أحـــــلى مـــنـــتـــديـــات أمـــيـــن عـــبـــلــــة الــــحـــب
@الدولة الأمـــــــــــويــــــــــــــــــــــــــــة بــــــــــــــــــالأنـــــــدلس 613623
كلام عن الحب
إن الإنسان قبـل الحب شيء وعنـد الحب كل شيء وبعـد الحب لا شيء"
أكبر متعة في الحب تجد نفسك محبوبا عند الناس
"

@الدولة الأمـــــــــــويــــــــــــــــــــــــــــة بــــــــــــــــــالأنـــــــدلس 613623
عزيزي الزائر / عزيزتي الزائرة يرجي التكرم بتسجبل الدخول اذا كنت عضو معنا
او التسجيل ان لم تكن عضو وترغب في الانضمام الي اسرة المنتدي
سنتشرف بتسجيلك
شكرا @الدولة الأمـــــــــــويــــــــــــــــــــــــــــة بــــــــــــــــــالأنـــــــدلس 829894
المدير المنتدى
شكراً لتسجيلك في
أحلى منتديات أمين عبلة الحب
نحن سعداء جدا لاختيارك بأن تكون واحداً من أسرتنا و نتمنى لك الاستمتاع بالإقامة معنا، تفيد وتستفيد ونأمل منك التواصل بإستمرار.
مع أطيب الأمنيات,
إدارة المدير.
أحـــــلى مـــنـــتـــديـــات أمـــيـــن عـــبـــلــــة الــــحـــب
@الدولة الأمـــــــــــويــــــــــــــــــــــــــــة بــــــــــــــــــالأنـــــــدلس 613623
كلام عن الحب
إن الإنسان قبـل الحب شيء وعنـد الحب كل شيء وبعـد الحب لا شيء"
أكبر متعة في الحب تجد نفسك محبوبا عند الناس
"

@الدولة الأمـــــــــــويــــــــــــــــــــــــــــة بــــــــــــــــــالأنـــــــدلس 613623
عزيزي الزائر / عزيزتي الزائرة يرجي التكرم بتسجبل الدخول اذا كنت عضو معنا
او التسجيل ان لم تكن عضو وترغب في الانضمام الي اسرة المنتدي
سنتشرف بتسجيلك
شكرا @الدولة الأمـــــــــــويــــــــــــــــــــــــــــة بــــــــــــــــــالأنـــــــدلس 829894
المدير المنتدى
شكراً لتسجيلك في
أحلى منتديات أمين عبلة الحب
نحن سعداء جدا لاختيارك بأن تكون واحداً من أسرتنا و نتمنى لك الاستمتاع بالإقامة معنا، تفيد وتستفيد ونأمل منك التواصل بإستمرار.
مع أطيب الأمنيات,
إدارة المدير.
أحـــــلى مـــنـــتـــديـــات أمـــيـــن عـــبـــلــــة الــــحـــب
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


أكـــــبر مـــــــــــــتعة في الـــــــــــحب تجـــــــــد نفـــــــسك محبــــوبا عنــــــد النــــــاس
 
الرئيسيةالبوابة**أحدث الصورالتسجيلدخول
تمنادى الحب عندما يأتى الليل ، ويغلق الناس أبواب بيوتهم بإحكام يخرج من قلب الظلمة مناد يقول : - هل كل هذه البيوت تنام على الحب ؟ ! ويظل يردد السؤال ، الذى لا يجيب عليه أحد ، حتى تظهر أول خيوط الفجر !

 

 @الدولة الأمـــــــــــويــــــــــــــــــــــــــــة بــــــــــــــــــالأنـــــــدلس

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
المدير
AMINE PàTCHIKà
AMINE PàTCHIKà
المدير


الجنس : ذكر
الابراج الدلو
تاريخ الميلاد تاريخ الميلاد : 25/01/1988
العمر : 36

المدير العام
منتديات أمين عبلة الحب :

@الدولة الأمـــــــــــويــــــــــــــــــــــــــــة بــــــــــــــــــالأنـــــــدلس Empty
مُساهمةموضوع: @الدولة الأمـــــــــــويــــــــــــــــــــــــــــة بــــــــــــــــــالأنـــــــدلس   @الدولة الأمـــــــــــويــــــــــــــــــــــــــــة بــــــــــــــــــالأنـــــــدلس Emptyالأحد يناير 06, 2013 2:13 pm

@الدولة الأمـــــــــــويــــــــــــــــــــــــــــة بــــــــــــــــــالأنـــــــدلس 500092465

@الدولة الأمـــــــــــويــــــــــــــــــــــــــــة بــــــــــــــــــالأنـــــــدلس 500092465

@الدولة الأمـــــــــــويــــــــــــــــــــــــــــة بــــــــــــــــــالأنـــــــدلس

@الدولة الأمـــــــــــويــــــــــــــــــــــــــــة بــــــــــــــــــالأنـــــــدلس 500092465

@الدولة الأمـــــــــــويــــــــــــــــــــــــــــة بــــــــــــــــــالأنـــــــدلس 500092465

