محمد ، عن عمر ابن ذر ، عن أبيه ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن
عباس أن النبي (صلى الله عليه وسلم) سجد في ص وقال : سجدها داود توبة
ونسجدها شكراً تفرد به أحمد ورجاله ثقات

وقال أبو داود : حدثنا أحمد بن صالح ، حدثنا ابن وهب ، أخبرني عمرو بن
الحارث ، عن سعيد بن أبي هلال ، عن عياض بن عبد الله بن سعيد بن أبي سرح ،
عن أبي سعيد الخدري قال : قرأ رسول الله (صلى الله عليه وسلم) وهو على
المنبر ص فلما بلغ السجدة نزل فسجد وسجد معه الناس فلما كان يوم آخر قرأها
فلما بلغ السجدة تشزن الناس للسجود فقال :" إنما هي توبة نبي ولكن رأيتكم
تشزنتم " فنزل وسجد تفرد به أبو داود وإسناده على شرط الصحيح

وقال الإمام أحمد : حدثنا عفان ، حدثنا يزيد بن زريع حدثنا حميد ، حدثنا
بكر ، هو ابن عمر ، وأبو الصديق الناجي ، أنه أخبره أن أبا سعيد الخدري رأى
رؤيا أنه يكتب ص فلما بلغ إلى التي يسجد بها رأى الدواة والقلم وكل شيء
بحضرته انقلب ساجداً قال فقصها على النبي (صلى الله عليه وسلم) ، فلم يزل
يسجد بها بعد ، تفرد به أحمد

وروى الترمذي و ابن ماجه من حديث محمد بن يزيد بن خنيس عن الحسن بن محمد
بن عبيد الله بن أبي يزيد ، قال : قال لي ابن جريج : حدثني جدك عبيد الله
بن أبي يزيد ، عن ابن عباس قال : جاء رجل إلى النبي (صلى الله عليه وسلم)
فقال : يا رسول الله إني رأيت فيما يرى النائم كأني أصلي خلف شجرة ،
فقرأت السجدة فسجدت الشجرة بسجودي ، فسمعتها تقول وهي ساجدة : اللهم اكتب
لي بها عندك أجراً واجعلها عندك ذهراً وضع عني بها وزراً ، واقبلها مني كما
قبلت من عبدك داود

قال ابن عباس : فرأيت النبي (صلى الله عليه وسلم) قام فقرأ السجدة ثم سجد
فسمعته يقول وهو ساجد كما حكى الرجل عن كلام الشجرة ثم قال الترمذي :
غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه

وقد ذكر بعض المفسرين أنه عليه السلام ، مكث ساجداً أربعين يوماً وقاله
مجاهد والحسن وغيرهما وورد في ذلك حديث مرفوع ، لكنه من رواية يزيد الرقاشي
وهو ضعيف متروك الرواية

قال الله تعالى :" فغفرنا له ذلك وإن له عندنا لزلفى وحسن مآب " أي إن له
يوم القيامة لزلفى ، وهي القربة التي يقربه الله بها ويدنيه من حظيرة قدسه
بسببها ، كما ثبت في حديث :" المقسطون على منابر من نور عن يمين الرحمن ،
وكلتا يديه يمين ، الذين يقسطون في أهليهم وحكمهم وما ولوا "

وقال الإمام أحمد في مسنده : حدثنا يحيى بن آدم ، حدثنا فضيل عن عطية ،
عن أبي سعيد الخدري ، قال : قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) :" إن أحب
الناس إلى الله يوم القيامة وأقربهم منه مجلساً إمام عادل ، وإن أبغض الناس
إلى الله يوم القيامة وأشدهم عذاباً إمام جائر "

وهكذا رواه الترمذي من حديث فضيل بن مرزوق الأغر به ، وقال : لا نعرفه مرفوعاً إلا من هذا الوجه

وقال ابن أبي حاتم : حدثنا أبو زرعة ، حدثنا عبد الله بن أبي زياد ، حدثنا
سيار ، حدثنا جعفر بن سليمان ، سمعت مالك بن دينار في قوله :" وإن له عندنا
لزلفى وحسن مآب " قال : يقوم داود عليه السلام يوم القيامة عند ساق العرش
فيقول الله : يا داود مجدني اليوم بذلك الصوت الحسن الرخيم الذي كنت
تمجدني في الدنيا ، فيقول : وكيف وقد سلبته فيقول : إني أرده عليك اليوم
قال : فيرفع داود بصوت يستفرغ نعيم أهل الجنان

" يا داود إنا جعلناك خليفة في الأرض فاحكم بين الناس بالحق ولا تتبع الهوى
فيضلك عن سبيل الله إن الذين يضلون عن سبيل الله لهم عذاب شديد بما نسوا
يوم الحساب " هذا خطاب من الله تعالى مع داود ، والمراد ولاة الأمور وحكام
الناس ، وأمرهم بالعدل بغير ذلك ، وقد كان داود عليه السلام هو المقتدى به
في ذلك الزمان في العدل ، وكثرة العبادة ، وأنواع القربات ، حتى إنه كان لا
يمضي ساعة من آناء الليل وأطراف النهار إلا وأهل بيته في عبادة ليلاً
ونهاراً كما قال تعالى :" اعملوا آل داود شكرا وقليل من عبادي الشكور "

قال أبو بكر بن أبي الدنيا : حدثنا إسماعيل بن إبراهيم بن بسام ، حدثنا
صالح المري ، عن أبي عمران الجولي ، عن أبي الجلد ، قال : قرأت في مسألة
داود عليه السلام أنه قال : يا رب كيف لي أن أشكرك وأنا لأصل إلى شكرك إلا
بنعمتك ؟ قال : فأتاه الوحي : أن يا داود ألست تعلم أن الذي بك من النعم
مني ؟ قال : بلى يا رب قال : فإني أرضى بذلك منك

وقال البيهقي : أنبأنا أبو عبد الله الحافظ أنبأنا أبو بكر بن بالويه ،
حدثنا محمد بن يونس القرشي ، حدثنا روح بن عبادة ، حدثني عبد الله بن لاحق ،
عن ابن شهاب قال : قال داود : الحمد لله كما ينبغي لكرم وجهه وعز جلاله ،
فأوحى الله إليه : إنك أتعبت الحفظة يا داود !

ورواه أبو بكر بن أبي الدنيا عن علي بن الجعد ، عن الثوري مثله

وقال عبد الله بن المبارك في كتاب الزهد أنبأنا سفيان الثوري ، عن رجل ،
عن وهب ابن منبه قال : إن في حكمة آل داود : حق على العقل ألا يغفل عن أربع
ساعات : ساعة يناجي فيها ربه ، وساعة يحاسب فيها نفسه ، وساعة يفضي فيها
إلى إخوانه الذي يخبرونه بعيوبه ويصدقونه عن نفسه ، وساعة يخلي بين نفسه
وبين لذاتها فيما يحل ويجمل فإن هذه الساعة عون على هذه الساعات وإجمام
للقلوب ، وحق على العاقل أن يعرف زمانه ويحفظ لسانه ويقبل على شأنه ، وحق
على العاقل ألا يظعن إلا في إحدي ثلاث : زاد لمعاده ومرمة لمعاشه ، ولذة في
غير محرم

وقد رواه أبو بكر بن أبي الدنيا ، عن أبي بكر بن أبي خيثمة ، عن ابن مهدي
عن سفيان ، عن أبيه الأغر ، عن وهب بن منبه ، فذكره ورواه أيضاً عن على
بن الجعد ، عن عمر بن الهيثم الرقاشي عن أبي الأغر ، عن وهب بن منبه فذكره ،
وأبو الأغر هذا هو الذي أبهمه ابن المبارك في روايته قاله ابن عساكر

وقال عبد الرزاق : أنبأنا بشر بن رافع ، حدثنا شيخ من أهل صنعاء يقال له :
أبو عبد الله ، قال : سمعت وهب بن منبه ، فذكر مثله ، وقد أورد الحافظ بن
عساكر في ترجمة داود عليه السلام أشياء كثيرة مليحة منها قوله : كن لليتيم
كالأب الرحيم ، واعلم أنك كما تزرع كذلك تحصد

وروى بسند غريب مرفوعا قال داود : يا زارع السيئات أنت تحصد شوكها وحسكها

وعن داود عليه السلام أنه قال : مثل الخطيب الأحمق في نادي القوم كمثل
المغني عند رأس الميت وقال أيضاً : ما أقبح الفقر بعد الغني وأقبح من ذلك
الضلالة بعد الهدي وقال :أنظر ما تكره أن يذكر عنك في نادي القوم فلا
تفعله إذا خلوت

وقال : لا تعدن أخاك بما لا تنجزه له فإنا ذلك عداوة بينك وبينه

وقال محمد بن سعد : أنبأنا محمد بن عمر الواقدي ، حدثني هشام بن سعيد ، عن
عمر مولي عفرة ، قال : قالت يهود ، لما رأت رسول الله (صلى الله عليه وسلم)
يتزوج النساء ! انظروا إلى هذا الذي لا يشبع من الطعام ولا والله ماله همة
إلا إلى النساء : حسدوه لكثرة نسائه وعابوه بذلك فقالوا : لو كان نبيا ما
رغب في النساء وكان أشدهم في ذلك حيى بن أخطب فأكذبهم الله وأخبرهم بفضل
الله وسعته على نبيه صلوات الله وسلامه عليه فقال :" أم يحسدون الناس على
ما آتاهم الله من فضله " يعني بالناس رسول الله (صلى الله عليه وسلم) " فقد
آتينا آل إبراهيم الكتاب والحكمة وآتيناهم ملكا عظيما " يعني ما آتي الله
سليمان بن داود كانت له ألف امرأة سبعمائة مهرية وثلاثمائة سرية ، وكانت
لداود عليه السلام مائة امرأة منهن امرأة أرويا أم سليمان بن داود التي
تزوجها بعد الفتنة هذا أكثر مما لمحمد (صلى الله عليه وسلم) وقد ذكر
الكلبي نحو هذا وأنه كان لداود عليه السلام مائة امرأة ولسليمان ألف امرأة
منهن ثلاثمائة سرية

وروى الحافظ في تاريخه في ترجمة صدقة الدمشقي الذي يروى عن ابن عباس من
طريق الفرج بن فضالة الحمصي ، عن أبي هريرة الحمصي عن صدقة الدمشق ، أن
رجلاً سأل ابن عباس عن الصيام فقال : لأحدثنك بحديث كان عندي في البحث
مخزوناً ، إن شئت أنبأتك بصوم داود فإنه كان صواماً قواماً وكان شجاعاً لا
يفر إذا لاقى ، وكان يصوم يوماً ويفطر يوماً ، وقال رسول الله (صلى الله
عليه وسلم) :" أفضل الصيام صيام داود " وكان يقرأ الزبور بسبعين صوتاً يكون
فيها ، وكانت له ركعة من الليل يبكي فيها نفسه ويبكي ببكائه كل شيء ويصرف
بصوته المهموم والمحموم

وإن شئت أنبأتك بصوم ابنه سليمان فإنه كان يصوم من أول الشهر ثلاثة أيام ،
ومن وسطه ثلاثة أيام ومن آخره ثلاثة أيام يستفتح الشهر بصيام ووسطه بصيام
ويختمه بصيام

وإن شئت أنبأتك بصوم ابن العذراء البتول عيسى ابن مريم ، فإنه كان يصوم
الدهر ويأكل الشعير ويلبس الشعر ، ويأكل ما وجد ولا يسأل عما فقد ، ليس له
ولد يموت ولا بيت يخرب ، وكان أينما أدركه الليل صف بين قدميه وقام يصلي
حتى يصبح ، وكان رامياً لا يفوته صيد يريده ، وكان يمر بمجالس بني إسرائيل
فيقضي لهم حوائجهم

وإن شئت أنبأتك بصوم أمه مريم بنت عمران ، فإنها كانت تصوم يوماً وتفطر يومين

وإن شئت أنبأتك بصوم النبي العربي الأمي محمد (صلى الله عليه وسلم) فإنه
كان يصوم من كل شهر ثلاثة أيام ويقول : إن ذلك صوم الدهر وقد روى الإمام
أحمد عن أبي النضر ، عن فرج بن فضالة ، عن أبي هرم عن صدقة عن ابن عباس
مرفوعاً في صوم داود

ذكر كمية حياته وكيفية وفاته

قد تقدم في ذكر الأحاديث الواردة في خلق آدم أن الله لما استخرج ذريته من
ظهره فرأى فيهم الأنبياء عليهم السلام ورأى فيهم رجلاً يزهر فقال : أي رب
من هذا ؟ قال : هذا ابنك داود قال : أي رب كم عمره ؟ قال : ستون عاماً
قال : أي رب زد في عمره قال : لا ، إلا أن أزيده من عمرك وكان عمر آدم
ألف عام فزاده أربعين عاماً فلما انقضى عمر آد جاءه ملك الموت فقال : بقي
من عمري أربعون سنة ونسي آدم ما كان وهبه لولده داود فأتمها الله لآدم ألف
سنة ولداود مائة سنة

رواه أحمد عن ابن عباس ، و الترمذي وصححه عن أبي هريرة ، وابن خزيمة
وابن حبان وقال الحاكم : على شرط مسلم وقد تقدم ذكر طرقه وألفاظه في
قصة آدم

قال ابن جرير ، وقد زعم أهل الكتاب أن عمر داود كان سبعاً وسبعين سنة قلت :
هذا غلط مردود عليهم ، قالوا ؟ وكانت مدة ملكه أربعين سنة ،وهذا قد نقله
لأنه ليس عندنا ما ينافيه ولم لا ما يقتضيه

وأما وفاته عليه السلام فقال الإمام أحمد في مسنده : حدثنا قبيصة حدثنا
يعقوب بن عبد الرحمن بن محمد بن عمرو بن أبي عمرو ، عن المطلب ، عن أبي
هريرة ، أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قال : كان داود عليه السلام فيه
غيرة شديدة فكان إذا خرج أغلق الأبواب فلم يدخل على أهله أحد حتى يرجع
قال : فخرج ذات يوم وغلقت الدار فأقبلت امرأته تطلع إلى الدار فإذا رجل
قائم وسط الدار فقالت لمن في البيت : من أين دخل هذا الرجل والدار مغلقة ،
والله لنفضحن بداود فجاء داود فإذا الرجل قائم في وسط الدار فقال له داود :
من أنت ؟ فقال : أنا الذي لا أهاب الملوك ولا أمنع من الحجاب ، فقال داود :
أنت والله إذن ملك الموت مرحباً بأمر الله : ثم مكث حتى قبضت روحه فلما
غسل وكفن وفرغ من شأنه طلعت عليه الشمس ، فقال سليمان للطير : أظلي على
داود ، فأظلته الطير حتى أظلمت عليه الأرض ، فقال سليمان للطير : اقبضي
جناحاً قال أبو هريرة : فطفق رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يرينا كيف
فعلت الطير ، وقبض رسول الله (صلى الله عليه وسلم) بيده ، وغلبت عليه يومئذ
المضرحية

انفرد بإخراجه الإمام أحمد وإسناده جيد قوي رجاله ثقات ، ومعنى قوله :
وغلبت عليه يومئذ المضرحية ، أي وغلبت على التظليل عليه المضرحية وهي
الصقوع الطوال الأجنحة واحدها مضرحي ، قال الجوهري : هو الصقر الطويل
الجناح

وقال السدي عن أبي مالك ، عن ابن مالك ، عن ابن عباس قال مات داود عليه
السلام فجاء وكان بسبت ، وكانت الطير تظله وقال السدي أيضا ، عن أبي مالك
وعن سعيد بن جبير قال : مات داود عليه السلام يوم السبت فجأة

وقال إسحاق بن بشر ، عن سعيد بن أبي عروبة ، عن قتادة عن ألحسن ، قال : مات
داود عليه السلام وهو ابن مائة سنة ومات يوم الأربعاء فجأة وقال أبو
السكن الهجري : مات إبراهيم الخليل فجأة وداود فجأة وابنه سليمان فجأة
صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين رواه ابن عساكر

وروى عن بعضهم أن ملك الموت جاءه وهو نازل من محرابه فقال له : دعني أنزل
أو أصعد ، فقال : يا نبي الله قد نفدت السنون والشهور والآرثار والأرزاق ،
قال : فخر ساجداً على مرقاة من تلك المراقي فقبضه وهو ساجد

وقال إسحاق بن بشر : أنبأنا وافر بن سليمان ، عن أبي سلمان الفلسطيني عن
وهب بن منبه قال : إن الناس حضروا جنازة داود عليه السلام فجلسوا في الشمس
في يوم صائف قال :وكان قد شيع جنازته يومئذ أربعون ألف راهب عليهم البرانس
سوى غيرهم من الناس ، ولم يمت في بني إسرائيل بعد موسى وهارون أحد كانت بنو
إسرائيل أشد جزعا عليه منهم على داود قال : فآذاهم الحر فنادوا سليمان
عليه السلام أن يعمل لهم وقاية لما أصابهم من الحر ، فخرج سليمان فنادى
الطير فأجابت فأمرها أن تظل الناس ، فتراص بعضها إلى بعض من كل وجه ، حتى
استمسكت الريح فكاد الناس أن يهلكوا غما فصاحوا إلى سليمان عليه السلام من
الغم ، فخرج سليمان فنادى الطير أن أظلي الناس من ناحية الشمس وتنحي عن
ناحي الريح ففعلت فكان الناس في ظل تهب عليهم الريح ، فكان ذلك أول ما
رأواه من ملك سليمان

وقال الحافظ أبو يعلى : حدثنا أبو همام الوليد بن شجاع ، حدثني الوليد بن
مسلم ، عن الهيثم بن حميد ، عن الوضين بن عطاء ، عن نصر بن علقمة ، عن جبير
بن نفير، عن أبي الدرداء قال : قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) : "
لقد قبض الله داود من بين أصحابه ما فتنوا ولا بدلوا ، ولقد مكث أصحاب
المسيح على سننه وهديه مائتي سنة"

هذا حديث غريب وفي رفعه نظر ، والوضين بن عطاء كان ضعيفاً في الحديث والله أعلم

قصَصُ الأنبيَاء - صفحة 3 500092465

قصَصُ الأنبيَاء - صفحة 3 500092465

تحياتي لكم

قصَصُ الأنبيَاء - صفحة 3 500092465

قصَصُ الأنبيَاء - صفحة 3 500092465

قصَصُ الأنبيَاء - صفحة 3 483098003
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
المدير
AMINE PàTCHIKà
AMINE PàTCHIKà
المدير


الجنس : ذكر
الابراج الدلو
تاريخ الميلاد تاريخ الميلاد : 25/01/1988
العمر : 36

المدير العام
منتديات أمين عبلة الحب :

قصَصُ الأنبيَاء - صفحة 3 Empty
مُساهمةموضوع: رد: قصَصُ الأنبيَاء   قصَصُ الأنبيَاء - صفحة 3 Emptyالأحد يناير 13, 2013 12:36 pm

قصَصُ الأنبيَاء - صفحة 3 500092465

قصَصُ الأنبيَاء - صفحة 3 500092465

قصة سليمان بن داود عليهما السلام

قصَصُ الأنبيَاء - صفحة 3 500092465



قصَصُ الأنبيَاء - صفحة 3 500092465

قال الحافظ ابن عساكر : وهو سليمان بن داود بن إيشا بن عويد بن عابر بن
سلمون بن نخشون بن عمينا أداب بن إرم بنحصرون ابن فارص بن يهوذا بن يعقوب
بن إسحاق بن إبراهيم أبي الربيع نبي الله بن نبي الله

جاء في بعض الآثار أنه دخل دمشق قال ابن ماكولا : فارص بالصاد المهملة ،وذكر نسبه قريبا مما ذكره ابن عساكر

قال الله تعالى :" وورث سليمان داود وقال يا أيها الناس علمنا منطق الطير
وأوتينا من كل شيء إن هذا لهو الفضل المبين " أي ورثه في النبوة والملك ،
وليس المراد ورثه في المال ، لأنه قد كان له بنون غيره ، فما كان ليخص
بالمال دونهم ، ولأنه قد ثبت في الصحاح من غير وجه عن جماعة من الصحابة أن
رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قال :" لا نورث ما تركنا فهو صدقة " وفي
لفظة :" نحن معاشر الأنبياء لا نورث " فأخبر الصادق المصدوق أن الأنبياء لا
تورث أموالهم عنهم كما يورث غيرهم ، بل تكون أموالهم صدقة من بعدهم على
الفقراء والمحاويج لا يخصون بها أقرباؤهم ، لأن الدنيا كان أهون عليهم
وأحقر عندهم من ذلك كما هي عند الذي أرسلهم واصطفاهم وفضلهم وقال :" يا
أيها الناس علمنا منطق الطير وأوتينا من كل شيء " يعني أنه عليه السلام كان
يعرف ما يتخاطب به الطيور بلغاتها ويعبر للناس عن مقاصدها وإرادتها

وقد قال الحافظ أبو بكر البيهقي : أنبأنا أبو عبد الله الحافظ أنبأنا علي
بن حشاد ، حدثنا إسماعيل بن قتيبة ، حدثنا علي بن قدامة ، حدثنا أبو جعفر
الأسواني ، يعني محمد بن عبد الرحمن : عن أبي يعقوب العمي ، حدثني أبو مالك
، قال : مر سليمات بن داود بعصفور يدور حول عصفورة فقال لأصحابه : أتدرون
ما يقول ؟ قالوا : وما يقول يا نبي الله ؟ قال : يخطبها إلى نفسه ويقول
زوجيني أسكنك أي غرف دمشق شئث ! قال سليمان عليه السلام : لأن غرف دمشق
مبنية بالصخر لا يقدر أن يسكنها أحد ولكن كل خاطب كذاب !

رواه ابن عساكر عن أبي القاسم زاهر بن طاهر ، عن البيهقي به وكذلك ماعداها
من الحيوانات وسائر صنوف المخلوقات ، والدليل على هذه قوله بعد هذا من
الآيات :" وأوتينا من كل شيء " أي من كل ما يحتاج الملك إليه من العدد
والآلات والجنود والجيوش والجماعات من الجن والإنس والطيور والوحوش
والشياطين السارحات والعلوم والفهوم والتعبير عن ضمائر المخلوقات من
الناطقات والصامتات ثم قال :" إن هذا لهو الفضل المبين " أي من بارئ
البريات وخالق الأرض والسموات كما قال تعالى :" وحشر لسليمان جنوده من الجن
والإنس والطير فهم يوزعون * حتى إذا أتوا على واد النمل قالت نملة يا أيها
النمل ادخلوا مساكنكم لا يحطمنكم سليمان وجنوده وهم لا يشعرون * فتبسم
ضاحكا من قولها وقال رب أوزعني أن أشكر نعمتك التي أنعمت علي وعلى والدي
وأن أعمل صالحا ترضاه وأدخلني برحمتك في عبادك الصالحين "

يخبر تعالى عن عبده ونبيه وابن نبيه سليمات بن داود عليهما الصلاة والسلام
أنه ركب يوماً في جيشه جميعه من الجن والإنس والطير ، فالجن والإنس يسيرون
معه والطير سائرة معه تظله بأجنحتها من الحر وغيره وعلى كل من هذه الجيوش
الثلاثة وزعة - أي نقباء - يردون أوله على آخره فلا يتقدم أحد عن موضعه
الذي يسير فيه ولا يتأخر عنه قال الله تعالى :" حتى إذا أتوا على واد النمل
قالت نملة يا أيها النمل ادخلوا مساكنكم لا يحطمنكم سليمان وجنوده وهم لا
يشعرون " فأمرت وحذرت واعتذرت عن سليمان وجنوده بعدم الشعور ، وقد ذكر وهب
أنه مر وهو على البساط بواد بالطائف وأن هذه النملة كان اسمها جرسا ، وكانت
من قبيلة يقال لها بنو الشيصبان وكان عرجاء وكانت بقدر الذئب

وذي هذا كله نظر ، بل في هذه السياق دليل على أنه كان في موكبه راكباً في
خيوله وفرسانه ، لاكما زعم بعضهم من أنه كان إذا ذاك على البساط لأنه لو
كان كذلك لم ينل النمل منه شيء ولا وطء ، لأن البساط كل عليه جميع ما
يحتاجون إليه من الجيوش والخيول والجمال والأثقال والخيام والأنعام والطير
من فوق ذلك كله ، كما سنبينه بعد ذلك إن شاء الله تعالى

والمقصود أن سليمان عليه السلام فهم ما خاطبت به تلك النملة لأمتها من
الرأس السديد والأمر الحميد ، وتبسم من ذلك على وجه الاستبشار والفرح
والسرور بما أطلعه الله عليه دون غيره ، وليس كما يقوله بعض الجهلة من أن
الدواب كانت تنطق قبل سليمان وتخاطب الناس حتى أخذ عليهم سليمان بن داود
العهد وألجمها فلم تتكلم مع الناس بعد ذلك ، فإن هذا لا يقوله إلا الذين لا
يعلمون ، ولو كان هذا هكذا لم يكن لسليمان في فهم مقالها مزية على غيره إذ
قد كان الناس كلهم يفهمون ذلك ولو كان قد أخذ عليها العهد ألا تتكلم مع
غيره وكان هو يفهمها لم يكن في هذا أيضاً فائدة يعول عليها ولهذا قال :" رب
أوزعني " أي ألهمني وأرشدني " أن أشكر نعمتك التي أنعمت علي وعلى والدي
وأن أعمل صالحا ترضاه وأدخلني برحمتك في عبادك الصالحين " فطلب من الله أن
يقيضه للشكر على ما أنعم به عليه وعلى ما خصه به من المزية على غيره وأن
ييسر عليه العمل الصالح وأن يحشره إذا توفاه مع عباده الصحاليحن وقد استجاب
الله تعالى له

والمراد بوالديه داود عليه السلام وأمه ، وكانت من العابدات الصالحات كما
قال سنيد بن داود ، عن يوسف بن محمد بن المنكدر ، عن أبيه ، عن جابر ، عن
النبي (صلى الله عليه وسلم) قال :" قالت أم سليمان بن داود : يا بني لا
تكثر النوم بالليل فإن كثرة النوم بالليل تدع العبد فقيراً يوم القيامة "
رواه ابن ماجه عن أربعة من مشايخه عنه به نحوه

وقال عبد الرزاق ، عن معمر ، عن الزهري ، أن سليمان بن داود عليه السلام
خرج هو وأصحابه يستسقون فرأى نملة قائمة رافعة إحدى قوائمها تستسقي ، فقال
لأصحابه : ارجعوا فقد سقيتم ، إن هذه النملة استسقت فاستجيب لها

قال ابن عساكر : وقد روى مرفوعاً ولم يذكر فيه سليمان ، ثم ساقه من طريق
محمد بن عزيز ، عن سلامة بن روح بن خالد ، عن عقيل ، عن ابن شهاب حدثني أبو
سلمة ، عن أبي هريرة أنه سمع رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يقول : " خرج
نبي من الأنبياء بالناس يستسقون الله فإذا هم بنملة رافعة بعض قوائمها إلى
السماء فقال النبي : ارجعوا فقد استجيب لكم من أجل هذه النملة "

وقال السدي : أصاب الناس قحط على عهد سليمان عليه السلام فأمر الناس
فخرجوا فإذا بنملة قائمة على رجليها باسطة يديها وهي تقول : اللهم أنا خلق
من خلقط ولا غناء بنا عن فضلك قال : فصب الله عليهم المطر

وقال الله تعالى :" وتفقد الطير فقال ما لي لا أرى الهدهد أم كان من
الغائبين * لأعذبنه عذابا شديدا أو لأذبحنه أو ليأتيني بسلطان مبين * فمكث
غير بعيد فقال أحطت بما لم تحط به وجئتك من سبإ بنبإ يقين * إني وجدت امرأة
تملكهم وأوتيت من كل شيء ولها عرش عظيم * وجدتها وقومها يسجدون للشمس من
دون الله وزين لهم الشيطان أعمالهم فصدهم عن السبيل فهم لا يهتدون * أن لا
يسجدوا لله الذي يخرج الخبء في السماوات والأرض ويعلم ما تخفون وما تعلنون *
الله لا إله إلا هو رب العرش العظيم * قال سننظر أصدقت أم كنت من الكاذبين
* اذهب بكتابي هذا فألقه إليهم ثم تول عنهم فانظر ماذا يرجعون * قالت يا
أيها الملأ إني ألقي إلي كتاب كريم * إنه من سليمان وإنه بسم الله الرحمن
الرحيم * أن لا تعلوا علي وأتوني مسلمين * قالت يا أيها الملأ أفتوني في
أمري ما كنت قاطعة أمرا حتى تشهدون * قالوا نحن أولو قوة وأولو بأس شديد
والأمر إليك فانظري ماذا تأمرين * قالت إن الملوك إذا دخلوا قرية أفسدوها
وجعلوا أعزة أهلها أذلة وكذلك يفعلون * وإني مرسلة إليهم بهدية فناظرة بم
يرجع المرسلون * فلما جاء سليمان قال أتمدونن بمال فما آتاني الله خير مما
آتاكم بل أنتم بهديتكم تفرحون * ارجع إليهم فلنأتينهم بجنود لا قبل لهم بها
ولنخرجنهم منها أذلة وهم صاغرون "

يذكر تعالى ما كان من أمر سليمان والهدهد ، وذلك أن الطيور كان على كل صنف
منها مقدمون يقدمون بما يطلب منهم ويحضرون عنده بالنوبة كما هي عادة الجنود
مع الملوك ، وكانت وظيفة الهدهد على ماذكره ابن عباس وغيره أنهم كانوا إذأ
أعوزوا الماء في القفار في حال الأسفار يجيء فينظر لهم هل بهذه البقاع من
ماء ، وفيه من القوة ألتي أودعها الله تعالى فيه أن ينظر إلى الماء تحت
تخوم الأرض ، فإذا دلهم عليه حفروا عنه واستنبطوه وأخرجوه واستعملوه
لحاجتهم ، فلما تطلبه سليمان عليه السلام ذات يوم فقده ولم يجده في موضعه
من محل خدمته " فقال ما لي لا أرى الهدهد أم كان من الغائبين " أي ماله
مفقود من هاهنا ، أو قد غاب عن بصري فلا أراه بحضرتي " لأعذبنه عذابا شديدا
" توعده بنوع من العذاب اختلف المفسرون فيه ، والمقصود حاصل على تقدير "
أو لأذبحنه أو ليأتيني بسلطان مبين " أي بحجة تنجيه من هذه الورطة

قال الله تعالى :" فمكث غير بعيد " أي فغاب الهدهد غيبة ليست بطويلة ثم قدم
منها " فقال " لسليمان :" أحطت بما لم تحط به " أي اطلعت على ما لم تطلع
عليه " وجئتك من سبإ بنبإ يقين " أي بخبر صادق " إني وجدت امرأة تملكهم
وأوتيت من كل شيء ولها عرش عظيم " يذكر ما كان عليه ملوك سبأ في بلاد اليمن
من المملكة العظيمة والتبابعة المتوجين ، وكان الملك قد آل في ذلك الزمان
إلى امرأة منهم ابنة ملكهم لم يخلف غيرها فملكوها عليهم

وذكر الثعلبي وغيره أن قومها ملكوا عليها بعد أبيها رجلاً فعم به الفساد ،
فأرسلت إليه تخطبه فتزوجها فلما دخلت عليه سقته خمراً ثم حزت رأسه ونصبته
على بابها ، فأقبل الناس عليها وملكوها عليهم وهي بلقيس بنت السيرح وهو
الهدهاد وقيل سراحيل بن ذي جدن بن السيرح بن الحارث بن قيس بن صيفي بن سبأ
بن يشجب بن يعرب بن قحطان ، وكان أبوها من أكابر الملوك وكان قد تأبى أن
يتزوج من أهل اليمن ، فيقال إنه تزوج بامرأة من الجن اسمها ريحانة بنت
السكن ، فولدت له هذه المرأة واسمها تلقمة ويقال لها بلقيس

وقد روى الثعلبي من طريق سعيد بن بشير عن قتادة ، عن النضر بن أنس ، عن
بشير بن نهيك ، عن أبي هريرة ، عن النبي (صلى الله عليه وسلم) أنه قال :
كان أحد أبوي بلقيس جنياً ، وهذا حديث غرب وفي سنده ضعف

وقال الثعلبي : أخبرني أبو عبد الله بن قبحونة ، حدثنا أبو بكر بن حرجة ،
حدثنا ابن أبي الليث ، حدثنا أبو كريب ، حدثنا أبو معاوية عن إسماعيل بن
مسلم ، عن الحسن ، عن أبي بكرة ، قال ذكرت بلقيس عند رسول الله (صلى الله
عليه وسلم) فقال :" لا يفلح قوم ولوا أمرهم امرأة " إسماعيل بن مسلم هذا هو
المكي الضعيف

وقد ثبت في صحيح البخاري من حديث عوف ، عن الحن عن أبي بكرة أن رسول الله
(صلى الله عليه وسلم) لما بلغه أن أهل فارس ملكوا عليهم ابنة كسرى قال :"
لن يفلح قوم ولوا أمرهم امرأة "

ورواه الترمذي و النسائي من حديث حميد ، عن الحسن ، عن أبي بكرة ، عن
النبي (صلى الله عليه وسلم) بمثله وقال الترمذي : حسن صحيح وقوله :"
وأوتيت من كل شيء " أي مما من شأنه أن تؤتاه الملوك " ولها عرش عظيم " يعني
سرير مملكتها كان مزخرفاً بأنواع الجواهر واللآلئ والذهب والحلي الباهر

ثم ذكر كفرهم بالله ، وعبادتهم الشمس من دون الله ، وإضلال الشيطان لهم ،
وصده إياهم عن عبادة الله تعالى وحده لا شريك له ، الذي يخرج الخبء في
السموات والأرض ويعلم ما يخفون وما يعلنون ، أي يعلم السرائر والظواهر من
المحسوسات والمعنويات :" الله لا إله إلا هو رب العرش العظيم " أي له العرش
العظيم الذي لا أعظم منه في المخلوقات

فعند ذلك بعث سليمان عليه السلام كتابه يتضمن دعوته لهم إلى طاعة الله
وطاعة رسوله والإنابة والإذعان إلى الدخول في الخضوع لملكه وسلطانه ولهذا
قال لهم :" أن لا تعلوا علي " أي لا تستكبروا عن طاعتين وامتثال أوامري "
وأتوني مسلمين " أي واقدموا علي سامعين مطيعين بلا معاودة ولا مراودة ،
فلما جاءها الكتاب مع الطير ، ومن ثم اتخذ الناس البطائق ، ولكن أين الثريا
من الثرى ، تكل البطاقة كانت مع سائر سامع مطيع فاهم عالم بما يقول ويقال
له ، فذكر غير واحد من الفسرين وغيرهم أن الهدهد حمل الكتاب وجاء إلى قصرها
فألقاه إليها وهي في خلوة لها ثم وقف ناحية ينتظر ما يكون من جوابها عن
كتابها ، فجمعت أمراءها ووزراءها وأكابر دولتها إلى مشورتها " قالت يا أيها
الملأ إني ألقي إلي كتاب كريم " ثم قرأت عليهم عنوانه أولاً " إنه من
سليمان " ثم قرأته " وإنه بسم الله الرحمن الرحيم * أن لا تعلوا علي وأتوني
مسلمين " ثم شاورتهم في أمرها وما قد حل بها وتأدبت معهم وخاطبتهم وهم
يسمعون :" قالت يا أيها الملأ أفتوني في أمري ما كنت قاطعة أمرا حتى تشهدون
" تعني ما كنت لأبت أمراً إلا وأنتم حاضرون " قالوا نحن أولو قوة وأولو
بأس شديد " يعنون لنا قوة وقدرة على الجلاد والقتال ومقاومة الأبطال ، فإن
أردت منا ذلك فإنا عليه من القادرين " و " مع هذا " الأمر إليك فانظري ماذا
تأمرين " فبذلوا لها السمع والطاعة ، وأخبروها بما عندهم من الاستطاعة ،
وفوضعوا إليها في ذلك الأمر لترى فيه ما هو الأرشد ها ولهم

فكان رأيها أتم وأشد من رأيهم ، وعلمت أن صاحب هذا الكتاب لا يغالب ولا
يمانع ولا يخالف ولا يخادع " قالت إن الملوك إذا دخلوا قرية أفسدوها وجعلوا
أعزة أهلها أذلة وكذلك يفعلون " تقول برأيها السديد : إن هذا الملك لو قد
غلب على هذه المملكة لم يخلص الأمر من بينكم إلا إلي ولم تكن الحدة والشدة
والسطوة البليغة إلا علي " وإني مرسلة إليهم بهدية فناظرة بم يرجع المرسلون
" أرادت أن تصانع عن نفسها وأهل مملكتها بهدية ترسلها وتحف تبعثها ولم
تعلم أن سليمان عليه السلام لا يقبل منهم والحالة هذه صرفاً ولا عدلاً ،
لأنهم كافرون ، وهم وجنوده عليهم قادرون

ولهذا :" لما جاء سليمان قال أتمدونن بمال فما آتاني الله خير مما آتاكم بل
أنتم بهديتكم تفرحون " هذا وقد كانت تلك الهدايا مشتملة على أمور عظيمة ،
ذكره المفسرون

ثم قال لرسولها إليه ووافدها الذي قدم عليه والناس حاضرون يسمعون :" ارجع
إليهم فلنأتينهم بجنود لا قبل لهم بها ولنخرجنهم منها أذلة وهم صاغرون "
يقول ارجع بهديتك التي قدمت بها إلى من قد من بها فإن عندي مما قد أنعم
الله علي وأسداه إلي من الأموال والتحف والرجال ما هو أضعاف هذا وخير من
هذا الذي أنتم تفرحون به وتفخرون على أبناء جنسكم بسببه " فلنأتينهم بجنود
لا قبل لهم بها " أي فلأبعثن إليهم بجنود لا يستطيعون دفاعهم ولا نزالهم
ولا مما نعتهم ولا قتالهم ، ولأخرجنهم من بلادهم وحوزتهم ومعاملتهم ودوتلهم
أذلة " وهم صاغرون " عليهم الصغار والعار والدمار

فلما بلغهم ذلك عن نبي الله لم يكن لهم بد من السمع والطاعة ، فبادروا إلى
إجابته في تلك الساعة وأقبلوا صحبة الملكة أجمعين سامعين مطيعين خاضعين
فلما سمع بقدومهم عليه ووفودهم إليه قال لمن بين يديه ممن هو مسخر له من
الجان ما قصه الله عنه في القرآن :" قال يا أيها الملأ أيكم يأتيني بعرشها
قبل أن يأتوني مسلمين * قال عفريت من الجن أنا آتيك به قبل أن تقوم من
مقامك وإني عليه لقوي أمين * قال الذي عنده علم من الكتاب أنا آتيك به قبل
أن يرتد إليك طرفك فلما رآه مستقرا عنده قال هذا من فضل ربي ليبلوني أأشكر
أم أكفر ومن شكر فإنما يشكر لنفسه ومن كفر فإن ربي غني كريم * قال نكروا
لها عرشها ننظر أتهتدي أم تكون من الذين لا يهتدون * فلما جاءت قيل أهكذا
عرشك قالت كأنه هو وأوتينا العلم من قبلها وكنا مسلمين * وصدها ما كانت
تعبد من دون الله إنها كانت من قوم كافرين * قيل لها ادخلي الصرح فلما رأته
حسبته لجة وكشفت عن ساقيها قال إنه صرح ممرد من قوارير قالت رب إني ظلمت
نفسي وأسلمت مع سليمان لله رب العالمين "

لما طلب سليمان من الجان أن يحضروا له عرش بلقيس ، وهو سرير مملكتها التي
تجلس عليه وقت حكمها ، قبل قدومها عليه " قال عفريت من الجن أنا آتيك به
قبل أن تقوم من مقامك " يعني قبل أن ينقضي مجلس حكمك ، وكان فيما يقال من
أول النهار إلى قريب الزوال يتصدى لمهمات بني إسرائيل وما لهم من الأشغال "
وإني عليه لقوي أمين " أي وإني لذو قدرة على إحضاره إليه وأمانة على ما
فيه من الجواهر النفيسة لديك " قال الذي عنده علم من الكتاب " المشهور أنه
آصف بن برخيا وهو ابن خالة سليمان وقيل هو رجل من مؤمني الجان ، كان فيما
يقال يحفظ الاسم الأعظم وقيل رجل من بني إسرائيل من علمائهم وقيل : إنه
سليمان ، وهذا غريب جداً وضعفه السهيلي بأنه لا يصح في سياق الكلام قال :
وقد قيل فيه قول رابع وهو : جبريل :" أنا آتيك به قبل أن يرتد إليك طرفك "
قيل معناه قبل أن تبعث رسولاً إلى أقصى ما ينتهي إليه طرفك من الأرض ثم
يعود إليك وقيل قبل أن يصل إليك أبعد ما تراه من الناس وقيل قبل أن يكل
طرفك إذا أدمت النظر به قبل أن تطبق جفنك وقيل قبل أن يرجع إليك طرفك إذا
نظرت به إلى ابعد غابة منك ثم أغمضته وهذا أقرب ما قيل

" فلما رآه مستقرا عنده " أي فلما رأى عرش بلقيقرا عنده في هذه المدة
القريبة من بلاد اليمن إلى بيت المقدس في طرفة عين " قال هذا من فضل ربي
ليبلوني أأشكر أم أكفر " أي هذا من فضل الله علي وفضله على عبيده ليخبرهم
على الشكر أو خلافه " ومن شكر فإنما يشكر لنفسه " أي إنما يعود نفع ذلك
عليه " ومن كفر فإن ربي غني كريم " أي غني عن شكر الشاكرين ولا يتضرر بكفر
الكافرين

ثم أمر سليمان عليه السلام أن يغير حلي هذا العرش وينكر لها لتختبر فهمها
وعقلها ولهذا قال :" ننظر أتهتدي أم تكون من الذين لا يهتدون * فلما جاءت
قيل أهكذا عرشك قالت كأنه هو " وهذا من فطنتها وغزارة فهمها ، لأنها
استبعدت أن يكون عرشها لأنها خلفته وراءها بأرض اليمن ، ولم تكن تعلم أن
أحداً يقدر على هذا الصنع العجيب الغريب ، قال الله تعالى إخباراً عن
سليمان وقومه :" وأوتينا العلم من قبلها وكنا مسلمين * وصدها ما كانت تعبد
من دون الله إنها كانت من قوم كافرين " أي ومنعها عبادة الشمس التي كانت
تسجد لها هي وقومها من دون الله اتباعاً لدين آبائهم وأسلافهم لا لدليل
قادهم إلى ذلك ولا حادهم على ذلك

وكان سليمان قد أمر ببناء صرح من زجاج وعمل في ممره ماء ، وجعل عليه سقفاً
من زجاج ، وجعل فيه السمك وغيرها من دواب الماء ، وأمرت بدخول الصرح
وسليمان جالس على سريره فيه " فلما رأته حسبته لجة وكشفت عن ساقيها قال إنه
صرح ممرد من قوارير قالت رب إني ظلمت نفسي وأسلمت مع سليمان لله رب
العالمين " وقد قيل إن الجن أرادوا أن يبشعوا منظرها عند سليمان وأن تبدي
عن ساقيها ليرى ما عليها من الشعر فينفره ذلك منها ، وخشوا أن يتزوجها لأن
أمها من الجان فتتسلط عليهم معه وذكر بعضهم أن حافرها كان كحافر الدابة
وهذا ضعيف وفي الأول نظر والله أعلم

إلا أن سليمان قيل إنه لما أراد إزالته حين عزم على تزوجها سأل الإنس عن
زواله فذكروا له الموسى ، فامتنعت من ذلك فسأل الجان فصنعوا له النورة ،
ووضعوا له الحمام ، فكان أول من دخل الحمام ، فلما وجد مسه قال : أوه من
عذاب أوه أوه قبل أن لا ينفع أوه

وقد ذكر الثعلبي وغيره أن سليمان لما تزوجها أقرها على مملكة اليمن وردها
إليه ، كان يزورها في كل شهر مرة فيقيم عندها ثلاثة أيام ثم يعود على
البساط ، وأمر الجان فبنوا له ثلاثة قصور باليمن : غمدان وسالحين وبيتون
فالله أعلم

وقد روى ابن إسحاق عن بعض أهل العلم عن وهب بن منبه أن سليمان لم يتزوجها
بل زوجها بملك همدان وأقرها على ملك اليمن وسخر زوبعة ملك اليمن فبني لها
القصور الثلاثة التي ذكرناها باليمن ، والأول أشهر وأظهر والله أعلم

وقال تعالى في سورة ص :" ووهبنا لداود سليمان نعم العبد إنه أواب * إذ عرض
عليه بالعشي الصافنات الجياد * فقال إني أحببت حب الخير عن ذكر ربي حتى
توارت بالحجاب * ردوها علي فطفق مسحا بالسوق والأعناق * ولقد فتنا سليمان
وألقينا على كرسيه جسدا ثم أناب * قال رب اغفر لي وهب لي ملكا لا ينبغي
لأحد من بعدي إنك أنت الوهاب * فسخرنا له الريح تجري بأمره رخاء حيث أصاب *
والشياطين كل بناء وغواص * وآخرين مقرنين في الأصفاد * هذا عطاؤنا فامنن
أو أمسك بغير حساب * وإن له عندنا لزلفى وحسن مآب "

يذكر تعالى أنه وهب لداود سليمان عليهما السلام ، ثم أثنى الله تعالى عليه
فقال :" نعم العبد إنه أواب " أي رجاع مطيع لله ، ثم ذكر تعالى ما كان من
أمره في الخيل الصافنات وهي التي تقف على ثلاثة وطرف حافر الرابعة ، الجياد
وهي المضمرة السراع

" فقال إني أحببت حب الخير عن ذكر ربي حتى توارت بالحجاب " يعني الشمس
وقيل الخيل على ما سنذكره من القولين " ردوها علي فطفق مسحا بالسوق
والأعناق " قيل مسح عراقيبها وأعناقها بالسيوف وقيل مسح عنها العرق لما
أجراها وسابق بينها بين يديه على القول الآخر