عهد الإمارة الأموية الأندلسية
[138 - 316هـ = 755 - 928م].
عبدالرحمن الداخل يحكم الأندلس (138 - 172هـ = 755- 788م):
سـقطـت الدولة الأمـويــة بــالمـشرق سـنــة (132هـ = 749م)، واضطهد
العبـاسيون الأمويين، وطـاردوهم فـى كل مكان، لكن واحدًا منهم هو
«عـبدالرحمن ابن معـاويـة بن هشـام بن عبدالمـلك» تمكن من الوصول
إلى #الأنـدلس#، بـعد أن عـبر فــلسـطيـن ومصر، ثم لحق به مولاه «بدر»
وهـو رومــى الأصــل، ومـولاه «ســالم» ومـعهـمــا شــىء مـن المـال
والجواهر، ثم وصـل «عبدالرحمن» إلى «برقة» والتجأ إلى أخواله من
«بـنـى نفزة» - من برابرة طرابـلس - وأقـام عندهم مدة، ثم غـادر إلى
المغرب الأقصـى، وتجول هنـاك، متغـلبًا عـلى مـا قـابـله من صعـاب،
وأقــام حـينًا عند شيوخ البدو، وحينًا عند بعض رجـال قبيـلة #زنـاتـة#،
وكان أثناء ذلك يدرس أحوال الأندلس، ويرقب الفرصة المناسبة للعبور
إليها.
وقد اتصـل بمعونـة مولاه «بدر»، الذى كـان قد نزل بسـاحـل «لبيرة»
فى كورة «غرناطة» موطن أهل «الشام» بموالى خلفاء البيت الأموى
والقرشيين عامة، وبالكلبية اليمنية، خصوم الوالى يوسف الفهرى، ثم
عـبر عـبدالرحـمن إلى الأندلس فـى ربيع سنـة (137هـ = 754م)، ونزل
بـثغـر «المنكبّ» لموقعه الممتـاز، وقد التف النـاس حوله بمـا فـى ذلك
جماعات #البربر#، على أمل أن ينقذهم من الأوضاع المتردية.
تـقدم عـبدالرحـمن نـحو العـاصمـة «قرطبـة»، وجمع «يوسف الفهرى»
و«الصميـل» مـا أمكنهمـا من قوات، والتقـى الفريقان عند «المصارة»
أو «المسـارة» بالطرف الغربى، وتمكن عبد الرحمن من تحقيق انتصار
حـاسم، دخـل عـلى إثره #قرطبـة# وصلى بالناس الجمعة، وخطب الجند،
وعُد ذلك اليوم ميلادًا للدولة #الأموية# فى الأندلس، ولقب «عبدالرحمن بن
معـاويـة» بعبدالرحمن الداخـل، لأنه أول من دخل الأندلس من بنى أمية
حاكمًا.
ولم يـكن عـمر «عـبدالرحـمن الداخــل» حين حقق هذا الإنجـاز يتجـاوز
السـادسـة والعشرين من عمره، لكنه كـان رجل الموقف، شحذت همته
الخطوب والمحن، وأعدته لحياة النضال والمغامرة، فقضى بقية عمره
اثنين وثـلاثين عـامًا فى كفاح مستمر، لاينتهى من معركة إلا ليخوض
أخرى، ولايقمع ثورة إلا تلتها ثورة، ولم تبق بالأندلس ناحية أو مدينة
إلا ثـارت عـليه، ولاقبيلة إلا نازعته فى الرياسة، فكانت الأندلس طوال
عهده بركانًا يشتعل بنيران الحرب والثورة والمؤامرة، لكنه صمد لتلك
الخـطوب جميعًا، واستطـاع بمـا أوتـى من حزم وحسن سيـاسـة وبعد
الهمـة والجـلد والإقدام أن يغالب تلك الأخطار والقوى وأن يقبض على
زمام الأمور بالأندلس بيده القوية.
وقد تصور اليمنيون أن من حقهم مـاداموا قد ناصروا «عبدالرحمن» أن
يفعـلوا مـا يشـاءون، فينشروا الفوضى ويستولوا على أموال الناس،
ويغرقوا البلاد فى مستنقع العصبيات القبلية كما كان الحال من قبل،
لكن عبدالرحمن أثبت أنه لايفرق بين شـامـى أو بلدى، أو بين بربرى
ويـمنـى، فجميعهم يضمهم وطن واحد، وعـليهم أن يخضعوا لسـلطـان
العاصمة المركزية.
غـير أن تــلك السـيـاسـة لم تعجب اليمنيين، وعدُّوهـا لونًا من الجحود
والنـكران فـثــاروا عـليه، لكنه تمكن من القضـاء عـليهم فـى الجزيرة
الخـضراء، وإشبيـليـة، وطـليطـلة، وبـاجـة، معتمدًا عـلى حشود البربر
وأهل البلاد وأعوان بنى أمية.
ولعــل مـن أخـطر الثـورات التــى واجهت عبدالرحمن ثورة «العـلاء بن
مغيث الحضرمـى»، من وجوه بـاجـة ومن ذوى الرئاسة بها، وكان قد
كـاتب «أبـا جعفر المنصور» الخـليفـة العبـاسـى، واستصدر منه سجلا
بـولايــة الأنـدلس، وجمع حوله جندًا عظيمًا، ورفع العـلم الأسود شعـار
العـبــاسـيين سنـة (146هـ = 763م)، فـاشتعـلت بـاجـة بنيران الثورة،
وتحـالفت «شذونـة» مع الثائر، فخرج عبدالرحمن من قرطبة ولجأ إلى
الدفــاع أولا، فــلمـا ضعف خصمه تحوَّل إلى الهجوم، ونشبت معـارك
هزم فيهـا العـلاء وتشتت جنده، وقتـل الآلاف بمـا فيهم العـلاء نفسه،
وحـمــل عبدالرحمن رءوس الزعمـاء والقـادة وبعث بهـا إلى #القيروان#،
ووضـع رأس العــلاء فــى سفط ومعه اللواء الأسود، وسجـل المنصور
بـتوليـته، وحـمـله بعض ثقـاة التجـار إلى مكـة، وكـان المنصور يحج،
وألقـى هذا أمـام سرادقه، فـلمـا حمل إليه قال: «مافى هذا الشيطان
مطمح، فالحمد لله الذى جعل بيننا وبينه البحر».
ولم يكن عـلى عبدالرحمن أن يواجه مشـاكـل الجنوب فقط بـل شمالى
الأندلس أيضًا، فقد ثـار عـليه «سـليمـان بن يقظـان» والى «برشلونة»
و«الحـسيـن بـن يحيـى» والى «سرقسطـة»؛ مستغـلين طبيعـة بـلادهم
الجـبــليــة وانـشغــال عبدالرحمن بحركـات الثـائرين فـى الجنوب، ثم
استفحل خطرهم بعد انتصارهما على جيش أرسله عبدالرحمن.
ولم يـكتـفِ الثــائـران بذلك بـل قدمـا عـلى رأس وفد إلى «شـارلمـان
الأكبر» إمبراطور الدولة الفرنجية، وكان فى ولاية «سكونيا» شمالى
ألمـانيا حاليا، واقترحا عليه غزو الولايات الأندلسية الشمالية، وتعهدا
بـمعــاونته ضد عبدالرحمن، وأن يعمـل جميعهم عـلى خـلعه، وتسـليم
البلاد إلى #شارلمان# والخضوع له.
وقد رحب شـارلمـان بهذا العرض واجتـاز جبال البرت، والتقى بحلفائه
عـلى نهر الإيرو عند سرقسطـة، لكن حاكم سرقسطة عدل عن موقفه
فـى آخر لحظـة، ورفض تسليم مدينته لشارلمان، وحصّنها فتمكنت من
رد هجمـاته عـليهـا، وكذلك فعـل والى #برشـلونة#، واضطر «شارلمان»
أن يـرتـد إلى بـلاده بسبب ثورات قـامت عـليه سنـة (161هـ = 778م)،
وهكذا شـاءت العنـايـة الإلهيـة أن يبوء عـاهل الفرنج بالفشل بعد أن
اختلف معه هؤلاء الخارجون على عبدالرحمن، وانقلبوا إلى مقاومته.
وفـى الوقت الذى كـانت تجرى فيه هذه الحوادث فـى الشمـال، كان
عـبدالرحـمن فـى الجنوب يحـارب الثـائرين عـليه، فقضـى عـلى ثورة
مـؤيدة للعبـاسيين فـى «مرسيـة»، وقمع ثورات أخرى فـى غرنـاطة
وطـليطـلة والجزيرة الخضراء، ثم توجه إلى سرقسطـة فـى جيش ضخم
وعـقد صــلحًا مع الثـائرين بهـا، ثم عـاد إليهـا مرة أخرى فحـاصرهـا
وضـربـهــا بــالمـنجـنيق، ثم اتجه إلى الشمـال الشرقـى واخترق بـلاد
البـشكـنس، فـفرض عــليـهـا الجزيـة، ثم عـاد مظفرًا إلى قرطبـة سنـة
(167هــ = 783م) وبـعدهــا عـقد صـداقـة مع شـارلمـان استمرت بقيـة
حياته، ثم قاد حملة سنة (168هـ = 784م) إلى #طليطلة#؛ حيث هزم زعيم
الفهرية هناك بعد معارك شديدة وقتال فى أكثر من موقع.
ولمـا شعر عبدالرحمن بهدوء نسبى، استدعى بنى أمية من المشرق،
فـأقبـل إليه كثيرون، استعـان بهم فى تحمل بعض المسئوليات، لكنه
فـوجئ بـأن من بينهم من ينقم عـليه، ويقيم ضده المـؤامرات، فـاضطر
إلى أن يعتمد عـلى المخـلصين من موالى بنى أمية ومن انضم إليه من
أهـل البـلاد، بـالإضـافة إلى قوة من الصقالبة اشتراهم صغارًا من بلاد
النصـارى وربـاهم تربيـة إسلامية، ونشأهم تنشأة عسكرية، وأصبح
هؤلاء عنصرًا أساسيا من عناصر القوة السياسية فى الأندلس.
وتُوفِّى عبدالرحمن فى (10من جمادى الآخرة 172هـ = 16 من أكتوبر
788م) بعد حيـاة طويـلة قضاها فى كفاح متواصل، ومواجهة للصعاب
والأهوال، وأقام ملكًا ودولة فوق بركان يضطرم بالثورات والمؤامرة،
وأثبت أنه بطـل فريد من أبطـال التـاريخ، لا يجود الزمان بمثله كثيرًا،
فتـى شريدًا بلا أنصار وأعوان يفر من الموت الذى تعرضت له أسرته،
لكـنه يـستـغــل ظـروف الأنـدلس فـيقـودهــا بـكثير من الدهـاء والحزم
والعزيمـة والذكـاء، ويقيم دولة عـلى أسس إداريـة وسيـاسيـة ومالية
ثابتة.
ويـزيـد مـن قـيمــة مــا قــام به أن من حكمهم تعودوا عـلى الفوضـى
والأنـانيـة، وتقديم المصالح الشخصية على المصالح القومية، ولم يكن
بـاستطـاعـة عبدالرحمن إلا أن يعـامـل هـؤلاء بمـا يستحقون من شدة
وقـسوة، لكـنه أصـبح فــى أخـريـات أيـامه شديد الاستبداد، لايقبـل
المنـاقشـة من أحد حتـى مولاه «بدر» غضب عـليه، وأقصاه بعد طول
خدمة.
وأفـضــل مــاتميز به؛ عقـله المرتب وأسـلوبه المنظم، فقد كـان يدرس
مشـاكـله، ويتـلقى أخبار الثورات بجنان ثابت، ثم يرسم خطته للقضاء
عــليـهـا، ويصفه ابن حيـان أمير مـؤرخـى الأندلس بقوله: «كـان راجح
العقـل، واسع العـلم، ثـاقب الفهم، كثير الحزم.. متصـل الحركـة لايخلد
إلى راحـة، ولايسكن إلى دعـة، ولا يكـل الأمور إلى غيره، ثم لاينفرد
فى إبرامها برأيه، شجاعًا، مقدامًا..».
نظام حكومة عبدالرحمن:
لم يكن هنـاك نظام لولاية العهد، وكان اختيار ولى العهد يترك للأمير،
وأنشأ عبدالرحمن منصب #الحجابة#، وأحاط نفسه بمجموعة من الأعوان
يسـاعدونه فـى القيام بمهام الحكم بدلا من الوزراء، وقد اختارهم فى
أول الأمـر مـن بـين أعـوانـه الذيـن اسـتقبـلوه وقـاتـلوا معه، فكـانت
حـكومـته عـربـيـة شكـلا وروحًا، ثم مـال إلى البربر والموالى بعد أن
استراب فى العرب وشك فى ولائهم له، لثوراتهم المتعددة عليه.
وقـد مـنح الجـيش عـنـايـة خـاصـة، فجنَّد مـائـة ألف عدا حرسه البـالغ
أربـعين ألفًا من العرب والموالى والرقيق، كمـا عنـى بـالبحريـة فـى
أخريات حياته، وأنشأ عدة قواعد لبناء السفن.
عناية الداخل بالإنشاء والتعمير:
عنـى «عبدالرحمن الداخل» عناية فائقة بالإنشاء والتعمير فى قرطبة
عــلى الرغم من كثرة مشـاغـله، فحصَّن العـاصمـة وزينهـا بـالحدائق،
وأنشـأ منيـة #الرصـافـة# وقصرها العظيم فى الشمال الغربى على بعد
(4)كـم مـن قـرطبـة، وقد أحـاطهـا بـالحدائق الزاهرة، وأطـلق عـليهـا
الرصــافـة، تخـليدًا لذكرى الرصـافـة التـى أنشـأهـا جده «هشـام بن
عبدالمـلك» بـالشـام، وكـان هذا القصر يطـل من نـاحيـة الجنوب عـلى
الحقول التـى تفصـله عن قرطبـة، ويطل من الشمال على أرض واسعة
تـسمــى «فحص السرادق»، وقد اتخذ عبدالرحمن من ميدانهـا الفسيح
مـنــازل لجـنده وقـواده، ومـكــانًا يتدرب فيه الجنود بصورة مستمرة
ومنتظمة.
كما بدأ عبدالرحمن سنة (150ه= 767م) فى إنشاء سور قرطبة الكبير
الذى استمر العمـل فيه أعوامًا، كمـا أنشـأ مسـاجد محلية كثيرة فى
قرطبـة وغيرهـا، وعـلى رأسها المسجد الأموى الجامع الذى بدأ فى
إنـشـائه سنـة (170هـ = 786م)، وجـلب إليه الأعمدة الفخمـة، والرخـام
المنقوش بـالذهب واللازورد؛ وبـلغ مـا أنفقه عـليه 100 ألف دينـار، ثم
زاد خــلفــاؤه مـن بـعده فـى هذا العمـل، حتـى أصبح أعظم مسـاجد
الأندلس.
ويقع هذا المسجد فـى الجهـة المقـابـلة لقصر الإمارة، وبينهما مساحة
واسعـة استغـلهـا عبدالرحمن فـى إنشاء قصر خاص لنفسه، وعدد من
القـصور الصـغيـرة لآل بيته، أحـاطهـا بـالحدائق الغنـاء، وبسور يدور
حـولهــا، وقد امتدت هذه القصور حتـى وصـلت إلى ضفـة نهر الوادى
الكبير، فبنـى عبدالرحمن قصور الإدارة نـاحيـة النهر، وفتح بـابًا فى
الشــارع بـين النـهر والسـور سـمــى «بــاب السـدة»، فـتح للجمهور،
ويـفضــى إلى المـكـاتب الحكوميـة، وإلى جـانب بـاب السدة خُصِّصت
مواقع الكتَّاب الذين يعـاونون النـاس فـى كتـابة شكاواهم وطلباتهم،
والذين يشبهون من نسميهم اليوم بالكتاب العمومين.
ومن منشـآت عبدالرحمن التـى بنـاها فى قرطبة، «دار السكة» لضرب
النقود عـلى النحو الذى كانت تضرب عليه نقود بنى أمية فى المشرق
من حيث الوزن والنقش.
هـشـام الأول بن عبدالرحمن المعروف بـالرضـى [172 - 180هـ = 788 -
796م]
خـلف «هشـام» أبـاه «عبدالرحمن» على حكم الأندلس، الذى اختاره لا
لأنه أكبر أبنـائه، بـل لمـا توسَّمه فيه من المزايـا الخـاصة، وقد أبدى
«هشـام» لينًا وورعًا، وحسن سيـاسـة، وبصرًا بـالأمور، فجذب النـاس
إليه بإقامته للحق وتحريه للعدل، ومعاقبته للولاة المقصرين.
ولم يعكر صفو أيـام «هشـام» إلا اشتعـال بعض الثورات، منها: الثورة
التـى قـام بهـا أخواه «سـليمـان» و«عبدالملك»، وانتهت بالصلح سنة
(174هـ = 790م) عـلى أن يقيمـا بعدوة المغرب، كمـا قـاد حمـلة على
نصـارى الشمـال الذين أغـاروا عـلى البـلاد، فنجح فى القضاء عليهم
سـنــة (175هــ = 791م) ثم تكررت حمـلاته عـليهم، حتـى قضـى عـلى
محاولاتهم التي استهدفت التوسع جنوبًا.
وأهم مـا يتميز به عهد «هشـام» ذيوع مذهب الإمـام «مـالك بن أنس»،
وحـلوله محل مذهب الأوزاعى إمام أهل الشام الذى اتبعه الأندلسيون،
وكـان الإمـام مـالك معـاصرًا لهشـام بن عبدالرحمن، كثير الثناء عليه،
وقـد وفـد بعض الأندلسيين إلى المشرق وتتـلمذوا عـلى الإمـام مـالك،
أمـثــال: الغــازى بـن قيس، وزيـاد بن عبدالرحمن المعروف بشيطون،
وغـيرهـمــا، فــلمــا عــادوا إلى الأندلس رحَّب بهم هشـام، وسمح لهم
بتدريس مذهب «مـالك»، وأخذ القضـاة يصدرون أحكـامهم بناءً عليه،
واتـخذ مـنهـم هشـام كبـار قضـاته ومستشـاريه، وشيئًا فشيئًا أصبح
المذهب المالكى هو المذهب الرسمى للدولة.
وحـرصـت الإمــارة الأندلسيـة عـلى جعـل اللغـة العربيـة لغـة الدواوين
الرسميـة، ولغة الدرس والتعليم، ولم تكن تقبل إلا ما هو عربى، وكان
ذلك اتجـاهًا عـامـا سـار عـليه الأمويون فى حياتهم وتبعهم الناس فى
ذلك، وبـلغ من اهتمـام هشـام بـالعربيـة أن جعلها لغة نصارى الأندلس
ويهودهـا، وترجم إليها الكتاب المقدس ونصوص الصلوات، وساعد ذلك
كله على التحول إلى الإسلام، وانتشار اللغة العربية وأصبحت الأندلس
مركزًا من أهم مراكز الحضارة العربية.
ويكـاد يجمع المـؤرخون عـلى أن «هشـامـاً» كـان رقيقًا تقيا، صارمًا
فـى الحق، محبـا للجهـاد، أنفق كثيرًا من الأموال فـى فداء الأسرى،
كمـا كان شغوفًا بالإصلاح والتعمير، فأتم بناء #مسجد قرطبة الجامع#،
وأنشـأ مسـاجد أخرى، وزين «قرطبـة» بكثير من الحدائق والمبانى،
وجـدَّد قنطرة قرطبـة التـى بنـاهـا «السمح بن مـالك»، ونظَّم وسـائـل
الرى، وجلب إلى الأندلس الأشجار والبذور.
وكــان هـشــام يـحب مـجــالس العــلم والأدب، وبخـاصـة مجـالس الفقه
والحديث، فقرَّب إليه الفقهـاء والعـلماء، وبوَّأهم أهم المناصب، خلافًا
لمــا كــان عــليـه زمـن والده، وقـد تـرتب عـلى ذلك نتـائج سيـاسيـة
واجتماعية ظهرت فيما بعد.
الحكم الأول بن هشـام المعروف بالربضى[180 - 206هـ = 796 - 822م]
بـدأ «الحكم» عهده بـالجهـاد ضد #البشكنس# (ثـافـارا)، لكنه اضطر إلى
تـركـه لمـواجهـة الثورات التـى اشتعـلت ضده فـى الثغر الأعـلى سنـة
(181هــ = 797م)، وكـان عمَّاه «سـليمـان» و«عبدالله» قد أتيـا إليهـا
سرا واتصـلا بمـلك الفرنج وطـلبـا مساعدتهما، ولما علم «الحكم» سار
بجيوشه إلى الشمال، فاضطر الفرنج إلى الانسحاب، فأحكم سيطرته