والذي عليه أكثر السلف الأول ، فقالوا اشتغل بعرض تلك الخيول حتى خرج وقت
العصر وغربت الشمس وروى هذا عن علي بن أبي طالب وغيره والذي يقطع به أنه
لم يترك الصلاة عمداً من غير عذر ، اللهم إلا أن يقال إنه كان سائغاً في
شريعتهم ، فأخر الصلاة لأجل أسباب الجهاد وعرض الخيل من ذلك

وقد ادعي طائفة من العلماء في تأخير النبي (صلى الله عليه وسلم) صلاة العصر
يوم الخندق أن هذا كان مشروعاً إذ ذاك حتى نسخ بصلاة الخوف ، قاله
الشافعي وغيره وقال مكحول و الأوزاعي : بل هو حكم محكم إلى اليوم أنه
يجوز تأخيرها بعذر القتال الشديد ، كما ذكرنا تقرير ذلك في سورة النساء عند
صلاة الخوف وقال آخرون : بل كان تأخير النبي (صلى الله عليه وسلم) صلاة
العصر يوم الخندق نسياناً وعلى هذا فيحمل فعل سليمان عليه السلام على هذا
والله أعلم

وأما من قال : الضمير في قوله :" حتى توارت بالحجاب " عائد على الخيل وأنه
لم تنته وقت صلاة وأن المراد بقوله :" ردوها علي فطفق مسحا بالسوق والأعناق
" يعني مسح العرق عن عراقيبها وأعناقها ، فهذا القول اختاره ابن جرير ،
ورواه الوالبي عن ابن عباس في مسح العرق ووجه هذا القول ابن جرير بأنه
ما كان ليعذب الحيوان بالعرقبة ويهلك مالاً بلا سبب ولا ذنب لها ، وهذا
الذي قاله فيه نظ لأنه قد يكون هذا سائغاً في ملتهم وقد ذهب بعض علمائنا
إلى أنه إذا خاف المسلمون أن يظفر الكفار على شيء من الحيوانات من أغنام
ونحوها جاز ذبحها وإهلاكها لئلا يتقووا بها ، وعليه حمل صنيع جعفر بن أبي
طالب يوم عقر فرسه بمؤتة وقد قيل إنها كانت خيلاً عظيمة قيل كانت عرة
آلاف فرس وقيل كانت عشرين ألف فرس وقيل كان فيها عشرون فرساً من ذوات
الأجنحة

وقد روي أبو داود في سننه : حدثنا محمد بن عوف ، حدثنا سعيد بن أبي مريم ،
أنبأنا يحيى ابن أيوب ، حدثني عمارة بن غزية ، أن محد بن إبراهيم حدثه عن
محمد بن أبي سلمة بن عبد الرحمن ، عن عائشة قالت : قدم رسول الله (صلى الله
عليه وسلم) من غزوة تبوك أو خيبر وفي سهوتها ستر ، فهبت الريح فكشفت ناحية
الستر من بنات لعائشة لعب فقال : " ما هذا يا عائشة ؟ فقالت :بناتي ورأى
بينهن فرساً له جناحان من رقاع فقال : ما هذا الذي أرى وسطهن ؟ قالت :
فرس قال : وما الذي عليه هذا ؟ قالت : حناحان قال : فرس له جناحان ؟ قالت
: أما سمعت أن لسليمان خيلاً لها أجنحة ؟ " قالت : فضحك حتى رايت نواجذه
(صلى الله عليه وسلم)

قال بعض العلماء : لما ترك الخيل لله عوضه الله عنها بما هو خير له منها ،
وهو الريح التي كانت غدوها شهر ورواحها شهر ، كما سيأتي الكلام عليها

كما قال الإمام أحمد : حدثنا إسماعيل ، حدثنا سليمان بن المغيرة ، عن حميد
بن هلال ، عن أبي قتادة وأبي الدهماء ، وكانا يكثران السفر نحو البيت قالا
: أتينا على رجل من أهل البادية فقال البدوي : أخذ بيدي رسول الله (صلى
الله عليه وسلم) فعل يعلمني مما علمه الله عز وجل وقال :" إنك لا تدع شيئاً
اتقاء الله عز وجل إلا أعطاك الله خيراً منه "

وقوله تعال :" ولقد فتنا سليمان وألقينا على كرسيه جسدا ثم أناب "

ذكر ابن جرير و ابن أبي حاتم وغيرهما من المفسرين هاهنا آثاراً كثيرة عن
جماعة من السلف ، وأكثرها أو كلها متلقاة من الإسرائيليات ، وفي كثير منها
نكارة شديدة ، وقد نبهنا على ذلك في كتابنا التفسير واقتصرنا هاهنا على
مجرد التلاوة

ومضمون ما ذكره أن سليمان عليه السلام غاب عن سريره أربعين يوماً ثم عاد
إليه ، ولما عاد أمر ببناء بيت المقدس فبناه بناء محكماً ، وقد قدمنا أنه
جدده وأن أول من تجعله مسجداً إسرائيل عليه السلام ، كما ذكرنا ذلك عند قول
أبي ذر قلت : يا رسول الله أي مسجد وضع أول ؟ قال :" المسجد الحرام ،
قلت : ثم أي ؟ قال : مسجد بيت المقدس ، قلت : كم بينهما ؟ قال : أربعون سنة
"

ومعلوم أن بين إبراهيم الذي بنى المسجد الحرام وبين سليمان بن داود عليهما
السلام أزيد من ألف سنة دع أربعين سنة ، وكان سؤاله الملك الذي لا ينبغي
لأحد من بعده بعد إكماله البيت المقدس ؟ قال الإمام أحمد و النسائي و
ابن ماجه و وابن خزيمة و ابن حابن و الحاكم بأسانيدهم عن عبد الله بن
فيروز الديلمي ، عن عبد الله بن عمرو بن العاص ، قال : قال رسول الله (صلى
الله عليه وسلم) : " إن سليمان لما بنى بيت المقدس سأل ربه عز وجل خلالاً
ثلاثاً ، فأعطاه اثنتين ، ونحن نرجو أن تكون لنا الثالثة : سأله حكماً
يصادف حكمه ، فأعطاه إياه ، وسأله ملكاً لا ينبغي لأحد من بعده فأعطاه إياه
، وسأله أيما رجل خرج من بيته لا يريد إلا الصلاة في هذه المسجد خرج من
خطيئته مثل يوم ولدته أمه فنحن نرجو أن يكون الله قد أعطانا إياها "

فأما الحكم الذي يوافق حكم الله تعالى فقد أثنى الله تعالى عليه وعلى أبيه
في قوله :" وداود وسليمان إذ يحكمان في الحرث إذ نفشت فيه غنم القوم وكنا
لحكمهم شاهدين * ففهمناها سليمان وكلا آتينا حكما وعلما " وقد ذكر شريح
القاضي وغير واحد من السلف أن هؤلاء القوم كان لهم كرم فنفشت فيه غنم قوم
آخرين ، أي رعته بالليل فأكلت شجرة فأكلت ، فتحاكموا إلى داود عليه السلام
فحكم لأصحاب الكرم بقيمته فلما خرجوا على سليمان قال : بم حكم لك نبي الله ؟
فقالوا : بكذا وكذا ، فقال : أما لو كنت أنا لما حكمت إلا بتسليم الغنم
إلى أصحاب الكرم فيستغلونها نتاجاً ودراً حتى يصلح اصحاب الغنم كرم أولئك
ويردوه إلى ما كان عليه ، ثم يتسلموا غنمهم ، فبلغ داود عليه السلام ذلك
فحكم به

وقريب من هذا ما ثبت في الصحيحين من حديث أبي الزناد ، عن الأعراج ، عن أبي
هريرة قال : قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) :" بينما امرأتان معهما
ابناهما إذ عدا الذئب فأخذ ابن إحداهما فتنازعتا في الآخر فقالت الكبرى :
إنما ذهب بابنك وقالت الصغرى : بل إنما ذهب بابنك فتحاكمتا إلى داود فحكم
به للكبرى ، فخرجتا على سليمان فقال : آتوني بالسكين أشقه نصفين لكل واحدة
منكما نصفه فقالت الصغرى : يرحمك الله هو ابنها فقضى به لها "

ولعل كل من الحكمين كان سائغاً في شريعتهم ، وكلن ما قاله سليمان أرجح ،
ولهذا أثنى الله عليه بما ألهمه إياه بعد ذلك إياه فقال :" وكلا آتينا حكما
وعلما وسخرنا مع داود الجبال يسبحن والطير وكنا فاعلين * وعلمناه صنعة
لبوس لكم لتحصنكم من بأسكم فهل أنتم شاكرون "

ثم قال :" ولسليمان الريح عاصفة " أي وسخرنا لسليمان الرحي عاصفة " تجري
بأمره إلى الأرض التي باركنا فيها وكنا بكل شيء عالمين * ومن الشياطين من
يغوصون له ويعملون عملا دون ذلك وكنا لهم حافظين "

وقال في صورة ص :" فسخرنا له الريح تجري بأمره رخاء حيث أصاب * والشياطين
كل بناء وغواص * وآخرين مقرنين في الأصفاد * هذا عطاؤنا فامنن أو أمسك بغير
حساب * وإن له عندنا لزلفى وحسن مآب "

لما ترك الخيل ابتغاء وجه الله عوضه الله منها الريح التي هي أسرع سيراً
وأقوى وأعظم ولا كلفة عليه لها " تجري بأمره رخاء حيث أصاب " أي حيث أراد
من أي البلاد ، كان له بساط مركب من أخشاب بحيث إنه يسع جميع ما يحتاج إليه
من الدور المبنية والقصور الخيام والأمتعة والخيول والجمال والأثقال
والرجال من الإنس والجان ، وغير ذلك من الحيوانات والطيور فإذا أراد سفراً
أو مستنزهاً أو قتال ملك أو أعداء من أي بلاد الله شاء ، فإن حمل هذه
الأمور المذكورة على البساط أمر الريح فدخلت تحته فرفعته فإذا استقل بين
السماء والأرض أمر الرخاء فسارت به ، فإن أراد أسرع من ذلك أمر العاصفة
فحملته أسرع ما يكون فوضعته في أي مكان شاء ، بحيث إنه كان يرتحل في أول
النهار من بيت المقدس فتغدو به الريح فتضعه بإصطخر مسيرة شهر فيقيم هناك
إلى آخر النهار ، ثم يروح من آخره فترده إلى بيت المقدس

كما قال تعالى :" ولسليمان الريح غدوها شهر ورواحها شهر وأسلنا له عين
القطر ومن الجن من يعمل بين يديه بإذن ربه ومن يزغ منهم عن أمرنا نذقه من
عذاب السعير * يعملون له ما يشاء من محاريب وتماثيل وجفان كالجواب وقدور
راسيات اعملوا آل داود شكرا وقليل من عبادي الشكور "

قال الحسن البصري : كان يغدو من دمشق فينزل بإصطخر فيتغدى بها ويذهب
رائحاً منها فيبيت بكابل وبين دمشق وبين اصطخر مسيرة شهر وبين اصطخر وكابل
مسيرة شهر

قتل : قد ذكر المتكلمون على العمران والبلدان أن اصطخر بنتها الجان لسليمان
وكان فيها قرار مملكة الترك قديماً ، وكذلك غيرها من بلدان شتى كتدمر وبيت
المقدس وباب جيرون وباب البريد اللذان بدمشق على أحد الأقوال

وأما القطر فقال ابن عباس ومجاهد وعكرمة وقتادة وغير واحد : هو النحاس قال
قتادة وكانت باليمن أنبعها الله له قال السدي : ثلاثة أيام فقط أخذ منها
جميع ما يحتاج إليه للبنايات وغيرها

وقوله :" ومن الجن من يعمل بين يديه بإذن ربه ومن يزغ منهم عن أمرنا نذقه
من عذاب السعير " أي وسخر الله له من الجن عمالاً يعملون له ما يشاء لا
يفترون ولا يخرجون عن طاعته ومن خرج منهم عن الأمر عذبه ونكل به " يعملون
له ما يشاء من محاريب " وهي الأماكن الحسنة وصدور المجالس " وتماثيل " وهي
الصور في الجدران ، وكان هذا سائغاً في شريعتهم وملتهم " وجفان كالجواب "
قال ابن عباس : الجفنة كالجوبة من الأرض ، وعنه كالحياض وكذا قال مجاهد
والحسن وقتادة والضحاك وغيرهم وعلى هذه الرواية يكون الجواب جمع جابية وهي
الحوض الذي يجبى فيه الماء ، قال الأعشى :

تروح على آل المحلق جفنة كجابية الشيخ العراقي تفهق

وأما القدور الراسيات فقال عكرمة : أثافيها منها ، يعني أنهن ثوابت لا يزلن
عن أماكنهن ، وهكذا قال مجاهد وغير واحد ولما كان هذا بصدد إطعام الطعام
والإحسان إلى الخلق من إنسان وحيوان قال تعالى :" اعملوا آل داود شكرا
وقليل من عبادي الشكور "

وقال تعالى : " والشياطين كل بناء وغواص * وآخرين مقرنين في الأصفاد " أي
قد عصوا فقيدوا مقرنين اثنين اثنين في الأصفاد وهي القيود ، وهذا كله من
جملة ما هيأه الله وسخر له من الأشياء التي هي من تمام الملك الذي لا ينبغي
لأحد من بعده ولم يكن أيضاً لمن كان قبله

وقد قال البخاري : حدثنا محمد بن بشار ، حدثنا محمد بن جعفر ، حدثنا شعبة
، عن محمد بن زياد ، عن أبي هريرة عن النبي (صلى الله عليه وسلم) قال :"
إن عفريتا من الجن تفلت علي البارحة ليقطع علي صلاتي فأمكنني الله منه
فأخذته فأردت أن أربطه إلى سارية من سواري المسجد حتى تنظروا إليه كلكم
فذكرت دعوة أخي سليمان :" رب اغفر لي وهب لي ملكا لا ينبغي لأحد من بعدي " ،
فردته خاسئاً "

وكذا رواه مسلم و النسائي من حديث شعبة

وقال مسلم : حدثنا محمد بن سلمة المرادي ، حدثنا عبد الله بن وهب عن
معاوية بن صالح ، حدثني ربيعة بن يزيد ، عن أبي إدريس يصلي فسمعناه يقول : "
أعوذ بالله من ك ألعتك بلعنة الله " ثلاثاً ، وبسط يده كأنه يتناول
شيئاً ، فلما فرغ من الصلاة قلنا : يا رسول الله قد سمعناك تقول في
الصلاة شيئاً لم نسمعك تقوله قبل ذلك ، ورأيناك بسطت يدك قال :" إن عدو
الله إبليس جاء بشهاب من نار ليجعله في وجهي فقلت : أعوذ بالله منك ثلاث
مرات ، ثم قلت : ألعنك بلعنة الله التامة فلم يستأخر ثلاث مرات ، ثم أردت
أخذه ، والله لولا دعوة أخينا سليمان لأصبح موثقاً يلعب به ولدان أهل
المدينة وكذا رواه النسائي عن محمد بن سلمة به

وقال أحمد : حدثنا أبو أحمد ، حدثنا مرة بن معبد ، حدثنا أبو عبيد حاجب
سليمان ، قال : رأيت عطاء بن يزيد الليثي قائماً يصلي ، فذهبت أمر بين يديه
فردني ثم قال : حدثني أبو سعيد الخدري أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم)
قام فصلى صلاة الصبح وهو خلفه فقرأ فالتبست عليه القراءة فلما فرغ من
صلاته قال :" لو رأيتموني وإبليس فأهويت بيدي فما زلت أخنفه حتى وجدت برد
لعابه بين أصبعي هاتين الإبهام والتي تليها ، ولولا دعوة أخي سليمان لأصبح
مربوطاً بسارية من سواري المسجد يتلاعب به صبيان المدينة ، فمن استطاع منك
ألا يحول بينه وبين القبلة أحد فليفعل "

روى أبو داود منه " فمن استطاع " إلى آخره عن أحمد بن سريج عن أحمد الزبيري به

وقد ذكر غير واحد من السلف أنه كانت لسليمان من النساء ألف امرأة سبعمائة
بمهور وثلاثمائة سرارى وقيل بالعكس ثلاثمائة حرائر وسبعمائة من الإماء ،
وقد كان يطيق من التمتع بالنساء أمراً عظيماً جداً

قال البخاري : حدثنا خالد بن مخلد ، حدثنا مغيرة بن عبد الرحمن عن أبي
الزناد ، عن الأعرج ، عن أبي هريرة ، عن النبي (صلى الله عليه وسلم) قال :"
قال سليمان بن داود : لأطوفن الليلة على سبعين امرأة تحمل كل امرأة فارساً
يجاهد في سبيل الله فقال له صاحبه : إن شاء الله فلم يقل فلم تحمل شيئاً
إلا واحداً ساقطاً أحد شقيه " فقال النبي (صلى الله عليه وسلم) :" لو قالها
لجاهدوا في سبيل الله "

وقال شعيب وابن أبي الزناد : تسعين وهو أصح تفرد به البخاري من هذا الوجه

وقال أبو يعلي : حدثنا زهير ، حدثنا يزيد ، أنبأنا هشام بن حسان عن محمد ،
عن أبي هريرة ، قال : قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) :" قال سليمان بن
داود : لأطوفن الليلة على مائة امرأة كل امرأة منهن تلد غلاماً يضرب
بالسيف في سبيل الله ولم يقل إن شاء الله ، فطاف تلك الليلة على مائة
امرأة فلم تلد منهن امرأة إلا امرأة ولدت نصف إنسان " فقال رسول الله (صلى
الله عليه وسلم) :" لو قال إن شاء الله لولدت كل امرأة منهن غلاماً يضرب
بالسيف في سبيل الله عز وجل "

إسناده على شرط الصحيح ولم يخرجوه من هذا الوجه

وقال الإمام أحمد : حدثنا هشيم ، حدثنا هشام ، عن ابن سيرين ، عن أبي
هريرة قال : قال سليمان بن داود : لأطوفن الليلة على مائة امرأة تلد كل
واحدة منهن غلاماً يقاتل في سبيل الله ، ولم يستثن فما ولدت إلا واحدة
منهن بشق إنسان قال : رسول الله (صلى الله عليه وسلم) :" لو استثنى لولد
له مئة غلام كلهم يقاتل في سبيل الله عز وجل " تفرد به أحمد أيضاً

وقال الإمام أحمد: حجثنا عبد الرزاق ، أنبأنا معمر ، عن ابن طاووس ، عن
أبيه ، عن أبي هريرة قال : قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) :" قال
سليمان بن داود : لأطوفن الليلة بمائة امرأة تلد كل امرأة منهن غلاماً
يقاتل في سبيل الله ، قال : ونسي أن يقول إن شاء الله ، فأطاف بهن قال :
فلم تلد منهن امرأة إلا واحدة نصف إنسان " فقال رسول الله (صلى الله عليه
وسلم) :" لو قال إن شاء الله لم يحنث وكان دركاً لحاجته "

وهكذا أخرجاه في الصحيحين من حديث عبد الرزاق به مثله

قال إسحاق بن بشر : أنبأنا مقاتل ، عن أبي الزناد ، وابن أبي الزناد عن
أبيه ، عن عبد الرحمن ، عن أبي هريرة ، أن سليمان بن داود كان له أربعمائة
امرأة وستمائة سرية فقال يوماً : لأطوفن الليلة على ألف امرأة فتحمل كل
واحدة منهن بفارس يجاهد في سبيل الله ولم يستثن ، فطاف عليهن فلم تحمل
واحدة منهن إلا امرأة واحدة منهن جاءت بشق إنسان

فقال النبي (صلى الله عليه وسلم) :" والذي نفسي بيده لو استثنى فقال إن شاء
الله لولد له ما قال فرسان ولجاهدوا في سبيل الله عز وجل "

وهذا إسناد ضعيف لحال إسحاق بن بشر ، فإنه منكر الحديث ولا سيما وقد خالف الروايات الصحاح

وقد كان له عليه السلام من أمور الملك واتساع الدولة وكثرة الجنود وتنوعها
ما لم يكن لأحد قبله ، ولا يعطيه الله أحداً بعده كما قال :" وأوتينا من كل
شيء " ، و " قال رب اغفر لي وهب لي ملكا لا ينبغي لأحد من بعدي إنك أنت
الوهاب " وقد أعطاه الله ذلك بنص الصادق المصدوق

ولما ذكر تعالى ما أنعم به عليه وأسداه من النعم الكاملة العظيمة إليه قال
:" هذا عطاؤنا فامنن أو أمسك بغير حساب " أي أعط من شئت واحرم من شئت ، فلا
حساب عليك أي تصرف في المال كيف شئت فإن الله قد سوغ لك ما تفعله من ذلك
ولا يحاسبك على ذلك ، وهذا شأن النبي الملك بخلاف العبد الرسول ، فإن من
شأنه ألا يعطي أحداً إلا بإذن الله له في ذلك

وقد خير نبينا محمد صلوات الله وسلامه عليه بين هذين المقامين فاختار أن
يكون عبداً رسولاً وفي بعض الروايات أنه استشار جبريل في ذلك فأشار إليه
أن تواضع فاختار أن يكون عبداً رسولاً صلوات الله وسلامه عليه وقد جعل
الله الخلافة والملك من بعده في أمته إلى يوم القيامة فلا تزال طائفة من
أمته ظاهرين حتى تقوم الساعة فلله الحمد والمنة

ولما ذكر تعالى ما وهبه لنبيه سليمان عليه السلام من خير الدنيا نبه على ما
أعده له من الآخرة من الثواب الجزيل والأجر الجميل والقربة إليه والفوز
العظيم والإكرام بين يديه ، وذلك يوم المعاد والحساب حيث يقول تعالى :" وإن
له عندنا لزلفى وحسن مآب

ذكر وفاته سليمان بن داود وكم كانت مدة ملكه وحياته

قال الله تبارك وتعالى :" فلما قضينا عليه الموت ما دلهم على موته إلا دابة
الأرض تأكل منسأته فلما خر تبينت الجن أن لو كانوا يعلمون الغيب ما لبثوا
في العذاب المهين "

روى ابن جرير وابن أبي حاتم وغيرهما من حديث إبراهيم ابن طهمان ، عن عطاء
بن السائب ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس عن النبي (صلى الله عليه وسلم)
قال :" كان سليمان نبي الله عليه السلام إذا صلى رأى شجرة نابتة بين يديه
يقول لها : ما اسمك ؟ فتقول كذا فيقول : لأي شيء أنت ؟ فإن كنت لغرس غرست
وإن كات لدواء أنبتت فبينما هو يصلي ذات يوم إذ رأى شجرة بين يديه فقال
لها : ما اسمك ؟ قالت : الخروب قال : لأي شيء أنت ؟ قالت : لخراب هذا
البيت فقال سليمان : اللهم عم على الجن موتي حتى تعلم الإنس أن الجن لا
يعلمون الغيب فنحتها عصاً فتوكأ عليها حولا والجن تعمل ، فأكلتها الأرضة
فتبينت الإنس أن الجن لو كانوا يعلمون الغيب ما لبثوا حولا في العذاب
المهين قال : - وكان ابن عباس يقرؤها كذلك - فشكرت الجن للأرضة فكانت
تأتيها بالماء "

لفظ ابن جرير وعطاء الخرساني في حديثه نكارة

وقد رواه الحافظ ابن عساكر من طريق سلمة بن كهيل ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عبسا موقوفاً وهو أشبه بالصواب والله أعلم

وقال السدي في خبر ذكره عن أبي مالك وعن أبي صالح ، عن ابن عباس ، وعن أناس
من الصحابة : كان سليمان عليه السلام يتجرد في بيت المقدس السنة والسنتين
والشهر والشهرين وأقل من ذلك وأكثر يدخل طعامه وشرابه فأدخله في المرة
التي توفي فيها فكان بدء ذلك أنه لم يكن يوم يصبح فيه إلا نبتت في بيت
المقدس شجرة فيأتيها فيسألها ما اسمك ؟ فتقول الشجرة : اسمي كذا وكذا
فيجعلها كذلك حتى نبتت شجرة يقال لها الخروبة ، فسالها ما اسمك ؟ فقالت :
أنا الخروبة فقال : ولأي شيء نبت ؟ فقالت : نبت لخراب هذا المسجد ، فقال
سليمان : ما كان الله ليخربه وأنا حي ، أنت التي على وجهك هلاكي وخراب بيت
المقدس فنزعها وغرسها في حائط له ثم دخل المحراب فقام يصلي متكئاً على
عصاه فمات ولم تعلم به الشياطين وهم في ذلك يعملون له يخافون أن يخرج
فيعاقبهم ، وكانت الشياطين تجتمع حول المحراب ، وكان المحراب له كوى بين
يديه وخلفه فكان الشيطان الذي يريد أن يخلع يقول : ألست جليداً إن دخلت
فخرجت من ذلك الجانب فيدخل حتى يخرج من الجانب الآخر فدخل شيطان من أولئك
فمر ولم يكن شيطان ينظر إلى سليمان عليه السلام وهو في المحراب إلا احترق ،
قلم يسمع صوت سليمان ، ثم رجع فلم يسمع ثم رجع فوقع في البيت ولم يحترق
ونظر إلى سليمان عليه السلام قد سقط ميتاً ، فخرج فأخبر الناس أن سليمان قد
مات ، ففتحوا عنه فأخرجوه ووجدوا منسأته - وهي العصا بلسان الحبشة - قد
أكلتها الأرضة ولم يعلموا منذ كم مات فوضعوا الأرضة على العصا فأكلت منها
يوماً وليلة ، ثم حسبوا على ذلك النحو فوجدوه قد مات منذ سنة ، وهي قراءة
ابن مسعود : فمكثوا يدابون له من بعد موته حولاً كاملاً فأيقن الناس عند
ذلك أن الجن كانوا يكذبون ولو أنهم علموا الغيب لعلموا بموت سليمان ولم
يلبثوا في العذاب سنة يعملون له ذلك ، وذلك قول الله عز وجل :" ما دلهم على
موته إلا دابة الأرض تأكل منسأته فلما خر تبينت الجن أن لو كانوا يعلمون
الغيب ما لبثوا في العذاب المهين " يقول : تبين أمرهم للناس أنهم كانوا
يكذبونهم ، ثم إن الشياطين قالوا للأرضة : لو كنت تأكلين الطعام لأتيناك
بأطيب الطعام ، ولو كنت تشربين الشراب سقيناك أطيب الشراب ، ولكنا سننقل
إليك الماء والطين قال : فإنهم ينقلون إليها ذلك حيث كانت قال : ألم تر
إلى الطين الذي يكون في جوف الخشب فهو ما يأتيها به الشيطان تشكراً لها

وهذا فيه من الإسرائيليات التي لا تصدق ولا تكذب

وقال أبو داود في كتاب القدر : حدثنا عثمان بن أبي شيبة ، حدثنا قبيصة ،
حدثنا سفيان ، عن الأعمش ، عن خيثمة ، قال : قال سليمان بن داود عليهما
السلام لملك الموت : إذا أردت أن تقبض روحي فأعلمني ، قال : ما أنا أعلم
بذلك منك إنما هي كتب يلقي غلي فيها تسمية من يموت

وقال أصبغ بن الفرج وعبد الله بن وهب ، عن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم قال :
قال سليمان لملك الموت : إذا أمرت بي فأعلمني ، فأتاه فقال : يا سليمان
قد أمرت بك قد بقيت لك سويعة فدعا الشياطين فبنوا عليه صرحاً من قوارير
ليس له باب ، فقام يصلي فاتكأ على عصاه قال : فدخل عليه ملك الموت فقبض
روحه وهو متوكئ على عصاه ولم يصنع ذلك فراراً من ملك الموت قال والجن تعمل
بين يديه وينظرون إليه يحسبون أنه حي ، قال : فبعث الله دابة الأرض - يعني
إلى منسأته - فأكلتها حتى إذا أكلت جوف العصا ضعفت وثقل عليها فخر فلما
رأت الجن ذلك انفضوا وذهبوا قال : فقلك قوله :" ما دلهم على موته إلا دابة
الأرض تأكل منسأته فلما خر تبينت الجن أن لو كانوا يعلمون الغيب ما لبثوا
في العذاب المهين "

قال أصبغ : وبلغني عن غيره أنها مكثت سنة تأكل من منسأته حتى خر وقد روى نحو هذا عن جماعة من السلف وغيرهم والله تعالى أعلم

قال إسحاق بن بشر عن محمد بن إسحاق ، عن الزهري غيره أن سليمان عليه السلام
عاش اثنتين وخمسين سنة وكان ملكه أربعين سنة وقال إسحاق : أنبأنا أبو روق
، عن عكرمة ، عن ابن عباس أن ملكه كان عشرين سنة والله أعلم وقال ابن
جرير : فكان جميع عمر سليمان ابن داود عليهما السلام نيفاً وخمسين سنة

وفي سنة أربع من ملكه ابتداء ببناء المقدس فيما ذكر ثم ملك بعده ابنه
رحبعام مدة سبع عشرة سنة فيما ذكره ابن جرير وقال : ثم تفرقت بعده مملكة
بني إسرائيل

قصَصُ الأنبيَاء - صفحة 3 500092465

قصَصُ الأنبيَاء - صفحة 3 500092465

تحياتي لكم

قصَصُ الأنبيَاء - صفحة 3 500092465

قصَصُ الأنبيَاء - صفحة 3 500092465

قصَصُ الأنبيَاء - صفحة 3 483098003
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
المدير
AMINE PàTCHIKà
AMINE PàTCHIKà
المدير


الجنس : ذكر
الابراج الدلو
تاريخ الميلاد تاريخ الميلاد : 25/01/1988
العمر : 36

المدير العام
منتديات أمين عبلة الحب :

قصَصُ الأنبيَاء - صفحة 3 Empty
مُساهمةموضوع: رد: قصَصُ الأنبيَاء   قصَصُ الأنبيَاء - صفحة 3 Emptyالأحد يناير 13, 2013 12:38 pm

قصَصُ الأنبيَاء - صفحة 3 500092465

قصَصُ الأنبيَاء - صفحة 3 500092465

باب ذكر جماعة من أنبياء بني إسرائيل عليهم السلام

قصَصُ الأنبيَاء - صفحة 3 500092465



قصَصُ الأنبيَاء - صفحة 3 500092465

ممن لا يعلم وقت زمانهم على التعيين إلا أنهم بعد داود عليه السلام وقبل زكريا ويحيى عليهما السلام

فمنهم شعيا بن أمصيا قال محمد بن إسحاق : وكان قبل زكريا ويحيى وهو ممن
بسثر بعيسى ومحمد عليهما السلام وكان في زمانه ملك اسمه حزقيا على بني
إسرائيل ببلاد بيت المقدس ، وكان سامعا مطيعاً لشعيا فيما يأمره به وينهاه
عنه من المصالح ، وكانت الأحداث قد عظمت في بني إسرائيل ، فمرض الملك وخرجت
في رجله قرحة ، وقصد بيت المقدس ملك بابل في ذلك الزمان وهو سنحاريب قال
ابن إسحاق : في ستمائة ألف راية

وفزع الناس فزعا عظيماً شديداً وقال الملك للنبي شعيا : ماذأ أوحى الله
إليك في أمر سنحاريب وجنوده ؟ فقال : لم يوح إلي فيهم شيء بعد ، ثم نزل
عليه الوحي بالأمر للملك حزقيا بأن يوصي وسيتخلف على ملكه من يشاء ، فإنه
قد اقترب أجله فلما أخبره بذلك أقبل الملك على القبلة فصلى وسبح ودعا وبكى
فقال وهو يبكي ويتضرع إلى الله عز وجل بقلب مخلص وتوكل وصبر : اللهم رب
الأرباب وإله الآلهة يا رحمن يا رحيم ، يا من لا تأخذه سنة ولا نوم اذكرني
بعملي وفعلي وحسن قضائي على بني إسرائيل وذلك كله كان منك فأنت أعلم به من
نفسي ، سري وإعلاني لك

قال : فاستجاب الله له ورحمه وأوحى الله إلى شعيا أن يبشره بأنه قد رحم
بكاءه وقد أخر في أجله خمس عمثرة سنة وأنجاه من عدوه سنحاريب فلما قال له
ذلك ذهب منه الوجع وانقطع عنه الشر والحزن وخر ساجداً وقال في سجوده :
اللهم أنت الذي تعطي الملك من تشاء ، وتنزعه ممن تشاء ، وتعز من تشاء ،
عالم الغيب والشهادة ، فأنت الأول والآخر ، والظاهر والباطن ؟ وأنت ترحم
وتستجيب دعوة المضطرين

فلما رفع رأسه أوحى الله إلى شعيا أن يأمره أن يأخذ ماء التين فيجعله على قرحته فيشفى ويصبح قد برئ ففعل ذلك فشفي

وأرسل الله على جيش سنحاريب الموت فأصبحوا وقد هلكوا كلهم سوى سنحاريب
وخمسة من أصحابه منهم بختنصر أرسل ملك بني إسرائيل فجاء بهم فجعلهم في
الأغلال وطاف بهم البلاد على وجه التنكيل بهم والإهانة لهم سبعين يوماً ،
ويطعم كل واحد منهم كل يوم رغيفين من شعير ، ثم أودعهم السجن وأوحى الله
تعالى إلا شعيا أن يأمر الملك بإرسالهم إلى بلادهم لينذروا قومهم ما قد حل
بهم ، فلما رجعوا جمع سنحاريب قومه وأخبرهم بما قد كان من أمرهم فقال له
السحرة والكهنة : إنا أخبرناك عن شأن ربهم وأنبيائهم فلم تطعنا ، وهي أمة
لا يستطيعها أحد من ربهم فكان أمر سنحاريب مما خوفهم الله به ثم مات
سنحاريب بعد سبع سنين

قال ابن إسحاق : ثم لما مات حزقيا ملك بني إسرائيل مرج أمرهم واختلطت
أحداثهم ، وكثر شرهم ، فأوحى الله تعالى إلى شعيا فقام فيهم فوعظهم وذكرهم
وأخبرهم عن الله بما هو أهله وأنذرهم بأسه وعقابه إن خالفوه وكذبوه فلما
فرغ من مقالته عدوا عليه وطلبوه ليقتلوه ، فمهرب منهم فمر بشجرة فاتفلتت له
فدخل فيها وأدركه الشيطان فأخذ بهدبة ثوبه فأيرزها فلما رأوا ذلك جاءوا
بالمنشار فوضعوه على الشجرة فنشروها ونشروه معها ، فإنا لله وإنا إليه
راجعون

ومنهم أرميا بن حلقيا من سبط لاوى بن يعقوب

وقد قيل إنه الخضر رواه الضحاك عن ابن عباس وهو غريب وليس بصحيح

قال ابن عسكر : جاء في بعض الآثار أنه وقف على دم يحيى بن زكريا وهو يفوز
بدمشق فقال : أيها الدم فتنت الناس فاسكن فسكن ورسب حتى غاب

وقال أبو بكر بن أبي الدنيا : حدثني علي بن أبي مريم ، عن أحمد بن حباب ،
عن عبد الله ابن عبد الرحمن قال : قال أرميا : أي رب أي عبادك أحب إليك ؟
قال : أكثرهم لي ذكراً ، الذين يشتغلون بذكري عن ذكر الخلائق ، الذي لا
تعرض لهم وساوس الفناء ، ولا يحدثون أنفسهم بالبقاء ، الذين إذا عرض لهم
عيش الدنيا قلوه وإذا زوى عنهم سروا بذلك ، أولئك أنحلهم محبتي وأعطيهم فوق
غاياتهم


قصَصُ الأنبيَاء - صفحة 3 500092465

قصَصُ الأنبيَاء - صفحة 3 500092465

تحياتي لكم

قصَصُ الأنبيَاء - صفحة 3 500092465

قصَصُ الأنبيَاء - صفحة 3 500092465

قصَصُ الأنبيَاء - صفحة 3 483098003
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
المدير
AMINE PàTCHIKà
AMINE PàTCHIKà
المدير


الجنس : ذكر
الابراج الدلو
تاريخ الميلاد تاريخ الميلاد : 25/01/1988
العمر : 36

المدير العام
منتديات أمين عبلة الحب :

قصَصُ الأنبيَاء - صفحة 3 Empty
مُساهمةموضوع: رد: قصَصُ الأنبيَاء   قصَصُ الأنبيَاء - صفحة 3 Emptyالأحد يناير 13, 2013 12:40 pm

قصَصُ الأنبيَاء - صفحة 3 500092465

قصَصُ الأنبيَاء - صفحة 3 500092465

ذكر خراب بيت المقدس

قصَصُ الأنبيَاء - صفحة 3 500092465



قصَصُ الأنبيَاء - صفحة 3 500092465

وقوله تعالى :" وآتينا موسى الكتاب وجعلناه هدى لبني إسرائيل أن لا تتخذوا
من دوني وكيلا * ذرية من حملنا مع نوح إنه كان عبدا شكورا * وقضينا إلى بني
إسرائيل في الكتاب لتفسدن في الأرض مرتين ولتعلن علوا كبيرا * فإذا جاء
وعد أولاهما بعثنا عليكم عبادا لنا أولي بأس شديد فجاسوا خلال الديار وكان
وعدا مفعولا * ثم رددنا لكم الكرة عليهم وأمددناكم بأموال وبنين وجعلناكم
أكثر نفيرا * إن أحسنتم أحسنتم لأنفسكم وإن أسأتم فلها فإذا جاء وعد الآخرة
ليسوءوا وجوهكم وليدخلوا المسجد كما دخلوه أول مرة وليتبروا ما علوا
تتبيرا * عسى ربكم أن يرحمكم وإن عدتم عدنا وجعلنا جهنم للكافرين حصيرا "

وقال وهب بن منبه : أوحى الله إلى نبي من أنبياء بني إسرائيل يقال له
أرميا حين ظهرت فيهم المعاصي : أن قم بين ظهراني قومك فأخبرهم أن لهم
قلوباً ولا يفقهون ، وأعيناً ولا يبصرون ، وآذاناً ولا يسمعون ، وإني تذكرت
صلاح آبائهم فعطفني ذلك على أبنائهم فسلهم كيف وجدوا غب طاعتي ، وهل سعد
أحد ممن عصاني بمعصيتي ، وهل شقى أحد ممن أطاعني بطاعتي ؟ إن الدواب تذكر
أوطانها فتنزع إليها وإن هؤلاء القوم تركوا الأمر الذي أكرمت عليه آباءهم
والتمسوا الكرامة من غير وجهها ، أما أحبارهم فأنكروا حقي ، وأما قراؤهم
فعبدوا غيري ، وأما نساكهم فلم ينتفعوا بما علموا ، وأما ولاتهم فكذبوا علي
وعلى رسلي ، خزنوا المكر في قلوبهم وعودوا الكذب ألسنتهم ، وإني أقسم
بجلالي وعزتي لأهيجن عليهم جيوشاً لا يفقهون ألسنتهم ، ولا يعرفون وجوههم
ولا يرجمون بكاءهم ، ولأبعثن فيهم ملكاً جباراً قاسياً له عساكر كقطع
السحاب ، ومواكب كأمثال الفجاج ، كأن خفقان راياته طيران النسور ، وكأن حمل
فرسانه كر العقبان ، يعيدون العمران خراباً ويتركون القرى وحشة ، فياويل
إليا وسكانها كيف أذللهم للقتل ، وأسلط عليهم السبا ، وأعيد بعد لجب
الأعراس صراخاً ، وبعد صهيل الخيل عواء الذئاب ، وبعد شرفات القصور مساكن
السباع ، وبعد ضوء السرج وهج العجاج ، وبالعز الذب وبالنعمة العبودية
وأبدلن نساءهم بعد الطيب التراب ، وبالمشي على الزرابي الخبب ، ولأجعلن
أجسادهم زبلا للأرض ، وعظامهم ضاحية للشمس ، ولأدوسنهم بألوان العذاب ، ثم
لآمرن السماء فتكون طبقاً من حديد ، والأرض سبيكة من نحاس ، فإن أمطرت لم
تنبت الأرض ، وإن أنبتت شيئاً في خلال ذلك فبرحمتي للبهائم ، ثم أحبسه في
زمان الزرع وأرسله في زمان الحصاد ، فإن زرعوا في خلال ذلك شيئاً سلطت عليه
الآفة ، فإن خلص منه شيء نزعت منه البركة ، فإن دعوني لم أجبهم ، وإن
سألوا لم أعطهم ، وإن بكوا لم أرحمهم ، وإن تضرعوا صرفت وجهي عنهم رواه
ابن عساكر بهذا اللفظ

وقال إسحاق بن بشر : أنبأنا إدريس ، عن وهب بن منبه ، قال : إن الله تعالى
لما بعث أرمياً إلى بني إسرائيل ، وذلك حين عظمت الأحداث فيهم فعملوا
بالمعاصي ، وقتلوا الأنبياء ، طمع بختنصر فيهم وقذف الله في قلبه وحدث نفسه
بالمسير إليهم لما أراد الله أن ينتقم به منهم ، فأوحى الله إلى أرميا :
إني مهلك بني غسرائيل ومنتقم منهم ، فقم على صخرة بيت المقدس ياتيك أمري
ووحيي فقام أرميا فشق ثيابه وجعل الرماد على رأسه وخر ساجداً وقال يا رب
وددت لو أن أمي لم تلدني حين جعلتني آخر أنبياء بني إسرائيل فيكون خراب
بيت المقدس وبوار بني إسرائيل من أجلي ، فقال له : ارفع رأسك فرفع رأسه
فبكى ثم قال : يا رب من تسلط عليهم ؟ فقال : عبدة النيران لا يخافون
عقابي ، ولا يرجون ثوابي ، قم يا أرميا فاستمع وحيي أخبرك خبرك وخبر بني
إسرائيل : من قبل أن أخلفك اخترتك ، ومن قبل أن أصورك في رحم أمك قدستك ،
ومن قبل أن أخرجك من بطن أمك طهرتك ، ومن قبل أن تبلغ نبأتك ، ومن قبل أن
تبلغ الأشد اخترتك ولأمر عظيم اجتنبتك ، فقم من الملك تسدده وترشده

فكان مع الملك يسدده ويأتيه الوحي من الله حتى عظمت الأحداث ، ونسوا ما
نجاهم الله به من عدوهم سنحاريب وجنوده ، فأوحى الله إلى أرميا : قم فاقصص
عليهم ما آمرك به ، وذكرهم نعمتي عليهم ، وعرفهم أحداثهم فقال أرميا ك يا
رب إني ضعيف إن لم تقوني ، عاجز إن لم تبلغني ، مخطئ إن لم تسددني ،
مخذول إن لم تنصرني ، ذليل إن لم تعزني ، فقال الله تعالى : أولم تعلم أن
الأمور كلها تصدر عن مشيئتي ، وأن الخلق والأمر كله لي ، وأن القلوب
والألسنة كلها بيدي فأقلبها كيف شئت فتطيعني ، فأنا الله الذي ليس شيء مثلي
، قامت السموات والأرض وما فيهن بكلمتي ، وأنه لا يخلص التوحيد ، ولم تتم
القدرة إلا لي ، ولا يعلم ما عندي غيري ، وأنا الذي كلمت البحار ففهمت
قولي ، وأمرتها ففعلت أمري ، وحددت عليها حدوداً فلا تعدو فلا تعدو حدي ،
وتأتي بأموال كالجبال فإذا بلغت حدي ألبستها مذلة لطاعتي وخوفاً واعترافاً
لأمري ، وإني معك ولن يصل إليك شيء معي ، وإني بعثتك إلى خلق عظيم من خلقي
لتبلغهم رسالاتي فتستوجب بذلك أجر من اتبعك ، ولا ينقص ذلك من أجورهم شيئاً


انطلق إلى قومك فقم فيهم وقل لهم : إن الله قد ذكركم بصلاح آبائكم فلذلك
استبقاكم ، يا معشر أبناء الأنبياء ، وكيف وجد آباؤكم مغبة طاعتي وكيف
وجدتم مغبة معصيتي ، وهل وجدوا أحداً عصاني فسعد بمعصيتي وهل عملوا أحداً
أطاعني فشقي بطاعتي ؟ إن الدواب إذا ذكرت أوطانها الصالحة نزعت إليها ، وإن
هؤلاء القوم رتعوا في مروج الهلكة وتركوا الأمر الذي أكرمت به آباءهم ،
وابتغوا الكرامة من غير وجهها فأما أحبارهم ورهبانهم فاتخذوا عبادي خولاً
يتعبدونهم ، ويعملون فيهم بغير كتابي حتى أجهلوهم أمري وأنسوهم ذكري وسنتي
وغروهم عني ، فدان لهم عبادي بالطاعة التي لا تنبغي إلى لي ، فهم يطيعونهم
في معصيتي

وأما ملوكهم وأمراؤهم فبطروا نعمتي ، وأمنوا مكري ، وغرتهم الدنيا حتى
نبذوا كتابي ونسوا عهدي ، فهم يحفون كتابي ، ويفترون على رسلي جرأة منهم
علي وغرة بي ، فسبحان جلالي وعلو مكاني وعظمة شأني ، هل ينبغي أن يكون لي
شريك في ملكي ؟ وهل ينبغي لبشر أن يطاع في معصيتي ؟ وهل ينبغي لي أن أخلق
عباداً أجعلهم أرباباً من دوني ، أو آذن لأحد بالطاعة لأحد وهي لا تنبغي
إلا لي ؟ !

وأما قراؤهم وفقهاؤهم فيدرسون ما يتخيرون ، فينقادون للملوك فيتابعونهم على
البدع التي يبتدعون في ديني ، ويطيعونهم في معصيتي ، ويوفون لهم بالعود
الناقضة لعهدي ، فهم جهلة بما يعلمون لا ينتفعون بشيء مما علموا من كتابي

وأما أولاد النبيين فمقهورون ومفتونون ، يخوضون مع الخائضين يتمنون مثل
نصري آباءهم والكرامة التي أكرمتهم بها ، ويزعمون أنه لا أحد أولى بذلك
منهم بغير صدق منهم ولا تفكر ، ولا يذكرون كيف كان صبر آبائهم وكيف كان
جهدهم في أمري حين اغتر المغترون ، وكيف بذلوا أنفسهم ودماءهم فصبروا
وصدقوا حتى عز أمري وظهر ديني فتأنيت هؤلاء القوم لعلهم يستحيون مني
ويرجعون ، فتطولت عليهم وصفحت عنهم فأكثرت ومددت لهم في العمر وأعذرت لهم
لعلهم يتذكرون وكل ذلك أمطر عليهم السماء وأنبت لهم الأرض وألبسهم العافية
وأظهرهم على العدو ولا يزدادون إلا طغياناً وبعداً مني فحتى متى هذا ؟ أبي
يسخرون أم بي يتحرشون أم إياي يخادعون أم علي يجترئون

فإني أقسم بعزتي لأتيحن عليهم فتنة يتحير فيها الحليم ويضل فيها رأي ذوي
الرأي وحكمة الحكيم ، ثم لأسلطن عليهم جباراً قاسياً عاتياً ألبسه الهيبة
وأنزع من قلبه الرأفة والرحمة وآليت أن يتبعه عدد وسواد مثل الليل المظلم ،
له فيه عساكر مثل قطع السحاب ومواكب مثل العجاج ، وكأن خفيق راياته طيران
النسور وحمل فرسانه كريد العقبان ، يعيدون العمران خراباً والقرى وحشاً
ويعيشون في الأرض فساداً ويتبرون ما علو تتبيراً ، قاسية قلوبهم لا يكترثون
ولا يرقبون ، ولا يرحمون ولا يبصرون ، ولا يسمعون ، يجولون في الأسواق
باصوات مرتفعة مثل زئير الأسد تقشعر من هيبتها الجلود ، وتطيش من سمعها
الأحلال بألسنة لا يفقهونها ، ووجوه ظاهر عليها المنكر لا يعرفونها فوعزتي
لأعطلن بيوتهم من كتبي وقدسي ، ولأخلين مجالسهم من حديثها ودروسها ،
ولأوحشن مساجدهم من عمارها وزوارها الذين كانوا يتزينون بعمارتها لغيري ،
ويتهجدون فيها ويتعبدون لكسب الدنيا بالدين ، ويتفقهون فيها لغير الدين ،
ويتعلمون فيها لغير العمل ، لأبدلن ملوكها بالعز الذل ، وبالأمن الخوف ،
وبالغنى الفقر ، وبالنعمة الجوع ، وبطول العافية والرخاء ألوان البلاء ،
وبلباس الديباج والحرير مدارع الوبر والعباء ، وبالأرواح الطيبة والأذهان
جيف القتلى ، وبلباس التيجان أطواق الحديد والسلاسل والأعلال ، ثم لأعيدن
فيهم بعد القصور الواسعة والحصون الحصينة الخراب ، وبعد البروج المشيدة
مساكن السباع وبعد صهيل الخيل عواء الذئاب ، وبعد ضوء السراج دخان الحريق ،
وبعد الأنس الوحشة والقفار

ثم لأبدلن نساءها بالأسورة الأغلال ، وبقلائد الدر والياقوت سلاسل الحديد ،
وبألوان الطيب والأدهان النقع والغبار ، وبالمشي على الزرابي عبور الأسواق
والأنهار ، والخبب إلى الليل في بطون الأسواق ، والخدور والستور الحسور عن
الوجوه والسوق والأسفار والأرواح السموم ثم لأدوسنهم بأنواع العذاب حتى لو
كان الكائن منهم في حالق لوصل ذلك إليه ، إني إنما أكرم من أكرمني ، وإنما
أهين من هان عليه أمري ثم لآمرن السماء خلال ذلك فلتكونن عليهم طبقاً من
حديد ، ولآمرن الأرض فلتكون سبيكة من نحاس ، فلا سماء تمطر ، ولا أرض تنبت ،
فإن أمطرت خلال ذلك شيئاً سلطت عليهم الآفة ، فإن خلص منه شيء نزعت منه
البركة ، وإن دعوني لم أجبهم ، وإن سألوني لم أعطهم ، وإن بكوا لم أرحمهم ،
وإن تضرعوا إلي صرفت وجهي عنهم ، وإن قالوا : اللهم أنت الذي ابتدأتنا
وآباءنا من قبلنا برحمتك وكرامتك ، وذلك بأنك اخترتنا لنفسك وجعلت فينا
نبوتك وكتابك ومساجدك ، ثم مكنت لنا في البلاد واستخلفتنا فيها وربيتنا
وآباءنا من قبلنا بنعمتك صغراً ، وحفظتنا وإياهم برحمتك كباراً فأنت أوفى
المنعمين وإن غيرنا ، ولا تبدل وإن بدلنا وأن تتم فضلك ومنك وطولك وإحسانك
فإن قالوا ذلك قلت لهم : إني أبتدئ عبادي برحمتي ونعمتي ، فإن قبلوا أتممت
، وإن استزادوا زدت ، وإن شكروا ضاعفت ، وإن غيروا غيرت ، وإذا غيروا غضبت
، وإذا غضبت عذبت وليس يقوم شيء بغضبي

قال كعب : فقال أرميا : بوجهك أصبحت أتعلم بين يديك ، وهل ينبغي ذلك لي
وأنا أذل وأضعف من أن ينبغي لي أن أتكلم بين يديك ، ولكن برحمتك أبغيتني
لهذا اليوم ، وليس أحد أحق أن يخاف هذا العذاب وهذا الوعيد مني بما رضيت به
مني طولاً ، والإقامة في دار الخاطئين وهم يعصونك حولي بغير نكر ولا تغيير
مني ، فإن تعذبني فبذنبي ، وإن ترحمني فذلك ظني بك

ثم قال : يا رب سبحانك وبحمدك ، وتباركت ربنا وتعاليت ، أتهلك هذه القرية
وما حولها وهي مساكن أنبيائك ومنزل وحيك ، يا رب سبحانك وبحمدك وتباركت
ربنا وتعاليت لمخرب هذا المسجد ، وما حوله من المساجد ، ومن البيوت التي
رفعت لذكرك يا رب سبحانك وبحمدك ، وتباركت وتعاليت لمقتل هذه الأمة ،
وعذابك إياهم وهم من ولد إبراهيم خليلك ، وأمة موسى نجيك وقوم داود صفيك ،
يا رب أي القرى تأمن عقوبتك بعد وأي العباد يأمنون سطوتك بعد ولد خليلك
إبراهيم ، وأمة نجيك موسى ، وقوم خليفتك داود ، تسلط عليهم عبدة النيران ؟
قال الله تعالى : يا اأرميا من عصاني فلا يستنكر نقمتي ، فإني إنما أكرمت
هؤلاء القوم على طاعتي ، ولو أنهم عصوني لأنزلتهم دار العاصين ، إلا أن
أتداركهم برحمتي

قال أرميا : يا رب اتخذت إبراهيم خليلاً وحفظتنا به ، موسى قربته نجياً
فنسألك أن تحفظنا ولا تتخطفنا ولا تسلط علينا عدونا فأوحى الله إليه : يا
أرميا إني قدستك في بطن أمك ، وأخرتك إلى هذا اليوم ، فلو أن قومك حفظوا
اليتامى والأرامل والمساكين وابن السبيل ، لكنت الداعم لهم ، وكانوا عندي
بمنزلة جنة ناعم شجرها ، طاهر ماؤها ، ولا يغور ماؤها ولا تبور ثمارها ولا
تنقطع ، ولكن سأشكو إليك بني إسرائيل : إني كنت لهم بمنزلة الراعي الشفيق ،
أجنبهم كل قحط وكل عسرة ، وأتبع بهم الخصب حتى صاروا كباشاً ينطح بعضها
بعضاً ، فياويلهم ثم يا ويلهم ، إنما أكرم من أكرمني ، وأهين من هن عليه
أمري ، إن من كان قبل هؤلاء من القرون يستخفون بمعصيتي ، وإن هؤلاء القوم
يتبرعون بمعصيتي تبرعاً فيظهرونها في المساجد والأسواق ، وعلى رءوس الجبال
وظلال الأشجار ، حتى عجت السماء إلي منهم ، وعجت الأرض والجبال نفرت منها
الوجوش بأطراف الأرض وأقاصيها ، وفي كل ذلك لا ينتهون ولا ينتفعون بما
علموا من الكتاب

قال : فلما بلغهم أرميا رسالة ربهم وسمعوا ما فيها من الوعيد والعذاب عصوه
وكذبوه واتهموه وقالوا : كذبت وأعظمت على الله الفرية فتنزعم أن الله معطل
أرضه ومساجده من كتابه وعبادته وتوحيده ؟ فمن يعبده حين لا يبقى له في
الأرض عابد ولا مسجد ولا كتاب ؟ ! لقد أعظمت الفرية على الله واعتراك
الجنون فأخذوه وقيدوه وسجنوه ، فعند ذلك بعث الله عليهم بختنصر فأقبل يسير
بجنوده حتى نزل بساحتهم ثم حاصرهم فكان كما قال تعالى :" فجاسوا خلال
الديار " قال : فلما طال بهم الحصر نزلوا على حكمه ، ففتحوا الأبواب
وتخللوا الأزفة وذلك قوله :" فجاسوا خلال الديار " وحكم فيهم حكم الجاهلية
وبطش الجبارين ، فقتل منهم الثلث وسبي الثلث ، وترك الزمني والشيوخ
والعجائز ، ثم وطئهم بالخيل وهدم بيت المقدس ، وساق الصبيان وأوقف النساء
في الأسواق حاسرات ، وقتل المقاتلة وخرب الحصون وهدم المساجد وحرق التوراة ،
وسأل عن دانيال الذي كان قد كتب له الكتاب فوجدوه قد مات ، وأخرج أهل بيته
الكتاب إليه ، وكان فيهم دانيال بن حزقيل الأصغر ، وميشائيل وعزرائيل
وميخائيل ، فأمضى لهم ذلك الكتاب

وكان دانيال بن حزقيل خلفاً من دانيال الأكبر ، ودخل بختنصر بجنوده بيت
المقدس ووطئ الشام كلها وقتل بني إسرائيل حتى أفناهم ، فلما فرغ منها انصرف
راجعاً وحمل الأموال التي كانت بها ، وساق السبايا فبلغ معه عدة صبيانهم
من أبناء الأحبار والملوك تسعين ألف غلام ، وقذف الكناسات في بيت المقدس
وذبح فيه الخنازير ، وكان الغلمان سبعة آلاف غلام من بيت داود ، وأحد عشر
ألفاً من سبط يوسف بن يعقوب وأخيه بنيامين ، وثمانية آلاف من سبط ايشي بن
يعقوب ، وأربعة عشر ألفاً من سبط زبالون ونفتالي ابني يعقوب ، وأربعة عشر
ألفاً من سبط دان بن يعقوب ، وثمانية آلاف من سبط روبيل ولاوي ، واثني عشر
ألفاً من سائر بني إسرائيل وانطلق حتى قدم أرض بابل

قال إسحاق بن بشر : قال وهب بن منبه : فلما فعل ما فعل قيل له : كان لهم
صاحب يحذرهم ما أصابهم ويصفك وخبرك لهم ويخبرهم أنك تقتل مقاتلتهم وتسبي
ذراريهم وتهدم مساجدهم وتحرق كنائسهم ، فكذبوه واتهموه وضربوه وقيدوه
وحبسوه فأمر بختنصر فأخرج أرميا من السجن فقال له : أكنت تحذر هؤلاء القوم
ما أصابهم ؟ قال : نعم قال : فإني علمت ذلك ، قال : أرسلني الله إليهم
فكذبوني قال : كذبوك وضربوك وسجنوك ؟ قال : نعم قال : بئس القوم قوم
كذبوا نبيهم وكذبوا رسالة ربهم ، فهل لك أن تحلق بي فأكرمك وأواسيك ، وإن
أحببت أن تقيم في بلادك فقد أمنتك قال له أرميا : إني لم أزل في أمان الله
منذ كنت لم أخرج منه ساعة قط ، ولو أن بني إسرائيل لم يخرجوا منه لم
يخافوك ولا غيرك ولم يكن لك عليهم سلطان فلما سمع بختنصر هذا القول منه
تركه فأقام أرميا مكانه بأرض إيليا

وهذا سياق غريب ، وفيه حكم ومواعظ وأشياء مليحة ، وفيه من جهة التعريف غرابة

وقال هشام بن محمد بن السائب الكلبي : كان بختنصر أصفهبذا لما بين الأهواز
إلى الروم للملك على الفرس وهو لهراسب ، وكان قد بني مدينة بلخ التي تلقب
بالخنساء ، وقاتل الترك وألجأهم إلى أضيق الأماكن وبعث بختنصر لقتال بني
إسرائيل بالشام فلما قدم الشام صالحه أهل دمشق ، وقد قيل إن الذي بعث
بختنصر إنما هو بهمن ملك الفرس بعد بشتاسب بن لهراسب ، وذلك لتعدي بني
إسرائيل على رسله إليهم

وقد روى ابن جرير عن يونس بن عبد الأعلى ، عن ابن وهب عن سليمان بن بلال ،
عن يحيى بن سعيد الأنصاري ، عن سعيد بن المسيب ، أن بختنصر لما قدم دمشق
وجد بها دماً يغلي على كبا - يعني القمامة - فسألهم : ما هذا الدم ؟ فقالوا
: أدركنا آباءنا على هذا وكلما ظهر عليه الكبا ظهر قال : فقتل على ذلك
سبعين الفاً من المسلمين وغيرهم فسكن

وهذا إسناد صحيح إلى سعيد بن المسيب ، وقد تقدم من كلام الحافظ ابن عساكر
ما يدل على أن هذا دم يحيى بن زكريا ، وهذا لا يصح لأن يحيى بن زكريا بعد
بختنصر بمدة ، والظاهر أن هذا دم نبي متقدم أو دم لبعض الصالحين أو لمن شاء
الله ممن الله أعلم به

قال هشام بن الكلبي : قدم بختنصر بيت المقدس فصالحه ملكها وكان من آل داود
وصانعه عن بني إسرائيل وأخذ منه بختنصر رهائن ورجع ، فلما بلغ طبرية بلغه
أن بين إسرائيل ثاروا على ملكهم فقتلوه لأجل أنه صالحهه ، فضرب رقاب من معه
من الرهائن ورجع إليهم فأخذ المدينة عنوة ، وقتل المقاتلة وسبي الذرية

قال : وبلغنا أنه وجد في السجن أرميا النبي فأخرجه وقص عليه ما كان من أمره
إياهم وتحذيره لهم عن ذلك فكذبوه وسجنوه فقال بختنصر : بئس القوم قوم عصوا
رسول الله وخلى سبيله وأحسن إليه وأجمع إليه من بقي من ضعفاء بني إسرائيل
فقالوا : إنا قد أسأنا وظلمنا ونحن نتوب إلى الله عز وجل مما صنعنا ، فادع
الله أن يقبل توبتنا ، فدعا ربه فأوحى الله إليه أنه غير فاعل ، فإن كانوا
صادقين فليقيموا معك بهذه البلدة فأخبرهم ما أمره الله تعالى به فقالوا :
كيف نقيم بهذه البلدة وقد خربت وقد غضب الله على أهلها ؟ فأبوا أن يقيموا

قال ابن الكلبي : ومن ذلك الزمان تفرقت بنو إسرائيل في البلاد فنزلت طائفة
منهم الحجاز وطائفة يثرب وطائفة وادي القرى ، وذهبت شرذمة منهم إلى مصر ،
فتب بختنصر إلى ملكها يطلب منه من شرد منهم إليه فأبى عليه ، فركب في جيشه
فقاتله وقهره وغلبه وسبى ذراريهم ثم ركب إلى بلاد المغرب حتى بلغ أقصى تلك
الناحية قال : ثم انصرف بسبي كثير من أرض المغرب ومصر وأهل بيت المقدس
وأرض فلسطين والأردن وفي السبي دانيال

قلت : والظاهر أنه دانيال بن حزقيل الأصغر لا الأكبر على ما ذكره وهب بن منبه والله أعلم

قصَصُ الأنبيَاء - صفحة 3 500092465

قصَصُ الأنبيَاء - صفحة 3 500092465

تحياتي لكم

قصَصُ الأنبيَاء - صفحة 3 500092465

قصَصُ الأنبيَاء - صفحة 3 500092465

قصَصُ الأنبيَاء - صفحة 3 483098003
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
المدير
AMINE PàTCHIKà
AMINE PàTCHIKà
المدير


الجنس : ذكر
الابراج الدلو
تاريخ الميلاد تاريخ الميلاد : 25/01/1988
العمر : 36

المدير العام
منتديات أمين عبلة الحب :

قصَصُ الأنبيَاء - صفحة 3 Empty
مُساهمةموضوع: رد: قصَصُ الأنبيَاء   قصَصُ الأنبيَاء - صفحة 3 Emptyالأحد يناير 13, 2013 12:42 pm

قصَصُ الأنبيَاء - صفحة 3 500092465

قصَصُ الأنبيَاء - صفحة 3 500092465

ذكر شيء من خبر دانيال عليه السلام

قصَصُ الأنبيَاء - صفحة 3 500092465



قصَصُ الأنبيَاء - صفحة 3 500092465

قال ابن أبي الدنيا : حدثنا أحمد بن عبد الأعلى الشيباني قال : إن لم أكن
سمعته من شعيب ابن صفوان فحدثني بعض أصحابنا عنه ، عن الأجلح الكندي ، عن
عبد الله بن أبي الهذيل ، قال ك ضرا بختنصر أسدين فألقاهما في جب ، وجاء
بدانيال فألقاه عليهما فلم يهيجاه ، فمكث ما شاء الله ثم اشتهى ما يشتهي
الآدميون من الطعام والشراب فأوحى الله إلى أرميا وهو بالشام : أن اعدد
طعاماً وشراباً لدانيال ، فقال : يا رب أنا بالأرض المقدسة ودانيال بأرض
بابل من أرض العراق فأوحى الله إليه : أن أعدد ما أمرناك به فإنا سنرسل من
يحملك ويحمل من أعددت ففعل وأرسل إليه من حمله وحمل ما أعده حتى وقف على
راس الجب فقال دانيال : من هذا ؟ قال : أنا أرميا فقال : ما جاء بك ؟ فقال
: أرسلني إليك ربك قال : وقد ذكرني ربي ؟ قال : نعم فقال دانيال : الحمد
لله الذي لا ينسى من ذكره والحمد لله الذي يجيب من رجاه ، والحمد لله
الذي من وثق به لم يكله إلى غيره ، والحمد لله الذي يجزي بالصبر نجاه ،
والحمد لله الذي هو يكشف ضرنا بعد كربنا ، والحمد لله الذي يقينا حين يسوء
ظننا بأعمالنا ، والحمد لله الذي هو رجاؤنا حين تنقطع الحيل عنا

وقال يونس بن بكير عن محمد بن إسحاق عن أبي خالد بن دينار ، حدثنا أبو
العالية قال : لما افتتحنا تستر وجدنا في مال بيت الهرمزان سريراً عليه رجل
ميت عند رأسه مصحف ، فأخذنا المصحف فحملناه إلى عمر بن الخطاب فدعا له
كعباً فنسخه بالعربية ، فأنا أول رجل من العرب قراه ، قرأته مثل ما أقرأ
القرآن هذا فقلت لأبي العالية ، ما كان فيه ؟ قال : سيركم وأموركم ولحون
كلامكم وما هو كائن بعد ، قلت : فما صنعتم بالرجل ؟ قال : حفرنا بالنهار
ثلاثة عشر قبراً متفرقة ، فلما كان بالليل دفناه وسوينا القبور كلها لنعميه
على الناس فلا ينبشونه قلت : فما يرجون منه ، قال : كانت السماء إذا حبست
عنهم برزوا بسريره فيمطرون قلت : من كنتم تظنون الرجل : قال : رجل يقال
له دانيال قلت : منذ كم وجدتموه قد مات ؟ قال : منذ ثلاثمائة سنة قلت :
ما تغير منه شيء ؟ قال : إلا شعرات من قفاه ، إن لحون الأنبياء لا تبليها
الأرض ولا تأكلها السباع

وهذا إسناد صحيح إلى أبي العالية ، ولكن إن كان تاريخ وفاته محفوظاً من
ثلاثمائة سنة فليس بنبي بل هو رجل صالح ، لأن عيسى ابن مريم ليس بينه وبين
رسول الله (صلى الله عليه وسلم) نبي بنص الحديث الذي في البخاري ،
والفترة التي كانت بينهما أربعمائة سنة ، وقيل ستمائة وقيل ستمائة وعشرون
سنة ، وقد يكون تاريخ وفاته من ثمانمائة سنة وهو قريب من وقت دانيال ، إن
كان كونه دانيال هو المطابق لما في نفس الأمر ، فإنه فد يكون رجلاً آخر إما
من الأنبياء أو الصالحين ، ولكن قربت الظنون أنه دانيال لأن دانيال كان قد
أخذه ملك الفرس فأقام عنده مسجوناً كما تقدم

وقد روى بإسناد صحيح إلى أبي العالية أن طول أنفه شبر ، وعن أنس بن مالك
بإسناد جيد أن طول أنفه ذراع ، فيحتمل على هذا أن يكون رجلاً من الأنبياء
الأقدمين قبل هذه المدد والله تعالى أعلم

وقد قال أبو بكر بن أبي الدنيا في كتاب أحكام القبور : حدثنا أبو بلال
محمد بن الحارث بن عبد الله بن أبي بردة بن أبي موسى الأشعري حدثنا أبو
محمد القاسم بن عبد الله ، عن أبي الأشعث الأحمري ، قال : قال رسول الله
(صلى الله عليه وسلم) : " إن دانيال دعا ربه عز وجل أن تدفنه أمة محمد "
فلما افتتح أبو موسى الأشعري تستر وجده في تابوت تضرب عروقه ووريده ، وقد
كان رسول الله (صلى الله عليه وسلم) : " من دل على دانيال فبشروه بالجنة "
فكان الذي دل عليه رجل يقال له حرقوص فكتب أبو موسى إلى عمر بخبره فكتب
إليه عمر : أن ادفنه وابعث إلى حرقوص فإن النبي (صلى الله عليه وسلم) بشره
بالجنة

وهذا مرسل من هذا الوجه وفي كونه محفوظاً نظر والله أعلم

ثم قال ابن أبي الدنيا : حدثنا أبو بلال ، حدثنا قاسم بن عبد الله عن عنبسة
بن سعيد - وكان عالماً - قال : وجد أبو موسى مع دانيال مصحفاً وجرة فيها
ودك ودراهم وخاتمه ، فكتب أبو موسى بذلك إلى عمر فكتب إليه عمر : أما
المصحف فابعث به إليها ، وأما الودك فابعث إليه منه ومر من قبلك من
المسلمين يستشفون به وأقسم الدراهم بينهم ، وأما الخاتم فقد نفلناكه

وروى ابن أبي الدنيا من غير وجه : أن أبا موسى لما وجده وذكروا له أنه
دانيال التزمه وعانقه وقبله ، وكتب إلى عمر يذكر له أمره وأنه وجده عند
مالا موضوعاً قريباً من عشرة آلاف درهم ، وكان من جاء اقترض منها فإن ردها
وإلا مرض وإن عنده ربعة ، فأمر عمر بأن يغسل بماء وسدر ويكفن ويدفن ويخفي
قبره فلا يعلم به أحد ، وأمر بالمال أن يرد إلى بيت المال وبالربعة فتحمل
إليه ونفله خاتمه

وروي عن أبي موسى أنه أمر أربعة من الأسراء فسكروا نهراً وحفروا في وسطه
قرباً فدفنه فيه ، ثم قدم الأربعة الأسراء فضرب أعناقهم فلم يعلم موضع قبره
غير أبي موسى الأشعري رضي الله عنه

وقال ابن أبي الدنيا : حدثني إبراهيم بن عبد الله ، حدثنا أحمد بن عمرو بن
السرح ، حدثنا ابن وهب ، عن عبد الرحمن بن أبي الزناد ، عن أبيه قال :
رأيت في يد ابن أبي بردة عن أبي موسى الأشعري خاتماً نقش فصه أسدان بينهما
رجل يلحسان ذلك الرجل ، قال أبو بردة : وهذا خاتم ذلك الرجل الميت الذي زعم
أهل هذه البلدة أنه دانيال أخذه أبو موسى يوم دفنه ، قال أبو بردة : فسأل
أبو موسى علماء تلك القرية عن نقش ذلك الخاتم فقالوا : إن الملك الذي كان
دانيال في سلطانه جاءه المنجمون وأصحاب العلم فقالوا له : إنه يولد كذا
وكذا غلام يغور ملكك ويفسده ، فقال الملك : والله لا يبقى تلك الليلة غلام
إلا قتلته ، إلا أنهم أخذوا دانيال فألقوه في أجمة الأسد فبات السد ولبؤته
يلحسانه ولم يضراه فجاءت أمه فوجدتهما يلحسانه فنجاه الله بذلك حتى بلغ ما
بلغ قال أبو بردة : قال أبو موسى : قال علماء تلك القرية : فنقش دانيال
صورته وصورة الأسدين يحلسانه في فص خاتمه لئلا ينسى نعمة الله عليه في ذلك
إسناد حسن

قصَصُ الأنبيَاء - صفحة 3 500092465

قصَصُ الأنبيَاء - صفحة 3 500092465

تحياتي لكم

قصَصُ الأنبيَاء - صفحة 3 500092465

قصَصُ الأنبيَاء - صفحة 3 500092465

قصَصُ الأنبيَاء - صفحة 3 483098003
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
المدير
AMINE PàTCHIKà
AMINE PàTCHIKà
المدير


الجنس : ذكر
الابراج الدلو
تاريخ الميلاد تاريخ الميلاد : 25/01/1988
العمر : 36

المدير العام
منتديات أمين عبلة الحب :

قصَصُ الأنبيَاء - صفحة 3 Empty
مُساهمةموضوع: رد: قصَصُ الأنبيَاء   قصَصُ الأنبيَاء - صفحة 3 Emptyالأحد يناير 13, 2013 12:44 pm

قصَصُ الأنبيَاء - صفحة 3 500092465

قصَصُ الأنبيَاء - صفحة 3 500092465

ذكر عمارة بيت المقدس بعد خرابها واجتماع الملأ من بني إسرائيل بعد تفرقهم في بقاع الأرض وشعابها

قصَصُ الأنبيَاء - صفحة 3 500092465



قصَصُ الأنبيَاء - صفحة 3 500092465

قال الله تعالى في كتابه المبين وهو أصدق القائلين :" أو كالذي مر على قرية
وهي خاوية على عروشها قال أنى يحيي هذه الله بعد موتها فأماته الله مائة
عام ثم بعثه قال كم لبثت قال لبثت يوما أو بعض يوم قال بل لبثت مائة عام
فانظر إلى طعامك وشرابك لم يتسنه وانظر إلى حمارك ولنجعلك آية للناس وانظر
إلى العظام كيف ننشزها ثم نكسوها لحما فلما تبين له قال أعلم أن الله على
كل شيء قدير ".

قال هشام بن الكلبي : ثم أوحى الله تعالى إلى أرميا عليه السلام فيما بلغني
: إني عامر بيت المقدس فاخرج إليهم فانزلها . فخرج حتى قدمها وهي خراب ،
قال في نفسه : سبحان الله . . أمرني الله أن أنزل هذه البلدة وأخبرني أنه
عامرها فمتى يعمرها ومتى يحييها الله بعد موتها ؟ !

ثم وضع رأسه فنام ومعه حماره وسلة من طعام فمكث في نومه سبعين سنة حتى هلك
بختنصر والملك الذي فوقه وهو لهراسب ، وكان ملكه مائة وعشرين سنة ، وقام
بعده ولده بشتاسب بن لهراسب ، وكان موت بختنصر في دولته فبلغه عن بلاد
الشام أنها خراب ، وأن السباع قد كثرت في أرض فلسطين فلم يبق بها من الإنس
أحد ، فنادى في أرض بابل في بني إسرائيل : أن من شاء أن يرجع إلى الشام
فليرجع . وملك عليهم رجلاً من آل داود وأمره أن يعمر بيت المقدس ويبني
مسجدها فرجعوا فعمروها ، وفتح الله لأرميا عينيه فنظر إلى المدينة كيف تبنى
وكيف تعمر ، ومكث في نومه ذلك حتى تمت له مائة سنة . ثم بعثه الله وهو لا
يظن أنه نام أكثر من ساعة وقد عهد المدينة خراباً فلما نظر إليها عامرة
آهلة قال :" أعلم أن الله على كل شيء قدير ".

قال : فأقام بنو إسرائيل بها ورد الله عليهم أمرهم فمكثوا كذلك حتى غلبت
عليهم الروم في زمن ملوك الطوائف ، ثم لم يكن لهم جماعة ولا سلطان يعني بعد
ظهور النصارى عليهم ، هكذا حكاه ابن جرير في تاريخه عنه ، وذكر ابن جرير
أن لهراسب كان ملكاً عادلاً سائساً لمملكته قد دانت له العباد والبلاد
والملوك والقواد وأنه كان ذا رأي جيد في عمارة الأمصار والأنهار والمعاقل ،
ثم لما ضعف عن تدبير المملكة بعد مائة سنة ونيف نزل عن الملك لولده بشتاسب
، فكان في زمانه ظهور دين المجوسية وذلك أن رجلاً اسمه زرادشت كان قد صحب
أرميا عليه السلام فأغضبه فدعا عليه أرميا عليه السلام فبرص زرادشت فذهب
فلحق بأرض أذربيجان وصحب بشتاسب فلقنه دين المجوسية الذي اخترعه من تلقاء
نفسه فقبله منه بشتاسب ، وحمل الناس عليه وقهرهم وقتل منهم خلقاً كثيراً
ممن أباه منهم .

ثم كان بعد بشتاسب بهمن بن بشتاسب وهو من ملوك الفرس المشورين والأبطال
المذكورين وقد ناب بختنصر لكل واحد من هؤلاء الثلاثة وعمر دهراً طويلاً
قبحه الله .

والمقصود أن هذا الذي ذكره ابن جرير من أن هذا المار على هذه القرية هو
أرميا عليه السلام ، قاله وهب بن منبه ، وعبد الله بن عبيد بن عمير وغيرهما
. وهو قوي من حيث السياق المتقدم ، وقد روى عن علي وعبد الله بن سلام وابن
عباس والحسن وقتادة والسدي وسليمان بن بردة وغيرهم أنه عزير . وهذا أشهر
عند كثير من السلف والخلف . . والله أعلم .

قصَصُ الأنبيَاء - صفحة 3 500092465

قصَصُ الأنبيَاء - صفحة 3 500092465

تحياتي لكم

قصَصُ الأنبيَاء - صفحة 3 500092465

قصَصُ الأنبيَاء - صفحة 3 500092465

قصَصُ الأنبيَاء - صفحة 3 483098003
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
المدير
AMINE PàTCHIKà
AMINE PàTCHIKà
المدير


الجنس : ذكر
الابراج الدلو
تاريخ الميلاد تاريخ الميلاد : 25/01/1988
العمر : 36

المدير العام
منتديات أمين عبلة الحب :

قصَصُ الأنبيَاء - صفحة 3 Empty
مُساهمةموضوع: رد: قصَصُ الأنبيَاء   قصَصُ الأنبيَاء - صفحة 3 Emptyالأحد يناير 13, 2013 12:46 pm

قصَصُ الأنبيَاء - صفحة 3 500092465

قصَصُ الأنبيَاء - صفحة 3 500092465

قصة العزير

قصَصُ الأنبيَاء - صفحة 3 500092465



قصَصُ الأنبيَاء - صفحة 3 500092465

قال الحافظ أبو القاسم بن عساكر : هو عزير بن جروة ، ويقال ابن سوريق بن
عديا بن أيوب بن درزنا عن عدي بن تقي بن أسبوع بن فنحاص بن العاذر بن هارون
بن عمران ويقال : عزير بن سروخا جاء في بعض الآثار أن قبره بدمشق ثم ساق
من طريق أبي القاسم البغوي عن داود بن عمرو ، عن حبان بن علي ، عن محمد بن
كريب ، عن أبيه ، عن ابن عباس مرفوعاً : لا أدري العزير بيع أم لا ، ولا
أدري أعزير كان نبياً أم لا

ثم رواه من حديث مؤمل بن الحسن ، عن محمد بن إسحاق السجزي ، عن عبد الرزاق ،
عن معمر ، عن ابن أبي ذئب ، عن سعيد المقبري ، عن أبي هريرة مرفوعاً نحوه

ثم روى من طريق إسحاق بن بشر ، وهو متروك عن جويبر ومقاتل ، عن الضحاك ، عن
ابن عباس : أن عزيراً كان ممن سباه بختنصر وهو غلام حدث ، فلما بلغ أربعين
سنة أعطاه الله الحكمة قال : ولم يكن أحد أحفظ ولا أعلم بالتوراة منه
قال : وكان يذكر مع الأنبياء حتى محا الله اسمه من ذلك حين سأله ربه عن
القدر

وهذا ضعيف ومنقطع ومنكر والله أعلم

وقال إسحاق بن بشر ، عن سعيد ، عن أبي عروبة ، عن قتادة ، عن الحسن ، عن
عبد الله ابن سلام ، أن عزيراً هو العبد الذي أماته الله مائة عام ثم بعثه

وقال إسحاق بن بشر : أنبأنا سعيد بن بشير ، عن قتادة ، عن كعب وسعيد بن أبي
عروبة ، عن قتادة ، عن الحسن ومقاتل وجويبر عن الضحاك ، عن ابن عباس وعبد
الله بن إسماعيل السدي عن أبيه ، عن مجاهد ، عن ابن عباس وإدريس ، عن جده
وهب بن منبه ، قال إسحاق : كل هؤلاء حدثوني عن عديث عزير ، وزاد بعضهم على
بعض قالوا بإسنادهم : إن عزيراً كان عبداً صالحاً خرج ذات يوم إلى ضيعة له
يتعاهدها ، فلما انصرف أتى إلى خربة حين قامت الظهيرة وأصابه الحر ، ودخل
الخربة وهو على حمار فنزل عن حماره ومعه سلة فيها تين وسلة فيها عنب ، فنزل
في ظل الخربة وأخرج قصعة معه فاعتصر من العنب الذي كان معه في القصعة تثم
أخرج خبزاً يابساً معه فألقاه في تلك القصعة في العصير ليبتل ليأكله ، ثم
استلقى على قفاه وأسند رجليه إلى الحائط فنظر سقف تلك البيوت ورأى ما فيها
وهي قائمة على عروشها وقد باد أهلها ورأى عظاماً بالية فقال :" أنى يحيي
هذه الله بعد موتها " فلم يشك أن الله يحييها ولكن قالها تعجباً فبعث الله
ملك الموت فقبض روحه ، فأماته الله مائة عام

فلما أتت عليه مائة عام ، وكانت فيما بين ذلك في بني إسرائيل أمور وأحداث
قال : فبعث الله إلى عزير ملكاً فخلق قلبه ليعقل به وعينيه لينظر بهما
فيعقل كيف يحيي الله الموتى ثم ركب خلفه وهو ينظر ، ثم كسى عظامه اللحم
والشعر والجلد ثم نفخ فهي الروح ، كل ذلك وهو يرى ويعقل ، فاستوى جالساً
فقال له الملك : كم لبثت ؟ قال : لبثت يوماً أو بعض يوم ، وذلك أنه كان لبث
صدر النهار عند الظهيرة وبعث في آخر النهار والشمس لم تغب ، فقال : أو بعض
يوم ولم يتم لي يوم فقال له الملك : بل لبثت مائة عام فانظر إلى طعامك
وشرابك ، يعني الطعام الخبز يابس ، فذلك قوله : " لم يتسنه " يعني لم يتغير
، وكذلك التين والعنب غض لم يتغير شيء من حالهما ، فكأنه أنكر في قلبه
فقال له الملك : أنكرت ما قلت لك ؟ فانظر إلى حمارك فنظر إلى حماره قد
بليت عظامه وصارت نخرة فنادى الملك عظام الحمار فأجابت وأقبلت من كل ناحية
حتى ركبه الملك وعزير ينظر إليه ثم ألبسها العروق والعصب ، ثم كساها اللحم
ثم أنبت عليها الجلد والشعر ، ثم نفخ فيه الملك فقام الحمار رافعاً رأسه
وأذنيه إلى السماء ناهقاً يظن القيامة قد قامت فذلك قوله :" وانظر إلى
حمارك ولنجعلك آية للناس وانظر إلى العظام كيف ننشزها ثم نكسوها لحما "
يعني وانظر إلى عظام حمارك كيف يركب بعضها بعضاً في أوصالها حتى إذا صارت
عظاماً مصوراً حماراً يلا لحم ، ثم انظر كيف نكسوها لحماً :" فلما تبين له
قال أعلم أن الله على كل شيء قدير " من إحياء الموتى وغيره

قال : فركب حماره حتى أتى محلته فأنكره الناس وأنكر الناس ، وأنكر منزله ،
فانطلق على وهم منه حتى أتى منزله ، فإذا هو بعجوز عمياء مقعدة قد أتى
عليها مائة وعشرون سنة كانت أمة لهم ، فخرج عنهم عزير وهي بنت عشرين سنة
كانت عرفته وعقلته ، فلما أصابها الكبر أصابها الزمانه ، فقال لها عزير :
يا هذه أهذا منزل عزير ؟ قالت : نعم هذا منزل عزير فبكت وقالت : ما رأيت
أحداً من كذا وكذا سنة يذكر عزيراً وقد نسيه الناس قال : فإني أنا عزير
كان الله أماتني مائة سنة ثم بعثني قالت : سبحان الله ! فإن عزيراً قد
فقدناه منذ مائة سنة فلم نسمع له بذكر قال : فإني أنا عزير قالت : فإن
عزيراً رجل مستجاب الدعوة يدعو للمريض ولصاحب البلاء بالعافية والشفاء ،
فادع الله أن يرد علي بصري حتى أراك فإن كنت عزيراً عرفتك

قال : فدعا ربه ومسح بيده على عينيها فصحتا وأخذ بيدها وقال : قومي بإذن
الله فأطلق الله رجليها فقامت صحيحة كأنما نشطت من عقال فنظرت فقالت :
أشهد أنك عزير

وانطلقت إلى محلة بني إسرائيل وهم في أنديتهم ومجالسهم ، وابن لعزير شيخ
ابن مائة سنة وثماني عشر سنة وبني بنيه شيوخ في المجلس ، فنادتهم فقالت :
هذا عزير قد جاءكم فكذبوها فقالت أنا فلانة مولاتكم دعا لي ربه فرد علي
بصري وأطلق رجلي وزعم أن الله أماته مائة سنة ثم بعثه قال : فنهض الناس
فأقبلوا إليه فنظروا إليه فقال ابنه : كان لأبي شامة سوداء بين كتفيه ،
فكشف عن كتفيه فإذا هو عزير ، فقالت بنو إسرائيل : فإنه لم يكن فينا أحد
حفظ التوراة فيما حدثنا غير عزير ، وقد حرق بختنصر التوراة ولم يبق منها
شيء إلا ما حفظت الرجال ، فاكتبها لنا وكان أبوه سروخا قد دفن التوراة أيام
بختنصر في موضع لم يعرفه أحد غير عزير ، فانطلق بهم إلى ذلك الموضع فحفره
فاستخرج التوراة وكان قد عفن الورق ودرس الكتاب

قال : وجلس في ظل شجرة وبنو إسرائيل حوله فجدد لهم التوراة ونزل من السماء
شهابان حتى دخلا جوفه ، فتذكر التوراة فجددها لبني إسرائيل ، فمن ثم قالت
اليهود : عزير ابن الله ، للذي كان من أمر الشهابين وتجديده التوراة وقيامه
بأمر بني إسرائيل ، وكان جدد لهم التوراة بأرض السواد بدير حزقيل ،
والقرية التي مات فيها يقال لها سايراباذ

قال ابن عباس : فكان كما قال الله تعالى : " ولنجعلك آية للناس " يعني لبني
إسرائيل ، وذلك أنه كان يجلس مع بنيه وهم شيوخ وهو شاب لأنه مات وهو ابن
الأربعين سنة ، فبعثه الله شاباً كيئته يوم مات قال ابن عباس : بعث بعد
بختنصر وكذلك قال الحسن

وقد أنشد أبو حاتم السجستاني في معنى ما قاله ابن عباس :

اسود رأس شاب من قبله ابنه ومن قبله ابن ابنه فهو أكبر

يرى ابنه شيخاً يدب على العصا وليحته سوداء والرأس أشقر

وما لابنه حيل ولا فضل قوة يقوم كما يمشي الصبي فيعثر

يعد ابنه في الناس تسعين حجة وعشرين لا يجري ولا يتبختر

وعمر أبيه أربعون أمرها ولابن ابنه تسعون في الناس غبر

فما هو في المعقول إن كنت دارياً وإن كنت لا تدري فبالجهل تعذر

فصل

المشهور أن عزيراً نبي من أنبياء بني إسرائيل ، وأنه كان فيما بين داود
وسليمان وبين زكريا ويحيى ، وأنه لما لم يبق في بني إسرائيل من يحفظ
التوراة ألهمه الله حفظها فسردها على بني إسرائيل ، كما قال وهب بن منبه :
أمر الله ملكاً فنزل بمغرفة من نور فقذفها في عزير فنسخ التوراة حرفاً حتى
فرغ منها

وروى ابن عساكر عن ابن عباس أنه سأل عبد الله بن سلام عن قول الله تعالى :"
وقالت اليهود عزير ابن الله " لم قالوا ذلك ؟ فذكر له ابن سلام ما كتبه
لبني إسرائيل التوراة من حفظه ؟ وقول بني إسرائيل : لم يستطع موسى أن
يأتينا بالتوراة إلا في كتاب وإن عزيراً قد جاءنا بها من غير كتاب فرماه
طوائف منهم وقالوا : عزير ابن الله

ولهذا يقول كثير من العلماء : إن تواتر التوراة انقطع في زمن العزير

وهذا متجه جداً إذا كان العزير غير نبي كما قاله عطاء بن أبي رباح والحسن
والبصري وفيما رواه إسحاق بن بشر عن مقاتل بن سليمان ، عن عطاء ، وعن
عثمان بن عطاء الخرساني عن أبيه ، ومقاتل عن عطاء ابن أبي رباح قال : كان
في الفترة تسعة أشياء : بختنصر وجنة صنعاء وجنة سبأ وأصحاب الأخدود وأمر
حاصورا وأصحاب الكهف وأصحاب الفيل ومدينة أنطاكية وأمر تبع

وقال إسحاق بن بشر : أنبانا سعيد ، عن قتادة عن الحن قال : كان أمر عزير وبختنصر في الفترة

وقد ثبت في الصحيح أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قال :" إن أولى الناس بابن مريم لأنا ، إنه ليس بيني وبينه نبي "

وقال وهب بن منبه : كان فيما بين سليمان وعيسى عليهما السلام

وقد روى ابن عساكر عن أنس بن مالك وعطاء بن السائب أن عزيراً كان في زمن
موسى ابن عمران ، وأنه استأذن عليه فلم يأذن له ، يعني لما كان من سؤاله عن
القدر ، وأنه انصرف وهو يقول : مائة موتة أهون من ذلك ساعة

وفي معنى قول عزير : مائة موتة أهو من ذل ساعة قول بعض الشعراء :

قد يصبر الحر على السيف ويأنف الصبر على الحيف

ويؤثر الموت على حالة يعجز فيها عن قرى الضيف

فأما ما روى ابن عساكر وغيره عن ابن عباس ونوف البكالي وسفيان الثوري
وغيرهم ، من أنه سأل عن القدر فمحي اسمه من ذكر الأنبياء ، فهو منكر وفي
صحته نظر ، وكأنه مأخود من الإسرائيليات

وقد روى عبد الرزاق وقتيبة بن سعيد ، عن جعفر بن سليمان ، عن أبي عمران
الجوني ، عن نوف البكالي قال : قال عزير فيما يناجي به : يا رب تخلق
خلقاً فتضل من تشاء وتهدي من تشاء ؟ فقيل له : أعرض عن هذا فعاد فقيل له :
لتعرضن عن هذا أو لأمحون اسمك من الأنبياء إني لا أسأل عما أفعل وهم
يسألون وهذا يقتضي وقوع ما توعد عليه لما عاد فما محى

وقد روى الجماعة سوى الترمذي من حديث يونس عن يزيد ، عن سعيد وأبي سلمة ،
عن أبي هريرة ، وكذلك رواه شعيب عن أبي الزناد ، عن الأعرج ، عن أبي هريرة ،
قال : قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) :" نزل نبي من الأنبياء تحت
شجرة فلدغته نملة فأمر بجهازه فأخرج من تحتها ثم أمر بها فأحرقت بالنار ،
فأوحى الله إليه : فهلا نملة واحدة " فروى إسحاق بن بشر عن ابن جريج ، عن
عبد الوهاب بن مجاهد ، عن أبيه : أنه عزير ، وكذا روى عن ابن عباس والحسن
البصري أنه عزير والله أعلم

قصَصُ الأنبيَاء - صفحة 3 500092465

قصَصُ الأنبيَاء - صفحة 3 500092465

تحياتي لكم

قصَصُ الأنبيَاء - صفحة 3 500092465

قصَصُ الأنبيَاء - صفحة 3 500092465

قصَصُ الأنبيَاء - صفحة 3 483098003
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
المدير
AMINE PàTCHIKà
AMINE PàTCHIKà
المدير


الجنس : ذكر
الابراج الدلو
تاريخ الميلاد تاريخ الميلاد : 25/01/1988
العمر : 36

المدير العام
منتديات أمين عبلة الحب :

قصَصُ الأنبيَاء - صفحة 3 Empty
مُساهمةموضوع: رد: قصَصُ الأنبيَاء   قصَصُ الأنبيَاء - صفحة 3 Emptyالأحد يناير 13, 2013 12:48 pm