عــلى هـذه المـنــاطق، وفـى هذه الآونـة حـاول عمَّاه الإغـارة عـلى
قرطبـة، فعـاد الحكم وهزمهمـا، وقتل «سليمان»، على حين فرَّ «عبد
الله» إلى «بلنسية» والتزم الهدوء طوال فترة الحكم.
وفى سنة (185هـ = 801م) سير «شارلمان»، جيشًا لغزو «برشلونة»،
وكـان الحكم مشغولا بمطـاردة الخـارجين عـليه، فـلم يتمكن من نجدة
المـديـنـة، فسقطت بعد كفـاح مشرف، وقد استقـل حكـام #القوط# بهذه
المنطقـة عن الفرنج بعد فترة وأنشئوا إمـارة «قطـلونيـة» النصرانية،
التـى اتحدت مع ممـلكة أراجون، وتمكنوا من غزو الجانب الشرقى من
مـمــلكــة الإســلام فــى الأندلس، وخسر المسـلمون بذلك حصنًا منيعًا،
وارتـدت حـدود الأنـدلس إلى الثـغر الأعــلى بعد أن كـانت قد تجـاوزت
جبال البرت.
ولم تهدأ العواصف والثورات ضد الحكم، فـاكتشف فى سنة (189هـ =
805م) مـؤامرة للإطـاحة به، لكنه أحيط علمًا بما يدبره خصومه فقضى
عـليهم، وأعدم (72) منهم فـى صورة بـالغـة القسوة، ممـا أثار غضب
أهل قرطبة وحنقهم عليه، كما قضى على الثورات المتكررة التى قام
بهـا أهالى طليطلة، مستخدمًا أسلوب القتل والاغتيال، حتى إن واليه
عـلى طـليطـلة أعد وليمـة دعـا إليها كبار زعماء طليطلة، ثم أعدمهم،
وألقـى جثثهم فـى حفرة خلف القصر سنة (191هـ = 807م)، وفى تلك
الأثـنــاء غـزا الفرنج الثغر الأعـلى وحـاصروا مدينـة «طرطوشـة» لكن
المسـلمين تمكنوا من هزيمتهم، وإنقـاذ المدينة المحاصرة سنة (193هـ
=809م)، كـمــا تـوالت حـمــلات النـصــارى عـلى أطراف الثغر الأدنـى
والمنطقـة التـى بين نهرى دويرة والتـاجـة لبعدها عن قرطبة، وضعف
وسـائـل الدفـاع عنهـا، وعـانى المسلمون كثيرًا فى تلك المناطق من
جراء تـلك الغزوات، ولمـا بلغت الأنباء مسامع «الحكم بن هشام» خرج
بـنفسه سنـة (194هـ = 810م) عـلى رأس جيشه، وهزم النصـارى فـى
عدة مواقع وأسر وغنم غنـائم كثيرة، كمـا أرسـل فـى العـام التالى
جيشًا إلى الثغر الأعـلى، غزا قطـالونيـة، وهـاجم برشـلونـة، وانتهى
الأمر بصـلح دام حتـى وفاة «شارلمان» سنة (198ه= 814م)، ثم كانت
آخـر غـزوات الحكم سنـة (200هـ = 815م) إلى «جـليقيـة» حيث توغـل
المـسـلمون فيهـا، ونشبت بينهم وبين النصـارى مواقع حربيـة، انتهت
بهزيمة النصارى وارتدادهم إلى الداخل.
وفــى أواخـر عهد الحكم اشتعـلت فـى «قرطبـة» ثورة عنيفـة سميت
ثورة الربض، بسبب كراهيـة «المولِّدين» للحـاكم، وبغضهم له لصرامته
وقسوته، واتهـامهم له بممـارسـة اللهو والشراب، والمبالغة فى فرض
الضـرائـب، وقـد تــأجـج لهـيب الثـورة فـى الربض الجنوبـى المسمـى
«شـقنـدة» بـصفـة خـاصـة يوم (13 من رمضـان 202هـ = 25 من مـارس
818م) وتـوجـه الثـوار إلى القصر، وتـأهب الحكم ورجـاله لردِّهم، وقد
نـجحوا فـى ذلك، ثم مـالبث أن شقت قوات الحكم طريقهـا إلى النهر،
وعـبرتـه إلى الضـاحيـة الأخرى موطن الثـائرين وأضرمت النيران فـى
جـوانـبهـا، فـأسرع الثوار إلى دورهم، لإطفـاء النيران وإنقـاذ الأهـل
والعشيرة.
وفـى هذه اللحظـة أحـاط الجنود بـالثوار، وأوسعوهم قتـلا ومطـاردة
ونهبوا دورهم، واستمرت هذه المـأسـاة ثـلاثـة أيـام، فرَّ خـلالها إلى
طـليطـلة من استطـاع، ثم نودى بالأمان بعد أن هدأت الفتنة، ثم أصدر
الحكم قرارًا بهدم دور الثوار ولاسيمـا فـى الضـاحية التى شهدت ميلاد
الثـورة، فـتم مـحوهــا تـمــامًا، ثم أمر بـإخراج الثـائرين من قرطبـة،
فـتفـرقـوا فــى الثـغور، وعـبر بعضهم إلى العدوة الأخرى بـالمغرب،
وهاجر بعضهم إلى طليطلة وشمالى غربى الأندلس.
كمـا ركب نحو (15) ألفًا منهم سفنًا رست بهم فـى ميناء #الإسكندرية#،
حـيث أقــامـوا فيهـا، غير أن والى #مصر# «عبدالله بن طـاهر» أجبرهم
عـلى الرحيـل، فتوجهوا إلى جزيرة «كريت» وفتحوها سنة (212هـ =
827م)، وأسسوا بهـا دولة زاهرة، بقيت هناك إلى أن استولى عليها
البيزنطيون سنة (350هـ = 961م).
وعلى الرغم من نجاح «الحكم» فى القضاء على هذه الحركة الثائرة،
فـإن أهـل «قرطبـة» تضـاعفت كراهيتهم له، وزاد من نفورهم منه مـا
فرض عليهم من ضرائب.
مـرض الحـكم بـعد ذلك، وأخذ البيعـة لولى عهده فـى حيـاته، وأبدى
أسفه لمـا وقع منه لأهل الربض، ثم مات فى (26 من ذى الحجة 206هـ
= 22 من مـايو 822م) بعد أن لُقِّب بـالربضـى، نسبـة إلى مـاقام به من
أعمال شنيعة فى منطقة الربض الجنوبى.
ولم يـكن الحـكم الربـضـى كـأبيه محبـا للعـلمـاء والفقهـاء، فتراجعت
مـكــانـتهـم فــى زمـنه وآثـر عـليهم حضور مجـالس الإمـاء والشعراء،
وانصرف إلى حياة اللهو والصيد.
ويُعدُّ الحكم أول من أظهر هيبـة الملك بالأندلس وفخامته، ورتَّب للبلاط
نـظمه ورسومه، واستكثر من الموالى، فظهر «الصقـالبـة» بكثرة فـى
بـلاطه، وأسند إليهم معظم شئون الحكم والحرس الخـاص، ووصـل بهم
إلى مراتب القيـادة والريـاسـة، كما كانت له شرطة قوية وعيون على
الناس.
وضـمَّت حـكومـته شـخصـيــات بـارزة فـى تـاريخ الأندلس، منهم: «ابن
مغيث» الذى تولَّى حجابته، واستحدث منصبًا يهتم بشئون #أهل الذمة#،
سمَّى شاغله بالقومس أو «القمط».
وعـلى الرغم من اشتعال الفتن والثورات فى عهد الحكم، فقد ازدهرت
العـلوم والآداب ونبغ عدد كبير من الكتـاب والشعراء والعـلمـاء، منهم
«عبـاس بن ناصح الثقفى»، وابنه «عبدالوهاب»، و«أبو القاسم عباس
بن فرناس»، و«يحيى الغزال».
عـبدالرحـمن الثــانـى (الأوسط) بن الحكم [206 - 238هـ = 822 - 852م]
تـولى «عـبدالرحـمن» الحـكم فــى (27 من ذى الحجـة 206هـ = 822م)
بـعهد من أبيه؛ وكـان «عبدالرحمن» منذ صغره شغوفًا بدراسـة الأدب
والحـديـث والفـقه، ذا عقـل مستنير، خبيرًا بشئون الحرب والسيـاسـة،
هـادئ الطبـاع، حسن العشرة، متقربًا إلى النـاس، حـازمًا فـى أمره،
ولهذا كان مؤهلاً لإزالة ما خلفته إمارة أبيه الحكم من آثار سيئة.
وقـد واجـه «عبدالرحمن» فـى أول ولايته سنـة (207هـ = 823م) ثورة
فــى «بــلنـسيـة» دامت عدة سنوات، ولم تنته إلا فـى سنـة (213هـ =
828م) حيث نجح فـى القضـاء عـليهـا وإخماد فتنتها، كما واجه ثورة
فى قرطبة نجح فى القضاء عليها أيضًا.
استأنف «عبدالرحمن الثانى» برنامجه فى الجهاد مبكرًا، فأرسل فى
سنـة (208هـ = 823م) حملة عسكرية بقيادة «عبدالكريم بن عبدالواحد
بن مغيث» إلى «ألبـة والقـلاع» بعد أن أغـار مـلك جليقية (ليون) على
مدينـة سـالم فـى الثغر الأعـلى، وقد نجحت الحملة فى إلحاق الهزيمة
بـالنصارى فى عدة مواقع، وخربت مدينة «ليون» وأحرقت حصونها،
وأطـلقت سراح المسـلمين، وألزمت القوات المعتديـة بدفع جزية كبيرة
وعـادت الحملة بقيادة «عبدالكريم» إلى قرطبة مثقلة بالغنائم، وكانت
تـلك آخر غزوات هذا القـائد المظفر الذى استمر يدافع عن الأندلس فى
ميـادين القتـال أكثر من ثـلاثين سنـة؛ حيث توفى فى سنة (209هـ =
824م)
ثـم تـعرَّضت البـلاد لعدد من الثورات والفتن والقـلاقـل فـى «طـليطـلة»
و«مــاردة» دامـت سـنوات طـوال، واسـتنفدت كثيرًا من الجهد والمـال
وإراقة الدماء حتى تمكن «عبدالرحمن» من القضاء عليها.
عـاود «عبدالرحمن» نشـاط الجهاد، فبدأ يرسل الصوائف كل عام إلى
الشمال تارة إلى أطراف الثغر الأعلى لتشتبك مع الفرنجة، وتارة إلى
«ألبـة والقـلاع» حيث تغير عـلى بلاد البشكنس وأطراف مملكة جليقية
(ليون)، وكـان أحيـانـا يقود تـلك الصوائف، مثـلما فعل سنة (228هـ =
843م) حـيث ســار بـجيشه إلى الشمـال، وزحف عـلى بـلاد البشكنس،
وألحق بمـلكهـا الهزيمـة، واضطر إلى طـلب الأمـان، وعـاد عبدالرحمن
إلى قـرطـبــة بـعد أن وطـد نـفوذه هنـاك، وفرض هيبته وقوته عـلى
البشكنس، حتى لايتجرءوا على مهاجمة أراضى المسلمين مرة أخرى.
غزوات #النورمان#:
المقصود بـالنورمان: هم أهل الشمال سكان اسكنديناوه ودانيماركه،
الذيـن اشـتهـروا بـجوب البـحـار ومحـاولة التغـلب عـلى قسوة الجـليد
وأهـوال الطـبيـعــة، وبـدأت جـموعـهم تغزو #فرنسـا# وشواطئ أوربـا
الغربيـة فـى أوائـل القرن التاسع الميلادى، تحملهم سفن صغيرة ذات
أشرعة سوداء، تدخل مصبات الأنهار، وتنشئ لها مراكز داخل البلاد،
وتغير عـلى المدن وتنهب خيراتهـا، ثم توقد النيران للتعميـة، ثم تهرب
مسرعة.
وكـان ظهور هـؤلاء فـى ميـاه الأندلس لأول مرة سنـة (230ه= 845م)؛
حيث جـاء أسطول لهم فـى ثمانين سفينة، ورسا فى مياه «إشبونة»
فـكتـب حــاكمهـا إلى «عبدالرحمن» يخبره بذلك، وحدث احتكـاك بين
هـؤلاء والمسـلمين مدة ثـلاثـة عشر يومًا، ثم سار الأسطول النورمانى
إلى «قـادش»، ومنهـا إلى «شذونـة» ونهب كل ما وجده فى طريقه،
ثـم اخـترق نـهر الوادى الكـبير إلى «إشبيـليـة»، وظهر هنـاك بصورة
مفـاجئـة، ولما لم تكن هناك بحرية تدافع عن تلك المنطقة أو استعداد
لمواجهـة هذا النوع من العمـليات، فقد عاث النورمان فيها فسادًا لمدة
سـبعــة أيــام، وأحـرقـوا الدور والمـسجد الجـامع، ثم غـادروا مدينـة
«إشبيلية»، وعسكروا فى الناحية الغربية منها.
وإزاء هـذه التـحركــات هـرع المسـلمون لرد العدوان، ونشبت معـارك
تـفوق فيهـا النورمـان فـى أول الأمر، ثم هزمهم المسـلمون بعد قتـال
عنيف عند «طـليطـلة» شمـالى «إشبيلية» فى (25 صفر سنة 230هـ =
845م) ولقــى قــائـدهم مصرعه، وأحرقت ثـلاثون سفينـة من سفنهم،
فــأقـلعت السفن البـاقيـة نحو الجنوب حيث غـادروا ميـاه الأندلس بعد
أسابيع من الفزع والرعب.
نشأة الأسطول:
كــان لمفـاجـأة النورمـان أثرهـا، فبدأت الحكومـة الأندلسيـة تعطـى
الاهتمـام الكـافى للأسطول والتحصينات البحرية، فبنى «عبدالرحمن»
سـورًا ضخمًا حول «إشبيـليـة»، واتخذ قواعد بحريـة، ودورًا لصنـاعـة
السفن فـى «إشبونة» و«إشبيلية»، و«المرية» و«بلنسية» و«مالقة»،
وعنـى بصنـاعـة السفن الكبيرة، وأعد لهـا المقـاتلة، وأصبح للأندلس
أسـطولان، أحدهمـا فـى المحيط الأطـلسـى ومركزه إشبونـة، والآخر
فى البحر المتوسط وقاعدته مالقة.
وبـدأت تـظهـر أهـميــة البـحريـة الأندلسيـة منذ منتصف القرن التـاسع
المـيــلادى وأثمرت جهوده فـى فتح #الجزائر الشرقيـة# (جزر البـليـار)،
وهـى ميورقـة ومنورقـة ويـابسـة، وتم ضمهمـا إلى الإمارة الأندلسية
سنة (234هـ = 848م).
وقـد أدرك النـورمــان أن الأنـدلس لن تـكون فريسـة سهـلة لغزواتهم،
فـسعـوا إلى الصــلح مـع الأمـير عـبدالرحمن، وبعثوا رسـلهم يطـلبون
الســلام، فــأرســل الأمـير إليـهم الشــاعـر «يحيـى الغزال» ردًا عـلى
سفارتهم.
وبـعد الانـتهـاء من مشكـلة النورمـان استـأنف «عبدالرحمن» عمـليـات
الجهـاد فـى الشمال، فأرسل صائفة اخترقت #قشتالة# القديمة، وسارت
فـى اتجـاه نـابـارَّا (نـافـار)، وغزت بنبـلونة سنة (230هـ = 845م)، ثم
توجهت فـى العـام التـالى صـائفـة إلى «جـليقيـة»، وحاصرت «ليون»
عـاصمتها، وحملت النصارى على اللجوء إلى الجبال، كما أرسل قوة
بحريـة إلى جزيرتى ميورقة ومنورقة سنة (234هـ = 848م) تمكنت من
السيطرة عليهما.
وفــى سـنـة (237هـ = 851م) قـامت حرب بين المسـلمين وبعض قوات
البـشكـنس الذيـن هــاجـموا أراضـى المسـلمين فـى أطراف بـلاد الثغر
الأعلى، انتهت بانتصار المسلمين.
وقد حرص «عبدالرحمن» عـلى موالاة إرسـال الصوائف فـى كـل عـام
إلى الحدود الشمـالية مما يلى «طليطلة» شمالا، لأن الصراع هناك كان
شديدًا، ولأن أهـل طـليطـلة كـانوا يستنجدون بالإمارات النصرانية فى
منـازعـاتهم مع الإمـارة الأندلسية، ويستنجدون أيضًا بنصارى الشمال
وبخاصة ملوك #ليون#.
المتعصبون النصارى يثيرون فتنة فى الأندلس:
تـعرضـت البـلاد فـى أواخر عهد «عبد الرحمن» الأوسط لفتنـة شديدة،
أمــلتـهـا روح التعصب، فقد كره بعض القسـاوسـة والرهبـان سيطرة
الثقـافـة واللغـة العربيـة عـلى المجتمع، وانتشار الإسلام، فلجئوا إلى
الشكوى لموت الثقافة المسيحية وإلى مواجهة المسلمين وتحديهم فلم
يفـلحوا، فراحوا يجهرون بسب النبـى (صلى الله عليه وسلم) والإساءة
إليـه، وإهـانـة المقدسـات الإسـلاميـة عـلنًا وعـلى مرأى النـاس وفـى
الطرقات العامة.
وقد حمـل رجـال #الشرطـة# هـؤلاء القسـاوسـة والرهبـان إلى القضـاة،
فكرروا الشـىء نفسه أمـامهم وأصروا عـلى رأيهم، وحـاول القضـاة
اسـتعمـال الرفق معهم فـى ثنيهم عن أفعـالهم فـلم ينجحوا، وتكررت
الجرائم، فـاضطر القضـاة إلى الحكم بـإعدام هؤلاء المتعصبين، وقتل
كثير منهم فـى صيف سنـة (237هـ = 851م)، فعدهم أحبـار النصـارى
شـهداء، وكــان هـذا هـو هـدف هــؤلاء المـتعصبين، وتـأزم الموقف،
والتهبت نيران الفتنة.
واجـه «عـبدالرحـمن» هـذه المشكـلة بمـا تستحقه من صبر، فطـلب من
قـادة النصارى عقد مجمع دينى فى قرطبة لمعالجتها بحكمة واتزان،
فــأوضـح المـجمـع عـواقـب هـذا العـمـل الوخيمـة، وأن المعتدلين من
النـصــارى يـبرءون مـنه ويستنكرونه، وكـان من نتيجـة ذلك استقرار
الأوضــاع وعـودة الوئــام بـين المـسـلمين والنصـارى بفضـل معـالجـة
عبدالرحمن وحسن تأنيه فى الأمور.
وفاة #عبدالرحمن الأوسط#:
تـوفــى «عـبدالرحمن» فـى (3 من ربيع الآخر 238هـ = 23 من سبتمبر
852م) عـن عـمر ينـاهز (62) سنـة، بعد أن حكم البـلاد أكثر من إحدى
وثـلاثين سنـة، عدت من أزهـى سنوات الحكم الإسـلامى فى الأندلس،
فقد عـاش النـاس فى رخاء وعم الهدوء والاستقرار البلاد، وقام الحكم
على أسس من العدالة والنظام.
وقـد اعـتمـد «عـبدالرحـمن الأوسـط» عــلى عدد من الزعمـاء والوزراء
والقــادة المـخــلصين، وكـان الوزراء يعقدون اجتمـاعـاتهم فـى قصر
«السـدة» فــى بـيت يـسمــى بـيت #الوزارة#، ويحمـل «الحـاجب» رئيس
الوزراء نتيجـة منـاقشاتهم للأمير، لاتخاذ ما يراه مناسبًا. وكان الوزير
يتقـاضى مرتبًا شهريًا قدره (350) دينارًا وجرى عبدالرحمن على سنة
أبـيه فـى اصطفـاء الموالى والصقـالبـة، وكـان له خمسـة آلاف، منهم
ثــلاثــة آلاف يرابطون إزاء أبواب القصر عـلى الرصيف، وألفـان عـلى
أبواب القصر، وهم الذين كانوا يسمون الخرس بسبب عجمتهم.
ولم يـكن عـبدالرحمن الأوسط أميرًا فحسب، وإنمـا كـان أديبًا شـاعرًا
وعــالمًا حـكيـمًا، أحـاط نفسه بجمـاعـة كبيرة من الشعراء والعـلمـاء
والأدبـاء، كمـا كان أول من عُنى بجمع الكتب من أمراء الأندلس، وقد
أوفـد شــاعـره «عـبــاس بن نـاصح» إلى المشرق يبحث له عن كتب،
فـجمـع منهـا طـائفـة كبيرة كـانت نواة مكتبـة قرطبـة العظيمـة، ومن
الشخصيات التى أحاطت به:
- على بن نافع:
المـوسـيقـى المعروف بـلقب #زريـاب# (الطـائر الأسود)، وكـان قد غـادر
بـغداد إلى قـرطـبــة، فـاستقبـله «عبدالرحمن الأوسط» بكـل حفـاوة،
وعــاونه عـلى إظهـار فنه، فـأنشـأ معهدًا لتعـليم الموسيقـى وابتكر
طـريـقــة لكـتــابـتهــا، وأنـشـأ فرقـة موسيقيـة تجمع بين العـازفين
والمـنشدين، واخترع وترًا خـامسًا أدخـل به تعديـلا عـلى العود، كمـا
أدخــل كـثيـرًا من مظـاهر الحيـاة المتحضرة فـى المجتمع الأندلسـى،
وتوفى فى (ربيع الأول 238ه= أغسطس 852م).
- عباس بن فرناس:
كــان مـن رجــال الحـكم الربـضــى وابـنه عبدالرحمن، وهو فيـلسوف
وريـاضى وشاعر وموسيقى وكيميائى، من أصل بربرى، توصل إلى
صنـاعة الزجاج من طحن الأحجار، واخترع آلة تسمى «الميقانة» تعتمد
عـلى الظل فى معرفة الوقت، واشتهر بأول محاولة يقوم بها الإنسان
للطـيران فــى الجو، كمـا اخترع شيئًا شبيهًا بقـلم الحبر، وقد أدركته
الوفاة فى عهد الأمير محمد بعد ذلك.
- يحيى بن الحكم الجيانى «الغزال»:
هو فيـلسوف شـاعر، من أصـل عربـى، ولد فى جيان بالأندلس، ولقب
بــالغـزال لأنــاقـته وجـمــال هـيئـته، كــان مـن النـدمـاء المقربين من
عبدالرحمن الأوسط، فـأعجب به وكـلفه بـالسفـارة عنه إلى إمبراطور
الدول #البـيزنـطيـة#، فقـام بمهمته خير قيـام، فشجع ذلك النجـاح الأمير
عبدالرحمن فبعث به إلى مـلك النورمـان فـى الدنيمـارك ليتبـاحث معه
فــى أمـر الصــلح بـين الدولتين. وتوفـى يحيـى الغزال سنـة (250ه=
864م).
المظاهر الحضارية فى عهد عبدالرحمن الأوسط:
ظـهرت آثــار الرخـاء وترف الحضـارة فـى عهد عبدالرحمن فيمـا بنـاه
النـاس من قصور جميـلة، تم تزيينهـا بـالأثـاث الفـاخر والفرش الوثيرة،
والجـوارى الحسـان اللاتـى جـلبن من المشرق، وانتشرت فـى قرطبـة
البـيوت المحـاطـة بـالحدائق المزدانـة بـالأشجـار وأطـلقوا عـليهـا اسم
«المنـى»، وتوسَّع بعض الأغنيـاء فـى الحدائق المحيطـة بهذه المنازل
حتى أصبحت رياضًا، أطلق عليها اسم «الجور»، وفى كل منها مكان
معد لغناء المغنيات.
وامتـاز عهد عبدالرحمن بـالأمن والسكينـة. وازدهار الصناعة والزراعة
والتجـارة، وازديـاد موارد الدولة التـى بـلغت نحو مـليون دينار سنويا
مـكنت الأمير من الإنفـاق عـلى الحمـلات العسكريـة وإقـامـة المنشـآت
العـامـة، كمـا أشرفت الحكومة المركزية على أعمال الحكام من خلال
ديوان المظـالم المختص بـالنظر فـى شكـاوى الناس من تصرفات بعض
رجال الحكومة.
ونـالت إقـامـة المبانى والمنشآت قسطًا عظيمًا من عناية «عبدالرحمن
الأوسـط»، فبنـى مسجد #إشبيـليـة# الجـامع، وزاد فـى المسجد الجـامع
بقرطبـة قدر بهوين كبيرين من ناحية القبلة، ونقل المحراب إلى الجزء
الجديد، وأقـام أعمدة أخرى، وأقواسًا فوق الأعمدة الأصلية، فكانت
الأقـواس المـزدوجــة التــى يـعدهــا المـعمــاريـون من روائع العمـارة
الإسـلامية، وكان صحن المسجد مكشوفًا يدور حوله سور، وتزرع فيه
أشجار النارنج، ولهذا سُمِّى بهو النارنج، وهو الآن صحن الكنيسة.
ولايزال مسجد قرطبـة الجـامع بـاقيًا حتى اليوم بكل عقوده الإسلامية
وأروقـته ومـحـاريبه، وقد تحوَّل إلى كـاتدرائيـة فـى القرن السـادس
عشر الميـلادى، وأقـام المسيحيون هيـاكـلهم فـى عقوده الجـانبيـة،
وبنوا مصـلى عـلى شكـل صـليب فـى وسطه، وأزالوا كثيرًا من قباب
المسجد وزخـارفه الإسـلاميـة، وجعلوا مكانها زخارف نصرانية، وعلى
الرغم من ذلك فإن آيات القرآن الكريم، والنقوش الإسلامية لاتزال تزين
محاريبه الفخمة وأبوابه.
تجديد الشعر الأندلسى:
بـدأت طــلائـع الشـعر الشـعبــى الأنـدلســى فــى الظـهور فــى عهد
عبدالرحمن الأوسط، وهو شعر يصـاغ بعـاميـة الأندلس التـى هى خليط
من العربيـة والبربرية وغيرهما مع الالتزام بأوزان بحور الشعر العربى
وبخـاصـة بحرا الرمـل والرجز، وهو مـا عرف باسم «الزجل» وقد وصل
هذا الفن إلى أوج رقيه بعد ذلك فـى زمن مـلوك الطوائف على يد ابن
قزمان وغيره.
وقـد بـرز مـن الشـعراء فــى هـذا العصر «ابن عبدربه»، صـاحب العقد
الفريد، ومؤمن بن سعيد، والشاعر الضرير أبو بكر بن هذيل.
الأمــير #مـحمـد بـن عـبدالرحـمن الأوسـط# [238 - 273هــ = 852 - 886م]
رشَّحه أبوه لولايـة العهد، لأنه رأى أنه أصـلح من يتولى المـلك، وإن
لم يكن أكبر أبنـائه، وقد وصفه المـؤرخون بـالاتزان والذكـاء والعقل
وهدوء الأعصاب.
تـولى الأمـير «مـحمـد» الحـكم فــى (4مـن ربيع الآخر 238هـ = 24 من
سـبتـمبـر 852م)، وقدر له أن يقضـى فترة حكمه فـى إخمـاد الثورات
ومواجهـة أعداء دولته من النصارى، فخرج فى (المحرم سنة 240هـ =
يونيو 854م) عـلى رأس جيشه إلى «طـليطـلة» لمواجهـة الثائرين فيها
مـن المـولديـن والنـصــارى الذيـن اسـتعــانـوا بمـلكـى «ليون» ونبرة
«نــافـارة»، وقد سـار الأمير ببعض قواته، وترك بقيـة جيشه متخفيـة
وراء تــلال «وادى سـليط»، فـاغترت قوات طـليطـلة بقـلة قوات الأمير
فخرجت لقتـاله، وتظـاهر الأمير بـالهزيمـة، وارتد إلى الخـلف، وعندئذ
بـرزت بـقيــة قـوات المـســلمـين، وأطبقت عـلى الثوار وحـلفـائهم من
النصـارى ومزقتهم تمزيقًا، وقتـل منهم مـا بين أحد عشر إلى عشرين
ألفًا، بينهم كثير من القساوسة.
وعــلى الرغـم مـن ذلك فـقد اسـتمـرت الفـتنـة فـى طـليطـلة، وواصـل
النـصــارى تـحريـضهـم زاعـميـن أنـهم يـتعـرضـون لاضـطهــاد ديـنـى
واجتمـاعى، فاضطر الأمير «محمد» إلى أن يخرج إلى «طليطلة» سنة
(244هـ = 858م) بعد أن أرسـل حمـلتين قبـل ذلك لم تنجحا فى إخماد
الفـتنـة، فحـاصر المدينـة، ولجـأ إلى الحيـلة فـى تحقيق النصر، فهدم
قواعد القنطرة الكبيرة مع تركهـا قـائمة، فلما احتشد الثائرون لقتاله
سقطت بهم القنطرة فـى نهر تـاجـة وغرق منهم عدد كبير، ثم استخدم
كـل إمكـانـاته فـى سحق المدينـة حتـى استسلم أهلها وطلبوا الأمان
والصــلح سنـة (245هـ = 859م)، ثم حـاكم الأمير كثيرًا من القسـاوسـة
مشعلى الفتنة ونالوا جزاءهم، وخبت جذوة التعصب.
ويجدر بالذكر أن «طليطلة» تعد من أمنع مدن العصور الوسطى بسبب
مـوقـعهــا عـلى المنحدر الصخرى من نهر تـاجـة، وإحـاطـة النهر بهذا
المنحدر، ثم لما فيها من حصون قوية وأسوار عالية ضخمة.
ولم تـكن «طـليطـلة» هـى المدينـة الثـائرة وحدهـا، فقد قـامت ثورات
أخرى فـى شمـال غربـى الأندلس فـى المناطق الجبلية هناك، وكانت
«مـاردة» الواقعـة فـى النواحى الغربية المعروفة الآن باسم البرتغال
المـوطن الرئيسـى للمتمردين المولدين بزعـامـة «عبدالرحمن بن مروان
الجــليـقــى» فـخرج إليهـا الأمير محمد سنـة (254 هـ = 868م)، وداهم
«ماردة» وهدم أسوارها وحصونها، فاضطر الثوار إلى طلب الأمان.
ثـم تـجددت الثـورة بـعد ذلك بــأعـوام فــى «مــاردة» و«بـطـليوس»،
واستولى الثوار عـلى بعض القلاع وتحصنوا بها وكثرت جموعهم، ولم
تـفــلح حمـلات الأمير محمد فـى إخمـاد الفتنـة والقضـاء عـلى الثورة،
وانتهـى الأمر بقبول شروط زعيم الثـائرين عبدالرحمن الجـليقـى، بأن
يستقـل بحكم بطـليوس، ويعفـى من الفروض والمغارم، وأن يكون من
حلفاء الإمارة.
ولم تشغل تلك الثورات المتتابعة الأمير محمد عن أمر الجهاد، فتتابعت
حمـلاته العسكريـة إلى «ألبـة» و«القـلاع» وهزمت النصارى فى عدة
مـواقـع، كـمــا اتـجهـت إلى «نـبرة» سـنـة (246هـ = 860م)، وقـامت
بتخريب بنبـلونـة وحصونهـا وقراها لمدة أسابيع أسر خلالها ابن ملك
«نبرة»، وكـان ملك «نبرة» قد تحالف مع ملك «ليون» وقاما بمهاجمة
الأراضى الإسلامية.
وكــان يـمكن للأمير «محمد» أن يحقق نتـائج أفضـل فـى جهـاده مع
النصـارى لولا كثرة الثـائرين عليه، واتساع أراضى البلاد ووعورتها،
مـع قــلة العـرب بــالمـقــارنـة إلى المستعربين والمولدين الذين كثرت
ثوراتهم وقوى ميلهم إلى الاستقلال.
وكــان عــلى الأمـير «مـحمـد» أن يـواجه خطر النورمـان الذين عـادوا
للهجوم عـلى الأندلس من جديد، فجـاءوا بسفنهم إلى «جـليقيـة» فـى
(62) سفينـة عـاثت فسادًا فى الشاطئ الغربى، لكن السفن الأندلسية
كـانت متـأهبـة لهـا هذه المرة فطـاردتها، فاتجهت نحو مدينة صغيرة
تسمـى «باجة» تقع فى #البرتغال# اليوم، لكن المسلمين هزموهم هناك
واسـتولوا عـلى بعض سفنهم، فـاتجهت بـاقـى السفن نحو الشواطئ
الجـنوبـيــة عـند مـصب الوادى الكـبيـر، ثـم انـحدرت جـنوبًا نحو ميـاه
الجزيرة الخضراء، وقد اتجهت وحدات الأسطول الإسلامى ناحية الغرب
وتـمت تـعبـئـة القوات وتجهيز السفن بـالنفط والرمـاة، وحدثت معـارك
بريـة وبحريـة عند «شذونـة» انتصر فيهـا المسـلمون أولا، لكن السفن
النورمـانيـة عـادت وتغـلبت ثم توجهت جهة #الجزيرة الخضراء# وأحرقوا
مسجدهـا الجامع وأفسدوا ونهبوا، ثم قصدت بعض سفنهم نحو عدوة
المـغرب ونـزلوا شـاطئ الأندلس الجنوبـى، وجرت هنـاك معـارك بريـة
وبـحريــة اسـتمـرت أشـهرًا، فـقد النـورمــان فـيهـا كثيرًا من سفنهم،
فــاتـجهوا نحو شواطئ أسبـانيـا الشرقيـة، وعبرت وحدات منهم نهر
«ابرو» إلى «نـافـار»، فـى حين أغـارت وحدات أخرى عـلى الجزائر
الشرقيـة وشواطئ «بروفـانس» ومن هنـاك عبروا مصب نهر «الرون»
عائدين إلى بلادهم.
وهـكذا لم يسـلم من تخريب هـؤلاء؛ لا الأندلس الإسـلاميـة ولا إسبـانيـا
النـصرانيـة، ولكن غزوتهم هذه المرة لم تكن مفـاجئـة ولم يتمكنوا من
القيام بعمل كبير، ولم يكن تأثير عملياتهم واسعًا كما حدث فى المرة
الأولى، وعــلى كــل حـال فتـلك آخر محـاولة قـام بهـا النورمـان ضد
الأندلس، وانتهـى خطرهم نهـائيا، فلم نعد نسمع بهم بعد سنة (245هـ
= 859م).
ثورة عمر بن حفصون:
وهو من أصـل إسبـانـى قوطى، ظهر فى جبل «ببشتر» ضمن سلسلة
الجبـال بين «رندة» و«مـالقـة» التـى تعد مـأوى العصـاة والخـارجين
على القانون.
وقد قـامت ثورة ابن حفصون فى ولاية «رية» بمحافظة «مالقة» الآن،
وقـد التـف حـوله جـمـاعـة من المفسدين ونزلوا جميعًا بجبـل «ببشتر»
شمال شرقى «رندة».
ويرجع السبب المباشر للثورة إلى إصرار الحكومة المركزية على بسط
سـلطـانهـا الكـامـل عـلى النواحـى كافة. وعنف الوالى مع المواطنين
وإرهـاقهم وتشدده فـى جباية الأموال ومطالبتهم بالعشور المتأخرة،
كـل ذلك دون أن ينـال سكـان هذه المنـاطق الجبـليـة شيئًا من عنـاية
الحكومة المركزية، مما شحنهم بالغضب وجعلهم مهيئين للثورة.
وقد بدأ هـؤلاء تمردهم وعدم استجـابتهم لواليهم عام (265ه= 878م)،
واعتصموا فـى جبـالهم، وحـاول الأمير «محمد» إخماد حركتهم بالقوة
فـلم يصـل إلى مـا يريد، وفـى العـام التالى أرسلت صائفة إلى كورة
«ريـة» اشتدت فـى التعامل مع الثائرين وبقيت مع ذلك حركة العصيان
وعمت الإقليم كله وانتشرت الفوضى هنا وهناك.
فـى وسط هذه الظروف ظهر «عمر بن حفصون»، ونـاب عن الناس فى
تقديم مطـالبهم للحكومة المركزية، لكنه لم يصل إلى شىء. وبدأ يُغِير
عــلى أطـراف الإقـليم وينهب ويخرب؛ ثم يعود إلى الاعتصـام بجبـل «
ببشتر»، وقد سـارع عـامـل «رية» إلى التوجه إليه لكنه تعرض للهزيمة
عـلى يدى «ابن حفصون»، فسـاعد هذا عـلى تقويـة مركزه والتفـاف
العصـاة والمفسدين والأشرار حوله، وتولى عـلى الإقـليم عامل جديد،
اتـجه إلى مـحــاربــة ابن حفصون الذى اعتصم بحصونه وانتهـى الأمر
بهدنة بين الفريقين.
وقـد رأى الأمـير مـحمد ضرورة حسم ثورة ابن حفصون هذه فـأرسـل
إليه جيشًا كبيرًا على رأسه الوزير «هاشم بن عبدالعزيز»، الذى شدد
حـصــاره عــلى «ابـن حفصون»، حتـى حمـله ومن معه عـلى التسـليم
وحـمــلهم جميعًا إلى قرطبـة؛ حيث عفـا الأمير «محمد» عن ذلك الثـائر
وضمه إلى ضباطه لما لمسه فيه من شجاعة وفروسية.
اشترك «ابن حفصون» فـى الحملات العسكرية التى قادها «المنذر بن
محمد» إلى الشمـال، لكن الرجـل كـان بطبعه ميـالا إلى التمرد والعمل
لحـسـابه الخـاص؛ لذلك فرَّ هـاربًا من جيش الإمـارة، وعـاد مرة أخرى
إلى الاعـتصــام بـجبـال «ريـة» وضم إليه كثيرًا من العصـاة واستـأنف
ثورته مرة أخرى سنة (271هـ = 884م)، ونشر الرعب فى المنطقة.
وفــى صـيف (273هـ = 886م) قـاد «المنذر بن محمد» جيشًا توجه إلى
«ابن حفصون» لمقـاتـلته، وبدأ بـالزحف عـلى مدينة «الحامة» شمالى
شرقـى «مـالقـة» حيث يوجد واحد من حـلفاء «ابن حفصون» وقد سار
الأخير لنجدة حليفه، وحاصرهما «المنذر» مدة شهرين ثم خرجا لمقاتلة
جند الإمـارة عندمـا أوشكت أقواتهما على النفاد، وبعد معركة عنيفة
هزم الثوار، وارتد «ابن حفصون» إلى «الحـامـة» واعتصم بها، وبينما
«المنذر» يحـاصره ويشتد عـليه تلقى نبأ وفاة والده فترك «الحامة»،
وعــاد إلى قرطبـة فـى (29 صفر 273هـ =26 أغسطس 886م)، وبذلك
تـنفـس «ابـن حـفصـون» الصـعداء، واستـأنف غـاراته وفسـاده ونشر
سلطانه على «رية» و«رندة» و«أستجة» وغيرها.
سياسة الأمير محمد:
عُنـى الأمير محمد بـالجيش بسبب الظروف التـى عـاشتهـا الإمـارة فى
زمنه، وكـان حريصًا عـلى فرض أعداد من الفرسـان عـلى كـل نـاحية
أنـدلسـيــة تـحشـد دائمًا للصوائف، وهـؤلاء كـانوا يسمون «الفرسـان
المستقرين» يضـاف إليهم حشود المستنفرة والمتطوعة، مما يدل على
ضخامة الجيش الذى كانت الإمارة تستطيع تعبئته.
كمـا عنى بالأسطول لحماية الشواطئ الغربية من ناحية، وغزو مملكة
«جــليـقيـة» من نـاحيـة أخرى، واهتم بتحصين أطراف الثغور، وأقـام
قـلاعًا منيعـة؛ لحمـايـة مدينـة «سالم» و«طليطلة»، وبنى حصونًا فى
«طلمنكة» و«مجريط» بمنطقة وادى الحجارة.
أمــا مـن نــاحـيــة سـيــاسته الخـارجيـة فقد جمعته مع أمراء المغرب
المعـاصرين عـلاقـة صداقـة متينـة خـاصـة «بنى رستم» فى «تيهرت»
و«بنـى مدرار» فـى «سجـلماسة»، وكان يشاورهم فى أموره ويهتم
بـأخبـارهم ويستنصحهم، وتتردد الكتب والرسـل بينه وبين هذه الدول
بهدف متـابعـة أخبـار «بنـى العبـاس» وأعمـالهم فـى إفريقيـة وبـلاد
الشـام. كذلك قـامت عـلاقـة صداقة بين الأمير «محمد» وملك «فرنسا»
وتبادلا الرسائل والهدايا.
أمـا من النـاحيـة المالية فقد خفَّف الضرائب على المواطنين رغم حاجته
إلى المــال للإنـفـاق عـلى الجهـاد والقضـاء عـلى الثورات المستمرة،
وكـان يكتفـى من أهـل «قرطبـة» بجهـادهم ولايكـلفهم أعباء مالية،
وكـان الأمير «محمد» بـارعًا فـى مراجعـة الحسـابـات وموازنـة الدخل
والخـرج، وقـد سـاعده هذا الضبط للأمور المـاليـة عـلى مواجهـة بعض
المحن الطبيعية التى تعرضت لها الإمارة فى زمنه.