قصَصُ الأنبيَاء - صفحة 3 500092465

قصَصُ الأنبيَاء - صفحة 3 500092465

قصة زكريا ويحيى عليهما السلام

قصَصُ الأنبيَاء - صفحة 3 500092465



قصَصُ الأنبيَاء - صفحة 3 500092465


قال الله تعالى في كتابه العزيز : بسم الله الرحمن الرحيم :" كهيعص * ذكر
رحمة ربك عبده زكريا * إذ نادى ربه نداء خفيا * قال رب إني وهن العظم مني
واشتعل الرأس شيبا ولم أكن بدعائك رب شقيا * وإني خفت الموالي من ورائي
وكانت امرأتي عاقرا فهب لي من لدنك وليا * يرثني ويرث من آل يعقوب واجعله
رب رضيا * يا زكريا إنا نبشرك بغلام اسمه يحيى لم نجعل له من قبل سميا *
قال رب أنى يكون لي غلام وكانت امرأتي عاقرا وقد بلغت من الكبر عتيا * قال
كذلك قال ربك هو علي هين وقد خلقتك من قبل ولم تك شيئا * قال رب اجعل لي
آية قال آيتك أن لا تكلم الناس ثلاث ليال سويا * فخرج على قومه من المحراب
فأوحى إليهم أن سبحوا بكرة وعشيا * يا يحيى خذ الكتاب بقوة وآتيناه الحكم
صبيا * وحنانا من لدنا وزكاة وكان تقيا * وبرا بوالديه ولم يكن جبارا عصيا *
وسلام عليه يوم ولد ويوم يموت ويوم يبعث حيا "

وقال تعالى :" وكفلها زكريا كلما دخل عليها زكريا المحراب وجد عندها رزقا
قال يا مريم أنى لك هذا قالت هو من عند الله إن الله يرزق من يشاء بغير
حساب * هنالك دعا زكريا ربه قال رب هب لي من لدنك ذرية طيبة إنك سميع
الدعاء * فنادته الملائكة وهو قائم يصلي في المحراب أن الله يبشرك بيحيى
مصدقا بكلمة من الله وسيدا وحصورا ونبيا من الصالحين * قال رب أنى يكون لي
غلام وقد بلغني الكبر وامرأتي عاقر قال كذلك الله يفعل ما يشاء * قال رب
اجعل لي آية قال آيتك أن لا تكلم الناس ثلاثة أيام إلا رمزا واذكر ربك
كثيرا وسبح بالعشي والإبكار "

وقال تعالى في سورة الأنبياء :" وزكريا إذ نادى ربه رب لا تذرني فردا وأنت
خير الوارثين * فاستجبنا له ووهبنا له يحيى وأصلحنا له زوجه إنهم كانوا
يسارعون في الخيرات ويدعوننا رغبا ورهبا وكانوا لنا خاشعين "

وقال تعالى :" وزكريا ويحيى وعيسى وإلياس كل من الصالحين "

قال الحافظ أبو القاسم بن عساكر في كتابه التاريخ المشهور الحافل : زكريا
بن برخيا ويقال زكريا بن دان ، ويقال زكريا بن لدن بن مسلم بن صدوق بن
حشبان بن داود بن سليمان بن مسلم بن صديقة بن برخيا بن بلعطة بن ناحور بن
شلوم بن بهفاشاط بن اينامن ابن رحيعام بن سليمان بن داود ، أبو يحيى النبي
عليه السلام من نبي إسرائيل

دخل البثنة من أعمال دمشق في طلب ابنه يحيى وقيل إنه كان بدمشق حين قتل
ابنه يحيى والله أعلم وقد قيل غير ذلك في نسبه ويقال فيه زكريا بالمد
والقصر ، ويقال زكري أيضاً

والمقصود أن الله تعالى أمر رسوله (صلى الله عليه وسلم) أن يقص على الناس
خبر زكريا عليه السلام وما كان من أمره حين وهبه الله ولداً على الكبر
وكانت امرأته مع ذلك عاقراً في حال شبيبتها وقد أسنت أيضاً حتى لا ييأس أحد
من فضل الله ورحمته ولا يقنط من فضله تعالى :" ذكر رحمة ربك عبده زكريا *
إذ نادى ربه نداء خفيا " قال قتادة عند تفسيرها : إن الله يعلم القلب النقي
ويسمع الصوت الخفي ، وقال بعض السلف : قام من الليل فنادى ربه مناداة
أسرها عمن كان حاضراً عنده مخافته فقال : يا رب يا رب يا رب فقال الله :
لبيك لبيك لبيك " قال رب إني وهن العظم مني " أي ضعف وخار من الكبر "
واشتعل الرأس شيبا " استعارة من اشتعال النار في الحطب أي غلب على سواد
الشعر شيبه كما قال ابن دريد في مقصورته :

أما ترى رأسي حاكى لونه طرة صبح تحت أذيال الدجا

واشتعل المبيض في مسوده مثل اشتعال النار في جمر الغضا

وآض عود اللهم يبساً ذاوياً من بعد ما قد كان مجاج الثرى

يذكر أن الضعف قد استحوذ عليه باطناً وظاهراً وهكذا قال زكريا عليه السلام :" إني وهن العظم مني واشتعل الرأس شيبا "

وقوله :" ولم أكن بدعائك رب شقيا " أي ما عودتني فيما أسألك إلا الإجابة
وكان الباعث له على هذه المسألة أنه لما كفل مريم بنت عمران بن ماثان ،
وكانت كلما دخل عليها محرابها وجد عندها فاكهة في غير إبانها ولا في أوانها
وهذه من كرامات الأولياء ، فعلم أن الرزاق للشيء في غير أوانه قادر على ان
يرزقه ولداً وإن كان قد طعن في سنه " هنالك دعا زكريا ربه قال رب هب لي من
لدنك ذرية طيبة إنك سميع الدعاء " وقوله :" وإني خفت الموالي من ورائي
وكانت امرأتي عاقرا " قيل المراد بالموالي العصبة ، وكأنه خاف من تصرفهم
بعده في بني إسرائيل بما لا يوافق شرع الله وطاعته فسأل وجود ولد من صلبه
يكون براً تقياً مرضياً ولهذا قال :" فهب لي من لدنك " أي من عندك بحولك
وقوتك " وليا * يرثني " أي في النبوة والحكم في بني إسرائيل " ويرث من آل
يعقوب واجعله رب رضيا " يعني كما كان آباؤه وأسلافه من ذرية يعقوب أنبياء
فاجعله مثلهم في الكرامة التي أكرمتهم بها من النبوة والوحي ، وليس المراد
هاهنا وراثة المال كما زعم ذلك من زعمه من الشيعة ووافقهم ابن جرير هاهنا
وحكاه عن أبي صالح من السلف ، لوجوه :

أحدها : ما قدمناه عند قوله تعالى :" وورث سليمان داود " أي في النبوة
والملك لما ذكرنا في الحديث المتفق عليه بين علماء الموري في الصحاح
والمسانيد والسنن وغيرها من طرق عن جماعة من الصحابة أن رسول الله (صلى
الله عليه وسلم) قال :" لا نورث ما تركنا فهو صدقة " فهذا نص على أن رسول
الله (صلى الله عليه وسلم) لا يورث ، ولهذا منع الصديق أن يصرف ما كان يختص
به في حياته إلى أحد من ورثته الذين لولا هذا النص لصرف إليهم ، وهم ابنته
فاطمة وأزواجه التسع وعمه العباس رضي الله عنهم ، تواحتج عليهم الصديق في
منعه إياهم بهذا الحديث ، وقد وافقه على روايته عن رسول الله (صلى الله
عليه وسلم) عمر بن الخطاب وعثمان بن عفان وعلي بن ابي طالب والعباس بن عبد
المطلب وعبد الرحمن بن عوف وطلحة والزبير وأبو هريرة وآخرون رضي الله عنهم

والثاني : أن الترمذي رواه بلفظ يعم سائر الأنبياء :" نحن معاشر الأنبياء لا نورث " وصححه

الثالث : أن الدنيا كانت أحقر عند الأنبياء من أن يكنزوا لها أو يلتفتوا
إليها أو يهمهم أمرها حتى يسالوا الأولاد ليحوزوها بعدهم ، فإن من لا يصل
إلى قريب من منازلهم في الزهادة لا يهتم بهذا المقدار أن يسأل ولداً يكون
وارثاً له فيها

الرابع : أن زكريا عليه السلام كان نجاراً بعمل بيده ويأكل من كسبها ، كما
كان داود عليه السلام يأكل من كسب يده ، والغالب ولا سيما من مثل حال
الأنبياء أنه لا يجهد نفسه في العمل إجهاداً يستفضل منه مالاً يكون ذخيرة
له ولمن يخلفه من بعده ، وهذا أمر بين واضح لكل من تأمله وتدبره وتفهمه
إن شاء الله

قال الإمام أحمد : حدثنا يزيد ، يعني ابن هارون ، أنبأنا حماد بن سلمة ن عن
ثابت ، عن أبي رافع ، عن أبي هريرة أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قال
:" كان زكريا نجاراً " وهكذا رواه مسلم و ابن ماجه من غير وجه ، عن
حماد بن سلمة به

وقوله :" يا زكريا إنا نبشرك بغلام اسمه يحيى لم نجعل له من قبل سميا "
وهذا مفسر بقوله :" فنادته الملائكة وهو قائم يصلي في المحراب أن الله
يبشرك بيحيى مصدقا بكلمة من الله وسيدا وحصورا ونبيا من الصالحين "

فلما بشر بالولد وتحقق البشارة شرع يستعلم على وجه التعجب وجود الولد له
والحالة هذه " قال رب أنى يكون لي غلام وكانت امرأتي عاقرا وقد بلغت من
الكبر عتيا " أي كيف يوجد ولد من شيخ كبير ، قيل كان عمره إذ ذاك سبعاً
وسبعين سنة ، والأشبه والله أعلم أنه كان أسد من ذلك " وكانت امرأتي عاقرا "
يعني وقد كانت امرأتي في حال شبيبتها عاقراً لا تلد والله أعلم

كما قال الخليل :" أبشرتموني على أن مسني الكبر فبم تبشرون " وقالت سارة :"
يا ويلتى أألد وأنا عجوز وهذا بعلي شيخا إن هذا لشيء عجيب * قالوا أتعجبين
من أمر الله رحمة الله وبركاته عليكم أهل البيت إنه حميد مجيد "

وهكذا أجيب زكريا عليه السلام قال له الملك الذي يوحي إليه بأمر ربه :"
كذلك قال ربك هو علي هين " أي هذا سهل يسير عليه " وقد خلقتك من قبل ولم تك
شيئا " أي قدرته ، أوجدتك بعد أن لم تكن شيئاً مذكوراً أفلا يوجد منك ولد
وإن كنت شيئاً ؟ !

وقال تعالى :" فاستجبنا له ووهبنا له يحيى وأصلحنا له زوجه إنهم كانوا
يسارعون في الخيرات ويدعوننا رغبا ورهبا وكانوا لنا خاشعين " ومعنى إصلاح
زوجته أنها كانت لا تحيض فحاضت وقيل كان في لسانها شيء ، أي بذاءة

" قال رب اجعل لي آية " أي علامة على وقت تعلق مني المرأة بهذا الولد
المبشر به " قال آيتك أن لا تكلم الناس ثلاث ليال سويا " يقول علامة ذلك أن
يعتريك سكت لا تنطق معه ثلاثة أيام إلا رمزاً وأنت في ذلك سوى الخلق صحيح
المزاج معتدل البنية ، وأمر بكثرة الذكر في هذه الحال بالقلب واستحضار ذلك
بفؤاده بالعشي والإبكار ، فلما بشر بهذه البشارة خرج مسروراً بها على قومه
من محرابه " فأوحى إليهم أن سبحوا بكرة وعشيا " والوحي هاهنا هو الأمر
الخفي إما بكتابة ، كما قاله مجاهد والسدي ، أو إشارة كما قاله مجاهد أيضاً
ووهب وقتادة ، قال مجاهد وعكرمة ووهب والسدي وقتادة : اعتقل لسانه من غير
مرض وقال ابن زيد : كان يقرأ ويسبح ولكن لا يستطيع كلام أحد

وقوله تعالى :" يا يحيى خذ الكتاب بقوة وآتيناه الحكم صبيا " يخبر تعالى عن
وجود الولد وفق البشارة الإلهية لأبيه زكريا عليه السلام وأن الله علمه
الكتاب والحكمة وهو صغير في حال صباه

قال عبد الله بن المبارك : قال معمر : قال الصبيان ليحيى بن زكريا : اذهب
بنا نلعب فقال : ماللعب خلقنا قال : وذلك قوله :" وآتيناه الحكم صبيا "

وأما قوله :" وحنانا من لدنا " فروى ابن جرير عن عمرو بن دينار عن عكرمة عن
ابن عباس أنه قال : لا أدري ما الحنان وعن ابن عباس ومجاهد وعكرمة وقتادة
والضحاك : " وحنانا من لدنا " أي رحمة من عندنا رحمنا بها زكريا فوهبنا له
هذا الولد ، وعن عكرمة : " وحنانا " أي محبة عليه ، ويحتمل أن يكون ذلكصفة
لتحنن يحيى على الناس ولا سيما على أبويه ، وهو محتبهما والشفقة عليهما
وبره بهما

وأما الزكاة فهو طهارة الخلق وسلامته من النقائص والرذائل والتقوى طاعة الله بامتثال أوامره وترك زواجره

ثم ذكر بره بوالديه وطاعته لهما أمراً ونهياً وترك عقوقهما قولاً وفعلاً
فقال :" وبرا بوالديه ولم يكن جبارا عصيا " ثم قال " وسلام عليه يوم ولد
ويوم يموت ويوم يبعث حيا " هذه الأوقات الثلاثة أشد ما تكون على الإنسان ،
فإنه ينتقل في كل منها من عالم إلى عالم آخر ، فيفقد الأول بعد ما كان ألفه
وعرفه ، ويصير إلى الأخر ولا يدري ما بين يديه ، ولهذا يستهل صارخاً إذا
خرج من بين الأحشاء وفارق لينها وضمها ، وينتقل إلى هذه الدار ليكابد
همومها وغمها !

وكذلك إذا فارق هذه الدار وانتقل إلى عالم البرزخ بينهما وبين دار القرار ،
وصار بعد الدور والصور إلى عرصة الأموات سكان القبور ، وانتظر هناك النفخة
في الصور ليوم البعث والنشور ، فمن مسرور ومحبور ومن محزون ومثبور ، وما
بين جيبر وكسير وفريق في الجنة وفريق في السعير ، ولقد أحسن بعض الشعراء
حيث يقول :

ولدتك أمك باكياً مستصرخاً والناس حولك يضحكون سرورا

فاحرص لنفسك أن تكون إذا بكوا في يوم موتك ضاحكاً مسرورا

ولما كانت هذه الواطن الثلاثة أشق ما تكون على ابن آدم سلم الله على يحيى
في كل مواطن منها فقال :" وسلام عليه يوم ولد ويوم يموت ويوم يبعث حيا "

وقال سعيد بن أبي عروبة ، عن قتادة أن الحسن قال : إن يحيى وعيسى التقيا ،
فقال له عيسى : استغفر لي أنت خير مني ، فقال له الآخر : استغفر لي أنت خير
مني ، فقال له عيسى : أنت خير مني سلمت على نفسير وسلم الله عليك فعرف
والله فضلهما

وأما قوله في الآية الأخرى :" وسيدا وحصورا ونبيا من الصالحين " فقيل
المراد بالحصور الذي لا يأتي النساء ، وقيل غير ذلك ، وهو أشبه لقوله :" هب
لي من لدنك ذرية طيبة "

وقد قال الإمام أحمد : حدثنا عفان : حدثنا حماد ، أنبأنا علي بن زيد ، عن
يوسف بن مهران ، عن ابن عباس أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قال :" ما
من أحد من ولد آدم إلا وقد أخطأ أو هم بخطيئة ليس يحيى بن زكريا ، وما
ينبغي لأحد يقول أنا خير من يونس بن متى "

علي بن زيد بن جدعان تكلم فيه غير واحد من الأئمة ، وهو منكر الحديث وقد
رواه ابن خزيمة والدارقطني من طريق أبي عاصم العباداني ، عن علي بن زيد بن
جدعان به مطولاً ثم قال ابن خزيمة : وليس على شرطنا

وقال ابن وهب : حدثني بن لهيعة ، عن عقيل ، عن ابن شهاب ، قال : خرج رسول
الله (صلى الله عليه وسلم) على أصحابه يوماً وهم يتذاكرون فضل الأنبياء
فقال قائل : موسى كليم الله وقال قائل : عيسى روح الله وكلمته ، وقال قائل
: إبراهيم خليل الله ، وهم يذكرون ذلك فقال :" أين الشهيد بن الشهيد ،
يلبس الوبر ويأكل الشجر مخافة الذنب " قال ابن وهب : يريد يحيى بن زكريا

وقد رواه محمد بن إسحاق وهو مدلس ، عن يحيى بن سعيد الأنصاري ، عن سعيد بن
المسيب ، حدثني ابن العاص ، أنه سمع رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يقول
:" كل ابن آدم يأتي يوم القيامة وله ذنب إلا ما كان من يحيى بن زكريا "

فهذا من رواية ابن إسحاق وهو من المدلسين وقد عنعن هاهنا

ثم قال عبد الرزاق ، عن معمر ، عن قتادة ، عن سعيد بن المسيب مرسلاً

ثم رأيت ابن عساكر ساقه من طريق أبي أسامة ، عن يحيى بن سعيد الأنصاري ، ثم
رواه ابن عساكر من طريق إبراهيم بن يعقوب الجوزجاني خطيب دمشق : حدثنا
محمد بن الأصبهاني ، حدثنا أبو خالد الأحمر ، عن يحيى بن سعيد ، عن سعيد بن
المسيب ، عن عبد الله ابن عمرو قال : ما أحد إلا يلقى الله بذنب إلا يحيى
بن زكريا ثم تلا " وسيدا وحصورا " ثم رفع شيئاً من الأرض فقال : ما كان
معه إلا مثل هذا ، ثم ذبح ذبحاً !

وهذا موقوف من هذا الطريق وكونه موقوفاً أصح من رفعه والله أعلم ، وأورده
ابن عساكر من طرق عن معمر : من ذلك ما أورده من حديث إسحاق بن بشر ، وهو
ضعيف ، عن عثمان بن ساج ، عن ثور بن يزيد ، عن خالد بن معدان ، عن معاذ عن
النبي (صلى الله عليه وسلم) بنحوه

وروى عن طريق أبي داود الطيالسي وغيره ، عن الحكم بن عبد الرحمن بن أبي
نعيم ، عن أبيه ،عن أبي سعيد قال : قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) :"
الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة إلا ابني الخالة يحيى وعيسى عليهما
السلام "

وقال أبو نعيم الحافظ الأصبهاني : حدثنا إسحاق بن أحمد ، حدثنا إبراهيم بن
يوسف ، حدثنا أحمد بن أبي الحواري ، سمعت أبا سليمان يقول : خرج عيسى ابن
مريم ويحيى بن زكريا يتماشيان ، فصدم يحيى امرأة فقال له عيسى : يا ابن
خالة لقد أصبت اليوم خطيئة ما أظن أنه يغفر لك أبداً قال : وما هي يا
ابن خالة ؟ قال : امرأة صدمتها قال : والله ما شعرت بها قال : سبحان
الله بدنك معي فأين روحك ؟ قال : معلق بالعرش ولو أن قلبي اطمأن إلى
جبريل لظننت أني ما عرفت الله طرقة عين فيه غرابة وهو من الإسرائيليات

وقال إسرائيل عن أبي حصين ، عن خيثمة ، قال : كان عيسى ابن مريم ويحيى بن
زكريا ابني خالة وكان عيسى يلبس الصوف وكان يحيى يلبس الوبر ولم يكن لواحد
منهما دينار ولا درهم ولا عبد ولا أمة ولا مأوى يأويان إليه ، أين ما جنهما
الليل أويا ، فلما أرادا أن يتفرقا قال يحيى : أوصني قال : لا تغضب قال :
لا أستطيع إلا أن أغضب قال : لا تقتن مالاً قال : أما هذه فعسى

وقد اختلفت الرواية عن وهب بن منبه : هل مات زكريا عليه السلام موتاً أو
قتل قتلاً ؟ على روايتين فروى عبد المنعم بن إدريس بن سنان ، عن أبيه ، عن
وهب بن منبه ، أنه قال : هرب من قومه فدخل شجرة فجاءوا فوضعوا المنشار
عليهما ، فلما وصل المنشار إلى أضلاعه أن ، فأوحى الله إليه : لئن لم يسكن
انينك لأقلبن الأرض ومن عليها فسكن أنينه حتى قطع باثنتين

وقد روى هذا في حديث مرفوع سنورده بعد إن شاء الله

وروى إسحاق بن بشر ، عن إدريس بن سنان ، عن وهب أنه قال : الذي انصدعت له الشجرة هو شعيا ، فأما زكريا فمات موتاً فالله أعلم

وقال الإمام أحمد : حدثنا عفان ، أنبأنا أبو خلف موسى بن خلف ، - وكان يعد
من البدلاء - حدثنا يحيى بن أبي كثير ، عن زيد بن سلام ، عن جده ممطور ،
عن الحارث الأشعري أن النبي (صلى الله عليه وسلم) قال : إن الله أمر يحيى
بن زكريا بخمس كلمات أن يعمل بهن وأن يأمر بني إسرائيل أن يعملوا بهن ،
فإما أن تبلغهن وإما أن أبلغهن فقال : يا أخي إني أخشى إن سبقتني أن
أعذب أويخف بي قال : فجمع يحيى بني إسرائيل في بيت المقدس حتى امتلأ
المسجد فقعد على الشرف فحمد الله وأثنى عليه ثم قال : إن الله عز وجل أمرني
بخمس كلمات أن أعمل بهن وآمركن أن تعملوا بهن وأولهن أن تعبدوا الله لا
تشركوا به شيئاً ، فإن مثل ذلك مثل من اتشرى عبداً من خالص ماله بورق أو
ذهب فجعل يعمل ويؤدي غلبته إلى غير سيده ، فأيكم يسره أن يكون عبده كذلك ،
وإن الله خلقكم ورزقكم فاعدوه ولا تشركوا به شيئاً

آمركم بالصلاة فإن الله ينصب وجه قبل عبده مالم يلتفت فإذا صليتم فلا تلتفتوا

وآمركم بالصيام فإن الله مثل ذلك كمثل رجل معه صرة من مسك في عصابة كلهم
يجد ريح المسك ، وإن خلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك

وآمركم بالصدقة ، فإن مثل ذلك كمثل رجل أسره العدو فشدوا يده إلى عنقه
وقدموه ليضربوا عنقه فقال : هل لكم أن أفتدي نفسي منكم فجعل يفتدي نفسه
منهم بالقليل والكثير حتى فك نفسه

وآمركم بذكر الله عز وجل كثيراً ، فإن مثل ذلك كمثل رجل طلبه العدو سراعاً
في أثره فأتى حصناً حصيناً فتحصن فيه ، وإن العبد أحصن ما يكون من الشيطان
إذا كان في ذكر الله عز وجل

قال : وقال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) :" وأنا آمركم بخمس الله أمرني
بهن : بالجماعة والسمع والطاعة والهجرة والجهاد في سبيل الله ، فإن من خرج
عن الجماعة قيد شبر فقد خلق ربق الإسلام من عنقه إلا أن يرجع ، ومن دعا
بدعوى الجاهلية فهو من حثا جهنم ، قال : يا رسول الله وإن صام وصلى ؟
قال : وإن صام بدعوى الجاهلية وزعم أنه مسلم ، ادعوا المسلمين بأسمائهم بما
سماهم الله عز وجل المسلمين المؤمنين عباد الله عز وجل "

وهكذا رواه أبو يعلى عنهدبة بن خالد ،عن أبان بن زيد ، عن يحيى بن أبي كثير
به وكذلك رواه الترمذي من حديث أبي داود الطيالسي وموسى بن إسماعيل ،
وكلاهما عن أبان بن يزيد العطار به ، ورواه ابن ماجه عن هشام بن عمار ، عن
محمد بن شعيب بن سابور ، عن معاوية بن سلام عن أخيه زيد بن سلام ، عن أبي
سلام ، عن الحارث الأشعري به ، ورواه الحاكم من طريق مروان بن محمد الطاطري
، عن معاوية بن سلام ، عن أخيه به ثم قال : تفرد به مروان الطاطري ، عن
معاوية بن سلام

قلت : وليس كما قال ورواه الطبراني عن محمد بن عبدة ، عن أبي توبة
الربيع بن نافع ، عن معاوية بن سلام ، عن أبي سلام ، عن الحارث الأشعري
فذكر نحوه فسقط ذكر زيد بن سلام ، عن أبي سلام ، عن الحارث الأشعري فذكر
نحو هذه الرواية

ثم روى الحافظ ابن عساكر من طريق عبد الله بن أبي جعفر الرازي ، عن أبيه ،
عن الربيع بن أنس ، قال : ذكر لنا عن أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وسلم)
فيم سمعوا من علماء بني إسرائيل أن يحيى بن زكريا أرسل بخمس كلمات وذكر
نحون ما تقدم

وقد ذكروا أن يحيى عليه السلام كان كثير الانفراد من الناس ، إنما كان يأنس
إلى البراري ويأكل من ورق الأشجار ويرد ماء الأنهار ويتغذى بالجراد في بعض
الأحيان ، ويقول : من أنعم منك يا يحيى ؟

وروى ابن عساكر أن أبويه خرجا في تطلبه فوجداه عند بحيرة الأردن فلما
اجتمعا به أبكاهما بكاء شديداً لما هو فيه من العبادة والخوف من الله عز
وجل

وقال ابن وهب عن مالك ، عن حميد بن قيس عن مجاهد قال كان طعام يحيى بن
زكريا العشب ، وإنه كان ليبكي من خشية الله حتى لو كان القار على عينيه
لخرقه

وقال محمد بن يحيى الذهلي : حدثنا الليث ، حدثني عقيل ، عن ابن شهار ، قال :
جلست يوماً إلى أبي إدريس الخولاني وهو يقص فقال : ألا أخبركم بمن كان
أطيب الناس طعاماً ؟ فلما رأى الناس قد نظروا إليه قال : إن يحيى بن زكريا
كان أطيب الناس طعاماً ؟ إنما كان يأكل مع الوحش كراهة أن يخالط الناس في
معايشتهم

وقال ابن المبارك عن وهيب بن الورد قال : فقد زكريا ابنه يحيى ثلاثة أيام
فخرج يلتمسه في البرية فإذا هو قد احتفر قبراً وأقام فيه يبكي على نفسه ،
فقال : يا بني أنا أطلبك من ثلاثة أيام وأنت في قبر احتفرته قائم تبكي
فيه ؟ فقال : يا أبت ألست أنت أخبرتني أن بيت الجنة والنار مفازة لا تقطع
إلا بدموع البكائين فقال له : ابك يا بني فبكيا جميعاً وهكذا حكاه وهب
بن منبه ومجاهد بنحوه

وروى ابن عساكر عنه أنه قال : إن أهل الجنة لا ينامون للذة ما هم فيه من
النعيم ، فكذا ينبغي للصديقين ألا يناموا لما في قلوبهم من نعيم المحبة لله
عز وجل ثم قال : كم بين النعيمين وكم بينهما

وذكروا أنه كان كثير البكاء حتى أثر البكاء في خديه من كثرة دموعه

بيان سبب قتل يحيى عليه السلام

وذكروا في قتله أسباباً من أشهرها أن بعض ملوك ذلك الزمان بدمشق كان يريد
أن يتزوج ببعض محارمه أو من لا يحل له تزويجها ، فنهاه يحيى عليه السلام عن
ذلك فبقي في نفسها منه فلما كان بينها وبين الملك ما يجب منها استوهبت
منه دم يحيى ، فوهبه لها فبعثت إليه من قتله وجاء براسه ودمه في طست إلى
عندها ، فيقال إنها هلكت من فورها وساعتها

وقيل بل أحبته امرأة ذلك الملك وراسلته فأبى عليها ، فلما يئست منه تحيلت
في أن استوهبته من الملك ، فتمنع عليها الملك ثم أجابها إلى ذلك فبعث من
قتله وأحضر إليها رأسه ودمه في طست

وقد ورد معناه في حديث رواه إسحاق بن بشر في كتابه المبتدأ حيث قال :
أنبأنا يعقوب الكوفي ، عن عمرو بن ميمون ، عن أبيه ، عن ابن يحيى خبرني
عن قتلك كيف كان ولم قتلك بنو إسرائيل ؟ قال : يا محمد أخبرك أن يحيى كان
خير أهل زمانه ، وكان أجملهم وأصبحهم وجهاً ، وكان كما قال تعالى :" سيدا
وحصورا " وكان لا يحتاج إلى النساء فهويته امرأة ملك بني إسرائيل ، وكانت
بغية ، فأرسلت إليه وعصمه الله وامتنع يحيى وأبى عليها فأجمعت على قتل يحيى
ولهم عيد يجتمعون في كل عام ، وكانت سنة الملك أن يعد ولا يخلف ولا يكذب

قال : فخرج الملك إلى العيد فقامت امرأته فشيعته ، وكان بها معجباً ولم تكن
تفعله فيما مضى ، فلما أن شيعته قال الملك : سليني ، فما سألتني شيئاً إلا
أعطيتك قالت : أريد دم يحيى ابن زكريا قال لها : سليني غيره قالت : هو
ذاك : قال هو لك قال فبعثت جلاوزتها إلى يحيى وهو في محرابه يصلي وأنا إلى
جانبه أصلي ، قال : فذبح في طست وحمل رأسه ودمه إليها قال : فقال رسول
الله (صلى الله عليه وسلم) : فما بلغ من صبرك ؟ قال : ما انفلت من صلاتي

قال : فلما حمل رأسه إليها فوضع بين يديها فلما أمسوا خسف الله بالملك وأهل
بيته وحشمه ، فلما أصبحوا قالت بنو إسرائيل : قد غضب إله زكريا لزكريا ،
فتعالوا حتى نغضب لملكنا فنقتل زكريا قال : فخرجوا في طلبي ليقتلوني
وجاءني النذير ، فهربت منهم وإبليس أمامهم يدلهم علي فلما تخوفت ألا أعجزهم
عرضت لي شجرة فنادتني وقالت : إلي إلي وانصدعت لي ودخلت فيها

وقال : وجاء إبليس حتى أخذ بطرف ردائي والتأمت الشجرة وبقي طرف ردائي
خارجاً من الشجرة ن وجاءت بنو إسرائيل فقال إبليس : أما رأيتموه دخل هذه
الشجرة ، هذا طرف ردائه دخلها بسحره فقال : نحرق هذه الشجرة فقال إبليس :
شقوها بالمنشار شقاً قال : فشققت مع الشجرة بالمنشار

قال له النبي (صلى الله عليه وسلم) : هل وجدت له مساً أو وجعاً ؟ قال : لا ، إنما وجدت ذلك الشجرة التي جعل الله روحي فيها

هذا سياق غريب جداً وحديث عجيب ورفعه منكر ، وفيه ما ينكر على كل حال ، ولم
ير في شيء من أحاديث الإسراء ذكر زكريا عليه السلام إلا في هذا الحديث ،
وإنما المحفوظ في بعض ألفاظ الصحيح في حديث الإسراء : فمررت بابني الخالة
يحيى وعيسى وهما ابنا الخالة فجاء على قول الجمهور كما في ظاره الحديث ،
فإن أم يحيى أشياع بنت عمران أخت مريم بنت عمران وقيل بل أشياع وهي امرأة
زكريا ، أم يحيى هي أخت حنة امرأة عمران أم مريم ، فيكون يحيى ابن خالة
مريم فالله أعلم

ثم اختلف في مقتل يحيى بن زكريا هل كان في المسجد الأقصى أم بغيره على
قولين : فقال الثوري عن الأعمش عن شملة بن عطية قال : قتل على الصخرة التي
ببيت المقدس سبعون نبياً ، منهم يحيى بن زكريا عليه السلام

وقال أبو عبيدة القاسم بن سلام : حدثنا عبد الله بن صالح ، عن الليث ، عن
يحيى بن سعيد ، عن سعيد بن المسيب قال : قدم بختنصر دمشق ، فإذا هو بدم
يحيى بن زكريا يغلي ، فسأل عنه فأخبروه ، فقتل على دمه سبعين ألفاً فسكن
وهذا إسناد صحيح إلى سعيد بن المسيب وهو يقتضي أنه قتل بدمشق وأن قصة
بختنصر كانت بعد المسيح كما قاله عطاء والحسن البصري فالله أعلم وروى
الحافظ ابن عساكر من طريق الوليد بن مسلم عن زيد بن واقد ، قال : رأيت رأس
يحيى بن زكريا حين أرادوا بناء مسجد دمشق أخرج من تحت ركن من أركان القبلة
الذي يلي المحراب مما يلي الشرق ، فكانت البشرة والشعر على حاله لم يتغير
وفي رواية : كأنما قتل الساعة

وذكر في بناء مسجد دمشق أنه جعل تحت العمود المعروف بعمود السكاسكة فالله أعلم

وقد روى الحافظ ابن عساكر في المستقصي في فضائل الأقصى من طريق العباس
بن صبح ، عن مروان ، عن سعيد بن عبد العزيز ، عن قاسم مولى معاوية ، قال :
كان ملك هذه المدينة - يعني دمشق - هداد بن هدار ، وكان قد زوج ابنه بابنة
أخيه أريل ملكة صيدا ، وقد كان من جملة أملاكها سوق الملوك بدمشق وهو
الصاغة العتيقة ، وقال كان قد حلف بطلاقها ثلاثاً ثم إنه أراد مراجعتها
فاستفتى يحيى بن زكريا فقال : لا تحل لك حتى تنكح زوجاً غيرك ، فحقدت عليه
وسألت من الملك رأس يحيى بن زكريا ، وذلك بإشارة أمها فأبى عليها ثم
أجباها إلى ذلك وبعث إليه وهو قائم يصلي بمسجد جبرون من أتاه برأسه في
صينية ، فجعل الرأس يقول له : لا تحل له حتى تنكح زوجاً غيره ، فأخذت
المرأة الطبق فحملته على رأسها وأتت به أمها وهو يقول كذلك ، فلما تمثلت
بين يدي أمها خسف بها إلى قدميها ثم إلى حقويها ، وجعلت أمها تولول
والجواري يصرخن ويلطمن وجوههن ، ثم خسف بها إلى منكبيها فأمرت أمها السياق
أن يضرب عنقها لتتسلى برأسها ، ففعل فلفظت الأرض جثتها عند ذلك ، ووقعوا في
الذل والفناء ، ولم يزل دم يحيى يفور حتى قدم بختنصر فقتل عليه خمسة
وسبعين ألفاً

قال سعيد بن عبد العزيز : وهي دم كل نبي ولم يزل يفور حتى وقف عنده أرميا
عليه السلام فقال : ايها الدم أفنيت بني إسرائيل فاسكن بإذن الله فسكن
فرفع السيف وهرب من هرب من أهل دمشق إلى بيت المقدس فتبعهم إليها فقتل
خلقاً كثيراً لا يحصون كثرة وسبى منهم ثم رجع عنهم

قصَصُ الأنبيَاء - صفحة 3 500092465

قصَصُ الأنبيَاء - صفحة 3 500092465

تحياتي لكم

قصَصُ الأنبيَاء - صفحة 3 500092465

قصَصُ الأنبيَاء - صفحة 3 500092465

قصَصُ الأنبيَاء - صفحة 3 483098003
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
المدير
AMINE PàTCHIKà
AMINE PàTCHIKà
المدير


الجنس : ذكر
الابراج الدلو
تاريخ الميلاد تاريخ الميلاد : 25/01/1988
العمر : 36

المدير العام
منتديات أمين عبلة الحب :

قصَصُ الأنبيَاء - صفحة 3 Empty
مُساهمةموضوع: رد: قصَصُ الأنبيَاء   قصَصُ الأنبيَاء - صفحة 3 Emptyالأحد يناير 13, 2013 12:51 pm

قصَصُ الأنبيَاء - صفحة 3 500092465

قصَصُ الأنبيَاء - صفحة 3 500092465

بيان نزول الكتب الأربعة ومواقيتها

قصَصُ الأنبيَاء - صفحة 3 500092465



قصَصُ الأنبيَاء - صفحة 3 500092465

وقال أبو زرعة الدمشقي :حدثنا عبد الله بن صالح ، حدثني معاوية بن صالح ،
عمن حدثه قال :" أنزلت التوراة على موسى في ست ليال خلون من شهر رمضان ،
ونزل الزبور على داود في اثنتي عشرة ليلة خلت من شهر رمضان ، وذلك بعد
التوراة بأربعمائة سنة واثنتين وثمانين سنة ، وأنزل الإنجيل على عيسى ابن
مريم في ثماني عرة ليلة خلت من شهر رمضان بعد الزبور بألف عام وخمسين عاماً
، وأنزل الفرقان على محمد (صلى الله عليه وسلم) في أربع وعشرين من شهر
رمضان "

وقد ذكرنا في التفسير عند قوله :" شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن "
الأحاديث الواردة في ذلك ، وفيها أن الإنجيل أنزل على عيسى ابن مريم عليه
السلام في ثماني عشرة ليلة خلة من شهر رمضان

وذكر ابن جرير في تاريخه أنه أنزل عليه وهو ابن ثلاثين سنة ،ومكث حتى رفع
إلى السماء وهو ابن ثلاث وثلاثين سنة كما سيأتي بيانه إن شاء الله تعالى

وقال إسحاق بن بشر : وأنبأنا سعيد بن أبي عروبة ، عن قتادة ، ومقاتل عن
قتادة ، عن عبد الرحمن بن آدم ،عن أبي هريرة قال : أوحى الله عز وجل إلى
عيسى ابن مريم : يا عيسى جد في أمري ولا تهن ، واسمع وأطع يا ابن الطاهرة
البكر البتول ، إنك من غير فحل ، وأنا خلقتك آية للعالمين ، إياي فاعبد
وعلي فتوكل ،خذ الكتاب بقوة ، فسر لأهل السريانية ، بلغ من بين يديك أنا
الحق الحي القائم الذي لا أزول ، صدقوا النبي الأمي العربي صاحب الجمل
والتاج - وهي العمامة - والمدرعة والنعلين والهراوة - وهي القضيب - الأنجل
العينين الصلت الجبين الواضح الخدين ، الجعد الرأس ، الكث اللحية ، المقرون
الحاجبين ،الأقنى الأنف ، المفلج الثنايا ، البادي العنفقة ، الذي كأن
عنقه إبريق فضة وكأن الذهب يجري في تراقيه ، له شعرات من لبته إلى سرته
تجري كالقضيب ، ليس على بطنه ولا على صدره شعر غيره ، شثن الكف والقدم ،
إذا التفت التفت جميعاً ، وإذا مشى كأنما يتقلع منه صخر وينحدر من صبب ،
عرقه في وجهه كالؤلؤ وريح المسك ينفح منه ولم ير قبله ولا بعده مثله ،
الحسن القامة الطيب الريح ، نكاح النساء ذا النسل القليل ، إنما نسله من
مباركة ، لها بيت - يعني في الجنة - من قصب لا نصب فيه ولا صخب ، تكفله يا
عيسى في آخر الزمان كما كفل زكريا أمك ، له منها فرخان مستشهدان ، وله عندي
منزلة ليست لأحد من البشر ، كلامه القرآن ودينه الإسلام وأتاه السلام ،
طوبى لمن أدرك زمانه وشهد أيامه وسمع كلامه

قال عيسى : يا رب وما طوبى ؟ قال : غرس شجرة أنا غرستها بيدي ، فهي
للجنان كلها ، أصلها من رضوان وماؤها من تسنيم ، وبردها برد الكافور وطعمها
طعم الزنجبيل وريحها ريح المسك ، من شرب منه شربة لم يظمأ بعدها أبداً

قال عيسى : يا رب اسقني منها قال : حرام على النبيين أن يشربوا منها حتى
يشرب ذلك النبي ، وحرام على الأمم أن يشربوا منها حتى تشرب منها أمة ذلك
النبي

قال : يا عيسى أرفعك إلي قال : يا رب ولم ترفعني ؟ قال : أرفعك ثم أهبطك
في آخر الزمان لترى من أمة ذلك النبي العجائب ولتعينهم على قتال اللعين
الدجال ، أهبطك في وقت صلاة ثم لا تصلي بهم لأنها مرحومة ولا نبي بعد نبيهم


وقال هشام بن عمار عن الوليد بن مسلم ، عن عبد الرحمن بن زيد ، عن أبيه ،
أن عيسى قال : يا رب أنبئني عن هذه الأمة المرحومة قال : أمة أحمد ، هم
علماء حكماء كأنهم أنبياء ، يرضون مني بالقليل من العطاء وأرضى منهم
باليسير من العمل ، وأدخلهم الجنة بلا إله إلا الله يا عيسى هم أكثير
سكان الجنة ، لأنه لم تذل ألسن قوم قط بلا إله إلا الله كما ذلت ألسنتهم ،
ولم تزل رقاب قوم قط بالسجون كما ذلت به رقابهم

رواه ابن عساكر وروى ابن عساكر من طريق عبد الله بن بديل العقلي ، عن عبد
الله ابن عوسجة قال : أوحى الله إلى عيسى ابن مريم : أنزلني من نفسك كهمك ،
واجعلني ذخراً في معادك ، وتقرب إلي بالنوافل أحبك ولا تول غيري فأخذلك ،
اصبر على البلاء وارض بالقضاء ، وكن لمسرتي أن أطاع فلا أعصى ، وكن مني
قريباً وأحي ذكري بلسانك ، ولتكن مودتي في صدرك ، تيقظ من ساعات الغفلة
واحكم في لطيف الفطنة ، وكن لي راغباً راهباً وأمت قلبك في الخشية لي وراع
الليل لحق مسرتي واظم نهارك ليوم الري عندي ، نافس في الخيرات جهدك ،
واعترف بالخير حيث توجهت ، وقم في الخلائق بنصيحتي ، واحكم في عبادي بعدلي ،
فقد نزلت عليك شفاء وسواس الصدور من مرض النسيان وجلاء الأبصار من عشاء
الكلال حلساً كأنك مقبوض وأنت حي تنفس

يا عيسى ابن مريم ما آمنت بي خليقة إلا خشعت ، ولا خشعت لي إلا رجت ثوابي فأشهدك أنها آمنة من عقابي مالم تغير أو تبدل سنتي

يا عيسى ابن مريم البكر البتول ابك على نفسك أيام الحياة بكاء من ودع
الأهل وقلا الدنيا وترك اللذات لأهلها وارتفعت رغبته فيما عند إلهه ، وكن
في ذلك تلين الكلام وتفشي السلام ، وكن يقظان إذا نامت عيون الأبرار ، حذار
ما هو آت من أمر المعاد زلازل شدائد الأهوال ، قبل أن ينفع أهل ولا مال ،
واكحل عينك بمحلول الحزن إذ ضحك البطالون ، وكن في ذلك صابراً محتسباً ،
وطوبى لك إن نالك ما وعدت الصابرين ، ارج من الدنيا بالله يوم يبعثون وذق
مذاقة ما قد حرب منك أين طعمه ، وما لم يأتك كيف لذته ، فرح من الدنيا
بالبلغة ، وليكفك منها الخشن الجئيب ، قد رايت إلى ما يصير ، اعمل على حساب
فإنك مسئول ، لو رأت عيناك ما أعددت لأوليائي الصالحين ذاب قلبك وزهقت
نفسك

وقال أبو داود في كتاب القدر : حدثنا محمد بن يحيى بن فارس ، حدثنا عبد
الرزاق ، حدثنا معمر عن الزهري ، عن ابن طاووس ، عن أبيه قال : لقي عيسى
ابن مريم إبليس فقال : أما علمت أنه لن يصيبك إلا ما كتب لك ؟ قال إبليس :
فأوف بذروة هذا الجبل فتردى منه فانظر هل تعيش أم لا فقال ابن طاووس : عن
أبه : فقال عيسى : أما علمت أن الله تعالى قال : لا يجربني عبدي فإني أفعل
ما شئت وقال الزهري : إن العبد لا يبتلي ربه ولكن الله يبتلي عبده

وقال أبو داوود : حدثنا أحمد بن عبدة ، أنبأنا سفيان ، عن عمرو ، عن طاووس
قال : أتى الشيطان عيسى ابن مريم ، فقال : أليس تزعم أنك صادق ؟ فأت هوة
فألق نفسك قال : ويلك أليس قال : يا ابن آدم لا تسألني هلاك نفسك فإني
أفعل ما أشاء !

وحدثنا أبو توبة الربيع بن نافع ، حدثنا حسين بن طلحة ، سمعت خالد بن يزيد ،
قال : تعبد الشيطان مع عيسى عشر سنين أو سنتين ، أقام يوماً على شفير جبال
فقال الشيطان : أرأيت إن ألقيت نفسي هل يصيبني إلا ما كتب لي إني لست
بالذي أبتلي ربي ولكن ربي إذا شاء ابتلاني وعرفه أنه الشيطان ففارقه

وقال أبو بكر بن ابي الدنيا : حدثنا شريح بن يونس ، حدثنا علي بن ثابت ، عن
الخطاب بن القاسم ، عن أبي عثمان ، كان عيسى عليه السلام يصلي على رأس جبل
، فأتاه إبليس فقال : أنت الذي تزعم أن كل شيء بقضاء وقدر ؟ قال : نعم
قال : ألق نفسك من هذا الجبل وقل قدر علي فقال : يالعين الله يختبر
العباد وليس العباد يختبرون الله عز وجل

وقال أبو بكر من أبي الدنيا : حدثنا الفضل بن موسى البصري ، حدثنا إبراهيم
بن بشار ، سمعت سفيان بن عيينة يقول : لقي عيسى ابن مريم إبليس فقال له
إبليس : يا عيسى ابن مريم الذي بلغ من عظم ربوبيتك أ،ك تكلمت في المهد
صبياً ، ولم يتكلم فيه أحد قبلك قال : بل الربوبية للإله الذي أنطقني ثم
يميتني ثم يحييني قال : فأنت الذي بلغ من عظم ربوبيتك أنك تحيي الموتى
قال : بل الربوبية لله الذي يحيي ويمييت من أحييت ثم يحييه قال : والله
إنك لإله في السماء وإله في الأرض قال : فصكه جبريل بجناحيه فما نباها دون
قرون الشمس ثم صحه أخرى بجناحيه فما نباها دون العين الحامية ، ثم صحه
أخرى فأدخله بحار السابعة فأساخه ، وفي رواية : فاسلكه فيها ، حتى وجد طعم
الحمأة فخرج منها وهو يقول : ما لقي أحد من أحد ما لقيت منك يا ابن مريم

وقد روي نحو هذا بأبط منه من وجه آهر ، فقال الحافظ أبو بكر الخطيب :
أخبرني ابو الحسن بن رزقويه ، أنبأنا أبو بكر أحمد ابن سيدي ، حدثنا ابو
محمد الحسن بن علي القطان ، حدثنا إسماعيل ابن عيسى العطار ، أنبأنا علي بن
عاصم ، حدثني أبو سلمة سويد عن بعض أصحابه قال : صلى عيسى ببيت المقدس
فانصرف ، فلما كان ببعض العقبة عرض له إبليس فاحتبسه فجعل يعرض عليه ويكلمه
ويقول له : إنك لا ينبغي لك أن تكون عبداً فأكثر عليكه وجعل عيسى يحرص
على أن يتخلص منه ، فجعل لا يتخلص منه فقال له فيما يقول : لا ينبغي لك يا
عيسى أن تكون عبداً قال : فاستغاث عيسى بربه ، فأقبل جبريل وميكائيل فلما
رآها إبليس كف ، فلما استقر معه على العقبرة اكتنفا عيسى وضرب جبريل إبليس
بجناحه فقذفه في بطن الوادي قال : فعاد إبليس معه وعلم أنهما لم يؤمرا
بغير ذلك فقال لعيسى : قد أخبرتك أنه لا ينبغي أن تكون عبداً ، إن غضبك
ليس بغضب عبد ، وقد رأيت ما لقيت منك حين غضبت ولكن أدعوك لأمر هو لك ،
آمر الشياطين فليطيعوك فإذا رأى البشر أن الشياطين أطاعوك عبدوك ، أما إني
لا أقول أن تكون أنت إلهاً في الأرض فلما سمع عيسى ذلك منه اتسغاث بربه
وصرخ صرخة شديدة ، فإذا إسرافيل قد هبط فنظر إليه جبريل وميكائيل فكف إبليس
، فلما استقر معهم ضرب إسرافيل إبليس بجناحه فصك به عين الشمس ، ثم ضربه
ضربة أخرى فأقبل إبليس يهوي ومر عيسى وهو بمكانه فقال : يا عيسى لقد لقيت
فيك اليوم تعباً شديداً فرمى به في عين الشمس ، فوجد سبعة أملاك عند
العين الحامية قال : فغطوه فجعل كلما خرج غطوه في تلك الحمأة قال : والله
ما عاد إليه بعد

قال : وحدثنا غسماعيل العطار ، حدثنا أبو حذيفة قال : واجتمع إليه شياطينه
فقالوا : سيدنا لقد لقيت تعباً ، قال : إن هذا عبد معصوم ليس لي عليه من
سبيل ، وسأصل به بشراً كثيراً وأبث فيهم أهواء مختلفة وأجعلهم شيعاً
ويجعلونه وأمه إلهين من دون الله قال : وأنزل الله فيما أيد به عيسى وعصمه
من إبليس قرآنا ناطقاً يذكر نعمته على عيسى فقال : " يا عيسى ابن مريم
اذكر نعمتي عليك وعلى والدتك إذ أيدتك بروح القدس " يعني إذ قويتك بروح
القدس ، يعني جبريل " تكلم الناس في المهد وكهلا وإذ علمتك الكتاب والحكمة
والتوراة والإنجيل وإذ تخلق من الطين كهيئة الطير " الآية كلها وإذ جعلت
المساكين لك بطانة وصحابة وأعواناً ترضي بهم وصحابة وأعواناً يرضون بك
هادياً وقائداً إلى الجنة ، فذلك فاعلم خلقان عظيمان من لقيني بهما فقد
لقيني بأزكى الخلائق وأرضاها عندي

وسيقول لك بنو إسرائيل صمنا فلم يتقبل صيامنا وصينا فلم تقبل صلاتنا
وتصدقنا فلم تقبل صدقاتنا وبكينا بمثل حنين الجمال فلم يرحم بكاؤنا فقل
لهم : ولم ذلك وما الذي يمنعني ؟ أن ذات يدي قلت ؟ أو ليس خزائن السموات
والأرض بيدي أنفق منها كيف أشاء أو أن البخل يعتريني ، أو لست أجود من سئل
وأوسع من أعطى أو أن رحمتي ضاقت ؟ وإنما يتراحم المتراحمون بفضل رحمتي

ولولا أن هؤلاء القوم يا عيسى ابن مريم غروا أنفسهم بالحكمة التي تورث في
قلوبهم ما استأثروا به الدنيا أثرة على الآخرة لعرفوا من أين أتوا ، وإذن
لأيقنوا أن أنفسهم هي أعدى الأعداء لهم ، وكيف أقبل صيامهم وهم يتقوون عليه
بالأطعمة الحرام ، وكيف أقبل صلاتهم وقلوبهم تركن إلى الذين يحاربوني
وستحلون محارمي ، وكيف أقبل صدقاتهم وهم يغضبون الناس عليهم فيأخذونها من
غير حلها ، يا عيسى إنما أجزي عليها أهلها ، وكيف أرحم بكاءهم وأيديهم
تقطر من دماء الأنبياء ؟ ! ازددت عليهم غضباً

يا عيسى وقضيت يوم خلقت السموات والأرض أنه من عبدني وقال فيكما بقولي أن
أجعلهم جيرانك في الدار ورفقاءك في المنازل وشركاءك في الكرامة ، وقضيت
يوم خلقت السموات والأرض أنه من اتخذك وأمك إلهين من دون الله أن أجعلهم في
الدرك الأسفل من النار

وقضيت يوم خلقت السموات والأرض أني مثبت هذا الأمر على يدي عبدي محمد وأختم
به الأنبياء والرسل ، ومولده بمكة ومهاجره بطيبة وملكه بالشام ، ليس بفظ
ولا غليظ ولا سخاب في الأسواق ولا يتزين بالفحش ولا قوال بالخنا ، أسدده
لكل أمر جميل وأهب له كل خلق كريم ، وأجعل التقوى ضميره والحكم معقوله
والوفاء طبيعته والعدل سيرته والحق شريعته والإسلام ملته ، اسمه أحمد ، أهي
به بعد الضلالة وأعلم به بعد الجهالة وأعنى به بعد العائلة ، وأرفع به بعد
الضعة ، أهدى به وأقتح به بين آذان صم وقلوب غلف وأهواء مختلفة متفرقة ،
وأجعل أمته خير أمة اخرجت للناس ، يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر
إخلاصاً لا سمى وتصديقاً لما جاءت به الرسل ، ألهمهم التسبيح والتقديس
والتهليل في مساجدهم ومجالسهم وبيوتهم ومنقلبهم ومثواهم ، يصلون لي قياماً
وقعوداً وركعاً وسجوداً ، ويقاتون في سبيلي صفوفاً وزحوفاً ، قربانهم
دماؤهم وأناجيلهم في صدورهم وقربانهم في بطونهم ، رهبان بالليل ليوث في
النهار ، ذلك فضلي أوتيه من أشاء وأنا ذو الفضل العظيم

وسنذكر ما يصدق كثيراً من هذا السياق مما سنورده من سور المائدة والصف إن شاء الله وبه الثقة

وقد روى أبو حذيفة إسحاق بن بشر بأسنانيده عن كعب الأحبار ووهب بن منبه
وابن عباس وسلمان الفارسي ، دخل حديث بعضهم في بعض ، قال : لما بعث عيسى
ابن مريم وجاءهم بالبينات جعل المنافقون والكافرون من بني إسرائيل يعجبون
ويستهزئون به فيقولون : ما أكل فلان البارحة وما ادخر في منزله ؟ فيخبرهم ،
فيزداد المؤمنون إيماناً ، والكافرون والمنافقون شكاً وكفراناً

وكان عيسى مع ذلك ليس له منزل يأوي إليه ، إنما يسبح في الأرض ليس له ولا
موضع يعرف به ، فكان أول من أحيا من الورق أنه مر ذات يوم على امرأة قاعدة
عند قبر وهي تبكي فقال لها : مالك أيتها المرأة ؟ فقالت : ماتت ابنة لي لم
يكنن لي ولد غيرها وإن عاهدت ربي أن لا أبرح من موضعي هذا حتى أذوق ما
ذاقت من الموت أو يحييها الله لي فانظر إليها فقال لها عيسى : أرايت إن
نظرت إليها اراجعة أنت ؟ قالت : نعم ز نعم ك فصلى ركعتين ثم جاء فجلس عند
القبر فنادى الثانية فانصدعن القبر بإذن الله ، ثم نادى الثالثة فخرجت وهي
تنفض رأسها من التراب ، فقال ليها عيسى : ما أبطأ بك عني ؟ فقالت : لما
جاءتني الصيحة الأولى بعث الله لي ملكاً فركب خلفي ثم جاءتني الصيحة
الثانية فرجع إلي روحي ، ثم جاءتني الصحية الثالثة فخفت أنها صيحة القيامة
فشاب رأسي وحاجبياي وأشفار عيني من مخافة القيامة ، ثم أقبلت على أمها
فقالت : يـ أماه اصبري واحتسبي فلا حاجة لي في الدنيا ، يا روح الله
وكلمته سل ربي أن يردني إلى الآخرة وأن يهون علي كرب الموت فدعا ربه
فقبضها إليه واستوت عليها الأرض

فبلغ ذلك اليهود فازاجاجو غضباً

وقال تعالى وهو أصدق القائيلين :" إذ قال الله يا عيسى ابن مريم اذكر نعمتي
عليك وعلى والدتك إذ أيدتك بروح القدس تكلم الناس في المهد وكهلا وإذ
علمتك الكتاب والحكمة والتوراة والإنجيل وإذ تخلق من الطين كهيئة الطير
بإذني فتنفخ فيها فتكون طيرا بإذني وتبرئ الأكمه والأبرص بإذني وإذ تخرج
الموتى بإذني وإذ كففت بني إسرائيل عنك إذ جئتهم بالبينات فقال الذين كفروا
منهم إن هذا إلا سحر مبين * وإذ أوحيت إلى الحواريين أن آمنوا بي وبرسولي
قالوا آمنا واشهد بأننا مسلمون "

يذكره تعالى بنعمته عليه وإحسانه إليه في خلقه إياه من غير أب ، بل من أم
بلا ذكر ، وجعله له آية للناس ودلالة على كمال قدرته تعالى ثم إرساله بعد
هذا كله " وعلى والدتك " في اصطفائها واختيارها لهذه النعمة العظيمة وإقامة
البرهان على براءتها مما نسبها إليه الجاهلون ولهذا قال :" إذ أيدتك بروح
القدس " وهو جبريل بإلقاء روحه إلى أمه وقرنه معه في حال رسالته ومدافعته
عنه لمن كفر به " تكلم الناس في المهد وكهلا " أي تدعو الناس إلى الله في
حال صغرك في مهدك وفي جهولتك " وإذ علمتك الكتاب والحكمة " أي الخط والفهم ،
ونص عليه بعض السلف " والتوراة والإنجيل " وقوله :" وإذ تخلق من الطين
كهيئة الطير بإذني " أي تصوره وتشكله من الطين على هيئة الطير على أمر الله
له بذلك " فتنفخ فيها فتكون طيرا بإذني " أي بأمري يؤكد تعالى بذكر الإذن
له في ذلك لرفع التوهم

وقوله :" وتبرئ الأكمه " قال بعض السلف : وهو الذي يولد أعمى ولا سبيل لأحد
من الحكماء إلى مداواته " والأبرص " هو الذي لا طب فيه بل قد مرض بالبرص
وصار داؤه عضالا " وإذ تخرج الموتى " أي من قبورهم أحياء " بإذني " وقد
تقدم ما فيه دلالة على وقوع ذلك مراراً متعددة بما فيها كفاية

وقوله :" وإذ كففت بني إسرائيل عنك إذ جئتهم بالبينات فقال الذين كفروا
منهم إن هذا إلا سحر مبين " وذلك حين أرادوا صلبه فرفعه الله إليه وأنقذه
من بين أظهرهم صيانة لجنابه الكريم عن الأذى ، وسلامة له من الردى

وقوله : " وإذ أوحيت إلى الحواريين أن آمنوا بي وبرسولي قالوا آمنا واشهد
بأننا مسلمون " قيل المراد بهذا الوحي وحي إلهام أي أرشدهم الله إليه ودلهم
عليه كما قال :" وأوحى ربك إلى النحل " " وأوحينا إلى أم موسى أن أرضعيه
فإذا خفت عليه فألقيه في اليم " وقيل المراد وحي بواسطة الرسول وتوفيق في
قلوبهم لقبول الحق ، ولهذا استجابوا قائلين :" آمنا واشهد بأننا مسلمون "

وهذا من جملة نعم الله على عبده ورسوله عيسى ابن مريم أن جعل له أنصاراً
وأعواناً ينصرونه ويدعون معه إلى عبادة الله وحده لا شريك له ، كما قال
تعالى لعبده محمد (صلى الله عليه وسلم) " هو الذي أيدك بنصره وبالمؤمنين *
وألف بين قلوبهم لو أنفقت ما في الأرض جميعا ما ألفت بين قلوبهم ولكن الله
ألف بينهم إنه عزيز حكيم " وقال تعالى :" ويعلمه الكتاب والحكمة والتوراة
والإنجيل * ورسولا إلى بني إسرائيل أني قد جئتكم بآية من ربكم أني أخلق لكم
من الطين كهيئة الطير فأنفخ فيه فيكون طيرا بإذن الله وأبرئ الأكمه
والأبرص وأحيي الموتى بإذن الله وأنبئكم بما تأكلون وما تدخرون في بيوتكم
إن في ذلك لآية لكم إن كنتم مؤمنين * ومصدقا لما بين يدي من التوراة ولأحل
لكم بعض الذي حرم عليكم وجئتكم بآية من ربكم فاتقوا الله وأطيعون * إن الله
ربي وربكم فاعبدوه هذا صراط مستقيم * فلما أحس عيسى منهم الكفر قال من
أنصاري إلى الله قال الحواريون نحن أنصار الله آمنا بالله واشهد بأنا
مسلمون * ربنا آمنا بما أنزلت واتبعنا الرسول فاكتبنا مع الشاهدين * ومكروا
ومكر الله والله خير الماكرين "

كانت معجزة كل نبي في زمانه بما يناسب أهل ذلك الزمان ، فذكروا أن موسى
عليه السلام كانت معجزته مما يناسب أهل زمانه وكانوا سحرة أذكياء ، فبعث
بآيات بهرت الأبصار وخضعت لها الرقاب ، ولما كان السحرة خبيرين بفنون السحر
وما ينتهي إليه وعاينوا ما عاينوا من الأمر الباهر الهائل الذي لا يمكن
صدوره إلا عمن أيده الله وأجرى الخارق على يديه تصديقاً له ، أسلموا سراعاً
ولم يتعلثموا

وهكذا عيسى ابن مريم بعث في زمن الطبائعية الحكماء ، فأرسل بمعجزات لا
يستطيعونها ولا يهتدون إليها ، وأنى لحكيم إبراء الأكمه الذي هو أسوأ حالاً
من الأعمى ، والأبرص والمجذوم ومن به مرض مزمن ، وكيف يتوصل أحد من الخلق
إلى أن يقيم الميت من قبره ؟ هذا مما يعلم كل أحد معجزة دالة على صدق من
قامت به وعلى قدرة من أرسله

وهكذا محمد (صلى الله عليه وسلم) وعليهم أجمعين بعث في زمن الفصحاء البلغاء
، فأنزل الله عليه القرآن العظيم الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من
خلفه تنزيل من حكيم حميد ، فلفظه معجز تحدى به الإنس والجن أن يأتوا بمثله
أو بعشر سور من مثله أو بسورة ، وقطع عليهم بأنهم لا يقدرون لا في الحال
ولا في الاستقبال ، فإن لم يفعلوا ولن يفعلوا وما ذاك إلا أنه كلام الخالق
عز وجل ، والله تعالى لا يشبهه شيء لا في ذاته ولا في صفاته ولا في أفعاله

والمقصود أن عيسى عليه السلام لما أقام عليهم الحجج والبراهين استمر أكثرهم
على كفرهم وضلالهم وعنادهم وطغيانهم ، فانتدب من بينهم طائفة صالحة فكانوا
له أنصاراً وأعواناً قاموا بمتابعته ونصرته ومناصحته ، وذلك حين هم به بنو
إسرائيل ووشوا به إلى بعض ملوك ذلك الزمان ، فعزموا على قتله وصلبه فأنقذه
الله منهم ورفعه إليه من بين أظهرهم وألقى شبهه على أحد أصحابه فأخذوه
فقتلوه وصلبوه وهم يعتقدونه عيسى وهم في ذلك غالطون وللحق مكابرون ، وسلم
لهم كثير من النصارى ما ادعوه ، وكلا الفريقين في ذلك مخطئون

قال تعالى :" ومكروا ومكر الله والله خير الماكرين " وقال تعالى :" وإذ قال
عيسى ابن مريم يا بني إسرائيل إني رسول الله إليكم مصدقا لما بين يدي من
التوراة ومبشرا برسول يأتي من بعدي اسمه أحمد فلما جاءهم بالبينات قالوا
هذا سحر مبين * ومن أظلم ممن افترى على الله الكذب وهو يدعى إلى الإسلام
والله لا يهدي القوم الظالمين * يريدون ليطفئوا نور الله بأفواههم والله
متم نوره ولو كره الكافرون " إلى أن قال بعد ذلك :" يا أيها الذين آمنوا
كونوا أنصار الله كما قال عيسى ابن مريم للحواريين من أنصاري إلى الله قال
الحواريون نحن أنصار الله فآمنت طائفة من بني إسرائيل وكفرت طائفة فأيدنا
الذين آمنوا على عدوهم فأصبحوا ظاهرين "

فعيسى عليه السلام هو خاتم أبيناء بني إسرائيل وقد قام فيهم خطيباً فبشرهم
بخاتم الأنبياء الآتي بعده ونوه باسمه وذكر لهم صفته ليعرفوه ويتابعوه إذا
شاهدوه ، إقامة للحجة عليهم وإحساناً من الله إليهم كما قال تعالى :" الذين
يتبعون الرسول النبي الأمي الذي يجدونه مكتوبا عندهم في التوراة والإنجيل
يأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر ويحل لهم الطيبات ويحرم عليهم الخبائث
ويضع عنهم إصرهم والأغلال التي كانت عليهم فالذين آمنوا به وعزروه ونصروه
واتبعوا النور الذي أنزل معه أولئك هم المفلحون "

وقال محمد بن إسحاق : حدثني ثور بن يزيد ، عن خالد بن معدان ، عن أصحاب
رسول الله (صلى الله عليه وسلم) أنهم قالوا : يا رسول الله أخبرنا عن
نفسك قال :" دعوة أبي إبراهيم ، وبشرى عيسى ، ورأت أمي حين حملت بي كأنه
خرج منها نور أضاءت له قصور بصرى من أرض الشام "

وقد روي عن العرباض بن سارية وأبي أمامة عن النبي (صلى الله عليه وسلم) نحو
هذا وفيه : دعوة أبي إبراهيم وبشرى عيسى وذلك أن إبراهيم لما بنى الكعبة
قال :" ربنا وابعث فيهم رسولا منهم " الآية ولما انتهت النبوة في بني
إسرائيل إلى عيسى قام فيهم خطيباً فأخبرهم أن النبوة قد انقطعت عنهم وأنها
بعده في النبي العربي الأمي خاتم الأنبياء على الإطلاق أحمد ، وهو محمد بن
عبد الله بن عبد المطلب بن هاشم الذي هو من سلالة إسماعيل بن إبراهيم
الخليل عليه السلام

قال الله تعالى :" فلما جاءهم بالبينات قالوا هذا سحر مبين " يحتمل عود
الضمير إلى عيسى عليه السلام ويحتمل عوده إلى محمد (صلى الله عليه وسلم)

ثم حرض تعالى عباده المؤمنين على نصرة الإسلام وأهله ونصرة نبيه ومؤازرته
ومعاونته على إقامة الدين ونشر الدعوة فقال :" يا أيها الذين آمنوا كونوا
أنصار الله كما قال عيسى ابن مريم للحواريين من أنصاري إلى الله " أي من
يساعدني في الدعوة ، إلى الله " قال الحواريون نحن أنصار الله " وكان ذلك
في قربة يقال لها الناصرة فسموا بذلك النصارى ، قال الله تعالى :" فآمنت
طائفة من بني إسرائيل وكفرت طائفة " يعني لما دعا عيسى ابن مريم بني
إسرائيل وغيرهم إلى الله تعالى ، منهم من آمن ومنهم من كفر ، وكان ممن آمن
به أهل أنطاكية بكاملهم فيما ذكره غير واحد من أهل السير والتواريخ
والتفسير بعث إليهم رسلاً ثلاثة ، أحدهم شمعون الصفا فآمنوا واستجابوا ،
وليس هؤلاء هم المذكورون في سورة يس لما تقدم تقريره في قصة أصحاب القرية ،
وكفر آخرون من بني إسرائيل وهم جمهور اليهود ، فأيد الله من آمن به على من
كفر فيما بعد وأصبحوا ظاهرين عليه قاهرين لهم كما قال تعالى :" إذ قال
الله يا عيسى إني متوفيك ورافعك إلي ومطهرك من الذين كفروا وجاعل الذين
اتبعوك فوق الذين كفروا إلى يوم القيامة " الآية فكل من كان إليه أقرب كان
غالباً لمن دونه ، ولما كان قول المسلمين فيه هو الحق الذي لا شك فيه من
أنه عبد الله ورسوله كانوا ظاهرين على النصارى الذين غلوا فيه وأطروه
وأنزلوه فوق ما أنزله الله به

ولما كان النصارى أقرب في الجملة مما ذهب إليه اليهود فيه عليهم لعائن الله
، كان النصارى قاهرين لليهود في أزمان الفترة إلى زمن الإسلام وأهله

قصَصُ الأنبيَاء - صفحة 3 500092465

قصَصُ الأنبيَاء - صفحة 3 500092465

تحياتي لكم

قصَصُ الأنبيَاء - صفحة 3 500092465

قصَصُ الأنبيَاء - صفحة 3 500092465

قصَصُ الأنبيَاء - صفحة 3 483098003
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
المدير
AMINE PàTCHIKà
AMINE PàTCHIKà
المدير


الجنس : ذكر
الابراج الدلو
تاريخ الميلاد تاريخ الميلاد : 25/01/1988
العمر : 36

المدير العام
منتديات أمين عبلة الحب :

قصَصُ الأنبيَاء - صفحة 3 Empty
مُساهمةموضوع: رد: قصَصُ الأنبيَاء   قصَصُ الأنبيَاء - صفحة 3 Emptyالأحد يناير 13, 2013 12:54 pm

قصَصُ الأنبيَاء - صفحة 3 500092465

قصَصُ الأنبيَاء - صفحة 3 500092465

ذكر خبر المائدة

قصَصُ الأنبيَاء - صفحة 3 500092465



قصَصُ الأنبيَاء - صفحة 3 500092465

قال الله تعالى :" إذ قال الحواريون يا عيسى ابن مريم هل يستطيع ربك أن
ينزل علينا مائدة من السماء قال اتقوا الله إن كنتم مؤمنين * قالوا نريد أن
نأكل منها وتطمئن قلوبنا ونعلم أن قد صدقتنا ونكون عليها من الشاهدين *
قال عيسى ابن مريم اللهم ربنا أنزل علينا مائدة من السماء تكون لنا عيدا
لأولنا وآخرنا وآية منك وارزقنا وأنت خير الرازقين * قال الله إني منزلها
عليكم فمن يكفر بعد منكم فإني أعذبه عذابا لا أعذبه أحدا من العالمين "

قد ذكرنا في التفسير الآثار الواردة في نزول المائدة عن ابن عباس وسلمان الفارسي وعمار بن ياسر وغيرهما من السلف

ومضمون ذلك : أن عيسى عليه السلام أمر الحواريين بصيام ثلاثين يوماً ، فلما
أتموها سالوا من عيسى إنزال مائدة من السماء عليهم ليأكلوا منها وتطمئن
بذلك قلوبهم أن الله قد تقبل صيامهم وأجابهم إلى طلبتهم ، وتكون لهم عيداً
يفطرون عليها يوم فطرهم ، وتكون كافية لأولهم وآخرهم لغنيهم وفقيرهم ،
فوعظهم عيسى عليه السلام في ذلك وخاف عليهم ألا يقوموا بشكرها ولا يؤدوا حق
شروطها فأبوا عليه إلا أن يسأل لهم ذلك من ربه عز وجل

فلما لم يقلعوا عن ذلك قام إلى مصلاه ولبس مسحاً من شعر وصف بين قدميه
وأطرق رأسه وأسبل عينيه بالبكاء وتضرع إلى الله في الدعاء والسؤال أن
يجابوا إلى ما طلبوا

فأنزل الله تعالى المائدة من السماء والناس ينظرون إلها تنحدر بين غمامتين ،
وجعلت تدنوا قليلاً قليلاً ، وكلما دنت سأل عيسى ربه عز وجل أن يجعلها
رحمة لا نقمة وأن يجعلها بركة وسلامة فلم تزل تدنوا حتى استقرت بين يدي
عيسى عليه السلام وهي مفطاة بمنديل فقام عيسى يكشف عنها وهو يقول : بسم
الله خير الرازقين فإذا عليها سبعة من الحيتان وسبعة أرغفة ويقال : وخل ،
ويقال : ورمان وثمار ، ولها رائحة عظيمة جداً ، قال الله كوني فكانت

ثم أمرهم بالأكل منها ، فقالوا : لا نأكل حتى تأكل فقال : إنكم الذين
ابتدأتم السؤال لها ، فأبوا أن يأكلوا منها ابتداء ، فأمر الفقراء
والمحاويج والمرضى والزمنى وكانوا قريباً من ألف وثلاثمائة فأكلوا منها
فبرأ كل من به عاهة أ آفة أو مرض مزمن ، فندم الناس على ترك الأكل منها لما
رأوا من إصلاح حال أولئك ثم قيل إنها كانت تنزل كل يوم مرة فيأكل الناس
منها ، يأكل آخرهم كما يأكل أولهم حتى قيل إنها كان ياكل منها نحو سبعة
آلاف

ثم كانت تنزل يوماً بعد يوم ، كما كانت ناقة صالح يشربون لبنها يوماً بعد
يوم ثم أمر الله عيسى أن يقصرها على الفقراء أو المحاويج دون الأغنياء
فشق ذلك على كثير من الناس وتكلم منافقوهم في ذلك ، فرفعت بالكلية ومسخ
الذين تكلموا في ذلك خنازير

وقد روى ابن أبي حاتم وابن جرير جميعاً ، حدثنا الحسن بن قزعة الباهلي ،
حدثنا سفيان ابن حبيب ، حدثنا سعيد بن أبي عروبة ، عن قتادة عن خلاس ، عن
عمار بن ياسر ، عن النبي (صلى الله عليه وسلم) قال :" نزلت المائدة من
السماء خبز ولحم وأمروا ألا يخونوا ولا يدخروا ولا يرفعوا لغد ، فخانوا
وادخروا ورفعوا ، فمسخوا قردة وخنازير "

ثم رواه ابن جرير عن بندار ، عن ابن أبي عدي ، عن سعيد ، عن قتادة ، عن
خلاس ، عن عمار موقوفاً وهذا أصح وكذا رواه من طريق سماك ، عن رجل من بني
عجل ، عن عمار موقوفاً وهو الصواب والله أعلم

وخلاس عن عمار منقطع ، فلو صح هذا الحديث مرفوعاً لكان فيصلاً في هذه القصة
، فإن العلماء اختلفوا في المائدة : هل نزلت أولاً ؟ فالجمهور أنها نزلت
كما دلت عليها هذه الآثار كما هو المفهوم من ظاهر سياق القرآن ولا سيما
قوله :" إني منزلها عليكم " كما قرره ابن جرير والله أعلم

وقد روى ابن جرير بإسناد صحيح إلى مجاهد وإلى الحسن بن أبي الحسن البصري
أنهما قالا : لم تنزل وإنهم أبوا نزولها حين قال :" فمن يكفر بعد منكم فإني
أعذبه عذابا لا أعذبه أحدا من العالمين " ولهذا قيل إن النصارى لا يعرفون
خبر المائدة وليس مذكوراً في كتابهم ، مع أن خبرها مما تتوافر الدواعي على
نقله والله أعلم

وقد تفصينا الكلام على ذلك في التفسير فليكتب من هناك ، ومن أراد مراجعته فلينظره من ثم ولله الحمد والمنة

فصل

قال أبو بكر بن أبي الدنيا : حدثنا رجل سقط اسمه ، حدثنا حجاج بن محمد ،
حدثنا أبو هلال محمد بن سليمان ، عن بكر بن عبد الله المزفي قال : فقد
الحواريون نبيهم عيسى فقيل لهم توجه نحو البحر ، فانطلقوا يطلبونه فسا
انتهوا إلى البحر إذا هو يمشي على المائدة يرفعه الموج مرة ويضعه أخرى
وعليه كساء مرتد بنصفه ومؤتزر بنصفه ، حق انتهى إليهم فقال له بعضهم ، قال
أبو هلال ظننت أنه من أفاضلم : ألا أجيء إليك يا نبي الله ؟ قال : بلى قال
: فوضع إحدى رجليه على الماء ثم ذهب ليضع الأخرق فقال : أوه غرقت يا نبي
الله فقال :أرني يدك يا قصير الإيمان ، لو أن لابن آدم من اليقين قدر
شعيرة مشى على الماء !

ورواه أبو سعيد عن الأعرابي ، عن إبراهيم بن أبي الجحيم ، عن سليمان بن حرب ، عن أبي هلال بن بكر بنحوه

ثم قال ابن أبي الدنيا : حدثنا محمد بن علي بن الحسن بن سفيان ، حدثنا
إبراهيم بن الأشعث ، عن ألفضيل بن عياش ، قال : قيل لعيسى ابن مريم : يا
عيسى بأي شيء تمشي على الماء ؟ قال : بالإيمان واليقين قالوا : فإنا آمنا
كما آمنت وأيقنا كما أيقنت قال : فامشوا إذن قال : فمشوا معه في الموج
فغرقوا فقال لهم عيسى : مالم ؟ فقالوا : خفنا الموج قال :ألا خفتم رب
الموج ؟ ! قال : فأخرجهم ثم ضرب بيده إلى الأرض فقبض بها ثم بسطها فإذا
في إحدى يديه ذهب وفي الأخرى مدر- أو حصى - فقال ؟ أيهما أحلى في قلوبم ؟
قالوا : هذا الذهب قال : فإنها عندي سواء !

وقدمنا في قصة يحيى بن زكريا عن بعض السلف أن عيسى عليه السلام كان يلبس
الشعر ويأكل من ورق الشجر ولا يأوي إلى منزل ولا أهل ولا مال ولا يدخر شيئا
لغد قال بعضهم : كان يأكل من غزل أمه صلوات الله وسلامه عليه

وروى ابن عساكر عن الشعبي أنه قال : كان عيسى عليه السلام إذا ذكر عنده
الساعة صاح ويقول لا ينبغي لابن مريم أن يذكر عنده الساعة ويسكت

وعن عبد الملك بن سعيد بن أبجر أن عيسى كان إذا سمع الموعظة صرخ صراخ الثكلى

وقال عبد الرزاق : أنبأنا معمر : حدثنا جعفر بن بلقان ، أن عيسى كان يقول :
اللهم إني أصبحت لا أستطيع دفع ما أكره ولا أملك نفع ما أرجو ، وأصبح
الأمر بيدي غيري ، وأصبحت مرتهنا بعملي فلا فقير افقر مني ؟ اللهم لا تشمت
بي عدوي ولا تسؤ بي صديقي ، ولا تجعل مصيبتي في ديني ولا تسلط علي من لا
يرحمني

قال الفضيل بن عياض عن يونس بن عبيد ، كان عيسى يقول : لا يصيب أحد حقيقة الإيمان حتى لا يبالي من أكل الدنيا !

قال الفضيل : وكان عيسى يقول : فكرت في الخلق فوجدت من لم يخلف أغبط عندي ممن خلق !

وقال إسحاق بن بشر ، عن هشام بن حسان ، عن الحسن ، قال : إن عيسى رأس
الزاهدين يوم القيامة قال : وإن الفزارين بذنوبهم يحشرون يوم القيامة مع
عيسى

قال : وبينما عيسى يوماً نائم على حجر قد توسده وقد وجد لذة النوم إذ مر به
إبليس فقال : يا عيسى ألست تزعم أنك لا تريد شيئاً من عرض الدنيا ؟ فهذا
الحجر من عرض الدنيا قال : فقام عيسى فأخذ الحجر فرمى به إليه ، وقال هذا
لك من الدنيا !

وقال معتمر بن سليمان : خرج عيسى على أصحابه وعليه جبة صوف وكسان وتبان
حافياً باكياً شعثاً مصفر اللون من الجوع يابس الشفتين من العطش فقال :
السلام عليكم يا بني إسرائيل ، أنا الذي أنزلت الدنيا منزلتها بإذن الله
ولا عجب ولا فخر ، أتدرون أين بيتي ؟ قالوا : أين بيتك يا روح الله ؟ قال :
بيتي المساجد ، وطي الماء ، وأدامي الجوع ، وسراجي القمر بالليل ، وصلاتي
في الشتاء مشارق الشمس ، وريحاني بقول الأرض ، ولباسي الصوف ، وشعاري خوف
رب العزة ، وجلسائي الزمنى والمساكين ، أصبح وليس لي شيء وأمسي وليس لي شيء
، وأنا طيب النفس غير مكترث فمن أعنى مني وأربح ! رواه ابن عساكر

وروى في ترجمة محمد بن الوليد بن أبان بن أبي الحسن العقيلي المصري ، حدثنا
هانئ ابن المتوكل الإسكندراني ، عن حيوة بن شريح ، حدثني الوليد بن أبي
الوليد ، عن شفي بن ماتع ، عن أبي هريرة ، عن النبي (صلى الله عليه وسلم)
قال : أوحى الله تعالى إلى عيسى : أن يا عيسى انتقل من مكان إلى مكان
لئلا تعرف فتؤذى ، فوعزتي وجلالي لأزوجنك ألف حوراء ولألمن عليك أربعمائة
عام

وهذا حديث غريب رفعه ، وقد يكون موقوفاً من رواية شفي ابن ماتع ، عن كعب الأحبار وأو غيره من الإسرائيلين والله أعلم

وقال عبد الله بن المبارك : عن سفيان بن عيينة ، عن خلف بن حوشب ، قال :
قال عيسى للحواريين : كما ترك لكم الملوك الحكمة فكذلك فاتركوا لهم الدنيا

وقال قتادة : قال عيسى عليه السلام : سلوني فإني لين القلب وإني صغير عند نفسي

وقال إسماعيل بن عياش ، عن عبد الله بن دينار ، عن ابن عمر قال : قال عيسى
للحواريين : كلوا خبز الشعير واشربوا الماء القراح واخرجوا من الدنيا
سالمين آمنين ، بحق ما أقول لكم إن حلاوة الدنيا مرارة الآخرة ، وإن مرارة
الدنيا حلاوة الآخرة ، وإن عباد الله ليسوا بالمتنعمين ، بحق ما أقول لكم
إن شركم علام يؤثر هواه على عالمه يود أن الناس كلهم مثله وروى نحوه عن
أبي هريرة

قال أبو مصعب عن مالك إنه بلغه أن عيسى كان يقول : يا نبي إسرائيل عليكم
بالماء القراح والبقل البرير وخبز الشعير ، وإياكم وخبز البر فإنكم لن
تقوموا بشكره

وقال ابن وهب ، عن سليمان بن بلال ، عن يحيى بن سعيد قال : كان عيسى يقول :
اعبروا الدنيا ولا تعمروها وكان يقول : حب الدنيا رأس كل خطيئة ، والنظر
يزرع في القلب الشهوة

وحكى وهيب بن الورد مثله وزاد : ورب شهوة أورثت أهلها حزناً طويلاً

وعن عيسى عليه السلام : يا ابن آدم الضعيف اتق الله حيث ما كنت ، وكن في
الدنيا ضيفاً ، واتخذ المساجد بيتاً ، وعلم عيناك البكاء وجسدك الصبر وقلبك
التفكر ، ولا تهتم برزق غد فإنها خطيئة

وعنه عليه السلام أنه قال : كما أنه لا يستطيع أحدكم أن يتخذ على موج البحر داراً فلا يتخذ الدنيا قراراً

وفي هذا يقول سابق البربري :

لكم بيوت بمستن السيوف وهل يبنى على الماء بيت أسه مدر

وقال سفيان الثوري : قال عيسى ابن مريم : لا يستقيم حب الدنيا وحب الآخرة في قلب مؤمن كما لا يستقيم الماء والنار في إناء

وقال إبراهيم الحربي عن داود بن رشيد ، عن أبي عبد الله الصوفي قال : قال
عيسى : طالب الدنيا مثل شارب ماء البحر ، كلما ازداد عطشاً حتى يقتله

وعن عيسى عليه السلام : إن الشيطان مع الدنيا ومكره مع الماء وتزينه مع الهوى ، واستمكانه عند الشهوات

وبه قالت امرأة لعيسى عليه السلام : طوبى لحجر حملك ولثدي أرضعك فقال : طوبى لمن قرأ كتاب الله واتبعه

وعنه : طوبى لمن بكى من ذكر خطيئته وحفظ لسانه ووسعه بيته

وعنه : طوبى لعين نامت ولم تحدث نفسها بالمعصية وانتبهت إلى غير إثم

وعن مالك بن دينار قال : مر عيسى وأصحابه بجيفة فقالوا : ما أنتن ريحها ، فقال : ما أبيض أسنانها لينهاهم عن الغيبة

وقال أبو بكر بن أبي الدنيا : يحدثنا الحسين بن عبد الرحمن ،عن زكريا بن
عدي قال : قال عيسى ابن مريم : يا معشر الحواريين ارضوا بدني الدنيا مع
سلامة الدين كما رضي أهل الدنيا بدني الدين مع سلامة الدنيا قال زكريا :
وفي ذلك يقول الشاعر :

أرى رجالاً بأدنى الدين قد قنعوا ولا أراهم رضوا في العيش بالدون

فاستغن بالدين عن دنيا الملوك كما استغنى الملوك بدنياهم عن الدين

وقال أبو مصعب عن مالك قال عيسى ابن مريم عليه السلام : لا تكثروا الحديث
بغير ذكر الله فتقسوا قلوبكم فإن القلب القاسي بعيد من الله ولكن لا تعلمون
، ولا تنظروا في ذنوب العباد كأنكم أرباب وانظروا فيها كأنكم عبيد ، فإنما
الناس رجلان معافى ومبتلى فارحموا أهل البلاء واحمدوا الله على العافية

وقال الثوري : سمعت أبي يقول عن إبراهيم التيمي ، قال : قال عيسى لأصحابه :
بحق أقول لكم من طلب الفردوس فخبز الشعير والنوم في المزابل مع الكلاب
كثير

وقال مالك بن دينار : قال عيسى : إن أكل الشعير مع الرماد والنوم على المزابل مع الكلاب لقليل في طلب الفردوس

وقال عبد الله بن المبارك : أنبأنا سفيان ، عن منصور ، عن سالم بن أبي
الجعد ، قال : قال عيسى : اعملوا لله ولا تعملوا لبطونكم ، انظروا إلى هذه
الطير تغدو وتروح لا تحرث ولا تحصد والله يرزقها ، فإن قلتم نحن أعظم
بطوناً من الطير فانظروا إلى هذه الأباقير من الوحوش والحمر فإنها تغدو لا
تحرث ولا تحصد والله يرزقها

وقال صفوان بن عمرو : عن شريح بن عبد الله ، عن يزيد بن ميسرة ، قال : قال
الحواريون للمسيح : يا مسيح الله انظر إلى مسجد الله ما أحسنه قال :
آمين آمين بحق ما أقول لكم يترك الله من هذا المسجد حجراً قائماً إلا
أهلكه بذنوب أهله ، إن الله لا يصنع بالذهب ولا الفضة ولا بهذه الأحجار
التي تعجبكم شيئاً إن أحب إلى الله منها القلوب الصالحة وبها يعمر الله
الأرض ، وبها يخرب الله الأرض إذا كانت على غير ذلك

وقال الحافظ أبو القاسم بن عساكر في تاريخه : أخبرنا أبو منصور بن محمد
الصوفي : أخبرتنا عائشة بنت الحسن بن إبراهيم الوركانية ، قالت : حدثنا أبو
محمد عبد الله بن عمر بن عبد الله ابن الهشيم إملاء ، حدثنا الوليد بن
أبان إملاء ، حدثنا أحمد بن جعفر الرازي ، حدثنا سهيل بن إبراهيم الحنظلي ،
حدثنا عبد الوهاب بن عبد العزيز ، عن المعتمر ، عن مجاهد ، عن ابن عباس ،
عن النبي (صلى الله عليه وسلم) قال :" مر عيسى عليه السلام على مدينة خربة ،
فأعجبه البنيان فقال : أي رب مر هذه المدينة أن تجيبني ، فأوحى الله إلى
المدينة : أيتها المدينة الخربة جاوبي عيسى قال : فنادت المدينة : عيسى
حبيبي وما تريد مني ؟ قال : ما فعلت أشجارك وما فعل أنهارك وما فعل قصورك
وأين سكانك ؟ قالت : حبيبي جاء وعد ربك الحق فيبست أشجاري ونشفت أنهاري
وخربت قصوري ومات سكاني قال : فأين أموالهم ؟ فقالت : جمعوها من الحلال
والحرام موضوعة في بطني ، لله ميراث السموات والأرض ، قال : فنادى عيسى
عليه السلام : تعجبت من ثلاثة أناس : طالب الدنيا والموت يطلبه ، وباني
القصور والقبور منزله ، ومن يضحك ملء فيه والنار أمامه ! ابن آدم لا
بالكثير تشبع ولا بالقليل تقنع ، تجمع مالك لمن لا يحمدك وتقدم على رب لا
يعذرك ، إنما أنت عبد بطنك وشهوتك ، وإنما تملأ بطنك إذا دخلت قبرك ، وأنت
يا ابن آدم ترى حشد مالك في ميزان غيرك " هذا حديث غريب جداً وفيه موعظة
حسنة فكتبناه لذلك

وقال سفيان الثوري عن أبيه ، عن إبراهيم التيمي ، قال عيسى عليه السلام :
يا معشر الحواريين اجعلوا كنوزكم في السماء فإن قاب الرجل حيث كنزه

وقال ثور بن زيد ، عن عبد العزيز ، ظبيان قال : قال عيسى ابن مريم عليه السلام : من تعلم وعلم وعمل دعي عظيماً في ملكوت السماء

وقال أبو كريب : روي أن عيسى عليه السلام قال : لا خير في علم لا يعبر معك الوادي ويعبر بك النادي

وروى ابن عساكر بإسناد غرب عن ابن عباس مرفوعاً : أن عيسى قام في بني
إسرائيل فقال : يا معشر الحواريين لا تحدثوا بالحكم غير أهلها فتظلموها
ولا تمنعوها أهلها فتظلموهم ، والأمور ثلاثة : أمر تبين رشده فاتبعوه وأمر
تبين غيه فاجتنبوه ، وأمر اختلف عليكم فيه فردوا علمه إلى الله عز وجل

وقال عبد الرزاق : أنبأنا معمر ، عن رجل ، ، عن عكرمة قال : قال عيسى : لا
تطرحوا اللؤلؤ إلى الخنزير فإن الخنزير لا يصنع باللؤلؤ شيئاً ، ولا تعطوا
الحكمة من لا يريدها ، فإن الحكمة خير من اللؤلؤ ومن لا يريدها شر من
الخنزير

وكذا حكي وهب وغيره عنه أنه قال لأصحابه : أنتم ملح الأرض فإذا فسدتم فلا
دواء لكم وإن فيكم خصلتين من الجهل ، الضحك من غير عجب والصبحة من غير سهر

وعنه أنه قيل له : من أشد الناس فتنة ؟ قال : زلة العالم ، فإن العالم إذا زل يزل بزلته عالم كثير

وعنه أنه قال : يا علماء السوء جعلتم الدنيا على رءوسكم والآخرة تحت
أقدامكم ، قولكم شفاء وعلمكم داء مثلكم مثل شجرة الدقلي تعجب من رآها وتقتل
من أكلها

وقال وهب : قال عيسى : يا علماء السوء جلستم على أبواب الجنة فلا تدخلونها
ولا تدعون المساكين يدخلونها ، إن شر الناس عند الله عالم يطلب الدنيا
بعلمه

وقال مكحول : التقى يحيى وعيسى ، فصافحه عيسى وهو يضحك فقال له يحيى : يا
ابن الخالة مالي أراك ضاحكاً كأنك قد أمنت ؟ فقال له عيسى : مالي أباك
عابساً كأنك قد يئست ! فأوحى الله إليهما : إن أحبكما إلي أبشكما بصاحبه

وقال وهب بن منبه : وقف عيسى هو وأصحابه على قبر وصاحبه يدلي فيه ، فجعلوا
يذكرون القبر وضيقه فقال : قد كنتم فيما هو أضيق منه في أرحام أمهاتكم ،
فإذا أحب الله أو يوسع وسع