@الدولة الأمـــــــــــويــــــــــــــــــــــــــــة بــــــــــــــــــالأنـــــــدلس 200935553


عدل سابقا من قبل المدير في الأحد يناير 06, 2013 2:19 pm عدل 1 مرات
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
المدير
AMINE PàTCHIKà
AMINE PàTCHIKà
المدير


الجنس : ذكر
الابراج الدلو
تاريخ الميلاد تاريخ الميلاد : 25/01/1988
العمر : 36

المدير العام
منتديات أمين عبلة الحب :

@الدولة الأمـــــــــــويــــــــــــــــــــــــــــة بــــــــــــــــــالأنـــــــدلس Empty
مُساهمةموضوع: رد: @الدولة الأمـــــــــــويــــــــــــــــــــــــــــة بــــــــــــــــــالأنـــــــدلس   @الدولة الأمـــــــــــويــــــــــــــــــــــــــــة بــــــــــــــــــالأنـــــــدلس Emptyالأحد يناير 06, 2013 2:17 pm

@الدولة الأمـــــــــــويــــــــــــــــــــــــــــة بــــــــــــــــــالأنـــــــدلس 500092465

@الدولة الأمـــــــــــويــــــــــــــــــــــــــــة بــــــــــــــــــالأنـــــــدلس 500092465