وقال أبو عمر الضرير : بلغني أن عيسى كان إذا ذكر الموت يقطر جلده دماً

والآثار في مثل هذه كثيرة جداً وقد أورد الحافظ ابن عساكر منها طرفاً صالحاً اقتصرنا على هذا القدر والله الموفق للصواب

قصَصُ الأنبيَاء - صفحة 3 500092465

قصَصُ الأنبيَاء - صفحة 3 500092465

تحياتي لكم

قصَصُ الأنبيَاء - صفحة 3 500092465

قصَصُ الأنبيَاء - صفحة 3 500092465

قصَصُ الأنبيَاء - صفحة 3 483098003
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
المدير
AMINE PàTCHIKà
AMINE PàTCHIKà
المدير


الجنس : ذكر
الابراج الدلو
تاريخ الميلاد تاريخ الميلاد : 25/01/1988
العمر : 36

المدير العام
منتديات أمين عبلة الحب :

قصَصُ الأنبيَاء - صفحة 3 Empty
مُساهمةموضوع: رد: قصَصُ الأنبيَاء   قصَصُ الأنبيَاء - صفحة 3 Emptyالأحد يناير 13, 2013 12:56 pm

قصَصُ الأنبيَاء - صفحة 3 500092465

قصَصُ الأنبيَاء - صفحة 3 500092465

ذكر رفع عيسى عليه السلام إلى السماء في حفظ الرب ، وبيان كذب اليهود والنصارى في دعوى الصلب

قصَصُ الأنبيَاء - صفحة 3 500092465



قصَصُ الأنبيَاء - صفحة 3 500092465

قال الله تعالى :" ومكروا ومكر الله والله خير الماكرين * إذ قال الله يا
عيسى إني متوفيك ورافعك إلي ومطهرك من الذين كفروا وجاعل الذين اتبعوك فوق
الذين كفروا إلى يوم القيامة ثم إلي مرجعكم فأحكم بينكم فيما كنتم فيه
تختلفون "

وقال تعالى :" فبما نقضهم ميثاقهم وكفرهم بآيات الله وقتلهم الأنبياء بغير
حق وقولهم قلوبنا غلف بل طبع الله عليها بكفرهم فلا يؤمنون إلا قليلا *
وبكفرهم وقولهم على مريم بهتانا عظيما * وقولهم إنا قتلنا المسيح عيسى ابن
مريم رسول الله وما قتلوه وما صلبوه ولكن شبه لهم وإن الذين اختلفوا فيه
لفي شك منه ما لهم به من علم إلا اتباع الظن وما قتلوه يقينا * بل رفعه
الله إليه وكان الله عزيزا حكيما * وإن من أهل الكتاب إلا ليؤمنن به قبل
موته ويوم القيامة يكون عليهم شهيدا "

فأخبره تعالى أنه رفعه إلى السماء بعد ما توفاه بالنوم على الصحيح المقطوع
به ، وخلصه ممن كان أراد أذيته من اليهود الذين وشوا به إلى بعض الملوك
الكفرة في ذلك الزمان

قال الحسن البصري ومحمد بن إسحاق : كان اسمه داود بن نورا فأمر بقتله وصلبه
، فحصروه في دار ببيت المقدس ، وذلك عشية الجمعة ليلة السبت ، فلما حان
وقت دخولهم ألفى شبهه على بعض أصحابه الحاضرين عنده ورفع عيسى من روزنة من
ذلك البيت إلى السماء ، وأهل البيت ينظرون ، ودخل الشرط فوجدوا ذلك الشاب
الذي ألقى عليه شبهة فأخذوه ظانين أنه عيسى فصلبوه ووضعوا الشوك على رأسه
إهانة له ، وسلم لليهود عامة النصاري الذي لم يشاهدوا ما كان من أمر عيسى
أنه صلب وضلوا بسبب ذلك ضلالاً مبيناً كثيراً فاحشاً بعيداً

وأخبر تعالى بقوله :" وإن من أهل الكتاب إلا ليؤمنن به قبل موته " أي بعد
نزوله إلى الأرض في آخر الزمان قبل قيام الساعة ، فإنه ينزل ويقتل الخنزير
ويكسر الصليب ويضع الجزية ولا يقبل إلا الإسلام ، كما بينا ذلك بما ورد فيه
من الأحاديث عند تفسير هذه الآية الكريمة من سورة النساء ، كما أوردنا ذلك
مستقصى في كتاب الفتن والملاحم عند أخبار المسيح الدجال ، فذكرنا ما ورد
في نزول المسيح المهدي عليه السلام من ذي الجلال لقتل المسيح الدجال
الكذاب الداعي إلى الضلال

وهذا ذكر ما ورد في الآثار في صفة رفعه إلى السماء :

قال ابن أبي حاتم : حدثنا أحمد بن سنان حدثنا أبو معاوية ، عن المنهال بن
عمرو ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس ، قال : لما أراد الله أن يرفع عيسى
إلى السماء خرج على أصحابه وفي البيت اثنا عشر رجلاً منهم من الحواريين ،
يعني فخرج عليهم من عين في البيت ورأسه يقطر ماء فقال : إن منكم من يكفر بي
اثنتي عشرة مرة بعد أن آمن بي ، ثم قال : أيكم يلقى علي شبهي فيقتل مكاني
فيكون معي في درجتي ؟ فقال شاب من أحدثهم سناً فقال له : اجلس ، ثم أعاد
عليهم فقام الشاب فقال : أنا فقال : أنت هو ذاك فألقى عليه شبه عيسى ،
ورفع عيسى من روزنة في البيت إلى السماء

قال : وجاء الطلب من اليهود فأخذوا الشبه فقتلوه ثم صلبوه فكفر به بعضهم
اثنتي عشر مرة بعد أن آمن به وافترقوا ثلاث فرق ، فقالت طائفة : كان الله
فينا ما شاء ثم صعد إلى السماء وهؤلاء اليعقوبية وقالت فرقة : كان فينا
ابن الله ما شاء ثم رفعه الله إليه وهؤلاء النسطورية وقالت فرقة : كان
فينا عبد الله ورسوله ما شاء ثم رفعه الله إليه وهؤلاء المسلمون فتظاهرت
الكافرتان على المسلمة فقتلوها فلم يزل الإسلام طامسا حتى بعث الله محمداً
(صلى الله عليه وسلم)

قال ابن عباس : وذلك قوله تعالى :" فأيدنا الذين آمنوا على عدوهم فأصبحوا ظاهرين

وهذا إسناد صحيح إلى ابن عباس على شرط مسلم ورواه النسائي عن أبي كريب ،
عن أبي معاوية به نحوه ورواه ابن جرير عن مسلم بن جنادة عن أبي معاوية

وهذكا ذكر غير واحد من السلف ، وممن ذكر ذلك مطولاً محمد بن إسحاق بن يسار

قال : وجعل عيسى عليه السلام يدعو الله عز وجل أن يؤخر أجله ، يعني ليبلغ
الرساله ويكمل الدعوة ويكثر الناس الدخول في دين الله قيل : وكان عنده من
الحواريين اثنا عشر رجلاً : بطرس ويعقوب ابن زبدا ويحنس أخو يعقوب ،
وأندراوس ، وفليبس ، وأبرثلما ، ومتى ، وتوماس ، ويعقوب بن حلقيا ، وتداوس ،
وفتياتيا ، ويودس كريايوطا ، وهذا هو الذي دل اليهود على عيسى

قال ابن إسحاق : وكان فيهم رجل آخر اسمه سرجس كتمته النصارى وهو الذي ألقي
شبه المسيح عليه فصلب عنه قال : وبعض النصارى يزعم أن الذي صلب عن المسيح
وألقي عليه شبهه هو يودس ابن كريايوطا والله أعلم

وقال الضحاك عن ابن عباس : استخلف عيسى شمعون وقتلت اليهود يودس الذي ألقي عليه الشبه

وقال أحمد بن مروان : حدثنا محمد بن الجهم ، قال : سمعت الفراء ، يقول في
قوله :" ومكروا ومكر الله والله خير الماكرين " قال : إن عيسى غاب عن خالته
زماناً فأتاها ، فقام رأس الجالوت اليهودي فضرب على عيسى حتى اجتمعوا على
باب داره فكسروا الباب ودخل رأس جالوت ليأخذ عيسى فطمس الله عينيه عن عيسى ،
ثم خرج إلى أصحابه فقال : لم أره ومع سيف مسلوك فقالوا : أنت عيسى وألقى
الله شبه عيسى عليه فأخذوه فقتلوه وصلبوه ، فقال جل ذكره :" وما قتلوه وما
صلبوه ولكن شبه لهم

وقال ابن جرير : حدثنا ابن حميد : حدثنا يعقوب القمي ، عن هارون بن عنترة ،
عن وهب بن منبه ، قال : أتى عيسى ومعه سبعة عشر من الحواريين في بيت
فأحاطوا بهم ، فلما دخلوا عليهم صورهم الله كلهم على صورة عيسى فقالوا لهم :
سحرتمونا لتبرزن إلينا عيسى أو لنقتلنكم جميعاً فقال عيسى لأصحابه : من
يشتري منكم نفسه اليوم بالجنة ؟ فقال رجل : أنا فخرج إليهم فقال : أنا
عيسى وقد صوره الله على صورة عيسى فأخذوه فقتلوه وصلبوه فمن ثم شبه لم
وظنوا أهم قد قتلوا عيسى ، فظنت النصارى مثل ذلك أنه عيسى ، ورفع الله عيسى
من يومه ذلك

قال ابن جرير : وحدثنا المثنى ، حدثنا إسحاق ، حدثنا إسماعيل بن عبد الكريم
، حدثني عبد الصمد بن معقل ، أنه سمع وهباً يقول : إن عيسى ابن مريم لما
أعلمه الله أنه خارج من الدنيا جزع من الموت وشق عليه ، فدعا الحواريين
وصنع لهم طعاماً فقال : احضروني الليلة فإن لي إليكم حاجة فلما اجتمعوا
إليه من الليل عشاهم وقام يخدمهم ، فلما فرغوا من الطعام أخذ يغسل أيديهم
ويوضئهم بيده ويمسح أيديهم بثيابه ، فتعاظموا ذلك وتكارهوه فقال : من رد
علي شيئاً الليلى مما أصنع فليس مني ولا أنا منه فأقروه حتى إذا فرغ من
ذلك قال : أما ما صنعت بكم الليلة مما خدمتكم على الطعام وغسلت أيديكم بيدي
فليكن لكم بي أسوة ، فإنكم ترون إني خيركم فلا يتعظم بعظكم على بعض ،
وليبذل بعضكم لبعض نفسه ، كما بذلت نفسي لكم ، وأما حاجتي التي استعنتكم
عليها فتدعون الله لي وتجتهدون في الدعاء أن يؤخر أجلي

فلما نصبوا أنفسهم للدعاء وأرادوا أن يجتهدوا أخذهم النوم حتى لم يستطيعوا
دعاء ، فجعل يوقظهم ويقول : سبحان الله أما تصبرون لي ليلة واحد تعينوني
فيها ؟ فقالوا : والله ما ندري مالنا ، والله لقد كنا نسمر فنكثر السمر وما
نطيق الليلة سمراً ، وما نريد دعاء إلا حيل بيننا وبينه فقال : يذهب
بالراعي وتتفرق الغنم ! وجعل يأتي بكلام نحو هذا ينعي به نفسه

ثم قال : الحق ليكفرن بي أحدكم قبل أن يصيح الديك ثلاث مرات ، وليبيعني أحدكم بدراهم يسيرة وليأكلن ثمني

فخرجوا وتفرقوا : وكانت اليهود تطلبه فأخذوا شمعون أحد الحواريين فقالوا :
هذا من صحابه فجحد وقال : ما أنا بصاحبه فتركوه ، ثم أخذه آخرون فجحد
كذلك ثم سمع صوت ديك فبكى وأحزنه

فلما أصبح أتي أحد الحواريين إلى اليهود فقال : ما تجعلون لي إن دللتكم على
المسيح ؟ فجعلوا له ثلاثين درهما فأخذها ودلهم عليه وكان شبه عليهم قبل
ذلك فأخذوه واستوثقوا منه وربطوه بالحبل وجعلوا يقودونه ويقولون : أنت كنت
تحيي الموتى وتنتهر الشيطان وتبرئ المجنون ، أفلا تنجي نفسك من هذا الحبل
؟! ويبصقون عليه ويلقون عليه الشوك حتى أتوا به الخشبة التي أرادوا أن
يصلبوه عليها فرفعه الله إليه وصلبوا ما شبه لهم فمكث سبعاً

ثم إن أمه والمرأة التي كان يداويها عيسى فأبرأها الله من الجنون جاءتا
تبكيان حيث كان المصلوب فجاءهما عيسى فقال : علام تبكيان ؟ قالتا : عليك
قال : إني قد رفعني الله إليه ولم يصبني إلا خير ، وإن هذا شيء شبه لهم
فأمرا الحواريين أن يلقوني إلى مكان كذا وكذا ، فلقوه إلى ذلك المكان أحد
عشر وفقد الذي كان باعه ودل عليه اليهود ، فسأله عنه أصحابه فقالوا إنه ندم
على ما صنع فاختنق وقتل نسفه ، فقال : لو تاب لتاب الله عليه ، ثم سألهم
عن غلام كان يتبعهم يقال له يحيى فقال : هو معكم فانطلقوا فإنه سيصبح كل
إنسان منكم يحدث بلغة قوم فليذرهم وليدعهم

وهذا إسناد غريب عجيب ، وهو أصح مما ذكره النصارى لعنهم الله من أن المسيح
جاء إلى مريم وهي جالسة تبكي عند جذعة فذأراها مكان المسامير من جسده ،
وأخبرها أن روحه رفعت وأن جسده صلب

وهذا بهت وكذب واختلاق وتحريف وتبديل وزيادة باطلة في الإنجيل على خلاف الحق ومقتضى الدليل

وحكى الحافظ ابن عساكر من طريق يحيى بن حبيب ، فما بلغه ، أن مريم سألت من
بيت الملك بعد ما صلب المصلوب بسبعة أيام ، وهي تحسب أنه ابنها ، أن ينزل
جسده ، فأجابهم إلى ذلك ودفن هنالك ، فقالت مريم لأم يحيى : ألا تذهبين بنا
نزور قبر المسيح فذهبتا فلما دنتا من القبر قالت مريم لأم يحيى : ألا
تستترين ؟ قال : وممن أستتر ؟ فقالت : من هذا الرجل الذي هو عند القبر
فقالت أم يحيى : إني لا أرى أحداً فرجت مريم أن يكون جبريل ، وكان قد بعد
عهدها به ، فاستوقفت أم يحيى وذهبت نحو القبر فلما دنت من القبر قال لها
جبريل ، وعرفته : يا مريم أين تريدين ؟ فقالت : أزور قبر المسيح فأسلم
عليه وأحدث عهداً به فقال : يا مريم إن هذا ليس المسيح ، إن الله قد رفع
المسيح وطهره من الذين كفروا ولكن هذا الفتى الذي ألقى شبهه عليه وصلب
وقتل مكانه ، وعلامة ذلك أن أهله قد فقدوه فلا يدرون ما فعل به فهم يبكون
عليه فإذا كان يوم كذا وكذا فأت غيضة كذا وكذا فإنك تلقين المسيح

قال : فرجعت إلى أختها وصعد جبريل فأخبرتها عن جبريل وما قال لها من أمر
الغيضة ، فما كان ذلك اليوم ذهبت فوجدت عيسى في الغيضة فلما رآها أسرع
إليها وأكب عليها فقبل رأسها وجعل يدعو لها كما كان يفعل ، وقال : يا أمه
إن القوم لم يقتلوني ولكن الله رفعني إليه وأذن لي في لقائك والموت يأتيك
قريباً فاصبري واذكري الله كثيراً ثم صعد عيسى فلم تلقه إلا تلك المرة حتى
ماتت

قال : وبلغني أن مريم بقيت بعد عيسى خمس سنين وماتت ولها ثلاث وخمسون سنة رضي الله عنها وأرضاها

وقال الحسن البصري : وكان عمر عيسى عليه السلام يوم رفع أربعاً وثلاثين
سنة وفي الحديث :" إن أهل الجنة يدخلونها جرداً مرداً مكحلين أبناء ثلاث
وثلاثين " وفي الحديث الآخر : " على ميلاد عيسى وحسن يوسف " وكذا قال حماد
بن سلمة عن علي بن يزيد ، عن سعيد بن المسيب ، أنه قال : رفع عيسى وهو ابن
ثلاث وثلاثين سنة

فأما الحديث الذي رواه الحاكم في مستدركه ويعقوب بن سفيان الفسوي في تاريخه
، عن سعيد بن أبي مريم ، عن نافع بن يزيد ، عن عمارة بن غزية ، عن محمد بن
عبد الله بن عمرو ابن عثمان ، أن أمه فاطمة بنت الحسين حدثته أن عائشة
كانت تقول : أخبرتني فاطمة أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) أخبرها أنه
لم يكن نبي كان بعده نبي إلا عاش الذي بعده نصف عمر الذي كان قبله ، وأنه
أخبرني أن عيسى ابن مريم عاش عشرين ومائة سنة فلا أراني إلا ذاهب على رأس
ستين هذا لفظ الفسوي فهو حديث غريب

قال الحافظ ابن عساكر : والصحيح أن عيسى لم يبلغ هذا العمر ، وإنما أراد به
مدة مقامه في أمته ، كما روى سفيان بن عيينه ، عن عمرو بن دينار عن يحيى
بن جعدة ، قال : قالت فاطمة : قال لي رسول الله (صلى الله عليه وسلم) :" إن
عيسى ابن مريم مكث في بني إسرائيل أربعين سنة " وهذا منقطع

قال جرير والثوري عن الأعمش ، عن إبراهيم : مكث عيسى في قومه أربعين عاماً

ويروى عن أمير المؤمنين على أن عيسى عليه السلام رفع ليلة الثاني والعشرين
من رمضان ، وتلك الليلة في مثلها توفي علي بعد طعنه بخمسة أيام

وقد روى الضحاك عن ابن عباس أن عيسى لما رفع إلى السماء جاءته سحابة فدنت
منه حتى جلس عيها وجاءته مريم فودعته وبكت ثم رفع وهي تنظر وألقي إليها
عيسى برداً له وقال : هذه علامة ما بيني وبينك يوم القيامة وألقى عمامته
على شمعون ، وجعلت أمه تودعه بأصبعها تشير بها إليه حتى غاب عنها ، وكانت
تحبه حباً شديداً ، لأنه توفر عليها حبه من جهتي الوالدين إذ لا أب له ،
وكانت لا تفارقه سفراً ولا حضراً وكانت كما قال بعض الشعراء :

وكنت أرى كالموت من بين ساعة فكيف ببين كان موعده الحشر

وذكر إسحاق بن بشر ، عن مجاهد بن جبير أن اليهود لما صلبوا ذلك الرجل شبه
لهم وهم يحسبونه المسيح وسلم لهم أكثر النصارى بجهلهم ذلك ، تسلطوا على
أصحابه بالقتل والضرب والحبس فبلغ أمرهم إلى صاحب الروم وهو ملك دمشق في
ذلك الزمان ، فقيل له : إن اليهود قد تسلطوا على أصحاب رجل كان يذكر لهم
أنه رسول الله وكان يحيي الموتى ويبرئ الأكمه والأبرص ويفعل العجائب ،
فعدوا عليه فقتلوه وأهانوا أصحابه وحبسوهم فبعث فجيء بهم وفيهم يحيى بن
زكريا وشمعون وجماعة ، فسألهم عن أمر المسيح فأخبروه عنه ، فبايعهم في
دينهم وأعلى كلمتهم وظهر الحق على اليهود وعلت كلمة النصارى عليهم ، وبعث
إلى المصلوب فوضع عن جذعه وجيء بالجذع الذي صلب عليه ذلك الرجل فعظمه فمن
ثم عظمت النصارى الصليب ، ومن هاهنا دخل دين النصرانية في الروم وفي هذا
نظر من وجوه :

أحدها : أن يحيى بن زكريا نبي لا يقر على أن المصلوب عيسى ، فإنه معصوم يعلم ما وقع على جهة الحق

الثاني : أن الروم لم يدخلوا في دين المسيح إلا بعد ثلاثمائة سنة ، وذلك في
زمان قسطنطين بن قسطن باني المدينة المنسوبة إليه على ما سنذكره

الثالث : أن اليهود لما صلبوا ذلك الرجل ثم ألقوه بخشبته جعلوا مكانه
مطرحاً للقمامة والنجاسة وجيف الميتات والقاذورات ، فلم يزل كذلك حتى كان
في زمان قسطنطين المذكور فعمدت أمه هيلانة الحرانية الفندقانية فاستخرجته
من هنالك معتقدة أنه المسيح ، ووجدوا الخشبة التي صلب عليها المصلوب
فذكروا أنه ما مسها ذو عاهة إلا عوفي فالله أعلم أكان هذا أملاً ، وهل
كان هذا لأن ذلك الرجل الذي بذل نفسه كان رجلاً صالحاً أو كان هذا محنة
وفتنة لأمة النصارى في ذلك اليوم ، حتى عظموا تلك الخشبة وغشوها بالذهب
والآلىء ، ومن ثم اتخفوا الصلبانات وتبركوا بشكلها وقبلوها ، وأمرت أم
الملك هيلانة فأزيلت تلك القمامة وبني مكانها كنيسة هائلة مزخرفة بأنواع
الزينة ، فهي هذه المشهورة اليوم ببلد بيت المقدس التي يقال لها القمامة
باعتبار ما كان عندها ، ويسمونها القيامة يعنون التي يقوم جسد المسيح منها
ثم أمرت هيلانة بأن توضع قمامة البلد وكناسته وقاذوراته على الصخرة التي
هي قبلة اليهود فلم تزل كذلك حتى فتح عمر بن الخطاب بيت المقدس ، فكنس عنها
القمامة بردائه وطهرها من الأخباث والأنجاس ، ولم يضع المسجد وراءها ولكن
أمامها حيث صلى رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ليلة الإسراء بالأنبياء وهو
المسجد الأقصى

قصَصُ الأنبيَاء - صفحة 3 500092465

قصَصُ الأنبيَاء - صفحة 3 500092465

تحياتي لكم

قصَصُ الأنبيَاء - صفحة 3 500092465

قصَصُ الأنبيَاء - صفحة 3 500092465

قصَصُ الأنبيَاء - صفحة 3 483098003
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
المدير
AMINE PàTCHIKà
AMINE PàTCHIKà
المدير


الجنس : ذكر
الابراج الدلو
تاريخ الميلاد تاريخ الميلاد : 25/01/1988
العمر : 36

المدير العام
منتديات أمين عبلة الحب :

قصَصُ الأنبيَاء - صفحة 3 Empty
مُساهمةموضوع: رد: قصَصُ الأنبيَاء   قصَصُ الأنبيَاء - صفحة 3 Emptyالأحد يناير 13, 2013 12:58 pm

قصَصُ الأنبيَاء - صفحة 3 500092465

قصَصُ الأنبيَاء - صفحة 3 500092465

ذكر صفة عيسى عليه السلام وشمائله وفضائله

قصَصُ الأنبيَاء - صفحة 3 500092465



قصَصُ الأنبيَاء - صفحة 3 500092465

قال الله تعالى :" ما المسيح ابن مريم إلا رسول قد خلت من قبله الرسل وأمه صديقة

قيل سمي المسيح لمسحه الأرض وهو سياحته فيها وفراره بدينه من الفتن في ذلك
الزمان ، لشدة تكذيب اليهود له وافترائهم عليه وعلى أمه عليهما السلام
وقيل لأنه كان ممسوح القدمين

وقال تعالى :" ثم قفينا على آثارهم برسلنا وقفينا بعيسى ابن مريم وآتيناه
الإنجيل " وقال تعالى :" وآتينا عيسى ابن مريم البينات وأيدناه بروح القدس "
والآيات في ذلك كثيرة جداً

وقد تقدم ما ثبت في الصحيحين :" ما من مولود إلا والشيطان يطعن في خاصرته
حين يولد فيستهل صارخاً إلا مريم وابنها ، ذهب بطعن فطعن في الحجاب "،
وتقدم حديث عمير ابن هانئ عن جنادة ، عن عبادة عن رسول الله (صلى الله عليه
وسلم) أنه قال :" من شهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمداً
عبد الله ورسوله وأن عيسى عبد الله ورسوله وكلمته التي أقاها إلى مريم وروح
منه ، والجنة حق والنار حق أخله الله الجنة على ما كان من العمل " رواه
البخاري وهذا لفظه ، و مسلم

وروى البخاري و مسلم من حديث الشعبي ، عن أبي بردة بن أبي موسى ، عن
أبيه ، قال : قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) :" إذا أدب الرجل أمته
فأحسن تأديبها وعلمها فأحسن تعليمها ثم أعتقها فتزوجها كان له أجران ، وإذا
آمن بعيسى ابن مريم ثم آمن بي فله أجران ، والعبد إذا اتقى ربه وأطاع
مواليه فله أجران " هذا لفظ البخاري

وقال البخاري : حدثنا إبراهيم بن موسى ، أنبأنا هشام ، عن معمر ، وحدثني
محمود : حدثنا عبد الرزاق ، أنبأنا معمر ، عن الزهري ، أخبرني سعيد بن
المسيب ، عن أبي هريرة قال : قال النبي (صلى الله عليه وسلم) :" ليلة أسري
بي ولقيت موسى - قال : فنعته - فإذا رجل حسبته قال : مضطرب رجل الرأس كأنه
من رجال شنوءة قال : ولقيت عيسى فنعته النبي (صلى الله عليه وسلم) فقال :
ربعة أحمر كأنما خرج من ديماس - يعني الحمام - ورأيت إبراهيم وأنا أشبه
ولده به " الحديث

وقد تقدم في قصتي إبراهيم وموسى

ثم قال : حدثنا محمد بن كثير ، أنبأنا إسرائيل ، عن عثمان بن المغيرة ، عن
مجاهد ، عن ابن عمر ، قال : قال النبي (صلى الله عليه وسلم) :" رأيت عيسى
وموسى وإبراهيم ، فأما عيسى فأحمر جعد عريض الصدر وأما موسى فآدم جسيم سبط
كأنه من رجال الزط " تفرد به البخاري

وحدثنا إبراهيم بن المنذر ، حدثنا أبو ضمرة : حدثنا موسى بن عقبة ، عن نافع
، قال : قال عبد الله بن عمر : ذكر النبي (صلى الله عليه وسلم) يوماً بين
ظهراني الناس المسيح الدجال فقال :" إن الله ليس بأعور إلا أن المسيح
الدجال أعور اليعن اليمنى كأن عينه عنبة طافية ، وأراني الليلة عند الكعبة
في المنام فإذا رجل آدم كأحسن ما يرى من أدم الرجال تضرب لمته بين منكبيه
فقلت من هذا ؟ فقالوا : المسيح ابن مريم ثم رأيت رجلاً وراءه جعداً قططاً
أعور عين اليمنى كأشبه من رأيت بابن قطن واضعاً يده على منكبي رجل يطوف
بالبيت فقلت من هذا ؟ فقالوا : المسيح الدجال "

ورواه مسلم من حديث موسى بن عقبة ثم قال البخاري : تابعه عبد الله بن
نافع ثم ساقه من طريق الزهري عن سالم بن عمر قال الزهري : وابن قطن رجل من
خزاعة هلك في الجاهلية

فبين صلوات الله وسلامه عليه صفة المسيحيين : ميسح الهدى ومسيح الضلالة ،
ليعرف هذا إذا نزل فيؤمن به المؤمنون ويعرف الآخر فيحذره الموحدون

وقال البخاري : حدثنا عبد الله بن محمد ، حدثنا عبد الرزاق ، أنبأنا معمر ،
عن همام بن منبه ، عن أبي هريرة عن النبي (صلى الله عليه وسلم) قال :" رأى
عيسى ابن مريم رجلاً يسرق فقال له : أسرقت ؟ قال : كلا والذي لا إليه إلا
هو فقال عيسى : آمنت بالله وكذبت عيني " وكذا رواه مسلم عن محمد بن رافع
عن عبد الرزاق

وقال أحمد : حدثنا عفان ، حدثنا حماد بن سلمة ، عن سلمة ، عن حميد الطويل ،
عن الحسن وغيره ، عن أبي هريرة قال : ولا أعلمه إلا عن النبي (صلى الله
عليه وسلم) قال : " رأى عيسى رجلاً يسرق فقال : يا فلان أسرقت ؟ فقال :
لا والله ما سرقت فقال : آمنت بالله وكذبت بصري "

وهذا يدل على سجية طاهرة ، حيث قدم حلف الله الرجل فظن أن أحداً لا يحلف
بعظمة الله كاذباً على ما شاهده منه عياناً ، فقبل عذره ورجع على نفسه فقال
: آمنت بالله أي صدقتك وكذبت بصري لأجل حلفك

وقال البخاري : حدثنا محمد بن يوسف ، حدثنا سفيان ، عن المغيرة بن النعمان
، عن سعيد ابن جبير ، عن ابن عباس قال : قال رسول الله (صلى الله عليه
وسلم) :" تحشرون حفاة عراة غرلاً ثم قرأ :" كما بدأنا أول خلق نعيده وعدا
علينا إنا كنا فاعلين " فأول الخلق يكسى إبراهيم ، ثم يؤخذ برجال من أصحابي
ذات اليمين وذات الشمال فأقول أصحابي فيقال : إنهم لن يزالوا مرتدين على
أعقابهم منذ فارقتهم فأقول كما قال العبد الصالح عيسى ابن مريم :" وكنت
عليهم شهيدا ما دمت فيهم فلما توفيتني كنت أنت الرقيب عليهم وأنت على كل
شيء شهيد * إن تعذبهم فإنهم عبادك وإن تغفر لهم فإنك أنت العزيز الحكيم " "
تفرد به دون مسلم من هذا الوجه

وقال أيضاً : حدثنا عبد الله بن الزبير الحميدي : حدثنا سفيان ، سمعت
الزهري يقول : أخبرني عبد الله بن عبد الله ، عن ابن عباس سمع عمر يقول على
المنبر : سمعت رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يقول :" لا تطروني كما أطرت
النصارى عيسى ابن مريم فإنما أنا عبد فقولوا عبد الله ورسوله "

وقال البخاري : حدثنا إبراهيم ، حدثنا جرير بن حازم ، عن محمد بن سيرين ،
عن أبي هريرة عن النبي (صلى الله عليه وسلم) قال :" لم يتكلم في المهد إلا
ثلاثة : عيسى ، وكان في بني إسرائيل رجل يقال له جريح يصلي إذ جاءته أمه
فدعته فقال :أجيبها أو أصلي ؟ فقالت : اللهم لا تمته حتى تريه وجوه
المومسات وكان جريح في صومعة فعرضت له امرأة وكلمته فأبى فأتت راعياً
فأمكنته من نفسها فولدت غلاماً فقيل لها : ممن ؟ قالت : من جريج فأتوه
وكسروا صومعته فأنزلوه وسبه فتوضأ وصلى ثم أتى الغلام فقال : من أبوك يا
غلام ؟ قال : فلان الراعي فقالوا : أنبني صومعتك من ذهب ؟ قال : لا ، إلا
من طين وكانت امرأة ترضع ابناً لها في بني إسرائيل فمر بها رجل راكب ذو
شارة فقالت : اللهم اجعل ابني مثله ، فترك ثديها وأقبل على الراكب فقال :
اللهم لا تجعلني مثله ، ثم أقبل على ثديها يمصه قال أبو هريرة : كأني أنظر
إلى النبي (صلى الله عليه وسلم) يمص إصبعه ثم مر بأمة فقالت : اللهم لا
تجعل ابني مثل هذه فترك ثديها فقال : اللهم اجعلني مثلها فقالت : لم ذلك
فقال : الراكب جبار من الجبابرة ، وهذا الأمة يقولون سرقت وزنت ، ولم تفعل "

وقال البخاري : حدثنا أبو اليمان : حدثنا شعيب ، عن الزهري ، أخبرني أبو
سلمة ، أن أبا هريرة قال : سمعت رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يقول :"
أنا أولى الناس بابن مريم ، والأنبياء أولاد علات ليس بيني وبينه نبي "

تفرد به البخاري من هذا الوجه

ورواه ابن حبان في صحيحه من حديث أبي داود الحفري ، عن الثوري عن أبي الزناد ، عن أبي سلمة ، عن أبي هريرة

وقال أحمد : حدثنا وكيع ، حدثنا سفيان - وهو الثوري - عن أبي الزناد ، عن
الأعرج ، عن أبي هريرة قال : قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) : " أنا
أولى الناس بعيسى عليه السلام والأنبياء إخوة أولاد علات ، وليس بيني وبين
عيسى نبي "

وهذا إسناد صحيح على شرطهما ولم يخرجوه من هذا الوجه وأخرجه أحمد عن عبد
الرزاق ، عن معمر ، عن همام ، عن أبي هريرة عن النبي (صلى الله عليه وسلم)
بنحوه ، وأخرجه ابن حبان من حديث عبد الرزاق نحوه

قال أحمد : حدثنا يحيى ، عن أبي عروبة ، حدثنا قتادة ، عن عبد الرحمن بن
آدم ، عن أبي هريرة عن النبي (صلى الله عليه وسلم) قال :" الأنبياء إخوة
لعلات ، ودينهم واحد وأمهاتهم شتى ، وأنا أولى الناس بعيسى ابن مريم لأنه
لم يكن بيني وبينه نبي ، وإنه نازل فإذا رأيتموه فاعرفوه ، فإنه رجل مربوع
إلى الحمرة والبياض ، سبط كأن رأسه يقطر وإن لم يصبه بلل بين مخصرتين فيكسر
الصليب ويقتل الخنزير ويضع الجزية ويعطل الملل حتى تهلك في زمانه كلها غير
الإسلام ، ويهلك الله في زمانه المسيح الدجال الكذاب ، وتقع الأمنة في
الأرض حتى ترتع الإبل مع الأسد جميعاً والنمور مع البقر والذئاب مع الغنم
ويلعب الصبيان والغلمان بالحيات لا يضر بعضهم بعضاً فيمكث ما شاء الله أن
يمكث ، ثم يتوفى فيصلي عليه المسلمون ويدفنونه "

ثم رواه أحمد عن عفان ، عن همام ، عن قتادة ، عن عبد الرحمن ، عن أبي
هريرة فذكر نحوه وقال : فيمكث أربعين سنة ، ثم يتوفى ويصلي عليه المسلمون ،
ورواه أبو داود عن هدبة ابن خالد ، عن هشام بن يحيى به نحوه

وروى هشام بن عروة ، عن صالح مولى أبي هريرة عنه أن رسول الله (صلى الله
عليه وسلم) قال :" فيمكث في الأرض أربعين سنة " وقد بينا نزوله عليه السلام
في آخر الزمان في كتاب الملاحم كما بسطنا ذلك أيضاً في التفسير عند قوله
تعالى في سورة النساء :" وإن من أهل الكتاب إلا ليؤمنن به قبل موته ويوم
القيامة يكون عليهم شهيدا " وقوله :" وإنه لعلم للساعة " الآية وأنه ينزل
على المنارة البيضاء بدمشق وقد أقيمت صلاة الصبح فيقول له إمام المسلمين :
تقدم يا روح الله فصل فيقول : لا ، بعضكم على بعض أمراء مكرمة الله هذه
الأمة ، وفي رواية فيقول له عيسى : إنما أقيمت الصلاة لك ، فيصلي خلفه ، ثم
يركب ومعه المسلمون في طلب المسيح الدجال فيلحقه عند باب لد فيقتله بيده
الكريمة

وذكرنا أنه قوي الرجاء حتى بنيت هذه المنارة الشرقية بدمشق التي هي من
حجارة بيض ، وقد بنيت أيضاً من أموال النصارى حين حرقوا التي هدمت وما
حولها ، فينزل عليها عيسى ابن مريم عليه السلام فيقتل الخنزير ويكسر الصليب
ولا يقبل من أحد إلا الإسلام ، وأنه يخرج من فج الروحاء حاجاً أو معتمراً
أو لثنتيهما ، ويقيم أربعين سنة ، ثم يموت فيدفن فيما قيل في الحجرة
النبوية عند رسول الله (صلى الله عليه وسلم) وصاحبيه

وقد ورد ذلك حديث ذكره ابن عساكر في آخر ترجمة المسيح عليه السلام في كتابه
عن عائشة مرفوعاً ، أنه يدفن مع رسول الله (صلى الله عليه وسلم) وأبي بكر
وعمر في الحجرة النبوية ، ولكن لا يصح إسناده

وقال أبوعيسى الترمذي : حدثنا زيد بن أخزم الطائي ، حدثنا أبو قتيبة مسلم
بن قتيبة ، حدثني أبو مودود المدني ، حدثنا عثمان بن الضحاك ، عن محمد بن
يوسف بن عبد الله ابن سلام ، عن أبيه ، عن جده قال : مكتوب في التوراة :
صفة محمد وعيسى ابن مريم عليهما السلام يدفن معه قال أبو مودود ، وقد بقي
من البيت موضع قبر

ثم قال الترمذي : هذا حديث حسن كذا قال : والصواب الضحاك بن عثمان المدني

وقال البخاري هذا الحديث لا يصح عندي ولا يتابع عليه

وروى البخاري عن يحيى بن حماد ، عن أبي عوانة ، عن عاصم الأحول ، عن أبي
عثمان النهدي ، عن سلمان قال : الفترة ما بين عيسى ومحمد (صلى الله عليه
وسلم) ستمائة سنة ، وعن قتادة : خمسمائة وستون سنة وقيل خمسمائة وأربعون
سنة وعن الضحاك أربعمائة وبعض وثلاثون سنة والمشهور ستمائة سنة ، ومنهم من
يقول ستمائة وعشرون سنة بالقمرية ، ليكون ستمائة الشمسية والله أعلم

وقال ابن حبان في صحيحه : ذكر المدة التي بقيت فيها أمة عيسى على هديه :
حدثنا أبو يعلى ، حدثنا أبو همام ، حدثنا الوليد بن مسلم ، عن الهيثم بن
حميد ، عن الوضين بن عطاء ، عن نصر بن علقمة ، عن جبير بن نفير ، عن أبي
الدرداء ، قال : قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) : " لقد قبض الله داود
من بين أصحابه فما فتنوا ولا بدلوا ولقد مكث أصحاب المسيح على سنته وهديه
مائتي سنة "

وهذا حديث غريب جداً ، وإن صححه ابن حبان

وذكر ابن جرير عن محمد بن إسحاق ، أن عيسى عليه السلام قبل أن يرفع وصى
الحواريين بأن يدعوا الناس إلى عبادة الله وحده لا شريك له وعين كل واحد
منهم إلى طائفة من الناس في إقليم من الأقاليم من الشام وبلاد المغرب ،
فذكروا أنه أصبح كل إنسان منهم يتكلم بلغة الذين أرسله المسيح إليهم

وذكر غير واحد أن الإنجيل نقله عنه أربعة : لوقا ومتى ومرقس ويوحنا ، وبين
هذه الأناجيل الأربعة تفاوت كثير بالنسبة إلى كل نسخة ونسخة ، وزيادات
كثيرة ونقص بالنسبة إلى أخرى ، وهؤلاء الأربعة منهم اثنان ممن أدرك المسيح
وراءه وهما متي ويوحنا ، ومنهم اثنان من أصحابه وهما مرقس ولوقا

وكان ممن آمن بالمسيح وصدقه من أهل دمشق رجل يقال له ضينا ، وكان مختفيا في
مغارة داخل الباب الشرقي قريباً من الكنيسة المصلبة خوفاً من بولس اليهودي
، وكان ظالماً غاشماً مبغضا للمسيح ولما جاء به ، وكان قد حلق رأس ابن
أخيه حين آمن بالمسيح وطاف به في البلد ثم رجمه حتى مات رحمه الله

ولما سمع بولص أن المسيح عليه السلام قد توجه نحو دمشق جهز بغالة وخرج
ليقتله ، فتلقاه عند كوكبا ، فلما واجه أصحاب المسيح جاء إليه ملك فضرب
وجهه بطرف جناحه فأعماه ، فلما رأى ذلك وقع في نفسه تصديق المسيح فجاء إليه
واعتذر مما صنع ، وآمن به فقبل منه وسأله أن يمسح عينيه ليرد الله عليه
بصره ، فقال اذهب إلى ضينا عندك بدمشق في طرف السوق المستطيل من المشرق فهو
يدعو لك فجاء إليه فدعا فرد عليه بصره وحسن إيمان بولص بالمسيح عليه
السلام أنه عبد الله ورسوله وبنيت له كنيسته باسمه فهي كنيسة بولص المشهورة
بدمشق من زمن فتحها الصحابة رضي الله عنهم حتى خرجت

قصَصُ الأنبيَاء - صفحة 3 500092465

قصَصُ الأنبيَاء - صفحة 3 500092465

تحياتي لكم

قصَصُ الأنبيَاء - صفحة 3 500092465

قصَصُ الأنبيَاء - صفحة 3 500092465

قصَصُ الأنبيَاء - صفحة 3 483098003
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
المدير
AMINE PàTCHIKà
AMINE PàTCHIKà
المدير


الجنس : ذكر
الابراج الدلو
تاريخ الميلاد تاريخ الميلاد : 25/01/1988
العمر : 36

المدير العام
منتديات أمين عبلة الحب :

قصَصُ الأنبيَاء - صفحة 3 Empty
مُساهمةموضوع: رد: قصَصُ الأنبيَاء   قصَصُ الأنبيَاء - صفحة 3 Emptyالأحد يناير 13, 2013 12:59 pm

قصَصُ الأنبيَاء - صفحة 3 500092465

قصَصُ الأنبيَاء - صفحة 3 500092465

فصل اختلف أصحاب المسيح عليه السلام

بعد رفعه إلى السماء


قصَصُ الأنبيَاء - صفحة 3 500092465



قصَصُ الأنبيَاء - صفحة 3 500092465

اختلف أصحاب المسيح عليه السلام بعد رفعه إلى السماء فيه على أقوال ، كما
قاله ابن عباس وغيره من أئمة السلف كما أوردناه عند قوله :" فأيدنا الذين
آمنوا على عدوهم فأصبحوا ظاهرين "

قال ابن عباس وغيره : قال قائلون منهم : كان فينا عبد الله ورسوله فرفع إلى السماء وقال آخرون : هو الله وقال آخرون هو ابن الله

فالأول هو الحق والقولان الآخران كفر عظيم ، كما قال :" فاختلف الأحزاب من بينهم فويل للذين كفروا من مشهد يوم عظيم "

وقد اختلفوا في نقل الأناجيل على أربعة أقاويل ما بين زيادة ونقصان وتحريف وتبديل

ثم بعد المسيح بثلاثمائة سنة حدثت فيه الطامة العظمى والبلية الكبرى اختلف
البتاركة الأربعة وجميع الأساقفة والقساوسة والشمامسة والرهابين في المسيح
على أقوال متعددة لا تنحصر ولا تنضبط ، واجتمعوا وتحاكموا إلى الملك
قسطنطين باني القسطنطينية وهم الجمع الأول ، فصار الملك إلى قول أكثر فرقة
اتفقت على قول من تلك المقالات ، فسموا الملكية ودحض من عداهم وأبعدهم ،
وتفردت الفرقة التابعة لعبد الله بن أريوس الذي ثبت على أن عيسى عبد من
عباد الله ورسول من رسله فسكنوا البراري والبوادي وبنوا الصوامع والديارات
والقلايات ، وقنعوا بالعيش الزهيد ولم يخالطوا أولئك الملل والنحل وبنت
الملكية الكنائس الهائلة ، عمدوا إلى ما كان من بناء اليونان فحولوا
محاريبها إلى الشرق وقد كانت إلى الشمال إلى الجدي


قصَصُ الأنبيَاء - صفحة 3 500092465

قصَصُ الأنبيَاء - صفحة 3 500092465

تحياتي لكم

قصَصُ الأنبيَاء - صفحة 3 500092465

قصَصُ الأنبيَاء - صفحة 3 500092465

قصَصُ الأنبيَاء - صفحة 3 483098003
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
المدير
AMINE PàTCHIKà
AMINE PàTCHIKà
المدير


الجنس : ذكر
الابراج الدلو
تاريخ الميلاد تاريخ الميلاد : 25/01/1988
العمر : 36

المدير العام
منتديات أمين عبلة الحب :

قصَصُ الأنبيَاء - صفحة 3 Empty
مُساهمةموضوع: رد: قصَصُ الأنبيَاء   قصَصُ الأنبيَاء - صفحة 3 Emptyالأحد يناير 13, 2013 1:01 pm

قصَصُ الأنبيَاء - صفحة 3 500092465

قصَصُ الأنبيَاء - صفحة 3 500092465

بيان بناء بيت لحم والقمامة

قصَصُ الأنبيَاء - صفحة 3 500092465



قصَصُ الأنبيَاء - صفحة 3 500092465

وبنى الملك قسطنطين بيت لحم على محل مولد المسيح ، وبنت أمه هيلانة القمامة ، يعني على قبر المصلوب وهم يسلمون لليهود أنه المسيح

وقد كفرت هؤلاء وهؤلاء ووضعوا القوانين والأحكام ومنها مخالف للعتيقة التي
هي التوراة ، وأحلوا أشياء هي حرام بنص التوراة ومن ذلك الخنزير ، وصلوا
إلى المشرق ولم يكن المسيح صلى إلا إلا صخرة بيت المقدس ، وكذلك جميع
الأنبياء بعد موسى ، ومحمد خاتم النبيين صلى إليها بعد هجرته إلى المدينة
ستة عشر - أو سبعة عشر - شهراً ثم حول إلى الكعبة التي بناها إبراهيم
الخليل

وصوروا الكنائس ولم تكن مصورة قبل ذلك ، ووضعوا العقيدة التي يحفظها
أطفالهم ونساؤهم ورجالهم التي يسمونها بالأمانة ، وهي في الحقيقة أكبر
الكفر والخيانة