وواصـل «ابن حفصون» غـاراته فـى اتجـاه الشمـال حتـى وصـل إلى
ضـواحـى «قرطبـة» بـل حـاول إحراق مخيم الأمير نفسه فـى ضـاحيـة
«شقندة» القريبـة من العـاصمة، وأصر الأمير على الخروج إليه وحشد
كـل مـااستطـاع حشده من قوات، وذهب فى اتجاه حصن فى الجنوب
الشرقى من قرطبة يُسمى «حصن بلاى» كان «ابن حفصون» قد حشد
فـيه قواته، والتقـى الفريقـان عـلى فرع من فروع نهر الوادى الكبير
قـريـب مـن الحـصن الذى يـعتـصم بـه «ابـن حـفصون»، ونجح فرسـان
الأندلس فـى إلحاق هزيمة بالجناح الأيمن لابن حفصون ومزقوا قواته؛
فـركـب الرعب قـلوب بقيـة الثـائرين، وفروا هـاربين والخيـل تتبعهم،
وقُتِل كـثيـر مـنهم وفرَّ «ابن حفصون» إلى الجبـال الجنوبيـة بمن معه
واسـتولى الأمـير «عـبدالله» عــلى حـصنـه، ورغم أن ابن حفصون قد
أُصـيب فــى المـعركــة فــإن الأمـير آثر ألا يطـارده، واتجه غربًا نحو
«أستجـة» التى كانت تناصره، وحاصرها حتى استسلمت ثم سار إلى
«بـبشـتر» فــلم يخرج زعيم الثوار لمواجهته وجبن عن لقـائه، وأثنـاء
ارتـداد جـيش الأنـدلس راجعًا اشتبك ابن حفصون مع مـؤخرته لكنه هزم
فى ربيع عام (278هـ = 891م).
وعلى الرغم من أن ثورة «ابن حفصون» لم تنته تمامًا فإنها قد وهنت
وأصبح الطريق ممهدًا للقضاء عليها.
وقد شهدت المنـاطق الجنوبيـة شرقـى الأندلس ثورة القبـائـل العربية،
فقد رأت أن حكومـة قرطبـة تـؤثر الموالى، وأن فـى ذلك مهـانة لها؛
فـاستغـلت اشتعـال فتنـة المولدين فـى الجنوب والثغر الأعلى فقامت
بـثورتهـا فـى الجنوب متخذة من كورة البيرة «غرنـاطـة» مركزًا لهـا،
وتـزعـم الثـورة «يـحيــى بن صقـالة القيسـى» عـام (275هـ = 888م)،
والتف العرب حوله وقام بمطاردة المولدين والنصارى، ولكنه قتل فى
مـوقـعــة مـعهـم فخـلفه «سوار بن حمدون القيسـى»، وكـان شجـاعًا
نــاصـره قـومـه، ولذلك نـجح فــى انـتزاع مـعظـم حـصون النـصــارى
والمولدين، ووصـل نفوذه إلى قـلعـة ربـاح، ومنهـا زحف إلى البيرة،
حـيث دارت معركـة تسمـى «معركـة المدينـة» بينه وبين جند الإمـارة،
انـهزم فيهـا والى البيرة ووقع فـى الأسر، وقتـل كثير من رجـاله، ثم
أطلق سراحه؛ فانضم إلى «ابن حفصون» وتحالف معه.
أمـا «سوار» فقد قوى أمره وتضـاعف مـؤيدوه، وتوجه نحو غرنـاطة
حـيث دارت مـعــارك بـينـه وبـين المـولديـن، وتـمكـن مـن هزيمـة «ابن
حفصون»، ولكن خصوم «سوار» دبروا له من قتـله فـى كمين فـلم تدم
رئــاسـته للعـرب إلا نـحو عــام، وخــلفه سعيد بن سـليمـان بن جودى
السـعدى زعـيم #هـوازن#، وكــان معروفًا أيضًا بـالفروسيـة والخطـابـة
والشعر، ونجح بفضـل التفـاف القبـائـل حوله من إلحـاق الهزيمـة بابن
حـفصـون مـرارًا، ورأى الأمـير «عـبدالله» أن العـرب يـسيطرون عـلى
البيرة فعين سعيداً واليًا عـليهـا وبقى بها عدة أعوام ثم انتهى أمره
مقتولاً.
وآلت رئـاسـة العرب لمحمد بن أضحـى الهمذانـى صـاحب حصن الحامة
(الحـمــة)، وأقـر الأمـير اخـتيــاره، وتـجددت المعـارك بينه وبين «ابن
حفصون» ولم تسفر عن نتيجـة حـاسمـة، واستمر «محمد» رئيسًا على
المنطقـة حتـى تمكن «عبدالرحمن الناصر» فيما بعد من الاستيلاء على
حصن الحامة وغيره من المناطق الثائرة.
وقـد اتـسع نـطـاق الثورة بين المولدين والعرب فثـار فـى «بطـليوس»
وغـربـى الأندلس عدد من زعمـاء المولدين، وقـامت ثورات أخرى فـى
عدد من المواقع شرقـى الأندلس، واستمر بعض الزعمـاء عـلى تمردهم
واستقلالهم حتى عهد الناصر.
أمـا إشبيـلية فكانت مسرحًا لفتنة طال أمدها، ويرجع ذلك إلى طبيعة
سـكـانهـا الذين كـانوا مزيجًا من العرب والمولدين والنصـارى، وكـان
سـكـانهـا العرب من أصحـاب الثروات والنفوذ وقد جرى لهـا مـا جرى
لغيرهـا، فظهر فيهـا ثـائرون متطـلعون للزعامة من أمثال بنى عبدة،
وبنـى حجـاج، وبنـى خـلدون، وإلى جـانب هؤلاء وجد بعض المولدين
الأغـنيــاء وكــان التـنــافـس بـينـهم وبين العرب شديدًا أدى ذلك إلى
فوضى واضطراب فى المجتمع.
ولم تـشغــل الثورات فـى «إشبيـليـة» و«بـاجـة» و«البيرة» و«تدمير»
وغـيرهــا حكومـة قرطبـة عن العمـل للقضـاء عـلى المولدين وزعيمهم
«عمر بن حفصون» فـى الجنوب، ولم يمض عـامـان عـلى هزيمته فـى
«بــلاى» حـتــى أعــاد تـنظيم قواته، فـأخذت الإمـارة توالى إرسـال
الحـمــلات عــليـه فـســار إليـه «المطرف ابن الأمير عبدالله» فـى سنـة
(281ه= 894م) وحـاصره فـى «ببشتر» وخرج الثائر للقتال، فانهزمت
قواته، وقتل أشجع قواده.
ومـا إن عـاد جيش الأمير إلى قرطبـة حتـى جمع ابن حفصون مجموعـة
وتـوجـه نحو «أستجه» فـى الجنوب الغربـى من العـاصمـة، واستولى
عليها ثانية عام (284ه= 897م) فتوجه المطرف لقتاله فى العام التالى
واخترق الجزيرة الخضراء، وقـام بـالهجوم عـلى بعض الحصون ووصل
إلى «ببشتر»، وقامت بعض المعارك التى لم تسفر عن شىء.
وفـى عـام (286هـ = 899م) أعـلن «ابن حفصون» اعتنـاقه النصرانيـة
وتسمـى بـاسم «صمويـل»، وكـان هذا بدايـة نهـايته، فقد تخـلى عنه
بعض جنده وقواده وظـلوا معتصمين فـى حصونهم، وأرسـلوا يعلنون
ولاءهـم للأمـير عـبدالله واسـتعدادهم للجهـاد معه ضد «ابن حفصون»،
وحـاول «ابن حفصون» من جـانبه تقويـة مركزه فعقد تحـالفًا مع مـلك
ليون، وبعض أمراء غربى الأندلس.
وعــادت الحرب من جديد بين «ابن حفصون» يعـاونه أمير «إشبيـليـة»
وبين جند الإمـارة، وكـان اللقـاء الأول عند «استجـة» وانتهى بهزيمة
«ابن حفصون» هزيمـة منكرة عام (289هـ = 902م)، وتخلى عنه حليفه
«إبراهيم بن حجـاج» وعاد إلى طاعة الأمير، وتوالت حملات الأمير بعد
ذلك ووصـــل إلى حـصون «ابـن حـفصـون» ومـعقــله فــى «بـبشـتر»
وطــاردتـه، وقـد حـطمـت قوى هذا الثـائر وأنهكته وأضعفت قواه إلا
أنها لم تصل إلى القضاء عليه تمامًا.
ويجدر بـالذكر أن سـلطـة الأمير الأندلسى لم تنكمش كما انكمشت فى
عهد الأمير «عبدالله»، فـلم تتجـاوز سيطرته أحيـانًا قرطبة وضواحيها
وقـضــى خـمســة وعشرين عـامًا هـى مدة حكمه فـى كفـاح وصراع
دائـميـن بـهدف حمـايـة الدولة والحكم الأموى من الانهيـار، وقد نجحت
جـهوده فــى تـفرقــة الثـوار والسيطرة عـلى بعض القواعد والحصون
المـهمــة، وفــى اسـتمـالة بعض الزعمـاء من ذوى النفوذ، وكـان ذلك
معاونًا للأمير عبدالرحمن الناصر فيما تحقق من نتائج فيما بعض.
ولايـنبـغــى هنـا نسيـان الجهد الذى قـام به بعض القـادة العسكريين
المـوهـوبـين فـى تحقيق النجـاح للأمير «عبدالله» ويـأتـى عـلى رأس
هـؤلاء «بنو عبدة» موالى «بنـى أميـة» ومنهم: «أبو العباس أحمد بن
أبـى عبدة» الذى قضى من عمره ثلاثين سنة يجاهد فى سبيل وحدة
الأنـدلس، وكـذلك ابن أخيه «عبيدالله محمد بن أبـى عبدة» الذى حقق
انتصـارًا رائعًا عـلى «ابن حفصون» فى حصن «بلاى»، والقائد «جعد
بن عبدالغـافر» الذى أسهم كثيرًا فـى إضعـاف قوى «ابن حفصون»،
وكذلك الزعيم البربرى «سليمان بن دانوس».
ومن الطبيعـى فـى ظـل هذه الفتن الدائمـة ألا يتمكن الأمير «عبدالله»
مـن القـيــام بغـارات ضد النصـارى بسبب انشغـاله بمحـاربـة الثـائرين
والمتمردين، ولم يقم النصـارى من جـانبهم بـأيـة محـاولة ضد الأراضى
الإسلامية غير أن ملك ليون (جليقية) حاول إشعال الفتنة بين المسلمين
وتشجيع الثوار وعـلى رأسهم «ابن حفصون» عـلى العمل ضد حكومة
قرطبة.
ومن الحوادث البـارزة فى زمن الأمير «عبدالله» فتح جزر «البليار» أو
الجـزائـر الشـرقـيــة، ومن المعروف أن «عبدالرحمن الأوسط» كـان قد
أرسـل حمـلة إلى «ميورقـة» فـلمـا كانت سنة (290هـ = 903م) سارت
إليهـا قوة بحريـة من المجـاهدين يقودهـا «عصام الخولانى»، وقامت
بمحـاصرتهـا حتـى تم فتحهـا، وتولى القائد إمارتها، ومنذ ذلك الحين
وهى جزء من الدولة الإسلامية.
وكــان مـن الطـبيـعــى أيـضًا ألا يـتسـع عـهد الأمير «عبدالله» للأمور
الإنشائية ولايذكر له فى هذا المجال إلا «الساباط» #الموصل# بين القصر
والمـسجـد الجـامع وهو ممر مسقوف مبنـى فوق عقد كبير يفضـى من
القصر إلى الجامع ويتصل به قريبًا من المحراب.
كــان الأمـير «عـبدالله» عــالمًا أديبًا شـاعرًا فصيحًا يتصف بـالتواضع
والجود والبر بـالفقراء، حريصًا عـلى رفع الظـلم والتخفيف من معـاناة
الشـعب، وقـد خـصص يـومًا مـن كـل أسبوع للفقراء، كمـا أقـام بـابًا
حديديـا أسمـاه «بـاب العدل» تقدم عنده الشكاوى والتظلمات، وكان
صـارمًا عنيفًا مع الطغـاة، فشـاع العدل فـى زمنه، وقد آثر الاحتشـام
والتقشف فى حياته الخاصة.
وقد تولى الحجـابـة له «عبدالرحمن بن أمية بن شهيد»، ثم «سعيد بن
محمد بن السـليم» ثم عزله ولم يولِّ أحدًا، واكتفـى بالوزراء والكتاب،
وبرز من بينهم بدر الخصى الصقلبى. وقد اعتمد - بالإضافة إلى العرب
والبـربـر - عــلى المـوالى والفـتيــان، وقـدَّم الموالى الشـاميين عـلى
البلدانيين كما فعل أبوه.
وقد جرى حـادث مـؤسف داخـل الأسرة الأمويـة يتمثـل فـى قتل الأمير
«عـبدالله» لولده «مـحمد» لاتهـامه بـالتواطـؤ مع الثوار لكنه ندم عـلى
ذلك، وتـحول نـدمـه، إلى عـطفٍ وبـر بطفـل للقتيـل لم يكن قد تجـاوز
عـمره أسـابيع ثـلاثـة عند مقتـل أبيه فعنـى بتربيته وتعـليمه وجعـله
مـوضـع سـره، وشــاء الله أن يتولى هذا الطفـل أمر الأندلس بعد جده
ويصبح أعظم حكامها على الإطلاق.
وللأمير أشعـار جيدة خـاصـة فـى الغزل والزهد، وكان يقرب الشعراء
ويـؤثر مجـالسهم ومجـالس العـلمـاء، ويـأتـى على رأس شعرائه «ابن
عـبدربـه» وغـيره، و«بقـى ابن مخـلد» عـلى رأس الفقهـاء وأصحـاب
الرأى الذين كان الأمير عبدالله يستشيرهم ويستأنس برأيهم.
وقـد تـوفــى الأمـير «عـبدالله» فــى (أول ربـيع الأول سنـة 300هـ =
912م).
عـبد الرحـمن النـــاصـر(العـصر الذهـبــى لبـنــى أمـيــة فــى الأنـدلس
[ 300 - 350 هـ = 912 - 961 م ].
بدأ «عبدالرحمن» حكمه فـى (ربيع الأول سنة 300هـ = أكتوبر 912م)
بعد أن بـايعه الجميع بنفس راضية فى المجلس الكامل بقصر قرطبة مع
وجود كثير من أعمـامه، لكن «عبدالرحمن» اكتسب محبة الناس بحسن
أخــلاقـه وتـوسـطه بين الأمراء وأهـل الدولة وبين جده فنـال محبتهم
وولاءهـم، وكــان عــليه أن ينهض بمهمـة ثقيـلة، فقد تعرضت الإمـارة
للثورات من كـل ناحية حتى أصبحت لايحسد عليها صاحبها، ولعل هذا
أحـد الأسـبــاب التــى جـعــلت أعـمــام «عـبدالرحـمن» يـنصرفون عن
منافسته، لشعورهم بعظم المسئولية التى تنتظر من يتولى الإمارة.
وقد أثبت هذا الشـاب أنه يمكن إعادة بناء دولة ضعف بنيانها بالخلق
المتين وحسن التدبير غير أنه لا ينبغـى نسيان فضل الأمير «عبدالله»،
فــلولا إصـراره عـلى تحطيم قوى الثـائرين - خـاصـة «ابن حفصون» -
ولولا تدبيره شئون الدولة بـالقليل من المال، ما استطاع «عبدالرحمن»
أن يـوحـد البـلاد وينهض بهـا، وكذلك لا ينبغـى نسيـان فضـل البيوت
العربيـة التـى وقفت إلى جـانب الإمـارة تعـاونهـا وتشترك معهـا فى
مواجهة المشاكل بأنواعها كافة.
عبدالرحمن والأوضاع الداخلية:
أدرك عـبدالرحـمن أنه لابد من مواجهـة الكفـاح ضده وعدم تمكينه من
تحقيق هدفه، فبدأ بـإرسـال جيش بعد أسـابيع قـليـلة من ولايته إلى
قـلعـة «ربـاح» شمـالى قرطبـة لمواجهـة ثـائر من زعماء البربر يدعى
«الفـتح بـن مـوســى بـن ذى النـون» وتـمكن من هزيمته، كمـا هزمت
الحمـلة نفسهـا بعض المتحـالفين معه، وكـان لهذا الانتصـار فـى مطلع
ولاية «عبدالرحمن» أثره فى إرهاب الثائرين.
ثـم أرســل «عـبدالرحـمن» جيشًا فـى (جمـادى الأولى سنـة 300هـ =
ديـسمبر 912م) أعـاد مدينـة «أستجـة» التـى كـان «ابن حفصون» قد
ضمهـا إليه، وقـام القائد بهدم أسوارها وهدم قنطرتها، وانقطع رجاء
أهــلهــا فــى القيـام بثورة، بعد ذلك جهز «عبدالرحمن» جيشًا ضخمًا
أنفق زمـانًا طويـلا فـى إعداده واختـار فرسانه بنفسه وزوده بكل ما
يـحتــاج إليـه، وخرج عـلى رأسه فـى (شعبـان سنـة 300هـ = مـارس
913م)، واتــجـه أولا إلى الجــنـوب الشـرقـــى حـيث انـضم إليـه أحـد
المخـلصين للإمـارة، ثم مضى فى طريق «جيان»، وأرسل بعض قواته
إلى مـالقـة، وأمَّنهـا، وهنـاك عسكر فـى قلب المنطقة التى ظن «ابن
حـفصون» أنهـا معقـله، وهنـا رغب عدد من الثـائرين فـى الاستسـلام
فـمنـحهم «عبدالرحمن» الأمـان، ثم استولى عـلى وادى أسن، وحصن
المنتـلون، وأسر عددًا من حـلفـاء «ابن حفصون» فى ولاية «غرناطة»
واستولى عـلى كـل مـا كـان بيده فى ولاية «جيان»، ثم واصل سيره
حـتــى وصـل إلى سـاحـل البحر، ومـازال عبدالرحمن يجول فـى تـلك
الأنحـاء ويستولى عـلى حصونهـا المهمـة واحدًا تلو الآخر حتى قضى
على عناصر الثورة بها وبلغ عدد هذه الحصون نحو سبعين حصنًا، ثم
عاد إلى قرطبة أيام عيد الأضحى بعد غياب دام نحو ثلاثة أشهر.
ثـم أرســل الأمـير حمـلة حـاصرت «إشبيـليـة» وهدمت أسوارهـا سنـة
(301هـ = 913م) وانتهت بذلك ثورة العرب والمولدين فى هذه القاعدة
المـهمــة التـى كـان «ابن حفصون» يتعـاون مع الثـائرين بهـا، ورأى
الأمـير أنـه إذا حرمه من هـؤلاء الحـلفـاء، فـإنه سيستسـلم من تـلقـاء
نفسه.
وفــى (شوال من عـام 301هـ = مـايو 914م)، سـار «عبدالرحمن» إلى
جبـال «رنده» التى بها المعقل الرئيسى لابن حفصون - وكان قد بسط
نـفوذه عــليـهــا ثـانيـة - واستولى الأمير عـلى عدد من الحصون فـى
الطريق؛ حيث بدأ بمحاصرة قلعة «طرش» - شرقى مالقة - ثم سار إلى
حـصون «ريــة» يـفتـحهــا الواحـد وراء الآخـر، والتقت قواته مع «ابن
حـفصـون» وتعرض الثـائر وحـلفـاؤه لهزيمـة مريرة اضطر إلى الارتداد
نـاحيـة الغرب، واستولى «عبدالرحمن» عـلى سفن كانت تحمل له زادًا
قــادمًا مـن #بــلاد المـغرب# ثـم تـوجـه إلى الجـزيـرة الخـضراء واقـتحـم
حصونهـا، ثم سـار منهـا إلى «شذونـة» ثم «قرمونـة» ورجع بعد ذلك
إلى «قرطبة» بعد أن ضيق الخناق على «ابن حفصون».
وقد ظن «ابن حفصون» أنه إذا ارتد إلى النصرانيـة، فـإن ذلك يكسبه
ولاء طـائفة المستعربين فى الأندلس، لكن هذا الارتداد أضره فانصرف
عنه كثير من المسـلمين والنصـارى، بل إن أبناءه أنفسهم - باستثناء
ولد له وبـنت - لم يـوافـقوا عــلى التنصر، واضطر ابن حفصون إلى أن
يـبعـث بـرسـالة إلى «عبدالرحمن النـاصر» يطـلب الصـلح والأمـان وقد
وافـق النــاصر عـلى الفكرة مع الحذر من مكر الثـائر وغدره، واتصـل
بأكابر أعوانه ومنحهم الأمان، وتمت كتابة شروط الصلح، وبمقتضاها
دخــل مـائـة واثنـان وستون حصنًا فـى طـاعـة النـاصر، وقد سُرَّ كـلا
الطرفين بهذا الصـلح، وتـلقى الناصر هدية قيمة من ابن حفصون بهذه
المناسبة وكافأه عنها بأضعافها.
وفــى شهر (ربيع الأول سنـة 306هـ = أغسطس 918م) مـات «عمر بن
حفصون» عن عمر ينـاهز اثنين وسبعين عـامًا بعد أن قـاد أكبر ثورة
قـام بهـا #المولدون# ضد الإدارة الأمويـة فى غرب الأندلس كله، وتنفست
الحكومـة الأمويـة بوفـاته الصعداء بعد أن كان شاغلها الشاغل طوال
ثلاثين عامًا.
وقـد ســار «عـبدالرحـمن» بـنفـسه إلى مـواطـن ثـورة «ابن حفصون»
وقضـى عـلى جيوب المقـاومـة بهـا وطهرهـا من آثـاره، وصـلى فـى
مسجدهـا الجـامع واستولى عـلى كل معاقلها وحصونها، وأعدم ابنة
لابن حفصون لإصرارها على الارتداد إلى النصرانية، وانتهى بذلك أمر
تلك الثورة العنيدة تمامًا.
وقد بـالغت المصـادر الأوربيـة فى تصوير «عمر بن حفصون»، وقدمته
عـلى أنه بطـل قومى رمى إلى غاية نبيلة، وهى تحرير وطنه من نير
المتغلبين عليه ورده إلى ديانته النصرانية.
والحقيقـة أن الرجل لم يكن أكثر من قاطع طريق وثائر عنيف ولم تكن
تدفعه أغراض قومية أو نبيلة، ولم تحمسه الشهامة أو العزة القومية،
بل إن كل ما قام به يتعارض مع الشرف والمروءة والشهامة.
أنـفق عـبدالرحـمن النــاصـر بعد ذلك أربع سنوات فـى القضـاء عـلى
حركات الثوار فى غربى الأندلس وجنوبها ولم يغفل لحظة عن مطاردة
العصـاة، فحـاصر «طـليطـلة» التى كانت معقلا للثوار مدة عامين حين
قام بالخروج فيها أحد زعماء المولدين حتى يئست واستسلمت وخرج
بنفسه فى أواخر (317هـ = 929م) متوجهًا ناحية الغرب وأنذر العصاة
وحـاصر «بطـليوس» وغيرها ومنع عنها كل مورد وضربها بشدة حتى
اضـطرت إلى التـســليـم، وفـعــل الشــىء نفسه فـى «بـاجـة» وفـى
«أكشونـة» قرب سـاحـل المحيط التـى أتـى الثـائر بهـا معتذرًا فقبـل
«الناصر» عذره.
وكمـا طـارد الناصر العصاة فى الغرب طاردهم أيضًا فى شرق البلاد،
فـبعـث وزيـره «ابـن بسيـل» لمقـاتـلة بنـى ذى النون، فقصد معقـلهم
«شـنت بـريـه» واقـتحـمه وقتـل رجـاله ولم يتركه إلا بعد أن خضع له،
وفـى سنـة (317هـ = 929م) افتتحت مدينـة «شـاطبـة» بعد أن ترددت
عــليـهــا الحـمـلات العسكريـة لمدة خمسـة أعوام، وبذلك أخمدت كـل
الثورات فـى أنحاء الأندلس كافة بعد أن بقيت نحو نصف قرن تستنفد
موارد البـلاد وتمنعهـا من الجهاد ضد عدوها المتربص بها فى إسبانيا
النصرانية.
علاقة الناصر مع ملوك قشتالة وبنبلونة:
تـعرضـت الحـدود الشـمــاليـة لقرطبـة لأخطـار جسيمـة قبـل أن يتولى
«عـبدالرحـمن النــاصر»، وفـى الأيـام الأولى للنـاصر تمكن «ألفونسو
الثـالث» مـلك «اشتوريـاس» من الاستيلاء على حصون «قلمرية» - فى
البـرتـغــال حـاليـا - كمـا سيطر عـلى حصون ليون واشترقـة وأمـايـة
وسمورة منتهزًا فرصة انشغال الأمير فى المشاكل والثورات الداخلية،
وقــام بـتسـكيـن أعـداد كبيرة من نصـارى الأندلس المستعربين الذين
هــاجروا إلى الشمـال واستقروا فـى الممـالك النصرانيـة، وعقب موت
«ألفـونـسو» الكبير هذا استولى خـليفته عـلى حصن «أرمـاج» -الذى
سـيكـون له شــأن فـى الصراع بين الإسـلام والنصرانيـة زمن النـاصر-
ومـعنـى ذلك أن ممـلكـة «اشتوريـاس» توسعت وتضـاعفت مسـاحتهـا
وأصبحت تسمـى مملكة ليون فى الأيام الأولى لحكم الناصر، بل تجرأ
بعض قواد النصارى ووصلوا إلى ضفاف نهر «الدويرو».
وقـد انـتهـز أمـراء بـنبــلونــة - عــاصمـة نبرة - وغيرهـا من الإمـارات
النصرانيـة الصغيرة الواقعـة جنوبـى جبـال «البرت» الفرصة، وتمكنوا
بمعـاونـة أصحـاب الثغر الأعلى الأندلسى من تهديد المعاقل الإسلامية
فـى «تطيـلة» وغيرهـا، ونجح ملك قشتالة الجديد فى مد حدود دولته
لتشمـل أراضى قشتالة الجديدة، التى كانت أراضى إسلامية بها عدد
قـليـل من المسـلمين فـى ذلك الوقت، كذلك أمكن لإمـارة «قطالونية»
التــى تـمكـن مــلوك الإفـرنـجــة مـن إنشـائهـا فـى عهد «عبدالرحمن
الداخل»، أن تتوسع أيضًا على حساب أراضى المسلمين.
وهكذا كـان عـلى عبدالرحمن النـاصر عند توليه أن يواجه موقفًا بالغ
الخطورة عـلى حدوده الشمـالية من ساحل البحر الأبيض المتوسط إلى
ساحل المحيط الأطلسى.
راميرو الثانى ملك ليون:
تولى «راميرو الثـانـى» الحكم فـى «ليون» فـى السنـة نفسهـا التـى
تـولى فـيهــا «النـاصر»، وكـان «راميرو الثـانـى» مـلكًا طموحًا دائب
الحركـة، ولهذا بدأ فـى العام الثانى لحكمه يهاجم أراضى المسلمين،
ووصــل إلى «يـابرة» - فـى البرتغـال الحـاليـة - عـلى رأس جيش بـلغ
تعداده ثـلاثين ألفًا وتصدى له عامل البلدة المسلم، ولكنه هُزِم وتمكن
النصـارى من دخول البـلد وارتكبوا مذبحـة ضد أهـلهـا وأسروا أربعـة
آلاف، فـيهـم عـدد من النسـاء والأطفـال، وقد خشـى عمـال البـلاد من
مهـاجمـة هذا المـلك لبـلادهم، فحصنوها وأحاطوها بالأسوار الحجرية
المتينـة، ومع ذلك استطـاع مـلك ليون مهـاجمـة مدينـة «ماردة» ونهب
أراضيهـا ودخـل بعض حصونهـا وقتـل فيهـا ألوف المسـلمين، وأنشأ
هناك كنيسة تسمى كنيسة القديسة «ماريا الليونية».
وكــان «عـبدالرحـمن» يــؤثـر فـى أول الأمر غض الطرف عن محـاربـة
النـصــارى إلى أن يـتمـكن مـن تـطهير الأندلس من الثـائرين، لكن هذا
التخريب والفسـاد والعبث من جـانبهم جعـل النـاصر يتخلى عن خطته،
فـبعـث بـجيـش قـوى سـنــة (304هـ = 916م) التقـى بجموع النصـارى
وهزمهم فـى عدة مواقع وعـاد محملا بالغنائم وفى العام التالى ضج
المسـلمون وطـلبوا من الأمير إنقـاذهم، فـأرسـل إليهم قوات يتزعمهـا
«أبو العبـاس أحمد بن محمد بن أبى عبدة» قائده الكبير، وقد استعد
له ملك النصارى وجهز أحسن مالديه من عدة وسلاح.
والتقـى الفريقـان بـالقرب من بـلدة «أرمـاج» وانهزم المسـلمون وقتل
قـائدهم وتتبع النصـارى فـلولهم لمسـافـات بعيدة، وكانت تلك نهاية
«أبــى العبـاس أحمد بن محمد بن أبـى عبدة» القـائد المغوار صـاحب
الفضـل فى المحافظة على بقاء الإمارة الأموية طوال فترة حكم الأمير
«عبدالله»، وقد قام ملك النصارى بتعليق رأس هذا القائد العظيم على
سور البلدة المذكورة وبجواره خنزير برى نكاية به.
هنـا أدرك «عبدالرحمن» أن الأمر جد خطير وبخـاصـة بعد تحـالف مـلك
ليون مع مـلك نبرة، وسـارت قواتهمـا معًا تريد الاستيـلاء عـلى مدينة
«طـلبيرة» غربـى «طـليطـلة» وفـى الوقت نفسه توجهت قوات تـابعة
لمـلك «نبرة» لمهـاجمـة أراضـى «بنـى قسـى» أصحـاب «طـليطـلة»،
وأحرقت الزروع وعـاثت فسـادًا، وأحرقت بعض المسـاجد، ولهذا أعد
عـبدالرحمن جيشًا ولَّى قيـادته حـاجبه «بدر بن أحمد» الذى احتشد له
النصـارى من كـل نـاحيـة، وتقدم المسـلمون كـالسيل إلى حدود ليون
وهـزمـوا النـصــارى هـزيمـة سـاحقـة فـى موقعتين، ومع ذلك استمر
النصارى يغيرون على الأراضى الإسلامية، وجرت حروب كانت سجالا.
صـمم عبدالرحمن عـلى أن يخرج بنفسه لمقـاتـلة النصـارى، فخرج من
قرطبـة فى (13 من المحرم سنة 308هـ = أوائل يونيو سنة 920م) فى