وجميع الملكية والنسطورية أصحاب نسطورس أهل المجمع الثاني ، واليعقوبية
أصحاب يعقوب البراذعي أصحاب المجمع الثالث ، يعتقدون هذه العقيدة يختلقون
في تفسيرها

وها أنا أحكيها - وحاكي الكفر ليس بكافر لابث - على ما فيها من ركة الألفاظ
وكثيرة الكفر والخبال المفضي بصاحبه إلى النار ذات الشواط فيقولون :

نؤمن بإله واحد ضابظ الكل خالق السموات والأرض كل ما يرى وكل ما لا يرى ،
وبرب واحد يسوع المسيح ابن الله الوحيد المولود من الأب قبل الدهور نور من
نور ، إليه حق من إله حق ، مولود غير مخلوق مساو للأب في الجوهر الذي كان
به كل شيء ، من أجلنا نحن البشر ومن أجل خلاصنا نزل من السماء وتجسد من روح
القدس ومن مريم العذراء وتأنس وصلب على عهد ملاطس النبطي وتألم وقبر وقام
في اليوم الثالث كما في الكتب وصعد إلى السماء وجلس على يمين الأب ، وأيضاً
فسيأتي بجسده ليدبر الأحياء والأموات الذي لا فناء لملكه ، وروح القدس
الرب المحيي المنبثق من الأب مع الأب ، والابن مسجود له وبمجد الناطق في
الأنبياء كنيسة واحدة جامعة مقدسة يهولية ، واعترف بمعمودية واحدة لمغفرة
الخطايا وأنه حي قيامة قيامة الموتى وحياة الدخر العتيد كونه آمين

قصَصُ الأنبيَاء - صفحة 3 500092465

قصَصُ الأنبيَاء - صفحة 3 500092465

تحياتي لكم

قصَصُ الأنبيَاء - صفحة 3 500092465

قصَصُ الأنبيَاء - صفحة 3 500092465

قصَصُ الأنبيَاء - صفحة 3 483098003
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
المدير
AMINE PàTCHIKà
AMINE PàTCHIKà
المدير


الجنس : ذكر
الابراج الدلو
تاريخ الميلاد تاريخ الميلاد : 25/01/1988
العمر : 36

المدير العام
منتديات أمين عبلة الحب :

قصَصُ الأنبيَاء - صفحة 3 Empty
مُساهمةموضوع: رد: قصَصُ الأنبيَاء   قصَصُ الأنبيَاء - صفحة 3 Emptyالأحد يناير 13, 2013 1:06 pm

قصَصُ الأنبيَاء - صفحة 3 500092465



قصَصُ الأنبيَاء - صفحة 3 500092465



قصة عيسى ابن مريم عبد الله ورسوله وابن أمته عليه من الله أفضل الصلاة والسلام



قصَصُ الأنبيَاء - صفحة 3 500092465





قصَصُ الأنبيَاء - صفحة 3 500092465



قال الله تعالى في سورة آل عمران التي أنزل صدرها وهو ثلاث وثمانون آية
منها في الرد على النصارى عليهم لعائن الله ، الذين زعموا أن لله ولداً ،
وتعالى الله عما يقولون علواً كبيراً



وكان قد قدم وفد نجران منهم على رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فجعلوا
يذكرون ما هم عليه من الباطل من التثليث في الأقانيم ويدعون بزعمهم أن الله
ثالث ثلاثة وهم الذات المقدسة وعيسى ومريم ، على اختلاف فرقهم ، فأنزل
الله عز وجل صدر هذه السورة بين فيها أن عيسى بعد من عباد الله خلقه وصوره
في الرحم كما صور غيره من المخلوقات وأنه خلقه من غير أب كما خلق آدم من
غير أب ولا أم ، وقال له كن فكان سبحانه وتعالى وبين اصل ميلاد أمه مريم
وكيف كان من أمرها وكيف حملت بولدها عيسى ، وكذلك بسط ذلك في سورة مريم كما
سنتكلم على ذلك كله بعون الله وحسن توفيقه وهدايته



فقال تعالى وهو أصدق القائلين :" إن الله اصطفى آدم ونوحا وآل إبراهيم وآل
عمران على العالمين * ذرية بعضها من بعض والله سميع عليم * إذ قالت امرأة
عمران رب إني نذرت لك ما في بطني محررا فتقبل مني إنك أنت السميع العليم *
فلما وضعتها قالت رب إني وضعتها أنثى والله أعلم بما وضعت وليس الذكر
كالأنثى وإني سميتها مريم وإني أعيذها بك وذريتها من الشيطان الرجيم *
فتقبلها ربها بقبول حسن وأنبتها نباتا حسنا وكفلها زكريا كلما دخل عليها
زكريا المحراب وجد عندها رزقا قال يا مريم أنى لك هذا قالت هو من عند الله
إن الله يرزق من يشاء بغير حساب "



يذكر تعالى أنه اصطفى آدم عليه السلام والخلص من ذريته المتبعين شرعه
الملازمين طاعته ، ثم خصص فقال :" وآل إبراهيم " فدخل فيهم بنو إسماعيل ثم
ذكر فضل هذا البية الطاهر الطيب وهم آل عمران ، والمراد بعمران هذا والد
مريم عليهما السلام



وقال محمد بن إسحاق : وهو عمران بن هشام بن أمون بن ميشا بن حزقيا بن أحريق
بن موثم بن عزازيا بن أمصيا بن ياوش بن أحريهو بن يازم بن يهفاشاط بن إيشا
بن إيان بن رحبعام بن داود



وقال أبو القاسم بن عساكر : مريم بنت عمران بن ماثان بن العازر بن اليهود
بن أخنز بن صادوق بن عيازوز بن الياقيم بن أيبود بن زرابابيل ابن شالتال بن
يوحينا بن برشا بن أمون ابن ميشا بن حزقيا بن أحاز بن موثام بن عزريا بن
يورام بن يوشافاط بن إيشا بن إيبا بن رحبعام بن سليمان بن داود عليه
السلام وفيه مخالفة لما ذكره محمد بن إسحاق



ولا خلاف أنها من سلالة داود عليه السلام وكان أبوها عمران صاحب صلاة بني
إسرائيل في زمانه ، وكانت أمها وهي حنة بنت فاقود بن قبيل من العابدات ،
وكان زكريا نبي ذلك الزمان زوج أخت مريم أشياع في قول الجمهور وقيل زوج
خالتها أشياع فالله أعلم



وقد ذكر محمد بن إسحاق وغيره أن أمر مريم كانت لا تحبل فرأت يوماً طائراً
يزق فرخاً له فاشتهت الولد فنذرت لله إن حملت لتجعلن ولدها محرراً أي
حبيساً في بيت المقدس



قالوا : فحاضت من فورها فلما طهرت واقعها بعلها فحملت بمريم عليها السلام "
فلما وضعتها قالت رب إني وضعتها أنثى والله أعلم بما وضعت " وقرئ بضم
التاء " وليس الذكر كالأنثى " أي في خدمة بيت المقدس ، وكانوا في ذلك
الزمان ينذرون لبيت المقدس خداماً من أولادهم



وقولها :" وإني سميتها مريم " استدل به على تسمية المولود يوم يولد ، وكما
ثبت في الصحيحين عن أنس في ذهبه بأخيه إلى رسول الله (صلى الله عليه وسلم)
فحنك أخاه وسماه عبد الله وجاء في حديث الحسن عن سمرة مرفوعاً :" كل غلام
رهينة بعقيقته تذبح عنه يوم سابعه ويسمي ويحلق رأسه "



رواه أحمد وأهل السنن وصححه الترمذي وجاء في بعض ألفاظه :" ويدمى " بدل " ويسمى " وصححه بعضهم والله أعلم



وقولها :" وإني أعيذها بك وذريتها من الشيطان الرجيم " قد استجيب لها في
هذا كما تقبل منها نذرها ، فقال الإمام أحمد : حدثنا عبد الرزاق ، حدثنا
معمر عن الزهري ، عن ابن المسيب ، عن أبي هريرة ، أن النبي (صلى الله عليه
وسلم) قال :" ما من مولود إلا والشيطان يمسه حين يولد فيستهل صارخاً من مس
الشيطان إلا مريم وابنها " ثم يقول أبو هريرة : واقرءوا إن شئتم : " وإني
أعيذها بك وذريتها من الشيطان الرجيم "



أخرجاه من حديث عبد الرزاق ورواه ابن جرير عن أحمد بن الفرج عن بقية ، عن
عبد الله بن الزبيدي ، عن الزهري عن أبي سلمة ، عن أبي هريرة عن النبي (صلى
الله عليه وسلم) بنحوه



وقال أحمد أيضاً : حدثنا إسماعيل بن عمر ، حدثنا ابن أبي ذؤيب ، عن عجلان
مولى المشتمعل ، عن النبي (صلى الله عليه وسلم) قال :" كل مولود من بني
آدم يمسه الشيطان بأصبعه إلا مريم بنت عمران وابنها عيسى "



تفرد به من هذا الوجه ورواه مسلم عن أبي الطاهر ، عن ابن وهب ، عن عمر
بن الحارث ، عن أبي يونس ، عن أبي هريرة ، عن النبي (صلى الله عليه وسلم)
بنحوه



وقال أحمد : حدثنا هشيم ، حدثنا حفص بن ميسرة ، عن العلاء عن أبيه ، عن
أبي هريرة ، أن النبي (صلى الله عليه وسلم) قال :" كل إنسان تلده أمه يلكزه
الشيطان في حضنيه إلا ما كان من مريم وابنها ، ألم تر إلى الصبي حين يسقط
كيف يصرخ ، ؟ قالو : بلى يا رسول الله قال : ذلك حين يلكزه الشيطان بحضنيه
"



وهذا على شرط مسلم ولم يخرجه من هذا الوجه ، ورواه قيس عن الأعمش ، عن أبي
صالح ، عن أبي هريرة قال : قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) :" ما من
مولود إلا وقد عصره الشيطان عصرة - أو عصرتين - إلا عيسى ابن مريم ومريم "
ثم قرأ رسول الله (صلى الله عليه وسلم) " وإني أعيذها بك وذريتها من
الشيطان الرجيم "



وكذا رواه محمد بن إسحاق ، عن يزيد بن عبيد الله بن قسيط ، عن أبي هريرة ، عن النبي (صلى الله عليه وسلم) بأصل الحديث



وقال الإمام أحمد : حدثنا عبد الله ، حدثنا المغيرة هو ابن عبد الرحمن
الحزامي ، عن أبي الزناد ، عن الأعرج ، عن أبي هريرة ، عن النبي (صلى الله
عليه وسلم) قال :" كل نبي آدم يطعن الشيطان في جنبه حين يولد إلا عيسى ابن
مريم ذهب يطعن فطعن في الحجاب " وهذا على شرط الصحيحين ولم يخرجوه من هذا
الوجه



وقوله :" فتقبلها ربها بقبول حسن وأنبتها نباتا حسنا وكفلها زكريا "ذكر
كثير من الفسرين أن أمها حين وضعتها لفتها في خرقها ثم خرجت بها إلى المسجد
فسلمتها إلى العباد الذين هم مقيمون به ، وكانت ابنة إمامهم وصاحب صلاتهم
فتنازعوا فيها ، والظاهر أنها إنما سلمتها إليهم بعد رضاعها وكفالة مثلها
في صغرها



ثم لما دفعتها إليهم تنازعوا في أيهم يكفلها ، وكان زكريا نبيهم في ذلك
الزمان ، وقد أراد أن يستبد بها دونهم من أجل زوجته أختها أو خالتها على
القولين فشاحوه في ذلك وطلبوا أن يقترع معهم ، فساعدته المقادير فخرجت
قرعته غالبة لهم وذلك أن الخالة بمنزلة الأم



قال الله تعالى " وكفلها زكريا " أي بسبب غلبه لهم في القرعة كما قال تعالى
:" ذلك من أنباء الغيب نوحيه إليك وما كنت لديهم إذ يلقون أقلامهم أيهم
يكفل مريم وما كنت لديهم إذ يختصمون " قالوا : وذلك أن كلا منهم ألقى قلمه
معروفاً به ثم حملوها ووضعوها في موضع وأمروا غلاماً لم يبلغ الحنث فأخرج
واحداً منها وظهر قلم زكريا عليه السلام فطلبوا أن يقترعوا مرة ثانية وأن
يكون ذلك بأن يلقوا أقلامهم في النهر فأيهم جرى قلمه على خلاف جرية الماء ،
وسارة أقلامهم مع الماء ثم طلبوا منه أن يقترعوا ثالثة فأيهم جرى قلمه مع
الماء ويكون بقية الأقلام قد انعكس سيرها صعداً فهو الغالب ففعلوا فكن
زكريا هو الغالب لهم فكفلها إذا كان أحق بها شرعاً وقدراً لوجوه عديدة



قال الله تعالى :" كلما دخل عليها زكريا المحراب وجد عندها رزقا قال يا
مريم أنى لك هذا قالت هو من عند الله إن الله يرزق من يشاء بغير حساب " قال
المفسرون : اتخذ لها زكريا مكاناً شريفاً من المسجد لا يدخله سواها ،
فكانت تعبد الله فيه وتقوم بما يجب عليها من سدانة البيت إذا جاءت نوبتها ،
وتقوم بالعبادة ليلها ونهارها ، حتى صارت يضرب بها المثل بعبادتها في بني
إسرائيل ، واشتهرت بما ظهر عليها من الأحوال الكريمة والصفات الشريفة ، حتى
إنه كان نبي الله زكريا كلما دخل عليها موضع عبادتها يجد عندها رزقاً
غريباً في غير أوانه فكان يجد عندها فاكهة الصيف في الشتاء ، وفاكهة
الشتاء في الصيف فيسألها " أنى لك هذا " فتقول :" هو من عند الله " أي رزق
رزقنيه الله " إن الله يرزق من يشاء بغير حساب "



فعند ذلك وهنالك طمع زكريا في وجود ولد من صلبه وإن كان قد أسن وكبر " قال
رب هب لي من لدنك ذرية طيبة إنك سميع الدعاء " قال بعضهم : قال : يامن يرزق
مريم الثمر في غير أوانه ، هب لي ولداً وإن كان في غير أوانه ، فكان من
هبره وقضيته ما قدمنا ذكره في قصته



" وإذ قالت الملائكة يا مريم إن الله اصطفاك وطهرك واصطفاك على نساء
العالمين * يا مريم اقنتي لربك واسجدي واركعي مع الراكعين * ذلك من أنباء
الغيب نوحيه إليك وما كنت لديهم إذ يلقون أقلامهم أيهم يكفل مريم وما كنت
لديهم إذ يختصمون * إذ قالت الملائكة يا مريم إن الله يبشرك بكلمة منه اسمه
المسيح عيسى ابن مريم وجيها في الدنيا والآخرة ومن المقربين * ويكلم الناس
في المهد وكهلا ومن الصالحين * قالت رب أنى يكون لي ولد ولم يمسسني بشر
قال كذلك الله يخلق ما يشاء إذا قضى أمرا فإنما يقول له كن فيكون * ويعلمه
الكتاب والحكمة والتوراة والإنجيل * ورسولا إلى بني إسرائيل أني قد جئتكم
بآية من ربكم أني أخلق لكم من الطين كهيئة الطير فأنفخ فيه فيكون طيرا بإذن
الله وأبرئ الأكمه والأبرص وأحيي الموتى بإذن الله وأنبئكم بما تأكلون وما
تدخرون في بيوتكم إن في ذلك لآية لكم إن كنتم مؤمنين * ومصدقا لما بين يدي
من التوراة ولأحل لكم بعض الذي حرم عليكم وجئتكم بآية من ربكم فاتقوا الله
وأطيعون * إن الله ربي وربكم فاعبدوه هذا صراط مستقيم "



يذكر تعالى أن الملائكة بشرت مريم باصطفاء الله لها من بين سائر نساء علمي
زمانها ، بأن اختارها لإيجاد ولد منها من غير اب وبشرت بأن يكون نبياً
شريفاً " يكلم الناس في المهد " أي في صغره يدعوهم إلى عبادة الله وحده لا
شريك له ، وكذلك في حال كهوليته ، فدل على أن يبلغ الكهولة ويدعو إلى الله
فيها ، وأمرت بكثرة العبادة والقنةت والسجود والركوع لتكون ÷لاً لهذه
الكرامة ولتقوم بشكر هذه النعمة فيقال إنها كاتن تقوم في الصلاة حتى تفطرت
قدماها رضي الله عنها ورحمها ورحم أمها وأباها



فقول الملائكة :" يا مريم إن الله اصطفاك " أي اختارك واجتباك " وطهرك " أي
من الأخلاق الرذيلة وأعطاك الصفات الجميلة " واصطفاك على نساء العالمين "
يحتمل أن يكون المراد عالمي زمانها كقوله لموسى :" إني اصطفيتك على الناس "
وكقوله عن بني إسرائيل :" ولقد اخترناهم على علم على العالمين " ومعلوم أن
إبراهيم علييه السلام أفضل من موسى ، وأن محمداً (صلى الله عليه وسلم)
أفضل منهما ، وكذلك هذه الأمة أفضل من سائر الأمم قبلها وأكثر عدداً وأفضل
علماً وأزكى عملاً من بني إسرائيل وغيرهم



ويحتمل أن يكون قوله :" واصطفاك على نساء العالمين " محفوظ العموم فتكون
أفضل نساء الدنيا ممن كان قبلها أو جد بعدها لأنها إن كانت نبية على قول من
يقول بنبوتها ونبوة سارة أم إسحاق نبوة أم موسى محتجاً بكلام الملائكة
والوحي إلى أم موسى ، كما يزعم ذلك ابن حزم وغيره ، فلا يمتنع على هذا أن
تكون مريم أفضل من سارة أم موسى لعموم قوله :" واصطفاك على نساء العالمين "
إذ لم يعارضه غيره والله أعلم



وأما قول الجمهور كما قد حكاه أبو الحسن الأشعري وغيره من أهل السنة
والجماعة من أن النبوة مختصة بالرجال ، وليس في النساء نبية فيكون أعلى
مقامات مريم كما قال الله تعالى :" ما المسيح ابن مريم إلا رسول قد خلت من
قبله الرسل وأمه صديقة " فعلى هذا لا يمتنع أن تكون أفضل الصديقات
المشهورات ممن كان قبلها وممن يكون بعدها والله أعلم



وقد جاء ذكرها مقروناً مع آسية بنت مزاحم وخديجة بنت خويلد وفاطمة بنت محمد (صلى الله عليه وسلم) ورضي الله عنهن وأرضاهن



وقد روى الإمام أحمد و البخاري ومسلم و الترمذي و النسائي من طرق عديدة
، عن هشام بن عروة ، عن أبيه ، عن عبد الله بن جعفر ، عن علي بن أبي طالب
رضي الله عنه قال : قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) :" خير نسائها مريم
بنت عمران ، وخير نسائها خديجة بنت خويلد "



وقال الإمام أحمد : حدثنا عبد الرزاق ، أنبأنا معمر ، عن قتادة ، عن أنس ،
قال : قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) :" حسبك من نساء العالمين بأربع :
مريم بنت عمران ، وآسية امرأة فرعون ، وخديجة بنت خويلد ، وفاطمة بنت محمد
"



ورواه الترمذي عن أبي بكر بن زنجويه ، عن عبد الرزاق به وصححه ، ورواه
ابن مردويه من طريق بعد الله بن أبي جعفر الرازي وابن عساكر من طريق تميم
بن زياد ، كلاهما عن أبي جعفر الرازي ، عن ثابت ، عن أنس قال : قال رسول
الله (صلى الله عليه وسلم) :" خير نساء العالمين أربع : مريم بنت عمران ،
وآسية امرأة فرعون ، وخديجة بنت خويلد ، وفاطمة بنت محمد رسول الله "



وقال الإمام أحمد : حدثنا عبد الرزاق ، حدثنا معمر ، عن الزهري ، عن ابن
المسيب ، قال : كان أبي هريرة يحدث أن النبي (صلى الله عليه وسلم) قال :"
خير نساء ركبن الإبل صلاح نساء قريش أحناه على ولد في صغره وأرعاه لزوج في
ذات يده " قال أبو هريرة : ولم تركب مريم بعيراً قط



وقد رواه مسلم في صحيحه عن محمد بن رافع وعبد بن حميد ، كلاهما عن عبد الرزاق به



وقال أحمد : حدثنا زيد بن الحباب ، حدثني موسى بن علي سمعت أبي يقول :
سمعت أبا هريرة يقول : قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) :" خير نساء
ركبن الإبل نساء قريش أحناه على ولد في صغره وأرأفه بزوج على قلة ذات يده "
قال أبو هريرة : وقد علم رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ان ابنة عمران لم
تركب الإبل



تفرد به وهو على شرط الصحيح ولهذا الحديث طرق أخر عن أبي هريرة



وقال أبو يعلى الموصلي : حدثنا يونس بن محمد ، حدثنا داود بن أبي الفرات ،
عن علباء ابن أحمر ، عن عكرمة ، عن ابن عباس قال : خط رسول الله (صلى الله
عليه وسلم) في الأرض أربع خطوط فقال :" أتدرون ما هذا ؟ قالوا : الله
ورسوله أعلم ، فقال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) : أفضل نساء أهل الجنة
خديجة بنت خويلد وفاطمة بنت محمد ومريم بنت عمران وآسية بنت مزاحم امرأة
فرعون " ورواه النسائي من طرق عن داود بن أبي هند



وقد رواه ابن عساكر من طريق أبي بكر عبد الله بن أبي داود سليمان بن
الأشعث ، حدثنا يحيى بن حاتم العسكري : أنبأنا بشر بنمهران بن حمدان ،
حدثنا محمد بن دينار ، عن داود بن أبي هند ، عن الشعبي ، عن جابر بن عبد
الله ، قال : قال رسول الله 0صلى الله عليه وسلم) : " حسبك منهن أربع سيدات
نساء العالمين : فاطمة بنت محمد ، وخديجة بنت خويلد ، وآسية بنت مزاحم ،
ومريم بنت عمران "



وقال أبو القاسم البغوي : حدثنا وهب بن بقية ، حدثنا خالد بن عبد الله
الواسطي ، عن محمد بن عمرو ، عن أبي سلمة ، عن عائشة ، أنها قالت لفاطمة :
أرأيت حين أكببت على رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فبكيت ثم ضحكت ؟ قالت :
أخبرني أنه ميت من وجعه هذا فبكيت ، ثم أكببت عليه فأخبرني أني أسرع أهله
لحوقاً به وأني سيدة نساء أهل الجنة إلا مريم بنت عمران فضحكت



وأصل هذا الحديث في الصحيح وهذا إسناد على شرط مسلم وفيه أنهما أفضل الأربع المذكورات



وهكذا الحديث الذي رواه الإمام أحمد : حدثنا عثمان بن محمد حدثنا جرير ،
عن يزيد - هو ابن أبي زياد - عن عبد الرحمن بن أبي نعم ، عن أبي سعيد ، قال
: قال رسول الله 0صلى الله عليه وسلم) :" فاطمة سيدة نساء أهل الجنة إلا
ما كان من مريم بنت عمران " إسناد حسن وصححه الترمذي ولم يخرجوه ، وقد
روي نحوه من حديث علي بن أبي طالب ولكن في إسناده ضعف



والمقصود أن هذا يدل على أن مريم وفاطمة أفضل هذه الأربع ، ثم يحتمل
الاستثناء أن تكون مريم أفضل من فاطمة ويحتمل أن يكونا على السواء في
الفضيلة



ولكن ورد حديث إن صح عين الاحتمال الأول فقال الحافظ أبو القاسم بن عساكر :
أنبأنا أبو الحسين بن الفراء وأبو غالب وأبو عبد الله ابنا البنا ، قالوا :
أنبأنا أبو جعفر بن المسلمة ، أنبأنا أبو طاهر المخلص ، حدثنا أحمد بن
سليمان ، حدثنا الزبير هو ابن بكار ، حدثنا محمد بن الحسن ، عن عبد العزيز
بن محمد ، عن موسى بن عقبة عن كريب ، عن ابن عباس قال : قال رسول الله (صلى
الله عليه وسلم) :" سيدة نساء أهل الجنة مريم بنت عمران ثم فاطمة ثم خديجة
ثم آسية امرأة فرعون "



فإن كان هذا اللفظ محفوظاً بثم التي للترتيب فهو مبين لأحد الاحتمالين
اللذين دل عليهما الاستثناء ، وتقدم على ما تقدم من الألفاظ التي وردت بواو
العطف التي لاتقتضي الترتيب ولا تنفيه والله أعلم



وقد روى هذا الحديث أبو حاتم الرازي عن داود الجعفري عن عبد العزيز بن محمد
وهو الدراوردي ، عن إبراهيم عن عقبه ، عن كريب ، عن ابن عباس مرفوعا ،
فذكره بواو العطف لا بثم الترتيبية ، فخالفه إسنادا ومتنا فالله أعلم



فأما الحديث الذي رواه ابن مردويه من حديث شعبة ، عن معاوية بن قرة ، عن
أبيه قال : قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) :" كمل من الرجال كثير ولم
يكمل من النساء إلا ثلاث : مريم بنت



عمران وآسية امرأة فرعون وخديجة بنت خويلد ، وفضل عائشة على النساء كفضل
الثريد على سائر الطعام " وهكذا الحديث الذي رواه الجماعة إلا أبا داود من
طرق ، عن شعبة ، عن عمرو ابن مرة ، عن مرة الهمداني ، عن أبي موسى الأشعري ،
قال قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) :" كمل من الرجال كثير ولم يكمل
من النساء إلا آسية امرأة فرعون ومريم بنت عمران ، وإن فضل عائشة على
النساء كفضل الثريد على سائر الطعام "



فإنه حديث صحيح كما ترى اتفق الشيخان على إخراجه ، ولفظه يقتضي حصر الكمال
في النساء في مريم وآسية ، ولعل المراد بذلك في زمانهما فإن كلا منهما كفلت
نبيا في حال صغره ، فآسية كفلت موسى الكليم ، ومريم كفلت ولدها عبد الله
ورسوله ، فلا ينفي كمال غيرهما في هذه الأمة كخديجة وفاطمة



فخديجة خدمت رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قبل البعثة خمسة عشر سنة
وبعدها أزيد من عشر سنين ، وكانت له وزير صدق بنفسها ومالها ، رضي الله
عنها وأرضاها



وأما فاطمة بنت رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فإنها خصت بمزيد فضيلة على
أخواتها لأنها أصيبت برسول الله (صلى الله عليه وسلم) وبقية أخواتها متن في
حياة النبي (صلى الله عليه وسلم)



وأما عائشة فإنها كانت أحب أزواج رسول االله (صلى الله عليه وسلم) إليه ولم
يتزوج بكرا غيرها ، لا يعرف في سائر النساء في هذه الأمة - بل ولا في
غيرها -أعلم منها ولا أفهم ، وقد غار الله لها حين قال لها أهل الإفك ما
قالوا فأنزل الله براءتها من فوق سبع سموات ، وقد عمرت بعد رسول الله (صلى
الله عليه وسلم) قريباً من خمسين سنة تبلغ عنه القرآن والسنة وتفتي
المسلمين وتصلح بين المختلفين وهي أشرف أمهات المؤمنين حتى خديجة بنت خويلد
أم البنات والبنين في قول طائفة من العلماء السابقين واللاحقين ، والأحشن
الوقف فيهما رضي الله عنهما ، وما ذاك إلا لأن قوله (صلى الله عليه وسلم)
:" وفضل عائشة على النساء كفضل الثريد على سائر الطعام " يحتمل أن يكون
عاماً بالنسبة إلى المذكورات وغيرهن ويحتمل أن يكون عاماً بالنسبة إلى
ماعدا المذكورات والله أعلم



والمقصود هاهنا ذكر ما يتعلق بمريم بنت عمران عليها السلام ، فإن الله
طهرها واصطفاها على نساء عالمي زمانها ، ويحوز أن يكون تفضيلها على النساء
ملطقاً كما قدمنا وقد ورد في حديث أنها تكون من أزواج النبي (صلى الله
عليه وسلم) في الجنة هي وآسية بنت مزاحم وقد ذكرنا في التفسير عن بعض
السلف أنه قال ذلك واستأنس بقوله :" ثيبات وأبكارا " قال : فالثيب آسية ومن
الأبكار مريم بنت عمران وقد ذكرناه في آخر سورة التحريم فالله أعلم



قال الطبراني : حدثنا عبد الله بن ناجية ، حدثنا محمد بن سعد العوفي ،
حدثنا أبي ، أنبأنا عمي الحسين ، حدثنا يونس بن نفيع ، عن سعد بن جنادة ،
هو العوفي ، قال : قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) :" إن الله زوجني في
الجنة مريم بنت عمران وامرأة فرعون وأخت موسى "



رواه ابن جعفر العقيلي من حديث عبد النور به وزاد فقلت : هنيئاً لك يا رسول الله ثم قال العقيلي : وليس بمحفوظ



وقال الزبير بن بكار : حدثني محمد بن الحسن ، عن يعلى بن المغيرة عن أبي
داود ، قال : دخل رسول الله (صلى الله عليه وسلم) على خديجة وهي في مرضها
الذي توفيت فيه فقال لها :" بالكره مني ما أري منك يا خديجة ، وقد يجعل
الله في الكره خيراً كثيراً ، أما علمت أن الله قد زوجني معك في الجنة مريم
بنت عمران وكلثم أخت موسى وآسية امرأة فرعون ، قالت : وقد فعل الله بك ذلك
يا رسول الله ؟ قال : نعم قالت : بالرفاء والبنين "



وروى ابن عساكر من حديث بن زكريا الغلابي ، حدثنا العباس بن بكار ، حدثنا
أبو بكر الهذلي ، عن عكرمة ، عن ابن عباس ، أن رسول الله (صلى الله عليه
وسلم) دخل على خديجة وهي في مرض الموت فقال :" يا خديجة إذا لقيت ضرائرك
فأقرئيهن مني السلام قالت : يا رسول الله وهل تزوجت قبلي ؟ قال : لا ،
ولكن الله زوجني مريم بنت عمران وآسية بنت مزاحم وكلثم أخت موسى "



وروى ابن عساكر من طريق سويد بن سعيد ، حدثنا محمد بن صالح بن عمر ، عن
الضحاك ومجاهد ، عن ابن عمر ، قال : نزل جبريل إلى رسول الله (صلى الله
عليه وسلم) بما أرسل به وجلس يحدث رسول الله (صلى الله عليه وسلم) غذ مرت
خديجة فقال جبريل : من هذه يا محمد ؟ قال :" هذه صديقة أمتي " قال جبريل
معي إليها رسالة من الرب عز وجل يقرئها السلام ويبشرها ببيت في الجنة من
قصب بعيد من اللهب لا نصب فيه ولا صخب قالت : الله السلام ومنه السلام
والسلام عليكما ورحمة الله وبركاته على رسول الله ، وما ذلك البيت الذي من
قصب ؟ قال : لؤلؤة جوفاء بين بيت مريم بنت عمران وبيت آسية بنت مزاحم ،
وعما من أزواجي يوم القيامة



وأصل السلام على خديجة من الله وبشارتها ببيت في الجنة من قصب لا صخب فيه
ولا وصب في الصحيح ، ولكن هذ1 السياق بهذه الزيادات غريب جداً ، وكل من
هذها الأحاديث في أسانيدها نظر



وروى ابن عساكر من حديث أبي زرعة الدمشقي ، حدثنا بعد الله بن صالح ،
حدثني معاوية ، عن صفوان بن عمرو ، عن خالد بن معدان عن كعب الأحبار أن
معاوية سأله عن الصخرة - يعني صخرة بيت المقدس - فقال : الصخرة على نخلة ،
والنخلة على نهر من أنهار الجنة ، وتحت النخلة مريم بنت عمران وآسية بنت
مزاحم ينظمان سموط أهل الجنة حتى تقوم الساعة



ثم رواه من طريق إسماعيل ، عن عياش ، عن ثعلبة بن مسلم ، عن مسعود ، عن عبد
الرحمن ، عن خالد بن معدان ، عن عبادة بن الصامت عن النبي (صلى الله عليه
وسلم) بمثله



وهذا منكر من هذا الوجه بل هو موضوع



وقد رواه أبو زرعة عن عبد الله بن صالح ، عن معاوية عن مسعود بن عبد الرحمن
،عن ابن عابد ، أن معاوية سألة كعباً عن صخرة بيت المقدس فذكره



قال الحافظ ابن عساكر : وكونه من كلام كعب الأحبار أشبه



قلت : وكلام كعب الأحبار هذا إنما تلقاه من الإسرائيليات التي منها ما هو
مكذوب مفتعل وضعه بعض زنادقتهم أو جهالهم وهذا منه والله أعلم



ذكر ميلاد العبد الرسول عيسى ابن مريم العذراء البتول



قال الله تعالى :" واذكر في الكتاب مريم إذ انتبذت من أهلها مكانا شرقيا *
فاتخذت من دونهم حجابا فأرسلنا إليها روحنا فتمثل لها بشرا سويا * قالت إني
أعوذ بالرحمن منك إن كنت تقيا * قال إنما أنا رسول ربك لأهب لك غلاما زكيا
* قالت أنى يكون لي غلام ولم يمسسني بشر ولم أك بغيا * قال كذلك قال ربك
هو علي هين ولنجعله آية للناس ورحمة منا وكان أمرا مقضيا * فحملته فانتبذت
به مكانا قصيا * فأجاءها المخاض إلى جذع النخلة قالت يا ليتني مت قبل هذا
وكنت نسيا منسيا * فناداها من تحتها أن لا تحزني قد جعل ربك تحتك سريا *
وهزي إليك بجذع النخلة تساقط عليك رطبا جنيا * فكلي واشربي وقري عينا فإما
ترين من البشر أحدا فقولي إني نذرت للرحمن صوما فلن أكلم اليوم إنسيا *
فأتت به قومها تحمله قالوا يا مريم لقد جئت شيئا فريا * يا أخت هارون ما
كان أبوك امرأ سوء وما كانت أمك بغيا * فأشارت إليه قالوا كيف نكلم من كان
في المهد صبيا * قال إني عبد الله آتاني الكتاب وجعلني نبيا * وجعلني
مباركا أين ما كنت وأوصاني بالصلاة والزكاة ما دمت حيا * وبرا بوالدتي ولم
يجعلني جبارا شقيا * والسلام علي يوم ولدت ويوم أموت ويوم أبعث حيا * ذلك
عيسى ابن مريم قول الحق الذي فيه يمترون * ما كان لله أن يتخذ من ولد
سبحانه إذا قضى أمرا فإنما يقول له كن فيكون * وإن الله ربي وربكم فاعبدوه
هذا صراط مستقيم * فاختلف الأحزاب من بينهم فويل للذين كفروا من مشهد يوم
عظيم "



ذكر تعالى هذه القصة بعد قصة زكريا التي هي كالمقدمة لها والتوطئة قبلها ،
كما ذكر في سورة آل عمران قرن بينهما في سياق واحد ، وكما قال في سورة
الأنبياء :" وزكريا إذ نادى ربه رب لا تذرني فردا وأنت خير الوارثين *
فاستجبنا له ووهبنا له يحيى وأصلحنا له زوجه إنهم كانوا يسارعون في الخيرات
ويدعوننا رغبا ورهبا وكانوا لنا خاشعين * والتي أحصنت فرجها فنفخنا فيها
من روحنا وجعلناها وابنها آية للعالمين "



وقد تقدم أن مريم لما جعلتها أمها محررة تخدم بيت المقدس ، وأنه كفلها
أختها أو خالتها نبي ذلك الزمان زكريا عليه السلام ، وأنه اتخذ لها محراباً
وهو المكان الشريف من المسجد ، لا يدخله أحد عليها سواه ، وأنها لما بلغت
اجتهدت في العبادة فلم يكن في ذلك الزمان نظيرها في فنون العبادات ، وظهر
عليها من الأحوال ما عبطها به زكريا عليه السلام ، وأنها خاطبتها الملائكة
بالبشارة لها باصطفاء الله لها وبأنها سيهب لها ولداً زكياً يكون نبياً
كريماً طاهراً مكرماً مؤيداً بالمعجزات ، فتعجبت من وجود ولد من غير والد ،
لأنها لا زوج لها ، ولا هي ممن تنزوج فأخبرتها الملائكة بأن الله قادر على
ما يشاء إذا قضى أمراً فإنما يقول له كن فيكون ، فاستكانت لذلك وأنابت
وسلمت لأمر الله ، وعلمت أن هذا فيه محنة عظيمة لها ، فإن الناس يتكلمون
فيها بسببه ، لأنهم لا يعلمون حقيقة الأمر ، وإنما ينظرون إلى ظاهر الحال
من غير تدبر ولا تعقل



وكانت إنما تخرج من المسجد في زمن حيضها أو لحاجة ضرورية لا بد منها من
استقاء ماء أو تحصيل غذاء ، فبينما هي يوماً قد خرجت لبعض شئونها و "
انتبذت " أي انفردت وحدها شرقي المسجد الأقصى إذا بعث الله إليها الروح
الأمين جبريل عليه السلام " فتمثل لها بشرا سويا " فلما رأته " قالت إني
أعوذ بالرحمن منك إن كنت تقيا " قال أبو العالية : علمت أن التقى ذو نهية
وهذا يرد قول من زعم أنه كان في بني إسرائيل رجل فاسق مشهور بالفسق اسمه
تقي فإن هذا قول باطل بلا دليل ، وهو من أسخف الأقوال



" قال إنما أنا رسول ربك " أي خاطبها الملك " قال إنما أنا رسول ربك " أي
لست ببشر ولكني ملك بعثني الله عليك " لأهب لك غلاما زكيا "



" قالت أنى يكون لي غلام " أي كيف يكون لي غلام أو يوجد لي ولد " ولم
يمسسني بشر ولم أك بغيا " أي ولست ذات زوج وما أنا ممن يفعل الفاحشة " قال
كذلك قال ربك هو علي هين " أي فأجابها الملك عن تعجبها من وجود ولد منها
والحالة هذه قائلاً : " كذلك قال ربك " أي وعد أنه سيخلق منك غلاماً ولست
بذات بعل ، ولا تكونين ممن تبغين " هو علي هين " أي وهذا سهل عليك ويسير
لديه ، فإنه على ما يشاء قدير



وقوله :" ولنجعله آية للناس " أي ولنجعل خلقه والحالة هذه دليلاً على كمال
قدرتنا على أنواع الخلق ، فإنه تعالى خلق آدم من غير ذكر ولا أنثى ، وخلق
حواء من ذكر بلا أنثى ، وخلق عيسى من أنثى بلا ذكر ، وخلق بقية الخلق من
ذكر وأنثى وقوله " ورحمة منا " أي نرحم به العباد بأن يدعوهم إلى الله في
صغره وكبره في طفوليته وكهوليته ، بأن يفردوا الله بالعبادة وحده لا شريك
له وينزهوه عن اتخاذ الصاحبة والأولاد والشركان والنظراء والأضداد والأنداد




وقوله :" وكان أمرا مقضيا " يحتمل أن يكون هذا من تمام كلام جبريل معها ،
يعني أن هذا أمر قضاه وحتمه وقدره وقرره ، وهذا معنى قول محمد بن إسحاق
واختياره ابن جرير ، ولم يحك سواه والله أعلم



ويحتمل أن يكون قوله :" وكان أمرا مقضيا " كناية عن نفخ جبريل فيها كما قال
تعالى :" ومريم ابنة عمران التي أحصنت فرجها فنفخنا فيه من روحنا "



فذكر غير واحد من السلف أن جبريل نفخ في جيب رعها فنزلت النفخة إلى فرجها
فحملت من فورها كما تحمل المرأة عند جماع بعلها ومن قال إنه نفخ في فمها
أو أن الذي كان يخاطبها هو الروح الذي ولج فيها من فمها ، فقوله خلاف ما
يفهم من سياقات هذه القصة في محالها من القرآن ، فإن هذا السياق يدل على أن
الذي أرسل ملك من الملائكة وهو جبريل عليه السلام ، وأنه إنما نفخ فيها
ولم يواجه الملك الفرج بل نفخ في جيبها فنزلت النفخة إلى فرجها فانسلكت
فيه كما قال تعالى :" فنفخنا فيه من روحنا " فدل على أن النفخة ولجت فيه
لا في فمها ، كما رواه السدي بإسناده عن بعد الصحابة



ولهذا قال تعالى :" فحملته " أي فحملت ولدها " فانتبذت به مكانا قصيا "
وذلك لأن مريم عليها السلام لما حملت ضافت به ذرعاً ، علمت أن كثيراً من
الناس سيكون منهم كلام في حقها ، فذكر غير واحد من السلف منهم وهب بن منبه
أنها لما ظهرت عليها مخايل الحمل كان أول من فطن لذلك رجل من عباد بني
إسرائيل يقال له يوسف بن يعقوب النجار ، وكان إبن خالها فجعل يعجب من ذلك
عجباً شديداً ، وذلك لما يعمل من ديانتها ونزاهتها وعبادتها وهو مع ذلك
يراها حبلى وليس لها زوج ، فعرض لها ذات يوم في الكلام فقال : يا مريم هل
يكون زرع من غير بذر ؟ قالت : نعم ، فمن خلق الزرع الأول ثم قال : فهل
يكون ولد من غير ذكر ؟ قالت : نعم إن الله خلق آدم من ذكر ولا أنثى قال
لها : فأخبريني خبرك فقال : إن الله بشرني " بكلمة منه اسمه المسيح عيسى
ابن مريم وجيها في الدنيا والآخرة ومن المقربين * ويكلم الناس في المهد
وكهلا ومن الصالحين "



ويروي مثل هذا عن زكريا عليه السلام أنه سألها فأجابته بمثل هذا والله أعلم



وذكر السدي بإسناده عن الصحبة : أن مريم دخلت يوماً على أختها فقالت لها
أختها : أشعرت أني حبلى ؟ فقال مريم : وشعرت أيضاً أني حبلى ؟ فاعتنقتها
وقالت لها أم يحيى : إني أرى ما في بطني يسجد لما في بطنك وذلك قوله :"
مصدقا بكلمة من الله " ومعنى السجود هاهنا الخضوع والتعظيم ، كالسجود عند
المواجهة للسلام كما كان في شرع من قبلنا ، وكما أمر الله الملائكة بالسجود
لآدم : وقال أبو القاسم ، قال مالك يك بلغني أن عيسى ابن مريم ويحيى بن
زكريا ابنا خالة وكان حملهما جميعاً معاً ، فبلغني أن أم يحيى قالت لمريم :
إني أرى ما في بطني يسجد لما في بطنك قال مالك : أرى ذلك لتفضيل عيسى عله
السلام ، لأن الله تعالى جعله يحيي الموتى ويبرئ الأكمه والأبرص وراه ابن
أبي حاتم



وروى عن مجاهد قال : قالت مريم : كنت إذا خلوت حدثني وكلمني وإذا كنت بين الناس سبح في بطني



ثم الظاهر أنها حملت به تسعة أشهر كما تحمل النساء ويضعن لميقات حملهن ووضعهن ، إذ لو كان خلاف ذلك لذكر



وعن ابن عباس وعكرمة أنها حملت به ثمانية أشهر ، وعن ابن عباس ما هو إلا أن
حملت به فوضعته ، قال بعضهم : حملت به تسع ساعات واستأنسوا لذلك بقوله :"
فحملته فانتبذت به مكانا قصيا * فأجاءها المخاض إلى جذع النخلة "



والصحيح أن تعقيب كل شيء بحبسه ، كقوله :" فتصبح الأرض مخضرة " وكقوله :"
ثم خلقنا النطفة علقة فخلقنا العلقة مضغة فخلقنا المضغة عظاما فكسونا
العظام لحما ثم أنشأناه خلقا آخر فتبارك الله أحسن الخالقين " ومعلوم أن
بين كل حالين أربعين يوماً كما ثبت في الحديث المتفق عليه



قال محمد بن إسحاق : شاع واشتهر في بني إسرائيل أنها حامل ، فما دخل على أهل بيت ما دخل على آل بيت زكريا



قال : واتهمها بعض الزنادقة بيوسف الذي كان يتعبد معها في المسجد ، وتوارت
عنهم مريم واعتزلتهم وانتبذت مكاناً قصياً وقوله :" فأجاءها المخاض إلى
جذع النخلة " أي فألجأها واضطرها الطلق إلى جذع النخلة ، وهو بنص الحديث
الذي رواه النسائي بإسناد لا بأس به عن أنس مرفوعاً والبيهقي بإسناد وصححه
عن شداد بن أوس مرفوعاً أيضاً بيت لحم الذي بني عليه بعض ملوك الروم فيما
بعد على ما سنذكره هذا البناء المشاهد الهائل



" قالت يا ليتني مت قبل هذا وكنت نسيا منسيا " فيه دليل على جواز تمني
الموت عند الفتن ، وذلك أنها علمت أن الناس يتهمونها ولا يصدقونها بل
يكذبونها حين تأتيهم بغلام على يدها ، مع أنها قد كانت عندهم من العابدات
الناسكات المجاورات في المسجد المنقطعات إليه المعتكفات فيه ، ومن بيت
النبوة والديانة فحملت بسبب ذلك من الهم ما تمنت أو لو كانت ماتت قبل هذا
الحال أو كانت " نسيا منسيا " أي لم تخلق بالكلية



وقوله :" فناداها من تحتها " وقرئ من " تحتها " على الخفض



وفي المضمر قولان ، أحدهما أنه جبريل قاله العوفي عن ابن عباس قال : ولم
يتكلم عيسى إلا بحضرة القوم وبهذا قال سعيد بن جبير وعمر بن ميمون والضحاك
والسدي وقتادة وقال مجاهد والحسن وابن زيد وسعيد بن جبير في رواية : هو
ابنها عيسى ، واختاره ابن جرير



وقوله :" أن لا تحزني قد جعل ربك تحتك سريا " قيل النهر وإليه ذهب الجمهور
وجاء فيه حديث رواه الطبراني لكنه ضعيف واختاره ابن جرير وهو الصحيح وعن
الحسن والربيع بن أنس وابن أسلم وغيرهم أنه ابنها والصحيح الأول لقوله :"
وهزي إليك بجذع النخلة تساقط عليك رطبا جنيا " فذكر الطعام والشراب ولهذا
قال :" فكلي واشربي وقري عينا "