جـيش ضـخم، وانـضم إليـه كـثير من أهـل الثغور، وقد اخترق أراضـى
الثـغر الأوسـط مـن طــليـطــلة شـمــالا واتـجه إلى طريق ألبـة والقـلاع
«قـشتــالة»، ووصــل إلى «قــلونيـة» ونسف وخرب دون أن يعترضه
النصارى لأن ملكى ليون ونبرة كانا ينتظران بجموعهما فى الشمال.
وقـد عرج «عبدالرحمن» عـلى «تطيـلة» واستولى عـلى حصون مهمـة
بهـا، ثم عبر نهر «إبرة» حيث وجد المـلكين فـى كـامل قواتهما، وقد
أرادا استدراج النـاصر إلى شُعَب الجبال، لكنه نجح فى سحبهما إلى
السـهــل المـنبـسط وعـسكـر غـربــى «بـنبــلونــة» عند بـلدة تسمـى
«خونكيرا»، وعندمـا انحدر النصـارى من الجبل إلى السهل، أوسعهم
المـســلمـون قـتــلا وأسرًا وفتكوا بـالعديد من أسـاقفتهم وزعمـائهم
ومـزقـوهـم، ثـم هـدم عبدالرحمن حصونهم، وأصـلح حصون المسـلمين
بهذه النواحـى، وجرت هذه الموقعة فى (6من ربيع الأول سنة 308هـ
= 26 مـن يوليو سنـة 920م)، وقد استغرقت غزوة النـاصر هذه ثـلاثـة
أشهر، وكانت أول غزوة له ضد ملوك النصارى.
لم تـرتـدع قـوى النـصرانـيــة رغـم مــا تـعرضـوا له مـن هزائم وأخذوا
يـهــاجـمون الأراضـى الإسـلاميـة، واستولوا عـلى بعضهـا، لذلك خرج
«عـبدالرحـمن» إليـهم مـرة أخـرى فــى (المحرم سنـة 312هـ = 17 من
أبريـل 924م) وسـلك اتجـاه الشرق مخترقًا كورة تدمير فبـلنسيـة، ثم
دخل إلى طرطوشة فسرقسطة ثم تطيلة، ثم دخل أراضى «نبرة» حيث
استولى عـلى كثير من الحصون وهدمهـا، ثم قصد بعد ذلك بنبـلونـة -
عـاصمـة ممـلكـة نبرة - ودمرهـا وهزم مـلكهـا، وأنهـى مقاومته تمامًا
وفـى طريق عودته إلى «قرطبـة» عرج عـلى «موسى بن ذى النون»
وقبـل طـاعته وقد استغرقت هذه الغزوة أربعـة أشهر وعرفت بغزوة
«بنبلونة».
مـات مـلك ليون وحدثت مشـاكـل داخـليـة انتهت بتوليـة ملك جديد عمل
عـلى توسيع الفتنـة بين المسلمين، وكانت «طليطلة» آنئذٍ تقوم بثورة
معـارضـة، فقـام المـلك النصرانـى بتشجيع الثوار، وبدأ «عبدالرحمن»
من نـاحيه يرسـل العـلمـاء لحث الثوار عـلى الطـاعة، فلم يستجب أحد
مطمئنين إلى محـالفـة مـلك النصـارى لهم، لذلك اضطر النـاصر إلى أن
يخرج إلى الثـائرين فـى قوات ضخمة فى (ربيع الثانى سنة 318هـ =
مـايو 930م)، وبعد حصـار شديد غـادر عبدالرحمن المدينـة وترك عـلى
حصـارهـا بعض قواته، ثم عـاد إليها بعد عامين فسار ملك ليون لإنقاذ
«طــليـطــلة» واسـتولى فــى طـريـقه عـلى حصن #مجريط# (مدريد) لكن
المـســلمـين اسـتردوه، فـفر مــلك ليون واضطر أهـل «طـليطـلة» إلى
التسليم، وانتهت بذلك ثورة من أخطر الثورات التى واجهها الناصر.
وواصــل «عـبدالرحـمن» ضـربــاتـه فـى بـلاد الشمـال، ولم يجد مـلوك
النصـارى مفرا من طـلب الصـلح، وأصبحوا من أتبـاع الناصر، يخطبون
وده ويطلبون العلاج فى عاصمته.
ولكن مـلك ليون آلمه أن يخضع ملوك النصارى لأمير قرطبة، فحرضهم
عــلى حـربـه وجـمع جـيشًا كـبيـرًا يـواجـه بـه المـســلمين فـاستعد له
عـبدالرحـمن اسـتعـدادًا كبيرًا؛ خـاصـة وقد تمكن المـلك النصرانـى من
الاستيلاء على حصن مجريط وهدد طليطلة سنة (320هـ = 932م) وقصد
الجـيش النـصــارى عن طريق وادى الحجـارة، ثم سـار إلى سرقسطـة
وبعث بقوات إلى «تطيلة» و«طرطوشة»، وتحول إلى أراضى «نبرة»
ليـتـــلقـــى مـن مــلكـتهــا رســالة تـعبـر عـن رغـبتـهــا فــى الســلم
والمصـالحـة،فوافق الأمير وأقر ابنهـا ملكًا على بلاد «البشكنس»، ثم
سـار إلى أراضـى «ألبـة والقـلاع» وخرب ونسف وعـاث فـى أراضى
ليون، فـاجتمع له النصارى ودارت معركة عنيفة انتصر فيها المسلمون
ووصـل إلى مقربة من ليون، ثم ارتدت قواتهم شرقًا وأخذت تعيث فى
أراضـى قشتـالة وخربت عاصمتها «برغش» ثم عادت القوات الإسلامية
إلى قرطبة بعد أربعة أشهر.
وفـى سنـة (323هـ = 935م) خرج أسطول النـاصر فى أربعين سفينة
مـن ثـغر #ألمـريــة# إلى جـزيـرة مـيورقــة، ومنهـا إلى شواطئ الثغور
الفرنجية حيث حقق انتصارات كبيرة، وتوجه بعدها إلى برشلونة.
فـاجتمع الفرنج لمقـاتـلته، ودارت بينه وبينهم مجتمعين معركـة انتصر
فيهـا الأسطول الإسـلامـى، ثم رجع إلى طرطوشـة حيث صدرت الأوامر
للقـائد بـالتوجه إلى #سبتـة# وطنجـة للتعـامـل مع الثـائرين هناك، فظل
يتردد بين مراسـى العدوة المغربيـة حتـى شتاء العام التالى، ثم رجع
إلى #مرسية# فى (صفر سنة 324هـ = ديسمبر935م).
كـان «عبدالرحمن» قد عقد صلحًا مع ملك ليون بناءً على رغبته، لكن
النـصـارى من البشكنس تحركوا واحتـلوا بعض الحصون، وفـى الوقت
نـفسـه ظـهرت بـوادر فـتنــة خـطيـرة فــى سرقسطـة، لأن أصحـابهـا
التجيبيين لم يكونوا عـلى وفاق مع حكومة قرطبة، وما كانت تعجبهم
سـيـاسـة «عبدالرحمن» التـى تعمـل عـلى إخضـاع الزعمـاء المحـليين
بــالإضــافـة إلى أن وجودهم بين الممـالك النصرانيـة أعطـاهم فرصـة
التـآمر والخروج عـلى سـلطـان الحكومة المركزية، وقد رفض زعيمهم
بـالفعـل أن يشترك مع النـاصر فـى حمـلته الأخيرة ضد النصـارى، بل
وتحـالف مع مـلك ليون ضد المسـلمين، وانضم إليهما البشكنس، وبذلك
وقف الشمال كله متحالفًا ضد عبدالرحمن.
بعث النـاصر بعض القوات التـى تعـامـلت مع هؤلاء فى بعض المواقع،
وتـمكـنت حـاميـة مجريط - أهم قـلاع الثغر الأدنـى - من رد هجوم مـلك
«ليون» عـليهـا، ثم خرج عبدالرحمن بنفسه عـلى رأس جيش ضخم فى
(رجـب سنـة 325هـ = مـايو 937م) فسـار أولا إلى «طـليطـلة» لتـأمين
أهــلهـا وإرهـاب النصـارى، وسـلمت له «وشقـة» و«طـلبيرة» غربـى
«طليطلة».
بـعد ذلك تـوجـه النـاصر إلى الثغر الأعـلى عن طريق وادى الحجـارة،
وقصد قلعة أيوب التى يعتصم بها زعيم التجيبيين، وعرض عبدالرحمن
عـليه الطـاعـة فرفض، واضطر إلى أن يدخـل معه معركـة عنيفة انهزم
فيهـا الثـائر وطـلب الأمـان فوافق النـاصر عـلى تـأمينه، وكان سقوط
قلعة أيوب هذه أول صدع خطير فى ثورة بنى تجيب.
ثـم اتجه النـاصر إلى ألبـة والقـلاع ففتح من حصونهـا سبعـة وثـلاثين
حصنًا، ثم ذهب إلى بنبلونة - عاصمة نبرة - لتأديب الناكثين.
وأخيرًا قبـل اعتذار مـلكتهـا وتوجه إلى تطيـلة ومنهـا إلى سرقسطـة
وقــام بـبعض العمـليـات النـاجحـة برا وبحرًا ضد مـلك ليون وحـلفـائه،
واستمر يحـاصر سرقسطـة حتـى طـلب زعيم بنـى تجيب الصلح فوافق
النـاصر، وبذلك سقطت سرقسطـة وحصونهـا المهمـة فـى يد النـاصر،
وانـهــارت أخـطر ثـورة واجههـا النـاصر، وهـى ثورة التجيبيين الذين
كـانت بلادهم مركزًا يجمع القوى المعادية لخلافة قرطبة سواء أكانوا
من الثوار أم من زعماء النصارى.
ويـلاحظ أن النـاصر كـان حريصًا عـلى أن يعفو عن الثوار وأن يحسن
إليـهم ويـضمـهم إلى جـيشـه، وبـهذه السيـاسـة الرشيدة استطـاع أن
يستفيد من كل القوى المناوئة له عندما أحسن إليهم، وقد دخل الأمير
الأندلسى سرقسطة وأرسل منها ثلاثة جيوش توغلت فى أراضى ألبة
والقلاع وهزمت النصارى فى عدة مواقع، ثم عادت جميعًا إلى قرطبة
فـى (18 من ربيع الأول 326ه= أواخر ينـاير 938م) بعد ثمـانيـة أشهر
قضوهـا فـى العمـليـات النـاجحـة، وأراد النـاصر أن يكرم زعيم «بنى
تجيب» فرده إلى «سرقسطـة» وأعـاده إلى مكانه وولاه كل مناصبه
السابقة.
مزق «عبدالرحمن النـاصر» التحـالف النصرانـى الخطر وأخضع الشمال
الشرقـى كـله لسيطرته ولم يبق إلا مـلك ليون بـؤرة الفسـاد الحقيقـى
فى هذه المناطق، وقد تم تجهيز جيش ضخم بلغت قواته نحو مائة ألف
جـندى، وولى النــاصـر قيـادته «نجدة بن حسين الصقـلبـى»، وكـان
الصـقــالبــة قـد سـيطـروا فــى هذه الآونـة عـلى كـل منـاصب القصر
والقـيــادة، وقـد أثـر ذلك عـلى نفوس العرب وكـان سببًا فـى تدهور
قوى الجيش المعنوية.
وفـى صيف عـام (327هـ = 939م) سـار النـاصر وعبر نهر التـاجـة عند
طــليطـلة ثم عبر نهر «دويرة» متجهًا نحو قـلعـة «شنت مـانكش» حيث
كـان مـلك ليون قد عسكر مستعدا وحـالفه «أميـة بن إسحـاق» وملكة
نـبرة التــى نـقضـت عـهدهـا، وبذلك اتحدت قوى النصرانيـة من جديد
ووقفت صفا واحدًا فى مواجهة المسلمين.
وجرت بين الطرفين موقعـة تعد من كوارث التـاريخ الأندلسـى، عرفت
بموقعـة الخندق، وتفيض المصـادر الإسبانية فى وصف ما حدث، بينما
تقدمهـا الرواية الإسلامية فى صورة مقتضبة، وقد جرت وقائعها على
بـاب قـلعـة «شنت منكش» (سيمانقة) وكانت الحرب سجالا، ثم انكشف
المـســلمـون انـكشــافًا لم يسمع بمثـله وردهم العدو إلى خندق عميق
نـسبت الموقعـة إليه، وقد تسـاقط فيه المسـلمون حتـى امتـلأ بهم عن
آخره وانكشف النـاصر واستولى العدو على محلاته وما فيها من عدة
ومتاع وفقد مصحفه الشريف ودرعه.
وكــان للخـونــة وعـلى رأسهم «فرتون بن محمد الطويـل» أثره فـى
الهزيمـة، وقد أعدمه النـاصر جزاءً وفـاقًا لخيـانته، كمـا كـان لتوليـة
قـائد صقـلبـى أثره فى امتعاض العرب وتأثيره على روحهم المعنوية
أثـنــاء القـتـال، وقد قتـل ذلك القـائد فـى المعركـة، وأسر من كبـار
المسـلمين «محمد بن هـاشم التجيبـى» وبقـى فى أسر ملك ليون مدة
عامين حتى افتداه الناصر بمبلغ كبير.
وهذه خـاتمـة معـارك النـاصر الحربيـة، فلم يغز بعدها بنفسه واقتصر
تقليد شئون الثغر الأعلى على أكابر رجاله ممن ورثوا الصلابة والبأس
عــن الأجـداد، مـن أمـثـــال آل تـجيـب وآل ذى النـون وآل زروال وآل
الطويـل وآل رزين وغيرهم، وكـان النـاصر يزورهم كـل عام ويزودهم
بــالعُدَد والسـلاح، وقد استـأمن «أميـة بن إسحـاق» الذى تحـالف مع
النصـارى فوافق النـاصر عـلى تـأمينه عمـلا بسيـاسته فـى اصطنـاع
الخصوم الأقوياء.
أرسـل مـلك ليون يطـلب الصـلح مع النـاصر فـاستجـاب له الأخير، لكنه
كــان صــلحًا قـصير الأمد كـالعـادة، كمـا عقد النـاصر صـلحًا مع مـلك
بـرشــلونــة وغيره، لكن مـلك ليون لم يحترم الصـلح وهـاجم الأراضـى
الإسـلاميـة، فـاضطر المسـلمون إلى غزو ممـلكـة ليون سنـة (329هـ =
941م)، وتوجيه بعض الحملات إليها وإلى جليقة.
وفــى سـنـة (335هـ = 946م) جدد النـاصر مدينـة سـالم، أقصـى مدن
الأندلس الشمـاليـة الغربيـة إلى حدود ليون، ونقـل قاعدة الثغر الأعلى
من طـليطـلة إليه، وولَّى عـليهـا قـائده «غالب الناصرى» الذى كان له
شــأن فــى تــاريخ الأندلس زمن النـاصر وابنه #الحكم المستنصر# بعده،
وقـامت قوات عبدالرحمن بمعـارك وغزوات نـاجحـة حتـى وصـلت إلى
شـاطئ المحيط الأطـلسـى، الشـىء الذى جعـل ملك ليون يطلب الصلح
مع الناصر إيمانًا بأنه لاقبل له به.
عبدالرحمن الثالث والبلاد المغربية:
عندمـا تولى عبدالرحمن النـاصر، كـانت الدولة #الفـاطمية# قد قامت فى
بــلاد المـغرب مـنذ أربـع سنوات فـى (296هـ = 909م)، وامتد نفوذهـا
بـسرعـة حتـى وصـل إلى سبتـة، وأصبحت تهدد الشواطئ الأندلسيـة
وتمثـل خطرًا دينيـا وسياسيا عليها، ومن الطبيعى أن يزعج هذا الأمر
الأمـويـين فــى الأنـدلس؛ لأن المـغرب قــاعـدة مـن يـريد الوصول إلى
الأندلس. كمـا أنه يمد الثوار بهـا بحـاجـاتهم ويشجعهم على التآمر ضد
الإدارة الأموية.
كان على الناصر أن يواجه هذه المشكلة قبل أن يستفحل خطرها.
ولهـذا بـعث سـنــة (319هــ = 931م) أسـطولا مكونًا من (120) سفينـة
وسبعـة آلاف رجـل إلى سبتـة انضم إليه بعض المتطوعـة فى الطريق،
وقد تمكن هذا الأسطول من السيطرة عـلى سبتـة وانتزعهـا من البربر
حــلفـاء الفـاطميين، ثم حـاصر الأسطول بعد ذلك #طنجـة# وضيق عـليهـا
حتى استسلمت وخضعت للناصر وغادرها بقية #الأدارسة#، وبادر زعماء
البربر إلى إعـلان الطـاعـة للنـاصر وامتدت دعوته حتى فاس، وأطاعه
«موسـى بن أبـى العـافيـة» زعيم #مكنـاسـة#، وأمده النـاصر بـالجنود
والسفن حتـى هزم الفـاطميين ووقف سدا منيعًا أمـام محـاولاتهم فـى
المـغرب واسـتمـرت جـيوش عـبدالرحـمن تـعبـر مـن الأنـدلس لمـحــاربـة
الفـاطميين وحـلفـائهم من البربر والأدارسة حتى استقر له الأمر ودعى
له على منابر المغرب سنة (332هـ = 944م(.
وقد قويت الأسـاطيـل الفـاطميـة فـى عهد الخـليفة «المعز لدين الله»،
وبـدأت تـجوب شـواطـئ البحر الأبيض المتوسط، ووصـلت إلى ألمريـة
وأحـرقـت سـفنهـا وعـاثت فيهـا سنـة (344هـ = 955م)، فرد الخـليفـة
النـاصر بـإرسـال قوة بحريـة عـاثت فى #تونس#، وأمر بلعن الفاطميين
والشـيعــة عــلى مـنـابر الأندلس، وفـى سنـة (347هـ = 958م) أرسـل
النـاصر أسطوله ثـانيـة إلى إفريقيـة ردا عـلى الحمـلة الفـاطميـة التى
قـادهـا «جوهر الصقلى» إلى عدوة المغرب، التى تمكنت من الوصول
إلى فـاس، وأرسـل فـى الوقت نفسه حمـلة أندلسيـة عن طريق سبتة
إلى المغرب بقيت هناك حتى رجع الفاطميون.
وكـانت سيـاسة الناصر مع الفاطميين تتجنب الدخول فى صراع صريح
معهم؛ لأن هذا يضعف جبهته الشمـاليـة أمـام النصارى، ولهذا وجدناه
يـكتـفـى بـإرسـال السـلاح والعتـاد والمعونـات المـاليـة الكبيرة إلى
«موسـى بن أبـى العـافيـة» و«مصـالة بن حبوس» وأمثـالهمـا لإلحاق
الهزيمـة بـأعوان الفـاطميين، ثم اكتفـى باحتلال سبتة وطنجة ومنهما
زود أعوانه فـى المغرب بحاجتهم ليثبتوا أمام #الشيعة#، وربما لجأ إلى
معـاونة الخارجين على الفاطميين من غير الأدارسة وهو على كل حال
لم يــلق بـخيـرة جنده وقواده فـى الصراع المغربـى، وهذا هو الخطـأ
الذى وقـع فـيه ابـنه الحـكم المـستـنصـر بـعد ذلك فــأثر عـلى جبهته
الشمالية وأضعفها ولم يتمكن من الخروج بنتيجة حاسمة.
عهد الخلافة الأموية فى الأندلس:
عندمـا تولى «عبدالرحمن الداخـل» أمر بعدم الدعـاء لبنـى العباس ولم
يتخذ لقب الخـلافة مكتفيًا بالإمارة، وسار بنوه على نهجه، فلما تولى
النـاصر، وجد أن هناك دولة فاطمية قامت فى بلاد الشمال الإفريقى،
ووصــل نـفوذهــا إلى شـواطئ المغرب الأقصـى، وقد اتخذ حكـامهـا
لأنفسهم لقب الخـلافـة وسمـاتها، وإذا كان هو قد نهض بالدولة ووطد
سـلطان بنى أمية فى كل الأندلس فلماذا لايكون من حقه لقب خليفة ؟
لذلك أصدر أمرًا بذلك فـى يوم الجمعـة مستهل (ذى الحجة سنة 316هـ
= أوائل 929م) وأصبح عبدالرحمن الثالث يلقب بالخليفة أمير المؤمنين
النــاصـر لديـن الله، وقـد أرســلت نسخ من هذا الإعـلان إلى إفريقيـة
والمغرب، وبذلك أصبحت الخـلافـة الأمويـة مسـاوية للخلافة #العباسية#،
وينـاط بهـا رعـايـة شئون المسـلمين، وتوليـة أمر الإسـلام فى الجناح
الغربى من العالم الإسلامى.
وقد استتبع ذلك تغييرًا كبيرًا فـى شكـل الإمـارة القرطبيـة ونظـامها؛
حـيث وضـعت لهــا هـيــاكـل إداريـة تعكس هيبـة الدولة وتمنح البـلاط
القرطبى وجاهة أكثر. وكثر القواد فى جيش الخلافة وتنوعت مراتبهم
وكثر الوزراء أيضًا وتضاعفت هيبتهم.
وكــانـت سـيــاســة النـاصر تقوم عـلى النقـل المستمر لوزرائه وولاته
وقـواده حتـى لا يطول أمد الواحد منهم فـى وظيفته، وقد يدفعه ذلك
إلى الاستبداد بالسلطة..
لقد كـان عبدالرحمن يـؤمن بـالسلطان المطلق للخليفة، ولايسمح لكبار
رجــال الدولة بــإمـلاء رأى عـليه، كمـا لايمنح ولاة الأقـاليم شيئًا من
الاستقـلال، ويرى أن الرعيـة ينبغى أن تكون رعية مطيعة تأتمر بأمر
الخـليفـة خـاصـة بعد الانتصارات التى حققها على المستويين الداخلى
والخـارجـى، وكـان يـلقـى وزراءه فى مجلس فخم يعد كل شىء فيه
بنظام مرتب.
ورغم ميـل النـاصر إلى الاستبداد فـإنه لم يعرف عنه أنه كـان ظـالمًا،
ولم تذكر المصـادر أنه قتـل وزيرًا أو صـادر مـالا أو اعتدى عـلى حق
لأحد أو بـالغ فـى عقوبـة، وربمـا كـان الوحيد بين خـلفـاء المسـلمين
بـالأندلس فيمـا يتعـلق بتصرفـاته فـى الخـلافـة وسـلوكه بما يتفق مع
مـكــارم الأخـلاق ومبـادئ الإسـلام، وبهذه الأخـلاق والوفـاء استطـاع
النــاصـر بعد عشر سنوات من حكمه أن يعيد النظـام والهدوء والوحدة
والأمان إلى دولته الواسعة، كما منح أمانات لبيوتات الثغر الأعلى من
أمثـال: بنـى هـاشم وبنـى قسـى وبنـى الطويـل واستفـاد بهم وبمـا
تميزوا به من شجـاعـة فـى حروبه، ونجح فـى تحويـل مـلوك إسبانيا
النصرانية إلى أتباع له أو حلفاء.
إنشاء مدينة #الزهراء# وزيادة المسجد الجامع:
كثر سكـان قرطبـة فـى عهد النـاصر ووصلت مبانيها إلى تل الرصافة
الذى يقوم عـليه قصر الرصافة، ولم تعد قصور العاصمة تليق بالمكانة
العـظيـمــة التــى ارتـفعت إليهـا الخـلافـة، كذلك ضـاقت أسواق البـلد
وطـرقــاتهـا، وأصبح من العسير عـلى جيوش الدولة ومواكب السفراء
المستمرة أن تسير فى شوارع المدينة دون أن تضايق الناس.
وكـان النـاصر قد بنـى إلى جـانب «القصر الزاهر» قصرًا جديدًا سمـاه
«دار الروضة» استدعى له المهندسين والبنائين من كل ناحية، وأنشأ
فـى ظاهر قرطبة متنزهات عظيمة جلب لها الماء من أعلى الجبل فوق
قنـاطر بديعـة، ومع ذلك فقد كـانت العـاصمـة تضيق بسكانها ولاتفى
بحـاجـة مـلك عظيم بـلغه النـاصر، ووطده عن طريق سحق أعدائه فى
الداخـل والخـارج؛ لهذا كـله فكر فى إقامة مدينة جديدة تضم قصوره
وأمــاكـن حــاشـيته، وأخذ المهندسون فـى دراسـاتهم ووصـلوا إلى
إقــامـتهــا عــلى سفح جبـل العروس عـلى بعد ستـة كيـلو مترات من
العاصمة وتطل عليها من الناحية الجنوبية الغربية.
سميت تـلك المدينـة بالزهراء، نسبة إلى إحدى نساء عبدالرحمن التى
مـاتت عن مـال كثير وأوصت أن ينفق فـى افتكاك أسرى المسلمين،
لكـن النــاصـر لم يجد أسرى فقرر إنشـاء المدينـة بهذا المـال وأطـلق
عليها اسم صاحبة ذلك المال.
بدأ العمـل فـى المدينـة الجديدة (أول المحرم 325هـ = نوفمبر 936م)،
وتولى الإشراف عـلى بنـائهـا «الحكم» ولى العهد، وحشد لهـا أشهر
المهندسين والصنـاع والفنانين من سائر الأنحاء ولاسيما القسطنطينية
وبغداد، وجـلب لها الرخام بألوانه من «المرية» و«رية»، ومن قرطاجنة
إفريقيـة وتونس والشـام، وجلب لها (4324) سارية من الرخام واشتغل
فـى بنـائهـا يوميـا عشرة آلاف رجـل، و (1500) دابـة، واستخدمت من
الصـخر المـنحـوت سـتــة آلاف صخرة فـى اليوم، وقدرت النفقـة عـلى
بـنــائهـا ب 300 ألف دينـار سنويـا بخـلاف مـا أنفق فـى عهد الحكم،
وأقـام النـاصر لنفسه قصرًا جديدًا، بنـى فيه مجـلسًا مـلوكيـا أسمـاه
قصر الخـلافـة، جدرانه من رخـام مزخرف بـالذهب، وفى كل جانب من
جوانبه ثمـانيـة أبواب، وأقـام الخـليفـة فـى الجناح الشرقى المسمى
بــالمــؤنـس، وزوده بــأنـفس التحف ووضع فيه الحوض المنقوش بمـاء
الذهب المهدى إليه من قصر #القسطنطينية#.
وجـدير بـالذكر أنه تم التخطيط لمدينـة «الزهراء» بحيث تكون مستقـلة
بـذاتـهـا، وقد بنيت عـلى مدرجـات بحيث يرقـى من يدخـل المدينـة من
درجــة إلى درجــة، وفــى كـل درجـة يجد قسمًا من أقسـام المدينـة،
ويدخـل الإنسان إليها من أسفل الجبل عن طريق باب كبير يسمى باب
الأقبـاء - جمع قبة - لأن هذا المدخل كانت تحيط به وتقوم فوقه قباب،
بـعد ذلك يـسيـر الإنسـان مسـافـة طويـلة فـى طريق مبـلط تقوم عـلى
جوانبه الأعمدة وغرف الحرس حتـى يصـل إلى باب السدة (باب القصر)
ويصعد درجات، وإلى جانب هذا المصعد ذى الدرجات يوجد مصعد آخر
بـلا درج مخصص للخيـل، وعندمـا يصـل الإنسان إلى المستوى الثانى
يجد مسـاكن الجنود وأصحـاب الحرف الذين تحتـاج إليهم المدينة، كما
وجدت هنـاك آثـار المسجد الجـامع لمدينة الزهراء، وكل هذه البيوتات
محـاطـة بالأشجار والخضرة، وعندما ينتهى الإنسان من هذا المستوى
يصعد مرة أخرى حتـى يصـل إلى سهل منبسط بنيت عليه قصور كبار
رجــال القـصر ومـوظـفيه بمـا فـى ذلك أمـاكن إقـامـة الحرس الخـاص
بــالخــليفـة، ومـا يـلزم لهـؤلاء من حمـامـات ومسـاجد، بعد ذلك يصعد
الإنـســان مـرة ثــالثـة فيواجه لأول صعوده البهو الكبير الذى أنشـأه
النـاصر لاستقبـال السفراء والملوك الأجانب، وهو بهو فخم يتكون من
ثـلاثة أقواس تفضى إلى قاعة فسيحة بها ثلاثة أبهاء ينتهى الأوسط
بمجـلس النـاصر فـى صدره، وهناك يجلس الخليفة فوق عرشه تحيط به
مـقــاعـد الأسـرة المـالكـة كـل حسب مرتبته، وعـلى الجـانبين مقـاعد
للوزراء وكبـار رجـال الدولة والضيوف موضوعـة بصورة محكمة بحيث
يـختـص كـل مسئول بمقعده الذى لايتغير، فـإذا مـانظر النـاصر ووجد
مـقعـدًا خــاليًا عـرف مـن تـغيـب، أمـا البهوان الداخـليـان فيستعمـلان
لموظفـى القصر وكتـاب الخـليفـة، وهذا المجـلس يبدو للرائـى من بعيد
عـندمــا يهـل الإنسـان عـلى مدينـة الزهراء، وقد أراده «عبدالرحمن»
عـلى هذه الصورة؛ ليتمكن من رؤية السفراء والملوك وهم مقبلون من
بُعد، ثم وَهُم صـاعدون إلى القصر، وقد سميت الرحبة التى أقيم فيها
البـهو الرئيسـى بـاسم «السطح الممرد»، وجعـل أمـام بهو الاستقبـال
حوض للسبـاحة، مصنوع من الرخام حفر له فى الأرض، وزين بالتماثيل
وقد تم جـلبه من القسطنطينية وقد ضاعت معالم هذا القصر أثناء محنة
الفتنة والصراع على الخلافة ويحاول علماء الآثار منذ سنة (1328هـ =
1910م) العثور عـلى شـىء من معـالم هذا القصر، وإعادة إقامة بعض
منشآته وخاصة بهو الاستقبال.
وبنـاء هذه المدينة والقصر يعكس رخاء الأندلس ونهضة الفن المعمارى
بهـا آنئذ، ووصـل ازدهار قرطبة إلى أعلى درجاته فوصل عدد دورها
إلى 113 ألف دار بـلغ مجموع قـاطنيهـا مـليونًا ومـائـة وثـلاثين ألفًا،
ومـمــا يدل عـلى كثرة سكـان العـاصمـة أن عدد الحمـامـات بهـا بـلغ
ثلاثمائة حمام، وعدد مساجدها ثلاثة آلاف.
وقد بلغت إيرادات الأندلس نحو 5.5 مليون دينار من الكور والقرى ومن
الأسواق ونحوها 765 ألف دينار قسمت ثلاثًا: ثلث للجند، وثلث للبناء،
وثلث يدخر للطوارئ.

@الدولة الأمـــــــــــويــــــــــــــــــــــــــــة بــــــــــــــــــالأنـــــــدلس 200935553
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
المدير
AMINE PàTCHIKà
AMINE PàTCHIKà
المدير


الجنس : ذكر
الابراج الدلو
تاريخ الميلاد تاريخ الميلاد : 25/01/1988
العمر : 36

المدير العام
منتديات أمين عبلة الحب :

@الدولة الأمـــــــــــويــــــــــــــــــــــــــــة بــــــــــــــــــالأنـــــــدلس Empty
مُساهمةموضوع: رد: @الدولة الأمـــــــــــويــــــــــــــــــــــــــــة بــــــــــــــــــالأنـــــــدلس   @الدولة الأمـــــــــــويــــــــــــــــــــــــــــة بــــــــــــــــــالأنـــــــدلس Emptyالأحد يناير 06, 2013 2:22 pm

@الدولة الأمـــــــــــويــــــــــــــــــــــــــــة بــــــــــــــــــالأنـــــــدلس 500092465

@الدولة الأمـــــــــــويــــــــــــــــــــــــــــة بــــــــــــــــــالأنـــــــدلس 500092465

الزيادة فى المسجد الجامع:
أمر النـاصر بـإضـافة زيادة ثالثة إلى المسجد الجامع فى قرطبة سنة
(346 هـ = 957م)، وقد ضـاعفت هذه الزيادة حجم المسجد فى الاتجاه
الجنوبـى، وقد تم بنـاء الزيادة على طراز بقية المسجد نفسه من حيث
الأقواس ومواد البناء.
وعُد محراب هذه الزيـادة فـى المسجد آية من آيات الفن الأندلسى ذلك
أنه ليس محرابًا بـل غرفة من الرخام سقفها قطعة واحدة منه فى هيئة
مـحراب، ووسـط هـذا المـحراب كـرسـى يوضع عـليه المصحف الشريف
يستخدمه القارئ فى تلاوة القرآن الكريم قبل الصلوات.
وكــان «عـبدالرحـمن النــاصـر» قـد هدم منـارة المسجد القديمـة سنـة
(340هــ = 951م)، وجـعــل له مـنــارة تـميـزت بفخـامتهـا وارتفـاعهـا
الشـاهق، وكـانت مربعة الواجهات، ولها 14 شباكًا، وسلمان للصعود
والهبوط وفـى قمتهـا ثـلاث تفـاحات كبيرات اثنتان من الذهب وواحدة
مـن الفـضـة، وقد أزال النصـارى هذه المنـارة وأقـاموا مكـانهـا برج
الأجراس الحـالى، ولاتزال اللوحـة التى تشيد بجهود عبدالرحمن الناصر
قائمة فى مكانها عند الباب الرئيسى المسمى باب النخيل.
كـذلك أقـام عبدالرحمن مـا يعرف بـالمظـلة فـى صحن المسجد، وهـى
سقف متحرك يتكون من أعمدة من الخشب والحصر، يستظل بها الناس
أثنـاء الصـلاة فـى زمن الصيف، ثم ترفع بعد الصلاة لأن صحن الجامع
الفسيح كـان مزدانًا بـأشجـار النارنج، وتلك ظاهرة تنفرد بها صحون
مساجد الأندلس عن غيرها.
ولاتـقف جـهود النــاصـر عـند هذا الحد، وإنمـا يرجع إليه الفضـل فـى
إنشـاء عدد كبير من المسـاجد فـى شمـالى الأندلس وجنوبيه، كما أن
إليـه يـرجـع فـضــل تجديد قنطرة الوادى وقنطرة سرقسطـة وقنطرة
ماردة.
وقد اهتم النـاصر بـالجيش وجمع له الجند من أنحـاء المغرب والأندلس،
واسـتكـثر مـن الأســلحــة، وأمـده بمجموعـة من أمهر القـادة،وتولى
القيادة بنفسه أحيانًا.
كـمــا عـنــى بــالأسطول واهتم بـإصـلاح وحداته، وأنشـأ به وحدات
جـديـدة، وكــانـت «المـريـة» هـى مركز الأسطول الرئيسـى وبهـا دار
الصـنــاعــة، وقـد ضـم أسطول النـاصر (200) سفينـة بخـلاف أسطول
المغرب، وكـان لأسطول النـاصر السيطرة عـلى مياه #إسبانيا# الجنوبية
الشرقيـة، كما كان ينازع الفاطميين السيادة على غربى البحر الأبيض
المتوسط، وعـلى الرغم من الحروب فـإن عصرالنـاصر كان عصر رخاء
زاد فيه الدخـل وازدهرت الزراعـة والصنـاعـة والتجارة وكثرت أخماس
الغـنـائم، ويقـال إن النـاصر لمـا مـات وجد فـى بيت مـاله خمسـة آلاف
مليون درهم، وترك فى قصره عشرين مليونًا من الذهب.
وفـى سنـة (316هـ = 928م) أمر النـاصر باتخاذ دار للسكة فى قرطبة
لضرب الدنـانير والدراهم، وبذل جهده فى الاحتراس من الغش والتدليس
فأصبحت دنانيره ودراهمه عيارًا محضًا، وكان ضرب النقد معطلا قبله.
وبـلغ الأمن ذروته فـى سـائر البلاد أيام الناصر، وترك ذلك آثارًا طيبة
على مصادر الدخل وازدهرت العلوم والآداب ورخصت المعايش.
ولابد من الإشـارة هنـا إلى أن الدولة الأمويـة فى الأندلس كانت تعتمد


@الدولة الأمـــــــــــويــــــــــــــــــــــــــــة بــــــــــــــــــالأنـــــــدلس 500092465

@الدولة الأمـــــــــــويــــــــــــــــــــــــــــة بــــــــــــــــــالأنـــــــدلس 500092465

تحياتي لكم

@الدولة الأمـــــــــــويــــــــــــــــــــــــــــة بــــــــــــــــــالأنـــــــدلس 500092465

@الدولة الأمـــــــــــويــــــــــــــــــــــــــــة بــــــــــــــــــالأنـــــــدلس 500092465

@الدولة الأمـــــــــــويــــــــــــــــــــــــــــة بــــــــــــــــــالأنـــــــدلس 483098003
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
@الدولة الأمـــــــــــويــــــــــــــــــــــــــــة بــــــــــــــــــالأنـــــــدلس
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
»  @الدولة الإخـــــــــــــــــشــــــــيـــــــــــــديــــــــــــــــــــــــــــــــــة [ 323 - 358 هـ = 935 - 969 م ]
»  @الدولة الفــــــــــــــــــــــــــــــــاطـــــــــــمـــــيـــــــــــــــــــــــــــة (358 هـ - 567 هـ).
»  @الدولة العـــــــــــــــــــــــــــــــــــامـــــــــــريـــــــــــــــــــــــــــــة [368 - 399 هـ = 978 - 1009 م].
»  @الدولة الغـــــــــــــــــزنـــــــــــــــــويـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــة [ 351- 582 هـ = 962 - 1186 م]
»  @الدولة الطــــــولونــــيــــــــــة فـــــــــــى مــــصــر والشـــــــــــام [ 254- 292 هـ = 868 - 905 م ]

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
أحـــــلى مـــنـــتـــديـــات أمـــيـــن عـــبـــلــــة الــــحـــب  :: المنتديات الإسلامية :: مواضيع دينية-
انتقل الى:  
الفيس بوك