ثم قيل : كان جذع النخلة يابساً وقيل كانت نخلة مثمرة فالله أعلم ويحتمل
أنها كانت نخلة ، لكنها لم تكن مثمرة إذا ذاك لأن ميلاده كان في زمن
الشتاء وليس ذاك وقت ثمر ، وقد يفهم ذلك من قوله تعالى على سبيل الامتنان "
تساقط عليك رطبا جنيا "



قال عمرو بن ميمون : ليس شيء أجد للنفساء من التمر والرطب ثم تلا هذه
الآية وقال ابن أبي حاتم : حدثنا علي بن الحسين حدثنا شيبان ، حدثنا مسرور
بن سعيد التميمي ، حدثنا عبد الرحمن بن عمرو الأوزاعي عن عروة بن رويم عن
علي بن أبي طالب قال : قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) :" أكرموا عمتكم
النخلة فإنها خلقت من الطين الذي خلق منه آدم وليس من الشجر شيء يلقح
غيرها " وقال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) :" أطعموا نساءكم الولد الرطب
، فإن لم يكن رطب فتمر ، وليس من الشجر شجرة أرم على الله من شرجة نزلت
تحتها مريم بنت عمران "


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
المدير
AMINE PàTCHIKà
AMINE PàTCHIKà
المدير


الجنس : ذكر
الابراج الدلو
تاريخ الميلاد تاريخ الميلاد : 25/01/1988
العمر : 36

المدير العام
منتديات أمين عبلة الحب :

قصَصُ الأنبيَاء - صفحة 3 Empty
مُساهمةموضوع: رد: قصَصُ الأنبيَاء   قصَصُ الأنبيَاء - صفحة 3 Emptyالأحد يناير 13, 2013 1:07 pm


وكذا رواه أبو يعلى في مسنده عن شيبان بن فروخ ، عن مسروق بن سعيد ، وفي
رواية مسرور بن سعد ، والصحيح مسرور بن سعيد التميمي ، أورد له ابن عدي هذا
الحديث عن الأوزاعي به ، ثم قال : وهو منكر الحديث ولم أسمع بذكره إلا في
هذا الحديث

وقال ابن حبان : يروى عن الأوزاعي المناكير الكثيرة التي لا يجوز الاحتجاج
بمن يرويها قوله :" فإما ترين من البشر أحدا فقولي إني نذرت للرحمن صوما
فلن أكلم اليوم إنسيا " وهذا من تمام كلام الذي ناداها من تحتها قال :" كلي
واشربي وقري عينا فإما ترين من البشر أحدا " أي فإن رأيت أحداً من الناس "
فقولي " له أي بلسان الحال والإشارة " إني نذرت للرحمن صوما " أي صمتاً ،
وكان من صومهم في شريعتهم ترك الكلام والطعام قاله قتادة والسدي وابن أسلم
، ويدل على ذلك قوله :" فلن أكلم اليوم إنسيا " فأما في شريعتنا فيكره
للصائم صمت يوم إلى الليل

وقوله تعالى :" فأتت به قومها تحمله قالوا يا مريم لقد جئت شيئا فريا * يا
أخت هارون ما كان أبوك امرأ سوء وما كانت أمك بغيا " ذكر كثير من السلف ممن
ينقل عن أهل الكتاب أنهم لما افتقدوها من بين أظهرهم ذهبوا في طلبها فمروا
على محلتها والأنوار حولها ، فلما واجهوها وجدوا معها ولدها فقالوا لها :"
يا مريم لقد جئت شيئا فريا " أي أمراً عظيماً منكراً وفي هذا الذي قالوه ،
مع أنه كلام ينقض أوله آخره وذلك لأن ظاهر سياق القرآن العظيم يدل على
أنها حملته بنفسها وأتت به قومها وهي تحمله قال ابن عباس : وذلك بعد ما
تعالت من نفاسها بعد أربعين يوماً

والمقصود أنهم لما رأوها تحمل معها ولدها " قالوا يا مريم لقد جئت شيئا فريا " والفرية هي الفعلة المنكرة العظيمة من الفعال والمقال

ثم قالوا لها :" يا أخت هارون " قيل شبهوها بعابد من عباد زمانهم كانت
تساميه في العبادة ، وكان اسمه هارون قاله سعيد بن جبير وقيل أرادوا
بهارون أخا موسى شبهوها به في العبادة ، وأخطأ محمد بن كعب القرظي في زعمه
أنها أخت موسى وهارون نسباً فإن بينهما من الدهور الطويلة ما لا يخفى على
أدنى من عنده من العلم ما يرده عن هذا القول الفظيع ، وكأنه غره أن في
التوراة أن مريم أخت موسى وهارون ضربت بالدف يوم نجى الله موسى وقومه وأغرف
فوعون وملأه ، فاعتقد أن هذه هي هذه

وهذا في غاية البلان والمخالفة للحديث الصحيح من نص القرآن كما قررناه في التفسير مطولاً ولله الحمد والمنة

وقد ورد في الحديث الصحيح الدال على أنه قد كان لها أخ اسمه هارون وليس في
ذكر قصة ولادتها وتحرير أمها لها ما يدل على أنها ليس لها أخ سواها والله
أعلم

قال الإمام أحمد : حدثنا عبد الله بن إدريس ، سمعت أبي يذكره ، عن سماك ،
عن علقمة ابن وائل ، عن المغيرة بن شعبة قال : بعثني رسول الله (صلى الله
عليه وسلم) إلى نجران فقالوا : أرأيت ما تقرءون :" يا أخت هارون " وموسى
قبل عيسى بكذا وكذا ؟ قال فرحت فذكرت ذلك لرسول الله (صلى الله عليه وسلم)
فقال :" ألا أخبرتهم أنهم كانوا يسمعون بالأنبياء والصالحين قبلهم "

وكذا رواه مسلم والنسائي و الترمذي من حديث عبد الله بن إدريس ، وقال
الترمذي : حسن صحيح غريب لا نعرفه إلا من حديثه ، وفي رواية :" ألا أخبرتهم
أنهم كانوا يتسمون بأسماء صالحيهم وأنبيائهم "

وذكر قتادة وغيره أنهم كانوا يكثرون من التسمية بهارون حيث قيل إنه حضر بعض
جنائزهم بشر كثير منهم ممن يسمى بهارون أربعون ألفاً فالله أعلم

والمقصود أنهم قالوا :" يا أخت هارون " ودل الحديث على أنها قد كان لها أخ
نسبي اسمه هارون وكان مشهوراً بالدين والصلاة والخير ، ولهذا قالوا :" ما
كان أبوك امرأ سوء وما كانت أمك بغيا " أي لست من بيت هذا شميتهم ولا
سجيتهم لا أخوك ولا أمك ولا أبوك فاتهموها بالفاحشة العظمى ورموها
بالداهية الدهياء

فذكر ابن جرير في تاريخه أنهم اتهموا بها زكريا وأرادوا قتله ففر منهم
فلحقوه وقد انشقت له الشجرة فدخلها وأمسك إبليس بطرف ردائه فنشره فيها كما
قدمناه ، ومن المنافقين من اتهمها بابن خالها يوسف بن يعقوب النجار

فلما ضاق الحال وانحصر المجال وامتنع المقال ، عظم التوكل على ذي الجلال ،
ولم يبقى إلا الإخلاص والاتكال " فأشارت إليه " أي خاطبوه وكلموه فإن
جوابكم عليه وما تبغون من الكلام لديه ، فعندها " قالوا " من كان منهم
جباراً شقياً :" كيف نكلم من كان في المهد صبيا " أي كيف تحيلينا في الجواب
على صبي صغير لا يعقل الخطاب ، وهو مع ذلك رضيع في مهده ولا يميز بين مخض
وزبده ، وما هذا منك إلا على سبيل التهكم بنا والاستهزاء والنقص لنا
والازدراء إذ لا تردين علينا قولاً نطقياً ، بل تحيلين في الجواب على من
كان في المهد صبياً

فعندها :" قال إني عبد الله آتاني الكتاب وجعلني نبيا * وجعلني مباركا أين
ما كنت وأوصاني بالصلاة والزكاة ما دمت حيا * وبرا بوالدتي ولم يجعلني
جبارا شقيا * والسلام علي يوم ولدت ويوم أموت ويوم أبعث حيا "

هذا أول كلام تفوه به عيسى ابن مريم ، فكان أول ما تكلم به أن " قال إني
عبد الله " اعترف لربه تعالى بالعبودية ، وأن الله ربه فنزه جناب الله عن
قول الظالمين في زعمهم أنه ابن الله ، بل هو عبده ورسوله وابن أمته ، ثم
برأ أمه مما نسبها إليه الجاهلون وقذفوها به ورموها بسببه بقوله :" آتاني
الكتاب وجعلني نبيا " فإن الله لا يعطي النبوة من هو كما زعموا لعنهم الله
وقبحهم ، وكما قال تعالى :" وبكفرهم وقولهم على مريم بهتانا عظيما " وذلك
أن طائفة من اليهود في ذلك الزمان قالوا : إنها حملت به من زنى في زمن
الحيض ، لعنهم الله فبأها الله من ذلك وأخبر عنها أنها صديقة واتخذ ولدها
نبياً مرسلاً أحد أولي العزم الخمسة الكبار ولهذا قال ك" وجعلني مباركا أين
ما كنت " وذلك أنه حيث كان دعا إلى عبادة الله وحده لا شريك له ونزه جنابه
عن النقص والعيب من اتخاذ الولد والصاحبة تعالى وتقدس " وأوصاني بالصلاة
والزكاة ما دمت حيا " وهذه وظيفة العبيد في القيام بحق العزيز الحميد
بالصلاة ، والإحسان إلى الخيقة بالزكاة ، وهي تشتمل على طهارة النفوس من
الأخلاف الرذيلة وتطهير الأموال الجزيلة بالعطية للمحاويج على اختلاف
الأصناف وقري الأضياف والنفقات على الزوجات والأرقاء والقرابات وسائر وجوه
الطاعات وأنواع القربات

ثم قال :" وبرا بوالدتي ولم يجعلني جبارا شقيا " أي وجعلني براً بوالدتي
وذلك أنه تأكد حقها عليه لتحض جهتها إذ لا والد له سواها ، فسبحان من خلق
الخيقة وبرأها وأعطى كل نفس هداها " ولم يجعلني جبارا شقيا " أي لست بفظ
ولا غليظ ، ولا يصدر مني قول ولا فعل ينافي أمر الله وطاعته

" والسلام علي يوم ولدت ويوم أموت ويوم أبعث حيا " وهذه المواطن الثلاثة اليت تقدم الكلام عليها في قصة يحي بن زكريا عليهما السلام

ثم لما ذكر تعالى قصته على الجلية وبين أمره ووضحه وشرحه قال :" ذلك عيسى
ابن مريم قول الحق الذي فيه يمترون * ما كان لله أن يتخذ من ولد سبحانه إذا
قضى أمرا فإنما يقول له كن فيكون " كما قال تعالى بعد ذكر قصته وما كان من
أمره في آل عمران :" ذلك نتلوه عليك من الآيات والذكر الحكيم * إن مثل
عيسى عند الله كمثل آدم خلقه من تراب ثم قال له كن فيكون * الحق من ربك فلا
تكن من الممترين * فمن حاجك فيه من بعد ما جاءك من العلم فقل تعالوا ندع
أبناءنا وأبناءكم ونساءنا ونساءكم وأنفسنا وأنفسكم ثم نبتهل فنجعل لعنة
الله على الكاذبين * إن هذا لهو القصص الحق وما من إله إلا الله وإن الله
لهو العزيز الحكيم * فإن تولوا فإن الله عليم بالمفسدين "

ولهذا لما قدم وفد نجران وكانوا ستين راكباً يرجع أمرهم إلى أربعة عشر منهم
، ويؤول أمر الجميع إلى ثلاثة هم أشرافهم وساداتهم وهم العاقب والسيد وأبو
حارثة بن علقمة ، فجعلوا يناظرون في أمر المسيح فأنزل الله صدر سورة آل
عمران في ذلك ، وبين أمر المسيح وابتداء خلقه وخلق أمه من قبله وأمر رسوله
بأن يباهلهم إن لم يستجيبوا له ويتبعوه ، فلما رأوا عينيها وأذنيها نطصوا
وامتنعوا عن المباهلة وعدلوا إلى المسالة والموادعة ، وقال قائلهم وهو
العقب عبد المسيح : يا معشر النصارى لقد علمتم أن محمداً لنبي مرسل ،
ولقد جاءكم بالفصل من خبر صاحبكم ، ولقد علمتم أنه ما لاعن قوم نبياً قط
فبقي كبيرهم ولا نبت صغيرهم وإنها للاستئصال منكم إن فعلتم ، فإن كنتم قد
أبيتم إلا إلف دينكم والإقامة على ما أنتم عليه من القول في صاحبكم فوادعوا
الرجل وانصرفوا إلى بلادكم ، فطلبوا ذلك من رسول الله (صلى الله عليه
وسلم) وسألوه أن يضرب عليهم جزية وأن يبعث معهم رجلاً أميناً ، فبعث معهم
أبا عبيدة بن الجراح وقد بينا ذلك في تفسير آل عمران وقد بسطنا هذه القسة
في السيرة النبوية

والمقصود أن الله تعالى بين أمر المسيح فقال لرسوله :" ذلك عيسى ابن مريم
قول الحق الذي فيه يمترون " يعني من أنه عبد مخلوق من امرأة من عباد الله ،
ولهذا قال :" ما كان لله أن يتخذ من ولد سبحانه إذا قضى أمرا فإنما يقول
له كن فيكون " أي لا يعجزه شيء ولا يكرنه ولا يؤوده بل هو القدير الفعال
لما يشاء " إنما أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون " وقوله :" وإن
الله ربي وربكم فاعبدوه هذا صراط مستقيم " هو من تمام كلام عيسى لهم في
المهد ، أخبرهم أن الله ربه وربهم وإلهه وإلههم ، وأن هذا هو الصراط
المستقيم

قال الله تعالى :" فاختلف الأحزاب من بينهم فويل للذين كفروا من مشهد يوم عظيم " أي فاختلف أهل ذلك الزمان ومن بعدهم فيه

فمن قائل من اليهود : إنه ولد زنية ، واستمروا على كفرهم وعنادهم

وقابلهم آخرون في الكفر فقالوا : هو الله ، وقال آخرون : هو ابن الله

وقال المؤمنون : هو عبد الله ورسوله ، وابن أمته وكلمته ألقاها إلى مريم
وروح منه ، وهؤلاء هم الناجون المثابون والمؤيدون المنصورون ، ومن خالفهم
في شيء من هذه القيود فهم الكافرون الضالون الجاهلون ، وقد توعدهم العي
العظيم الحكيم العليم بقوله :" فويل للذين كفروا من مشهد يوم عظيم "

قال البخاري : حدثنا صدقة بن الفضل ، أنبأنا الوليد ، حدثنا الأوزاعي ،
حدثني عمير بن هانئ ، حدثني جنادة بن أبي أمية ، عن عبادة بن الصامت عن
النبي (صلى الله عليه وسلم) قال :" من شهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك
له وأن محمداً عبده ورسوله وأن عيسى عبد الله ورسوله وكلمته ألقاها إلى
مريم وروح منه والجنة حق والنار حق أدخله الله الجنة على ما كان من العمل "

قال الوليد : فحدثني عبد الرحمن بن يزيد بن جابر ، عن عمير ، عن جنادة : وزاد :" من أبواب الجنة الثمانية أيها شاء "

وقد رواه مسلم عن داود بن رشيد ، عن الوليد ، عن جابر به ومن طريق أخري عن الأوزاعي به

باب بيان أن الله تعالى منزه عن الولد

تعالى عما يقول الظالمون علواً كبيراً

وقال تعالى في آخر سورة مريم :" وقالوا اتخذ الرحمن ولدا * لقد جئتم شيئا
إدا " شيئاً عظيماً من القول وزوراً " تكاد السماوات يتفطرن منه وتنشق
الأرض وتخر الجبال هدا * أن دعوا للرحمن ولدا * وما ينبغي للرحمن أن يتخذ
ولدا * إن كل من في السماوات والأرض إلا آتي الرحمن عبدا * لقد أحصاهم
وعدهم عدا * وكلهم آتيه يوم القيامة فردا "

فبين أنه تعالى لا ينبغي له الولد لأنه خالق كل شيء ومالكه ، وكل شيء فقير
إليه ، خاضع ذليل لديه وجميع سكان السموات والأرض عبيده ، هو ربهم لا إله
إلا هو لا رب سواه كما قال تعالى :" وجعلوا لله شركاء الجن وخلقهم وخرقوا
له بنين وبنات بغير علم سبحانه وتعالى عما يصفون * بديع السماوات والأرض
أنى يكون له ولد ولم تكن له صاحبة وخلق كل شيء وهو بكل شيء عليم * ذلكم
الله ربكم لا إله إلا هو خالق كل شيء فاعبدوه وهو على كل شيء وكيل * لا
تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار وهو اللطيف الخبير "

فبين أنه خالف كل شيء فكيف يكون له ولد ، والولد لا يكون إلا بين شيئين
متناسبين ، والله تعالى لا نظير له ولا شبيه ولا عديل له ، فلا صاحبة له ،
فلا يكون له ولد كما قال تعالى :" قل هو الله أحد * الله الصمد * لم يلد
ولم يولد * ولم يكن له كفوا أحد " يقرر أنه الأحد الذي لا نظير له في ذاته
ولا في صفاته ولا في أفعاله " الصمد " وهو السيد الذي كمل علمه وحكمته
ورحمته وبلغ جميع صفاته " لم يلد " أي لم يوجد منه ولد " ولم يولد " أي ولم
يتولد عن شيء قبله " ولم يكن له كفوا أحد " أي وليس له عدل ولا مكافئ ولا
مساو فقطع النظير المداني والأعلى والمساوي ، فانتفى أن يكون له ولد ، إذ
لا يكون الولد إلا متولداً بين شيئين متعادلين أو متقاربين ، تعالى الله عن
ذلك علواً كبيراً

وقال تبارك وتعالى وتقدس :" يا أهل الكتاب لا تغلوا في دينكم ولا تقولوا
على الله إلا الحق إنما المسيح عيسى ابن مريم رسول الله وكلمته ألقاها إلى
مريم وروح منه فآمنوا بالله ورسله ولا تقولوا ثلاثة انتهوا خيرا لكم إنما
الله إله واحد سبحانه أن يكون له ولد له ما في السماوات وما في الأرض وكفى
بالله وكيلا * لن يستنكف المسيح أن يكون عبدا لله ولا الملائكة المقربون
ومن يستنكف عن عبادته ويستكبر فسيحشرهم إليه جميعا * فأما الذين آمنوا
وعملوا الصالحات فيوفيهم أجورهم ويزيدهم من فضله وأما الذين استنكفوا
واستكبروا فيعذبهم عذابا أليما ولا يجدون لهم من دون الله وليا ولا نصيرا "

ينهى تعالى أهل الكتاب ومن شابههم عن الغلو والإطراء في الدين وهو مجاوزة
الحد ، فالنصارى لعنهم الله غلوا وأطروا المسيح حتى جاوزوا الحد

فكان الواجب عليهم أن يعتقدوا أنه عبد الله ورسوله وابن أمته العذراء
البتول التي أحصنت فرجها فبعث الله الملك جبريل إليها فنفخ فيها من أمر
الله نفخة حملت منها بولدها عيسى عليه السلام والذي اتصل بها من الملك هي
الروح المضافة إلى الله إضافة تشريف وتكريم ، وهي مخلوقة من مخلوقات الله
تعالى كما يقول : بيت الله وناقة الله وعبد الله ، وكذا روح الله أضيفت
إليه تشريفاً لها وتكريماً وسمى عيسى بها لأنه كان بها من غير أب وهي
الكلمة أيضاً التي عنها خلق وبسببها وجد كما قال تعالى :" إن مثل عيسى عند
الله كمثل آدم خلقه من تراب ثم قال له كن فيكون " وقال تعالى :" وقالوا
اتخذ الله ولدا سبحانه بل له ما في السماوات والأرض كل له قانتون * بديع
السماوات والأرض وإذا قضى أمرا فإنما يقول له كن فيكون "

وقال تعالى :" وقالت اليهود عزير ابن الله وقالت النصارى المسيح ابن الله
ذلك قولهم بأفواههم يضاهئون قول الذين كفروا من قبل قاتلهم الله أنى يؤفكون
"

فأخبر تعالى أن اليهود والنصارى عليهن لعائن الله ، كل من الفريقين ادعوا
على الله شططاً وزعموا أن له ولداً ، تعالى الله عما يقولون علواً كبيراً ،
وأخبر أنهم ليس لهم مستند فيما زعموه ولا فيما ائتفكوه ، إلا مجرد القول
ومشابهة من سبقهم إلى هذه المقالة الضالة تشابهت قلوبهم

وذلك أن الفلاسفة عليهم لعنة الله زعموا أن العقل الأول صدر عن واجب الوجود
الذي يعبرون عنه بعل العلل والمبدأ الأول ، وأنه صدر عن العقل الأول عقل
ثان ونفس وفلك ، ثم صدر عن الثاني كذلك حتى تناهب العقول إلى عشرة والنفوس
إلى تسعة والأفلاك إلى تسعة ، باعبارات فاسدة ذكروها واختيارات باردة
أوردوها ولبسط الكلام معهم وبيان جهلهم وقلة عقلهم موضع آخر

وهكذا طوائف من مشركي العرب زعموا لجهلهم أن الملائكة بنات الله وأنه صاهر
سروات الجن فتولد منها الملائكة تعالى الله عما يقولون وتنزه عما يشركون
كما قال تعالى : " وجعلوا الملائكة الذين هم عباد الرحمن إناثا أشهدوا
خلقهم ستكتب شهادتهم ويسألون " وقال تعالى :" فاستفتهم ألربك البنات ولهم
البنون * أم خلقنا الملائكة إناثا وهم شاهدون * ألا إنهم من إفكهم ليقولون *
ولد الله وإنهم لكاذبون * أصطفى البنات على البنين * ما لكم كيف تحكمون *
أفلا تذكرون * أم لكم سلطان مبين * فاتوا بكتابكم إن كنتم صادقين * وجعلوا
بينه وبين الجنة نسبا ولقد علمت الجنة إنهم لمحضرون * سبحان الله عما يصفون
* إلا عباد الله المخلصين "

قال تعالى :" وقالوا اتخذ الرحمن ولدا سبحانه بل عباد مكرمون * لا يسبقونه
بالقول وهم بأمره يعملون * يعلم ما بين أيديهم وما خلفهم ولا يشفعون إلا
لمن ارتضى وهم من خشيته مشفقون * ومن يقل منهم إني إله من دونه فذلك نجزيه
جهنم كذلك نجزي الظالمين "

وقال تعالى في أول سورة الكهف وهي مكية :" الحمد لله الذي أنزل على عبده
الكتاب ولم يجعل له عوجا * قيما لينذر بأسا شديدا من لدنه ويبشر المؤمنين
الذين يعملون الصالحات أن لهم أجرا حسنا * ماكثين فيه أبدا * وينذر الذين
قالوا اتخذ الله ولدا * ما لهم به من علم ولا لآبائهم كبرت كلمة تخرج من
أفواههم إن يقولون إلا كذبا "

وقال تعالى :" قالوا اتخذ الله ولدا سبحانه هو الغني له ما في السماوات وما
في الأرض إن عندكم من سلطان بهذا أتقولون على الله ما لا تعلمون * قل إن
الذين يفترون على الله الكذب لا يفلحون * متاع في الدنيا ثم إلينا مرجعهم
ثم نذيقهم العذاب الشديد بما كانوا يكفرون "

فهذه الآيات المكيات الكريمات تشمل الرد على سائر فرق الكفرة من الفلاسفة
ومشركي العرب واليهود والنصارى الذين ادعوا وزعموا بلا علم أن لله ولدا
سبحانه وتعالى عما يقول الظالمون المعتدون علواً كبيراً

ولما كانت النصارى عليهم لعنة الله المتتابعة إلى يوم القيامة من أشهر من
قال بهذه المقالة ذكروا في القرآن كثيراً للرد عليهم وبيان تناقضهم وقلة
علمهم وكثرة جهلهم ، وقد تنوعت أقوالهم في كفرهم ، وذلك أن الباطل كثير
التشعب والاختلاف والتناقض

وأما الحق فلا يختلف ولا يضطرب قال الله تعالى :" ولو كان من عند غير الله
لوجدوا فيه اختلافا كثيرا " فدل على أنه الحق يتحد ويتفق والباطل يختلف
ويضطرب فطائفة من ضلالهم وجهالهم زعموا أن المسيح هو الله تعالى ، وطائفة
قالوا هو ابن الله ، عز الله وجل وطائفة قالوا هو ثالث ثلاثة جل الله

قال الله تعالى في سورة المائدة :" لقد كفر الذين قالوا إن الله هو المسيح
ابن مريم قل فمن يملك من الله شيئا إن أراد أن يهلك المسيح ابن مريم وأمه
ومن في الأرض جميعا ولله ملك السماوات والأرض وما بينهما يخلق ما يشاء
والله على كل شيء قدير " فأخبر تعالى عن كفرهم وجهلهم وبين أنه الخالق
القادر على كل شيء وأنه رب كل شيء ومليكه وإلهه وقال في أواخرها :" لقد
كفر الذين قالوا إن الله هو المسيح ابن مريم وقال المسيح يا بني إسرائيل
اعبدوا الله ربي وربكم إنه من يشرك بالله فقد حرم الله عليه الجنة ومأواه
النار وما للظالمين من أنصار * لقد كفر الذين قالوا إن الله ثالث ثلاثة وما
من إله إلا إله واحد وإن لم ينتهوا عما يقولون ليمسن الذين كفروا منهم
عذاب أليم * أفلا يتوبون إلى الله ويستغفرونه والله غفور رحيم * ما المسيح
ابن مريم إلا رسول قد خلت من قبله الرسل وأمه صديقة كانا يأكلان الطعام
انظر كيف نبين لهم الآيات ثم انظر أنى يؤفكون "

حكم تعالى بكفرهم شرعا وقدرا ، فأخبر أن هذا صدر منهم مع أن الرسول إليهم
هو عيسى ابن مريم ، وقد بين لهم أنه عبد مربوب مخلوق مصور في الرحم داع إلى
عبادة الله وحده لا شريك له ، وتوعدهم على خلاف ذلك بالنار وعدم الفوز
بدار القرار والخزء في الدار الآخرة والهوان والعار ، ولهذا قال :" إنه من
يشرك بالله فقد حرم الله عليه الجنة ومأواه النار وما للظالمين من أنصار "

ثم قال : " لقد كفر الذين قالوا إن الله ثالث ثلاثة وما من إله إلا إله
واحد " قال ابن جرير وغيره : المراد بذلك قولهم بالأقانيم الثلاثة : أقنوم
الأب وأقنوم الابن وأقنوم الكلمة المنبثقة من الأب والابن ، على اختلافهم
في ذلك ما بين المليكية واليعقوبية والنسطورية ، عليهم لعائن الله كما
سنبين كيفية اختلافهم في ذلك ومجامعهم الثلاثة في زمن قسطنطين ابن قسطس ،
وذلك بعد المسيح بثلاثمائة سنة وقبل البعثة المحمدية بثلاثمائة سنة

ولهذا قال تعالى :" وما من إله إلا إله واحد " أي وما من إله إلا الله وحده
لا شريك له ولا نظير له ولا كفؤ له ولا صاحبة له ولا ولد ، ثم توعدهم
وتهددهم فقال :" وإن لم ينتهوا عما يقولون ليمسن الذين كفروا منهم عذاب
أليم " ثم دعاهم برحمته ولطفه إلى التوبة والاستغفار من هذه الأمور الكبار
والعظائم التي توجب النار فقال :" أفلا يتوبون إلى الله ويستغفرونه والله
غفور رحيم "

ثم بين حال المسيح وأمه وأنه عبد رسول وأمه صديقة ، أي ليست بفاجرة كما
يقول اليهود لعنهم الله ، وفيه دليل على أنها ليست بنبية كما زعمه طائفة من
علمائنا وقوله :" كانا يأكلان الطعام " كناية عن خروجه منهما كما يخرج من
غيرهما ، أي ومن كان بهذه المثابة كيف يكون إلهاً ! تعالى الله عن قولهم
وجهلهم علواً كبيراً

وقال السدي وغيره ، المراد بقوله :" لقد كفر الذين قالوا إن الله ثالث
ثلاثة " زعمهم في عيسى وأمه أنهما الإلهان مع الله ، يعني كما بين تعالى
كفرهم في ذلك بقوله في آخر هذه السورة الكريمة :" وإذ قال الله يا عيسى ابن
مريم أأنت قلت للناس اتخذوني وأمي إلهين من دون الله قال سبحانك ما يكون
لي أن أقول ما ليس لي بحق إن كنت قلته فقد علمته تعلم ما في نفسي ولا أعلم
ما في نفسك إنك أنت علام الغيوب * ما قلت لهم إلا ما أمرتني به أن اعبدوا
الله ربي وربكم وكنت عليهم شهيدا ما دمت فيهم فلما توفيتني كنت أنت الرقيب
عليهم وأنت على كل شيء شهيد * إن تعذبهم فإنهم عبادك وإن تغفر لهم فإنك أنت
العزيز الحكيم "

يخبر تعالى أنه يسأل عيسى ابن مريم عليه السلام يوم القيامة على سبيل
الإكرام له والتفريغ والتبويخ لعابديه ممن كذب عليه وافترى وزعم أنه ابن
الله ، أو أنه الله أو أنه شريكه ، تعالى الله عما يقولون ، فيسأله وهو
يعلم أنه لم يقع منه ما يسأله عنه ولكن لتوبيخ من كذب عليه فيقول له :"
أأنت قلت للناس اتخذوني وأمي إلهين من دون الله قال سبحانك " أي تعاليت أن
يكون معك شريك " ما يكون لي أن أقول ما ليس لي بحق " أي ليس هذا يستحقه أحد
سواك " إن كنت قلته فقد علمته تعلم ما في نفسي ولا أعلم ما في نفسك إنك
أنت علام الغيوب " وهذا تأدب عظيم في الخطاب والجواب " ما قلت لهم إلا ما
أمرتني به " أي ما قلت غير ما أمرتني عليه حين أرسلتني إليهم وأنزلت علي
الكتاب الذي كان يتلى عليهم ثم فسر ما قاله لهم بقوله :" أن اعبدوا الله
ربي وربكم " أي خالقي وخالقكم ورازقي ورازقكم " وكنت عليهم شهيدا ما دمت
فيهم فلما توفيتني " أي رفعتني إليك حين أرادوا قتلي وصلبي فرحمتني وخلصتني
منهم وألقيت شبهي على أحدهم حتى انتقموا منه كان ذلك " كنت أنت الرقيب
عليهم وأنت على كل شيء شهيد "

ثم قال على وجه التفويض إلى الرب عز وجل والتبري من أهل النصرانية :" إن
تعذبهم فإنهم عبادك " أي وهم يستحقون ذلك " إن تغفر لهم فإنك أنت العزيز
الحكيم " وهذا التفويض والإسناد إلى المشيئة بالشرط لا يقتضي وقوع ذلك ،
ولهذا قال :" فإنك أنت العزيز الحكيم " ولم يقل الغفور الرحيم

وقد ذكرنا في التفسير ما رواه الإمام أحمد عن أبي ذر أن رسول الله (صلى
الله عليه وسلم) قام بهذه الآية الكريمة ليلة حتى أصبح :" إن تعذبهم فإنهم
عبادك وإن تغفر لهم فإنك أنت العزيز الحكيم " وقال :" إني سألت ربي عز وجل
الشفاعة لأمتي فأعطانيها وهي نائلة إن شاء الله تعالى لمن لا يشرك بالله
شيئاً " وقال :" وما خلقنا السماء والأرض وما بينهما لاعبين * لو أردنا أن
نتخذ لهوا لاتخذناه من لدنا إن كنا فاعلين * بل نقذف بالحق على الباطل
فيدمغه فإذا هو زاهق ولكم الويل مما تصفون * وله من في السماوات والأرض ومن
عنده لا يستكبرون عن عبادته ولا يستحسرون * يسبحون الليل والنهار لا
يفترون "

وقال تعالى :" لو أراد الله أن يتخذ ولدا لاصطفى مما يخلق ما يشاء سبحانه
هو الله الواحد القهار * خلق السماوات والأرض بالحق يكور الليل على النهار
ويكور النهار على الليل وسخر الشمس والقمر كل يجري لأجل مسمى ألا هو العزيز
الغفار "

وقال تعالى :" قل إن كان للرحمن ولد فأنا أول العابدين * سبحان رب السماوات والأرض رب العرش عما يصفون "

وقال تعالى :" وقل الحمد لله الذي لم يتخذ ولدا ولم يكن له شريك في الملك ولم يكن له ولي من الذل وكبره تكبيرا "

وقال تعالى :" قل هو الله أحد * الله الصمد * لم يلد ولم يولد * ولم يكن له كفوا أحد "

وثبت في الصحيح عن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) أنه قال :" يقول الله
تعالى : شتمني ابن آدم ولم يكن له ذلك ، يزعم أن لي ولداً وأنا الأحد الصمد
الذي لم ألد ولم أولد ولم ين لي كفواً أحد "

وفي الصحيح أيضاً عن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) أنه قال :" لا أحد
أصبر على أذى سمعه من الله ، إنهم يجعلون له ولداً وهو يزرقهم ويعافيهم "

ولكن ثبت في الصحيح أيضاً عن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) أنه قال :" إن
الله ليملي للظالم حتى إذا أخذه لم يفلته " ثم قرأ :" وكذلك أخذ ربك إذا
أخذ القرى وهي ظالمة إن أخذه أليم شديد "

وهكذا قوله تعالى :" وكأين من قرية أمليت لها وهي ظالمة ثم أخذتها وإلي المصير "

وقال تعالى :" نمتعهم قليلا ثم نضطرهم إلى عذاب غليظ " وقال تعالى :" قل إن
الذين يفترون على الله الكذب لا يفلحون * متاع في الدنيا ثم إلينا مرجعهم
ثم نذيقهم العذاب الشديد بما كانوا يكفرون " وقال تعالى :" فمهل الكافرين
أمهلهم رويدا "

ذكر منشأ عيسى ابن مريم عليهما السلام ومرباه في صغره وصباه

وبيان بدء الوحي إليه من الله تعالى

قد تقدم أنه ولد ببيت لحم قريبا من بيت المقدس

وزعم وهب بن منبه أنه ولد بمصر وأن مريم سافرت هي ويوسف بن يعقوب النجار وهي راكبة على حمار ليس بينهما وبين الإكاف شيء

وهذا لا يصح ، والحديث الذي تقدم ذكره دلياط على أن مولده كان ببيت لحم ، ذكرنا ، ومهما عارضه فباطل

وذكر وهب بن منبه أنه لما خرت الأصنام يومئذ في مشارق الأرض ومغاربها ، وأن
الشياطين حارت في سبب ذلك حتى كشف لهم أبليس الكبير أمر عيسى فوجدوه في
حجر أمه والملائكة محدقة به ، وأنه ظهر نجم عظيم في السماء وأن ملك الفرس
أشفق من ظهروه فسأل الكهنة عن ذلك فقالوا : هذا لمولد عظيم في الأرض ، فبعث
رسالة ومعهم ذهب ومر ولبان هدية إلى عيسى ، فلما قدموا الشام سألهم ملكهم
عما أقدمهم فذكروا له ذلك ، فسأل عن ذلك الوقت فإذا قد ولد فيه عيسى ابن
مريم ببيت المقدس واشتهر أمره بسبب كلامه في المهد ، فأرسلهم إليه بما
معهم وأرسل معهم من يعرفه له ليتوصل إلى قتله إذا رسل ملك الشام إنما جاءوا
ليقتلوا ولدك فاحتملته فذهبت به إلى مصر ، فأقامت به حتى بلغ عمره اثنتي
عشرة سنة ، وظهرت عليه كرامات ومعجزات في حال صغره فذكر منها الدهقان الذي
نزلوا عنده افتقد مالاً من داره وكانت داره لا يسكنها إلا الفقراء
والضعفاء والمحاويج فلم يدر من أخذها ، وعز ذلك على مريم عليها السلام وشق
على الناس وعلى رب المنزل وأعياهم أمرها ، فلما رأى عيسى عليه السلام ذلك
عمد إلى رجل أعمى وآخر مقعد من جملة من هو منقطع إليه فقال للأعمى : احمل
هذا المقعد وانهض به فقال : إني لا أستطيع ذلك فقال : بلى كما فعلت أنت
وهو حين أخذتما هذا المال من تلك الكوة في الدار فلما قال ذلك صدقاه فيما
قال وأتيا بالمال فعظم عيسى في أعين الناس وهو صغير جداً

ومن ذلك أن ابن الدهقان عمل ضيافة للناس بسبب طهور أولاده ، فلما اجتمع
الناس وأطعمهم ثم أراد أن يسقيهم شراباً - يعني خمراً - كما كانوا يصنعون
في ذلك الزمان لم يجد في جراره شيئاً فشق ذلك عليه ، فلما رأى عيسى ذلك منه
قام فجعل يمر على تلك الجرار ويمر يده على أفواههم فلا يفعل بجرة منها ذلك
إلا امتلأت شراباً من خيار الشراب ، فعتعجب الناس من ذلك جداً وعظموه
وعرضوا عليه وعلى أمه مالاً جزيلاً فلم يقبلاه وارتحلا قاصدين بيت المقدس
والله أعلم

وقال إسحاق بن بشر : أنبأنا عثمان بن ساج وغيره ، عن موسى ابن وردان ، عن
أبي نضرة ، عن أبي سعيد ، وعن مكحول عن أبي هريرة قال : إن عيسى ابن مريم
أول ما أطلق الله لسانه بعد الكلام الذي تكلم به وهو طفل ، فمجد الله
تمجيداً لم تسمع الآذان بمثله لم يدع شمساً ولا قمراً ولا جبلاً ولا نهراً
ولا عيناً إلا ذكره في تمجيده فقال : اللهم أنت القريب في علوك ، المتعال
في دنوك ، الرفيع على كل شيء من خلقك ، أنت الذي خلقت سبعاً في الهواء
بكلماتك مستويات طباقاً أجبن وهي دخان من فرقك فأتين طائعات لأمرك ، فيهن
ملائكتك يسبحون قدسك لتقديسك وجعلت فيهن نوراً على سواد الظلام وضياء من
ضوء الشمس بالنهار ، وجعلت فيهن الرعد المسبح بالحمد ، فبعزتك يجلو ضوء
ظلمتك وجعلت فيهن مصابيح يهتدي به في الظلمات الحيران ، فتباركت اللهم في
مفطور سماواتك وفيما دحوت من أرضك دحوتها على الماء فمسكتها على تيار الموج
الغامر ، فأذللتها إزلال التظاهر ، فذل لطاعتك صعبها واستحيا لأمرك أمرها
وطبعت بعزتك أمواجها ، ففجرت فيها بعد البحور الأنهار ومن بعض الأنهار
الجداول الصغار ومن بعد الجداول ينابيع العيون الغزار ، ثم أخرجت منها
الأنهار والأشجار والثمار ثم جعلت على ظهرها الجبال فوتدتها أوتاداً على
ظهر الماء ، فأطاعت أطوادها وجلمودها

فتباركت اللهم ! فمن يبلغ بنعته نعتك أم من يبلغ صفتك ؟ تنشر السحاب وتفك
الرقاب وتقضي الحق وأنت خير الفاصلين ، لا إله إلا أنت سبحانك أمرت أن
نستغفرك من كل ذنب ، لا إله إلا أنت سبحانك سترت السموات عن الناس ، لا إله
إلا أنت سبحانك إنما يخشاك من عبادك الأكياس ، نشهد أنك لست بإله
استحدثناك ، ولا رب يبيده ذكره ، ولا كان معك شركاء فندعوهم ونذرك ، ولا
أعانك على خلفنا أحد فنشك فيك ، نشهد أنك أحد صمد لم تلد ولم تولد ، ولم
يكن لك كفواً أحد

وقال إسحاق بن بشر ، عن جويبر ومقاتل ، عن الضحاك ، عن ابن عباس ، أن عيسى
ابن مريم أمسك عن الكلام بعد أن كلمهم طفلاً حتى بلغ ما يبلغ الغلمان ثم
أنطقه الله بعد ذلك الحكمة والبيان فأكثر اليهود فيه وفي أمه من القول ،
وكانوا يسمونه ابن البغية وذلك قوله تعالى :" وبكفرهم وقولهم على مريم
بهتانا عظيما "

قال : فلما بلغ سبع سنين أسلمته أمه في الكتاب ، فجعل لا يعلمه المعلم
شيئاً إلا بدره إليه ، فعلمه أبا جاد فقال عيسى ، ما أبو جاد ؟ فقال المعلم
: لا أدري فقال عيسى : كيف تعلمني مالا تدري فقال المعلم : إذن فعلمني
فقال له عيسى : فقم من مجلسك فقام فجلس عيسى مجلسه فقال : سلني ؟ فقال
المعلم : فما أبو جاد ؟ فقال عيسى : الألف آلاء الله والباء بهاء الله
والجيم بهجة الله وجماله فعجب المعلم من ذلك فكان أول من فسر أبا جاد

ثم ذكر أن عثمان سأل رسول الله (صلى الله عليه وسلم) عن ذلك فأجابه على كل كلمة بحديث طويل موضوع لا يسأل عنه ولا يتمادى !

وهكذا روى ابن عدي من حديث إسماعيل بن عياش ، عن إسماعيل بن يحيى ، عن ابن
أبي مليكة ، عن ابن مسعود ، عن مسعر بن كدام عن عطية ، عن أبي سعيد ، رفع
الحديث في دخول عيسى إلى الكتاب وتعليمه المعلم معنى حروف أبي جاد وهو مطول
لا يفرح به

ثم قال ابن عدي : وهذا الحديث باطل بهذا الإسناد لا يرويه غير إسماعيل
وروى ابن لهيعة عن عبد الله بن هبيرة قال : كان عبد الله بن عمر يقول : كان
عيسى ابن مريم وهو غلام يلعب مع الصبيان فكان يقول لأحدهم : تريد أن أخبرك
ما خبأت لك أمك ؟ فيقول : نعم فيقول : خبأت لك كذا وكذا فيذهب الغلام
منهم إلى أمه فيقول لها أطعميني ما خبأت لي فتقول : وأي شيء خبأت لك ؟
فيقول :كذا وكذا فتقول له : من أخبرك ؟ فيقول : عيسى ابن مريم ليفسدنهم
فجمعوهم في بيت وأغلقوا عليهم ، فخرج عيسى يلتمسهم فلم يجدهم فسمع ضوضاءهم
في بيت فسأل عنهم فقالوا : إنما هؤلاء قردة وخنازير فقال : الله كذلك
فكانوا كذلك رواه ابن عساكر

وقال إسحاق بن بشر ، عن جويبر ، ومقاتل ، عن الضحاك ، عن ابن عباس قال :
وكان عيسى يرى العجائب في صباه إلهاماً من الله ، ففشا ذلك في اليهود
وترعرع عيسى ، فهمت به بنو إسرائيل ، فخافت أمه عليه ، فأوحى الله إلى أمه
أن تنطلق به إلى أرض مصر ، فذلك قوله تعالى :" وجعلنا ابن مريم وأمه آية
وآويناهما إلى ربوة ذات قرار ومعين "

وقد اختلف السلف والمفسرون في المراد بهذه الربوة التي ذكر الله من صفتها
أنها ذات قرار ومعين ، وهذه صفة غريبة الشكل ، وهي أنها ربوة وهو المكان
المرتفع من الأرض الذي أعلاه مستو يقر عليه وارتفاعه متسع ، ومع علوه فيه
عيون الماء المعين ، وهو الجاري السارح على وجه الأرض فقيل : المراد المكان
الذي ولدت فيه المسيح وهو نخلة بيت المقدس ، ولهذا " ناداها من تحتها أن
لا تحزني قد جعل ربك تحتك سريا " وهو النهر الصغير في قول جمهور السلف ،
وعن ابن عباس بإسناد جيد أنهار دمشق فلعله أراد تشبيه ذلك المكان بأنهار
دمشق وقيل ذلك بمصر كما زعمه من زعمه من أهل الكتاب ومن تلقاه عنهم
والله أعلم

وقيل هي الرملة

وقال إسحاق بنبشر : قال لنا إدريس عن جده وهب بن منبه ، قال : إن عيسى لما
بلغ ثلاث عشرة سنة أمره الله أن يرجع من بلاد مصر إلى بيت إيليا قال فقدم
عليه يوسف ابن خال أمه فحملهما على حمار حتى جاء لهما إيليا وأقام بها حتى
أحدث الله له الإنجيل وعلمه التوراة وأعطاه إحياء الموتى وإبراء الأسقام
والعلم بالغيوب مما يدخرون في بيوتهم وتحدث الناس بقدومه وفزعوا لما كان
يأتي من العجائب ، فجعلوا يعجبون منه فدعاهم إلى الله ففشا فيهم أمره

قصَصُ الأنبيَاء - صفحة 3 500092465

قصَصُ الأنبيَاء - صفحة 3 500092465

تحياتي لكم

قصَصُ الأنبيَاء - صفحة 3 500092465

قصَصُ الأنبيَاء - صفحة 3 500092465

قصَصُ الأنبيَاء - صفحة 3 483098003
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
قصَصُ الأنبيَاء
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 3 من اصل 3انتقل الى الصفحة : الصفحة السابقة  1, 2, 3

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
أحـــــلى مـــنـــتـــديـــات أمـــيـــن عـــبـــلــــة الــــحـــب  :: المنتديات الإسلامية :: مواضيع دينية-
انتقل الى:  
الفيس بوك